logo
العمل الإسلامي في عهد الرئيس غزواني: ملامح التحول وسياقات التأثر والتأثير

العمل الإسلامي في عهد الرئيس غزواني: ملامح التحول وسياقات التأثر والتأثير

الصحراءمنذ 10 ساعات
تمهيد : الحضور الإسلامي في المجال الصحراوي
شكلت دولة المرابطين أول تجربة سياسية إسلامية رائدة في المجال الصحراوي، وكانت القوة الضاربة في القرن الخامس الهجري لحماية بيضة الإسلام والدفاع عن مكتسبات الأمة في مناطق شاسعة من إفريقيا وأوروبا والعالم العربي.
ومع سقوط هذه الدولة التي لم تعمر أكثر من قرن، استمرت موريتانيا، رغم غياب سلطة مركزية وموقعها البعيد عن مراكز التأثير الحضاري، في الحضور بقوة عبر إشعاعها المعرفي وإسهامها الحضاري، وظلت قيم الإسلام هي الخيط الناظم لحياتها الثقافية والاجتماعية والدينية.
وقد تجلت صور هذا التشبث بالقيم الإسلامية خلال الحقبة الاستعمارية، حيث لجأ السكان إلى المقاطعة الثقافية كسلاح استراتيجي لمواجهة المستعمر، من خلال رفض المدارس الفرنسية وقيم المحتل وحضارته.
إشكالات العمل الإسلامي ما بعد الاستقلال
استمر الرفض للتعليم الفرنسي حتى بعد قيام الدولة الحديثة التي نُظر إليها في بعض الدوائر بوصفها امتداداً للمستعمر، إذ اعتمدت قوانينه ولغته في الإدارة والتعليم.
ومنذ ذلك الوقت، شهدت هياكل الدولة صعوداً وهبوطاً في طابعها الإسلامي، تبعاً لهوية النظام الحاكم واهتمامه بهذا الشأن.
الواقع عند تسلم غزواني للحكم: تحديات واختلالات
عند تسلم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني مقاليد السلطة، كان المناخ الوطني مشحوناً بالتوتر، تغيب فيه مظلة وطنية جامعة، وتتفاقم فيه النزعات الفئوية والشرائحية. كما غابت الشخصيات الدينية ذات الثقل الشعبي، وحل محلها أفراد محدودو التأثير.
وقد نتج عن هذا الواقع بروز موجة من الإلحاد والإساءة إلى المقدسات، واستهداف العلماء، والتشكيك في التراث الإسلامي، إضافة إلى نشاط ملحوظ للتنصير في مناطق الجنوب.
وكانت حادثة المصحف الشريف مثالاً صارخاً على هشاشة الوضع، وكادت تؤدي إلى انفلات لا تحمد عقباه، هذه الحالة كشفت الأهمية البالغة لوجود شخصيات دينية قادرة على امتصاص الأزمات المفاجئة او "المجهول" حسب تعبير المفكر الراحل محمد يحظيه ولد أبريد الليل.
أهم ملامح الخلل في المشهد الإسلامي آنذاك:
• تبعثر المؤسسات الدينية وغياب رؤية موحدة للدولة بشأن الهياكل الدينية.
• تعدد المرجعيات (رابطة العلماء، منتدى العلماء والأئمة…) مع غياب التوجيه.
• تراجع أداء مؤسسات إعلامية علمية كإذاعة القرآن وقناة المحظرة، وتعطيل مشاريعها الدعوية.
• استهداف التنظيمات الإسلامية، كإغلاق مركز تكوين العلماء، مما فاقم التوتر في الساحة.
• بروز اتجاهات دينية متأثرة بمرجعيات غير وطنية، خارجة عن المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية.
• ضعف أداء وزارة الشؤون الإسلامية في ضبط الساحة وتوجيه العمل الإسلامي.
• غياب قوانين صريحة تجرّم الإساءة إلى الجناب النبوي أو الرد على الحملات الإلحادية.
تحولات وإصلاحات في عهد الرئيس غزواني
أدرك صانع القرار في عهد الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني حساسية المرفق الإسلامي، وتشعب مجالاته، وارتباطه العميق بالهوية والوحدة الوطنية، وبدأ في تنفيذ حزمة من الإصلاحات الجوهرية أبرزها:
1. ترقية وزارة الشؤون الإسلامية
• رفعها إلى مصاف وزارات السيادة.
• دعمها مالياً وتنظيمياً لتقوم بدورها الاستراتيجي.
2. تطبيع العلاقة مع الشخصيات العلمية والروحية
• فتح قنوات تواصل مباشر معها.
• تشجيعها على أداء أدوارها الدعوية والتعليمية.
3. توحيد الهيئات الدينية
• حل رابطة العلماء ومنتدى العلماء والأئمة.
• إنشاء هيئة العلماء الموريتانيين ككيان موحد يمثل العلماء من مختلف المشارب والجهات.
4. تفعيل المجلس الأعلى للفتوى والمظالم
• إصدار فتاوى شرعية حول النوازل الفقهية.
• التدخل الحاسم في قضايا الرأي العام مثل رفض بعض مواد 'قانون النوع.
5. دعم الإعلام الإسلامي
• توحيد قناة المحظرة وإذاعة القرآن الكريم.
• تشكيل مجلس علمي موحد.
• إعادة الاعتبار لرموز علمية تعرضت للتهميش.
6. الاهتمام بالمحاظر والمساجد
• اكتتاب الأئمة والمؤذنين.
• ترميم وفرش المساجد.
• إنشاء جائزة للمتون الشرعية.
• دعم المحاظر في المناطق الهشة.
7. هيئة وطنية للزكاة
• في إطار سياسة محاربة الفقر والفوارق الاجتماعية.
8. مكافحة التطرف
• تنظيم ملتقيات تفكرية وأنشطة تحسيسية.
• إنشاء خلية اتصال للمواكبة الإعلامية
• إبراز التجربة الموريتانية في المؤتمرات الإقليمية كمثال ناجح.
رغم الإصلاحات: تحديات ما تزال قائمة
ورغم هذه الجهود، ما تزال بعض الاختلالات البنيوية تُشكل مصدر قلق، من أبرزها:
• فوضى الفتوى وغياب مرجعية شرعية موحدة تستند إلى المحظرة الشنقيطية .
• غياب تشريعات واضحة ورادعة لمواجهة الخطابات الإلحادية.
• حاجة ماسة إلى خطة وطنية لحماية الشباب من الانجراف الفكري بفعل المحتوى الرقمي المشبوه.
خاتمة
من خلال هذا التحليل، يتضح أن العمل الإسلامي في عهد الرئيس غزواني شهد نقلة نوعية، تمثلت في تطبيع العلاقة مع الفاعلين الدينيين، وتوحيد المرجعيات، ودعم الهياكل المؤسسية.
لكن، ورغم هذا التقدم، فإن الاختلالات الجوهرية ما تزال قائمة، وتستدعي المزيد من العناية، خاصة في الجوانب التنظيمية والتشريعية والمؤسسية، لضمان استمرار هذا التحول في الاتجاه الصحيح

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

Tunisie Telegraph شواطئ الموت والعنف: أوروبا عاجزة أمام زحف قوارب اليأس
Tunisie Telegraph شواطئ الموت والعنف: أوروبا عاجزة أمام زحف قوارب اليأس

تونس تليغراف

timeمنذ 36 دقائق

  • تونس تليغراف

Tunisie Telegraph شواطئ الموت والعنف: أوروبا عاجزة أمام زحف قوارب اليأس

رغم تشديد الإجراءات البريطانية وتكثيف التعاون الأمني مع فرنسا، تشهد القناة الإنجليزية (المانش) موجة غير مسبوقة من عبور المهاجرين. فقد سجلت السلطات البريطانية أكثر من 25 ألف عملية عبور بواسطة قوارب صغيرة منذ بداية عام 2025، وهو رقم يتجاوز ما تم تسجيله خلال نفس الفترة في العامين السابقين، ما ينبئ بأن الرقم القياسي المسجل في 2022 (45 ألف عبور) مرشّح للتحطيم. ووفقًا لبيانات وزارة الداخلية البريطانية، تمكّن 898 مهاجرًا يوم 30جويلية وحده من الوصول إلى الأراضي البريطانية على متن 13 قاربًا صغيرًا. أما خلال الأسبوع الممتد من 24 إلى 30 يوليو، فقد بلغ العدد الإجمالي 1,772 مهاجرًا. ورغم أن فصل الصيف يمثل عادة ذروة محاولات العبور بحكم الظروف الجوية المواتية، إلا أن وتيرة التدفقات هذا العام تشير إلى زيادة بنسبة 51٪ مقارنة بعام 2024، و73٪ مقارنة بـ2023، حسب ما نقلته صحيفة The Guardian البريطانية. فرنسا تغيّر سياستها في اعتراض المهاجرين وسط ضغوط بريطانية تحت ضغط لندن، قررت فرنسا تعديل سياسة اعتراض القوارب في عرض البحر. وكانت الشرطة الفرنسية سابقًا ممنوعة من التدخل بعد نزول القوارب إلى المياه، وذلك لتفادي وقوع حوادث. لكن ارتفاع حصيلة الوفيات — التي بلغت 78 مهاجرًا لقوا حتفهم في 2024، معظمهم قرب الشواطئ الفرنسية نتيجة الاكتظاظ والظروف السيئة — دفع باريس إلى إعادة النظر في استراتيجيتها الأمنية. أوضاع مزرية وتدهور إنساني على السواحل الفرنسية في المقابل، يعيش آلاف المهاجرين أوضاعًا مأساوية على امتداد الساحل الفرنسي الشمالي، خاصة بين بولوني سور مير ودنكرك، في انتظار فرصة العبور. وتقوم قوات الأمن بتفكيك المخيمات المؤقتة فور نموها. ففي منطقة كالاي، يعيش مئات السودانيين في مستودع مهجور متهالك من المنتظر إخلاؤه نهاية الصيف. وتتزامن هذه الظروف الإنسانية مع تصاعد العنف بين شبكات تهريب المهاجرين، والتي تتصارع على سوق تدرّ عشرات الملايين من اليوروهات سنويًا. فقد شهد مخيم Loon-Plage خمس حوادث إطلاق نار خلال شهر يوليو فقط، من بينها حادثة دامية قُتل فيها شاب بعد إصابته بسبع رصاصات. وفي منتصف يونيو، أودى إطلاق نار مزدوج بحياة شخصين وأصاب ستة آخرين، بينهم امرأة وطفل يبلغ عامين. ردود فعل بريطانية: عقوبات وقلق من أعمال عنف عنصرية من جانبها، أعلنت الحكومة البريطانية مؤخرًا عقوبات بحق 25 شخصًا ومنظمة يشتبه بتورطهم في شبكات تهريب البشر، شملت تجميد أصول وحظر دخول البلاد. غير أن هذه الإجراءات لم تمنع اندلاع أعمال شغب ذات طابع عنصري في محيط عدد من الفنادق التي تستقبل طالبي اللجوء في لندن، ما أعاد للأذهان أحداث صيف 2024 التي شهدت تصعيدًا مشابهاً. ومع استمرار التوتر على ضفتي المانش، يبدو أن أزمة الهجرة غير النظامية مرشحة لمزيد من التعقيد، خاصة في ظل تزايد أعداد العابرين وغياب حلول أوروبية منسقة.

واشنطن تعتزم فرض شرط جديد للحصول على تأشيرات العمل والسياحة
واشنطن تعتزم فرض شرط جديد للحصول على تأشيرات العمل والسياحة

ديوان

timeمنذ ساعة واحدة

  • ديوان

واشنطن تعتزم فرض شرط جديد للحصول على تأشيرات العمل والسياحة

وأوضحت الوزارة أنه سيتم إدراج الدول الخاضعة لهذه الشروط بمجرد دخول البرنامج حيز التنفيذ في حين لن يُطبق هذا الضمان على مواطني الدول المسجلة في برنامج الإعفاء من التأشيرة ويمكن إعفاء غيرهم منه أيضا وفقا للظروف الشخصية لمقدم الطلب .

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store