logo
بلاد الشام: هل كان لبنان حقاً جزءاً من سوريا؟

بلاد الشام: هل كان لبنان حقاً جزءاً من سوريا؟

مصراويمنذ 3 أيام
بي بي سي
عاد مصطلح "بلاد الشام" ليثير الكثير من الجدل بعد التصريح الذي أدلى به مؤخراً المبعوث الأمريكي إلى سوريا ولبنان، توماس باراك، الذي حذّر من "عودة لبنان إلى بلاد الشام" في حال لم يسارع إلى حل مشكلة سلاح حزب الله، مشيراً إلى حقيقة تغير النظام الحاكم في سوريا.
ورغم أن باراك سرعان ما شدّد لاحقاً على أنه يعتقد أن قادة سوريا الجدد "لا يريدون سوى التعايش والازدهار المتبادل مع لبنان"، إلا أن هذا لم يحُلْ دون عاصفة النقاش حول تصريحات المبعوث الأمريكي ومصطلح بلاد الشام.
فما الذي يعنيه مصطلح بلاد الشام؟ وما تاريخ التقسيم السياسي لتلك المنطقة؟
ساحة صراع
بلاد الشام هو مصطلح جغرافي وتاريخي كان يُستخدم لوصف مناطق واسعة تشمل اليوم: سوريا ولبنان والأردن وفلسطين التاريخية، وأحياناً كان يشمل أجزاء من جنوب تركيا وشمال السعودية وشبه جزيرة سيناء في مصر.
خضعت هذه المنطقة، الواقعة في غرب آسيا، لسيطرة العديد من الإمبراطوريات الكبرى عبر التاريخ، مثل المصرية القديمة، والآشورية، والبابلية، والفارسية، والإغريقية، والرومانية.
ونظراً لموقعها الجغرافي الاستراتيجي، كانت هذه الرقعة الشاسعة من الأرض مسرحاً لصراعات كبرى بين قوى وإمبراطوريات متنافسة، مثل المواجهات بين المصريين القدماء، في عهد تحتمس الثالث، وشعوب كنعانية في القرن الخامس عشر قبل الميلاد، أو الحرب بين الإمبراطورية البيزنطية (الرومانية الشرقية) والإمبراطورية الساسانية (الفارسية) في القرن السابع الميلادي، وهي الحرب التي ورد ذكرها في القرآن في سورة الروم.
وفي القرن السابع الميلادي، ومع انتشار الإسلام في شبه الجزيرة العربية، انطلقت حملات الفتح الإسلامي التي بسطت سيطرتها على مساحات واسعة من آسيا وأفريقيا، وامتدت لاحقاً إلى أجزاء من أوروبا.
ومع انتشار الإسلام واللغة العربية، بدأ يترسّخ مصطلح "بلاد الشام" في الأدبيات العربية.
وهناك عدة تفسيرات لإطلاق اسم الشام على تلك المنطقة من الأرض، فمنها ما يربط بين التسمية واشتقاقات قديمة قد تكون مرتبطة بالسماء في بعض اللغات السامية، كذلك هناك ما يربط بينها وبين شخصية سام بن نوح المذكورة في التوراة، كما يرجع البعض التسمية إلى كون تلك المنطقة تقع على يسار (شِمال) مكة من جهة شروق الشمس بينما يقع اليمن على اليمين.
أما في المصادر الغربية، فكانت تُعرف بعدة مصطلحات من بينها "ليفانت" و"سوريا"، وهو الاسم الذي ورد في كتابات قديمة، مثل كتاب التاريخ للمؤرخ اليوناني هيرودوت الذي عاش في القرن الخامس قبل الميلاد.
ازدادت أهمية المنطقة بعد أن اتخذ الأمويون من دمشق عاصمةً لدولتهم التي استمرت نحو تسعين عاماً.
وبعد سقوط الدولة الأموية وصعود العباسيين إلى الحكم، نُقلت عاصمة الخلافة الإسلامية إلى بغداد، فتراجعت المكانة السياسية لدمشق لصالح العاصمة الجديدة. ومع ذلك، شهد العصر العباسي، الذي امتد قروناً، صعود مدينة حلب كمركز سياسي وثقافي بارز، نافس دمشق على النفوذ في بلاد الشام.
وتشير كتب التاريخ الإسلامي إلى أن بلاد الشام في العهد العباسي لم تكن تُدار كوحدة سياسية موحدة تحت سلطة والٍ واحد، بل قُسمت إلى كيانات إدارية متعددة، مثل ولايتي دمشق وحمص، وكان لكل منهما والٍ مستقل.
ومع تراجع نفوذ الخلافة العباسية، برزت في بلاد الشام إمارات وممالك محلية، بعضها تمتّع باستقلال شبه تام، وبعضها الآخر خضع للخلافة اسمياً فقط، بينما خضعت أجزاء من الشام لسيطرة الفاطميين، الذين نافسوا العباسيين في الشرعية الدينية والسياسية.
كذلك شهدت فترة الخلافة العباسية خسارة المسلمين للسيطرة على مناطق مختلفة في بلاد الشام، كما حدث أثناء الحروب الصليبية التي امتدت نحو مئتي عام.
وبعد رحيل الصليبيين عن الشرق عام 1291، آلت السيطرة على بلاد الشام إلى دولة المماليك في مصر، التي واصلت تقسيم المنطقة إلى عدة وحدات إدارية، كانت في الغالب ستّ وحدات، عُرفت بـ'نيابات' أو 'ممالك'، من بينها دمشق وحلب وحماة وطرابلس وصفد والكرك.
وكانت صيدا وبيروت تتبعان نيابة دمشق.
العثمانيون
جاء القرن السادس عشر الميلادي حاملاً معه صعود قوة جديدة. فالأتراك العثمانيون هزموا المماليك ليؤسسوا إمبراطورية ستهيمن لقرون على أغلب بلدان العالم الإسلامي، ومن بينها منطقة بلاد الشام.
وبحسب المؤرخ اللبناني شارل الحايك، في مقابلة مع بي بي سي عربي، فإن المنطقة الجغرافية التي تعرف باسم بلاد الشام كانت مقسمة في زمن العثمانيين إلى عدة وحدات سياسية تغيّر شكلها وترتيبها كثيراً، لكن لأطول وقت كانت هناك أربع وحدات إدارية كبرى (إيالات) - وهي إيالة حلب، وإيالة دمشق، وإيالة طرابلس، وإيالة صيدا.
وكانت كل إيالة تتشكل من وحدات إدارية أصغر يُطلق عليها "سنجق".
فبيروت مثلاً ظلت لفترة طويلة زمن العثمانيين سنجقاً تابعاً لولاية صيدا.
وبمرور الزمن بدأ نفوذ الدولة العثمانية في التراجع، ليفسح المجال أمام تنامي النزعات الاستقلالية، كما حدث في عهد والي مصر محمد علي (1805–1848)، حين سيطرت قواته على بلاد الشام فيما عُرف بالحكم المصري (1831- 1841).
ثم جاءت الأحداث الكبرى التي شهدها القرن التاسع عشر لتُلقي بظلالها على التقسيم الإداري لتلك المنطقة.
فبداية من عام 1850 وقعت أعمال عنف طائفية دموية في حلب، ثم في جبل لبنان ودمشق بعد 10 سنوات، راح ضحيتها أعداد كبيرة من المسيحيين، ما أثار موجة غضب في أوروبا.
وعقب تلك الأحداث الدموية، وتحت ضغوط أوروبية، قرّرت السلطة العثمانية إحداث تغييرات في النظام الإداري للوحدات التي كانت تتشكل منها منطقة المشرق، فبدأت بإنشاء وحدة إدارية هي متصرّفية جبل لبنان، التي كانت تتمتع بنوع من الحكم الذاتي يحكمها زعيم مسيحي ليس من أبناء منطقة الجبل.
ثم في عام 1864، أُسّست ولاية سوريا التي ضمت الكيانات الإدارية لدمشق وطرابلس وصيدا.
ويقول شارل الحايك إنّ إطلاق اسم سوريا على الولاية الجديدة يعكس وعياً تاريخياً لدى النخب المحلية التي اقترحت هذا الاسم.
وبحسب كتاب المؤرخ البريطاني يوجين روغان "أحداث دمشق: مذبحة عام 1860 وتشكيل الشرق الأوسط الجديد"، فإن دمشق وبيروت تنافستا على نيل شرف أن تكون إحداهما عاصمة ولاية سوريا بشكلها الجديد، قبل أن يستقر العثمانيون على دمشق.
ثم عاد العثمانيون وعدّلوا من شكل التقسيم الإداري لمنطقة الشرق العثماني، فأعلنوا تأسيس متصرفية القدس، ثم لاحقاً أسسوا وحدة إدارية جديدة هي ولاية بيروت، التي ضمت الأراضي التي كانت ضمن ولايتي صيدا وطرابلس.
الحرب العالمية الأولى وتأسيس لبنان وسوريا
مثلما كان للقرن التاسع عشر تأثير كبير على منطقة المشرق العثماني، فإن القرن العشرين بدوره حمل الكثير من رياح التغيير.
فالدولة العثمانية انخرطت في الحرب العالمية الأولى (1914 – 1918) بجانب ألمانيا وإمبراطورية هابسبورغ (التي كانت تضم أساساً النمسا والمجر) ضد معسكر بريطانيا وفرنسا وروسيا، ولاحقاً الولايات المتحدة، لتشهد منطقة الشرق الأوسط معارك عنيفة.
ومن بين الأحداث الكبرى، الانتفاضة التي قادها حاكم مكة، الشريف حسين، ضد العثمانيين، مدعوماً من قبل بريطانيا.
ومع انتهاء الحرب وسيطرة بريطانيا وفرنسا على الأراضي التي كانت تابعة للعثمانيين، بدت منطقة الشرق الأوسط على أبواب تغيير كبير، خاصة في ظل الوعود المتضاربة التي قطعتها الدول المنتصرة، خاصة بريطانيا، خلال الحرب.
فبريطانيا تعهدت للشريف حسين بدعمه في تأسيس دولة عربية مستقلة، كما أبرمت اتفاقاً سرياً مع فرنسا وروسيا القيصرية (اتفاق سايكس-بيكو) على تقسيم مناطق النفوذ في الشرق العثماني، بجانب وعد بلفور الخاص بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.
وفي خضم هذه الأحداث المتلاحقة، ظهرت تيارات سياسية في منطقة المشرق تباينت مواقفها حيال مستقبل المنطقة.
فأنصار الاستقلال كانت تحدوهم الكثير من الآمال والتطلعات لمبدأ حق تقرير المصير الذي تبناه الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون. ومما يدل على قوة هذه الآمال أن أحد أبرز رموز السلفية المعاصرة، الشيخ محمد رشيد رضا، المولود في القلمون بطرابلس، كتب مقالاً يمتدح فيه بشدة ويلسون، بحسب ما جاء في كتاب "كيف سرق الغرب الديمقراطية من العرب" للمؤرخة إليزابيث تومسون.
في المقابل، ظهرت في جبل لبنان أصوات، خصوصاً في الأوساط المارونية، تدعو إلى قيام كيان مستقل عن باقي ولايات الشام، بدعم من فرنسا.
وفي عام 1920 أعلن عن إنشاء مملكة سوريا على أجزاء من ولايتي دمشق وحلب تحت حكم الأمير فيصل (الملك فيصل لاحقاً).
لكن تجربة المملكة السورية الوليدة لم تدم سوى لأشهر، إذ تعارضت مع تفاهمات دولية اتُّفق عليها في مؤتمر سان ريمو، وطُبّقت لاحقاً بالقوة العسكرية، لتخضع الأراضي الواقعة حالياً في سوريا ولبنان لسلطة الانتداب الفرنسي، بينما خضعت فلسطين لسلطة الانتداب البريطاني.
وفي عام 1920، أعلنت فرنسا إنشاء لبنان الكبير، الذي ضم، بجانب جبل لبنان، مناطق متعددة من بينها بيروت وطرابلس وصيدا، وهو لبنان الذي نعرفه بشكله الحالي.
أما في سوريا، فقد قُسّمت المنطقة إلى عدة دويلات: دولة دمشق، ودولة حلب، ودولة الساحل، ودولة جبل العرب.
وفي عشرينيات القرن العشرين، اندلعت ثورة في المناطق السورية ضد الانتداب الفرنسي، قبل أن يتم إعلان دولة سورية موحدة عام 1930.
وبعد استقلال لبنان وسوريا عن فرنسا في أربعينيات القرن العشرين، شهدت العلاقات بين البلدين العديد من التطورات الهامة التي أسفرت عن تداخل كبير في مصائرهما، فخلال فترة الحرب الأهلية اللبنانية وما أعقبها، كان لسوريا نفوذ سياسي وعسكري كبير في لبنان.
وفي عام 2005 انسحب الجيش السوري من لبنان بعد تنامي الضغوط الدولية على دمشق، خاصة بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري.
كذلك، فإن حزب الله اللبناني شارك إلى جانب قوات الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد في الصراع ضد المعارضة المسلحة، وهو الصراع الذي انتهى في عام 2024 بسقوط حكم الأسد.
لكن هل يمكن لهذا التاريخ الثري والمتداخل لتلك المنطقة أن يبرر الحديث عن عودة سياسية لبلاد الشام؟
يقول المؤرخ اللبناني شارل الحايك إن أصحاب هذا الطرح يعتمدون على "قراءات خيالية ليس لها علاقة بالتاريخ. فالمغالطة هنا تكمن في اعتبار بلاد الشام مصطلحاً يدل على كيان سياسي، وهو أمر غير صحيح. فلبنان وسوريا لم ينشآ كدولتين بالمعنى الحديث إلا بعد الحرب العالمية الأولى".
ويختتم الحايك حديثه بالتحذير من أنه "لا يمكن بناء المستقبل على الماضي، فالماضي موجود لكي نتعلم منه".
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ندوة توعوية حول مكارم الأخلاق ومواجهة التطرف فى سوهاج
ندوة توعوية حول مكارم الأخلاق ومواجهة التطرف فى سوهاج

بوابة الأهرام

timeمنذ ساعة واحدة

  • بوابة الأهرام

ندوة توعوية حول مكارم الأخلاق ومواجهة التطرف فى سوهاج

سوهاج - نيفين مصطفى نظّمت وزارة الأوقاف بالتعاون مع وزارة الشباب والرياضة، الندوة الثالثة بمركز شباب الري بمدينة سوهاج، تحت عنوان "الراحمون يرحمهم الرحمن"، ضمن جهود الوزارتين في بناء وعي مستنير لدى النشء والشباب، في إطار التعاون المشترك بين مؤسسات الدولة لنشر الفكر الوسطي وتعزيز القيم الأخلاقية والوطنية. موضوعات مقترحة ندوة توعوية حول مكارم الأخلاق ومواجهة التطرف صيانة القيم وأكدت سميحة المقدام، واعظة من مديرية أوقاف سوهاج، أن رسالة الإسلام قامت على الرحمة والتسامح، وأن مكارم الأخلاق تمثل خط الدفاع الأول في مواجهة الفكر المتطرف، مستشهدة بقول النبي ﷺ "إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، موضحة أن الأخلاق ليست ترفًا، بل ضرورة لحفظ المجتمعات وصيانة القيم. ندوة توعوية حول مكارم الأخلاق ومواجهة التطرف محاور الندوة وقال الدكتور محمد ابو سعدة وكيل وزارة الأوقاف بسوهاج، أن الندوة تناولت عددًا من المحاور التوعوية المهمة، من أبرزها، أثر الأخلاق في بناء الفرد والمجتمع، خطورة خطاب الكراهية والعنف على النسيج الوطني، دور الشباب في مقاومة الشائعات ومواجهة حملات التشويه، أهمية القيم الدينية كركيزة للتعايش والسلم الاجتماعي. ندوة توعوية حول مكارم الأخلاق ومواجهة التطرف بناء جيل واعٍ وتأتي هذه الندوة، ضمن سلسلة من الفعاليات الثقافية والتوعوية التي تنظمها الوزارتان في مختلف المحافظات، والتي تهدف إلى ترسيخ قيم الرحمة، والانتماء، والحوار، ونبذ العنف والتطرف، في نفوس الشباب، انطلاقًا من الحرص على تفعيل الشراكات الوطنية الهادفة، وبناء جيل واعٍ بقضايا وطنه، يتحلى بسلوك قويم وفكر وسطي يعكس حقيقة الدين الإسلامي الحنيف، ويسهم في الحفاظ على أمن المجتمع واستقراره.

عبدالله رشدي يدعو إلى نصرة غزة دون استخدام السبّ ويطلب هداية الحكام
عبدالله رشدي يدعو إلى نصرة غزة دون استخدام السبّ ويطلب هداية الحكام

خبر صح

timeمنذ ساعة واحدة

  • خبر صح

عبدالله رشدي يدعو إلى نصرة غزة دون استخدام السبّ ويطلب هداية الحكام

في تدوينة صادقة عبر حسابه الرسمي على منصة 'إكس'، عبّر الداعية الإسلامي عبدالله رشدي عن دعمه اللامحدود لغزة وأهلها، مؤكدًا رفضه القاطع لأي تشكيك في مقاومة الفلسطينيين أو المساس بثباتهم في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وأوضح رشدي أن نصرة غزة لا تعني بالضرورة مهاجمة الحكومات أو سبّ الأنظمة، معتبرًا أن هذا النهج لا يعكس وعيًا ناضجًا تجاه القضية. عبدالله رشدي يدعو إلى نصرة غزة دون استخدام السبّ ويطلب هداية الحكام من نفس التصنيف: آراء طلاب الثانوية حول امتحان اللغة العربية بالدقهلية: سهل ويتضمن تركات نحوية وقال رشدي في تدوينته: 'أنا أفرح لما يصيب غزة من خير ولو كان يسيرًا، وأغضب لما يصيبها من شر ولو كان قليلًا، وأبغض الصهاينة والاحتلال والمتصهينين، قضيتي هي غزة والأطفال وإنهاء الاحتلال، وهذا هدفي، والله وحده يعلم ما في قلبي'. التهجم على الحكام والأنظمة وأضاف أن السبّ والتهجم على الحكام والأنظمة لا يُعتبر طريقًا صحيحًا لدعم القضية الفلسطينية، مشددًا على احترامه لحكومات بلاده ودعائه لهم بالتوفيق والهداية لما فيه مصلحة الإسلام والوطن، وأكد رشدي أن الذين يشترطون سب الحكام أو تلويث أسماءهم كشرط لنصرة غزة، 'لا يفهمون جوهر القضية'، معتبرًا أن الاحترام والتقدير واجبان حتى مع وجود اختلافات، داعيًا إلى توجيه الجهود نحو دعم المقاومة والتصدي للاحتلال بكل الوسائل الممكنة. مواضيع مشابهة: محافظ بني سويف يهنئ أوائل الثانوية العامة يوسف سامي ووسام بكري وختم الداعية رسالته بالدعاء لغزة وأهلها، مؤكدًا: 'أدعم من كل قلبي مقاومة الاحتلال، وأبغض كل من يشكك في أهل غزة أو يتطاول عليهم أو يصفهم بسوء فهو عندي والصهيوني سواء'، جاء هذا التصريح في وقت تشهد فيه القضية الفلسطينية حالة توتر واهتمام دولي متزايد، حيث يتفاعل الشارع العربي والعالمي مع ما تتعرض له غزة من انتهاكات وأزمات إنسانية. دعم مصر لغزة وفي سياق متصل، أكدت أستاذة العلوم السياسية أن دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة يعكس التزام الدولة المصرية بدورها الإنساني والسياسي تجاه القضية الفلسطينية، موضحة أن هذا الدعم لا يُمكن النظر إليه فقط من زاوية التحرك السياسي، بل هو في جوهره واجب إنساني مباشر، وقالت عثمان، في تصريحات لقناة 'إكسترا لايف'، إن مصر لم تتخل يومًا عن مسؤوليتها تجاه أشقائها في غزة، وتواصل جهودها في تقديم الإغاثة رغم التحديات الأمنية واللوجستية الكبيرة التي تواجه مرور القوافل الإنسانية، مضيفة أن هذا الجهد يعكس استمرارية الدور المصري التاريخي تجاه الشعب الفلسطيني.

ثقافة : حسين السيد يكتب: مأساة جميلة الأندلسية
ثقافة : حسين السيد يكتب: مأساة جميلة الأندلسية

نافذة على العالم

timeمنذ ساعة واحدة

  • نافذة على العالم

ثقافة : حسين السيد يكتب: مأساة جميلة الأندلسية

الأحد 27 يوليو 2025 08:30 مساءً نافذة على العالم - جنى عليها أخوها عندما أشركها فى حروبه التى خاضها ضد الأمير الأندلسى "عبدالرحمن بن الحكم بن هشام"؛ إذ كان من البربر الذين نقموا على العرب؛ ولم يستفيدوا من مغانم الفتح العربى للأندلس، فتمردوا عليهم وثاروا ضدهم، وحاولوا أن يستولوا على بعض المدن النائية، فكانوا بذلك شوكة فى ظهر المسلمين، وشجعهم على هذا التمرد الأعداء المتربصون بالعرب، فأمدوهم بالعدة والعتاد، وكل ذلك لإضعاف الحكومة العربية بالأندلس وإنهاكها فيسهل القضاء عليها. أما اسمها فهى جميلة بنت عبدالجبار بن زاقلة المصمودى، يقول عنها ابن حزم الأندلسى فى كتابه "جمهرة أنساب العرب": "وجميلة أخته المشهورة بالشجاعة والنجدة والفروسية ولقاء الفرسان ومبارزتهم فى العساكر". ولدت جميلة قبل نهاية القرن الثانى الهجرى بقليل، لم تكن فتاة شأنها شأن أى فتاة فى مثل سنها، تتفرغ لشئون البيت واحتياجاته، أو تشتهى الزواج وتكوين أسرة، لكنها عزمت على حمل السيف والمبارزة والاشتراك فى المعارك، وشدت من أزر أخيها، ولم تكن له رادعة، بل تفعل ما يأمرها به، تشد الترحال معه من مدينة إلى أخرى، لتحقيق مجد معنوى زائف، يريد أن يكون أميرا بالعافية. ولد محمود بن عبدالجبار بن زاقلة بمدينة "ماردة" وهى مدينة يكثر بها البربر، وكان شجاعا فارسا مقداما وزعيما قويا، ونظرا لطموحه الكبير فى أن يصبح حاكم المدينة، انضم إليه البربر، وسرعان ما كونوا جبهة بقيادته، وبالطبع كانت معه الجميلة "جميلة" أخته، وأعجب البربر بها نظرا لجمالها وشجاعتها وبراعتها فى النزال والقتال، وهو ما جعل الأنصار يلتفون حول محمود، ويباركون بيعته، ويصيرونه أميرا عليهم، كتب عنها مؤرخ الأندلس الشهير "محمد عبدالله عنان" مرتين، الأولى فى كتابه "دولة الإسلام فى الأندلس" الجزء الأول، وجاء ذكرها فى الكتاب مقتضبا، عدة أسطر قليلة، والثانية بمجلة الهلال فى عدد سبتمبر 1956، وأفرد لها مقالة بديعة، ومنها هذا الوصف:"ربعة القوام، تمتاز بحسنها الباهر، وحركاتها الرشيقة، ذات بشرة ناصعة ناعمة، وعينين خضراوين نجلاوين، وشعر غزير أسود، يتهدل على كتفيها، وكانت تهيم منذ حداثتها بركوب الخيل والتجريب على الطعان، وتلازم أخاها فى معظم ركباته وجولاته وصولاته". لم تكن جميلة تؤمن بفكرة شق عصا الطاعة، أو تمزيق شمل المسلمين، أو تفريق وحدتهم، أو الخروج على الحاكم، فقد ذكر "ابن القوطية"، صاحب كتاب الأفعال وتوفى 367 هـ، فى كتابه "تاريخ افتتاح الأندلس" تحقيق إبراهيم الإبيارى، أن جميلة كانت تدعو إلى الطاعة، وأن أخاها محمود كان يدعو إلى الخلاف والمعصية، هذا وقد وردت جميلة عند ابن القوطية باسم "جَملة". ثار محمود بن عبدالجبار على والى "ماردة"، مروان الجليقى، وقتله، واستولى على المدينة، فأرسل أمير الأندلس عبدالرحمن بن الحكم الحملات المتوالية، لمعاقبة هذا المتمرد الخائن، لكن الحملات تفشل فى ردع محمود، فيضطر عبدالرحمن إلى أن يسير بنفسه ليؤدبه، ويهرب محمود ومعه أخته جميلة وصديقه سليمان بن مرتين وهو من المولدين، أصحاب البلد الذين أسلموا. ولا يستقر محمود فى مكان بعينه وإنما يعتمد على الإغارة على المناطق القربية من ماردة. لم يرعوِ محمود، ولم يكتف بما حدث له من البعد عن الديار، وتشتيت كلمة المسلمين، وهو يدرك أنه معول هدم يستخدمه ملوك الإفرنج لإضعاف الدولة الإسلامية بالأندلس، ومن الجائز أن أخته جميلة قد طالبته بالكف عن الإغارة على المسلمين، وطالبته بالامتثال لأمير البلاد، لكنه لم يأخذ بنصيحتها، بل أمرها أن تمتثل هى لأوامره، وأن تساعده على استرداد حقهم، حق البربر الذين ساعدوا العرب على فتح الأندلس، ثم يأتى هذا الطريد عبدالرحمن بن معاوية بن هشام بن عبدالملك بن مروان بن الحكم الأموى، ليستولى على الأندلس بعد أن قُطِع دابر دولته فى المشرق، كيف يعقل يا أختاه؟! إنه حقنا وحق آبائنا الذين استشهدوا فى هذا الفتح، ساعدينى يا بنت أبى، ولا مانع من الاستعانة بملوك الإفرنج، وبعد ذلك نحارب الإفرنج، وإذا كنا قد هزمناهم قبل ذلك فنحن قادرون على إلحاق الهزيمة بهم مرة أخرى. وهنا سكتت جميلة أو كفت عن نصح أخيها، لعله يكون على الصواب، وامتنعت عن الزواج أو لم يكن يشغل بالها أو حتى تفكر فيه رغم كثرة محبيها، وإنما المهم عندها أن يصبح أخوها أميرا على منطقة ما، وقد يأتى يوم يكون فيه الحاكم الأوحد للأندلس. حسين السيد جمَّع محمود شمله، وبدأ يعد العدة من جديد للهجوم على مدينة "باجة" وهى مدينة بعيدة الأطراف عن الحكومة المركزية، ومن ثم يمكن أن يتغلب عليها بمنتهى السهولة لصعوبة وصول المدد والمؤن إليها، ولا شك فى أن "جميلة" ساعدته فى حملته على المدينة، فلم يتمكن محمود من المدينة بسهولة، بل خاضت حربا ضروسا ضده، وكان الفيصل فى هذه المعركة هو تدخل جميلة الحاسم، ويصف لنا "ابن حيان" الأندلسى، توفى 469 هـ أى من المعاصرين لابن حزم 456 هـ وابن عبدالبر 463 هـ - طبيعة هذا التدخل، فى كتابه "المقتبس فى تاريخ أهل الأندلس - السفر الثانى" تحقيق الدكتور محمود على مكى؛ إذ أمر محمود النساء اللائى يصحبن جيشه أن يسبلن شعورهن ويركبن الدواب ويحملن السلاح؛ بحيث يظهرن وكأنهن جيش آخر، فيدب الضعف والوهن فى قلوب أهل باجة، وهو ما حدث بالفعل، فبعد انتهاء المعركة بين الجيشين، ظهر جيش النساء الذى كانت تقوده جميلة، رافعة علم أخيها، ومن ثم انتصر محمود واستولى على باجة، وتناقل الناس فى أنحاء الأندلس أخبارها ومغامراتها، متعجبين من امرأة تتمتع بجمال وافر وأى جمال وتحمل السلاح وتمتطى الجياد وتبارز فى الميدان، ما لك ولهذا يا جميلة! لكن الحكومة المركزية لم توافق على استيلاء محمود على المدينة، فجهزت الجيوش وسيرتها لاستردادها، وفى كل مرة يكون النصر حليفا لمحمود وجميلة، إلى أن سار عبدالرحمن بن الحكم بنفسه هذه المرة للقضاء على الثائر الخارج عن القانون سنة 220 هـ، وأدرك محمود أن ملاقاة الأمير فى معركة بينهما لن تكون فى مصلحته، فترك "باجة" وأخذ أتباعه وفر إلى الجبال، ولم يستطع جيش الأمير أن يقتص منه، لكن محمود شعر بحرج موقفه، فقرر أن يرحل بحاشيته إلى ألفونسو الثانى ملك جليقية، طالبا حمايته وأن يكون تحت رعايته، فسُرَّ الملك بذلك الطلب، لعلمه أنه سيكون شوكة فى حلق الأمير عبدالرحمن بن الحكم. أكرم ألفونسو الثانى وفادة محمود وأخته جميلة، وعاش بعضا من الوقت فى دعة وسكون، لكن جميلة الفارسة النبيلة لم يعجبها هذا الوضع، وحثت أخاها على أن يهرب بها إلى أرض الآباء والأجداد، ماردة، وقال لها محمود: أختاه، نحن الآن نعيش فى أمان، وليس من مصلحتنا العودة إلى ماردة، أنسيتِ ماذا فعلنا بالمدينة؟! لقد قتلنا واليها، ونهبنا وسرقنا، كما استولينا على مدينة باجة بعد حرب كنتِ أنت بطلتها أختاه، وفعلنا ما فعلناه فى المدينة من قتل وتخريب وتدمير، وهزمنا جيوش الأمير بن الحكم، إلى أن جاء بنفسه ليحاربنا، وبعد كل هذا تريدين العودة إلى الديار! ماذا ينقصنا هنا يا حبيبة قلبى! وهنا انفصلت جميلة عن حديث أخيها، وراح خيالها يطوف بعيدا وبعيدا، وتسأل نفسها: حقا لا ينقصنى شىء؟! أنت لا تدرى شيئا يا محمود، لقد نسيت نفسى معك يا أخى، ولم أفكر قط فى مصلحتى، العمر يجرى وأنا لم أحقق مرادى، هل أحببت رجلا؟ لا، هل أحبنى رجل؟ نعم، عشرات بل مئات، إنهم من رجالك يا أخى. إننى أفتقد رجلا يا محمود، أريد رجلا يختاره قلبى، أريد أن أحب مثل كل الفتيات، إن من فى سنى تزوجن وأنجبن أطفالا صاروا الآن فى مطلع الشباب، وأنا ما زلت عذراء، يقولون عنى: جميلة العذراء. هل كُتِبَ علىَّ أن أموت عذراء؟ هل كُتِبَ علىَّ القتال ومبارزة الرجال طول العمر؟ لقد أخطأت يا أخى فى تصرفى هذا، ما لى ولهذه الأعمال الشاقة التى يفر منها أعتى الرجال! إننى امرأة وفى غاية الجمال كما يقولون، لماذا لا أعيش فى قصر هادئة البال؟ لا، لا أريد قصرا، أريد كوخا من القش، أريد الراحة يا أخى، أنا لم أنعم بالراحة منذ أن سرت فى ركابك، أنت حطمتنى يا أخى... وفاقت جميلة على صوت أخيها، وهو يقول: جميلة، جميلة ما بك؟ وطالبته بأن يتجه بها إلى ماردة، وقالت: محمود، اكتب إلى الأمير عبدالرحمن طالبا منه الصفح عنك، إننا هنا أغراب، هذه ليست بيئتنا، ونعيش مع رجال ليسوا على ديننا، أنا أخشى على نفسى إن متَّ أنت يا أخى، ماذا أفعل؟ هل تريدنى أن أتزوج نصرانيا؟! اكتب له لعله يعفو عنك. وأطرق محمود مليا يفكر فيما وصلت إليه حاله وحال أخته، وكيف هانت عليه نفسه أن يعيش ذليلا فى أرض غريبة عليه! كيف سمح لنفسه بأن يتعاون مع الكفرة ضد إخوانه المسلمين! إنه يتذكر الآن كيف استشهد أجداده فى فتح الأندلس، وكيف رووا بدمائهم الذكية هذه الأرض الطيبة، أبسبب البحث عن مغانم الفتح يضع يده فى يد هؤلاء الأنجاس! ويقول لنفسه: آه يا محمود! أنت أشقى الناس الآن، أختك تعيش فى أرض النصارى، ماذا يحدث لها إن متُّ، أتتزوج علجًا نصرانيا؟ لو كان أبى حيًّا لقتلنى، أنا رجل مسلم وأختى مسلمة، والإسلام لا يبيح زواج المسلمات من النصارى الكفرة، أين النخوة يا محمود؟ أين طابع البربر الحامى؟ لقد أصبحت بارد الدم مثلهم، وشيئا فشيئا سأكون مثلهم على ملتى، يا لخيبتى! إن الفرصة مازالت سانحة أمامى، سأطلب إلى أمير الأندلس المسلم الصفح والعفو والسماح، والله لو حدث وعدت إلى ديار الإسلام لأصبحت جنديا من جنوده، ولدافعت عن الديار، وغزوت الفرنج وغيرهم من الأعداء. إن الأمير سيعطينى الأمان، ما علىَّ إلا الكتابة إليه. والتفت محمود إلى أخته، وقال: أريد منك أن تسامحينى يا جميلة، لقد جنيت عليك، وحكمت عليك بالشقاء، ومن أجل هذا سأفعل ما يرضيك ويرضينى، سأكتب إلى أمير الأندلس، وسنعود إلى ديارنا، أنا بحاجة إلى عفوك أولا يا بنة الأب. وانهار محمود فى البكاء، وقبَّل يد أخته التى كانت دائما ما تنقذه، وحان دوره لإنقاذها من أن تكون فريسة لواحد من هؤلاء النصارى. أرسل محمودا خطابا إلى الأمير عبدالرحمن بن الحكم، يطلب إليه أن يسامحه وأن يعطيه الأمان، وبالفعل وافق الأمير المسلم على طلب محمود، كما وعده بأن يجزل له عطاءه، ويعيش حياة كريمة، واتفقا على موعد العودة. وأخبر محمود أخته جميلة بالذى دار بين الأمير وبينه، وأن الأمير موافق على عودتهما إلى أرض الوطن، ولما علمت جميلة بهذا كانت أسعد امرأة فى الأندلس قاطبة، ولم لا، وها هى ستعود إلى أرض الآباء والأجداد، وستعيش حياتها بين إخوانها المسلمين، فلا خوف عليها إن مات أخوها أو رحل عنها. وانتظر محمود الجواب الأخير من الأمير لكنه لم يأت، إذ قد وصل إلى الأمير ألفونسو الثانى، وهنا جن جنون ألفونسو، فأمر بإحضار محمود إليه، لكنه خشى على نفسه منه، فتعلل بمرضه، فأعد له ألفونسو جيشا كبيرا؛ لأنه يعلم أن محمود فارس مغوار شجاع غير هياب للموت، فدافع محمود عن نفسه وعن شرفه، وكانت جميلة إلى جواره تدافع عن نفسها وعن أخيها، وهى قد اعتادت هذه الصعاب والمواجهات، ولكن كما يقال فإن الكثرة تغلب الشجاعة، فقد قتل محمود وأشياعه، لكن جميلة لم تستسلم؛ فهى تعلم أنها إن استسلمت فستصير محظية لجثليق من جثالقة جليقية. وفى النهاية، أسرت جميلة سنة 225 هـ الموافق لسنة 840 م، وقد تجاوزت الثلاثين بقليل، ومازالت تتمتع بالجمال البربرى الفتان، فتنافس عليها كبار نبلاء النصرانية للظفر بها، إلى أن ظفر بها نبيل منهم ولم تذكر المصادر اسم هذا النبيل، وكان محبا لها، يغدق عليها أفخر الهدايا، وتخلت جميلة عن الإسلام واعتنقت النصرانية، ولا نعرف لماذا فعلت ذلك هل بسبب الحب؟ أم الهدايا الفاخرة؟ أم الاستسلام للأمر الواقع؟ كيف قبلت جملية أن تكون نصرانية وأجدادها استشهدوا فى فتح الأندلس؟ لقد أعلنت صراحة أنها تود أن ترجع إلى ماردة، ولماذا لم تدافع عن نفسها وعن شرفها الذى دنسه نصرانى؟ كان عليها أن تقتل نفسها وهى التى قتلت مئات الرجال، أو تقتل النصرانى الذى اتخذها سبية فى أول الأمر، لكنها لم تفعل شيئا، بل خرجت من الإسلام وعاشت طويلا فى النصرانية، وأنجبت منها أبناء، ومن عقبها أسقف مدينة "شنت ياقب" سنتياجو.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store