logo
هل يمكن للدول الانسحاب من منظمة الصحة العالمية؟ الأمر ليس بهذه البساطة

هل يمكن للدول الانسحاب من منظمة الصحة العالمية؟ الأمر ليس بهذه البساطة

يورو نيوز٢٧-٠٢-٢٠٢٥

هذا المقال نشر باللغة
بعد أن أثار قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالانسحاب من منظمة الصحة العالمية موجة من التفاعلات الدولية، يدرس عدد من القادة إمكانية اتخاذ خطوة مماثلة، لكن الأمر ليس بهذه البساطة، فقد يواجهون عقبات قانونية معقدة.
في الأرجنتين، شرع الرئيس خافيير ميلي في اتخاذ إجراءات للانسحاب من منظمة الصحة العالمية، بينما أعلن رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان أنه يدرس خيار الانسحاب. وفي إيطاليا، تصاعد الجدل بين السياسيين اليمينيين ووزير الصحة حول جدوى البقاء في المنظمة.
ولكن، رغم هذه التهديدات، فإن انسحاب الدول من منظمة الصحة العالمية ينطوي على تعقيدات عدة، نظرًا للإطار القانوني الذي تأسست عليه المنظمة عام 1946.
مع الأخذ بعين الاعتبار أنه عند انضمام الولايات المتحدة إلى المنظمة عام 1948، احتفظت بحقها في الانسحاب، وهو شرط لم يتم التفاوض عليه مع الدول الأخرى. ما يطرح تعقيدًا قانونيًا بالنسبة لدول أخرى مثل الأرجنتين أو المجر، التي قد تجد نفسها مطالبة بإيجاد مسار قانوني مختلف للخروج.
لا آلية قانونية للانسحاب
أكد المستشار القانوني الرئيسي لمنظمة الصحة العالمية ستيفن سولومون، في تصريحات للصحفيين، أن الخروج من المنظمة ليس إجراءً بسيطًا أو يمكن تنفيذه بسهولة. وقال: "من الإنصاف القول، إن الأمر ليس بسيطًا".
وتُعدّ جميع دول العالم تقريبًا أعضاء في منظمة الصحة العالمية، وعند انضمامها، وقّعت على دستور المنظمة، الذي يحدد مسؤولياتها وأدوارها، بما في ذلك تحسين الخدمات الصحية ومكافحة الأمراض. إلا أن هذا الدستور، وهو معاهدة دولية، لا يحتوي على أي بند يسمح للدول بالانسحاب منه.
يقول سولومون إن ذلك يعود إلى أن المُشرّعين الذين صاغوا الدستور عام 1946 اعتبروا أن الصحة العالمية مسألة حيوية تتطلب التزامًا دوليًا شاملًا، ولهذا لم يتم تضمين أي آلية للانسحاب.
من جهتها، توضح ستيفاني داغرون، أستاذة القانون الدولي والمتخصصة في الصحة العالمية بجامعة جنيف، أن هذا النهج كان مقصودًا لضمان شمولية المنظمة بأكبر قدر ممكن. وقالت داغرون في تصريح لـ "Euronews Health": "كانت الرؤية تهدف إلى جعل منظمة الصحة العالمية شاملة على أوسع نطاق ممكن".
هل يُعتبر الانسحاب أمراً مستحيلاً؟
رغم غياب الآلية الرسمية للانسحاب، لا يعني ذلك أنه غير ممكن. يقول بيدرو فياريال، الباحث في القانون الصحي العالمي بالمعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، في تصريح لـ "Euronews Health": "كون المعاهدة الدولية لا تتضمن بندًا ينصّ على الانسحاب، لا يعني أن الدول لا يمكنها فعل ذلك".
ويشير فياريال إلى اتفاقية فيينا لعام 1969، التي تنص على أن الدول الراغبة في الانسحاب من معاهدات دولية لا تحتوي على بنود للخروج منها، ملزمة بتقديم إشعار قبل عام واحد، ما يعني أن الأرجنتين وأي دولة أخرى تسعى للانسحاب ستكون مُلزمة بانتظار مهلة زمنية قبل إنهاء علاقتها رسميًا مع المنظمة.
الانسحاب أم العضوية "غير النشطة"؟
قد لا يكون الانسحاب الكامل هو الخيار الوحيد. في الماضي، لم تقطع بعض الدول علاقاتها نهائيًا مع المنظمة عندما قررت الانسحاب. فمثلاً، عام 1949، انسحب الاتحاد السوفيتي من منظمة الصحة العالمية، قبل أن ينضم مجدداً عام 1956.
يقول سولومون إن المنظمة لم تعتبر أن الاتحاد السوفيتي حينها انسحب بشكل رسمي، بل صنفته كدولة "غير نشطة"، مما سمح له بالعودة بسهولة لاحقًا.
لكن فياريال يرى أن الوضع اليوم مختلف، ويقول إنه من غير الواضح ما إذا كانت منظمة الصحة العالمية ستتفاوض مع الدول التي تريد المغادرة لمنحها وضعًا "غير نشط"، يسمح لها بالعودة لاحقًا دون الحاجة إلى إعادة التصديق على الدستور.
تداعيات الانسحاب المحتملة
الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية ملزمة بدفع رسوم سنوية، والولايات المتحدة تعد أكبر مساهم مالي في المنظمة. إذا علّقت أي دولة نشاطها داخل المنظمة ولم تسدد مستحقاتها ، فإنها تفقد تلقائيًا حقوق التصويت في جمعية الصحة العالمية، وهي الهيئة التي تتخذ فيها الدول قرارات المنظمة الرئيسية.
إضافة إلى ذلك، فإن الدول التي تنسحب قد تفقد حق الاستفادة من برامج الصحة العالمية والمبادرات الدولية التي تدعمها منظمة الصحة العالمية. ويشير فياريال إلى أن هذا قد يكون أكبر عائق أمام دول مثل الأرجنتين والمجر إذا قررتا تنفيذ تهديداتهما بالخروج.
وبالرغم من الجدل المستمرّ، لا تزال قضية الانسحاب غير مدرجة رسميًا على جدول أعمال منظمة الصحة العالمية. ومن المتوقع أن تناقش الدول الأعضاء أي مطالب رسمية في اجتماع جمعية الصحة العالمية المقبل في أيار/مايو.
وحتى ذلك الحين، يرى الخبراء أن التهديدات بالانسحاب قد تكون مجرد مناورة سياسية أكثر من كونها خطة قابلة للتنفيذ. تقول داغرون: " في المرحلة الحالية، لا يعدو الأمر كونه مجرد موقف سياسي".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

فيروس كورونا: دراسة تحدد أفضل فئة من الأدوية لعلاج الإصابات الخطيرة
فيروس كورونا: دراسة تحدد أفضل فئة من الأدوية لعلاج الإصابات الخطيرة

فرانس 24

timeمنذ يوم واحد

  • فرانس 24

فيروس كورونا: دراسة تحدد أفضل فئة من الأدوية لعلاج الإصابات الخطيرة

في دراسة نشرت بدورية (ذا لانسيت ريسبيراتوري ميديسن) أكد باحثون أن فئة من الأدوية المعروفة باسم مثبطات جانوس كيناز، والتي تعمل عن طريق إبطاء الجهاز المناعي، يجب أن تكون الخط الأول لعلاج المرضى الذين يدخلون المستشفيات بسبب كوفيد-19. وعمد الباحثون إلى تحليل النتائج الفردية لما يقرب من 13 ألف بالغ دخلوا المستشفيات بسبب كوفيد-19 وشاركوا في 16 تجربة عشوائية تقارن مثبطات جانوس كيناز مع أدوية أخرى أو أدوية وهمية بين مايو أيار 2020 ومارس آذار 2022. وبصفة عامة، توفي 11.7 بالمئة من المرضى الذين تلقوا مثبطات جانوس كيناز بحلول اليوم الثامن والعشرين مقارنة مع 13.2 بالمئة من أولئك الذين تلقوا علاجات أخرى مثل ديكساميثازون الستيرويد أو الأدوية التي تمنع إشارات البروتين الالتهابي آي.إل-6. وبحلول اليوم الثامن والعشرين وبعد حساب عوامل الخطر الفردية، كانت احتمالات الوفاة أقل بنسبة 33 بالمئة في مجموعة مثبطات جانوس كيناز. وفي مقدمة نشرت مع الدراسة، جاء فيها ما يلي "يجب أن تشكل هذه النتائج إضافة لإرشادات منظمة الصحة العالمية بشأن علاج كوفيد-19، سواء في الولايات المتحدة الأمريكية أو أوروبا". وأضافت "على الرغم من أن الجائحة قد مرت ولم يعد كوفيد-19 متفشيا كما كان في السابق، فإن التأخير في نشر واعتماد ممارسات العلاج التي تستند إلى أفضل الأدلة يمكن أن يكون مضرا". أما عن محتوى مثبطات جانوس كيناز فتشمل مثبطات زيلجانز (توفاسيتينيب) من إنتاج فايزر وأولوميانت (باريسيتينيب) من إيلي ليلي، وكذلك رينفوك (أوباداسيتينيب) من شركة آبفي. كما قللت هذه المثبطات من الحاجة إلى أجهزة التنفس الاصطناعي الحديثة أو غيرها من أجهزة دعم التنفس، وسمحت بخروج أسرع من المستشفى بنحو يوم واحد، إلى جانب تقليل المضاعفات السلبية الخطيرة. وبغض النظر عن حالة تطعيم المرضى ضد كوفيد، كانت النتائج متطابقة. فرانس24/ رويترز

"متضخّمة وتحتضر".. وزير الصحة الأمريكي يدعو الدول إلى الانسحاب من الصحة العالميّة
"متضخّمة وتحتضر".. وزير الصحة الأمريكي يدعو الدول إلى الانسحاب من الصحة العالميّة

يورو نيوز

timeمنذ 3 أيام

  • يورو نيوز

"متضخّمة وتحتضر".. وزير الصحة الأمريكي يدعو الدول إلى الانسحاب من الصحة العالميّة

في كلمة أمام الاجتماع السنوي لمنظمة الصحة العالمية في جنيف، والذي بدأ الثلاثاء 20 أيار/ مايو، وصف وزير الصحة الأمريكي روبرت إف. كينيدي الابن، الهيئة الأممية بأنها "متضخمة" و"محتضرة". وكانت الولايات المتحدة، أكبر مموّل للوكالة الأممية، قد أعلنت انسحابها من الصحة العالمية في اليوم الأول من رئاسة دونالد ترامب في كانون الثاني / يناير 2025، ما ترك المنظمة أمام عجز هائل في الميزانية تحاول معالجته من خلال إصلاحات يتم مناقشتها في اجتماع هذا الأسبوع. وفي كلمته المسجّلة أمام المؤتمر، قال كينيدي: "أحث وزراء الصحة في العالم ومنظمة الصحة العالمية على اعتبار انسحابنا من المنظمة بمثابة جرس إنذار." وأضاف: "لقد تواصلنا بالفعل مع دول ذات توجه مماثل، ونشجع الآخرين على التفكير في الانضمام إلينا." وكان ترامب قد اتّهم الصحّة العالميّة بسوء إدارة أزمة جائحة كوفيد-19، وبأنها "قريبة جداً من الصين"، وهو ما تنفيه المنظمة. ولطالما شكّك كينيدي، وهو محامٍ مؤيد لقضايا البيئة، في سلامة وفعالية اللقاحات التي ساعدت في الحدّ من الأمراض، وأنقذت ملايين الأرواح لعقود، ودخل في صدام مع مشرّعين أمريكيين الأسبوع الماضي خلال جلسة شهدت احتجاجاتٍ من الجمهور. "منظمة الصحة العالمية غارقة في تضخم بيروقراطي، ونماذج تفكير مترسخة، وتضارب مصالح، وسياسات قوى دولية"، أضاف الوزير الأمريكي، مشيرًا إلى أنّه "لا داعي لأن نعاني من حدود منظمة الصحة العالمية المحتضرة، دعونا ننشئ مؤسسات جديدة أو نعيد النظر في مؤسسات قائمة فعلا تتسم بالكفاءة والشفافية والمساءلة." لكن يبدو أن توجّه المنظمة مختلف عمّا يدعو إليه كينيدي. فخلال اليوم الأول من الاجتماع اعتمدت الدول الأعضاء اتفاقًا لتعزيز الاستعداد لمواجهات الأوبئة المستقبلية. وانتقد كينيدي إن هذا الاتفاق ورأى أنّه "سيرسّخ كل اختلالات استجابة منظمة الصحة العالمية للأوبئة". وبعد إعلان ترامب انسحاب بلاده منها، أعربت منظمة الصحة العالمية عن الأسف إزاء هذا القرار الذي يستغرق تنفيذه كليًّا 12 شهرا، ودعت الولايات المتحدة إلى إعادة النظر فيه. ويعدّ هذا العام من الأصعب على المنظمة، إذ تواجه تقلّص نطاق خدماتها، بعد انسحاب الولايات المتحدة خصوصا وأنّها الممول الأساسي بـ18% سنويًّا من ميزانية المنظمّة. مدير تنسيق تعبئة الموارد في منظمة الصحة العالمية دانييل ثورنتون، قال لوكالة رويترز، إن "هدفنا يتمثل في التركيز على العناصر العالية القيمة"، وسيجري النقاش هذا الأسبوع لتحديد هذه "العناصر ذات القيمة العالية". ونقلت رويترز عن دبلوماسي غربيٍّ قوله "علينا أن نتدبر أمورنا بما لدينا". وتمضي منظمة الصحة العالمية قدما مع وجود فجوة في ميزانية هذا العام تبلغ 600 مليون دولار وتخفيضات بنسبة 21% على مدى العامين المقبلين. ومن المقرّر أن تزيد الصين من حصّتها في تمويل المنظمة، لتصبح هي أكبر الجهات الحكومية المانحة للهيئة الأممية. وتشير التقديرات إلى أنّ مساهمة بكين ستزيد من 15% إلى 20% بموجب إصلاح شامل لنظام التمويل المتفق عليه عام 2022.

منظمة الصحة العالمية تعتمد الاتفاق الدولي بشأن مكافحة الجوائح والتأهب لها
منظمة الصحة العالمية تعتمد الاتفاق الدولي بشأن مكافحة الجوائح والتأهب لها

فرانس 24

timeمنذ 4 أيام

  • فرانس 24

منظمة الصحة العالمية تعتمد الاتفاق الدولي بشأن مكافحة الجوائح والتأهب لها

في يوم "تاريخي"، اعتمدت منظمة الصحة العالمية الثلاثاء في جنيف الاتفاق الدولي بشأن الوقاية من الجوائح والتأهب والاستجابة لها. وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس في بيان "هذا الاتفاق انتصار للصحة العامة والعلوم والعمل المتعدد الأطراف. وسيسمح لنا، على نحو جماعي، بحماية العالم بشكل أفضل من تهديدات مقبلة بجوائح". وأقر في تصريحات بأن "اليوم يوم كبير... تاريخي". ويهدف الاتفاق إلى التأهب بشكل أفضل للجوائح المقبلة وتعزيز سبل مكافحتها وهو أُعد في ضوء الفشل الجماعي في التعامل مع جائحة كوفيد-19 التي أودت بحياة الملايين وقوضت الاقتصاد العالمي. وينص الاتفاق الذي أنجزت النسخة النهائية منه بالتوافق في 16 نيسان/أبريل على آلية تنسيق عالمية على نحو أبكر وأكثر فعالية في آن للوقاية والرصد والاستجابة لأي مخاطر قد تؤدّي إلى جائحة. ويقضي الهدف منه أيضا بضمان الإنصاف في الحصول على المنتجات الصحية في حال حدوث جائحة. وقد شكت البلدان الأكثر فقرا منذ هذه المسألة خلال كوفيد-19 عندما احتكرت الدول الثرّية اللقاحات وفحوص التشخيص. ويعزز الاتفاق أيضا الترصد المتعدّد القطاعات ونهج "صحة واحدة" على صعيد البشر والحيوانات والبيئة. ويقيم خصوصا آلية "لإتاحة مسببات المرض وتشارك المنافع"، من شأنها أن "تتيح تشاركا سريعا جدّا ومنهجيا للمعلومات الخاصة ببروز مسببات للمرض قد تؤدي إلى تفشي جائحة"، بحسب ما أوضحت السفيرة الفرنسية للصحة آن-كلير أمبرو التي شاركت في إدارة المفاوضات الخاصة بالاتفاق بشأن الوقاية من الجوائح والتأهب والاستجابة لها. وما زال ينبغي التفاوض على التفاصيل الدقيقة للآلية، على أمل اختتام المفاوضات في هذا الخصوص بحلول الجمعية المقبلة في أيار/مايو 2026. واعتمد القرار الخاص بالاتفاق في جلسة مساء الإثنين لإحدى لجنتي الجمعية بـ 124 صوتا مؤيدا. ولم تصوت أي دولة ضدّه، في حين امتنعت دول مثل إسرائيل وإيران وروسيا وإيطاليا وبولندا عن التصويت. وكانت المفاوضات الآيلة إلى النسخة النهائية من النص شاقة وعلى وشك الانهيار أحيانا، لا سيما في ظل الاقتطاعات المالية الشديدة التي تواجهها المنظمة بعد قرار الولايات المتحدة الانسحاب منها وإحجامها عن دفع اشتراكات العامين 2024 و2025.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store