
هكذا دعمت الرياض الأردن في مواجهة ضغوط صدام النفطية عام 1994
في تلك الفترة كشفت المراسلات الدبلوماسية البريطانية السرية الصادرة بين منتصف وأواخر أكتوبر (تشرين الأول) من ذلك العام عن أن الملك الأردني الراحل حسين بن طلال الذي بدأ يبتعد تدريجاً عن بغداد ويقترب من العواصم الغربية والعربية المناوئة للرئيس العراقي الراحل صدام حسين، خشي أن يبادر النظام العراقي إلى قطع شريان الطاقة الرئيس لبلاده، والمتمثل في إمدادات النفط الممنوحة بأسعار تفضيلية، إذ كان الأردن يعتمد على هذه الكميات التي تقدر عائداتها لصدام بنحو 400 مليون دولار سنوياً من العملة الصعبة لتسيير اقتصاده والحفاظ على استقرار أسعاره الداخلية في لحظة شديدة الحساسية سياسياً واقتصادياً إلى أن بدأت تتبلور أزمة في الأفق بين بغداد وعمان على وقع "تحولات" في السياسة الخارجية للأردن. فكيف تفاعلت الرياض في تلك الأزمة؟
الأردن والنفط العراقي: معضلة الإمداد وكلفة الفقد
تحت عنوان "مبيعات نفطية سعودية محتملة إلى الأردن" تذكر إحدى الوثائق البريطانية أن "الملك حسن ملك الأردن قلق في شأن احتمال قيام العراق بقطع إمدادات النفط إلى بلاده بسبب تغيير سياستها"، مضيفة، "الأردن سيحصل على احتياطات تكفي لمدة 30 يوماً إذا تم تقليص الاستهلاك إلى مستويات الطوارئ. سيتم طلب الإمداد عبر الطريق البري، نظراً إلى أن العقبة (الميناء الأردني) لا تحوي منشآت لتفريغ النفط. وإعادة فتح خط الأنابيب من السعودية ستكون الخيار الأكثر عملية، على رغم أن الإمدادات عبر صهاريج الشاحنات ستكون ممكنة أيضاً".
وبحسب ما نشرته الوثيقة حول مخاوف الأردن من قطع إمدادات النفط فإن "السعر هو أمر مهم. حالياً، تفرض العراق سعر السوق على نصف النفط الذي توفره للأردن، وتمنح النصف الآخر مجاناً. والفائدة التي يحصل عليها الأردن من هذا الخصم تقدر بنحو 130 مليون دولار، وفقاً لما نستطيع تقديره، وهذا المبلغ كان سيتعين أن يأتي من العملة الأجنبية التي يفتقر الأردن إليها".
ثم تشرح بعد ذلك الوثيقة، وتذكر أن "التحليل البريطاني لم يستبعد لجوء بغداد إلى ورقة النفط، وإن رأى أنها خطوة لن تفيد صدام على المدى القصير، فالزعيم العراقي كان في حاجة ماسة إلى كل منفذ يتيح له الالتفاف على العقوبات الدولية المضروبة حول عنقه، غير أن الدبلوماسيين الغربيين أدركوا في الوقت نفسه أن مجرد التلويح بهذه الورقة يزرع في عمان هواجس كافية لتقويض ثقتها بمستقبل إمدادات الطاقة، لذلك تحركت لندن وواشنطن سريعاً للبحث عن بديل مضمون، ولم يكن أمامهما سوى الرياض. فالسعودية وحدها تمتلك القدرة على ضخ ملايين البراميل يومياً وتعويض أي نقص مفاجئ، فضلاً عن وزنها السياسي الذي يتيح لها التدخل من دون أن تتهم بالسعي إلى الهيمنة أو ممارسة ابتزاز اقتصادي".
رد الفعل السعودي الأولي حذر لكنه غير مستبعد
المراسلات بين السفارة البريطانية لدى الرياض ووزارة الخارجية في لندن تبرز أول اتصال مباشر مع وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، إذ استقبل الدبلوماسي البريطاني طلباً حذراً، لكن غير رافض.
وبحسب المراسلات البريطانية فقد أكد وزير الخارجية السعودي أن الحديث عن احتمال قطع النفط (عن الأردن) لا يزال في طور الافتراض، وأن القيادة السعودية تحتاج إلى تقدير التبعات بدقة قبل إعلان أي التزام رسمي. ومع ذلك ترك الباب مفتوحاً، بل تعهد نقل المسألة إلى الدوائر العليا، وهو ما فُهم في لندن وواشنطن بوصفه ضوءاً أخضر مبدئياً.
ووفق ما جاء في نص المراسلات نقل عن الخارجية البريطانية أن وزيرها "استغل فرصة محادثته الهاتفية مع وزير الخارجية السعودي في الـ15 من أكتوبر في شأن قضية أخرى، وسألته عن كيفية رد فعل السعوديين على طلب من الملك حسين لتغطية إمدادات النفط إلى الأردن في حال حدوث أمر، نعتقد أنه غير مرجح، وهو قيام صدام حسين بقطع هذه الإمدادات". وتضيف، "بدا الأمير سعود متردداً وقال إنه يعتقد أن من المبكر طرح هذا النوع من الأسئلة. كان رأيه أن صدام حسين، حتى وإن كان يميل إلى اتخاذ خطوات متطرفة، من غير المحتمل أن يقطع إمدادات النفط لوجهة نظره الخاصة، ولكنني أخبرته بما قاله الملك حسين في الاجتماع معكم في جدة في الـ13 من أكتوبر، وكان واضحاً أن الملك كان سعيداً جداً بتصريح الملك حسين. وبصراحة، أضاف الأمير سعود أنه لم يُتح له الوقت بعد لمناقشة تبعات ذلك بالنسبة إلى العلاقات السعودية – الأردنية، وأكد أن غريزته تقول إن الأمر لا يزال مبكراً، ومع ذلك قال إنه سيأخذ سؤالي بعين الاعتبار ويطرحه ضمن الآليات المعنية".
الفيصل يوازن بين دعم عمان وتحدي بغداد
دوَّن السفير البريطاني لدى الرياض ديفيد جور‑بوث في إحدى برقياته أن "البذرة زُرعت في التربة الصحيحة وفي التوقيت المناسب". كان الرجل يراهن على أن السعودية التي بنت لنفسها سُمعة "الملاذ الآمن" للدول العربية خلال الأزمات لن تتردد في اللحظة الحرجة. فالسعودية نظرت إلى كبح نفوذ صدام على أنه جزء من استراتيجيتها العريضة لحماية أمن الخليج ومنع أي ابتزاز يهدد شركاءها. وفي الخلفية كانت القيادة السعودية، وعلى رأسها الملك فهد بن عبدالعزيز، ترى أن انتشال الأردن من براثن الابتزاز النفطي يضعف أحد آخر خطوط الإمداد المالية لبغداد، ويعجل في خنق قدراتها على تحدي نظام العقوبات الدولية.
تقول تلك البرقيات إن الأمير سعود الفيصل المعروف ببراغماتيته ومرونته لم يعارض الفكرة مبدئياً، لكنه شدد على أن أي خطوة يجب أن تدرس بعناية لئلا يفسر التدخل السعودي على أنه عداء مباشر للشعب العراقي أو سعي إلى اقتسام حصص السوق. ومع ذلك أيقنت الدوائر الغربية أن الرياض، بما تملكه من فائض طاقة إنتاجية وشبكة خطوط أنابيب ومرافئ جاهزة، قادرة على تزويد عمان بالنفط وفق جدول زمني قصير جداً، ما من شأنه أن يطمئن الملك حسين، ويبعث برسالة واضحة إلى صدام حسين مفادها أن ورقة الضغط الوحيدة التي يحتفظ بها يمكن تحييدها في لمح البصر.
خط إمداد بديل لإنقاذ الأردن
في واشنطن تناولت برقية سرية أرسلها دومينيك أسكويث من السفارة البريطانية إلى وزارة الخارجية في الـ17 من أكتوبر في العام ذاته، سيناريوهات متوقعة. وأشار أسكويث إلى أن وزير الخارجية الأميركي وارن كريستوفر حاول إقناع الكويتيين بالانفتاح سياسياً على الأردن، لكنه أخفق، فيما أبدى السعوديون استعداداً أولياً للتجاوب، بدليل التغطية التلفزيونية الكاملة للمؤتمر الصحافي الذي جمع كريستوفر والملك حسين في الرياض. ومع أن الملك الأردني لم يطلب من الأميركيين صراحةً التوسط لدى السعودية في شأن النفط، فإن فكرة إنشاء خط إمداد بديل باتت تتبلور في ذهن صناع القرار في العواصم الثلاث.
أسكويث حذر من تعقيدات اقتصادية داخلية قد يواجهها الأردن، فالمصالح التجارية المرتبطة بالسوق العراقية متجذرة بعمق، وخسارتها المفاجئة قد تعصف بشريحة واسعة من التجار وتحدث فراغاً يصعب تعويضه بسرعة، غير أنه خلص إلى أن المصلحة الاستراتيجية للتحالف الغربي، المتمثلة في تضييق الخناق المالي على نظام صدام، تتطلب المضي قدماً في الخطة، شريطة إيجاد ترتيبات مالية تسمح للتجار الأردنيين بتجاوز صدمة الانتقال، كما لفت إلى ضرورة مراقبة حركة السفن في ميناء أم قصر، تحسباً لمحاولات عراقية لتهريب النفط أو الالتفاف على الحظر.
في تلك الأيام القلقة بدا المشهد الإقليمي كلوحة شطرنج معقدة: لاعب رئيس يدعى صدام حسين يحاول الحفاظ على مصادر تمويله المحدودة، وحليف مهدد في عمان يسعى إلى تجنب السقوط، ودولة نفطية تستخدم فائض إنتاجها ذراعاً دبلوماسية تضغط بها متى شاءت وتسترخي متى شاءت. وما كان للرياض أن تتأخر طويلاً، فبمجرد أن يظهر الأردن استعداده للتخلي عن نفط العراق إذا توفر البديل، يصبح القرار السعودي منح عمان ما تحتاج إليه من الطاقة مسألة توقيت لا أكثر.
السعودية حارس للاستقرار العربي
وعلى رغم أن الوثائق البريطانية لا تحدد بدقة اللحظة التي تم فيها اتخاذ القرار النهائي في الرياض، فإن المسار اللاحق للأحداث يوضح بصورة جلية مدى التزام السعودية بوعدها الضمني تجاه أشقائها العرب، فقد نجحت السعودية في حماية الأردن من أي انقطاع كارثي في إمدادات النفط، مما ساعد في استقرار المملكة الأردنية في لحظة حرجة من تاريخها. وفي الوقت نفسه شهدت عمان إعادة تموضع سياسي استراتيجي بعيداً من التأثير المباشر لبغداد، مما يعكس قدرة الرياض على التأثير بصورة دبلوماسية عميقة عبر التحكم بإمدادات الطاقة.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
هذه الحوادث لم تكن مجرد ردود فعل موقتة، بل شكلت سابقة أساسية في السياسة العربية، حيث ترسخت قاعدة غير مكتوبة مفادها أن الرياض تمثل عادةً الخط الدفاعي الأخير عندما تختبر العلاقات البينية تحت ضغط قضايا الطاقة. بمعنى آخر، أصبحت الرياض بمثابة الحارس الذي يحرس مصالح الأمة العربية، مستعدة لتحمل تبعات استخدام النفط كسلاح دبلوماسي لتحقيق الاستقرار الإقليمي.
وفي هذا السياق تعد أزمة عام 1994 محطة مفصلية في تاريخ السعودية، حيث برهنت على مدى خبرتها المتراكمة في توظيف النفط ليس فقط كأداة اقتصادية، بل كوسيلة دبلوماسية قوية تحمي استقرار المنطقة وتعزز من مكانة الرياض كقوة مركزية لا غنى عنها في السياسة العربية. هذا الدور الحاسم لم يأتِ من فراغ، بل هو نتاج رؤية حكيمة بقيادة الملك فيصل بن عبدالعزيز وأجيال من القادة السعوديين الذين أدركوا أن النفط سلاح ذو حدين يمكن أن يستخدم بحكمة لتعزيز التضامن العربي وتحقيق مصالح الشعوب العربية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ 19 دقائق
- Independent عربية
أسماء الأسد... سيدة الجحيم السوري
جميلة، أسماء الأسد. سيدة أنيقة تختار ملابسها بعناية. تميل عادة إلى الألوان الداكنة. تزين رقبتها دوماً بأكسسوارات لافتة. متحدثة لبقة تتكلم بهدوء، وتوحي لك بأنها "قديسة". محبة للبساطة وتبدو متواضعة في تصرفاتها. حين ترفع يدها لتحيي الجمهور تشعر بأنك أمام نسخة عربية من الليدي ديانا. تغير تسريحة شعرها باستمرار، بحسب الموضة. وفي مشاهد وهي تتفقد الجرحى داخل المستشفيات تشعر كم هي حنونة وعطوفة، كم هي أم حقيقية تخاف على شعبها وتحن عليه، كأنها تبكي وهي تتكلم مع الجرحى، تشعر بآلامهم وتتوجع لما عانوه. قاسية أسماء الأسد وحاقدة، شاركت زوجها المخلوع في تهجير شعبها وقتله والبطش به. ضعيفة تلك السيدة، وقفت إلى جانب زوجها في التنكيل بمن خرجوا للاحتجاج مطالبين بالديمقراطية. أناقتها لا تشفع لها ولا تسريحة شعرها. هي سيدة الجحيم السوري، وسارقة المال العام. خلف تلك الابتسامة الرقيقة ثمة شيطان في التفاصيل، يأمر وينهي ويجادل ويتفق على حصص، ويخفي أسرار دولة ويرتكب الفظائع، وفي الليل يتألم من أوجاع جسد ضربه السرطان. الجميلة الأنيقة أسماء وجه آخر لبطش زوجها المخلوع، كل ما فعلته لتجميل صورة النظام السوري السابق سقط مع أول رصاصة أطلقها بشار الأسد إلى صدور المتظاهرين، وهي بصمتها دعمت تلك الرصاصة وزادت من تأثيرها لتصل إلى آلاف السوريين. تجيد إلى جانب اللغة العربية ثلاث لغات أخرى هي الإنجليزية والفرنسية والإسبانية، لكنها لم تتحدث بأي منها عن الخراب والذل اللذين أصابا بلدها. قبل اندلاع النزاع في سوريا عام 2011 كانت محط أنظار الإعلام الغربي الذي أسهب في وصف أناقتها وثقافتها، إلا أن صمتها إزاء النزاع داخل بلادها قسم السوريين حولها. وسوقت نفسها على أنها الوجه الحضاري والإصلاحي في نظام بشار الأسد. السيدة الأولى أصبحت أسماء سيدة سوريا الأولى، وعملت على تغيير الصورة النمطية للعائلة بإظهارها أكثر تواضعاً وعصرية، إذ انتقل الزوجان من القصر الذي كان يساوي مليار دولار وعاشا داخل بيت مكون من ثلاثة طوابق، في أحد أحياء دمشق. وخلال الوقت نفسه، انخرطت في الحياة العامة وسجلت حضوراً قوياً ضمن المناسبات الرسمية، وأطلقت مبادرات لتعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية داخل البلاد، وكان لها دور محوري في بناء شبكة من المتاحف والمؤسسات الثقافية التي كانت تخدم سياسات النظام. تجيد إلى جانب اللغة العربية ثلاث لغات أخرى هي الإنجليزية والفرنسية والإسبانية، لكنها لم تتحدث بأي منها عن الخراب والذل اللذين أصابا بلدها. وأظهرت اهتماماً بالغاً بتعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية عبر إنشاء عدد من المؤسسات الخيرية غير الحكومية التي سيطرت على المعونات الدولية، ووجهتها نحو الفئات الداعمة للنظام، واستغلت الأعمال الخيرية في الهيمنة على قطاع الاقتصاد داخل البلاد. بدأت مشروعاً وصفته بأنه يمثل "النهضة الثقافية"، يهدف إلى بناء معارض فنية ومتنزهات ثقافية وإنشاء شبكة مواصلات تربط دمشق مع المدن التاريخية شمال شرقي البلاد، واستعانت على تنفيذ ذلك المشروع بمسؤولين سابقين لدى الأمم المتحدة وأعضاء في شركات أجنبية وخبراء ضمن متاحف أوروبية وسوريين متأثرين بالثقافة الغربية. ونجحت جهودها في تحسين صورة النظام، فاستقبلت وفوداً برلمانية أجنبية ونجوماً من هوليوود وتعاطف معها الفرنسيون بعد زيارتها إلى باريس، ولفت نشاطها الثقافي والاجتماعي نظر الأميركيين فحظيت البلاد بزيارة مسؤولين أميركيين، وبخاصة بعد انتخاب باراك أوباما رئيساً للولايات المتحدة عام 2008. في المقابل وخلال فترة حكم زوجها المخلوع، سيطرت على بعض المقومات الرئيسة في الاقتصاد السوري المتعثر بصفتها صانعة سياسات ومستغلة، مما أسهم في ترسيخ قبضة العائلة على بلد غارق في الدمار. يقول جويل رايبورن الذي شغل منصب المبعوث الخاص لسوريا في وزارة الخارجية خلال عهد الرئيس ترمب خلال ولايته الأولى، إنه في وقت مبكر من عام 2020 "بات واضحاً أن أسماء أصبحت محوراً للقوة الاقتصادية في سوريا". وكانت بصمتها واضحة ضمن قطاعات متعددة من الاقتصاد السوري، بما في ذلك العقارات والبنوك والاتصالات، وإن كانت محجوبة بشركات وهمية ومناطق حرة وحسابات خارجية مملوكة لشركاء مقربين. أثارت خطوبتها من بشار عام 2000 دهشة، إذ كان والدها معروفاً بانتقاده للنظام. ويقول رجل أعمال سوري عرفها خلال فترة إقامتها في لندن "لكن أسماء كانت متعطشة للسلطة بصورة واضحة". بعد بداية متعثرة في دمشق -أعاقتها حماتها الجبارة التي سعت إلى حصر دورها في الأمومة- كرست أسماء نفسها لمبادرات سياسية غير مثيرة للجدل في السياحة والثقافة والتعليم. وقبل الحرب الأهلية كانت النخبة الدمشقية والدبلوماسيون الغربيون يعدون أسماء شخصاً "يستطيع التحدث بمنطق مع بشار، الذي كان كلامه بلا منطق"، كما يقول المسؤول الحكومي الأميركي السابق والباحث البارز في السياسة العربية في معهد واشنطن للأبحاث أندرو تابلر. ظن كثر أنها ستستخدم هذا النفوذ لتهدئة رد فعل زوجها على الاحتجاجات، لكن هذا الافتراض كان في غير محله. وخلال أسوأ مراحل الصراع توارت أسماء عن الأنظار، بينما عذب نظام زوجها وقتل مئات الآلاف، وشرد الملايين من ديارهم. بحلول عام 2016 ومع عودة سيطرة قوات الأسد على معظم أنحاء سوريا، كانت خرجت بكامل قوتها. لم يكن التوقيت مصادفة، فقد توفيت حماتها خلال ذلك العام. وحشدت أسماء إعجاباً عاماً في قلب المنطقة العلوية من خلال أعمالها الخيرية. وساعد صراعها العلني مع سرطان الثدي عام 2018 في تقريب عائلة الأسد من بعضها، وبعد ذلك بوقت قصير، عهد بشار إلى زوجته بمسؤوليات في وزارة الاقتصاد. وفي حديث لقناة "العربية" اتهمت شقيقة زوجة ماهر الأسد، مجد جدعان، أسماء بالتورط في تجارة أعضاء الأطفال في إحدى دور الأيتام بسوريا. خلال فترة حكم زوجها المخلوع، سيطرت على بعض المقومات الرئيسة في الاقتصاد السوري المتعثر بصفتها صانعة سياسات ومستغلة، مما أسهم في ترسيخ قبضة العائلة على بلد غارق في الدمار. وقالت إن مصادر موثوقة أخبرتها أن أسماء كانت تنقل الأطفال إلى دور للقطاء، مع العلم أن أهلهم "شهداء" ومعروفو النسب. وبحسب المصادر، كانت تبيع الأطفال إما للدعارة أو لتجارة الأعضاء. وفي السياق، كشفت عن تفاصيل خطرة لوساطتها لإجراء مقابلة بين رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري الذي اغتيل عام 2005 وبشار وماهر الأسد. اختفاء منذ سقوط النظام السوري وفرار العائلة الحاكمة إلى موسكو لم يعرف عن أسماء الأسد إلا ما كان معروف سابقاً، عن مرضها ومعاناتها وعزلتها لعدم نقل العدوى، لكن خلال فبراير (شباط) 2025، ظهر حساب على "إكس" ونشر تغريدات باسمها، وسط تساؤلات عن صدقيته، إذ نشرت تسعة منشورات متتالية جاء في أبرزها أنها ستلتزم الصمت في ما يتعلق بالقضايا السياسية ولن تتدخل فيها مستقبلاً. وكان أول ما نشر على الحساب "بعد فترة من الصمت، حان الوقت للانطلاق من جديد... الأمل والتغيير لا يتوقفان، فلنبدأ معاً"، وأن "سوريا بكل جمالها وتاريخها العريق تظل في قلبنا، ونتمنى لشعبها الأمان والازدهار وأن تعود الأيام السعيدة لتملأ كل زاوية من أرضها الطيبة"، مضيفة "الوطن هو القوة التي لا تنكسر وأبناؤه هم الأمل الذي لا ينطفئ مهما كانت التحديات، تبقى عزيمتهم أقوى من كل الصعاب، معاً نواجه المستقبل بكل إصرار وأمل". "وردة الصحراء" أم "ماري أنطوانيت"؟ في وسائل الإعلام الغربية أطلق على أسماء الأسد المعروفة بحبها للملابس والأحذية الفاخرة بـ"ليدي العرب". واستضافت في دمشق مشاهير من أمثال براد بيت وأنجلينا جولي واستُقبلت بحفاوة في الخارج قبل أن تفقد حظوتها هذه في الغرب مع دعمها الراسخ لزوجها المخلوع منذ الحراك الاحتجاجي الذي اندلع عام 2011 ضد حكمه والقمع الذي تلاه، مما أغرق البلاد في حرب تطورت إلى نزاع معقد. وكانت مجلة "فوغ "الأميركية أطلقت عليها لقب "وردة الصحراء" قبل أن تسحب هذا المقال من موقعها الإلكتروني بعد بدء النزاع، وتنتقد أسماء الأسد على صمتها إزاء القمع، وقد لقبت أيضاً بـ"ماري أنطوانيت" تشبيهاً بملكة فرنسا وزوجة الملك لويس الـ16. وأثناء زيارتها الرسمية للمملكة المتحدة عام 2002 أطلقت عليها الصحافة البريطانية "ديانا الشرق"، بينما وصفتها مجلة "باري ماتش" الفرنسية بأنها "مصدر ضوء في بلد ممتلئ بالمناطق المظلمة". تتزايد الدعوات الدولية إلى عزلها ومحاسبتها، وسط مطالب بسحب جنسيتها البريطانية... #أسماء_الأسد سيدة القصر التي تواجه العقوبات والعزلة الدولية#نكمن_في_التفاصيل — Independent عربية (@IndyArabia) December 11, 2024 ويتهمها منتقدوها بالإثراء غير المشروع بفضل المنظمة الخيرية "الأمانة السورية للتنمية" التي أسستها وكانت تتلقى غالبية التمويلات الواردة من الخارج. وامتدت سيطرة الأمانة حتى شملت 15 مركزاً مجتمعياً في عدد من المحافظات السورية، واندرجت تحتها مجموعة من المشاريع والمؤسسات الخيرية غير الحكومية، مثل الصندوق السوري للتنمية الريفية (فردوس) ومشروع "مسار" الداعم للطفولة، ومؤسسة "مورد" التي اعتنت بتقديم قروض للنساء في إطار تفعيل دور المرأة في الاقتصاد. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وكانت "الأمانة" هي المنظمة غير الحكومية الوحيدة التي تعمل في ظل نظام الأسد، ولم يكن مسموحاً بذلك لأية منظمة أخرى غير حكومية مما جعلها تحتكر الأعمال الخيرية. وبحسب المتخصص الفرنسي في شؤون الشرق الأوسط جان بيير فيليو، فقد كانت الأمانة وسيطاً إلزامياً للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، وأجبرا على التعاون معها للحفاظ على نشاطهما الخيري داخل سوريا. وكانت المؤسسة الخيرية تتلقى غالبية التمويلات الواردة من الخارج إلى سوريا، فقد قدمت للمانحين الدوليين بصفتها شريكاً رئيساً في إعادة إعمار دولة دمرها الصراع، وبذلك هيمنت على المساعدات الدولية. وفضلاً عن تلك الممولة دولياً، اندرجت تحت الأمانة مشاريع أخرى محلية، مثل المؤسسة الوطنية للمشاريع الصغيرة التي حققت أرباحاً لا تقل عما تحققه بنوك التمويل المتوسطة. وانتقدت الأمانة لارتباطها الوثيق بنظام بشار وتواطؤها في انتهاكات النظام لحقوق الإنسان، واتهمت بمنع المساعدات عن المناطق المتضررة من الحرب وتحويلها نحو الفئات الموالية للنظام، واستخدام المعونات في دعم الميليشيات الموالية للرئيس المخلوع. وعلى مدار أعوام نفوذها، استغلت أسماء الأسد الأعمال الخيرية لبناء شبكة محسوبيات واسعة. ووفق تقرير نشره موقع "تقرير سوريا"، استغلت هي وزوجها ظروف الصراع التي أدت إلى سقوط نخبة رجال الأعمال التقليدية وصعود طبقة تجار الحرب، ليصبحا اللاعبين الاقتصاديين الرئيسين داخل البلاد، مما سمح لهما ببسط نفوذهما على قطاعات عدة منها الاتصالات والخدمات المصرفية والعقارات والموانئ. وثائق كشف صحافي سوري معارض لنظام الأسد عبر حسابه الشخصي وثائق قديمة تابعة للاستخبارات السورية، تحذر حافظ الأسد من أسماء الأسد. وقال الصحافي السوري نزار نيوف إن الرئيس السوري السابق حافظ الأسد ربما يكون عارض زواج ابنه بشار من أسماء، وهذا ما يمكن استنتاجه من تأخر الزواج حتى بعد وفاته. ونشر نيوف ما قال إنها وثائق "تظهر أن حافظ الأسد كلف مدير الاستخبارات العسكرية السابق علي دوبا بمراقبة بشار الأسد خلال فترة دراسته داخل بريطانيا، إذ أرسل دوبا تقريراً عام 1992 يتضمن معلومات حول تنظيم سحر العطري والدة أسماء لقاءات سرية لبشار مع ضابط استخبارات وقوات خاصة في الجيش البريطاني. وخلال عام 1992، أرسل دوبا تقريراً يتضمن تفاصيل عن لقاءات سرية بين بشار الأسد وضابط استخبارات بريطاني داخل لندن. ولم يتسن التأكد من موثوقية المعلومات المسربة في الوثائق بصورة مستقلة. وعرضت الوثائق المنشورة تفاصيل إضافية حول تعامل الاستخبارات البريطانية مع أسماء الأسد، إذ حصلت على وظيفة في "بنك جي بي مورغان" الأميركي داخل لندن، بدعم من ضابطة الاستخبارات البريطانية إليزا بولر، التي كانت ضمنت لها وظيفة لمراقبة الاستثمارات الآسيوية في الصناعات الكيماوية والدوائية، وفقاً للتقرير الاستخباراتي السوري المسرب. كانت مجلة "فوغ "الأميركية أطلقت عليها لقب "وردة الصحراء" قبل أن تسحب هذا المقال من موقعها الإلكتروني بعد بدء النزاع، وتنتقد أسماء الأسد على صمتها إزاء القمع، وقد لقبت أيضاً بـ"ماري أنطوانيت" تشبيهاً بملكة فرنسا وزوجة الملك لويس الـ16. وتتحدث الوثائق المسربة إلى تحذير "مبطن" من الاستخبارات السورية للرئيس حافظ الأسد عن تطور علاقة ابنه بشار بأسماء، داخل لندن. وأورد التقرير أن لقاء جمعه بأسماء في مطعم لفندق فخم، بحضور والدتها، وبوجود مكثف للاستخبارات البريطانية حول الفندق. وأشار التقرير الذي صدر عام 1992 إلى إقامة "سهرة صغيرة" في منزل فواز الأخرس، دُعي إليها بشار وعدد من الشخصيات الاستخباراتية البريطانية. وخلال السهرة، طرح البريطانيون أسئلة تتعلق بالشأن السوري الداخلي وعلاقته (بشار) بعدد من أعضاء حزب البعث السوري، واحتمالية إقامة سلام سوري إسرائيلي. حياة البذخ تفيد تقارير إعلامية بأن أسماء الأسد أنفقت مئات الآلاف من الدولارات على أثاث المنزل والملابس أثناء حكم زوجها بشار الأسد، واعتادت وبقوة حياة الترف. عندما اندلعت الثورة السورية عام 2011، بحسب "الغارديان"، نشرت مجلة "فوغ" مقالاً عن أسماء الأسد بعنوان "وردة في الصحراء"، وكان زوجها قتل بالفعل أكثر من 5 آلاف مدني بما في ذلك مئات الأطفال، وحينها وصفت أسماء بأنها "أكثر السيدات الأول نضارة وجاذبية". وقالت الصحافية جوان جولييت باك إن "أسلوبها ليس من الأزياء الراقية والبراقة التي تزين قوى الشرق الأوسط، بل هو افتقار متعمد للتزيين"، وأثار المقال ضجة آنذاك، ودافعت مجلة "فوغ" عنه في البداية، لكنها حذفته لاحقاً من أرشيفها. وخلال الوقت الذي كانت تستمتع فيه أسماء الأسد بحياة الترف والبذخ، لقي أكثر من 300 ألف مدني سوري حتفهم، وتشرد 6.7 مليون آخرين، وعانى الشعب السوري العنف والجوع والفقر. وكانت تنفق في كثير من الأحيان عشرات الآلاف من الدولارات على "المجوهرات المرصعة بالذهب والأحجار الكريمة، والثريات، والستائر الباهظة الثمن، واللوحات التي تشحن إلى الشرق الأوسط". ومن المقتنيات الباهظة الثمن مزهرية من هارودز في لندن، وإضاءة أرماني وحذاء كريستيان لوبوتان المرصع بالكريستال بقيمة 4 آلاف دولار، وفي الوقت نفسه كانت أسماء أكثر انشغالاً بتحصيل الضرائب على السلع الفاخرة التي تشحن إلى دمشق، وفق "الغارديان". وخلال عام 2012 كشفت رسائل البريد الإلكتروني المسربة عن شغف أسماء الأسد بالأثاث الفاخر، والتي أظهرت أنها أنفقت 350 ألف دولار على أثاث القصر بما في ذلك مزهرية بقيمة 2650 جنيه استرليني من هارودز، طلبت عبر وسيط مقيم في لندن، وفي رسالة إلكترونية سلطت أسماء الضوء على أن هارودز "يقيم عرضاً في الوقت الحالي". ورد الوسيط لاحقاً "لقد اشتراها. حصل على خصم 15 في المئة. التسليم بعد 10 أسابيع"، وفق صحيفة "ديلي ميل". وفي سياق متصل وبحسب الرسائل المسربة، طلبت زوجة الأسد تحت اسم مستعار "علياء كيالي" شمعدانات وطاولات وثريات بقيمة 10 آلاف جنيه استرليني من مصمم في باريس، واشتكت من أن زوجاً من طاولات السرير المصممة من تشيلسي "مختلفان في التشطيب، ولديهما أدراج بلون مختلف؟". وقال مورد أثاث بريطاني إنه باع "علياء" طاولة ذات سطح رخامي بقيمة 6257 جنيهاً استرلينياً، وإنه لم يكن لديه أية فكرة أن الطلب كان من السيدة الأولى السورية لأن عنوان التسليم كان في لندن. تهم إرهاب ضد زوجة الديكتاتور كشفت صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية أن أسماء الأسد تخضع لتحقيق من جانب وحدة جرائم الحرب في الشرطة البريطانية، وأنها قد تواجه سحب جنسيتها البريطانية. وبحسب الصحيفة، تواجه اتهامات بأنها شجعت على ارتكاب أعمال إرهابية خلال الحرب السورية . وأوردت "أن الشرطة فتحت التحقيق الأولي بعد تلقيها ملفاً من شركة المحاماة الدولية "غيرنيكا 37" عن دور السيدة الأولى في الطبقة الحاكمة داخل سوريا، ودعمها الصريح للقوات المسلحة السورية. أصيبت أسماء بسرطان الثدي عام 2018 وخضعت للعلاج في أحد المستشفيات العسكرية داخل دمشق، وبعد عام من العلاج شُفيت لأن المرض كان في مراحله المبكرة. وخلال مايو (أيار) 2024، أعلنت الرئاسة السورية تشخيص إصابة السيدة الأولى بـ"اللوكيميا". ونقلت الصحيفة عن متحدث باسم الشرطة البريطانية قوله "يمكننا أن نؤكد أن وحدة جرائم الحرب تلقت إحالة بتاريخ الـ31 من يوليو (تموز) 2020 تتعلق بالصراع الحالي في سوريا، وما زالت الإحالة في مرحلة التقويم من جانب ضباط وحدة جرائم الحرب". ويفيد تقرير الصحيفة بأن أسماء الأسد صعدت في سلم السلطة منذ تولي زوجها بشار الأسد الحكم قبل عقدين، ووسعت من إمبراطورية أعمالها، وتلقي المحاضرات الداعمة للقوات المسلحة السورية، وهي القوات التي استهدفت مناطق مدنية على مدى الحرب في سوريا تشمل مستشفيات ومدارس مستخدمة القنابل والضربات الجوية والمدفعية، كما أن الأمم المتحدة أشارت إلى استخدام الجيش السوري الأسلحة الكيماوية داخل المناطق المدنية، وهو ما يعد عملاً إرهابياً بحسب القانون البريطاني. ونقلت "صنداي تايمز" عن رئيس شركة المحاماة توبي كادمان أنه يعتقد أن هناك أدلة قوية لإدانة أسماء، التي تخضع لعقوبات بريطانية وأوروبية منذ عام 2012. وأضاف "عمل فريقنا القانوني على التحقيق في هذه المسألة لشهور عدة، ونتيجة لتلك التحقيقات تقدمنا بمراسلتين سريتين إلى إدارة مكافحة الإرهاب في الشرطة البريطانية". وبحسب الصحيفة، فإن التهم التي يمكن أن تواجهها أسماء الأسد هي الإدانة بالحث على الأعمال الإرهابية من خلال دعمها العلني للقوات المسلحة السورية. طلاق وعقوبات أفادت تقارير إعلامية بأن أسماء الأسد تقدمت بطلب للطلاق أملاً في الانتقال للعيش داخل العاصمة البريطانية لندن، بعد انهيار النظام وفرارها مع عائلتها إلى موسكو. وبحسب تقرير لموقع "آ هبر" التركي، فإن أسماء تسعى للعودة إلى بريطانيا التي ولدت وتربت فيها وتحمل جنسيتها، مشيراً إلى أنها تتواصل مع مكاتب محاماة كبرى للانفصال عن الرئيس المخلوع. وبحسب التقرير، فإن والدتها سحر العطري تقود جهود الانفصال وتدفع برغبة ابنتها في مواصلة علاجها داخل لندن بعد تشخيصها بسرطان الدم النخاعي الحاد. ويتوقع أن تواجه أسماء عقبات قانونية تتجاوز مسألة ارتباطها بالأسد، إذ تفرض دول عدة أوروبية ومنظمات دولية عقوبات تشمل حظر السفر وتجميد الأموال لاتهامها بالتورط في قضايا فساد وثراء غير مشروع خلال فترة حكم زوجها لسوريا. ويفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على أسماء شملت حظر السفر وتجميد الأصول "لاستفادتها من النظام السوري"، وبحسب "آ هبر"، فإن السيدة البالغة من العمر 49 سنة تعاني قيوداً صارمة في موسكو وتتعرض لقيود مشددة على تحركاتها. وأفاد التقرير بأنها طلبت تصريحاً خاصاً من السلطات الروسية للسماح لها بمغادرة البلاد، إلا أن الطلب ما زال قيد التقييم ولم يُبت فيه حتى الآن. ويعتقد أن رغبتها في العودة إلى بريطانيا لا تقتصر على الأسباب الصحية فحسب، بل تشمل أيضاً البحث عن حياة أكثر استقراراً وأماناً بعيداً من الأنظمة التي أثرت في حياتها وعائلتها. وبعد اندلاع الثورة السورية عام 2011 فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات عليها شملت حظر السفر وتجميد الأصول، مبرراً ذلك بأنها "تستفيد من النظام السوري المرتبطة به". وعلى رغم خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، فإن لندن أبقت على هذه العقوبات. وخلال عام 2020 فرضت الولايات المتحدة عقوبات إضافية على أسماء، متهمة إياها بتجميع "مكاسب غير مشروعة على حساب الشعب السوري" واستخدام "جمعياتها الخيرية المزعومة" لتعزيز قوتها الاقتصادية والسياسية، وشملت العقوبات الأميركية أفراداً من عائلتها بمن فيهم والداها فواز الأخرس وشقيقاها. وبعد فرارها مع عائلتها إلى روسيا إثر سقوط نظام زوجها، أكد وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي أن أسماء الأسد "غير مرحب بها" داخل المملكة المتحدة، مشيراً إلى أنها "موضع عقوبات" على رغم حملها جواز سفر بريطانيا. ويشير بدر الباحث في مركز "شاتام هاوس" للدراسات موسى السيف إلى أن الجنسية البريطانية سبق ونزعت من مواطنين انضموا إلى صفوف تنظيم "داعش". ويقول "بما أن ذلك حصل لأشخاص غير ذوي شهرة... فالشيء نفسه يمكن أن يحصل في حال أسماء الأسد". ورأى رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أنه "من المبكر جداً" طرح هذه المسألة. مرض أسماء أصيبت أسماء بسرطان الثدي عام 2018 وخضعت للعلاج في أحد المستشفيات العسكرية داخل دمشق، وبعد عام من العلاج شُفيت لأن المرض كان في مراحله المبكرة. وخلال مايو (أيار) 2024، أعلنت الرئاسة السورية تشخيص إصابة السيدة الأولى بـ"اللوكيميا". وقالت الرئاسة في بيان آنذاك "بعد ظهور أعراض وعلامات سريرية مرضية عدة تبعتها سلسلة من الفحوصات والاختبارات الطبية، شخصت إصابة السيدة الأولى أسماء الأسد بمرض الابيضاض النقوي الحاد (لوكيميا)". وأضافت أنها "ستخضع على أثره لبروتوكول علاجي متخصص يتطلب شروط العزل مع تحقيق التباعد الاجتماعي المناسب، من ثم ستبتعد من العمل المباشر والمشاركة بالفعاليات والأنشطة كجزء من خطة العلاج". وقبل أسابيع من سقوط نظام بشار الأسد خلال الثامن من ديسمبر (كانون الأول) 2024، انتقلت أسماء إلى موسكو للحصول على رعاية طبية متقدمة، وأفادت تقارير صحافية بأنها تعيش وضعاً صحياً حرجاً وأنها تخضع للعزل الصحي التام. وأعطاها الأطباء فرصة 50 في المئة للنجاة من المرض الذي عاود الظهور لديها، وفق ما أفادت صحيفة "تلغراف" البريطانية. وأضافت الصحيفة نقلاً عن مصادر على اتصال وثيق بعائلة أسماء أن الأطباء طلبوا خضوعها للعزلة وعدم وجودها في الغرفة نفسها مع أي شخص، خوفاً من التقاطها أية عدوى. ويتولى والدها طبيب القلب فواز الأخرس رعايتها في موسكو، وقالت المصادر إن قلبه مفطور على ابنته المولودة داخل بريطانيا التي تحمل جنسيتها. ونقلت "تلغراف" عن مصدر تواصل مباشر مع أحد ممثلي العائلة "أسماء تموت، لا يمكنها أن تكون موجودة في الغرفة نفسها مع أي أحد" بسبب وضعها الصحي. وقال مصدر آخر كان على اتصال مع العائلة داخل موسكو، إن "اللوكيميا" عندما يعاود الظهور يكون أكثر شراسة، ومنحها الأطباء خلال الأسابيع الأخيرة فرصة 50 في المئة للنجاة. مَن هي "أسماء الأخرس"؟ ولدت أسماء الأسد داخل لندن عام 1975 لوالدين سوريين هما طبيب القلب فواز الأخرس والدبلوماسية المتقاعدة سحر العطري. وأقامت لفترة طويلة في منطقة أكتون غرب العاصمة، ولا تزال عائلة الأخرس تملك منزلاً ضمن هذه المنطقة بحسب وسائل إعلام بريطانية. ويتذكرها من عرفوها آنذاك كشابة ذكية وجذابة وطموحة، تتحدث الإنجليزية براحة أكبر من العربية. ارتادت مدرسة ابتدائية محلية، حيث كانت تطلب أن ينادى عليها باسم إيما، قبل أن تنضم إلى مدرسة كينغز كوليدج الخاصة العريقة. ونالت شهادة من الجامعة في المعلوماتية والأدب الفرنسي، وتوجهت إلى عالم المال وعملت مع مصرفي "دويتشه بنك" و"جي بي مورغان". ارتبطت بعلاقة مع بشار الأسد خلال نهاية التسعينيات، وتزوجا بعد أشهر قليلة بعدما خلف والده في الرئاسة خلال يوليو (تموز) 2000. وفي دمشق جسدت أسماء التي تنتمي إلى الطائفة السنية فيما زوجها من الطائفة العلوية خلال تلك الفترة رمزاً للحداثة، محدثة تغيراً جذرياً في دور السيدة السورية الأولى بعدما بقيت أنيسة والدة بشار الأسد بعيدة من الأضواء عندما كان زوجها رئيساً. أنجب الزوجان ثلاثة أطفال، هما صبيان وابنة. ونال نجلهما البكر عام 2025 شهادة في الرياضيات من جامعة موسكو. خلال بداياتها كسيدة أولى ركزت أسماء على تشجيع من هم دون سن الـ18 على أن يكونوا مواطنين فاعلين، وأنشأت مراكز شبابية داخل جميع أنحاء البلاد لتعريف الشباب على المسؤولية المدنية، وأنشأت منظمة غير حكومية زودت المراهقين بمهارات الأعمال. وأوضحت لمجلة "فوغ" عام 2011 "الأمر يتعلق بتحمل الجميع مسؤولية مشتركة في دفع هذا البلد إلى الأمام، وبتمكين المجتمع المدني". وإلى جانب تركيزها على العمل الشبابي كان هناك التزام بالحفاظ على التراث الثقافي السوري، من آثاره التاريخية إلى عاداته وتقاليده وروح الانفتاح. وقبل اندلاع الحرب الأهلية في سوريا كان آل الأسد لاعبين بارزين على الساحة الدولية. وكانت أسماء تعمل مع متحف اللوفر في باريس لإنشاء شبكة من المتاحف، بينما استقبل آل الأسد زواراً بارزين إلى سوريا بمن فيهم براد بيت وأنجلينا جولي، اللذان زارا اللاجئين العراقيين هناك عام 2009. و مارس (آذار) 2011، انتشرت المسيرات والاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية ضد حكم بشار الأسد في جميع أنحاء سوريا. وردت الحكومة بقمع عنيف أسفر عن مقتل آلاف المدنيين وتشكلت جماعات متمردة، وبحلول عام 2012 دخلت البلاد في حرب أهلية شاملة. وطوال هذه الفترة لم تدل أسماء بأي تصريح علني، إلا أنها كسرت صمتها برسالة إلكترونية إلى صحيفة "تايمز" عام 2012 ذكرت فيها ببساطة "الرئيس هو رئيس سوريا، وليس فصيلاً من السوريين، والسيدة الأولى تدعمه في هذا الدور". وبالنظر إلى خلفيتها في العمل الخيري، ربما كان هناك توقع بأن يكون لأسماء تأثير مخفف، ولكن ضمن رسالة بريد إلكتروني مسربة خلال ذلك العام مازحت أسماء صديقتها قائلة "أنا الديكتاتور الحقيقي". نالت أسماء الأسد تكريمات عدة منها جائزة السيدة العربية الأولى المقدمة من مؤسسة المرأة العربية بالتعاون مع جامعة الدول العربية عام 2008، وميدالية رئاسة الجمهورية الإيطالية الذهبية خلال العام نفسه اعترافاً بجهودها في المجال الإنساني.


Independent عربية
منذ 34 دقائق
- Independent عربية
النفط عالق قرب 70 دولارا للبرميل ومخاوف متزايدة من الفائض
النفط عالق في مستوى الـ70 دولاراً، والسوق ما زالت تحت الضغط بين مسار الاقتصاد العالمي الغامض والرسوم الجمركية، وسط توتر العلاقة الصينية – الأميركية، وعلى رغم صعود الأسعار لخام "برنت" 22 سنتاً أو ما يعادل 0.32 في المئة لتصل إلى 68.66 دولار للبرميل، فإن محللي "جيه بي مورغان" يرون أن الطلب العالمي على النفط ارتفع بمقدار 600 ألف برميل يومياً في يوليو (تموز) الجاري مقارنة بالعام الماضي. جاء هذا الصعود بحسب المحللين بعدما توصلت الولايات المتحدة إلى اتفاق تجاري (ما زال غامضاً) مع الاتحاد الأوروبي وسط أنباء عن احتمال تمديد تعليق الرسوم الجمركية مع الصين، مما هدأ المخاوف من أن تؤدي الرسوم المرتفعة المحتملة إلى تقييد النشاط الاقتصادي والتأثير في الطلب على الوقود. وارتفعت العقود الآجلة لخام "برنت" 22 سنتاً أو ما يعادل 0.32 في المئة لتصل إلى 68.66 دولار للبرميل، بينما صعد خام "غرب تكساس الوسيط" الأميركي 22 سنتاً أو 0.34 في المئة إلى 65.38 دولار للبرميل. وقال المحلل لدى "آي جي ماركتس" توني سيكامور، إن الاتفاق التجاري المبدئي بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واحتمال تمديد فترة تعليق الرسوم الجمركية بين واشنطن وبكين يدعمان الأسواق المالية العالمية وأسعار النفط. من الرابح في اتفاق الرسوم؟ وفي وقت أبرمت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي اتفاقاً تجارياً إطارياً أمس الأحد يقضي بفرض رسوم جمركية بنسبة 15 في المئة على معظم سلع الاتحاد الأوروبي وهي نصف النسبة التي كانت الولايات المتحدة هددت بفرضها، إلا أن هناك معارضة أوروبية له، لم تتضح معالمها بعد، خصوصاً أن الاتفاق ما زال غامضاً، والسؤال من الرابح والخاسر في الاتفاق؟ أم أن الطرفين ربحا النتائج؟ وأدى الاتفاق إلى تفادي حرب تجارية أكبر بين حليفين يمثلان ما يقارب ثلث التجارة العالمية وهو ما كان من شأنه أن يضعف الطلب على الوقود. ومن المقرر أن يلتقي مفاوضون كبار من الولايات المتحدة والصين في ستوكهولم اليوم في مسعى إلى تمديد الهدنة التي حالت دون فرض رسوم جمركية مرتفعة وذلك قبل الموعد النهائي المقرر في الـ12 من أغسطس (آب) المقبل. في الأسبوع الماضي استقرت أسعار النفط الجمعة عند أدنى مستوياتها في ثلاثة أسابيع، وسط تصاعد المخاوف في شأن التجارة العالمية وتوقعات بزيادة الإمدادات من فنزويلا. وقالت مصادر في شركة النفط الوطنية الفنزويلية إن الشركة تستعد لاستئناف عملياتها في مشاريعها المشتركة بموجب شروط مشابهة للتراخيص التي صدرت خلال عهد الرئيس بايدن، وذلك بمجرد أن يعيد الرئيس الأميركي دونالد ترمب تفعيل التصاريح التي تسمح لشركائها بالعمل وتصدير النفط ضمن اتفاقات مبادلة. وعلى رغم الارتفاع الطفيف في الأسعار اليوم فإن احتمال تخفيف تحالف "أوبك+" قيود الإنتاج حد من المكاسب. ومن المقرر أن تعقد لجنة المراقبة التابعة لتحالف "أوبك+" اجتماعاً اليوم، وقال أربعة مندوبين من التحالف الأسبوع الماضي إنه من غير المرجح أن توصي اللجنة بإجراء أي تغييرات على الخطط الحالية التي تدعو ثمانية أعضاء إلى زيادة الإنتاج بمقدار 548 ألف برميل يومياً في أغسطس، في حين قال مصدر آخر إنه من السابق لأوانه الجزم بذلك. ويحرص تحالف "أوبك+" على استعادة حصته في السوق في وقت يساعد فيه ارتفاع الطلب الموسمي في الصيف على استيعاب الكميات الإضافية من الخام. ما المفارقة في النفط؟ في التحليل يتعامل متداولو النفط مع مفارقة ملحوظة، فبينما تتزايد التحذيرات من تراجع محتمل في السوق خلال النصف الثاني من العام الحالي وحتى عام 2026، تواصل الأسعار صمودها، مستقرة قرب مستوى 70 دولاراً للبرميل، وعلى رغم الأجواء الحذرة في التوقعات، فإن السوق لا تزال تظهر مؤشرات إلى التماسك، مما يعكس توازناً هشاً بين المخاوف المستقبلية والدعم الحالي للأسعار. وحذرت شركة "توتال إنرجي" الفرنسية الأسبوع الماضي من أن السوق تواجه فائضاً في الإمدادات مع بدء مجموعة "أوبك+" في التراجع عن قيود الإنتاج، وذلك في وقت تؤثر فيه وتيرة النمو العالمي البطيئة في الطلب. من جانبها أعلنت شركة "إكوينور" النرويجية أن حقل "يوهان كاستبرغ" الجديد يعمل بكامل طاقته الإنتاجية، في حين تستعد لإطلاق مشروع نفطي بحري في البرازيل، مما يعد تذكيراً بالإمدادات الإضافية القادمة من خارج تحالف "أوبك+". وفي وقت سابق من هذا الشهر، رفعت كل من وكالة الطاقة الدولية وإدارة معلومات الطاقة الأميركية تقديراتهما للفائض المتوقع عام 2026، إذ توقعتا أن يتجاوز المعروض النفطي الطلب بأكبر هامش منذ جائحة كورونا، ووفقاً لوكالة الطاقة الدولية فإن الفائض قد يصل إلى مليوني برميل يومياً. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) الفائض الذي يدفع الأسعار إلى الانخفاض سيساعد في كبح التضخم، وسيؤثر سلباً في المنتجين ذوي الكلفة العالية، ومن المرجح أن يرضي الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي طالب بانخفاض الأسعار منذ توليه منصبه. وهذا يشكل تناقضاً واضحاً مع الوضع الحالي، إذ تظل المخزونات في مراكز التخزين الرئيسة منخفضة، وهو ما يعكس هيكل سوق متفائل يشير إلى ضيق في الإمدادات، علاوة على أن الأرباح الناتجة من تحويل النفط الخام إلى وقود تتجاوز بكثير المعدلات الموسمية المعتادة، مما يدعم الطلب على النفط الخام. وقال رئيس أبحاث السلع والمشتقات في "بنك أوف أميركا"، فرانسيسكو بلانش، في مقابلة مع "بلومبيرغ"، "أحد العوامل التي دعمت أسعار النفط كان القوة الموسمية لشهور الصيف". وأضاف "في النصف الثاني من العام، من المتوقع أن يكون الفائض قريباً من 200 مليون برميل"، مما سيضغط في نهاية المطاف على الأسعار. وبينما ركزت غالب مراجعة الوكالة الدولية للطاقة لتوقعات العام المقبل على زيادة الإنتاج من قبل منظمة "أوبك" وحلفائها، الذين سيجتمعون لمناقشة مستويات الإنتاج في أوائل أغسطس المقبل، كانت هناك أيضاً عوامل أقل وضوحاً تؤدي دوراً، فالتوقعات لإمدادات الوقود الحيوي، الذي ينافس النفط التقليدي، أعلى بنحو 200 ألف برميل يومياً مقارنة بما كانت عليه قبل شهرين وفقاً لتقديرات الوكالة. ما مؤشرات الطلب القوي؟ ترى الحكومة الأميركية الآن أن الإمدادات العالمية من النفط ترتفع بنحو 2.1 مليون برميل يومياً في الربع الرابع من هذا العام مقارنة بالربع الأول، وهو أكبر ارتفاع تسجله منذ فبراير (شباط) الماضي. في حين تشكل توقعات هاتين الهيئتين عنصراً مهماً في تقييمات المتداولين لكيفية تطور السوق، ومع ذلك لا تزال هناك مؤشرات إلى طلب قوي في الوقت الحالي. وقالت مجموعة "فيتول"، إحدى أبرز شركات تجارة النفط، الأسبوع الماضي إن الطلب على وقود الطائرات يشهد ارتفاعاً مستمراً، مع وصول أعداد الرحلات الجوية إلى مستويات قياسية غير مسبوقة، علاوة على أن أرقام الطلب الأسبوعية على النفط في الولايات المتحدة تعد الأعلى هذا العام، وجرى تعديل هذه البيانات للأعلى في القراءات الشهرية النهائية لأربع من آخر خمس فترات متاحة. وعلى رغم أن الحرب التجارية العالمية تثير مخاوف في شأن استهلاك النفط، فإن التوقعات التاريخية تشير إلى أن تقديرات الطلب غالباً ما تعدل للأعلى، مما يوحي بأن الفائض المتوقع حالياً قد يتقلص. منذ عام 2012 وحتى 2024 انتهى الأمر بتوقعات وكالة الطاقة الدولية للطلب إلى أن تكون في المتوسط أعلى بنحو 500 ألف برميل يومياً مقارنة بالتقديرات الأولية، مع توفر مزيد من البيانات. وهذا لا يشمل عام 2020، الذي شهد تحولاً كبيراً في أنماط الاستهلاك بسبب الجائحة العالمية. مع ذلك بمجرد تراجع قوة الصيف، من المرجح أن يظهر فائض عالمي في السوق، وفقاً لتصريحات رئيسة استراتيجية السلع العالمية في شركة "جيه بي مورغان تشيس"، ناتاشا كانيفا. وقالت كانيفا في مقابلة تلفزيونية مع "بلومبيرغ" "الإمدادات في تزايد مستمر، وفي مرحلة ما سيبدأ تراكم المخزونات بالظهور في المخزونات الظاهرة في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية مثل الولايات المتحدة. وحتى الآن، لم يجرِ تسعير هذا الأمر في السوق". اجتماع "أوبك+" المقبل ماذا يحمل؟ إلى ذلك ذكرت ثلاثة مصادر في "أوبك+" الأسبوع الماضي أن الدول الثماني ستعقد اجتماعاً منفصلاً في الثالث من أغسطس المقبل، ومن المرجح أن تتفق على زيادة أخرى قدرها 548 ألف برميل يومياً في سبتمبر (أيلول) المقبل، وهو ما يتفق مع ما ذكرته "رويترز" في وقت سابق من الشهر الجاري. وسيعني ذلك أنه بحلول سبتمبر ستكون "أوبك+" تخلصت من آخر شريحة تخفيضات للإنتاج والبالغة 2.2 مليون برميل يومياً، وستكون الإمارات حققت زيادة في حصتها بمقدار 300 ألف برميل يومياً قبل الموعد المحدد. وظلت أسعار النفط مدعومة على رغم زيادات "أوبك+"، وذلك بفضل الطلب الصيفي وحقيقة أن بعض الأعضاء لم يرفعوا الإنتاج بالقدر الذي دعت إليه الزيادات في الحصص الرئيسة.


الناس نيوز
منذ 35 دقائق
- الناس نيوز
تراجع أرباح أرامكو السعودية للربع العاشر تواليا على وقع انخفاض أسعار النفط…
الرياض وكالات – الناس نيوز :: أعلنت شركة أرامكو السعودية الثلاثاء تراجع أرباحها في الربع الثاني من 2025 على أساس سنوي وذلك للربع العاشر تواليا، على وقع تواصل انخفاض أسعار النفط الخام، ما يضع مزيدا من الضغط على درة تاج الاقتصاد السعودي. وتراجعت أرباح المجموعة العملاقة، سابع أكبر شركة في العالم من حيث القيمة السوقية، والمملوكة بشكل كبير للدولة التي تعد أكبر مصدّر للنفط، بنسبة 22% على أساس سنوي إلى 85 مليار ريال (22,67 مليار دولار) بعد تحقيقها أرباحا قياسية في 2022. وقالت الشركة في بيان على موقع البورصة السعودية 'تداول' إنّ 'صافي الدخل بلغ 85 مليار ريال سعودي (22,67 مليار دولار) للربع الثاني من عام 2025، مقارنة مع 109,01 مليار ريال سعودي (29,07 مليار دولار) للربع الثاني من عام 2024″، مشيرة إلى أن سبب ذلك هو 'انخفاض أسعار النفط الخام والمنتجات المكررة والكيميائية'. كما أعلنت الشركة الثلاثاء تراجع أرباحها في النصف الأول من 2025 بنسبة 13,58% على أساس سنوي. جاء ذلك بعد تراجع أرباح الربع الأول من العام بنسبة 4,6 في المئة مقارنة بالفترة ذاتها من 2024. وحقّقت أرامكو أرباحا قياسية في 2022 بلغت 161,1 مليار دولار بسبب الارتفاع القياسي في أسعار النفط على وقع الحرب في أوكرانيا، ما سمح للسعودية بتسجيل أول فائض بموازنتها منذ نحو عقد، قبل أنّ تتراجع في العاميين التاليين مع تراجع أسعار النفط. وانخفضت أرباح أرامكو الصافية بنسبة 12,39 بالمئة في 2024 مقارنة بالعام 2023، للعام الثاني تواليا، بسبب انخفاض أسعار النفط الخام والكميات المباعة. وخسرت الشركة العملاقة أكثر من 800 مليار دولار من قيمتها السوقية القياسية البالغة 2,4 مليار دولار في 2022. وتدنى سهمها إلى 23,91 ريالا (6,37 دولار) أي بتراجع 25% من سعر طرحها الأول في 2019 و12,2 % من سعر الطرح الثاني في 2024. – تراجع 'متوقع' – لا تزال أسعار النفط، البالغة راهنا نحو 70 دولارا للبرميل، منخفضة على الرغم من التوترات التي تهز الشرق الأوسط، بما في ذلك الحرب القصيرة الأمد بين إسرائيل وإيران في حزيران/يونيو. وقال رئيس أرامكو وكبير إدارييها التنفيذيين أمين بن حسن الناصر في بيان للشركة إنّ 'أساسيات السوق ما زالت قوية، حيث نتوقع أن يرتفع الطلب على النفط في النصف الثاني من 2025 بأكثر من مليوني برميل يوميًا'. وأكدّ الخبير في قطاع الطاقة المقيم في الإمارات ابراهيم عبد المحسن أن التراجع كان 'متوقعا'. وقال لوكالة فرانس برس إن 'قوى سوق النفط هبوطية أكثر منها صعودية بالنصف الأول من 2025، بسبب تحولات سياسة أوبك+ وعدم اليقين الاقتصادي بسبب الحرب التجارية الأميركية'، وهو ما 'أثر على هوامش أرباح شركات النفط ومنها أرامكو'. تملك الحكومة السعودية وصندوقها السيادي راهنا 98 بالمئة من أسهم أرامكو وتعتمد على إيراداتها لتمويل مشاريع 'رؤية 2030' التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان والرامية إلى تنويع مصادر الدخل وجعل المملكة مركزا للأعمال والسياحة والرياضة. شكّلت العائدات النفطية 62% من إيرادات الموازنة السعودية خلال عامي 2023 و2024. تمول أرباح أرامكو مشاريع رئيسية بما في ذلك مدينة نيوم المستقبلية المترامية الأطراف في شمال غرب السعودية ومطار عملاق في الرياض ومشاريع سياحية وترفيهية كبرى. وقال عبد المحسن إنّ 'السعودية لديها حيز مالي واحتياطيات قوية قادرة على الدفاع عن الاستقرار المالي ودعم مشاريع التنمية في الأجل القصير'. – ضغوط مالية – ولفتت وزارة المالية السعودية في أيلول/سبتمبر الماضي إلى أنها تتوقع عجزا في الميزانية بنسبة 2,3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2025 واستمرار العجز حتى العام 2027. والخميس، أعلنت وزارة المالية السعودية أنّ عجز الميزانية في الربع الثاني من 2025 بلغ 34,5 مليار ريال (9,2 مليار دولار)، بتراجع 41,1% عن العجز في الربع الأول البالغ 58,7 مليار ريال (15,6 مليار دولار) وهو ما أرجعته إلى 'نمو الإيرادات النفطية في الربع الثاني'. وتوقعت شركة 'جدوى' للاستثمار ومقرها الرياض مطلع تموز/يوليو أن يتضاعف عجز الموازنة السعودية. وقالت في تقريرها الشهري 'بسبب انخفاض عائدات النفط، نتوقع أن يتسع عجز الموازنة إلى 4,3% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام' وهو ما يزيد كثيرا عن النسبة المتوقعة البالغة 2,3%. ويبلغ إنتاج المملكة، أكبر مصدّر للنفط الخام في العالم، حاليا 9,2 ملايين برميل يوميا، أي أقل من قدرتها الإنتاجية البالغة 12 مليون برميل. وقالت 'جدوى' إنه من المرجح أن يرتفع إنتاج السعودية النفطي بنسبة 5,5% من متوسط 9 ملايين برميل يوميًا في 2024 إلى متوسط 9,45 مليون برميل يوميًا في 2025″. كما قالت إنه 'من المتوقع أن ينهي الإنتاج العام عند مستوى يقارب 10 ملايين برميل يوميا'، على ضوء قرار الرياض وموسكو وست دول أخرى منتجة للنفط في تحالف أوبك بلاس ، بزيادة إنتاجها النفطي بدءا من أيلول/سبتمبر.