logo
ثلاث جاجات وقطاع محاصر ، بقلم : المهندس غسان جابر

ثلاث جاجات وقطاع محاصر ، بقلم : المهندس غسان جابر

ثلاث جاجات وقطاع محاصر ، بقلم : المهندس غسان جابر
كنتُ طفلًا أحمل ثلاثين شيكل من يد الحاجة أمي و قائمة أغراض البيت، وفي القائمة ثلاث جاجات وزن الواحدة كيلو و شحطة. مشواري إلى
محل الجاج كان مسرحًا للقرف، قفص يسع ثلاثين دجاجة يحشر فيه مئة دجاجة، أجنحة مكسورة، أنفاس لاهثة، تتصارع على العلف الموضوع في القفص، وصاحب محل لا يرفع عينيه عن الريش والسكين. جملته ثابتة: 'كله على آخر النهار بنذبح'، وكأنها حكمة منزّلة.
يومها كنت أعود إلى البيت أحمل أكياسًا ثقيلة، وأفكر فقط كيف 'ألطش' شيكلين من المصروف. لم أكن أعرف أن مشهد القفص هذا هو نسخة مصغرة من مسرح أكبر بكثير… مسرح غزة.
في غزة، القفص أكبر، والطيور بشر. الحشر نفسه، واللامبالاة نفسها، لكن 'الذبح' يأتي بأسماء أنيقة: حصار، قصف، قطع ماء، منع دواء، خنق اقتصاد. الفرق أن صاحب محل الجاج كان على الأقل يقول 'بسم الله'.
إسرائيل، مثل بائع لا يكترث، تدير القفص الكبير وتتحكم بمفاتيحه. تسمح ببعض الهواء، ببعض الحبوب، لكنها تحسبها بالجرام واللتر. تترك مليوني إنسان يختنقون ببطء، ثم تقول للعالم ببرود: 'هؤلاء يعيشون، ماذا تريدون أكثر؟'.
التقارير الدولية — من الأمم المتحدة إلى هيومن رايتس ووتش — لا تضيف جديدًا لأهل غزة. هم يعرفون قبل أن تُكتب أي وثيقة أن الحصار ليس مجرد عقوبة، بل خطة طويلة المدى لتكسير الروح قبل الجسد. الماء شحيح، الغذاء محدود، الكهرباء ومضات في بحر ظلام، والمستقبل مشلول.
اليوم، ابني يشتري الدجاج مبردًا، بلا دم ولا ريش، بلا قفص ولا مشهد ذبح. لا يسأل من أين جاء، ولا كيف عاش أو مات. وربما هذا بالضبط ما تريده إسرائيل من غزة: أن يكبر الجيل القادم وهو لا يعرف شكل القفص، ولا رائحة الدم، ولا طعم الحرية المفقودة.
لكن ما لا يفهمه صاحب القفص — سواء كان بائع دجاج أو دولة مسلحة حتى الأسنان — هو أن الحشر لا يُميت الذاكرة، بل يُغذيها. كل ريشة تطايرت، كل أنين مكتوم، كل قفزة يائسة في الزاوية، تتحول إلى قصة تُروى. جيل وراء جيل سيعرف أن القفص لم يكن قدرًا، وأن من يملك المفتاح اليوم قد يُحبس غدًا. إسرائيل تراهن على النسيان، لكن غزة تحفظ التفاصيل… حتى عدد الجاجات في القفص. – م. غسان جابر – مهندس و سياسي فلسطيني – قيادي في حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية – نائب رئيس لجنة تجار باب الزاوية و البلدة القديمة في الخليل.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

كيف تخطّط إسرائيل لاحتلال غزة؟ خيام عبر كيرم ابو سالم ونزوحٌ قسري تحت القصف
كيف تخطّط إسرائيل لاحتلال غزة؟ خيام عبر كيرم ابو سالم ونزوحٌ قسري تحت القصف

قدس نت

timeمنذ 2 ساعات

  • قدس نت

كيف تخطّط إسرائيل لاحتلال غزة؟ خيام عبر كيرم ابو سالم ونزوحٌ قسري تحت القصف

بينما تتكثّف الغارات وعمليات التفجير شرق مدينة غزة، يرسل الجيش الإسرائيلي إشارة مغايرة عن تجديد توفير الخيام ومعدات الإيواء ابتداءً من الأحد، عبر معبر كيرم شالوم وبإشراف الأمم المتحدة، بعد تفتيش أمني لسلطة المعابر البرية. وقال المتحدث باسم الجيش إن الخطوة تأتي 'بناءً على توجيهات المستوى السياسي' وفي إطار التحضيرات لـنقل السكان المدنيين من مناطق القتال إلى جنوب القطاع، مؤكدًا استمرار التنسيق عبر منسق أعمال الحكومة في المناطق (كوغات) و'وفق أحكام القانون الدولي' لإتاحة دخول المساعدات. 'إيواء قبل الهجوم': هندسة مشهد النزوح يرى متابعون أن تجديد توفير الخيام يندرج ضمن ما يشبه تهيئة ميدانية للنزوح المنظّم تمهيدًا لتوسّع العمليات. عمليًا، يوفّر الجيش غطاءً إنسانيًا معلنًا لتحريك السكان بعيدًا عن مناطق القتال، بالتوازي مع ضغط ناري متزايد في الأحياء الشرقية يدفع الأهالي إلى الخروج قسرًا. هذا التزامن—بين إعلان 'إيواء' وتصعيد ميداني—يشكّل، وفق تقديرات محلية، أحد مسارات التمهيد لعملية أوسع في مدينة غزة. الزيتون… تفجير واسع ونزوح قسري خلال الأسبوع الأخير، كثّفت قوات الاحتلال الغارات وعمليات نسف المباني السكنية في حي الزيتون جنوب شرق المدينة، ما أجبر معظم السكان على النزوح غربًا. وتوازي ذلك مع دمار هائل خلّفته الهجمات السابقة في حيي الشجاعية والتفاح شرق غزة، ما يرجّح—بحسب المصادر المحلية—أن الحكومة الإسرائيلية بدأت خطوات فعلية على الأرض لفرض السيطرة على ما تبقّى من المدينة. من الشجاعية إلى التفاح: زحف متدرّج بدأ التوغّل البري الأخير للجيش داخل مدينة غزة في 3 نيسان/أبريل، مترافقًا مع أوامر بإخلاء الشجاعية وإطلاق عملية عسكرية دمّرت أجزاء واسعة من الحي ومنعت السكان من العودة. يقطن الشجاعية نحو 110 آلاف شخص وتبلغ مساحته 14.3 كم² (قرابة 20% من مساحة محافظة غزة). لاحقًا امتدّت العمليات إلى حي التفاح (قرابة 2.8 كم² ويسكنه 37 ألفًا)، ثم تصاعد النسف في الزيتون الذي يشكّل نحو 13% من مساحة المدينة ويقطنه 78 ألفًا. ومع فرض السيطرة بالقوة النارية على الأحياء الثلاثة، تقدّر مصادر محلية أن الجيش بات يمسك بما يقارب 37% من محافظة غزة. 'مدينة غير قابلة للحياة' يقول عاصم النبيه، المتحدث باسم بلدية غزة، إن حجم الدمار في أحياء المدينة الشرقية 'واسع إلى حدّ يصعب حصره الآن'، مؤكدًا أن معظم المنازل والمنشآت شرق شارع صلاح الدين تعرّضت للتدمير. ويرى أن النمط الميداني يوحي بمحاولة جعل المدينة غير قابلة للعيش، عبر تفريغ أحيائها وضرب بناها السكنية والخدمية معًا. 'احتلال صامت' وممرّ نحو الوسط يصف الباحث في الشأن الأمني رامي أبو زبيدة ما يجري بأنه 'عملية عسكرية صامتة' لاحتلال المدينة دون إعلان رسمي؛ إذ يجري تمهيد الأرض للزحف نحو الوسط عبر تفجيرات متسارعة—بينها استخدام روبوتات تفجير—خصوصًا جنوب المدينة. ويتقاطع ذلك مع تقارير عبرية عن اجتماع في قيادة المنطقة الجنوبية لمناقشة تسريع العملية، وتوقّعات بوصول رئيس الأركان إيال زامير للتصديق على الخطط العملياتية، بحسب هيئة البث الإسرائيلية. سيناريوهات ما بعد التمهيد: احتلال كامل أم تقطيع أوصال؟ يطرح مدير مركز الدراسات السياسية والتنموية في غزة رامي خريس ثلاثة مسارات محتملة: احتلال كامل للقطاع مع حكم عسكري—يُنسب إلى تفضيل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو—لكنه محفوف بتحديات ميدانية ولوجستية كبيرة. تقطيع أوصال القطاع ومحاصرة معاقل حماس—الخيار الذي يميل إليه الجيش—قائم على حصار مُشدّد دون سيطرة شاملة. التمسّك بمفاوضات وقف النار تحت ضغط استنزاف تدريجي كمسار بديل تدفعه الوساطات. ويرجّح خريس سيناريو التقطيع والحصار لأنه يوفّر لإسرائيل ضغطًا مستمرًا على المقاومة دون كلفة احتلال شامل قد يشعل مقاومة طويلة الأمد ويزيد التصعيد. مسار مركّب يجمع 'الإيواء' و'الإخلاء' و'النسف' تشي الوقائع بأن التمهيد لعملية 'احتلال غزة'—أو لفرض معادلة سيطرة جديدة على الأقل—يجري عبر مسار مركّب: واجهة إنسانية تُعلن تجديد توفير الخيام ومعدات الإيواء عبر كيرم شالوم وبإشراف أممي. ضغط عسكري ممنهج على الأحياء الشرقية (الشجاعية، التفاح، الزيتون) يدفع إلى نزوح قسري ويُراكم تدميرًا واسعًا يمنع عودة السكان سريعًا. إسناد سياسي/عسكري عبر اجتماعات القيادة الجنوبية وخطط عملياتية قيد التصديق. بهذا المزج بين هندسة النزوح وإدامة القوة النارية وتفكيك الأحياء، تبدو إسرائيل بصدد تثبيت وقائع ميدانية تُمهّد لخياريْن: تقطيع المدينة وإدارة مناطق عازلة على المدى القريب، أو توسيع السيطرة نحو احتلال أوسع إذا توفّرت كلفة سياسية وعسكرية مقبولة من منظورها. وفي الحالتين، يبقى المدنيون أمام معادلة واحدة: خيمة تُنصب… وحيّ يُنسف، بينما تتقرّر تفاصيل 'اليوم التالي' على طاولة العمليات لا في ساحات التسوية. المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - قطاع غزة

جيش الاحتلال: تحضيرات لنقل المدنيين جنوبًا
جيش الاحتلال: تحضيرات لنقل المدنيين جنوبًا

فلسطين اليوم

timeمنذ 2 ساعات

  • فلسطين اليوم

جيش الاحتلال: تحضيرات لنقل المدنيين جنوبًا

أعلن المتحدث باسم جيش الاحتلال، مساء السبت، أن الجيش سيباشر اعتبارًا من يوم غد الأحد، تجديد توفير الخيم ومعدات المأوى لسكان قطاع غزة، وذلك بناءً على توجيهات المستوى السياسي وفي إطار التحضيرات لنقل السكان المدنيين من مناطق القتال إلى جنوب القطاع حفاظًا على أمنهم، وفق البيان الرسمي. وأوضح البيان أن المعدات سيتم نقلها عبر معبر "كيرم شالوم"، بالتنسيق مع الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية، بعد خضوعها لتفتيش دقيق من قبل أفراد سلطة المعابر البرية التابعة لجيش الاحتلال وأكد البيان أن الجيش سيواصل العمل من خلال وحدة منسق أعمال الحكومة في المناطق، لضمان دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وفقًا لأحكام القانون الدولي. ويأتي هذا الإعلان في ظل استمرار العمليات العسكرية في القطاع، وسط دعوات دولية متزايدة لتأمين الممرات الإنسانية وتوفير الحماية للمدنيين.

الجيش الإسرائيلي: سنستأنف إدخال خيام ومعدات إيواء لقطاع غزة الأحد بهدف نقل السكان جنوبا تنفيذا لتوجيهات المستوى السياسي
الجيش الإسرائيلي: سنستأنف إدخال خيام ومعدات إيواء لقطاع غزة الأحد بهدف نقل السكان جنوبا تنفيذا لتوجيهات المستوى السياسي

قدس نت

timeمنذ 3 ساعات

  • قدس نت

الجيش الإسرائيلي: سنستأنف إدخال خيام ومعدات إيواء لقطاع غزة الأحد بهدف نقل السكان جنوبا تنفيذا لتوجيهات المستوى السياسي

قال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، اليوم السبت، إنه وبناءً على توجيهات المستوى السياسي وفي إطار تحضيرات الجيش لـنقل السكان المدنيين من مناطق القتال إلى جنوب قطاع غزة حفاظًا على أمنهم، سيتم ابتداءً من يوم الغد (الأحد) تجديدُ توفير الخيام ومعدات الإيواء لسكان القطاع. وأوضح المتحدث أن نقل المعدات سيتم عبر معبر كيرم شالوم بواسطة الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية، بعد خضوعها لتفتيش دقيق من قبل أفراد سلطة المعابر البرية التابعة لوزارة الدفاع. وأضاف أن الجيش سيواصل العمل من خلال وحدة منسق أعمال الحكومة في المناطق (كوغات)، ووفقًا لأحكام القانون الدولي، لإتاحة دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة. وقال مسؤولٌ أمني إسرائيلي، تعليقًا على بيان إدخال الخيام، إن 'الجهد الإنساني' يبدأ فعليًا قبل الشروع في العملية التنفيذية لأنه يهدف إلى تهيئة الأرضية لتحريك السكان. وأوضح أن مكتب التنسيق والارتباط/منسق أعمال الحكومة في المناطق بدأ بالفعل إجراءات لتجنيد الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، والمضي في صياغة خطة إنسانية موازية تمهيدًا لتنفيذ الخطة العملياتية. المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - القدس المحتلة

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store