
ما أخطر العملاء!
حين تواجه دولة هجوما ضاريا من عدو خارجي، تضع في حسابها الجبهة الداخلية كسلاح أساسي في المواجهة. إيران فقدت هذا السلاح حتى قبل أن تبدأ إسرائيل ضرباتها الجوية. فقد كان أول هجوم منسق على القادة والعلماء الإيرانيين، من تدبير عملاء جهاز الموساد الإسرائيلي.
ومع مرور الوقت، بدأت تتكشف حقائق مذهلة عن شبكات واسعة للموساد في كل مدينة ومحافظة إيرانية. شبكات شيدت معامل لتصنيع المسيرات والمتفجرات، وعملاء يجوبون شوارع المدن بمركباتهم المحملة بالقذائف والطائرات المسيرة.
وصلوا لكل حي سكني يقطنه قادة وعلماء، وتحصنوا قرب مواقع عسكرية وأمنية حساسة. جهد استخباراتي مضى عليه سنوات طويلة، في بلد يعج بأجهزة الأمن والاستخبارات، ويدرك قادته أنهم في حرب مفتوحة منذ أمد بعيد مع إسرائيل وأجهزة المخابرات الغربية.
تصريحات المسؤوليين الإيرانيين التحذيرية بلغت حد الطلب من الأهالي تفقد أسطح منازلهم، لعل العملاء يستخدمونها لإطلاق المسيرات المتفجرة على أهداف عسكرية.
وكل يوم تقريبا يصدر إعلان إيراني عن القبض على مجموعات من العملاء في مدن البلاد، وبأعداد كبيرة، لم نعهد مثلها في عمل مجموعات العملاء والمخربين من قبل.
هذا ليس نجاحا للموساد، بل في الجوهر فشل للدولة التي يصبح بمقدور جهاز استخباراتي خارجي، أن يتغلغل في مجتمعها إلى هذا الحد، ويجند الآلاف، ويدير عملياتهم بكفاءة ودقة.
قدرات الموساد معروفة تاريخيا، وفي حربه مع حزب الله في لبنان سجل نجاحات غير مسبوقة، أهمها عملية تفخيخ البيجر، والوصول إلى زعيم الحزب حسن نصرالله واغتياله.
في دولة هشة أمنيا مثل لبنان بدا هذا أمرا متوقعا، لكن في إيران المحكومة بقبضة أمنية صارمة، يعد مفاجأة إستراتيجية من العيار الثقيل.
ما حصل مع إيران قد ينسحب على بلدان وحكومات مماثلة لنموذجها في الحكم والإدارة والسياسة أيضا. الاستبداد الدموي، والظروف الاقتصادية الصعبة، والحساسيات العالية بين القوميات والإثنيات، في غياب نظام حكم ديمقراطي وتصالحي، والعقيدة الأيديولوجية الصارمة التي تحرم الملايين من حقهم في التعبير وحرية ممارسة حياتهم الاجتماعية، تبدو كلها عوامل أساسية في خلق بيئة اجتماعية حاقدة على الدولة والمؤسسات، للحد الذي يدفع بأفراد كثيرين، إلى ارتكاب جرم الخيانة بحق وطنهم والتعاون مع أجهزة أجنبية بدوافع الانتقام، والكراهية والرغبة في التخلص من الوضع القائم، إضافة طبعا للحصول على مكاسب مالية.
فشل نموذج الدولة هذا ينبئ بالكثير عن حالة من انهيار منظومة القيم الوطنية والأخلاقية وكذلك الدينية في مجتمع تحكمه سلطة دينية قاسية، تضع كل صلاحياتها بيد مرشد أعلى.
استثمر الموساد كما بدا ذلك واضحا، في كل هذه التناقضات والحساسيات المشتعلة في المجتمع الإيراني، ليبني شبكة ضخمة من العملاء والجواسيس على مدار سنوات طويلة، كما أعلن صراحة مسؤولون كبار في إسرائيل، وعندما حان الوقت، جرى تفعيلهم، لضرب الجبهة الداخلية، وتنفيذ عمليات اغتيال نوعية، إضافة إلى نشر الإشاعات وتحريض الشارع ضد السلطات في وقت الحرب، ودفعهم للانقلاب على الحكم.
لقد بدت حرب إيران على جبهتها الداخلية أشد خطورة من حربها مع إسرائيل. خطيرة إلى الحد الذي يشل قدرة المؤسسات عن العمل، ويتركها تحت رحمة الاستهداف من عدو يقيم في جوفها.
ما أخطر العملاء حين يخترقون الدول والمجتمعات!

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


رؤيا نيوز
منذ 31 دقائق
- رؤيا نيوز
اعلان عن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران
بعد اعلان ترامب عن وقف إطلاق النار والمباركة لإسرائيل وإيران بقدرتهم على اتخاذ مثل هذا القرار. مصادر مطلعة تؤكد ل أكسيوس: التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران بوساطة قطرية و مقترح أمريكي


رؤيا نيوز
منذ ساعة واحدة
- رؤيا نيوز
وسائل إعلام إسرائيلية: انتهاء اجتماع المجلس الوزاري الأمني المصغر برئاسة نتنياهو
قالت صحيفة 'يديعوت أحرونوت' العبرية إنّه لم يصدر حتى الآن أي رد فعل رسمي من الحكومة الإسرائيلية على إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انتهاء الحرب والتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. وأشارت الصحيفة العبرية إلى أن المجلس الوزاري الأمني المصغر للشؤون السياسية والأمنية 'الكابينت'، يعقد اجتماعا الآن في ملجأ تحت الأرض. وعلى الجانب الإيراني، صرح مسؤول إيراني كبير لشبكة 'سي إن إن' الأمريكية بأن إيران لم تتلقَّ أي مقترح لوقف إطلاق النار، ولا ترى مبررًا لذلك. وأكد المسؤول أن إيران ستواصل القتال حتى تحقيق سلام دائم، وأنها ستعتبر تصريحات إسرائيل والولايات المتحدة 'خدعة' تهدف إلى تبرير الهجمات على مصالح إيران. وقال المسؤول: 'في هذه اللحظة بالذات، يرتكب العدو عدوانًا على إيران، وإيران على وشك تكثيف ضرباتها الانتقامية، دون أن تسمع أكاذيب أعدائها'.


رؤيا نيوز
منذ ساعة واحدة
- رؤيا نيوز
مسؤول إيراني: تصريحات إسرائيل والولايات المتحدة 'خدعة'.. إيران ستواصل القتال
صرح مسؤول إيراني كبير لشبكة 'سي إن إن' الأمريكية بأن إيران لم تتلقَّ أي مقترح لوقف إطلاق النار، ولا ترى مبررًا لذلك. وأكد المسؤول أن إيران ستواصل القتال حتى تحقيق سلام دائم، وأنها ستعتبر تصريحات إسرائيل والولايات المتحدة 'خدعة' تهدف إلى تبرير الهجمات على مصالح إيران. وقال المسؤول: 'في هذه اللحظة بالذات، يرتكب العدو عدوانًا على إيران، وإيران على وشك تكثيف ضرباتها الانتقامية، دون أن تسمع أكاذيب أعدائها'.