
صفقة الكوكايين والسلاح.. كيف تحوّلت ترسانة الأسد إلى خزينة لدعم الإرهاب العالمي؟
كشفت لائحة اتهام فدرالية غير معلنة، أُزيح الستار عنها مؤخرًا في ولاية فرجينيا الأمريكية، عن واحدة من أخطر العمليات الإجرامية العابرة للحدود، حيث امتدت خيوطها من كولومبيا إلى ميناء اللاذقية السوري، مرورًا بلبنان وغانا والمغرب وكينيا، لتُرسم على إثرها ملامح تحالف غير مسبوق بين عصابات مخدرات دولية، جماعات إرهابية، وشبكات فساد داخل أنظمة مارقة.
العملية التي وُصفت بأنها 'تبادل قاتل' بين الكوكايين والسلاح، تُعدّ من أكبر محاولات التعاون بين مافيا المخدرات في أمريكا اللاتينية وتنظيمات إرهابية مسلحة في الشرق الأوسط.
وبحسب تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" فقد كان من المقرر وصول مئات الكيلوجرامات من الكوكايين إلى ميناء سوري، مخبأة في حاوية شحن يُفترض أنها مليئة بالفاكهة.
وبحسب وثيقة الاتهام التي نشرتها نشرة "كورت ووتش" القانونية، فإن المواطن اللبناني أنطوان قسيس، واثنين من شركائه، لعبوا أدوارًا محورية في مخطط يُعتقد أنه تم بتنسيق مع شخصيات رفيعة من داخل النظام السوري، وتحديدًا بقايا الشبكة العسكرية التي ظلت فاعلة حتى بعد الإطاحة ببشار الأسد في ديسمبر الماضي.
وتكشف الوثائق أن قسيس، الموصوف بأنه "تاجر مخدرات عالي المستوى"، قام بتنسيق صفقة تقضي بتوريد مئات الكيلوغرامات من الكوكايين إلى سوريا، مخفية داخل حاوية شحن زُعِم أنها تحتوي على فاكهة من كولومبيا. وفي المقابل، كانت ترسانة من الأسلحة المتبقية من عهد الأسد على وشك الانتقال إلى أيدي جيش التحرير الوطني الكولومبي (ELN)، وهو تنظيم مصنف كجماعة إرهابية من قبل الولايات المتحدة، وله تاريخ حافل بالعمليات المسلحة والاتجار بالمخدرات.
هذه الصفقة لم تكن مجرد عملية تهريب تقليدية، بل جزء من منظومة إرهابية متكاملة تربط تجارة المخدرات بالتمويل غير المشروع للإرهاب. فالأسلحة التي كان من المقرر شحنها، بحسب الادعاء الأمريكي، شملت معدات قدمتها روسيا وإيران سابقًا للنظام السوري، ما يطرح تساؤلات خطيرة حول مصير الترسانة السورية وما إذا كانت قد أصبحت الآن في متناول جماعات مسلحة تتلقى دعماً من عصابات الجريمة المنظمة.
ويؤكد الادعاء الأمريكي أن العملية، التي بدأت ملامحها في ربيع العام الماضي، شهدت مشاركة مباشرة من شخصيات أخرى، منها عليريو رافائيل كوينتيرو من أمريكا اللاتينية ووسام نجيب خرفان، اللبناني أيضًا. كوينتيرو وخرفان تولّيا عمليات دفع وغسل أموال بملايين الدولارات، في حين تولى قسيس توزيع المخدرات في الشرق الأوسط وتأمين صفقات السلاح من داخل سوريا.
وبالرغم من التغييرات السياسية التي طالت دمشق، ظل قسيس يتمتع بنفوذ يسمح له بالوصول إلى مخازن أسلحة من المفترض أنها كانت تحت رقابة دولية.
وفي عملية أمنية سرية قادتها مديرية التحقيقات الجنائية في كينيا، تم توقيف قسيس في أحد فنادق نيروبي بداية هذا العام، بعد رصد تحركاته بناءً على مذكرة توقيف أمريكية مدعومة بإشعار من الإنتربول.
الصفقة التي أحبطتها السلطات الدولية لم تكن لتشكل فقط خرقًا أمنيًا خطيرًا، بل تهديدًا جيوسياسيًا حقيقيًا، حيث كانت تؤسس لنموذج جديد من الإرهاب المموّل عبر شبكات المخدرات والسلاح العابرة للحدود.
ويري مراقبون أن هذه القضية تثير تساؤلات متزايدة حول دور بقايا النظام السوري في تغذية الإرهاب العالمي عبر التعاون مع جماعات إجرامية من أمريكا اللاتينية، الأمر الذي يعيد تسليط الضوء على سوريا ما بعد الأسد كساحة خلفية للصفقات السوداء والتحالفات المشبوهة بين الإرهاب والجريمة المنظمة.
وبينما لا تزال التحقيقات جارية، يبدو أن هذه القضية ليست سوى رأس جبل الجليد، وسط تقديرات استخباراتية تشير إلى وجود شبكات أوسع وأعمق تستغل الفراغات الأمنية لتأسيس نماذج جديدة من 'اقتصاد الإرهاب'، ترتكز على المخدرات، السلاح، وغسل الأموال، لتغذية صراعات لا تعرف الحدود.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الحركات الإسلامية
منذ 2 أيام
- الحركات الإسلامية
صفقة الكوكايين والسلاح.. كيف تحوّلت ترسانة الأسد إلى خزينة لدعم الإرهاب العالمي؟
كشفت لائحة اتهام فدرالية غير معلنة، أُزيح الستار عنها مؤخرًا في ولاية فرجينيا الأمريكية، عن واحدة من أخطر العمليات الإجرامية العابرة للحدود، حيث امتدت خيوطها من كولومبيا إلى ميناء اللاذقية السوري، مرورًا بلبنان وغانا والمغرب وكينيا، لتُرسم على إثرها ملامح تحالف غير مسبوق بين عصابات مخدرات دولية، جماعات إرهابية، وشبكات فساد داخل أنظمة مارقة. العملية التي وُصفت بأنها 'تبادل قاتل' بين الكوكايين والسلاح، تُعدّ من أكبر محاولات التعاون بين مافيا المخدرات في أمريكا اللاتينية وتنظيمات إرهابية مسلحة في الشرق الأوسط. وبحسب تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" فقد كان من المقرر وصول مئات الكيلوجرامات من الكوكايين إلى ميناء سوري، مخبأة في حاوية شحن يُفترض أنها مليئة بالفاكهة. وبحسب وثيقة الاتهام التي نشرتها نشرة "كورت ووتش" القانونية، فإن المواطن اللبناني أنطوان قسيس، واثنين من شركائه، لعبوا أدوارًا محورية في مخطط يُعتقد أنه تم بتنسيق مع شخصيات رفيعة من داخل النظام السوري، وتحديدًا بقايا الشبكة العسكرية التي ظلت فاعلة حتى بعد الإطاحة ببشار الأسد في ديسمبر الماضي. وتكشف الوثائق أن قسيس، الموصوف بأنه "تاجر مخدرات عالي المستوى"، قام بتنسيق صفقة تقضي بتوريد مئات الكيلوغرامات من الكوكايين إلى سوريا، مخفية داخل حاوية شحن زُعِم أنها تحتوي على فاكهة من كولومبيا. وفي المقابل، كانت ترسانة من الأسلحة المتبقية من عهد الأسد على وشك الانتقال إلى أيدي جيش التحرير الوطني الكولومبي (ELN)، وهو تنظيم مصنف كجماعة إرهابية من قبل الولايات المتحدة، وله تاريخ حافل بالعمليات المسلحة والاتجار بالمخدرات. هذه الصفقة لم تكن مجرد عملية تهريب تقليدية، بل جزء من منظومة إرهابية متكاملة تربط تجارة المخدرات بالتمويل غير المشروع للإرهاب. فالأسلحة التي كان من المقرر شحنها، بحسب الادعاء الأمريكي، شملت معدات قدمتها روسيا وإيران سابقًا للنظام السوري، ما يطرح تساؤلات خطيرة حول مصير الترسانة السورية وما إذا كانت قد أصبحت الآن في متناول جماعات مسلحة تتلقى دعماً من عصابات الجريمة المنظمة. ويؤكد الادعاء الأمريكي أن العملية، التي بدأت ملامحها في ربيع العام الماضي، شهدت مشاركة مباشرة من شخصيات أخرى، منها عليريو رافائيل كوينتيرو من أمريكا اللاتينية ووسام نجيب خرفان، اللبناني أيضًا. كوينتيرو وخرفان تولّيا عمليات دفع وغسل أموال بملايين الدولارات، في حين تولى قسيس توزيع المخدرات في الشرق الأوسط وتأمين صفقات السلاح من داخل سوريا. وبالرغم من التغييرات السياسية التي طالت دمشق، ظل قسيس يتمتع بنفوذ يسمح له بالوصول إلى مخازن أسلحة من المفترض أنها كانت تحت رقابة دولية. وفي عملية أمنية سرية قادتها مديرية التحقيقات الجنائية في كينيا، تم توقيف قسيس في أحد فنادق نيروبي بداية هذا العام، بعد رصد تحركاته بناءً على مذكرة توقيف أمريكية مدعومة بإشعار من الإنتربول. الصفقة التي أحبطتها السلطات الدولية لم تكن لتشكل فقط خرقًا أمنيًا خطيرًا، بل تهديدًا جيوسياسيًا حقيقيًا، حيث كانت تؤسس لنموذج جديد من الإرهاب المموّل عبر شبكات المخدرات والسلاح العابرة للحدود. ويري مراقبون أن هذه القضية تثير تساؤلات متزايدة حول دور بقايا النظام السوري في تغذية الإرهاب العالمي عبر التعاون مع جماعات إجرامية من أمريكا اللاتينية، الأمر الذي يعيد تسليط الضوء على سوريا ما بعد الأسد كساحة خلفية للصفقات السوداء والتحالفات المشبوهة بين الإرهاب والجريمة المنظمة. وبينما لا تزال التحقيقات جارية، يبدو أن هذه القضية ليست سوى رأس جبل الجليد، وسط تقديرات استخباراتية تشير إلى وجود شبكات أوسع وأعمق تستغل الفراغات الأمنية لتأسيس نماذج جديدة من 'اقتصاد الإرهاب'، ترتكز على المخدرات، السلاح، وغسل الأموال، لتغذية صراعات لا تعرف الحدود.


الحركات الإسلامية
منذ 3 أيام
- الحركات الإسلامية
توتر متصاعد على الحدود السورية اللبنانية.. هل يعكس تهريب السلاح عودة النفوذ الإيراني؟
في مشهد يعيد إلى الأذهان سنوات الحرب السورية وأدوار القوى الإقليمية المتشابكة فيها، عادت الحدود السورية اللبنانية إلى واجهة الأحداث الأمنية، بعد إعلان السلطات السورية، ضبط شحنة ضخمة من الأسلحة، تضم صواريخ غراد كانت معدّة للتهريب إلى "حزب الله" اللبناني، وذلك في مدينة القصير السورية الحدودية. هذه العملية هي الثانية التي تُكشف خلال شهر مايو الجاري، ما يثير تساؤلات واسعة حول الجهة التي تقف خلف هذه الأنشطة، وما إذا كانت تعكس بوادر استعادة إيران لنفوذها العسكري والأمني في سوريا، أم أنها مجرد تحركات فردية لعصابات محلية تتغذى على الفوضى. ليست القصير بلدة عابرة في الحسابات الجيوسياسية. فقد شكلت خلال العقد الماضي مركزًا حيويًا لحزب الله وموقعًا استراتيجيًا لتحركاته العابرة للحدود. ومع تصاعد القتال في سوريا منذ عام 2011، تحوّلت القصير إلى قاعدة عمليات متقدمة، حيث أنشأ الحزب فيها ثكنات عسكرية ومراكز تدريب لميليشيات موالية لإيران، من أبرزها "لواء الرضا" المنتشر في ريف حمص. ورغم ما شهدته الساحة السورية من تغييرات ميدانية وتراجع نفوذ طهران نسبيًا في أعقاب تآكل سلطة نظام الأسد وتقدم بعض الأطراف الدولية في ملفات إعادة الإعمار، فإن الوقائع الميدانية تشير إلى محاولات إيرانية متكررة لإعادة تشكيل شبكة نفوذها، لا سيما في المناطق الحدودية التي تسهّل لها التواصل مع حزب الله، ذراعها الأبرز في المنطقة. مصادر سورية مطلعة أكدت في تصريحات خاصة أن وتيرة عمليات التهريب التي تم ضبطها، خصوصًا خلال الأشهر الماضية، تشير إلى عودة تدريجية لحركة شبكات تهريب مرتبطة بطهران. وأضافت المصادر أن العديد من الشحنات المضبوطة، والتي توزعت بين حمص، والقصير، وسهل البقاع، كانت تحتوي على أسلحة متوسطة وثقيلة من طراز إيراني، ما يعزز فرضية تورط مباشر من الحرس الثوري أو وكلاء تابعين له. وكان شهر يناير الماضي قد شهد عدة محاولات تهريب مشابهة، مما دفع الجهات الأمنية في سوريا إلى تعزيز وجودها في بعض النقاط الساخنة، خصوصًا في مناطق التماس القريبة من الحدود اللبنانية. مع ذلك، لا يمكن تجاهل الاحتمال الآخر الذي تشير إليه بعض التقديرات، وهو أن تكون عصابات محلية مسلحة هي من يقف وراء هذه العمليات. ففي أعقاب سقوط النظام المركزي في العديد من المناطق السورية، ظهرت شبكات تهريب معقدة تستغل الفوضى والفراغ الأمني، وتتعامل بمرونة مع الجهات القادرة على الدفع، سواء كانت ميليشيات، أو تجار مخدرات، أو فصائل مسلحة. وتنشط هذه الشبكات بشكل خاص في مدن مثل القصير وحمص، حيث تمتد الروابط العائلية والقبلية إلى داخل لبنان، لا سيما في منطقة البقاع. وتركز هذه العصابات، بحسب المصادر، على تهريب الكبتاغون والأسلحة الخفيفة، التي أصبحت مصدر دخل رئيسي في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية. ولم تقتصر مظاهر التوتر على محاولات التهريب فقط، بل شهدت الحدود في فبراير الماضي اشتباكات عنيفة بين عناصر من "هيئة تحرير الشام" وفصائل محسوبة على "حزب الله" في مناطق متفرقة من البقاع، خصوصًا في بلدات سهلات الماي، الزكبا، والقصير. وبحسب ما أفادت به مصادر ميدانية، فقد اندلعت المواجهات بعد محاولة عناصر من الحزب تمرير شحنة أسلحة ومخدرات عبر معابر غير شرعية، بتنسيق مع مجموعات سورية موالية لإيران. وامتدت الاشتباكات لتشمل بلدات أخرى، في مؤشر واضح على هشاشة الوضع الأمني وغياب السيطرة الكاملة لأي جهة على الأرض. مع تكرار هذه الحوادث، يبدو المشهد الحدودي السوري اللبناني مفتوحًا على عدة سيناريوهات، أولها أن تعمد إيران إلى إعادة رسم وجودها الأمني في سوريا من خلال وكلائها، وعلى رأسهم حزب الله، مستفيدة من ضعف السيطرة الحكومية السورية في المناطق الحدودية. أما السيناريو الآخر، فيتمثل في توسّع نفوذ العصابات المحلية التي تعمل بمنطق السوق، والتي قد تكون متورطة في تمرير الأسلحة مقابل المال، دون ارتباط مباشر بأي أجندة سياسية. وهذا السيناريو يطرح تحديات كبيرة أمام الأمنين السوري واللبناني، كونه يعكس تحوّل بعض المناطق إلى "مناطق رمادية" خارجة عن السيطرة. ويري مراقبون أن الوقائع على الأرض تشير إلى أن خطوط التهريب لم تُغلق قط، وإنما خضعت لإعادة تنظيم وتكتيك جديد يتماشى مع التوازنات الإقليمية. وبين طهران التي تسعى لإعادة تموضعها في سوريا، وحزب الله الذي يحتاج إلى تدفق مستمر للأسلحة لتعزيز وضعه الداخلي والخارجي، والعصابات المحلية التي وجدت في الفوضى مورد رزق دائم، تبقى الحدود السورية اللبنانية منطقة قابلة للاشتعال في أي لحظة. ما يحدث على الحدود اللبنانية-السورية "لا يرتبط بخلفية سياسية مباشرة، بل هو صراع على النفوذ والسيطرة يحمل أبعاداً طائفية"، بحسب خبراء. وأشار المراقبون إلي أنه في ظل غياب حلول سياسية شاملة في سوريا، واستمرار تفكك السلطة الأمنية، ستظل هذه المناطق ساحة مفتوحة أمام شبكات التهريب والمصالح المتضاربة، في انتظار انفجار أكبر، قد لا يكون بعيدًا.


شفق نيوز
منذ 7 أيام
- شفق نيوز
هل يدفع لتحرك دولي؟.. اتهامات للجيش السوداني باستخدام أسلحة كيميائية وتصاعد الانتهاكات
شفق نيوز/ أعلنت الولايات المتحدة رسميًا عن نيتها فرض حزمة عقوبات على الحكومة السودانية، عقب اتهامها باستخدام أسلحة كيميائية خلال العمليات العسكرية لعام 2024. القرار، الذي صدر بموجب 'قانون الرقابة على الأسلحة الكيميائية والبيولوجية وإنهاء الحروب' لعام 1991، يستند إلى تقرير رسمي رفع إلى الكونغرس في 15 أبريل، خلص إلى أن السودان انتهك التزاماته بموجب اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية التي يُعد طرفًا فيها. غاز الكلور في ميادين الصراع: أدلة وتداعيات القرار الأمريكي جاء تتويجًا لتحقيقات صحفية وأمنية أشارت إلى تورط الجيش السوداني في استخدام محتمل لغاز الكلور، وهو من الغازات المحظورة دوليًا، خلال معاركه مع قوات الدعم السريع منذ اندلاع النزاع في أبريل 2023. وذكرت صحيفة نيويورك تايمز في تقريرها الصادر في يناير، نقلاً عن أربعة مسؤولين أمريكيين رفيعي المستوى، أن الهجمات جرت على الأقل في مناسبتين. أم درمان والصالحة: عنف عرقي ممنهج وتكتيكات ترهيب على الأرض، يتفاقم الوضع الإنساني بشكل خطير في مدينة أم درمان، وخاصة في ضاحية الصالحة، التي باتت مسرحًا لانتهاكات موثقة. تقارير صادرة عن هيومن رايتس ووتش ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) تحدثت عن أعمال قتل جماعي ذات طابع عرقي، استهدفت مدنيين من مجموعات غير عربية، منذ سيطرة الجيش والكتائب الإسلامية على المنطقة قبل أشهر واتهمت الحركة الشعبية لتحرير السودان – التيار الثوري الديمقراطي الجيش السوداني بارتكاب 'جريمة إبادة' في الصالحة، استنادًا إلى شهادات عن تصفيات ميدانية ممنهجة؛ كما وثقت منظمة العفو الدولية استخدام الجيش لمنازل المدنيين كتحصينات عسكرية، ما عرض السكان لمخاطر كبيرة، في خرق واضح لقوانين النزاعات المسلحة. وفي حادثة اخرى ، أسفرت ضربات بطائرات مسيرة في ساحة دار السلام بأمبدا عن مقتل ما لا يقل عن 120 مدنيًا. في الوقت ذاته، أثارت تقارير متداولة، حول استخدام محتمل لأسلحة كيميائية في تلك المناطق أيضا دعوات دولية لإجراء تحقيق مستقل، أبرزها من مركز راؤول والنبرغ لحقوق الإنسان. عسكرة التشدد الديني: ظهور كتائب متطرفة وجرائم مرعبة تصاعدت المخاوف مع تورط وحدات عسكرية ذات طابع أيديولوجي متطرف في القتال، مثل 'كتيبة البراء بن مالك'، التي وثق مشروع بيانات مواقع النزاع المسلح وأحداثها (ACLED) استخدامها أساليب مستمدة من تنظيم داعش، منها الإعدامات العلنية بهدف بث الرعب في صفوف المدنيين. وفي فبراير 2025، تداولت وسائل الإعلام مقطع فيديو صادم من مدينة الأبيض يظهر جنودًا يلوحون برؤوس بشرية مرددين شعارات عنصرية، ما أثار إدانات واسعة على المستويين الإقليمي والدولي. هذه الممارسات ساهمت في تفاقم أزمة النزوح، حيث وصل عدد النازحين داخليًا إلى 8.8 مليون شخص، إضافة إلى 3.5 مليون لاجئ في دول الجوار حتى فبراير الماضي. الرد الدولي: مطالبات بالمحاسبة وإنهاء دوامة الإفلات من العقاب وسط تصاعد الفظائع، دعت الولايات المتحدة ومعها عدد من المنظمات الحقوقية الدولية إلى تحرك عاجل لوقف الانتهاكات. وطالبت هيومن رايتس ووتش والأمم المتحدة بفتح تحقيقات شفافة ومستقلة حول مزاعم ارتكاب جرائم حرب، خصوصًا في أم درمان وضواحيها. ويبدو أن السودان يواجه لحظة حاسمة في تاريخه الحديث، حيث تُهدد الانتهاكات الموثقة بنسف الجهود الأممية الرامية لتحقيق تسوية سياسية شاملة، في ظل تدهور إنساني غير مسبوق وغياب آليات فعالة للمحاسبة.