logo
مجازر الطحين في غزة.. لماذا تقتل إسرائيل المدنيين في طوابير المساعدات؟

مجازر الطحين في غزة.. لماذا تقتل إسرائيل المدنيين في طوابير المساعدات؟

الجزيرةمنذ 21 ساعات

في مشهد هو الأقسى في تاريخ الحرب والحصار، تُستهدف طوابير المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة وهم ينتظرون كيس طحين أو سلة غذائية. لا تُطلق النار على مقاتلين، بل على الجوعى. ومن شارع الرشيد إلى تقاطع نتساريم، تتكرر المجازر بلا رادع. هذا التقرير يحلل الخلفيات السياسية والعسكرية والأيديولوجية لهذا الاستهداف الممنهج، ويكشف كيف تحوّلت المساعدات من طوق نجاة إلى ساحة قتل جماعي، في ظل صمت دولي وتواطؤ معلن.
في غزة المحاصرة، لم تعد الحرب تُخاض فقط بالمدفع والصاروخ، بل باتت تُخاض أيضًا عبر سلاح التجويع، الذي يتطور اليوم ليغدو سلاحًا قاتلًا في حد ذاته، حيث يُقتل عشرات الفلسطينيين يوميًا أثناء انتظارهم أكياس الطحين أو صناديق المساعدات.
مجازر عند مراكز المساعدات
بحسب الإعلام الحكومي في غزة، فإن عدد الشهداء الذين سقطوا أثناء انتظار المساعدات أو خلال تجمّعات توزيعها بلغ أكثر من 516 مدنيًا، منذ بدء ما يُعرف بآلية "المساعدات الأميركية–الإسرائيلية" في 27 مايو/أيار 2025. وقد أصيب أكثر من 3700 آخرين بجروح متفاوتة، فيما تتكرر المشاهد المروعة: جثامين مكدّسة أمام المستشفيات، وناجون يصرخون: "خرجنا من أجل الطعام فقط".
ومنذ أكتوبر 2023، يتعرض قطاع غزة إلى واحدة من أقسى حملات الحصار والتجويع الجماعي في العصر الحديث، بحسب توصيف منظمة العفو الدولية. وقد أصدرت المنظمة بيانًا بتاريخ 12 مارس 2024 قالت فيه: "تستخدم إسرائيل التجويع كسلاح حرب بشكل ممنهج، وهو انتهاك خطير للقانون الدولي الإنساني وجريمة حرب موثّقة".
من جهته، صرّح المفوض السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، في كلمته أمام مجلس حقوق الإنسان: "ما نشهده في غزة هو تحطيم منظم لأبسط مقومات الحياة، وتجويع قسري يُستخدم ضد السكان المدنيين. إطلاق النار على الجوعى أمرٌ مروّع وغير مبرر تحت أي ظرف".
نقاط توزيع خاضعة للسيطرة النارية
منذ أواخر مايو/أيار 2025، تم تفعيل ما يُعرف بـ"آلية المساعدات الأميركية–الإسرائيلية"، والتي تعتمد على نقاط توزيع برّية محددة داخل قطاع غزة، وليس على الإنزال الجوي كما في الأسابيع الأولى من الحرب.
هذه النقاط، مثل تقاطع شارع الرشيد، ومحيط نتساريم، وغرب رفح، تُحدَّد بالتنسيق مع الجيش الإسرائيلي، وتُروَّج لها كـ"ممرات إنسانية"، لكنها تخضع بالكامل للمراقبة النارية من قوات الاحتلال.
وفي كثير من الحالات، ما إن يتجمع الناس الجوعى قربها حتى تتحول إلى كمائن مكشوفة، يسقط فيها العشرات بين قتيل وجريح برصاص مباشر أو قصف مفاجئ، مما يفنّد زعم وجود حماية إنسانية في تلك المواقع.
لماذا تستهدف إسرائيل منتظري المساعدات؟
يرى مراقبون أن استهداف طوابير المساعدات يخدم أغراضًا عسكرية ونفسية لإسرائيل، أبرزها: ترهيب السكان ومنع التجمعات، وإذلال الناس وربط البقاء بقبول شروط الاحتلال، وتفكيك التضامن الداخلي وتحويل الغذاء إلى أداة تحكم.
ويقول الباحث في القانون الدولي مايكل لينك، المقرر الأممي السابق لفلسطين، في مقابلة مع الجزيرة الإنجليزية: "حين يُقتل الناس وهم يركضون وراء شاحنة طحين، فهذه ليست حالة فوضى، بل سياسة ممنهجة تسعى إلى إذلال الإنسان الفلسطيني وطمس كرامته".
وفي الاجمال يمكن القول إن إسرائيل تستهدف منتظري المساعدات في غزة بهذه الوحشية لعدة أسباب متداخلة، تتعلق بالسياسة العسكرية، وأسلوب إدارة الحرب، وأهداف الضغط على المجتمع الفلسطيني، ويمكن تلخيص الأسباب فيما يلي:
1- التجويع كسلاح حرب
تعتمد إسرائيل سياسة الحصار والتجويع لإخضاع السكان في غزة، وتستخدم استهداف مراكز توزيع المساعدات كوسيلة للسيطرة على المجتمع الفلسطيني وترويضه عبر الضغط المعيشي والنفسي، في محاولة لدفع السكان للانصياع أو النزوح.
2- تبريرات أمنية وادعاءات بوجود تهديد
يبرر الجيش الإسرائيلي أحياناً إطلاق النار على المدنيين عند مراكز المساعدات بادعاء وجود "تهديد أمني" أو وجود "مسلحين" بين الحشود، لكن الشهادات الميدانية والتقارير الحقوقية تؤكد أن معظم الضحايا من المدنيين العزل، وأن المسلحين لا يتواجدون أصلاً في مثل هذه التجمعات.
وفي بعض الحالات، أعلن الجيش أن الطرق المؤدية لمراكز المساعدات "مناطق قتال"، محذراً المدنيين من الاقتراب منها، رغم معرفته بأن معظم المتواجدين هم من الجوعى الباحثين عن الغذاء.
3- سياسة العقاب الجماعي والإفلات من العقاب
إن استمرار هذه الجرائم يعكس سياسة العقاب الجماعي بحق سكان غزة، مستفيدة من الحصانة الدولية والدعم السياسي والعسكري من الولايات المتحدة ودول غربية، ما يمنحها شعوراً بالإفلات من العقاب.
وتؤكد مؤسسات حقوقية أن إطلاق النار الكثيف والمتعمد على المدنيين أثناء محاولتهم الحصول على المساعدات لا مبرر له قانونياً أو إنسانياً، ويعد جريمة حرب موثقة.
4- أهداف سياسية أوسع
هناك من يرى أن استهداف منتظري المساعدات يهدف أيضاً إلى تقويض جهود الإغاثة الدولية، وإجبار السكان على النزوح أو تغيير الواقع الديمغرافي في القطاع، إضافة إلى الضغط على المقاومة الفلسطينية سياسياً وعسكرياً.
إن وحشية استهداف منتظري المساعدات في غزة تعكس استراتيجية متعمدة لإخضاع السكان عبر التجويع والقتل، وتبررها إسرائيل بادعاءات أمنية واهية، بينما تؤكد الوقائع والشهادات أن الهدف هو الضغط الجماعي والسيطرة، في ظل غياب أي رادع دولي فعال.
الرواية الإسرائيلية.. خطأ أم سياسة؟
من جانبها، تنفي إسرائيل أن تكون قد تعمدت قتل المدنيين. وتقول إن هذه الحوادث تقع بسبب "الازدحام أو تسرّب عناصر مسلحة إلى أماكن التوزيع، أو اقتراب المدنيين من مواقع اشتباه فيها وجود عناصر مسلحة، وكذلك نشوب أعمال شغب أو سيطرة عناصر حماس على نقاط التوزيع، وتبادل إطلاق نار في المكان، وحدوث أخطاء في التقدير الميداني".
وصرّح الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، العقيد دانيال هغاري، في 3 يونيو/ حزيران الجاري: "نحقق في ظروف كل حادثة، وقد تكون هناك أخطاء غير مقصودة في تقدير الموقف الميداني".
لكن صحيفة هآرتس العبرية نشرت تحقيقًا موسعًا في 10 يونيو/ حزيران الجاري، أشارت فيه إلى أن التعليمات الصادرة من قيادة الجيش تسمح "بفتح النار في محيط نقاط التجمع إذا تم الاشتباه بوجود عناصر غير منضبطة أو تهديدات محتملة". وهذا ما وصفه خبراء عسكريون بأنه ضوء أخضر لإطلاق النار دون تمييز.
وتتهم إسرائيل حركة حماس باستخدام المدنيين كدروع بشرية، وتزعم أن الحركة تسعى لخلق مشاهد إنسانية دامية لإحراج إسرائيل أمام الرأي العام الدولي. لكن المشكلة الجوهرية في هذه التبريرات أنها لا تصمد أمام التكرار الممنهج للواقعة ذاتها في مناطق مختلفة، تحت إشراف دولي، وأمام عدسات الكاميرات.
شهادات موثقة: "لم يكن هناك اشتباك"
من جهتها، تقول منظمة هيومن رايتس ووتش في تقريرها الصادر في 5 يونيو / حزيران الجاري: "العديد من حالات القتل في مواقع توزيع المساعدات لم تشهد أي اشتباك مسلح. المدنيون أُطلق عليهم النار أثناء ركضهم نحو شاحنات الغذاء، أو بعد تجمعهم في الساحات. بعضهم قُتل أثناء محاولته العودة بما حصل عليه".
وفي شهادة موثّقة قدّمها الدكتور ثائر أحمد، طبيب الطوارئ الأميركي المتطوع مع منظمة MedGlobal، والذي عمل في مستشفى ناصر بخان يونس خلال شهري يناير وفبراير 2024، أكد أن طبيعة الإصابات التي وصلت إلى المستشفى تشير إلى نمط استهداف ممنهج.
وقال في مقابلة مع وسائل إعلام بريطانية إن "العديد من الإصابات كانت ناجمة عن طلقات دقيقة في الرأس والصدر، وأخرى من طائرات بدون طيار مسيّرة استهدفت حتى الطواقم الطبية". وأضاف أن هذه الجروح لم تكن نتيجة قصف عشوائي أو اشتباك، بل "أشبه بعمليات قنص متعمد لأجساد المدنيين في نقاط ضعف قاتلة".
ورغم أنه لم يشر تحديدًا إلى طوابير المساعدات، فإن شهادته تكشف عن سياسة نيران مدروسة ضد المدنيين، تتسق تمامًا مع النمط الذي تشهده مواقع توزيع الغذاء في غزة اليوم.
أيديولوجيا التجويع
قد لا توجد فتوى دينية صريحة في العقيدة اليهودية تبرّر قتل الجائع، لكن في البنية الأيديولوجية للدولة العبرية، يتشكّل الفلسطيني – حتى في لحظة الجوع – كعنصر خطر أو فائض وجودي يجب تحييده. ففي الأدبيات التوراتية التي يُستعاد منها الكثير في الخطاب القومي المتشدد، تظهر نماذج لتجويع الشعوب "العدوة" كوسيلة تطهير إلهي، وتُعاد تأويلها أحيانًا على يد حاخامات متطرفين لتبرير العقاب الجماعي.
وقد قال الحاخام دوف ليئور صراحة: "في الحرب، لا فرق بين المدني والمقاتل، لأنهم جميعًا يشكلون بيئة عدائية".
وتتقاطع هذه الرؤية مع العقيدة العسكرية الإسرائيلية المعروفة بـ"عقيدة الضاحية"، التي تُعامل المجتمع ككل باعتباره ساحة قتال، مما يجعل من طوابير الطعام أهدافًا مشروعة في العقل الأمني الجامد.
أما في الخطاب السياسي، فقد شاعت أوصاف تحقيرية للفلسطينيين، مثل "الجرذان" أو "الحيوانات البشرية"، وهو ما يعمّق نزع الإنسانية عنهم، ويمنح القاتل تبريرًا نفسيًا مريحًا.
وهكذا، يتحول الجائع الفلسطيني في المخيلة الأمنية الإسرائيلية إلى قنبلة ديموغرافية مؤجلة، لا إلى إنسان يجب إنقاذه.
ويرى محللون أن الهدف الأعمق لإسرائيل من قتل المجوعين هو كسر المجتمع وتفكيك النسيج المدني، كما أن قتل المدنيين الجائعين في طوابير المساعدات ليس فقط مجزرة جسدية، بل هو اغتيال معنوي ونفسي للمجتمع الفلسطيني، لتجريده من الكرامة والبقاء، ولدفعه إلى الانهيار الكامل، كتمهيد لتغيير الواقع الديموغرافي والجغرافي والسياسي في غزة.
ويؤكد أولئك المحللين أن إسرائيل تقتل هؤلاء لأنها تريد فرض إرادتها بالقوة على مجتمع محاصر. فهي تدرك أن الطعام، مثل السلاح، يمكن استخدامه لتفكيك الخصم أو إذلاله. إنها حرب ضد فكرة الإنسان الفلسطيني، وضد بقائه.
ازدواجية الرواية الغربية
رغم أن بعض القادة الغربيين أعربوا عن قلقهم من "الخسائر الإنسانية"، فإن كثيرًا من الحكومات لا تزال تدعم آلية توزيع المساعدات بالتنسيق مع إسرائيل، ما يطرح سؤالًا أخلاقيًا: هل أصبح الغرب يشارك – بالصمت أو الدعم – في جريمة تجويع وقتل المدنيين؟
تقول الباحثة في معهد الدراسات الدولية في جنيف، إليزابيث بروسيت: "الغذاء الذي يُمنح ضمن شروط الاحتلال بات رمزًا لانهيار النظام الأخلاقي العالمي، وإسرائيل تستغل هذا الانهيار لفرض شروط استسلام جماعي".
القانوني الدولي
من منظور القانون الدولي الإنساني، تُشكل الهجمات المتعمدة على المدنيين، وخاصةً أولئك الذين يسعون للحصول على المساعدة الإنسانية الأساسية، جرائم حرب. وتُعدّ حماية المدنيين مبدأً أساسيًا في القانون الدولي، وتُفرض التزامات واضحة على أطراف النزاع لتجنب استهدافهم وتسهيل وصول المساعدات. إن استخدام التجويع كسلاح حرب، كما تُشير إليه العديد من المنظمات الدولية بخصوص الوضع في غزة، هو انتهاك خطير للعديد من المعاهدات والاتفاقيات الدولية، بما في ذلك نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
إن استهداف تجمعات المدنيين الجائعين في طوابير المساعدات، بغض النظر عن الذرائع الأمنية، يُعتبر انتهاكًا صارخًا لمبادئ التمييز والتناسب والاحتياط، وهي ركائز القانون الدولي التي تهدف إلى حماية أرواح الأبرياء في أوقات النزاع.
ختاما فإن غزة اليوم تعيش وقد أصبح كيس الطحين خطرًا على الحياة، فالمدني الفلسطيني في القطاع اليوم لا يموت فقط من القصف أو الحصار، بل من أجل كسرة خبز. والسؤال الذي يواجه ضمير العالم هو: هل سنبقى نعدّ الجثث، أم نوقف القتل؟

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

البنوك الروسية تدق ناقوس الخطر حول أزمة الديون
البنوك الروسية تدق ناقوس الخطر حول أزمة الديون

الجزيرة

timeمنذ 39 دقائق

  • الجزيرة

البنوك الروسية تدق ناقوس الخطر حول أزمة الديون

يواجه الاقتصاد الروسي توقعات توصف بالأشد خطورة مما يُعلن عنه، وسط احتمال خطر حقيقي بحدوث أزمة مصرفية شاملة خلال الـ12 شهرا القادمة، وفق مسؤولين مصرفيين روس. ويتزايد قلق البنوك الروسية بشأن مستوى الديون الرديئة (التي يواجه المقترض صعوبات في سدادها) في ميزانياتها العمومية، حسبما نقلت وكالة بلومبيرغ عن مسؤولين لم تنشر هويتهم وفق طلبهم ووثائق اطلعت عليها. ناقوس الخطر ودقّت البنوك ناقوس الخطر سرا بشأن عدد العملاء من الشركات والأفراد الذين يتخلفون عن سداد قروضهم في ظل معاناتهم من ارتفاع أسعار الفائدة، وفقا للمصادر. ووصف مسؤولون مصرفيون حاليون وسابقون الوضع في روسيا سرا بالخطير، مشيرين إلى وجود خطر متزايد من انتشار أزمة ديون في القطاع المالي للبلاد خلال العام المقبل إذا لم تتحسن الظروف. وحسب بلومبيرغ فإن الضغوط داخل النظام المصرفي تُثير تساؤلات أوسع حول قدرة الرئيس فلاديمير بوتين على مواصلة حرب روسيا في أوكرانيا التي دخلت عامها الرابع، خاصةً إذا ما قرر حلفاء كييف الأميركيون والأوروبيون استهداف القطاع المالي الروسي بعقوبات أشد، ويناقش الاتحاد الأوروبي حاليا فرض قيود جديدة على المزيد من البنوك الروسية. ويضغط مؤيدو أوكرانيا على دونالد ترامب لفرض عقوبات جديدة صارمة على روسيا بعد رفض بوتين دعوات وقف إطلاق النار في الحرب للسماح بإجراء محادثات سلام، وحتى الآن، أحجم الرئيس الأميركي عن اتخاذ أي إجراءات. وقالت مصادر إن الأرقام الرسمية قد تُخفي الحجم الحقيقي لمشكلة الديون، إذ يُؤجل المقترضون سداد أقساطهم، ما يعني أنه في حين أن البيانات العامة المتعلقة بالتأخر في السداد لا تشير حتى الآن إلى وجود مشكلة خطيرة، فإن الواقع هو أن العديد من القروض الأخرى لم تُسدد كما هو مخطط، وفقا لمذكرة داخلية من أحد البنوك الكبرى اطلعت عليها بلومبيرغ. الديون الرديئة ونقلت بلومبيرغ عن مصادر مطلعة على التقييمات الداخلية، قولها إن البنوك قدرت ديونها الرديئة بتريليونات الروبل، وأنها تتخذ خطوات لإدارة المخاطر المتزايدة التي قد تؤدي إلى ظهور بوادر مبكرة لأزمة ائتمانية، وأظهر أحد التقديرات أن محفظة قروض الشركات التي قدمتها البنوك الروسية في أول شهرين من عام 2025 انخفضت بمقدار 1.5 تريليون روبل (19 مليار دولار) قبل أن تستقر. وظهرت التوترات بين كبار مسؤولي بوتين بشأن المخاطر الاقتصادية خلال منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي الأسبوع الماضي. وخلاله قال وزير الاقتصاد مكسيم ريشيتنيكوف خلال حلقة نقاشية جمعته ومحافظة بنك روسيا (المركزي) إلفيرا نابيولينا إن الاقتصاد يمر بفترة تباطؤ ضرورية، "نحن على وشك الانزلاق إلى ركود". وأوضح بوتين موقفه في خطاب ألقاه في اليوم التالي. وقال: "يشير بعض المتخصصين والخبراء إلى مخاطر الركود. وهذا، بالطبع، لا ينبغي السماح به تحت أي ظرف". وحسب بلومبيرغ، فإنه من المؤكد أن سنوات من العقوبات غير المسبوقة التي فرضتها الولايات المتحدة وحلفاؤها في مجموعة الدول السبع منذ أن أمر بوتين بغزو روسيا عام 2022، لم تنجح حتى الآن في شل الاقتصاد الروسي، إذ وسّعت الحكومة إنفاقها بشكل هائل على الصناعات الدفاعية ودعم الشركات المتضررة من القيود. وسجّلت البنوك الروسية أرباحا قياسية بلغت 3.8 تريليونات روبل (48.34 مليار دولار) في عام 2024، متجاوزة بذلك نتيجة العام السابق بنسبة 20%، وفقا لبيانات البنك المركزي. ضغوط التجنيد ومع ذلك، فاقم التجنيد في الجيش مشكلة نقص العمالة، وساهم في رفع الأجور التي عززت دخل العديد من الروس، لكنها غذّت كذلك التضخم المتسارع إلى ذروة سنوية تجاوزت 10%". واستجاب بنك روسيا برفع سعر الفائدة الرئيسي إلى مستوى قياسي بلغ 21% في أكتوبر/تشرين الأول، وخفّضت نابيولينا سعر الفائدة الرئيسي بحذر لأول مرة منذ ما يقرب من 3 سنوات إلى 20% هذا الشهر، عقب سلسلة من الشكاوى من المسؤولين والشركات من أن تكاليف الديون العقابية تُعيق النمو وتُهدد بإفلاس الشركات، وفي حين نما الاقتصاد بنسبة 4.5% العام الماضي، تباطأ النمو السنوي بشكل حاد إلى 1.4% في الربع الأول من عام 2025، وفقا لبيانات هيئة الإحصاء الفدرالية. وتتراكم مشاكل ما يُسمى بالاقتصاد ذي المسارين في روسيا، إذ يستفيد المجمع الصناعي العسكري من الإنفاق الحكومي الضخم على الحرب، بينما تُعاني العديد من شركات القطاع الخاص من تباطؤ الطلب وارتفاع التكاليف وانخفاض أسعار الصادرات. وثمة ضغوط متزايدة على القطاع المصرفي هي أقل توثيقا وفق بلومبيرغ بعد أن منح قروضا ميسرة للمساعدة في تمويل جزء كبير من المجهود الحربي للكرملين، ويواجه عبء استردادها. وشهد قطاعا البناء والصناعة تباطؤا ملحوظا، بل ظهرت بعض المؤشرات على أن الجانب العسكري من الاقتصاد الروسي قد بدأ في الركود، وفق ما نقلت بلومبيرغ عن مصادر ووثائق. وكانت ثمة مؤشرات عامة على القلق بشأن مستويات الديون الرديئة. نقاط ضعف وحذر تقرير للبنك المركزي في مايو/أيار من "نقاط ضعف القطاع المالي"، بما في ذلك "مخاطر الائتمان ومخاطر التركيز في إقراض الشركات"، بالإضافة إلى "تدهور أداء القروض" في إقراض المستهلكين. وذكر التقرير أن حوالي 13 شركة من أكبر 78 شركة في روسيا لم تتمكن من سداد ديونها، وهو ضعف العدد المسجل في العام السابق. ومع ذلك، أكدت الهيئة التنظيمية أن "القطاع المصرفي لا يزال صامدا بشكل عام"، في حين أن نسبة القروض المتعثرة لقطاع التجزئة كانت "أقل بكثير" مما كانت عليه في الفترة 2014-2016، عندما تعرضت روسيا لأول مرة للعقوبات بسبب أوكرانيا عقب ضم بوتين لشبه جزيرة القرم. إعلان وحذرت وكالة التصنيف الائتماني الروسية "أكرا" في تقرير لها في مايو/أيار من "تدهور جودة ديون القروض"، وذكرت أن حوالي 20% من إجمالي رأس مال القطاع المصرفي مملوك لمقترضين معرضين لخطر انخفاض جدارتهم الائتمانية بشكل كبير بسبب ارتفاع أسعار الفائدة. ووجدت دراسة أخرى، صدرت في الشهر نفسه عن مركز التحليل الاقتصادي الكلي والتنبؤ قصير الأجل، وهو مركز أبحاث وثيق الصلة بمسؤولي الكرملين، "احتمالا متوسطا" لحدوث أزمة مصرفية شاملة بحلول أبريل/نيسان 2026. وحذّرت الدراسة من أن الخطر قد يرتفع إذا استمر انخفاض إصدار القروض الجديدة وزيادة أخرى في القروض ضعيفة الأداء.

هآرتس عن ضباط وجنود إسرائيليين: تلقينا تعليمات بإطلاق النار على فلسطينيين قرب مراكز تقديم المساعدات في غزة
هآرتس عن ضباط وجنود إسرائيليين: تلقينا تعليمات بإطلاق النار على فلسطينيين قرب مراكز تقديم المساعدات في غزة

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

هآرتس عن ضباط وجنود إسرائيليين: تلقينا تعليمات بإطلاق النار على فلسطينيين قرب مراكز تقديم المساعدات في غزة

هآرتس عن ضباط وجنود إسرائيليين: تلقينا تعليمات بإطلاق النار على فلسطينيين قرب مراكز تقديم المساعدات في غزة التفاصيل بعد قليل.. المصدر: الجزيرة

مدريد تستدعي القائم بالأعمال الإسرائيلي احتجاجا على تصريح مناهض لسانشيز
مدريد تستدعي القائم بالأعمال الإسرائيلي احتجاجا على تصريح مناهض لسانشيز

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

مدريد تستدعي القائم بالأعمال الإسرائيلي احتجاجا على تصريح مناهض لسانشيز

استدعت مدريد، الخميس، القائم بالأعمال في السفارة الإسرائيلية احتجاجا على إدلائه بتصريح "غير مقبول" قال فيه إن إسبانيا تقف "في الجانب الخطأ" من التاريخ، بسبب إعلان رئيس وزرائها بيدرو سانشيز في بروكسل أن قطاع غزة يشهد " إبادة جماعية". وندّد سانشيز، الخميس، في بروكسل"بالوضع الكارثي للإبادة الجماعية" في غزة، ودعا إلى تعليق فوري لاتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل. وردّت السفارة الإسرائيلية ببيان باللغة الإسبانية قالت فيه إن موقف سانشيز "لا يمكن الدفاع عنه أخلاقيا" ويضع إسبانيا "للأسف، في الجانب الخطأ من التاريخ"، مضيفة أن "الموقف الذي اتخذته الحكومة الإسبانية يضع إسبانيا على الهوامش الأكثر تطرفا للموقف الأوروبي". والقائم بالأعمال هو أعلى دبلوماسي في السفارة الإسرائيلية في إسبانيا منذ أن استدعت حكومة بنيامين نتنياهو في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 سفيرها للتشاور احتجاجا على تصريحات سابقة أدلى بها سانشيز بشأن غزة أيضا وأعرب فيها عن "شكوكه" بشأن احترام القانون الإنساني في القطاع الفلسطيني. وسبق لوزارة الخارجية الإسبانية أن استدعت المسؤول الأول في السفارة الإسرائيلية في مدريد في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، وأكتوبر/تشرين الأول 2024، ومايو/أيار 2025، بسبب حوادث وقعت منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة. ورئيس الوزراء الإسباني الذي يعتبر من أبرز الأصوات الأوروبية المنتقدة للحكومة الإسرائيلية وحربها على قطاع غزة، دعا إلى "إتاحة وصول فوري وعاجل للمساعدات الإنسانية" إلى القطاع الفلسطيني، مشترطا أن تتولى الأمم المتحدة إيصال هذه المساعدات. ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 ترتكب إسرائيل بدعم أميركي إبادة جماعية في غزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها. وخلفت الإبادة أكثر من 188 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح -معظمهم أطفال ونساء- وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين، بينهم أطفال.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store