logo
لبنان في "أزمة عميقة"... ما هي الإصلاحات الهيكلية الأساسية المطلوب تنفيذها؟

لبنان في "أزمة عميقة"... ما هي الإصلاحات الهيكلية الأساسية المطلوب تنفيذها؟

النهارمنذ يوم واحد

منذ أواخر عام 2019، يواجه لبنان واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في تاريخه الحديث، أزمة أخذت تتعمق بعد إعلان الدولة تعثّرها عن سداد ديونها في مارس/آذار 2020.
هذه التطورات أدت إلى تدهور حاد في قيمة الليرة اللبنانية، وارتفاع كبير في مستويات التضخم، إلى جانب تراجع فعالية الخدمات العامة بشكل ملحوظ.
ورغم تعدد المبادرات لإنقاذ الوضع، لا تزال البلاد غارقة في أزمة مستمرة ألقت بظلالها الثقيلة على حياة اللبنانيين اليومية والاقتصاد الوطني برمّته.
وفي آخر تقرير لها، أكدت وكالة "موديز" تصنيف لبنان عند مستوى "C"، وهو ما يعكس استمرار الأزمة الاقتصادية والمالية والاجتماعية العميقة التي تعصف بالبلاد منذ عام 2019.
يستمر لبنان في مواجهة تحديات جوهرية، في مقدمها الضرورة الملحة لإعادة تنظيم شاملة للمالية العامة، بما يشمل الدين السيادي، مصرف لبنان، والقطاع المصرفي التجاري. ويظل نيل الدعم من صندوق النقد الدولي والمجتمع الدولي مرتبطاً بتنفيذ إصلاحات هيكلية عميقة.
"أزمة عميقة"
في حديثٍ خاص إلى "النهار"، يؤكد الخبير الاقتصادي وليد أبو سليمان أن "تثبيت تصنيف لبنان يعني أن وكالات التصنيف الائتماني لا تزال ترى أن الدولة في حالة تعثر فعلي، وأن احتمالات سداد الديون السيادية بالعملة الأجنبية تبقى مخفوضة جداً، ما يضع لبنان في خانة الدول ذات المخاطر السيادية القصوى".
ويلفت إلى أن "هذا التصنيف يُترجم على المستوى العملي بانعدام الثقة الكاملة من الأسواق المالية العالمية، ويُغلق الباب أمام أي إمكان للتمويل من الأسواق الدولية، سواء عبر إصدار سندات أو عبر اجتذاب رؤوس أموال أجنبية"، موضحاً أنه "ببساطة بمثابة إعلان رسمي من المؤسسات الدولية بأن لبنان لا يزال في أزمة عميقة وغير محلولَة على صعيد مالي واقتصادي".
وذكر تقرير "موديز" أن بعض الخطوات الإيجابية قد اتُّخذت أخيراً من الحكومة اللبنانية، بما في ذلك التعديلات على قانون السرية المصرفية والموافقة على مشروع قانون لإعادة هيكلة القطاع المصرفي.
في هذا السياق، يشدد أبو سليمان على أنه "رغم أهمية هذه الخطوات، فهي تظل غير كافية بمفردها"، مشدداً على أن "المطلوب هو تنفيذ حزمة متكاملة من الإصلاحات الهيكلية، تشمل:
- إعادة هيكلة الدين العام بشكل عادل وشفاف، يراعي مصلحة الدولة والدائنين والمودعين، ويفتح الباب أمام اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي.
- إقرار خطة واضحة لإعادة هيكلة القطاع المصرفي وتطبيقها، تتضمن توزيعاً عادلاً للخسائر، حماية صغار المودعين، ومحاسبة من تسبب بالأزمة.
- إطلاق إصلاحات مالية جدية: كإصلاح النظام الضريبي ليصبح أكثر عدالة وتقدماً، وضبط النفقات العامة، وتحسين الجباية، خصوصاً من القطاعات غير المنظّمة.
- تعزيز الحوكمة ومكافحة الفساد عبر القضاء المستقل وتطبيق القوانين لا الاكتفاء بإقرارها شكلياً.
- تحسين بيئة الأعمال والاستثمار عبر الحد من البيروقراطية، واستثمار الدولة في البنى التحتية، وتحفيز القطاعات المنتجة كالصناعة والزراعة والتكنولوجيا.
- ضبط المعابر والحدود ومحاربة التهريب لأن استمرار استنزاف الموارد سيقوّض أي خطة تعافٍ مهما كانت متقنة".
كذلك، ترى "موديز" أن من غير المرجح أن يتحرَّك تصنيف لبنان عن مستواه الحالي قبل اكتمال إعادة هيكلة الديون.
"إرادة سياسية إصلاحية حقيقية"
وبحسب ما يقول الخبير الاقتصادي لـ"النهار" فإنَّ "مستقبل لبنان الاقتصادي مشروط بإرادة سياسية إصلاحية حقيقية"، مضيفاً: "إذا تم استكمال خطة شاملة لإعادة هيكلة الدين والقطاع المصرفي، وتم التوصل إلى اتفاق نهائي مع صندوق النقد، مع التزام تنفيذه، فإن البلد يستطيع الخروج تدريجاً من الأزمة في خلال ثلاث إلى خمس سنوات".
ويعتبر أن "لبنان لا يفتقر إلى الطاقات ولا إلى الموارد الأساسية، بل يفتقر إلى القرار السياسي الصارم والشفاف"، متابعاً: "أما في حال استمر التعطيل والمماطلة، فإن البلاد ستبقى في حالة انكماش مزمن، وسيتآكل ما تبقى من الثقة، وستتعمق الفجوة بين الاقتصاد الرسمي وغير الرسمي، وستُستنزف الدولة إلى حدود الانهيار الكامل".
وفي سؤال حول أداء الحكومة على صعيد الإصلاحات إلى الآن، يؤكد أنه "حتى اليوم، لا يمكن اعتبار أداء الحكومة كافياً. نعم، هناك بعض الخطوات التشريعية المهمة، لكن التنفيذ لايزال غائباً أو جزئياً".
ويوضح أن "الإصلاحات تُقاس بالنتائج لا بالنيات، والمشكلة الأساسية لا تزال في غياب القرار السياسي الجامع، والانقسامات داخل السلطة، وغياب المساءلة"، مشدداً على أن "المطلوب حكومة استثنائية بصلاحيات واسعة، تمتلك الجرأة السياسية والاستقلالية الكافية لتنفيذ إصلاحات مؤلمة لكنها ضرورية، وتعمل بشفافية أمام الرأي العام، وإلا فإن كل الخطوات ستبقى حبيسة الأدراج أو محط شك من المجتمع الدولي واللبنانيين على حد سواء".
إن مستقبل لبنان الاقتصادي لا يزال معلقاً على إرادة سياسية إصلاحية حقيقية تُخرج البلاد من دوامة الانهيار.
ورغم بعض الخطوات الإيجابية، فإن غياب التنفيذ الجدي والرؤية الشاملة يضعان لبنان أمام مفترق طرق: إما الخروج التدريجي من أزمته عبر إصلاحات جذرية واتفاق مع صندوق النقد، وإما البقاء في حالة انكماش مزمن وتآكل مستمر للثقة والمؤسسات.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

من إزالة الأنقاض إلى دعم الزراعة... اليونيفيل والجيش إلى جانب الأهالي في الجنوب
من إزالة الأنقاض إلى دعم الزراعة... اليونيفيل والجيش إلى جانب الأهالي في الجنوب

ليبانون 24

timeمنذ 28 دقائق

  • ليبانون 24

من إزالة الأنقاض إلى دعم الزراعة... اليونيفيل والجيش إلى جانب الأهالي في الجنوب

واصلت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)، ضمن إطار التعاون الوثيق مع الجيش، دعمها الفعّال لإعادة انتشار الجيش في مختلف أنحاء منطقة عملياتها، بهدف ترسيخ الأمن والاستقرار لصالح المجتمعات المحلية. ويأتي هذا التعاون في سياق تعزيز بيئة آمنة ومحمية (SASE)، لا تقتصر على حماية عناصر حفظ السلام فحسب، بل تشمل أيضًا السكان المدنيين المقيمين شمال الخط الأزرق وعلى امتداده. وأوضحت اليونيفيل في بيان لها أن القطاع الغربي من القوة نفذ خلال الأسبوع الماضي سلسلة عمليات ميدانية بالتنسيق مع الجيش، ركزت على دعم العائلات المتضررة وتسهيل استئناف الأنشطة الاقتصادية المحلية، إضافة إلى مرافقة وحدات الجيش في مهام إنسانية وتنموية مباشرة على الأرض. ففي بلدة طير حرفا، ساعدت اليونيفيل في إزالة أنقاض منزلين دمرتهما الاعتداءات، فيما أسهمت في عيتا الشعب في نقل معدات من مزرعة دواجن إلى مدينة صور، ما أتاح للمزرعة استعادة نشاطها الإنتاجي. وفي بلدة يارون، تعاونت القوة مع الجيش في تنظيف وإعادة تأهيل موقع تابع لمزرعة ماشية، دعمًا للتعافي الاقتصادي في المنطقة. كما نفذت دوريات مشتركة في منطقتي صلحا وراميا لأعمال حراثة وزراعة وتأهيل الأراضي الزراعية، ما سمح للمزارعين بالعمل بأمان واستمرارية. وفي بلدة ريشا، استجابت القوة الأممية لطلب الجيش بتركيب أنبوب مياه يربط خزان منزل مدمّر ببركة عسكرية، ما حسن من توزيع المياه على الأهالي. وفي بستان، وفرت الكتيبة الغانية الأمن لموقع إعادة إعمار، لحماية حركة المدنيين أثناء الأشغال، فيما شهدت بلدة أم التوت تدخلًا صحيًا تمثل بإزالة أنقاض وحفر حفرة صحية جديدة. كما رافقت اليونيفيل المزارعين في حقول صلحا وراميا، حيث أثنى أحد أصحاب المشاريع الصغيرة على هذا الدعم الذي وصفه بـ"الحيوي". وفي بلدة عيتا الشعب، ساعدت اليونيفيل في توثيق الأضرار التي لحقت بمدرسة مدمّرة، ووفرت الحماية للجيش أثناء عمليات التفتيش، بينما رافقت الكتيبة الإيطالية الجيش خلال تنفيذ أعمال تنظيف إضافية في طير حرفا، مع ضمان أمن الموقع طوال فترة العمل. هذه الأنشطة المتعددة تعكس التزامًا مشتركًا بين اليونيفيل والجيش بتحسين ظروف حياة السكان، والمساهمة في تحقيق استقرار طويل الأمد في جنوب لبنان ، تنفيذًا لمندرجات القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن الدولي ، وترسيخًا لثقة الأهالي بقوات حفظ السلام ومؤسسات الدولة.

'اليونيفيل' تدعم إعادة انتشار الجيش جنوباً
'اليونيفيل' تدعم إعادة انتشار الجيش جنوباً

الديار

timeمنذ 28 دقائق

  • الديار

'اليونيفيل' تدعم إعادة انتشار الجيش جنوباً

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب واصلت قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان (اليونيفيل)، في إطار التوثيق والتعاون بين' اليونيفيل' والجيش اللبناني، دعمها الفعّال لإعادة انتشار الجيش اللبناني في جميع أنحاء منطقة عملياتها، بهدف تعزيز الاستقرار والأمن لصالح السكان المحليين. ويهدف هذا التعاون المشترك إلى خلق بيئة آمنة ومحمية (Safe and Secure Environment – SASE)، ليس فقط لعناصر حفظ السلام، بل أيضًا للمجتمعات المدنية التي تعيش شمال الخط الأزرق وعلى طوله. وأوضح بيان ل'اليونيفيل' انه 'خلال الأسبوع الماضي، نفذ القطاع الغربي في 'اليونيفيل'، بالتعاون الوثيق مع الجيش اللبناني، عددًا من العمليات الميدانية لدعم العائلات المتضررة، تسهيل استئناف الأنشطة الاقتصادية، ومرافقة الجيش اللبناني في مهام أساسية لدعم السكان. وفيما يلي ملخص لأبرز الأنشطة: • إزالة الأنقاض في طير حرفا: قدمت اليونيفيل المساعدة للجيش اللبناني في إزالة أنقاض منزلين مدمرين. • الدعم اللوجستي في عيتا الشعب: ساعدت اليونيفيل الجيش اللبناني في نقل معدات من مزرعة دواجن محلية إلى صور، مما ساهم في استئناف الإنتاج. • إعادة الإعمار في يارون: رافقت اليونيفيل الجيش اللبناني في إزالة الأنقاض وتنظيف موقع تابع لمزرعة ماشية، لدعم التعافي الاقتصادي في المنطقة. • دعم الأنشطة الزراعية في صلحا-راميّا: نفذت دوريات مشتركة من اليونيفيل والجيش اللبناني أعمال حراثة وتنظيف وزراعة، ما أتاح للمزارعين العمل بأمان. • تركيب أنبوب مياه في ريشا: استجابت اليونيفيل لطلب الجيش اللبناني لتركيب أنبوب مياه يربط خزان منزل مدمر ببركة تابعة للجيش، مما حسّن وصول المياه إلى المجتمعات المحلية. • إشراف على أعمال البناء في بستان: ضمن مشروع إعادة إعمار، وفّرت الكتيبة الغانية الأمن لضمان سلامة حركة المدنيين. • تدخل في أم التوت: بدعم من دوريات اليونيفيل، نفذ الجيش اللبناني إزالة للأنقاض وحفر حفرة صحية، مما حسّن الوضع الصحي في المنطقة. • مرافقة زراعية في صلحا وراميّا: وفّرت اليونيفيل الأمن للمزارعين خلال عملهم في الحقول. ووجّه أحد أصحاب المشاريع الزراعية الصغيرة شكره علنًا لليونيفيل على الدعم الحيوي. • تقييم أضرار مدرسة في عيتا الشعب: ساندت اليونيفيل الجيش اللبناني في توثيق الأضرار التي لحقت بمدرسة تم تخريبها وتدميرها، وقدّمت الحماية خلال عمليات التفتيش. • إزالة أنقاض في طير حرفا: رافق الكتيبة الإيطالية الجيش اللبناني طوال فترة أعمال التنظيف، وضمنت أمن الموقع. وتعكس هذه الأنشطة التزام 'اليونيفيل' في القطاع الغربي والجيش اللبناني بتحسين ظروف حياة السكان المحليين والمساهمة في استقرار المنطقة. من خلال العمل جنبًا إلى جنب، تؤكد اليونيفيل والجيش اللبناني دورهما الأساسي في تنفيذ القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وتعزيز الثقة بين المجتمعات والسكان المحليين .

سلام إستقبل العريضي وعرض مع حيدر والنابلسي موضوع مسح أضرار العدوان على لبنان
سلام إستقبل العريضي وعرض مع حيدر والنابلسي موضوع مسح أضرار العدوان على لبنان

LBCI

timeمنذ 28 دقائق

  • LBCI

سلام إستقبل العريضي وعرض مع حيدر والنابلسي موضوع مسح أضرار العدوان على لبنان

استقبل رئيس مجلس الوزراء الدكتور نواف سلام، بعد ظهر اليوم، في السرايا الكبيرة، الوزير السابق غازي العريضي، وعرض معه التطورات السياسية الراهنة. واجتمع سلام مع رئيس مجلس الجنوب هاشم حيدر، في حضور الأمين العام للهيئة العليا للإغاثة العميد بسام النابلسي، وتناول البحث موضوع مسح الأضرار التي خلفها العدوان الإسرائيلي الأخير على لبنان.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store