logo
جريج أبيل.. من جمع الزجاجات إلى وراثة عرش 'بافيت' في بيركشاير هاثاواي

جريج أبيل.. من جمع الزجاجات إلى وراثة عرش 'بافيت' في بيركشاير هاثاواي

لم يكن صعود جريج أبيل إلى قمة هرم شركة بيركشاير هاثاواي مجرّد صدفة أو حتى -حظ-، بل نتاج مسيرة كفاحٍ طويلة بدأت من الأزقة الباردة في إدمونتون الكندية؛ حيث اعتاد الطفل الطموح أن يجوب الشوارع حاملًا المنشورات ويجمع الزجاجات الفارغة ليكسب قوت يومه. ومنذ تلك البدايات المتواضعة، رسم لنفسه طريقًا مغايرًا، مزج فيه بين الطموح والتعلّم، لينال لاحقًا شهادة المحاسبة من جامعة ألبرتا ويتوّج بمرتبة محاسب قانوني معتمد.
وانطلاقًا من تلك القاعدة الصلبة، تنقّل 'أبيل' بخطى واثقة بين محطات مهنية متنوعة. إلى أن بلغ ذروة المسؤولية حين أُعلن، في 3 مايو 2025، عن توليه منصب الرئيس التنفيذي لشركة بيركشاير هاثاواي، خلفًا للأسطورة وارن بافيت. ومن اللافت أن هذا الإعلان لم يُشكّل مجرد انتقال إداري. بل حمل معه دلالات أعمق تعكس ثقة المؤسسة العريقة بمؤهلات أبيل وقدرته على قيادة المرحلة المقبلة بثبات.
وبالانتقال إلى معالم هذه الشخصية القيادية، يتضح أن أبيل لا يستند فقط إلى خلفيته المحاسبية. بل إلى رؤية إستراتيجية تشكّلت من واقع خبراته المتراكمة في قطاع الطاقة عبر قيادته لشركة 'بيركشاير هاثاواي إنرجي'. وهكذا، ومع تتابع فصول الحكاية، يبدو أن الفصل القادم في تاريخ بيركشاير هاثاواي يكتب بأنامل قائد جديد يحمل إرثًا غنيًا بروح الكفاح وملامح التغيير.
'أبيل' يتأهب لقيادة بيركشاير
عندما أعلن وران بافيت -عراف أوماها- في خضم فعّاليات اجتماعه السنوي الحاشد للمساهمين يوم السبت الماضي الموافق 3 مايو 2025. عن نيته التخلي عن منصب الرئيس التنفيذي لشركة بيركشاير هاثاواي بحلول نهاية العام الجاري. سطعت الأضواء على شخصية المدير التنفيذي الكندي الهادئ؛ جريج أبيل. البالغ من العمر 62 عامًا، والذي ظل لسنوات طويلة أحد أبرز المقربين من عرّاب الاستثمار.
على امتداد السنوات السبع الماضية، اضطلع 'أبيل' بمسؤولية الإشراف على قطاعات حيوية ضمن مجموعة بيركشاير. بدءًا من شركة السكك الحديدية العملاقة 'BNSF'. مرورًا بشركة الحلويات الشهيرة 'See's Candies'. وصولًا إلى سلسلة مطاعم 'Dairy Queen' ذات الانتشار الواسع. بالإضافة إلى ذلك عشرات الشركات الصناعية والتجارية المتخصصة التي استقطبها بافيت ببراعة على مر العقود.
من حلبات الهوكي إلى قمة الهرم الاستثماري
نشأ 'أبيل' في كنف البيئة الكندية؛ حيث ترسخت فيه قيم العمل الجاد والمثابرة منذ نعومة أظفاره. مستلهمًا ذلك من خلال جمعه للزجاجات الفارغة وعمله في شركة صغيرة معنية بتعبئة طفايات الحريق. واليوم، يجد هذا الكندي الطموح نفسه على أعتاب قيادة واحدة من أكبر التكتلات الاقتصادية في العالم.
ويُشار إلى أن بيركشاير' قد أكدت بالفعل في عام 2021 على أن 'أبيل' سيكون هو الخليفة المنتظر لـ'وارن بافيت'. وذلك بعد إفصاح نائب الرئيس السابق، تشارلي مانجر، عن هذا الأمر خلال فعاليات الاجتماع السنوي آنذاك. ومنذ ذلك الحين، ظل 'أبيل' في الغالب تحت ظل بافيت. إلا أن المساهمين أتيحت لهم الفرصة للتعرف عليه عن كثب من خلال ظهوره المتكرر إلى جانب بافيت في الاجتماعات السنوية والمقابلات الصحفية.
اعتماد أبيل رئيسًا تنفيذيًا
من المقرر الآن أن يصوت مجلس إدارة 'بيركشاير' على قرار حاسم يقضي بالاعتماد الرسمي لـ 'جريج أبيل' كرئيس تنفيذي جديد للشركة. على أن يتولى مهامه بحلول نهاية عام 2025. وخلال الاجتماع السنوي الذي عقد في أوماها. أعرب 'بافيت' عن توقعاته بأن يحظى هذا التصويت بالإجماع التام من قبل أعضاء المجلس.
ومن المنتظر أن يتولى أبيل زمام الأمور في إدارة مجموعة متنوعة من الشركات التابعة لبيركشاير. والتي تضم في صفوفها ما يقارب 400 ألف موظف. بالإضافة إلى الإشراف على المحفظة الاستثمارية الهائلة للمجموعة. وأثنى 'بافيت' وأعضاء مجلس الإدارة، الذين كرسوا سنوات طويلة لاختيار خليفة له، على ذكاء 'أبيل' الوقاد وقدرته الفريدة على فهم مختلف أنواع الأعمال.
'بافيت' يشيد بخليفته
في إحدى تصريحاته، وصف بافيت بيركشاير بأنها 'محظوظة جدًا' لوجود شخص بكفاءة 'أبيل' على أهبة الاستعداد لتولي هذا المنصب الرفيع. إلا أنه أقر في الوقت ذاته بصعوبة مهمة أي شخص في الاقتراب من سجل 'بافيت' الاستثنائي في التفوق على أداء السوق. فبينما ازدهرت بيركشاير تحت قيادة 'بافيت' على مدى عقود من خلال صفقات واستثمارات أسهم دقيقة التوقيت وبأسعار مغرية. أصبحت ضخامة الشركة في السنوات الأخيرة تحديًا أمام إيجاد استثمارات كبيرة قادرة على إحداث تأثير جوهري في أرباح المجموعة.
يواجه 'أبيل' مهمة جسيمة بلا شك، إلا أن المراقبين والمحللين لا يتوقعون منه أن يضاهي تمامًا الإنجازات الأسطورية التي حققها 'بافيت'. والتي جعلت منه مليارديرًا بارزًا وأحد أغنى المستثمرين في القرن الماضي. وقبل يومين من الإعلان الرسمي، صرح رون أولسون؛ عضو مجلس إدارة بيركشاير منذ فترة طويلة. بأنه يعتقد أن 'أبيل' يتمتع بكافة المقومات اللازمة لتولي هذه المسؤولية.
وأضاف أولسون قائلًا: 'هل هو وارن بافيت آخر؟ لا. لا يوجد وارن بافيت آخر أعرفه. لكنه يمتلك العديد من المبادئ الأساسية التي يتحلى بها وارن. فهو بلا شك رجل نزيه، ويعمل بجد، ويفكر بشكلٍ إستراتيجي'.
الحفاظ على ثقافة بيركشاير الفريدة
أكد بافيت منذ سنوات أن المهمة الأساسية التي ستناط بـ 'أبيل' عندما يصبح رئيسًا تنفيذيًا ستتمثل في الحفاظ على الثقافة اللامركزية والفريدة من نوعها التي تميز بيركشاير. والتي تقوم على أسس الاستقلالية والنزاهة والثقة. وفي هذا السياق، كانت الملاحظة التي أفصح بها مانغر عن دور أبيل المستقبلي واضحة وموجزة: 'جريج سيحافظ على الثقافة'.
وعلى نفس المنوال، صرّح عدد من مديري الشركات التابعة لبيركشاير، مثل: صانع الأحذية الرياضية 'Brooks Running' وشركة الأرضيات العملاقة 'Shaw' ومجوهرات 'Borsheims'. بأنهم جميعًا يلجؤون إلى 'آبل' عند مواجهة تحديات أو أسئلة صعبة تتعلق بالإستراتيجية أو الجوانب التشغيلية. وأنه دائمًا ما يكون متاحًا لتقديم الدعم والتوجيه اللازمين. مع حرصه في الوقت ذاته على تحفيزهم وتحدي قدراتهم.
من ناحية أخرى، قال تروي بادير؛ الرئيس التنفيذي لشركة 'Dairy Queen'، يوم الجمعة الماضي: 'عندما أفكر في جريج، لا أرى فقط شخصًا يتمتع بذكاء تجاري مرتفع. بل يملك حدسًا تجاريًا عاليًا أيضًا. ذلك الحدس مهم جدًا. ونعلم أن 'وارن' يتمتع به، ولكن 'غريغ' يمتلك الكثير منه أيضًا'.
قصة صعود جريج أبيل
في النهاية، فإن قصة صعود جريج أبيل من طفل يجمع الزجاجات في شوارع كندا الباردة إلى قمة واحدة من أكبر الشركات في العالم لهي قصة تستحق التأمل. تخيلوا تلك البدايات المتواضعة، فهل كنتم تتوقعون أن هذا الطفل سيصبح يومًا ما خليفة 'عراف أوماها'. وما الدروس التي يمكن أن نستخلصها من هذه الرحلة المدهشة؟

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

وارن بافيت يعتزم حضور اجتماع مساهمي بيركشاير العام المقبل
وارن بافيت يعتزم حضور اجتماع مساهمي بيركشاير العام المقبل

الرجل

timeمنذ يوم واحد

  • الرجل

وارن بافيت يعتزم حضور اجتماع مساهمي بيركشاير العام المقبل

أكد الملياردير وارن بافيت حضور اجتماع مساهمي شركة بيركشاير هاثاوي، المزمع عقده في أول عطلة نهاية أسبوع من مايو 2026، لكنه لن يشارك في جلسة الأسئلة والأجوبة، وهي الخطوة جديدة التي جاءت بعد إعلان بافيت المفاجئ تقاعده في وقت سابق من هذا الشهر. وأكد جريج آبل، الخليفة الذي اختاره بافيت بنفسه، لصحيفة أوماها وورلد-هيرالد، أن الشركة تخطط لتنظيم اجتماع سنوي يتضمن جلسة للأسئلة، لكن بافيت، الذي سيبقى رئيسًا لمجلس إدارة بيركشاير، سيجلس مع أعضاء المجلس، ولن يصعد إلى المنصة للرد على الأسئلة. أهمية اجتماع المساهمين في أوماها يجذب اجتماع المساهمين السنوي حوالي 40 ألف شخص إلى مدينة أوماها الأمريكية، وتعتبر جلسات الأسئلة المطولة التي يجيب فيها بافيت، أشهر مستثمر في العالم، والمعروف بروحه الفكاهية وتواضعه، من أبرز عوامل جذب الحدث. جدير بالذكر، أن بافيت قد أعلن تقاعده خلال نهاية جلسة أسئلة استمرت خمس ساعات في وقت سابق من الشهر الجاري، حيث عبر عن نيته التقاعد في نهاية العام. وأكدت سوزي بافيت، ابنة المستثمر الكبير، أن والدها يرغب في أن يتولى جريج آبل مهمة إدارة جلسات الأسئلة والأجوبة في المستقبل.

ارتفاع أسهم البنوك الأمريكية لتعوض خسائر التعريفات الجمركية
ارتفاع أسهم البنوك الأمريكية لتعوض خسائر التعريفات الجمركية

شبكة عيون

time١٢-٠٥-٢٠٢٥

  • شبكة عيون

ارتفاع أسهم البنوك الأمريكية لتعوض خسائر التعريفات الجمركية

ارتفاع أسهم البنوك الأمريكية لتعوض خسائر التعريفات الجمركية ★ ★ ★ ★ ★ مباشر: ارتفعت أسهم الشركات المالية والبنوك الأمريكية خلال تعاملات الإثنين، متجاوزة مستوى إغلاقها المسجل في الثاني من أبريل، وهو تاريخ الإعلان عن الرسوم الجمركية المتبادلة من قبل واشنطن، والذي تسبب في اضطرابات قوية للأسواق. وارتفع سعر الصندوق المتداول لأكبر الشركات المالية في الولايات المتحدة "فايننشال سيليكت إس بي دي آر" (XLF) بنسبة 1.70% إلى 50.71 دولار. ويضم الصندوق شركات مثل "بيركشاير هاثاواي" وبنك "جيه بي مورجان" و"فيزا" و"ماستركارد" و"تشارلز شواب"، وأغلق عند 50.16 دولار في الثاني من أبريل. كما ارتفع صندوق "إس بي دي آر- إس آن بي بنك" بنسبة 5.20% إلى 55.40 دولار، مقارنة بمستوى إغلاق الثاني من أبريل البالغ 53.42 دولار. مباشر (اقتصاد) مباشر (اقتصاد)

وارن بافيت الذي لم يغلبه أحد في تحقيق الأرباح
وارن بافيت الذي لم يغلبه أحد في تحقيق الأرباح

Asharq Business

time٠٨-٠٥-٢٠٢٥

  • Asharq Business

وارن بافيت الذي لم يغلبه أحد في تحقيق الأرباح

سيتنحى وارن بافيت، أعظم مستثمر في التاريخ، عن منصب الرئيس التنفيذي لشركة "بيركشاير هاثاواي" بحلول نهاية العام. والمسيرة التي يتركها خلفه والممتدة على مدى ستة عقود مدهشة إلى درجة أن الأرقام وحدها لا تفيها حقها. لتقدير حجم إنجازه الفريد بالكامل، من الجيد النظر إلى كيف تحوّلت استثمارات بافيت إلى ثروات هائلة لمساهمي "بيركشاير" على مرّ السنين، وكذلك قياس كم كانت ستكون أرباحهم أقل لو أنهم استثمروا في بعض أفضل صناديق الاستثمار المشترك أداءً واستمرارية، أو حتى اكتفوا بتتبع أداء مؤشرات السوق العامة. تفوق بافيت على الصناديق والمؤشرات للبدء، إليك مقارنة بين أداء بافيت وتلك الصناديق. لا يقترب أيٌّ منها حتى من مستوى هذا المعلّم. يقيس بافيت الأداء مقابل مؤشر "إس آند بي 500"، المؤشر الشهير الذي لا يهزمه سوى قلة من مختاري الأسهم. أما بافيت، فهزمه هزيمة ساحقة. عادةً ما نستخدم مخططاً خطياً عادياً لمقارنة أداء مدير صندوق بمؤشر سوقي، لكن بافيت ليس مستثمراً عادياً. فقد تفوّق على السوق بقوة ولسنوات طويلة، إلى درجة أن مؤشر "إس آند بي 500" سيختفي في أي مخطط خطي تقليدي. أسلوب بافيت: استثمار القيمة والجودة ينطبق الأمر ذاته على المؤشرات التي تحاكي أسلوبه القائم على الاستثمار في أصول القيمة والجودة. لذلك، أجرينا استثناءً لهذا المدير الاستثنائي، واستعرضنا أداء بافيت على مخطط لوغاريتمي لإظهار الفارق الهائل الذي حققه بشكل أوضح. حقق بافيت الانتصار باستمرار؛ ولا يمكن عزو نجاحه لبضعة ضربات حظ. لكن في السنوات الماضية، جعل الصعود الممتد للسوق دون انقطاع تقريباً، إلى جانب الحجم المتنامي لشركة "بيركشاير هاثاواي"، من الصعب عليه العثور على فرص استثمارية كبيرة كفاية لتتفوق على السوق وتُحدث فارقاً في عوائد الشركة. يصف بافيت أسلوبه في اختيار الأسهم بشراء شركات جيدة بسعر عادل، وهو مزيج من استثمار القيمة والجودة، وهما استراتيجيتان تغلبتا تاريخياً على السوق. بافيت خبير في تخصيص رأس المال لتعزيز أرباحه، استفاد بافيت من الرافعة المالية التي توفرها له أنشطة التأمين في "بيركشاير". لكن حتى بعد احتساب هذه المزايا، باستخدام البيانات المالية المتوفرة للشركة منذ عام 1987، لا يزال بافيت متفوقاً. يشتهر بافيت بقدرته الفائقة على اختيار الأسهم، لكنه أيضاً مُحترف في تخصيص رأس المال. فقد أظهر مراراً استعداده للاحتفاظ بالسيولة عندما تكون الفرص نادرة، واستغلالها عندما يرى فرصة مربحة في فترات هبوط الأسواق.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store