
صانع مجد باريس سان جيرمان : ناصر الخليفي.. زعيم ثورة التغيير في أوروبا
علي حسين
قبل 14 عامًا، أعلن ناصر الخليفي، رئيس نادي باريس سان جيرمان، في تصريح لافت: «سنجعل من هذا النادي أحد أكبر الأندية الأوروبية». حينها بدت هذه الكلمات أشبه بالحلم أو الطموح بعيد المنال، لكن الواقع اليوم يؤكد أن هذا الحلم أصبح حقيقة تفرض احترامها على العالم الرياضي، وأن باريس سان جيرمان بات بالفعل أحد كبار القارة، ليس فقط من حيث النتائج، بل من حيث التأثير، والبنية، والرؤية.
ومنذ أن تولى ناصر الخليفي رئاسة النادي في عام 2011، لم يقتصر طموحه على تحقيق البطولات المحلية، بل أطلق مشروعًا متكاملًا هدفه بناء منظومة رياضية واقتصادية متينة، تستطيع وضع النادي في مصاف الكبار على المدى البعيد. وقد أرسى الخليفي أسسًا إدارية ومالية حديثة، قائمة على الاستدامة، والتخطيط بعيد الأمد، مع إدراك تام بأن النجاح الرياضي لا يتحقق إلا ببنية احترافية متكاملة.
وتجسدت هذه الرؤية في تصريح الخليفي لجماهير سان جيرمان قائلًا: «نحن نبني الأساسات أولًا. سنستثمر في الفريق والبنية التحتية، في الأكاديميات، وفي الطاقات الشابة، لأننا نؤمن أن النجاح الحقيقي لا يُشترى، بل يُبنى».
من المحلية إلى القارية
منذ ذلك الحين، تغيّر وجه باريس سان جيرمان كليًا، فقد هيمن النادي على الساحة المحلية الفرنسية، محققًا أرقامًا قياسية في عدد مرات التتويج بالدوري والكأس والسوبر، لكنه لم يتوقف عند هذا الحد، بل نقل المنافسة إلى القارة العجوز. وفي عام 2020، بلغ الفريق نهائي دوري أبطال أوروبا للمرة الأولى في تاريخه، وواصل منذ ذلك الحين التقدم بثبات على الساحة الأوروبية.
وقد نجح الخليفي في استقطاب نخبة من أفضل اللاعبين في العالم، وعلى رأسهم نيمار، مبابي، ميسي، وراموس، وجعل من باريس وجهة مرغوبة لأفضل المواهب والمدربين، مع الحفاظ على توازن دقيق بين النجومية والهوية الجماعية للفريق.
نموذج في الإدارة الرياضية
لا يقتصر تأثير الخليفي على النادي وحده، بل امتد ليشكل نموذجًا عالميًا في الإدارة الرياضية. فقد استطاع تحويل باريس سان جيرمان إلى مؤسسة رياضية واقتصادية متكاملة، تحقق أرباحًا تجارية هائلة، وتملك واحدة من أقوى العلامات التجارية في عالم كرة القدم.
ويُعد باريس سان جيرمان حالياً ثالث أكثر الأندية تحقيقاً للإيرادات في العالم وفقاً لقائمة ديلويت لأغنى أندية كرة القدم في العالم، حيث تبلغ إيراداته السنوية 802 مليون يورو، وهو سابع أغنى نادٍ في العالم بقيمة 4.21 مليار دولار وفقاً لفوربس. هذا النمو المالي مدعوم من المالكين القطريين وتمكن من عقد صفقات مدوية وجلب أبرز نجوم العالم للعب في صفوف الفريق، ومن أبرز هذه التعاقدات زلاتان إبراهيموفيتش، نيمار، كيليان مبابي وليونيل ميسي، إضافة إلى العقود الإعلانية المربحة مع الهيئة العامة القطرية للسياحة، نايكي، اير جوردان، أكور والخطوط الجوية القطرية.
كما ساهمت رئاسته لمجموعة «بي إن» الإعلامية في دعم صورة النادي على المستوى الدولي، وربطته بمنصات إعلامية رياضية رائدة، عززت من حضوره الجماهيري عالميًا. وبات باريس سان جيرمان اليوم أكثر من نادٍ؛ بل أيقونة عالمية تتقاطع فيها الرياضة مع الإعلام، والثقافة، والتأثير الناعم.
التزام مجتمعي وإنساني
إلى جانب الإنجازات الرياضية، حرص ناصر الخليفي على تعزيز الدور المجتمعي للنادي، من خلال دعم البرامج الاجتماعية، وتطوير أكاديميات الناشئين، وتعزيز دور المرأة في الرياضة، والاهتمام بكرة القدم النسائية. كما ركز على بناء مركز تدريب متكامل، يُعد اليوم من بين الأفضل في أوروبا، ويحتضن مئات المواهب الشابة من مختلف الخلفيات.
ويؤمن الخليفي بأن «الرياضة ليست فقط بطولات، بل مسؤولية مجتمعية ورسالة إنسانية»، وهي فلسفة انعكست في كل جوانب العمل داخل باريس سان جيرمان.
حضور عربي مشرّف
يمثل ناصر الخليفي اليوم واحدًا من أبرز الشخصيات العربية في صناعة كرة القدم العالمية. وقد نجح، من خلال قيادته للنادي، في تقديم نموذج عربي ناجح ومشرف في أعلى المستويات الرياضية. ولم يكتف الخليفي بإدارة نادٍ أوروبي كبير، بل استطاع أن يرفع اسم العرب في المحافل الدولية، ويعزز من حضورهم في دوائر التأثير الكروي والإداري في أوروبا والعالم.
كما أن الخليفي، بصفته عضوًا مؤثرًا في عدة لجان دولية، أصبح وجهًا مألوفًا في أهم الأحداث الكروية، وهو ما يعكس مكانته العالمية، ومدى الثقة التي يحظى بها في الأوساط الرياضية.
المستقبل.. طموح لا يتوقف
اليوم، وبعد مضي 14 عامًا على بداية المشروع، يواصل ناصر الخليفي السير بخطى واثقة نحو المستقبل، واضعًا نصب عينيه تحقيق لقب دوري أبطال أوروبا وهو ما تحقق بالفعل، إضافة إلى تعزيز مكانة باريس سان جيرمان كقوة رياضية شاملة. ويؤكد أن العمل مستمر على رفع مستوى الأكاديمية، وتطوير منظومة الفريق الأول، وتوسيع التأثير العالمي للنادي.
وختامًا، يمكن القول إن ناصر الخليفي لم يبنِ فقط فريقًا ينافس في الملاعب، بل أنشأ مؤسسة رياضية عالمية تُحتذى، واستطاع أن يحوّل الحلم الباريسي إلى واقع ملموس، وأن يجعل من سان جيرمان زعيمًا حقيقيًا لأندية أوروبا، يستحق كل الإشادة والتقدير.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العرب القطرية
منذ 8 ساعات
- العرب القطرية
«QNB» يرجح استمرار ارتفاع أسعار الذهب
الدوحة_العرب توقع التقرير الأسبوعي لمجموعة «QNB» أن تواصل أسعار الذهب ارتفاعها على المدى المتوسط، مدعومة بعدة عوامل محفزة، لا سيما عقب المكاسب الكبيرة التي سجلتها خلال الأشهر الماضية. وأوضح أن هذا التوجه يستند إلى زخم قوي عبر مختلف المؤشرات الاقتصادية الكلية والتوجهات الجيوسياسية طويلة الأجل، في ظل إعادة التوازن لمحافظ البنوك المركزية، والتقلبات في أسعار الصرف. ولفت التقرير إلى أن الذهب يحتل مكانة فريدة في الاستثمار في العصر الحديث. فهو لا يولد أي تدفقات نقدية، ويتطلب تكاليف تخزين، وفائدته الصناعية محدودة، ولكن على الرغم من ذلك، فإنه لا يزال يحظى بشعبية كبيرة بين الأسر، والجهات السيادية، والمؤسسات الاستثمارية. وكان هذا النوع من الطلب على الذهب مدعوما بفكرة أنه يعتبر أداة رئيسية لتنويع المحافظ الاستثمارية للحماية من التضخم والأزمات المالية والصراعات الدولية والأهلية. كما أن مرونة الذهب في مواجهة الصدمات الاقتصادية، مثل الأزمة الاقتصادية العالمية خلال عامي 2008 و2009 أو جائحة (كوفيد- 19)، تؤكد دوره كأداة تحوط ضد المخاطر النظامية وعدم استقرار الاقتصاد الكلي. وقال التقرير: «شهد سعر الذهب ارتفاعا ملحوظا، وقد تسارعت هذه العملية خلال الأشهر القليلة الماضية. في الواقع، قبل التراجع الأخير، وصلت أسعار الذهب إلى 3500 دولار أمريكي للأونصة، مسجلة أعلى مستوياتها على الإطلاق ».


جريدة الوطن
منذ 9 ساعات
- جريدة الوطن
سندات الخزينة تهز أميركا والعالم
على مدار عقود كانت سندات الخزانة الأميركية تعد الدعامة الأساسية للنظام المالي العالمي والملاذ الآمن الذي يلوذ به المستثمرون في أوقات الأزمات، والمقياس الذهبي للديون السيادية، والحجر الأساس لسوق رأس المال العالمية. لكن بين عامي 2024 و2025 بدأت الثقة غير المشروطة بهذه الأداة المالية تتآكل، كما بدأت تداعيات هذا التآكل تهز الأسواق العالمية على امتداد القارات. وأطلق بعض الاقتصاديين على ما يحدث اسم «الصدمة الكبرى لسندات الخزانة»، وهي ليست مجرد أزمة تقلبات في السوق، بل أزمة هيكلية وجيوسياسية بحسب مختصين، فقد اجتمعت العجوزات المالية المتفاقمة والانقسام السياسي الأميركي وتراجع ثقة المستثمرين العالميين لتدفع بعوائد السندات الأميركية إلى مستويات غير مسبوقة، وتطلق نقاشا جادا بشأن مستقبل الدولار باعتباره عملة احتياطية عالمية. وهذه الأزمة تعود جذورها إلى مؤتمر «بريتون وودز» عام 1944، والذي رسم معالم النظام النقدي العالمي الحديث. «عاصفة العوائد».. بداية الانهيار من قلب وول ستريت بحلول منتصف 2024 قفزت عوائد السندات الأميركية لأجل 10 سنوات إلى ما يزيد على 5.2 %، وهي أعلى مستوياتها منذ عام 2007. والسبب هو مزيج سام من العجز المالي السنوي الذي تجاوز 1.8 تريليون دولار، وتكاليف خدمة دين فاقت 514 مليار دولار سنويا، وتراجع ثقة المستثمرين في قدرة الولايات المتحدة على سداد ديونها على المدى الطويل. بدأت البنوك المركزية الأجنبية -وعلى رأسها الصين واليابان- في تقليص حيازاتها من سندات الخزانة الأميركية مدفوعة بالهواجس الجيوسياسية والمالية. ومع ارتفاع العوائد تراجعت أسعار السندات، مما تسبب بخسائر فادحة للمستثمرين من المؤسسات الكبرى، وما بدأ كتصحيح في أسعار الفائدة تحول إلى أزمة ثقة. وحذر الخبير الاقتصادي الأميركي نوريل روبيني في حديث صحفي قائلا «السوق ترسل إشارة واضحة بأنها لم تعد تثق بقدرة النظام السياسي الأميركي على إدارة مستقبله المالي». ما أهمية سندات الخزانة فعلا؟ تلعب سندات الخزانة الأميركية دورا جوهريا في هيكلة الاقتصاد العالمي، فهي أكثر من مجرد أدوات دين، ولفهم حجم تأثيرها علينا النظر في أوجه استخدامها المتعددة، والتي تمس كل زاوية من زوايا الأسواق المالية الدولية: - دعامة لاحتياطيات النقد الأجنبي: أكثر من 59 % من احتياطيات العملات الأجنبية عالميا مقومة بالدولار، معظمها في سندات الخزانة. - ملاذ آمن للأزمات: في أوقات الاضطراب يتجه المستثمرون إليها كخيار دفاعي طبيعي. مقياس تسعير عالمي: تحدد أسعار الفائدة على هذه السندات منحنى العائد الذي يستخدم لتسعير قروض الشركات والرهون العقارية والديون السيادية حول العالم. - ضمانة أساسية في أسواق الريبو: تُستخدم كضمان رئيسي لتوفير السيولة بين البنوك والمؤسسات المالية الكبرى. - مرتكز للسياسة النقدية: تتبع البنوك المركزية العالمية تحركات الاحتياطي الفدرالي الأميركي باستخدام عوائد السندات كمرشد. وإن أي تشكيك في موثوقية سندات الخزانة لا يهدد أميركا فقط، بل يضرب الأسس التي يرتكز عليها النظام المالي العالمي بأكمله. كيف وصلت الهيمنة الأميركية إلى هنا؟ لكي نفهم جذور هذه الأزمة لا بد من العودة إلى مؤتمر «بريتون وودز» عام 1944، والذي رسم خريطة الاقتصاد العالمي لما بعد الحرب العالمية الثانية وأرسى هيمنة الدولار. في ذلك المؤتمر اتفقت 44 دولة على نظام مالي جديد يعتمد الدولار عملة احتياطية عالمية قابلة للتحويل إلى الذهب، لكن مع انهيار هذا النظام عام 1971 ظهرت آلية غير معلنة: دول النفط وغيرها من الاقتصادات المصدرة أعادت ضخ فوائضها في سندات الخزانة الأميركية، مما دعم عجز واشنطن لسنوات طويلة دون أن يثير الذعر. ومع ذلك، فإن تحذير الاقتصادي روبرت تريفين في ستينيات القرن الماضي ما زال يرن في آذان صناع القرار «الدولة التي تصدر العملة العالمية ستكون مضطرة إلى إغراق العالم بالسيولة، وهذا يؤدي حتما إلى تآكل الثقة بتلك العملة». وبحلول عام 2025 يبدو أن نبوءة تريفين تحققت. تصدعات كبرى.. من الإنفاق الأميركي إلى الهروب الصيني وخلال السنوات الأخيرة بدأت تظهر تشققات واضحة في منظومة الدين الأميركي، وسرعان ما تحولت هذه التشققات إلى تصدعات عميقة: - الإنفاق الفدرالي يخرج عن السيطرة من حزم التحفيز المرتبطة بجائحة «كوفيد 19» إلى التوسع في النفقات العسكرية ومشاريع البنية التحتية ارتفع الدين الفدرالي الأميركي إلى نحو 37 تريليون دولار، وأصبح يشكل قرابة 130 % من الناتج المحلي الإجمالي. ويتوقع «مكتب الميزانية في الكونغرس» أن تتجاوز خدمة الدين نفقات الدفاع قريبا. وقالت الخبيرة الاقتصادية الأميركية كارمن راينهارت في ورقة نشرت بمجلة تابعة لجامعة ستيرن «عندما يُستهلك أكثر من 30 % من إيرادات الضرائب في دفع الفوائد يصبح العجز المالي تهديدا للأمن القومي». - هروب رؤوس الأموال الأجنبية وفي عام 2024 خفضت الصين حيازتها من سندات الخزانة إلى أقل من 700 مليار دولار بعد أن كانت تتجاوز 1.1 تريليون قبل 10 سنوات، وتبعتها اليابان ودول الخليج، في توجه يعكس تحولا إستراتيجيا نحو الذهب واليوان والأصول الرقمية. وقد حذر صندوق النقد الدولي نهاية 2024 بقوله «أي ضعف في الطلب على سندات الخزانة الأميركية قد يؤدي إلى اضطرابات ممنهجة في الاحتياطيات العالمية». التعريفات الجمركية تعمق الجراح الاقتصادية وفي خضم الأزمة لعبت السياسات الحمائية الأميركية دورا غير مباشر في زعزعة الثقة بالأسواق، وعلى رأسها قرارات رفع التعريفات الجمركية على الواردات من الصين وأوروبا خلال النصف الثاني من 2024. هذه السياسات التي اعتمدتها إدارة ترامب الثانية تحت شعار «إعادة التوازن التجاري» أدت إلى ارتفاع أسعار السلع المستوردة، مما زاد الضغوط التضخمية داخليا. في المقابل، ردت دول مثل الصين وألمانيا بفرض رسوم انتقامية، مما أطلق موجة توترات تجارية أثرت سلبا على حجم التبادل التجاري العالمي وأضعفت توقعات النمو. وقال الخبير الاقتصادي بول كروغمان إن «التعريفات ليست مجرد أداة تفاوض، بل أصبحت عبئا ماليا يفاقم التكلفة على المستهلك والدولة على حد سواء، خاصة حين تقترن بعجز مالي واسع النطاق وارتفاع حاد في عوائد السندات». دوامة الفوائد المرتفعة وأبقى الاحتياطي الفدرالي أسعار الفائدة فوق 5 % في مسعى لمكافحة التضخم، مما رفع تكلفة خدمة الدين وأجبر الحكومة على مزيد من الاقتراض، هذا التوسع زاد المعروض من السندات وضغط على الأسعار. وفي أكتوبر / تشرين الأول 2024 فشلت مزايدة كبيرة لسندات طويلة الأجل حين امتنعت البنوك الكبرى عن الشراء، مما أحدث صدمة عنيفة في الأسواق. كيف وصلت العدوى إلى العالم؟ ومع كل ارتفاع في عوائد السندات الأميركية تعاني الاقتصادات الناشئة من موجات صدمة متتالية، فالدول التي تعتمد على التمويل بالدولار أو التي تملك احتياطيات هشة تجد نفسها في مأزق خانق من حيث: ارتفاع تكاليف الاقتراض: شهدت دول أفريقيا وأميركا اللاتينية وجنوب شرق آسيا قفزات في فوائد القروض. هروب رؤوس الأموال: انهارت عملات محلية وارتفعت معدلات التضخم مع موجات خروج رؤوس الأموال. أزمات ديون متجددة: بدأت دول مثل سريلانكا وباكستان ومصر جولات جديدة من مفاوضات إعادة هيكلة الديون بحلول مطلع 2025. وفي الولايات المتحدة واجهت شركات كبرى مثل «بوينغ» و«فورد» تأجيلات في إصدار السندات بعد أن شهدت الأسواق موجة من التخفيضات الائتمانية. وفي ظل هذه الفوضى تزايدت الأصوات عالميا للمطالبة بإعادة النظر في النظام المالي الدولي، حيث طالبت دول «بريكس» بإنشاء منظومات بديلة لتسوية المدفوعات بعيدا عن الدولار، في حين دعت أوروبا إلى اعتماد نظام احتياطي متعدد الأقطاب يشمل اليورو واليوان والعملات الرقمية. هل هناك مخرج؟ ورغم تعقيدات المشهد فإن خبراء الاقتصاد والمؤسسات الدولية طرحوا حزمة من المقترحات قد تساهم في احتواء الأزمة أو تقليص آثارها مستقبلا من خلال: إصدار سندات خضراء عالمية: اقترح الاقتصادي جيوفاني مونتاني عام 2024 إصدار سندات خضراء من خلال مؤسسات دولية لتقليل الاعتماد على سندات الخزانة الأميركية. آليات تأجيل تلقائي للديون: تجري دراسة أدوات مثل «السندات المشروطة» التي تمدد آجال الاستحقاق تلقائيا خلال الأزمات. تعزيز دور حقوق السحب الخاصة: اقترح بعض الاقتصاديين استخدام سلة حقوق السحب الخاصة من صندوق النقد الدولي أو العملات الرقمية المدعومة بالأصول كبدائل لاحتياطات الدولار. نظام بريتون وودز جديد: دعا أكاديميون مثل جيمس إيشام وباناجيوتيس ليساندرو إلى قمة دولية جديدة تركز على التمويل المستدام والعملات الرقمية وتقاسم المخاطر الجيوسياسية. حين يهتز قلب النظام المالي لم تعد سندات الخزانة الأميركية ذلك «الركن المكين» الذي يُطمئن الأسواق ويرسو النظام المالي العالمي على ضفافه، بل باتت اليوم مصدر ارتباك وتوجس، ومحورا لأسئلة وجودية تهز ثقة المستثمرين وصنّاع القرار على حد سواء. لقد كشفت أزمة 2024 - 2025 عن عطب هيكلي عميق، ليس فقط في إدارة الدين الأميركي، بل في الفرضية التي قامت عليها الهيمنة المالية الأميركية منذ «بريتون وودز» وحتى اليوم. ويرى مراقبون أن الاضطرابات في مزادات السندات، وهروب رؤوس الأموال، والتساؤلات عن جدوى استمرار الدولار عملة احتياطية لم تعد مجرد مخاوف عابرة، بل مؤشرات على نهاية مرحلة وبداية أخرى. وفي ظل هذا التحول يبقى التساؤل الجوهري مطروحا: هل تتجه الولايات المتحدة والعالم نحو ترميم منظومة مأزومة؟ أم أننا أمام بداية تفكيك تدريجي لما تبقى من «عالم الدولار»؟ وكما قال الاقتصادي الإنجليزي الشهير جون ماينارد كينز «الوقت الذي ننتظر فيه التوازن الطويل الأمد قد نكون فيه قد متنا جميعا».


العرب القطرية
منذ 9 ساعات
- العرب القطرية
صانع مجد باريس سان جيرمان : ناصر الخليفي.. زعيم ثورة التغيير في أوروبا
علي حسين قبل 14 عامًا، أعلن ناصر الخليفي، رئيس نادي باريس سان جيرمان، في تصريح لافت: «سنجعل من هذا النادي أحد أكبر الأندية الأوروبية». حينها بدت هذه الكلمات أشبه بالحلم أو الطموح بعيد المنال، لكن الواقع اليوم يؤكد أن هذا الحلم أصبح حقيقة تفرض احترامها على العالم الرياضي، وأن باريس سان جيرمان بات بالفعل أحد كبار القارة، ليس فقط من حيث النتائج، بل من حيث التأثير، والبنية، والرؤية. ومنذ أن تولى ناصر الخليفي رئاسة النادي في عام 2011، لم يقتصر طموحه على تحقيق البطولات المحلية، بل أطلق مشروعًا متكاملًا هدفه بناء منظومة رياضية واقتصادية متينة، تستطيع وضع النادي في مصاف الكبار على المدى البعيد. وقد أرسى الخليفي أسسًا إدارية ومالية حديثة، قائمة على الاستدامة، والتخطيط بعيد الأمد، مع إدراك تام بأن النجاح الرياضي لا يتحقق إلا ببنية احترافية متكاملة. وتجسدت هذه الرؤية في تصريح الخليفي لجماهير سان جيرمان قائلًا: «نحن نبني الأساسات أولًا. سنستثمر في الفريق والبنية التحتية، في الأكاديميات، وفي الطاقات الشابة، لأننا نؤمن أن النجاح الحقيقي لا يُشترى، بل يُبنى». من المحلية إلى القارية منذ ذلك الحين، تغيّر وجه باريس سان جيرمان كليًا، فقد هيمن النادي على الساحة المحلية الفرنسية، محققًا أرقامًا قياسية في عدد مرات التتويج بالدوري والكأس والسوبر، لكنه لم يتوقف عند هذا الحد، بل نقل المنافسة إلى القارة العجوز. وفي عام 2020، بلغ الفريق نهائي دوري أبطال أوروبا للمرة الأولى في تاريخه، وواصل منذ ذلك الحين التقدم بثبات على الساحة الأوروبية. وقد نجح الخليفي في استقطاب نخبة من أفضل اللاعبين في العالم، وعلى رأسهم نيمار، مبابي، ميسي، وراموس، وجعل من باريس وجهة مرغوبة لأفضل المواهب والمدربين، مع الحفاظ على توازن دقيق بين النجومية والهوية الجماعية للفريق. نموذج في الإدارة الرياضية لا يقتصر تأثير الخليفي على النادي وحده، بل امتد ليشكل نموذجًا عالميًا في الإدارة الرياضية. فقد استطاع تحويل باريس سان جيرمان إلى مؤسسة رياضية واقتصادية متكاملة، تحقق أرباحًا تجارية هائلة، وتملك واحدة من أقوى العلامات التجارية في عالم كرة القدم. ويُعد باريس سان جيرمان حالياً ثالث أكثر الأندية تحقيقاً للإيرادات في العالم وفقاً لقائمة ديلويت لأغنى أندية كرة القدم في العالم، حيث تبلغ إيراداته السنوية 802 مليون يورو، وهو سابع أغنى نادٍ في العالم بقيمة 4.21 مليار دولار وفقاً لفوربس. هذا النمو المالي مدعوم من المالكين القطريين وتمكن من عقد صفقات مدوية وجلب أبرز نجوم العالم للعب في صفوف الفريق، ومن أبرز هذه التعاقدات زلاتان إبراهيموفيتش، نيمار، كيليان مبابي وليونيل ميسي، إضافة إلى العقود الإعلانية المربحة مع الهيئة العامة القطرية للسياحة، نايكي، اير جوردان، أكور والخطوط الجوية القطرية. كما ساهمت رئاسته لمجموعة «بي إن» الإعلامية في دعم صورة النادي على المستوى الدولي، وربطته بمنصات إعلامية رياضية رائدة، عززت من حضوره الجماهيري عالميًا. وبات باريس سان جيرمان اليوم أكثر من نادٍ؛ بل أيقونة عالمية تتقاطع فيها الرياضة مع الإعلام، والثقافة، والتأثير الناعم. التزام مجتمعي وإنساني إلى جانب الإنجازات الرياضية، حرص ناصر الخليفي على تعزيز الدور المجتمعي للنادي، من خلال دعم البرامج الاجتماعية، وتطوير أكاديميات الناشئين، وتعزيز دور المرأة في الرياضة، والاهتمام بكرة القدم النسائية. كما ركز على بناء مركز تدريب متكامل، يُعد اليوم من بين الأفضل في أوروبا، ويحتضن مئات المواهب الشابة من مختلف الخلفيات. ويؤمن الخليفي بأن «الرياضة ليست فقط بطولات، بل مسؤولية مجتمعية ورسالة إنسانية»، وهي فلسفة انعكست في كل جوانب العمل داخل باريس سان جيرمان. حضور عربي مشرّف يمثل ناصر الخليفي اليوم واحدًا من أبرز الشخصيات العربية في صناعة كرة القدم العالمية. وقد نجح، من خلال قيادته للنادي، في تقديم نموذج عربي ناجح ومشرف في أعلى المستويات الرياضية. ولم يكتف الخليفي بإدارة نادٍ أوروبي كبير، بل استطاع أن يرفع اسم العرب في المحافل الدولية، ويعزز من حضورهم في دوائر التأثير الكروي والإداري في أوروبا والعالم. كما أن الخليفي، بصفته عضوًا مؤثرًا في عدة لجان دولية، أصبح وجهًا مألوفًا في أهم الأحداث الكروية، وهو ما يعكس مكانته العالمية، ومدى الثقة التي يحظى بها في الأوساط الرياضية. المستقبل.. طموح لا يتوقف اليوم، وبعد مضي 14 عامًا على بداية المشروع، يواصل ناصر الخليفي السير بخطى واثقة نحو المستقبل، واضعًا نصب عينيه تحقيق لقب دوري أبطال أوروبا وهو ما تحقق بالفعل، إضافة إلى تعزيز مكانة باريس سان جيرمان كقوة رياضية شاملة. ويؤكد أن العمل مستمر على رفع مستوى الأكاديمية، وتطوير منظومة الفريق الأول، وتوسيع التأثير العالمي للنادي. وختامًا، يمكن القول إن ناصر الخليفي لم يبنِ فقط فريقًا ينافس في الملاعب، بل أنشأ مؤسسة رياضية عالمية تُحتذى، واستطاع أن يحوّل الحلم الباريسي إلى واقع ملموس، وأن يجعل من سان جيرمان زعيمًا حقيقيًا لأندية أوروبا، يستحق كل الإشادة والتقدير.