
واشنطن بوست: انقسام يهدّد الموقف الأميركي عقب مهاجمة إسرائيل لإيران
تحدثت صحيفة واشنطن بوست الأميركية عن تحذيرات أميركية بارزة في دوائر صنع القرار الأميركي، من أنّ الضربة الإسرائيلية الأخيرة ضدّ إيران قد تُحدث شرخاً عميقاً داخل ائتلاف السياسة الخارجية للرئيس الأميركي دونالد ترامب، وقالت إنّه فيما أيّد الجمهوريون التقليديون من ذوي التوجهات المتشدّدة التصعيد العسكري، برزت أصوات في تيار "الواقعية الاستراتيجية" داخل واشنطن، تدعو إلى ضبط النفس وتجنّب الانخراط في الحروب، وتطالب بمراجعة جدّية للعلاقة مع إسرائيل.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول سابق في وزارة الدفاع الأميركية، طلب عدم الكشف عن اسمه نظراً لحساسية النقاشات الجارية، قوله إنّ حالة من الإحباط بدأت تتسلّل حتّى إلى الأوساط المحافظة على إثر الضربات الإسرائيلية على إيران، وقال: "تلقيت رسائل من شخصيات سياسية تقول صراحة: لقد سئمنا من إسرائيل. وهذا تطوّر مقلق للغاية. لا أظن أن هذا المسار سيقود إلى نتائج إيجابية". ويرى مراقبون، طبقاً للصحيفة، أن هذا الانقسام المتصاعد يهدّد بتقويض وحدة الموقف الأميركي في الشرق الأوسط، خصوصاً إذا استمر التصعيد العسكري، وواصلت واشنطن الابتعاد عن دور الوسيط لصالح اصطفاف غير مشروط إلى جانب إسرائيل.
وأفاد مسؤولون أميركيون للصحيفة، شريطة عدم الكشف عن هويتهم، بأنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب كان حذّر نتنياهو مراراً من الإقدام على مهاجمة إيران في الوقت الراهن، تفادياً لتعطيل المساعي الدبلوماسية الجارية للتوصل إلى اتفاق مع طهران، التي يقودها المبعوث الأميركي
ستيف ويتكوف
، وأضاف المسؤولون أن ترامب أكد لرئيس الوزراء الإسرائيلي
بنيامين نتنياهو
، حتى أواخر مايو/أيار، أن الوقت غير مناسب لمثل هذا التصعيد، قائلاً: "نحن قريبون جداً من الحل، وإذا تمكّنا من إبرام صفقة، فسنُنقذ الكثير من الأرواح". وبحسب الصحيفة، فإن التطورات الأخيرة تشير إلى احتمال تغيّر موقف ترامب في الأيام الماضية، في ظل امتناع البيت الأبيض ووزارة الخارجية عن التعليق، وعدم وضوح ما إذا كان الرئيس قد أعطى ضوءاً أخضر ضمنياً للهجمات الإسرائيلية الأخيرة على إيران.
أخبار
التحديثات الحية
العدوان الإسرائيلي على إيران | هجمات مستمرة ومقتل قائدين عسكريين
وقالت الخبيرة في الشؤون الإيرانية في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية إيلي جيرانمايه "هدفت الضربات الإسرائيلية غير المسبوقة على إيران الليلة الماضية للقضاء على فرص الرئيس ترامب في التوصل إلى اتفاق لاحتواء البرنامج النووي الإيراني"، ونقلت واشنطن بوست عن محلِّلين قولهم إن المتشدّدين الإيرانيين الذين يميلون إلى عدم الثقة بواشنطن يحتاجون إلى ضمانات بأن ترامب قادر على منع إسرائيل من مهاجمتهم على نحوٍ موثوق، مشدّدين على أن السماح بمهاجمة إيران في خضم المفاوضات يقوّض هذا الجهد. وقالت روزماري كيلانيك، مديرة برنامج الشرق الأوسط في "أولويات الدفاع"، وهي مؤسّسة بحثية تدعو إلى نهج أكثر تحفظاً في التعامل العسكري الأميركي: "هذا يدمر مصداقية الولايات المتحدة تماماً في المفاوضات مع إيران، وربما في المفاوضات مع دول أخرى"، وأضافت "ما قيمة التعهد الأميركي إذا لم يستطع لجم إسرائيل؟".
ولم يقم ترامب ولا كبار مساعديه بمحاولات علنية يوم الجمعة لمنع إسرائيل من شنّ المزيد من الضربات، وقال محلِّلون إن الرسائل المتضاربة بدت غير قوية بما يكفي لوقف الهجمات الإسرائيلية أو لإقناع إيران بعدم ضرب المصالح الأميركية في المنطقة وجر واشنطن إلى حرب أوسع، وتناقض ترامب مع نفسه خلال الأيام الماضية، إذ قال يوم الخميس إن هجوماً إسرائيلياً قد يقع قريباً، وإذا حدث، فقد يُفسد جهوده للتوصل إلى اتفاق، لكنّه في اللحظة التالية، ألمح إلى أن الهجوم قد يكون له تأثير معاكس، ربما بطرق من شأنها أن تدفع الإيرانيين المتوترين نحو مخرج دبلوماسي.
ونقلت "واشنطن بوست" عن محلّلين في السياسة الخارجية قولهم إنّه من المبكّر الجزم بتداعيات الضربات الإسرائيلية على شكل المنطقة، أو ما إذا كانت الولايات المتحدة ستُجر إلى صراع مفتوح، إلّا أنهم أشاروا إلى أن صبر ترامب على المسار الدبلوماسي مع إيران قد يكون بلغ نهايته. وقال جوناثان بانيكوف، مسؤول سابق في الاستخبارات الأميركية إن "ترامب كان بالفعل يسعى إلى الدبلوماسية، وكان جاداً في محاولة إبرام اتفاق مع طهران، لكن بدا في الفترة الأخيرة أن هذا الهدف أصبح غير قابل للتحقيق".
تقارير دولية
التحديثات الحية
دونالد ترامب ناطقاً باسم الحرب الإسرائيلية على إيران
وأضاف بانيكوف أن إصرار إيران على التمسّك بحقها في تخصيب اليورانيوم شكّل عائقاً جوهرياً أمام أي تقدم، معتبراً أن ذلك "كان سبباً رئيسياً في تغيّر نهج ترامب في التعاطي مع الملف الإيراني"، ورجّح بانيكوف أن نتنياهو لم يكن ليقدم على الضربات الأخيرة من دون ضوء أخضر أميركي، قائلاً: "لا أعتقد أن نتنياهو كان ليتحرك بهذه الطريقة دون موافقة، ولو ضمنية، من إدارة ترامب".
وجدّدت إسرائيل، ليل الجمعة - السبت، عدوانها على إيران بعد عدوان واسع شنّته فجر الجمعة، واستهدف مواقع نووية ومقارّ عسكرية إيرانية، ما أسفر عن مقتل عدد من القادة العسكريين في إيران، فيما شنت إيران، مساء الجمعة، هجوماً صاروخياً على دولة الاحتلال الإسرائيلي. وأطلقت إيران، حتى فجر اليوم السبت، ستَّ موجات صاروخية على مواقع وأهداف في إسرائيل، وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بسقوط صواريخ وسط تل أبيب، كما أعلن الإسعاف الإسرائيلي مقتل ثلاثة إسرائيليين وإصابة آخرين من جراء سقوط صواريخ، عدا تضرّر عدد من المباني كثيراً في تل أبيب والمناطق المحيطة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ ساعة واحدة
- العربي الجديد
"سي أن أن": الهجوم الإسرائيلي ضد إيران قد يمتد أسابيع
نقلت شبكة سي أن أن الأميركية عن مسؤولين إسرائيليين وأميركيين، اليوم الأحد، قولهم إن العملية ضد إيران قد تمتد لـ"أسابيع وليس لأيام"، وأنّ ذلك يجري بموافقة ضمنية من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الصورة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ولد دونالد ترامب في 14 حزيران/ يونيو 1946 في مدينة نيويورك، لأبوين من أصول ألمانية واسكتلندية، تلقى تعليمه الأولي في مدرسة كيو فورست بمنطقة كوينز في مدينة نيويورك. التحق بالأكاديمية العسكرية في المدينة نفسها، وحصل عام 1964 على درجة الشرف منها، ثم انضم إلى جامعة فوردهام بنيويورك لمدة عامين، ثم التحق بجامعة بنسلفانيا، وحصل على بكالوريوس الاقتصاد 1968 . وقال مسؤول إسرائيلي إن إدارة ترامب لم تنتقد الإطار الزمني الذي يمتد لأسابيع في مناقشات خاصة. من جهته، قال مسؤول في البيت الأبيض للشبكة إنّ الإدارة على دراية بخطط إسرائيل وتدعمها ضمنياً، وعندما سُئل عن المدة التي يمكن أن يستمر فيها الصراع، قال المسؤول إن ذلك يعتمد على رد إيران، بحسب "سي أن أن"، وأضاف: "تؤمن إدارة ترامب إيماناً راسخاً بإمكانية حل هذا الأمر من خلال مواصلة المفاوضات مع الولايات المتحدة"، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة لن توجه إسرائيل لفعل أي شيء سوى الدفاع عن نفسها. يأتي ذلك فيما أكد مسؤول أميركي لموقع أكسيوس أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لا تفكر حالياً في المشاركة في الضربات الإسرائيلية على إيران، وكشف الموقع أن إسرائيل طلبت من إدارة ترامب خلال الـ48 ساعة الماضية المشاركة في الضربات للقضاء على برنامج طهران النووي. إلى ذلك، قالت صحيفة واشنطن بوست نقلاً عن مسؤول أميركي وصفته بـ"الكبير"، إن الولايات المتحدة لا تزال تأمل في عودة إيران إلى طاولة المفاوضات النووية في وقت "قريب"، وذلك رغم الحرب بين طهران وتل أبيب. وكان من المقرّر عقد الجولة السادسة من المفاوضات النووية في مسقط، عاصمة عُمان، إلّا أن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قال إنه "لا مبرّر لاستمرار المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة في ظل استمرار الوحشية التي يمارسها النظام الصهيوني"، متهماً الولايات المتحدة بـ"دعم مباشر للأعمال العدوانية الإسرائيلية"، مدلّلاً على ذلك بتصريحات ورسائل الرئيس الأميركي التي قال إنها شجّعت إسرائيل على استمرار اعتداءاتها. أخبار التحديثات الحية ترامب: لا علاقة لنا بهجوم إيران ويمكن بسهولة إبرام صفقة بين الطرفين إلى ذلك، أكد وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، اليوم الأحد، خلال كلمة له في اجتماع مع السفراء الأجانب في طهران أن هجمات بلاده ستستمر على الكيان الإسرائيلي، مشيراً إلى أن إسرائيل بدأت هجماتها "من دون أي مقدمة أو تمهيد سابق، ويُعد ذلك عدواناً صارخاً على أراضي الجمهورية الإسلامية الإيرانية"، وأضاف عراقجي أن الهجوم الإسرائيلي على إيران "لم يجرِ بدون موافقة ودعم أميركي (..) لدينا أدلة دامغة تُظهر دعم القوات والقواعد الأميركية في المنطقة لهجمات القوات العسكرية للكيان الصهيوني". وكانت صحيفة وول ستريت جورنال قد نقلت يوم الجمعة، عن مسؤول إسرائيلي "رفيع المستوى"، قوله، إنّ تل أبيب تخطط لشنّ عملية عسكرية على إيران تستمر 14 يوماً، وادّعى المسؤول، أن إسرائيل "ستجبر" إدارة طهران على (توقيع) اتفاق، من خلال تدمير القيادة الإيرانية وتقليص ترسانتها، وأن التوتر قد ينتهي بـ"اتفاق تفاوضي".


العربي الجديد
منذ ساعة واحدة
- العربي الجديد
نزاع المعادن العسكرية النادرة يهدد اتفاق التجارة الأميركي الصيني
رغم التفاؤل الذي أبداه الرئيس الأميركي دونالد ترامب بوصفه الاتفاق التجاري الأميركي الصيني في لندن بـ"الرائع"، إلا أن مصادر مطلعة كشفت أن الهدنة لم تُنهِ الخلاف بشأن تصدير المعادن الأرضية النادرة ذات الاستخدام العسكري. وأكد مصدران مطلعان على النتائج التفصيلية للمحادثات التجارية أن بكين رفضت منح تصاريح لتصدير مغناطيسات متخصصة تدخل في تصنيع المقاتلات وأنظمة الصواريخ الأميركية. كما أضافا أن الاتفاق لم يشمل أي تخفيف للقيود الأميركية المفروضة على رقائق الذكاء الاصطناعي المتقدمة الموجهة نحو الصين ، بسبب مخاوف من استخدامها لأغراض عسكرية. وقال المصدران، بحسب رويترز، إن بكين لم تلتزم بمنح تصاريح لتصدير بعض المعادن المغناطيسية الأرضية النادرة المتخصصة التي يحتاجها الموردون العسكريون الأميركيون لتصنيع الطائرات المقاتلة وأنظمة الصواريخ. وأبقت الولايات المتحدة على قيود التصدير على مشتريات الصين من رقائق متقدمة ضرورية لمجال الذكاء الاصطناعي بسبب القلق من أن يكون لها استخدامات عسكرية أيضاً. وفي المحادثات التي جرت في لندن الأسبوع الماضي، بدا أن المفاوضين الصينيين يربطون التقدم بشأن رفع قيود التصدير على المغناطيسات الأرضية النادرة ذات الاستخدام العسكري بالقيود الأميركية المفروضة منذ مدة طويلة على صادرات رقائق الذكاء الاصطناعي الأكثر تقدماً إلى الصين. وشكل ذلك منعطفاً جديداً في المحادثات التجارية التي بدأت بمسألة تهريب المواد الأفيونية ومعدلات الرسوم الجمركية والفائض التجاري للصين، لكنها تحولت بعد ذلك للتركيز على ضوابط التصدير. وقال المصدران إنه بالإضافة إلى ذلك، أشار مسؤولون أميركيون إلى أنهم يتطلعون إلى تمديد الرسوم الجمركية الحالية على الصين 90 يوماً أخرى بعد الموعد النهائي المتفق عليه في 10 أغسطس/ آب في جنيف الشهر الماضي، ما يرجح عدم التوصل إلى اتفاق تجاري دائم بين أكبر اقتصادين في العالم قبل ذلك الموعد. اقتصاد دولي التحديثات الحية انكماش الإنفاق يقلق حكومة الصين... وتأثير محدود للهدنة مع أميركا وطلب المصدران اللذان تحدثا إلى رويترز عدم الكشف عن هويتيهما نظراً إلى صرامة القيود التي يفرضها كلا الجانبين على الإفصاح عن المعلومات. ولم يرد البيت الأبيض أو وزارة الخارجية أو وزارة التجارة حتى الآن على طلبات التعليق. كما لم ترد وزارتا الخارجية والتجارة الصينيتان على طلبات للتعليق أُرسلت عبر الفاكس. ويعكس هذا الصمت الرسمي حساسية الملف المتعلق بالأمن القومي، لا سيما أن الصين تصنف بعض صادرات المعادن الأرضية النادرة مكوناتٍ استراتيجية. وتعد بكين المورد الأكبر عالمياً لهذه العناصر، وتتحكم بحوالي 70% من الإنتاج العالمي وفق بيانات المعهد الجيولوجي الأميركي (USGS) لعام 2024. وفي حال استمر النزاع، فقد تتأثر الصناعات العسكرية والتكنولوجية الأميركية بصورة مباشرة. وقال الرئيس دونالد ترامب، يوم الأربعاء، إن الاتفاق الذي توصل إليه المفاوضون الأميركيون والصينيون في لندن "رائع"، مضيفاً "لدينا كل ما نحتاجه، وسنحقق نتائج جيدة جداً بفضله. ونأمل أن يفعلوا ذلك أيضاً". وقال وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت إن الاتفاق لن يقلص القيود المفروضة على تصدير رقائق الذكاء الاصطناعي المتطورة مقابل الحصول على المعادن النادرة الصينية. ويخشى مسؤولون أميركيون، وفق تحليل نشرته بلومبيرغ أمس السبت، من أن "تفكيك ضوابط الصادرات" قد يسمح بتحويل تقنيات مدنية إلى أنظمة عسكرية متقدمة، في حين ترى الصين أن استمرار الحظر الأميركي يقيد نموها الصناعي السيادي. ولهذا، فإن النزاع حول التصدير ليس تفصيلاً بل صلب الصراع على القيادة العالمية. ورغم تصريحات ترامب بأن "الاتفاق عظيم وسيفيد الطرفين"، إلا أن بقاء قضايا أساسية مثل المعادن ذات الاستخدام العسكري والرقائق المتقدمة خارج إطار التفاهمات يعني أن الهدنة لا تزال هشة وقابلة للانهيار. وتحذر مراكز أبحاث مثل مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي من أن عدم حل هذه الملفات قد يدفع الطرفين إلى تصعيد جديد في الخريف القادم. ومع قرب الانتخابات الرئاسية الأميركية، تسعى إدارة ترامب للحفاظ على صورة "رئيس يفرض شروطه"، في حين تحاول الصين كسب الوقت لتقوية بنيتها التصنيعية الوطنية من دون التنازل عن سيادتها التكنولوجية. (رويترز، العربي الجديد)


BBC عربية
منذ 2 ساعات
- BBC عربية
"أُغلق الباب في وجوههم ظلماً": كيف بدّد الحظر الأمريكي أحلام القادمين من دول عربية منكوبة؟
بينما يحاول الآلاف في السودان واليمن وليبيا والصومال الفرار من جحيم الحروب والنزوح والموت اليومي، جاء قرار الحظر الأمريكي ليغلق في وجوههم آخر أبواب الأمل، ويحوّل تأشيرة النجاة إلى وثيقة مرفوضة. لم يفرّق القرار الرئاسي الجديد بين لاجئ وطالب علم أو مريض، بل صنّف الناس على أساس جوازاتهم، وليس وفق معاناتهم. ودخل قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمنع مواطني 12 دولة من دخول الولايات المتحدة، حيّز التنفيذ اعتباراً من الاثنين 9 يونيو/حزيران. وبحسب ما ورد في الإعلان الرئاسي فإن القرار اتخذ "لحماية البلاد من إرهابيين أجانب وتهديدات محتملة للأمن القومي". وجاء القرار عقب الهجوم الذي وقع ضد مسيرة لدعم الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة في الأول من يونيو/حزيران في ولاية كولورادو، ونفذه شخص دخل الولايات المتحدة بصورة غير قانونية، بحسب ما أفادت به السلطات. وإلى جانب الدول العربية الأربع، أُدرجت على قائمة الحظر أيضاً إيران وأفغانستان وميانمار وتشاد وجمهورية الكونغو وغينيا الاستوائية وإريتريا وهايتي. وبررت الإدارة الأمريكية التي تعتمد سياسة هجرة صارمة جداً، إدراج دول في قائمة الحظر بغياب الإدارات الفاعلة في هذه البلدان للتدقيق على المسافرين وميل مواطني بعضها إلى البقاء في الولايات المتحدة بعد انتهاء صلاحيات تأشيراتهم. ومن الملاحظ أن قوائم الحظر التي نشرتها إدارة ترامب لا تشمل مصر التي ينحدر منها الرجل البالغ من العمر 45 عاماً والمتّهم بشنّ هجوم كولورادو. يشار إلى أن قرار الإدارة الأمريكية الأخير فرض قيوداً جزئية على دخول أفراد من سبع دول أخرى، وهي بوروندي وكوبا ولاوس وسيراليون وتوغو وتركمانستان وفنزويلا. هذه ليست المرة الأولى التي يفرض فيها ترامب حظراً على دخول أفراد من دول ذات أغلبية مسلمة، بل خلال رئاسته الأولى فرض حظراً على مواطني سبعة من من هذه الدول في قرار أيدته المحكمة العليا عام 2018. غير أن الرئيس الديمقراطي السابق جو بايدن ألغى هذا الحظر عندما تولى منصبه في عام 2021، معتبراً إياه "وصمة عار على ضميرنا الوطني". جدير بالذكر أن القيود الأمريكية الجديدة تستثني حملة تأشيرات معينة من الأفراد الذين "يخدم سفرهم إلى الولايات المتحدة المصلحة الوطنية"، ويشمل هذا الاستثناء لاعبي كرة القدم المشاركين في كأس العالم 2026 التي ستُقام في الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، بالإضافة إلى الرياضيين الذين سيشاركون في دورة الألعاب الأولمبية في لوس أنجلوس عام 2028. ويشمل القرار فقط الراغبين الجدد بدخول الولايات المتحدة مع سريان التنفيذ. ووفقاً لبيانات وزارة الخارجية الأمريكية، تصدّر اليمن قائمة الدول العربية الأربع المشمولة بالحظر من حيث عدد التأشيرات الصادرة خلال الفترة بين مايو/أيار 2024 وأبريل/نيسان 2025، إذ بلغ عددها 14,677 تأشيرة، تشمل تأشيرات الهجرة وغيرها. وجاء السودان في المرتبة الثانية بـ8,427 تأشيرة، ثم ليبيا بـ4,030 تأشيرة، ثم الصومال في المرتبة الأخيرة بـ3,196 تأشيرة. "أصبح كل شيء غامضاً" أفرادٌ من الجالية الصومالية في الولايات المتحدة قالوا في حديثهم لبي بي سي إن هذا الحظر يسهم في تعزيز الصور النمطية السلبية عن الصوماليين ويزيد من مشاعر العزلة والتمييز. يقول حسن فارح، طالب جامعي صومالي يبلغ من العمر 24 عاماً، إن قرار الحظر جاء ليغلق أمامه "باب الحلم الذي كان يطارده لسنوات"، بعدما حصل على قبول مبدئي في جامعة أمريكية لمتابعة دراسته العليا في علوم الحاسوب. ويوضح حسن، الذي يقيم حالياً في مقديشو، أن حلمه كان إكمال الماجستير في جامعة مرموقة بعد سنوات من الدراسة والاجتهاد، وقد حصل على قبول أكاديمي في ولاية ميشيغان وكان يستعد للتقديم على تأشيرة الطالب (F-1) حين صدر القرار المفاجئ. ويضيف لبي بي سي: "كنت أرى الدراسة في الولايات المتحدة فرصة للخروج من واقع مضطرب، وفرصة لبناء مستقبل لي ولبلدي... الآن أصبح كل شيء غامضاً، ومجرد التفكير في البدائل يشعرني بالإحباط". ويشير حسن إلى أن القرار لا يميز بين الطلاب واللاجئين أو غيرهم، بل "يضعنا جميعاً في سلة واحدة، وكأننا جميعاً تهديد"، مؤكداً أن "الجامعات الأمريكية يجب أن تكون فضاءً للعلم لا مجالاً للتصنيف السياسي". وأشار تعداد 2021، إلى أن هناك حوالي 116,520 شخصاً من أصول صومالية يقيمون في الولايات المتحدة، موزعين على 40 ولاية. وتُعدّ مينيسوتا موطناً لأكبر عدد من الصوماليين المقيمين في الولايات المتحدة. كما اعتبرت الجالية اليمنية في نيويورك قرار الحظر "قراراً عشوائياً وتمييزياً يفتقد إلى أبسط معايير العدالة والإنصاف"، وطالبت في بيان صحفي نشرته على مواقع التواصل الاجتماعي بالتحرك العاجل من قبل المؤسسات الحقوقية والمدنية وأعضاء الكونغرس ومجلس الشيوخ لرفض هذا القرار ووقف تبعاته. وبحسب بيانات مكتب الإحصاء الأمريكي، بلغ عدد الأمريكيين من أصل يمني 91,288 نسمة في تعداد عام 2020. كما أظهرت تقديرات عام 2023 أن عدد المولودين في اليمن المقيمين في الولايات المتحدة بلغ 71,471 شخصاً. قرار "عنصري وتعسفي" يقضي على أحلام السودانيين بلغ عدد الأمريكيين من أصل سوداني 75,413 شخصاً في عام 2023، منهم 59,305 ولدوا في السودان، بحسب بيانات مكتب الإحصاء الأمريكي. في المقابل، تشير تقديرات معهد سياسة الهجرة إلى أن عدد المهاجرين السودانيين المقيمين في الولايات المتحدة بين عامي 2015 و2019 بلغ 46,700 شخص. تصف محاسن أحمد محمد، وهي حقوقية ومن أعضاء تجمع السودانيين في أمريكا المقيمة في منطقة واشنطن الكبرى بولاية ميريلاند، قرار الرئيس الأمريكي بأنه "قرار عنصري وتعسفي"، لا يستند إلى أي أسس قانونية أو أمنية، ويستهدف السودانيين في وقت يعيش فيه بلدهم أزمة إنسانية خانقة. وتوضح محاسن محمد في حديث مع بي بي سي أن القرار "لا يشمل حملة بطاقات الإقامة (جرين كارد) أو المواطنين المقيمين في الولايات المتحدة، ولا يمكن له أن يتجاوز الدستور الأمريكي". "أقولها بصوت عالٍ ومن غير خوف، القرار عنصري وتعسفي، وغير إنساني وغير حكيم"، تضيف محاسن محمد. وتنتقد توقيت القرار، مؤكدة أن السودان يمر اليوم بظروف استثنائية من نزاع داخلي وجوع ومرض، بينما ينتظر الآلاف من أبنائه فرص النجاة من أتون الحرب. وتؤكد محاسن محمد أن القرار أصاب العائلات السودانية في الداخل والخارج بصدمة كبيرة، إذ حرم العديد من الشباب من تحقيق حلمهم بإكمال الدراسة في الولايات المتحدة أو التقدم لبرنامج القرعة الأمريكية (اللوتري). وتتابع: "الشعب السوداني موجود في كل العالم، وأبناؤه في أطراف الدول يعانون كلاجئين. القرار مسّ كل عائلة لديها ابن يحلم بالخروج من تحت الرصاص والموت في السودان. الآن، ترامب بهذا القرار قضى على أحلامهم". وتؤكد محاسن محمد لبي بي سي أن الجالية السودانية لم تشكل يوماً أي تهديد أمني على الولايات المتحدة، بل كانت دائماً تتعامل باحترام واندماج ضمن المجتمع الأمريكي. وتقول: "لم نعتدِ على أحد لا كأفراد ولا كمنظمات، والجالية لم تكن أبداً موضع تهديد". وترفض محاسن محمد التبريرات الأمنية التي رافقت القرار، معتبرة أنه يعكس تخبطاً في السياسة الخارجية الأمريكية. وتضيف: "ترامب غير قادر على تحديد شكل العلاقة مع السودان في المستقبل، ولا مع باقي القوى الكبرى ذات المصالح في السودان. هو يبحث عن مكاسب سياسية فقط". وتؤكد أن الجالية السودانية في الولايات المتحدة، التي تعيش فيها منذ أكثر من 30 عاماً، لن تقف صامتة، بل ستتحرك عبر منظمات ومؤسسات حقوقية، وسترفع صوتها في الكونغرس. وتقول أيضاً "نحن السودانيون شعب صوتنا عالٍ. لدينا منظمات كثيرة سترفع شكاوى، والقضاء العام ومجلس الشيوخ سيرفضان القرار. أما ترامب، فليقرر ما يشاء، لكن في النهاية لا أحد سيقبل قراراته غير العادلة". وتختم بالقول إن الكثير من السودانيين الذين فازوا باللوتري كانوا على وشك مغادرة بلدهم المشتعل طلباً للأمان، لكن القرار جاء ليحرمهم من هذه الفرصة. "كانوا مبسوطين إنهم سيخرجون من الموت والدمار... والآن أُغلق الباب في وجوههم ظلماً"، تضيف محاسن محمد. "تمييز وعنصرية ويجب الرد بالمثل" بلغ عدد الأمريكيين من أصل ليبي 13,681 شخصاً في عام 2020، وفقاً لبيانات مكتب الإحصاء الأمريكي. وتشير تقديرات معهد سياسة الهجرة إلى أن 38 في المئة من المهاجرين الليبيين إلى الولايات المتحدة وصلوا بعد عام 2010، مما يعكس زيادة ملحوظة في أعدادهم خلال العقد الأخير. ينتقد الرحالة الليبي محمد السليني في حديثه لبي بي سي قرار الرئيس الأمريكي، معتبراً أن القرار ينطوي على "تمييز وعنصرية" و"يفتقر إلى الاحترام". ويقول السليني إن "الولايات المتحدة تمتلك الحق في اتخاذ إجراءات مشددة بخصوص منح التأشيرات أو عبر ضباط الجوازات في مطاراتها، ولكن، أي قرار يتعلق بحظر شامل للدخول يعتبر تمييزياً، عنصرياً، ويفتقر إلى الاحترام". ويضيف: "في رأيي، عدم الاحترام يجب أن يُقابل بالمثل"، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن "أمام دولنا مشواراً طويلًا جداً للإصلاح، وهذا أمر آخر نتحمل مسؤولية كبيرة نحوه". ويؤكد السليني، الذي سبق له زيارة الولايات المتحدة لأغراض سياحية، أن السياسات الانتقائية في منح التأشيرات تؤثر على الصورة العامة للبلدان أمام شعوب العالم، داعياً إلى التعامل مع الشعوب بإنصاف بعيداً عن الخلفيات السياسية أو الدينية. قرار "سياسي بلباس أمني" يعتبر المحامي محمد السواعير، الخبير في شؤون الهجرة في الولايات المتحدة الأمريكية، أن القرار ذو "طابع سياسي وأمني في آنٍ معاً"، لكنه يفتقر للمرتكزات القانونية المستقرة، بحسب تعبيره. ويقول السواعير لبي بي سي إن القرار "ليس قانونياً بقدر ما هو سياسي"، مشيراً إلى أن دوافعه تعود لاعتبارات الأمن القومي. وأضاف: "يشمل القرار دولاً تعاني من غياب الشفافية والفوضى الأمنية، ولا تثق الولايات المتحدة بالوثائق الصادرة عن حكوماتها، وهو ما يجعل المسألة أمنية قبل أن تكون سياسية أو قانونية". وحول تأثير الحظر على مواطني الدول العربية المشمولة، يوضح السواعير أن القرار يشمل منعاً شبه كامل لمنح تأشيرات الدخول، وبخاصة لأغراض الدراسة أو الهجرة. ويقول: "أي شخص من رعايا هذه الدول لن يتمكن من الاستفادة من برامج مثل الدراسة، أو الهجرة العشوائية (اللوتري)، أو حتى الزيارات المؤقتة، إلى حين رفع الحظر أو صدور أحكام قضائية تنقضه". ويضيف: "هناك استثناء جزئي للطلبات المقدمة من مواطنين أمريكيين لأقاربهم من الدرجة الأولى، لكن معظم الفئات الأخرى مثل الحاصلين على الإقامة الدائمة وأسرهم، وكذلك طلبات التأشيرات المؤقتة، مشمولة بالحظر". وبشأن الخيارات القانونية المتاحة أمام المتضررين من القرار، يشدد السواعير على أن الحظر يستند إلى صلاحيات رئاسية، وليس إلى قانون صادر عن الكونغرس، ما يجعله عرضة للطعن. ويبيّن أن القرار "مؤقت بطبيعته، ويمكن أن يُلغى بانتهاء ولاية الرئيس الذي أصدره". كما يشير إلى أن منظمات حقوق الإنسان وجمعيات مدنية بدأت بالفعل برفع دعاوى قضائية تطعن بدستورية القرار، وأن هذه القضايا ما زالت قيد النظر أمام القضاء الأمريكي. ويختم بالقول إن الأفراد الذين تم رفض طلباتهم يمكنهم مواصلة الإجراءات القانونية والاحتفاظ بكامل أوراقهم ومستنداتهم، حتى يتم البت في مصير القرار أو انتهاء فترة سريانه. هل يُمكن إسقاط الحظر الأمريكي قانونياً؟ يقول الدكتور بسام أبو رمان، أستاذ القانون الدولي، إن قرار الحظر الأمريكي الجديد يثير تساؤلات قانونية بشأن مدى توافقه مع مبادئ القانون الدولي، لا سيما مبدأ عدم التمييز وحق اللجوء وحرية التنقل. لكنه يشدد في حديثه مع بي بي سي على أن إسقاط القرار داخلياً في الولايات المتحدة سيكون أمراً بالغ الصعوبة في ظل الصياغات القانونية المحكمة التي تتجنب الوصم المباشر بالتمييز العنصري. ويوضح أبو رمان أن "من أبرز مبادئ القانون الدولي هو مبدأ سيادة الدول، أي أن من حق كل دولة سن التشريعات الخاصة بشؤونها الداخلية، لكن لا يعني ذلك أن تتجاوز التزاماتها الدولية". ويشير إلى أن اتفاقيات مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية جنيف للاجئين وبروتوكولها لعام 1967، "تحرّم التمييز العنصري وتجرّمه". ويضيف أن "المعيار الأساس هنا هو: هل يحمل القرار صيغة تُظهر التمييز العنصري؟ أم أنه يستند إلى تبريرات أمنية وإدارية قابلة للتفسير؟"، مشيراً إلى أن القانون الدولي لا يرفض مثل هذه القرارات ما لم يكن فيها دلالة على الاضطهاد أو الإعادة القسرية لطالبي اللجوء. وفيما يتعلق بإمكانية الطعن في القرار أمام محكمة العدل الدولية أو عبر آليات الأمم المتحدة، يوضح أبو رمان أن اللجوء إلى محكمة العدل الدولية يتطلب شروطاً صارمة، من بينها قبول الطرفين بالتقاضي، وهو أمر "مستبعد عملياً، خاصة عندما يتعلق الأمر بالولايات المتحدة"، مضيفاً أن "الدول المتضررة نادراً ما تُقدِم على تحريك دعوى دولية بهذا المستوى دون مصالح مباشرة أو دعم سياسي كافٍ". ويرى أستاذ القانون الدولي أن "العبء السياسي والمواجهة مع واشنطن تجعل من ذلك خياراً غير مرجح". ورداً على سؤال حول السياق السياسي للقرار، يعتبر أبو رمان أن "قرار الحظر لا يبدو مدفوعاً فقط باعتبارات أمنية، بل يُستخدم كأداة ضغط سياسي وانتخابي". ويضرب مثالاً بقوله: "ترامب برّر الحظر بتجاوز مدة الإقامة في الولايات المتحدة، لكن بيانات الهجرة تُظهر أن دولاً لم تُدرج، مثل جامايكا، تشهد تجاوزاً أكبر من بعض الدول المحظورة". ويلفت إلى أن القائمة تضم دولاً تشهد عدم استقرار، لكن دولاً أخرى تشهد أوضاعاً مشابهة أو أسوأ – مثل النيجر وبوركينا فاسو – لم تُدرج. مضيفاً: "هذا يثير شكوكاً حول المعايير المستخدمة". ويخلص أبو رمان إلى أن الرئيس الأمريكي "يستغل صلاحياته الأمنية لحشد الدعم السياسي، ويعيد رسم خريطة العلاقات الدولية من زاوية من يدعم سياساته ومن لا يدعمها"، مؤكداً أن "غياب الشفافية في شرح أسباب إدراج كل دولة على حدة، يعطي الانطباع بأن القرار سياسي أكثر مما هو أمني".