
الحسيمة: حريرة الكاتب العام…من سيلتقط الإشارة الصحيحة؟
الذي نغفله، ونحن في زحمة الروتين اليومي، أن 'الحسيمة' منطقة تأبى الجمود، هي والطبيعة الجيولوجية للأرض التي تقع عليها توأمان، تشبهها في كل شيء، في تحرك صفائحها التكتونية، في زلازلها وفي مناخها، دائما عقارب الحرارة فيها تقترب من منطقة الإشتعال وتتأرجح بين 'الصهير البركاني' و'اللافا'
الغبزوري السكناوي
أكيد أن قرار توقيف الداخلية لمسؤولها على رأس الكتابة العامة بعمالة إقليم الحسيمة، يوم الخميس 13 فبراير2025، والزج به في 'كراج الوزارة' لم يكن إلا لحريرة ارتكبها هذا المسؤول، ولربما لذنب عظيم أتاه الرجل نتيجة اندفاعه المفرط وحماسته الزائدة في القيادة داخل دروب 'منارة المتوسط' بدون أضواء كافية.
بهذا القرار ستكون الحسيمة قد شهدت خلال ال 15 سنة الأخيرة التحقيق مع العشرات من المسؤولين، والذي أفضى إلى توقيع توقيفات، إعفاءات وإقالات في حق 74 شخصا من بينهم وزراء، مسؤولون أمنيون وإداريون، والي وعامل، مدراء شركات ومقاولات عمومية، رؤساء مصالح خارجية، ورؤساء أقسام بعمالة الحسيمة.
ساكنة الحسيمة تتذكر جيدا تواريخ بعض الزلازل السياسية كتذكرها لزلازل الطبيعة، وبداية هذه التواريخ كانت يوم 20 يوليوز 2010، حين نزل خبر توقيف عدد من المسؤولين الأمنيين والمدنيين في عملية إقالة، شملت أزيد من عشرين شخصا، ووصفت حينها بالأكبر في عهد الملك محمد السادس منذ توليه مقاليد الحكم في عام 1999.
بعد هذا التاريخ بأربع سنوات، وبالضبط في شهر غشت من عام 2014، سيشهد المغرب إحالة أزيد من 23 مسؤولاً على القضاء، من بينهم مدراء عامون بصندوق الإيداع والتدبير، الشركة العامة العقارية وعدد من المسؤولين والممثلين القانونيين لشركات بناء ومقاولات عمومية، وذلك في ارتباط بالإختلالات التي عرفها المشروع السكني بالقطب الحضري 'باديس' بمدينة الحسيمة.
مسلسل إعفاءات المسؤولين المحليين بالحسيمة لم يتوقف عند هذا الحد، بل ظل مستمرا، حيث شهد الأسبوع الأخير من شهر غشت سنة 2015، وبناء على التحقيقات التي باشرتها عناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، توقيف عدد من المسؤولين المحليين مع إعفاء والي الجهة، جلول صمصم، من مهامه وإلحاقه بالمقر المركزي لوزارة الداخلية.
وفي علاقة بالإحتقان الذي عرفته الحسيمة، نتيجة اختلالات بعض المشاريع التنموية، قرر وزير الداخلية يوم الثلاثاء 28 مارس 2017 إعفاء عامل الإقليم، محمد الزهر، قبل أن يقرر جلالة الملك، يوم الثلاثاء 24 أكتوبر من نفس السنة، إقالة أربعة وزراء والمدير العام للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب مع إصدار تعليماته قصد اتخاذ التدابير اللازمة في حق 14 مسؤولا إداريا.
وإذا كانت هذه التوقيفات، الإعفاءات والإقالات تختلف في حجم رقعتها وفي بعدها الإداري والسياسي والقضائي، وحتى في وقعها على الرأي العام والمعنيين المباشرين بها، فإنها تتشابه من ناحية الأسباب والدوافع، إن لم تكن هذه الأسباب من جنس واحد، لأنها تتصل جميعها بسعي البعض في فرض نوع من 'الثبات' والجمود في منطقة جعل الله 'صفائحَها' تتحرك على الدوام.
الذي نغفله، ربما، ونحن في زحمة الروتين اليومي، أن 'الحسيمة' منطقة تأبى الجمود، هي والطبيعة الجيولوجية للأرض التي تقع عليها توأمان، تشبهها في كل شيء، في تحرك صفائحها التكتونية، في زلازلها وفي مناخها، دائما عقارب الحرارة فيها تقترب من منطقة الإشتعال وتتأرجح بين 'الصهير البركاني' و'اللافا'
الغريب في الأمر أنه ثمة مسؤولين دائما ما يحاولون مد الهشيم، الذي تراكم في النفوس، بالشرارة، وهذا النوع غالبا ما ينحصر دوره في تقليص ما يعرف ب firebreak، أو 'فجوة النار' حيث تجدهم يضعون أيديهم في ايدي نحاة 'البلوكاج' من أبناء المنطقة (لوبيات الريع، مافيا العقار، وتجار الخمور…) ويستغلون بعض 'الضعفاء' والفاسدين من المنتخبين
هؤلاء المسؤولين همهم الوحيد هو البحث عن الطغمة الفاسدة من أبناء المنطقة لتقليص 'فجوة النار' ودفع 'الشرارة' من 'منطقة الإشتعال' إلى 'منطقة الإحتراق'، إنهم يستمدون أسلوبهم في التدبير من طائرFirehawk أو الحدأة الذي ينشر الجحيم في الغابات، حيث يلتقط غصنا مشتعلا ليلقيه وسط باقي الأشجار، ويحتفل بخبث بعد ذلك مع أقرانه بميلاد نار جديدة ستوفر لهم وليمة من الحيوانات الصغيرة بعد انكفاء ألسنة اللهب.
إن 'البلوكاج' الذي تعرفه المنطقة على جميع المستويات أصبح مقلقا للغاية، خاصة على المستوى الإقتصادي والإجتماعي، الكل يشعر بنوع من الهدوء أو الجمود غير الطبيعي، ورغم الإرتياح الذي خلقته هذه التوقيفات، التي كان أغلبها بتعليمات ملكية ومتابعة شخصية من جلالته، فإن الكابوس لم ينزاح بعد، بل لزال يزعج الحالمين بمستقبل تنموي زاهر للمدينة والإقليم
وللحقيقة نقول أن مصيبة المنطقة ليست في بعض مسؤوليها فقط، بل في نخبها، وبالخصوص بعدما ابتليت بطغمة من الانتهازيين في مجال الإقتصاد، حيث وصل بهم الجشع، وأمام موت الأحزاب، النقابات، الإعلام والمجتمع المدني، إلى بيع كل شيء، فاليوم وضعية عدد من القطاعات والمشاريع تؤكد أنه ثمة من يصنع هذا الكابوس صنعا، ويدفع به ليتمدد في جميع الإتجاهات بالإقليم ليهيمن على المؤسسات والمجالس.
الذي يحدث في بعض القطاعات بالإقليم يؤكد أنه ثمة معاكسة صريحة لرغبة الملك في العبور بالحسيمة من 'منطقة اشتعال' إلى 'منطقة انتقال' وجعلها ورشا تنمويا مفتوحا، أولا من أجل إعادة الاعتبار لمنطقة عانت من التهميش الممنهج في ظروف وسياقات غدت شيئا من التاريخ والذاكرة، وثانيا انسجاما مع سياق اقتصادي وسياسي إقليمي ومتوسطي فرض الإهتمام بكل أقاليم الشمال.
إن المنطقة بقدر ما عرفت نوعا من الاهتمام وخلق مشاريع تنموية مهمة بقدر ما انفتحت فيها 'أفواه واسعة' وجعلت كل شيء لقمة سائغة، ولعل واقع منطقة الأنشطة الإقتصادية بأيت قمرة، المشاريع السياحية والفندقية، الملك العمومي، المقالع، الميناء، العقار والبناء، والإمتيازات التي حظي بها قطاع ترحيل الخدمات، واستغلال المهام النيابية للحصول على رخص معينة… كلها مؤشرات تؤكد أن الحسيمة تلتقم ب 'فم مزدوج'
وأظن أن استمرار هذه 'الأفواه الواسعة' في التقام كل المبادرات الإقتصادية، وتغول بعض الشبكات وممارستها للإستحواذ، وإغراق الإقليم بمشاريع خاصة وهمية، سيضع مسؤولية حسن الزيتوني، على رأس السلطة الترابية بالحسيمة، ومعه كل مؤسسات الدولة أمام تحديات مضاعفة، بالخصوص في ظل مشهد سياسي محلي، حزبي وانتخابي، يتراوح في عموميته بين 'الترهل' والفساد.
أظن أن ما نحتاجه على رأس الإقليم، طبعا اليوم قبل الغد، هو مسؤول ترابي يستشرف المستقبل، لأنه من المؤكد أن الأحداث لا تولد لحظة وقوعها، هي كما الزلازل والبراكين، مسؤول يدرك، تماما، الحدود الفاصلة بين الليونة والتراخي، وله الوعي التام بالنتائج التي تستتبع كل من المعنيين، فهل يستطيع حسن الزيتوني أن يضع الإقليم على السكة التي أرادها له الملك، وهل سيتمكن من ترجمة التوجيهات الملكية القاضية بأخذ العبرة من المشاكل التي عرفها البرنامج التنموي منارة المتوسط، لتفادي الاختلالات والعوائق.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


ناظور سيتي
منذ ساعة واحدة
- ناظور سيتي
تكريم مستحق لنجل مربي الأجيال سيدي محمادي السقالي رحمه الله
محمد الشرادي -بروكسل- إن من واجب الوفاء أن نشيد بالكفاءات الوطنية الصادقة، التي تواصل مسيرة البذل والعطاء، وتجسد القيم الرفيعة التي ورثتها عن رجال وهبوا حياتهم لخدمة العلم والوطن. وفي هذا السياق، لا يسعنا إلا أن نتوقف بكل تقدير واحترام عند شخصية السيد معاوية السقالي، العضو المنتدب للتجاري وفا بنك مصر، نجل الفقيد الراحل سيدي محمادي السقالي رحمه الله، ذاك المربي الفاضل الذي ترك أثرا خالدا في نفوس أجيال من التلاميذ، وأسهم في بناء مجتمع المعرفة والأخلاق، الذي تم تكريمه من طرف السيد أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، وسمو الشيخ محمد بن حمد الشرقي، ولي عهد إمارة الفجيرة، خلال فعاليات اليوم العربي للاستدامة في نسخته الثالثة. السيد معاوية السقالي، العضو المنتدب للتجاري وفا بنك مصر، نجل هذا الأستاذ الجليل، الذي اثبت أن البذور الطيبة لا تثمر إلا نجاحا وتفوقا، وأن الكفاءة الحقيقية لا تصنع المجد الشخصي فقط، بل ترفع اسم الوطن، وتشرف المدينة، وتسعد الأسرة التي أحسنت التربية وأخلصت في الغرس. إن هذا التكريم ليس مجرد اعتراف بمسار مهني أو نجاح شخصي، بل هو احتفاء برمز من رموز الاستمرارية والجدارة، واستحضار لروح رجل عظيم ترك خلفه إرثا من القيم، يتجلى اليوم في صورة أبناء بارّين يواصلون الرسالة بنفس التفاني والإخلاص. رحم الله الفقيد سيدي محمادي السقالي، وأطال في عمر من يحمل رايته بفخر وكفاءة.


LE12
منذ ساعة واحدة
- LE12
«le12» تنشر بالأرقام تفاصيل الدعم المالي والعيني الذي رصدته حكومة أخنوش للكساب
تبلغ كلفة للدعم الرباط – نيروز همون تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، خلال المجلس الوزاري المنعقد، يوم الاثنين 12 ماي 2025 بالرباط، قدم وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، اليوم الخميس امام مجلس الحكومة برئاسة عزيز أخنوش، تفاصيل البرنامج الذي ستطلقه الحكومة والموجه لدعم مربي الماشية وتحسين أوضاعهم، وإعادة تشكيل القطيع الوطني بشكل مستدام. وفي هذا السياق، أفاد الوزير أن جلالة الملك حفظه الله، أصدر توجيهاته السامية، قصد 'الحرص على أن تكون عملية إعادة تكوين القطيع ناجحة على جميع المستويات، بكل مهنية، ووفقا لمعايير موضوعية، وأن يوكل تأطير عملية تدبير الدعم إلى لجان تشرف عليها السلطات المحلية'. وأفاد أنه سيتم إصدار دورية مشتركة تبرز بشكل واضح أدوار مختلف المتدخلين في هذه العملية. وأضاف الوزير وفق بلاغ للحكومة توصلت جريدة بنسخة منه، أن هذا البرنامج، الذي ينضاف إلى الإجراءات الحكومية المتخذة في هذا الإطار، يروم تثمين الأثر الإيجابي الذي خلفته التساقطات المطرية الأخيرة، بتوفير ظروف مواتية لإعادة تشكيل القطيع الوطني. ويرتكز هذا البرنامج الجديد الذي يعكس العناية الموصولة التي ما فتئ يوليها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، للعالم القروي ولكل مكونات القطاع الفلاحي، على 5 محاور أساسية: المحور الأول، يتعلق بإعادة جدولة ديون مربي الماشية، عبر التخفيف من تراكم الديون على حوالي 50 ألف مربي بكلفة تصل إلى 700 مليون درهم ستتحملها ميزانية الدولة. حيث سيتم: – إلغاء 50 في المائة من ديون رأس المال والفوائد، التي تقل قيمتها عن 100.000 درهم ، ويمثل صغار الكسابين 75%من مجموع المستفيدين. – إلغاء 25 في المائة من ديون رأس المال والفوائد، التي تتراوح قيمتها بين 100.000 و200.000 درهم. وتمثل هذه الفئة 11% من مجموع المستفيدين. كما ستتم إعادة جدولة ديون الفلاحين، والإعفاء من الفوائد المترتبة عن تأخير الأداء بالنسبة للقروض التي تتجاوز قيمتها 200.000 درهم. المحور الثاني، يهم دعم الأعلاف، وذلك عبر دعم ثمن بيع الشعير في حدود 7 ملايين قنطار، ليصبح ثمن بيع الكيلوغرام الواحد 1,5 درهم، إضافة إلى دعم ثمن بيع الأعلاف المركبة الموجهة للأغنام والماعز في حدود 7 ملايين قنطار ليصبح ثمن بيعه درهمين (2) للكيلوغرام. وسيخصص لتنزيل هذا الإجراء ما يناهز 2,5 مليار درهم. المحور الثالث، يتعلق بإطلاق عملية ترقيم إناث الماشية، وذلك لتتبع ومواكبة أجرأة منع ذبح الإناث للحفاظ على القطيع الوطني، بهدف بلوغ أزيد من 8 ملايين رأس من إناث الأغنام والماعز خلال ماي 2026. كما سيتم بحلول نفس التاريخ تقديم دعم مباشر للمربين بقيمة 400 درهم، عن كل رأس من الإناث التي تم ترقيمها ولم يتم ذبحها، وذلك لتعويضهم عن تكلفة الاستمرار في الحفاظ على القطيع. المحور الرابع، يتعلق بإطلاق حملة علاجية وقائية، لحماية 17 مليون رأس من الأغنام والماعز خلال هذه السنة من الأمراض المترتبة عن تداعيات الجفاف، بكلفة مالية تصل إلى150 مليون درهم. المحور الخامس، يروم تنظيم عملية تأطير تقني لمربي الماشية، وذلك لتحسين السلالات عبر خلق منصات للتلقيح الاصطناعي والمواكبة التقنية للرفع من الإنتاجية، بكلفة مالية تصل إلى 50 مليون درهم. وستبلغ كلفة تدابير هذه الإجراءات، بحلول نهاية سنة 2025، ما يناهز 3 ملايير درهم. علاوة على تخصيص 3.2 مليار درهم سنة 2026، ككلفة للدعم المباشر الذي سيقدم للمربين الذين انخرطوا بنجاح في الحفاظ على إناث الماشية لضمان استدامة القطيع الوطني.


تيفلت بريس
منذ ساعة واحدة
- تيفلت بريس
الكاتب العام لعمالة الخميسات في زيارة لدار الطالبة بجماعة مقام الطلبة بمناسبة الاحتفال بالذكرى 20 للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية
عبد العالي بوعرفي – تيفلت بريس بمناسبة تخليد الذكرى 20 لاعطاء انطلاقة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية من طرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله ، وفي إطار احتفال عمالة اقليم الخميسات بهذه المناسبة تحت إشراف رئيس اللجنة الإقليمية للتنمية البشرية عامل الاقليم السيد عبد اللطيف النحلي ، قام اليوم الخميس 22 ماي 2025 الكاتب العام العمالة الخميسات عبد الله وقاص مرفوقا بالسيد محمد أمين الكرد رئيس قسم العمل الاجتماعية بالنيابة بزيارة ميدانية لدار الطالبة بجماعة مقام الطلبة دائرة تيفلت ويعكس المشروع، الذي استفاد من دعم المبادرة الوطنية، روح الاستمرارية في العناية بالفتاة القروية ومساعدتها على اكمال مسارها الدراسي وهو ما يترجم الالتزام بتوفير بيئة ملائمة للتمدرس والإيواء للفتيات. ووجد السيد الكاتب في استقباله قائد قيادة سيدي عبد الرزاق السيد عبد الواحد الرحيوي وبعض أعضاء المجلس الجماعي ومديرة دار الطالبة والاطر العامل بها والتلميذات نزيلات هذه المؤسسة الاجتماعية النموذجية والتي تم تشييدها بتمويل من المبادرة الوطنية ، تأكيدًا للعناية الممنوحة لهذه الفئة المجتمعية. وتأتي هذه الزيارة، في سياق تأكيد حرص السلطات الاقليمية و المحلية والمؤسسات الشريكة على تثمين المكتسبات المحققة، وتعزيز المبادرات الاجتماعية، بما يشكل رافعة فعلية للعدالة المجالية والاجتماعية.