logo
التوترات الإقليمية تقوِّض آمال لبنان بموسم سياحي واعد

التوترات الإقليمية تقوِّض آمال لبنان بموسم سياحي واعد

الشرق الأوسط٢٦-٠٧-٢٠٢٥
​رغم المشهد الذي بدا للوهلة الأولى واعداً في مطار رفيق الحريري الدولي؛ حيث تكدّست الطائرات القادمة من مختلف الوجهات، فإن الواقع السياحي في لبنان خلال صيف 2025 لم يرقَ إلى مستوى التوقعات.
وبين مؤشرات الإشغال المرتفعة على متن رحلات «طيران الشرق الأوسط» من جهة، وشكوى أصحاب الفنادق من تراجع ملحوظ في نسب الحجوزات من جهة أخرى، بدا الموسم منقسماً بين أرقام متفائلة وصورة ميدانية أكثر تعقيداً.
وأكد أحد القيمين في الدائرة التجارية بشركة «طيران الشرق الأوسط» (الناقلة الجوية اللبنانية) أن الحركة الجوية نحو لبنان شهدت نشاطاً ملحوظاً خلال الصيف؛ حيث تخطّت نسب الإشغال على بعض الخطوط 95 في المائة. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «ذروة الموسم، حسب الحجوزات، بدأت في النصف الثاني من يوليو (تموز) 2025، وتستمر حتى مطلع أغسطس (آب) المقبل، وشهدنا إقبالاً لافتاً على الرحلات القادمة من أوروبا؛ خصوصاً من المدن الكبرى، بنسبة إشغال راوحت بين 90 و95 في المائة، رغم الأوضاع الأمنية في المنطقة».
طائرة تقلع من مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت (أرشيفية- رويترز)
كما أشار إلى أن الرحلات القادمة من مصر سجّلت نسب إشغال تجاوزت 92 في المائة، في حين تراوحت النسب من الأردن والعراق بين 88 و93 في المائة. أما من الخليج العربي، فسُجّلت نسب إشغال فاقت 90 في المائة من السعودية والإمارات والكويت والبحرين.
ورأى أن هذه النتائج التشغيلية «فاقت التوقعات مقارنة بصيف العام الماضي»، مشدداً على أن أداء الشركة بقي مرتفعاً رغم التحديات السياسية والأمنية.
وبينما تشير حركة الطيران إلى موسم مزدهر من حيث عدد الرحلات والوافدين، يكشف الواقع الفندقي والاقتصادي هشاشة القطاع السياحي في لبنان، الذي يتأرجح بين الآمال والخسائر، ويواجه ضغوطاً متزايدة في ظل أزمات متراكمة إقليمية ومحلية. وإذا كان صيف 2025 قد حمل بعض المؤشرات الإيجابية، فإن التحديات البنيوية والأمنية لا تزال تشكّل عقبة حقيقية أمام استعادة القطاع عافيته. فالصورة المتفائلة من الجوّ، لم تجد ما يوازيها على الأرض.
وعليه، عدَّ رئيس نقابة أصحاب الفنادق في لبنان، بيار الأشقر، أن صيف 2025 جاء دون التوقعات. وقال لـ«الشرق الأوسط»: إنّ «نسبة الإشغال في الفنادق تراجعت بنسبة 30 في المائة عن التوقعات التي كانت تتراوح بين 80 و85 في المائة. الفارق كبير بين الأرقام الرسمية المعلنة، والواقع الفعلي في السوق».
جانب من عرض فني في قلعة بعلبك الأثرية شرق لبنان مساء الجمعة (أ.ف.ب)
وأشار الأشقر إلى أن الحرب الإيرانية- الإسرائيلية انعكست مباشرة على حركة الوافدين من السياح غير اللبنانيين، قائلاً: «مع بداية التصعيد في المنطقة، توقّفت الهبّة الأولى من الحجوزات، ولم نشهد تحسّناً إلا في أواخر يوليو، ولكنه لم يبلغ مستوى التعافي الكامل».
وتحدث الأشقر عن ضعف السياحة خارج بيروت، موضحاً أن نسبة الإشغال في مناطق مثل جبل لبنان لم تتجاوز 40 في المائة. كما لفت إلى أن «متوسط مدّة الإقامة انخفض إلى أقل من 15 يوماً، بعد أن كان يتخطى الشهر، ما أثّر بشكل مباشر على العائدات».
وأضاف: «الناس ترى الطائرات ممتلئة، ولكن الواقع مختلف تماماً. هناك تراجع في الإنفاق، وفي عدد الزوار الفعليين، وهذا ما ينعكس سلباً على القطاع برمّته».
ومع أن حركة الوصول إلى المطار مرتفعة، فإن القسم الأكبر من هؤلاء هم من المغتربين اللبنانيين الذين يمضون الصيف مع عائلاتهم. ويقول محمد بزي -وهو صاحب أحد الفنادق في لبنان- إن الموسم السياحي لم يلبِّ التوقعات. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «نسبة الإشغال في فندقي لم تتجاوز 67 في المائة، رغم التقديرات التي كانت تشير إلى إمكانية بلوغ 90 أو حتى 100 في المائة في بعض الفترات. المؤشرات كانت واعدة، ولكن الحرب الإيرانية– الإسرائيلية والوضع الداخلي غير المستقر قلب المعادلة».
وشدّد بزي على أن الاعتماد الكبير بات على السياحة الداخلية والمغتربين الذين يشكّلون 50 إلى 60 في المائة من الحجوزات. وقال: «رغم هذه الحركة، فإن قدرتهم الشرائية محدودة مقارنة بالسائح الأجنبي أو الخليجي. كما أن التكاليف التشغيلية المرتفعة، وخصوصاً فيما يتعلق بالطاقة، تجعل هامش الربح ضعيفاً جداً».
وأشار إلى أن بعض الفنادق كانت قد وصلت إلى إشغال تام قبل اندلاع التصعيد الإقليمي، ولكن الأوضاع الأمنية دفعت كثيراً من السيّاح إلى تغيير وجهتهم. وختم قائلاً: «نحتاج إلى خطة وطنية واضحة لتحفيز السياحة. لا يمكننا البناء فقط على حركة الطيران أو على المغتربين. المطلوب بيئة مستقرة وخريطة طريق فعلية».
بدوره، رأى رئيس نقابة أصحاب مكاتب السياحة والسفر في لبنان، جان عبود، أن اندلاع الحرب بين إيران وإسرائيل أثّر سلباً على مزاج السيّاح، وأحدث تردداً واسعاً، ما انعكس مباشرة على الحركة؛ خصوصاً لجهة السياح الخليجيين الذين «كنا نعوّل عليهم بشكل كبير».
وأوضح عبود -في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»- أن «الوافدين من دول الخليج، كانوا قد بدأوا التوافد إلى لبنان منذ شهر مايو (أيار)، وشهدنا نسبة ملحوظة من الزوار الخليجيين خلال تلك الفترة، ولكن اندلاع الحرب قطع هذا المسار وأدى إلى خسارة مؤكدة لهذه السوق التي تُعد الأكثر أهمية فيما يتعلق بمردود السياحة الاقتصادية».
ورغم هذا التراجع، أشار عبود إلى أن «حركة المطار لا تزال نشطة جداً، مع تسجيل نحو 105 رحلات يومياً، ووصول ما بين 17 و18 ألف وافد في اليوم، ولكن السواد الأعظم منهم هم من اللبنانيين المقيمين في الخارج، أو المغتربين العائدين لقضاء الصيف في بلدهم، الذين لا يحدثون إنفاقاً كبيراً كما يفعل السائح غير اللبناني، ما يُحدث فرقاً في العائدات الاقتصادية».
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

"صندوق النقد" يقترح خيارات لزيادة الإيرادات الحكومية السعودية بينها "ضريبة عقارية"
"صندوق النقد" يقترح خيارات لزيادة الإيرادات الحكومية السعودية بينها "ضريبة عقارية"

الاقتصادية

timeمنذ 8 دقائق

  • الاقتصادية

"صندوق النقد" يقترح خيارات لزيادة الإيرادات الحكومية السعودية بينها "ضريبة عقارية"

أشار خبراء صندوق النقد الدولي، إلى أن بين الخيارات التي يمكن دراستها من قبل الحكومة السعودية مستقبلا لدعم تنويع الإيرادات، استحداث ضريبة عقارية تستند إلى القيمة السوقية للعقار، مع تقدير أولي بأن تبلغ إيراداتها 1% من الناتج المحلي. ويرى الخبراء أن هذه الضريبة تسهم بدور مؤثر في إستراتيجية إصلاح الإيرادات في السعودية، وفق تقرير مشاورات المادة الرابعة الخاص بالسعودية والصادر عن الصندوق مطلع الأسبوع الجاري. وفق وحدة التحليل المالي في "الاقتصادية"، فإن تطبيق مثل هذه الضريبة بالمعدل المذكور قد يحقق إيرادات تقديرية تصل إلى نحو 45 مليار ريال سنويا اعتمادا على حجم الاقتصاد في عام 2024. وذكر الصندوق أن الضرائب المتكررة على الممتلكات غير المنقولة تنطوي على إمكانات إيرادية كبيرة، رغم التباين الكبير بين البلدان في مستوى الأداء. فعلى سبيل المثال، تقوم المغرب بتوليد نسبة قدرها 0.95% من إجمالي الناتج المحلي - أي نسبة مقاربة للمتوسط الأوروبي - وهو ما يمكن استخدامه كمرجع معقول. وأوضح الصندوق أنه رغم تحقيق هذا الخيار إيرادات في حدود 1% من إجمالي الناتج المحلي وهو ما يتجاوز المتوسط لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إلا أنه يظل أدنى من متوسط بلدان منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي البالغ 1.4%. منهجان لتقدير قيمة العقار بحسب تقرير الصندوق، تتضمن العوامل الرئيسية في تحديد القاعدة الضريبية درجة نضج السوق العقارية الحقيقية وجودة المعلومات عن المعاملات العقارية. فهناك منهجان مختلفان في تقدير قيمة العقارات لأغراض الضريبة العقارية المتكررة،هما : الأول، التقديرات القائمة على القيمة التي تعتمد على المعاملات السوقية، والثاني، التقديرات القائمة على المساحة، التي تستند إلى مساحة قطعة الأرض (بالمتر المربع أو الفدان) و/أو المباني (من حيث مساحة مسطح المباني الفعلي أو القابل للاستخدام). والتقدير القائم على القيمة هو الخيار المفضل - من حيث العدالة وقوة الإيرادات – في البلدان التي تتسم أسواقها العقارية بالكفاءة، وتتوفر لديها مهارات وقدرات التقييم لتحديد قيم عقارية موثوقة على نطاق واسع وعلى أساس منتظم. وبالنسبة لبلد عالي القدرات كالمملكة، فإن الاستعانة ببرنامج "التقييم الشامل بمساعدة الحاسوب Computer-Assisted Mass Appraisal ) هو أسلوب يتميز بمردودية التكاليف لتقييم أعداد كبيرة من العقارات السكنية. وإلى جانب التقييم، تتطلب الضريبة العقارية المتكررة توفير سجل مساحي حديث لتخزين المعلومات الرئيسية، بما في ذلك وصف المباني، والبيانات التفصيلية للمكلف بالضريبة (مالك أم شاغل للعقار)، والتقييم، والعنوان المكاني. ومن شأن الاستعانة بتقنية الإسناد الجغرافي لصور الأقمار الصناعية أن تتيح وسيلة فعالة لوضع خرائط لكل العقارات الخاضعة للضريبة ضمن نطاق بلد معين. ويمكن تكملة المعلومات المستقاة من الصور الملتقطة بالأقمار الصناعية بإجراء مسوح ميدانية من الباب إلى الباب عن طريق توفير معلومات عن طبيعة المباني واستخداماتها ونوع البناء المستخدم فيها وعمرها. كذلك يمكن إدراج كل البيانات المتوفرة في خريطة مزودة بإحداثيات في نظام المعلومات الجغرافية، ويمكن إضافة صور العقارات إليها. وكانت السعودية قد استحدثت في عام 2020 ضريبة على الأراضي البيضاء؛ وبالبناء على هذه التجربة يمكن تيسير استحداث ضريبة عقارية.

السوق المالية: فتح سوق الأسهم السعودية أمام مواطني التعاون" نتيجة طبيعية للترابط التنظيمي والاقتصادي
السوق المالية: فتح سوق الأسهم السعودية أمام مواطني التعاون" نتيجة طبيعية للترابط التنظيمي والاقتصادي

صحيفة سبق

timeمنذ 38 دقائق

  • صحيفة سبق

السوق المالية: فتح سوق الأسهم السعودية أمام مواطني التعاون" نتيجة طبيعية للترابط التنظيمي والاقتصادي

أكدت هيئة السوق المالية في تصريح لشبكة بلومبرغ أن فتح سوق الأسهم السعودية أمام مواطني دول مجلس التعاون الخليجي جاء نتيجة طبيعية للترابط التنظيمي والاقتصادي المشترك، مشيرة إلى أن الهيئة تدرس حاليًا إمكانية فتح السوق أمام جميع المستثمرين حول العالم ضمن خطوات مدروسة نحو تعميق السوق وجذب رؤوس الأموال الأجنبية. وفي تقرير موسع، نقلت بلومبرغ عن بنك مورغان ستانلي أن الإصلاحات المتسارعة التي يشهدها السوق المالية السعودية تمهّد لتحول تدريجي من الاعتماد على الاقتصاد النفطي إلى بناء وجهة استثمارية عالمية أكثر تنوعًا واستدامة، وهو ما ينسجم مع مستهدفات رؤية المملكة 2030. وبحسب بيانات مؤسسة EPFR المتخصصة بتتبع تدفقات الصناديق، صعدت السوق السعودية إلى المرتبة الرابعة بين أعلى الوجهات الاستثمارية لصناديق أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، مدفوعة بجاذبية التقييمات وحجم السيولة، إلى جانب زيادة انكشاف المؤسسات الأجنبية على السوق. وأشارت بلومبرغ إلى أن مؤشر "تاسي" يُتداول حاليًا بخصم قدره 32 في المئة مقارنة بمؤشر MSCI العالمي من حيث مكررات الربحية، وهو أدنى تقييم منذ عام 2016، ما يعكس جاذبية السوق للمستثمرين الباحثين عن فرص استثمارية طويلة الأجل. كما كشفت البيانات أن حصة المستثمرين الأجانب من التداولات في السوق السعودية بلغت 35 في المئة خلال الربع الثاني من العام الجاري، وهي أعلى نسبة مشاركة أجنبية تُسجّل في تاريخ السوق.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store