logo
بعد إحجام «المستقبل»..أين موقع سعد الحريري وسُنة لبنان؟!

بعد إحجام «المستقبل»..أين موقع سعد الحريري وسُنة لبنان؟!

منذ فترة وجيزة أقام بعض محامي تيار المستقبل وبإسمه دعوى قضائية على ناشطة تدَّعي قربها من التيار، على خلفية كتابتها منشور وتوزيعه على مجموعات 'واتس اب'، تناولت فيه العلاقة بين الرئيس سعد الحريري والمملكة العربية السعودية، وطرحت أسئلة عن فحوى هذه العلاقة ومستقبلها.
لست هنا بصدد الدخول بالآليات التنظيمية لتيار 'المستقبل' والعلاقة بينه وبين مريديه وهم كثر بلا شك، خاصة وأنني لا أدَّعي معرفة بدواخل التيار ومؤسساته، لكني قصدت بهذا المدخل أن أحاول إلقاء الضوء على لبّ الموضوع من وجهة نظري، أولاً كمواطن لبناني وثانياً كمراقب ومتابع سياسي، وهو هذه العلاقة الملتبسة وغير المفهومة ما بين الرئيس سعد الحريري والمملكة العربية السعودية منذ عدة سنوات، وهي علاقة لا شك بأن كان لها دور كبير بقرار تعليق العمل السياسي لتيار 'المستقبل' الذي إتخذه الرئيس الحريري بداية عام 2022، والذي لم يزل ساري المفعول حتى اليوم.
احترام الخصوصيات
من البديهي القول أولاً أن من حق المملكة العربية السعودية كدولة شقيقة ومؤثرة في لبنان كما غيرها من الدول، أن تُرسي علاقات صداقة مع من تشاء في لبنان كما العكس، ما دامت هذه العلاقات لا تتضارب مع مصالح الدولة العليا – وإن كان من الأفضل أن تكون العلاقة محصورة من دولة لدولة وهذا مبدأ يجب أن يسري على جميع الدول -، كما من حق الرئيس سعد الحريري الطبيعي أن يحترم خصوصية العلاقة بينه وبين المملكة وأن لا يتحدث عنها أو يناقشها في العلن .
لكن في المقابل هناك حق أيضاً لمؤيدي تيار 'المستقبل' كجماعة سياسية وللرئيس سعد الحريري كرمز وطني كبير بعد أكثر من 3 سنوات على تعليق العمل السياسي وأكثر من 7 سنوات على تصدُّع العلاقة بين الجانبين، أن يعرفوا أكثر عن طبيعة هذه العلاقة ومآلاتها خاصة بعد المتغيرات التي حصلت خلال هذه الفترة، لا سيما تطورات العام الماضي التي قلبت الأوضاع داخلياً وإقليمياً من حال إلى حال، والتي من المفروض أنها أزالت الكثير من أسباب الخلاف – أقله المعلن – بين الجانبين، وأدخلت لبنان في طور عهد جديد يحتاج فيه إلى جهود ودعم كل المخلصين من أبنائه، فما بالك بشخصية بحجم ووزن الرئيس سعد الحريري، الذي له مكانته السياسية والشعبية – سواء أعجبنا ذلك أم لا – التي لم تتأثر بغيابه عن الساحة، والتي تتأكد مع كل إستحقاق مهم في البلد ، وليس أدل على ذلك من ' الضياع ' – إذا صح التعبير – الذي تعيشه الطائفة السنية – ما دام الوضع اللبناني يقاس بهذا المعيار – في غيابه كطائفة تبدو مشتتة وغير واضحة الرؤية، وهي من الطوائف المؤسسة للكيان اللبناني، ما يترك أكبر الأثر على دورها بشكل خاص وعلى الوضع اللبناني بشكل عام.
للتذكير بدأت الأزمة كما هو معروف في العام 2017 حين ظهر الرئيس سعد الحريري في 4 تشرين الثاني 'نوفمبر' فجأة من الرياض معلناً إستقالته من رئاسة الحكومة اللبنانية إحتجاجاً على سياسة إيران، حيث تحدث عن محاولة لإغتياله مطالباً بـ 'قطع يدها' في لبنان والمنطقة في لغة هي أبعد ما تكون عن خطاب الحريري السياسي، ما أثار الشكوك حول طريقة الإستقالة وصحتها وأسبابها، خاصة وأنها جاءت في خضم تطورات إقليمية، ما عزِّز أكثر نظرية أن الخلاف فعلاً كان على سياسة ربط النزاع التي كان يتبعها الرئيس الحريري إتجاه حزب الله ومحوره حد عقد تسوية أتت بحليف هذا الأخير ميشال عون رئيساً للجمهورية، في الوقت الذي كانت فيه الحرب في اليمن بين السعودية وقوات ' أنصار الله ' الحوثيين على أشدها.
فشل الاستبدال
أثناء هذه الأزمة وبعدها جرت محاولات عدة فاشلة لم تخفَ على أحد لإستبدال زعامة الرئيس سعد الحريري كان أبرزها الإنتخابات النيابية عام 2022 ، غداة تعليق الحريري عمله السياسي وعدم مشاركته في تلك الإنتخابات، سواء المحاولات من داخل العائلة – تجربة الشقيق بهاء مثالا – أو تلك التي جرت من خارجها عبر العمل مع شخصيات كانت محيطة بالرئيس، منها من إبتعد عنه لخلاف في وجهات النظر وهم قلة، ومنها من تخلى عنه في محنته وإنقلب عليه مزايدةً منه في موضوع العلاقة مع حزب الله، الذي أمعن هو الآخر مع ' حليفه ' التيار الوطني الحر في الضغط على الحريري عبر السياسة الخارجية المستفزة تجاه السعودية ودول الخليج عموماً سواء في سوريا أم اليمن، فكان أن وقع الرئيس الحريري ما بين مطرقة السعودية الخارجية بما تمثله من ثقل عربي وخليجي، وسندان حزب الله الداخلي وحكم الرئيس ميشال عون وصهره المدلل بما تمثله سياساته من ضغط على لبنان وإقتصاده ومسيرة الدولة فيه، إضافة إلى ' الحرتقات ' ممن كانوا يُعتبرون حلفاء له ويدَّعون ' العفة السياسية '، فكان أن دفع الثمن السياسي وحده بعد ثورة 17 تشرين الثاني التي جاءت بعد الإطاحة بمخرجات مؤتمر سيدر .
تصاعد التوتر في المنطقة في غير مصلحة المملكة خاصة في اليمن الذي شهد صراعاً سعودياً – إماراتياً إستفادت منه إيران، كذلك فشل الحصار على قطر بمساندة تركية وإيرانية، وعُقدت الإتفاقات الإبراهيمية قبل إنتهاء ولاية ترامب ومجيء إدارة أميركية جديدة برئاسة جو بايدن، التي لم تكن علاقاتها مع السعودية على ما يرام، فكان أن إتجهت المملكة شرقاً إلى الصين حيث أبرمت إتفاقاً مع إيران في إذار 2023 كان أكبر من مجرد ' ربط نزاع ' على غرار ما فعل الحريري مع حزب الله في لبنان، أتبعته في أيار من العام نفسه بإعادة نظام الأسد حليف إيران وحزب الله إلى ' الحضن العربي ' في قمة جدة، ما يعني منطقياً أنها سارت على درب سعد الحريري ولو بعد حين.
اليوم وبعد كل هذه المتغيرات في المنطقة بدءاً بلبنان وليس إنتهاء بسوريا واليمن، يبدو السؤال مشروعاً وضرورياً حول مستقبل علاقة السعودية مع سُنة لبنان ومع سعد الحريري تحديداً ؟ فالسُنة اليوم بغياب سعد الحريري الذي يُمثِّل الخيار الوطني اللبناني المعتدل، تائهون ما بين المرجعية السعودية وبين تركيا والإمارات وقطر، ومنهم من بدأ يرى في النظام السوري الجديد وقائده أحمد الشرع قدوة له ورمز خاصة مع الإحتضان السعودي له.
فهل تعيد السعودية علاقتها 'الحريرية السياسية' بكل ما تمثِّل من خيار وطني لبناني معتدل، وما هو موقف سعد الحريري بالذات وهو المؤتمن على الخط الوطني اللبناني المعتدل للسُنة في لبنان من التطورات؟ وما هي خططه للمستقبل القريب الذي يجب أن لا يتعدى العام المقبل مع حلول موعد الإنتخابات النيابية؟ فهل يُقبِل ويعيد تفعيل تيار 'المستقبل'، أم يبقى بعيداً متردداً فيصبح 'المستقبل' ذكرى من الماضي ؟
هذا هو السؤال اليوم، والمطلوب الإجابة عنه في أقرب فرصة وقبل فوات الأوان .
ياسين شبلي - جنوبية
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الجنوب بين محدلة التزكية ومعارك صيدا وجزين ورسائل سياسيّة من البقاع
الجنوب بين محدلة التزكية ومعارك صيدا وجزين ورسائل سياسيّة من البقاع

ليبانون 24

timeمنذ 37 دقائق

  • ليبانون 24

الجنوب بين محدلة التزكية ومعارك صيدا وجزين ورسائل سياسيّة من البقاع

اتجهت الانظار للتوّ إلى الجنوب، حيث نجحت «محدلة التزكية» في الحد من خطر الانتخابات في عدد من القرى، لا سيما في الحافة الامامية، وتمكّن « الثنائي الشيعي» (أمل – حزب الله) من إقناع الطامحين إلى أن الفرصة أفضل في انتخابات 2029.. وتستعد صيدا لمعركة انتخابية، وكذلك الحال في مدينة جزين ، بعدما تمكَّن حزب «القوات» من إخراج خصمه التاريخي التيار الوطني الحر من معظم المدن المسيحية ذات التأثير السياسي والسياحي والمسيحي. واشارت مصادر سياسية مطلعة لـ «اللواء» الى ان تنتهي الانتخابات البلدية والاختيارية في مرحلتها الأخيرة في الجنوب، يصبح التقييم لنتائجها في صورته النهائية مع العلم ان هناك مشهدية فرضت نفسها لجهة التمثيل والأحجام وأوضحت ان اتمام هذا الاستحقاق هو نجاح للعهد والحكومة معا . وكتبت" الديار": ان المرحلة الثالثة من الانتخابات البلدية والاختيارية في بيروت والبقاع، افضت الى تثبيت وقائع سياسية شيعية لا يمكن تجاهلها او تجاوزها، حيث بدأت القوى السياسية المحلية كافة، اضافة الى الرعاة الاقليميين والدوليين، اجراء مراجعات باتت ضرورية للتعامل مع النتائج، بعدما نجح «الثنائي» في هذه الجولة في اكتساح كافة القوى المناوئة له في الساحة الشيعية بقاعا، خصوصا في مدينة بعلبك حيث تجاوز منافسيه باكثر من 6400 صوت، فيما ثبت موقعه الحامي للمناصفة في العاصمة بيروت، من خلال بلوك من 19 الف صوت، عوّض من خلاله الدور الذي كان يؤديه تيار «المستقبل» قبل عزوفه. ولولا هذا الالتزام لكانت لائحة «بيروت بتحبك» حققت خرقا باكثر من مرشح. وذكرت «البناء» أن سفارات دول أجنبية وعربية في لبنان كانت ترصد سير العملية الانتخابية في بيروت والبقاع لا سيما في مناطق حضور الثنائي حركة أمل وحزب الله، وكذلك تتابع نتائج الانتخابات وأبعادها السياسية لا سيما أنها الاستحقاق الانتخابي الأول بعد الحرب الأخيرة والتحوّلات في المنطقة، وبالتالي مدى تأثير تداعيات هذه الحرب على أداء الثنائيّ وإدارته لملف الانتخابات وعلى بيئة المقاومة ومدى تمسكها بالمقاومة وخيارها، للبناء على هذه النتائج في استحقاق الانتخابات النيابيّة في العام المقبل.

'عربات جدعون' تحرق غزة… ‎عدوان توراتي بغطاء دولي وعربي مهين
'عربات جدعون' تحرق غزة… ‎عدوان توراتي بغطاء دولي وعربي مهين

المنار

timeمنذ 2 ساعات

  • المنار

'عربات جدعون' تحرق غزة… ‎عدوان توراتي بغطاء دولي وعربي مهين

‎مع اختتام الرئيس الأميركي دونالد ترامب زيارته للمنطقة محملاً بالمليارات دون أن يلزم رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، ‎انطلقت مباشرةً بعد عودته إلى بلاده ما تُسمى بـ'الخطوات الافتتاحية لعملية عربات جدعون'، وفق ما أعلن جيش الاحتلال، والتي أسفرت عن استشهاد نحو 250 فلسطينيًا. ‎صحيفة معاريف الإسرائيلية ربطت بشكل واضح بين زيارة ترامب وبين بدء العملية، مؤكدة أن جيش العدو بدأ الهجمات الموسّعة فور مغادرته، 'مستوليًا على مناطق واسعة من القطاع في المرحلة الأولى من العدوان'. ‎العملية، التي اتخذت اسماً ذا طابع ديني توراتي 'عربات جدعون'، تُغلف مشروع تهجير قسري واسع النطاق بغطاء أيديولوجي. فـ'جدعون' (بحسب الرواية التوراتية) في العهد القديم هو القائد الذي اختاره الله لهزيمة 'أعداء بني 'إسرائيل'' بقوة صغيرة مختارة. ومن هنا، يحاول الاحتلال أن يمنح عدوانه صفة 'المقدّس'، ويشرعن التطهير العرقي كتنفيذ لوصية إلهية مزعومة. ‎الهدف المعلن لعملية 'عربات جدعون' هو إرغام الفلسطينيين على إخلاء شمال ووسط غزة نحو رفح، تمهيدًا لترحيلهم إما إلى مصر أو نحو مطار 'رامون' في أقصى جنوب النقب، في أكبر عملية تهجير جماعي قسري يشهدها العالم المعاصر، تُنفّذ بأحدث ترسانة عسكرية أميركية الصنع، وتحت غطاء صمت دولي مريب وتواطؤ عربي فاضح، تجلى بأبشع صوره أثناء زيارة ترامب التي شهدت موافقة عربية بإحياء 'اتفاقيات أبراهام'. ‎'عربات جدعون' تبدأ مهامها بعد قبض الثمن ‎بعد أن غادر دونالد ترامب المنطقة محمّلاً بالمكاسب والصفقات، و بدأت آلة الحرب الإسرائيلية جولة تصعيد جديدة، متزامنة مع أنباء عن تعثر مفاوضات وقف إطلاق النار، مع عدم وجود نية حقيقة لدى سلطات العدو بالتفاوض، وعدم الاكتراث حتى لمصير الأسرى الصهاينة في القطاع. ‎ ومع رفض 'إسرائيل' مناقشة أي إطار لإنهاء الحرب على غزة، بدت المفاوضات وكأنها تُدار في الظل بينما النار تشتعل على الأرض. ‎حيث ذكرت هيئة البث الإسرائيلية 'كان 11' أن الفريق الإسرائيلي المفاوض لم يحرز أي تقدم يُذكر، وهو ما يثير التساؤلات حول مدى جدية تل أبيب في التفاوض، خاصة بعد أن عبّدت زيارة ترامب الطريق لمرحلة جديدة من العدوان، وكأن الصفقة تمت وانتهت، وبقي التنفيذ بيد نتنياهو. ‎ الأمر مُجدول سلفًا ‎رغم هذا الجمود، أوصى الفريق المفاوض رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بمواصلة المحادثات. لكن مسؤولين حكوميين أقرّوا بأن موقف حماس ما زال متمسكًا بضرورة وقف الحرب، وهو ما ترفضه 'إسرائيل'. ‎وفي خلفية المشهد، أكدت مصادر دبلوماسية لموقع 'واللا' أن الوسطاء القطريين عبّروا عن خيبة أملهم من أداء الوفد الإسرائيلي، واعتبروا هذه الجولة 'الأسوأ' حتى الآن. وفي وقت يحاول الوسطاء دفع الأمور نحو التهدئة، كانت 'عربات جدعون' تمضي قدمًا في تنفيذ مهمتها، وقد تهيأت لها الأجواء السياسية والعسكرية. ‎أما المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، الذي رافق تحركات ما بعد زيارة ترامب، فانسحب من المشهد بعد أن أخفقت محاولاته لفرض 'صفقة جزئية'، وكأنه كان مجرد وسيط لتغطية الفترة الانتقالية بين مغادرة ترامب ‎وبين انطلاق العملية العسكرية. ‎كل هذا التوتر الدبلوماسي تزامن مع تصعيد عسكري دموي، حيث شنّ جيش الاحتلال أكثر من 150 غارة خلال 24 ساعة، أسفرت عن استشهاد نحو 250 فلسطينيًا. وبينما تبرر 'إسرائيل' ذلك بمحاولة إضعاف قدرات حماس، يرى مراقبون أن ما يجري هو استباق مقصود لأي احتمال لوقف القتال، وإطلاق يد الجيش لتوسيع العدوان، كما لو أن النيران هي ملحق مباشر باتفاقيات ترامب في الخليج. وفي هذا السّياق قال المحلل السياسي ميخائيل عوض، في حديث لموقع المنار، إنه 'رغم وجود مؤشرات وعناصر عديدة تشير إلى تباعد بين الولايات المتحدة و'إسرائيل'، وتباين في المصالح والخطط، إلا أن التنسيق بينهما في مشروع تصفية القضية الفلسطينية لا يزال مستمرًا وعميقًا'. ‎وتابع عوض 'ما يجري من عملية عسكرية عدوانية وسافرة بدأها نتنياهو لتدمير ما تبقى من غزة وتهجير سكانها، جاء فور مغادرة ترمب لمنطقة الخليج على متن قصر طائر محمل بالذهب والشيكات، وهي ثروات لو استُخدم 10% منها فقط لغزة، لأُعيد إعمارها مع الضفة، ولتم تحرير فلسطين كلها'. لعبة نتنياهو و ترامب ‎وأردف موضحًا 'ليس مستبعدًا أن تكون الأجواء التي أُشيعت حول إنهاء الحرب في غزة مجرد لعبة، فالأمريكي، وخاصة ترمب، يعد ولا يفي، يأخذ ولا يعطي، وقد جاء لحلب الخليج ونهب ثرواته، وباع حكامه وعودًا فارغة، دون أن يُلزم نتنياهو بوقف فوري لإطلاق النار، أو ينفذ وعده بتموين غزة بعد الإفراج عن الأسير الأميركي، في تأكيد جديد على أن الكذب والغدر من طبائع السياسة الأميركية'. ‎وأكد عوض أن 'الأمل معقود على صمود غزة، فآخر الليل أشد ظلمة، وما النصر إلا صبر ساعة. نتنياهو يسعى لتنفيذ خطته بتصفية المقاومة، واستيطان غزة، وطرد أهلها، تمهيدًا لطرد الفلسطينيين من الضفة وفلسطين 48'. ‎وختم عوض بالقول 'صمود غزة لتسعة عشر شهرًا يُعد إنجازًا أسطوريًا، وقتال أبنائها بطوليًا، رغم تخلي العرب والمسلمين عنها، بل وبيعها للشيطان، في الوقت الذي قُدّمت فيه ترليونات الدولارات لمن يرعى ذبحها. لكن هذا الصمود في وجه العملية الغادرة الجارية يفتح أفق انتصار تاريخي قد ينقلب على نتنياهو، ويهدد بزوال إسرائيل وتحرير فلسطين كلها'. ‎غزة، التي تقف وحيدة في وجه آلة القتل، تدافع عن أمّة تخذلها على نحو فاضح. وليس اللوم هنا على الشعوب المكبّلة، بل على أنظمة رضخت للخوف والجُبن، وضلّت أولوياتها.

'عربات جدعون' تحرق غزة… ‎عدوان توراتي بغطاء دولي وعربي مهين
'عربات جدعون' تحرق غزة… ‎عدوان توراتي بغطاء دولي وعربي مهين

المنار

timeمنذ 3 ساعات

  • المنار

'عربات جدعون' تحرق غزة… ‎عدوان توراتي بغطاء دولي وعربي مهين

‎مع اختتام الرئيس الأميركي دونالد ترامب زيارته للمنطقة محملاً بالمليارات دون أن يلزم رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، ‎انطلقت مباشرةً بعد عودته إلى بلاده ما تُسمى بـ'الخطوات الافتتاحية لعملية عربات جدعون'، وفق ما أعلن جيش الاحتلال، والتي أسفرت عن استشهاد نحو 250 فلسطينيًا. ‎صحيفة معاريف الإسرائيلية ربطت بشكل واضح بين زيارة ترامب وبين بدء العملية، مؤكدة أن جيش العدو بدأ الهجمات الموسّعة فور مغادرته، 'مستوليًا على مناطق واسعة من القطاع في المرحلة الأولى من العدوان'. ‎العملية، التي اتخذت اسماً ذا طابع ديني توراتي 'عربات جدعون'، تُغلف مشروع تهجير قسري واسع النطاق بغطاء أيديولوجي. فـ'جدعون' (بحسب الرواية التوراتية) في العهد القديم هو القائد الذي اختاره الله لهزيمة 'أعداء بني 'إسرائيل'' بقوة صغيرة مختارة. ومن هنا، يحاول الاحتلال أن يمنح عدوانه صفة 'المقدّس'، ويشرعن التطهير العرقي كتنفيذ لوصية إلهية مزعومة. ‎الهدف المعلن لعملية 'عربات جدعون' هو إرغام الفلسطينيين على إخلاء شمال ووسط غزة نحو رفح، تمهيدًا لترحيلهم إما إلى مصر أو نحو مطار 'رامون' في أقصى جنوب النقب، في أكبر عملية تهجير جماعي قسري يشهدها العالم المعاصر، تُنفّذ بأحدث ترسانة عسكرية أميركية الصنع، وتحت غطاء صمت دولي مريب وتواطؤ عربي فاضح، تجلى بأبشع صوره أثناء زيارة ترامب التي شهدت موافقة عربية بإحياء 'اتفاقيات أبراهام'. ‎ 'عربات جدعون' تبدأ مهامها بعد قبض الثمن ‎بعد أن غادر دونالد ترامب المنطقة محمّلاً بالمكاسب والصفقات، و بدأت آلة الحرب الإسرائيلية جولة تصعيد جديدة، متزامنة مع أنباء عن تعثر مفاوضات وقف إطلاق النار، مع عدم وجود نية حقيقة لدى سلطات العدو بالتفاوض، وعدم الاكتراث حتى لمصير الأسرى الصهاينة في القطاع. ‎ ومع رفض 'إسرائيل' مناقشة أي إطار لإنهاء الحرب على غزة، بدت المفاوضات وكأنها تُدار في الظل بينما النار تشتعل على الأرض. ‎حيث ذكرت هيئة البث الإسرائيلية 'كان 11' أن الفريق الإسرائيلي المفاوض لم يحرز أي تقدم يُذكر، وهو ما يثير التساؤلات حول مدى جدية تل أبيب في التفاوض، خاصة بعد أن عبّدت زيارة ترامب الطريق لمرحلة جديدة من العدوان، وكأن الصفقة تمت وانتهت، وبقي التنفيذ بيد نتنياهو. ‎ الأمر مُجدول سلفًا ‎رغم هذا الجمود، أوصى الفريق المفاوض رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بمواصلة المحادثات. لكن مسؤولين حكوميين أقرّوا بأن موقف حماس ما زال متمسكًا بضرورة وقف الحرب، وهو ما ترفضه 'إسرائيل'. ‎وفي خلفية المشهد، أكدت مصادر دبلوماسية لموقع 'واللا' أن الوسطاء القطريين عبّروا عن خيبة أملهم من أداء الوفد الإسرائيلي، واعتبروا هذه الجولة 'الأسوأ' حتى الآن. وفي وقت يحاول الوسطاء دفع الأمور نحو التهدئة، كانت 'عربات جدعون' تمضي قدمًا في تنفيذ مهمتها، وقد تهيأت لها الأجواء السياسية والعسكرية. ‎أما المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، الذي رافق تحركات ما بعد زيارة ترامب، فانسحب من المشهد بعد أن أخفقت محاولاته لفرض 'صفقة جزئية'، وكأنه كان مجرد وسيط لتغطية الفترة الانتقالية بين مغادرة ترامب ‎وبين انطلاق العملية العسكرية. ‎كل هذا التوتر الدبلوماسي تزامن مع تصعيد عسكري دموي، حيث شنّ جيش الاحتلال أكثر من 150 غارة خلال 24 ساعة، أسفرت عن استشهاد نحو 250 فلسطينيًا. وبينما تبرر 'إسرائيل' ذلك بمحاولة إضعاف قدرات حماس، يرى مراقبون أن ما يجري هو استباق مقصود لأي احتمال لوقف القتال، وإطلاق يد الجيش لتوسيع العدوان، كما لو أن النيران هي ملحق مباشر باتفاقيات ترامب في الخليج. وفي هذا السّياق قال المحلل السياسي ميخائيل عوض، في حديث لموقع المنار، إنه 'رغم وجود مؤشرات وعناصر عديدة تشير إلى تباعد بين الولايات المتحدة و'إسرائيل'، وتباين في المصالح والخطط، إلا أن التنسيق بينهما في مشروع تصفية القضية الفلسطينية لا يزال مستمرًا وعميقًا'. ‎وتابع عوض 'ما يجري من عملية عسكرية عدوانية وسافرة بدأها نتنياهو لتدمير ما تبقى من غزة وتهجير سكانها، جاء فور مغادرة ترمب لمنطقة الخليج على متن قصر طائر محمل بالذهب والشيكات، وهي ثروات لو استُخدم 10% منها فقط لغزة، لأُعيد إعمارها مع الضفة، ولتم تحرير فلسطين كلها'. لعبة نتنياهو و ترامب ‎وأردف موضحًا 'ليس مستبعدًا أن تكون الأجواء التي أُشيعت حول إنهاء الحرب في غزة مجرد لعبة، فالأمريكي، وخاصة ترمب، يعد ولا يفي، يأخذ ولا يعطي، وقد جاء لحلب الخليج ونهب ثرواته، وباع حكامه وعودًا فارغة، دون أن يُلزم نتنياهو بوقف فوري لإطلاق النار، أو ينفذ وعده بتموين غزة بعد الإفراج عن الأسير الأميركي، في تأكيد جديد على أن الكذب والغدر من طبائع السياسة الأميركية'. ‎وأكد عوض أن 'الأمل معقود على صمود غزة، فآخر الليل أشد ظلمة، وما النصر إلا صبر ساعة. نتنياهو يسعى لتنفيذ خطته بتصفية المقاومة، واستيطان غزة، وطرد أهلها، تمهيدًا لطرد الفلسطينيين من الضفة وفلسطين 48'. ‎وختم عوض بالقول 'صمود غزة لتسعة عشر شهرًا يُعد إنجازًا أسطوريًا، وقتال أبنائها بطوليًا، رغم تخلي العرب والمسلمين عنها، بل وبيعها للشيطان، في الوقت الذي قُدّمت فيه ترليونات الدولارات لمن يرعى ذبحها. لكن هذا الصمود في وجه العملية الغادرة الجارية يفتح أفق انتصار تاريخي قد ينقلب على نتنياهو، ويهدد بزوال إسرائيل وتحرير فلسطين كلها'. ‎غزة، التي تقف وحيدة في وجه آلة القتل، تدافع عن أمّة تخذلها على نحو فاضح. وليس اللوم هنا على الشعوب المكبّلة، بل على أنظمة رضخت للخوف والجُبن، وضلّت أولوياتها. المصدر: موقع المنار

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store