logo
كيف ستدير سوريا علاقتها بإسرائيل في هذه المرحلة؟

كيف ستدير سوريا علاقتها بإسرائيل في هذه المرحلة؟

الجزيرةمنذ يوم واحد

لم يعُدْ سرًا وجود مفاوضات بين سوريا وإسرائيل في بعض العواصم، بيد أن السؤال عما إذا كانت هذه المفاوضات مقتصرة على ترتيبات أمنية بخصوص التطورات التي جرت بعد الحرب على وقع احتلال إسرائيل شريطًا حدوديًا واسعًا في جنوب سوريا، أم هي مقدمة لاتفاق سلام شامل، في ظل تحرك أميركي يهدف إلى إعادة هندسة المنطقة عبر إطفاء بؤر التوتر، بما يسمح لواشنطن بإعادة تشكيل الواقع الإقليمي، بما يتطابق ورؤيتها لدورها العالمي في المرحلة المقبلة؟
السياق والتوقيت
المفاوضات بين دمشق وتل أبيب، أو ما يصح تسميته بـ" مبادرة التهدئة"، تأتي كجزء من سياق أوسع لانعطافة إستراتيجية أميركية، وغربية بالتبعية، للحفاظ على دور فاعل في ضبط مفاعيل المشهد الدولي، والتأثير في توجهاته المستقبلية، في ظل بروز اللاعب الصيني بقوّة الذي بات يتمدد على جميع المفاصل الجيوسياسية الدولية ناثرًا مشاريعه الواعدة في كل ركن، منذرًا بإزاحة الغرب من موقع الريادة في قيادة النظام الدولي.
وقد أثبتت التطورات أن الساحة الشرق أوسطية تنطوي على مصالح أميركية، توازي، إن لم تتفوّق على مصالح واشنطن في جنوب شرق آسيا، التي رصدت لها موارد ضخمة. وفي ظل تقدير أميركي بأن مواجهة الخطر الصيني لا تتم بترك فراغات كبيرة له ليتمدد بها، مقابل حصاره في بحر الصين، وصحارى الشرق الأوسط وبحاره وممراته المائية، كعناصر مهمة في هذه اللعبة الجيوسياسية التي يتسع نطاقها ليشمل العالم برمته.
وتبعًا لذلك، وفي ضوء توازن القوى العالمي الجديد، بعد أن قلصت التكنولوجيا الصينية الفوارق بدرجة كبيرة، تجد إدارة ترامب نفسها مضطرة للبحث عن آليات جديدة لضمان استمرار التفوق، وهذا ما أكدته زيارة ترامب لدول الخليج العربي، وإيجابية مواقفه تجاه مطالبها، حيث شكّل دعم سوريا محورها الأساسي.
ورشة مفاوضات
ثمّة ما يمكن وصفه بـ "ورشة مفاوضات" انطلقت فعالياتها في أكثر من عاصمة إقليمية ودولية: أبو ظبي، وباكو، وتل أبيب، وربما أماكن أخرى. ما يجري حتى اللحظة يبدو أنه اختبار أو مرحلة تعارف بين المفاوضين، وتقديم كل طرف أطروحاته، والتي غالبًا ما تكون بسقف مرتفع، يجري بعد ذلك تشذيبها للتوافق مع المنطق والواقع. لم يرشح أي شيء عما يدور في كواليس هذه المفاوضات، لكن هناك مؤشرات عديدة على انطلاقها، من ضمنها توقف القصف الإسرائيلي والانفتاح الأميركي المتسارع على دمشق، كذلك تغير الخطاب السياسي تجاه الإدارة السورية الجديدة في كل من تل أبيب، وواشنطن.
لا يعني ذلك أن الأمور تسير بسلاسة وأننا بتنا على بعد أمتار قليلة من التوصل إلى تفاهمات صلبة، بقدر ما يعني تهيئة بيئة مناسبة للمفاوضات، تبدأ بالتهدئة الميدانية ووقف الهجوم الإعلامي الإسرائيلي ضد السلطة السورية الجديدة، وهو شهد بالفعل تحولًا، من خطاب يدعو لعدم الثقة بهذه السلطة إلى خطاب يؤكد على عدم الرغبة بالتدخل بالشأن السوري، وفق وزير خارجية إسرائيل جدعون ساعر.
من الطبيعي أن يتم التركيز في هذه المرحلة على الملفات الأمنية، وأن يقود المفاوضات المختصون بالمسائل الأمنية، على ذلك تأخذ المفاوضات طابعًا تقنيًا بحتًا، بعيدًا عن الأيديولوجيا والمواقف السياسية والحساسيات المختلفة، ولا سيما أن بين البلدين تاريخًا متواصلًا من الترتيبات الأمنية كان يجري تحديثها بعد كل تطور، وآخر الإجراءات كانت المنطقة العازلة التي أعقبت حرب أكتوبر/ تشرين الأول عام 1973، والتزم بها الطرفان حتى سقوط نظام الأسد.
حاجة دمشق للسلام
منذ وصول الإدارة الجديدة للسلطة في دمشق أعلنت بشكل غير موارب، أن الاستقرار والسلام يقفان على رأس جدول أولوياتها في المرحلة القادمة، وبالتالي ليست معنية بلعبة الصراع التي انخرط بها نظام الأسد، على الأقل نتيجة انتمائه لـ"حلف الممانعة" وتسهيل نشاط إيران المناوئ لإسرائيل، والواضح أن إدارة الشرع قرأت جيدًا التحوّل في المزاج الإقليمي الرافض لاستمرار الحروب، ومنطق العسكرة الذي فرضته إيران وحاولت تاليًا التكيف مع متطلبات هذا التحوّل.
لكن أيضًا، متطلبات المرحلة، وضرورة الخروج من واقع، أقل ما يُقال عنه أنه واقع معقد إلى أبعد مدى، فرضت على دمشق تبني خيار البحث عن فرصة السلام، للهرب من واقع موازٍ حقيقي وليس افتراضيًا، سمته الانهيار الاقتصادي والعزلة الدولية، قد يصبح هو التعريف الأساسي لسوريا المستقبلية.
تدرك دمشق أن لها حسابات حساسة في المعادلات التي يجري تأسيسها في المنطقة، وأنها لاحقة لضلع إقليمي أكبر، وربما نقطة غير مرئية في دائرة من الفاعلين الإقليميين الأقوياء، اقتصاديًا وسياسيًا وعسكريًا، وأنها مضطرة للعب تحت ظلال هذه القوى، ما دامت قد دخلت اللعبة بدون أدوات قوّة، على كل الصعد، وبحمل ثقيل من الأزمات والاحتياجات.
وفق ذلك، رأت دمشق أن الانخراط ضمن الهندسة التي تجريها واشنطن، بالتنسيق مع الفاعلين الإقليميين، في الخليج العربي وتركيا، فرصة أرادت التقاطها، ورافعة للخروج من دائرة التهميش والدمار، إذ لا يمكن تحقيق الاستقرار بجوار كيان يعتقد أنه يمتلك ناصية المنطقة، ولا يمكن جذب أموال الاستثمار بدون وضع مستقر، ما يعني تحويل سوريا إلى نموذج الدولة الفاشلة، وهو الكابوس الذي حاول حكّام سوريا الجدد الهروب منه، مع إدراكهم أنه لن يكون في جعبتهم، وهم يجلسون على طاولات التفاوض، سوى تقديم التنازلات.
إسرائيل والسلام بالإكراه
ليست هذه اللحظة المناسبة التي ترغب بها إسرائيل للانخراط في عملية سلام مع سوريا، فلا المزاج الإسرائيلي ولا النخب المؤثرة في وارد السير في هذا المسار الآن، والتفكير الإسرائيلي في هذه المرحلة في مكان آخر، حيث تصحو إسرائيل، بعد طوفان الأقصى، على واقع إستراتيجي مختلف لم تشهد ذاكرتها مثيلًا له منذ قيامها، ولا حتى بعد حرب عام 1967 حينما انهارت بوابات دول الطوق العربي وبات بإمكان الدبابات الإسرائيلية العبور إلى العواصم دون أي عوائق لوجيستية أو عسكرية سوى عائق التوازنات الدولية في خضم الحرب الباردة وحدود النفوذ المرسومة بين مناطق أميركية وأخرى سوفياتية.
الطموح الإسرائيلي في سوريا أكبر من سلام قد يتم التراجع عنه يومًا إذا تغيرت المعطيات، حيث تتجه تفضيلات إسرائيل إلى صناعة كيانات موازية للدولة السورية، كيانات تعتمد في بقائها على الدعم الإسرائيلي، وتدفع دمشق وحكامها إلى الانكفاء نهائيًا عن المطالبة بأراضٍ تحتلها إسرائيل، وتزيد عليها الجنوب حيث المياه الوافرة والأراضي الزراعية وقوة العمل التي تحتاجها المزارع والورش في حيفا والجولان والجليل، واعتقاد قادة إسرائيل أن تحقيق هذا الطموح لن يكلف كثيرًا، وكل ما ستفعله تل أبيب الإشراف على إدارة الصراعات في جنوب سوريا لخدمة مصالحها الجيوسياسية.
لكن التطور المفاجئ تمثل في موقف تركيا ودول الخليج العربي من التغيير في سوريا، ودفع واشنطن إلى احتضانه وجعله مصلحة للأمن القومي الأميركي، الأمر الذي أثار ريبة إسرائيل من احتمال إخراجها من الترتيبات التي هي في الواقع أكبر من مجرد استيعاب سوريا، بقدر ما هي تشكيل لواقع شرق أوسطي مرتبط بدوائر عالمية أوسع، ومشاريع جيوسياسية على نطاق أكبر، وبالتالي فإن إسرائيل تدخل مرحلة التفاهمات مع دمشق كنوع من الاختبار لمسارات التحرك الإقليمي والدولي، ولا سيما بعد تهميشها من تحركات الرئيس ترامب الأخيرة في المنطقة، وحالة الجفاء مع أوروبا، التي بدورها بدأت الانخراط المكثف في دهاليز الملفات الشرق أوسطية.
هل الصفقة وشيكة؟
بناء على هذه المقدمات، لا يبدو أن ما يدور بين دمشق وتل أبيب في هذه المرحلة هي مفاوضات سلام نهائية، بقدر ما هي مباحثات للتوافق على إطار أمني جديد بعد تراجع إسرائيل عن الترتيبات السابقة، وثمة عوامل كثيرة تؤكد هذا الاحتمال:
اختلال توازن القوى بشكل كبير يمنع دمشق من الذهاب إلى مفاوضات سلام تحتاج لأوراق قوّة تجبر إسرائيل على التنازل عن الجولان.
تحتاج الإدارة السورية الجديدة إلى مدى زمني أطول للقيام بخطوة عقد اتفاقية سلام مع إسرائيل، إذ بالرغم من تفضيل قطاعات واسعة من السوريين التركيز على الجوانب الاقتصادية والإعمار، وبالتالي الابتعاد عن الحروب الخارجية؛ لا تزال الصورة غير واضحة بالنسبة للنظام الجديد في دمشق، وبالتالي يشكّل خوضها في عملية سلام، قد تقدم خلالها تنازلات جغرافية مغامرة خطرة.
عدم حاجة إسرائيل إلى سلام يرتّب عليها التزامات بحجم التنازل عن أراضٍ تحتلها في الجولان، ومن مصلحة إسرائيل إبقاء الوضع الأمني هشًا على جبهتها الشمالية، وإبقاء دمشق تحت ضغط الإحساس بعدم الأمان من جهة إسرائيل، إلى حين نضوج ظروف مواتية للحصول على تنازلات كبيرة باطمئنان.
لا تطرح الأطراف التي تحتضن النظام السوري الجديد: الإقليمية والدولية، مسألة التوصل إلى اتفاق سلام بين دمشق وتل أبيب، في هذه المرحلة، لإدراكها أن الظروف غير ناضجة، وأن من شأن الاختلاف في أي مرحلة من مراحل التفاوض قد يفجر جولات صراعية تطيح بالاستقرار السوري الهشّ، لذا فالأفضل هو التوصل لترتيبات أمنية صارمة بين الطرفين تضمن الهدوء إلى حين التوصل لإطار سلام قابل للتطبيق.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

78 شهيدا بغزة والاحتلال يستهدف المسعفين بحي التفاح
78 شهيدا بغزة والاحتلال يستهدف المسعفين بحي التفاح

الجزيرة

timeمنذ 11 دقائق

  • الجزيرة

78 شهيدا بغزة والاحتلال يستهدف المسعفين بحي التفاح

استُشهد 3 مسعفين من طواقم الخدمات الطبية الفلسطينية، إضافة إلى الصحفي مؤمن أبو العوف، إثر قصف إسرائيلي استهدفهم خلال محاولتهم انتشال جثث عدد من الشهداء، والمصابين، من منزل تعرض للقصف الإسرائيلي في حي التفاح شرق مدينة غزة. وقالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إن استهداف إسرائيل طاقم الإسعاف الليلة الماضية، والذي استُشهد إثره 3 مسعفين بحي التفاح في غزة، جريمة حرب مركّبة. ووصفت حماس الاستهداف بأنه يمثل مستوى غير مسبوق من الوحشية والإجرام، ويكشف سعي جيش الاحتلال لخنق كل أدوات النجاة والإنقاذ في القطاع. وطالبت حماس المجتمع الدولي والأمم المتحدة بتحمل المسؤولية لوقف جرائم إسرائيل ومحاسبة قادتها وإنقاذ مصداقية المنظومة الدولية التي تتعرض -حسب قولها- لامتحان تاريخي أمام جرائم الإبادة. في هذه الأثناء، أفادت مصادر بمستشفيات غزة باستشهاد 78 شخصا إثر القصف الإسرائيلي على مناطق عدة بالقطاع منذ فجر اليوم، بينهم 20 استشهدوا برصاص قوات الاحتلال خلال انتظارهم تلقي المساعدات من مركز المساعدات الأميركي قرب محور نتساريم ، وذلك بمحيط دوار النابلسي غربي مدينة غزة. كما أفاد مصدر في مجمع ناصر الطبي باستشهاد 8 فلسطينيين في استهداف إسرائيلي قرب مركز مساعدات الشركة الأميركية شمال رفح جنوبي القطاع. ووصف الدكتور عدي دبور مدير الفريق الطبي بجمعية الإغاثة الطبية في غزة مراكزَ توزيع المساعدات بأنها أصبحت مصائد للموت، مشيرا إلى نقل جثث 17 شهيدا صباح اليوم من نقطة توزيع في محور نتساريم، وقال للجزيرة إن هذه المراكز أُنشئت في مناطق بعيدة وعبر مسالك مهينة للكرامة الإنسانية. تبرير إسرائيلي من جانبه، قال الجيش الإسرائيلي إنه أطلق خلال الليل طلقات تحذيرية على فلسطينيين اقتربوا من قواته وشكلوا تهديدا في منطقة ممر نتساريم. وأضاف جيش الاحتلال أن الحادث وقع على بعد مئات الأمتار من موقع توزيع مساعدات، وقبل ساعات من فتحه، مدعيا أن الفلسطينيين اقتربوا من القوات رغم التحذيرات من أنها منطقة قتال نشط، مشيرا إلى أنه على علم بالتقارير التي تفيد بوقوع إصابات جراء إطلاق النار، مشيرا إلى أنه يجري تحقيقا معمقا في الحادث. وفي غضون ذلك، قال مصدر في مستشفى الشفاء بغزة إنه تم انتشال جثث 9 شهداء إثر غارات إسرائيلية على منازل في جباليا البلد شمالي القطاع. ووسط القطاع، أفاد مدير مستشفى شهداء الأقصى باستشهاد 8 فلسطينيين وإصابة آخرين في غارة إسرائيلية على منزل بدير البلح. وبتجويع متعمد يمهد لتهجير قسري -وفق الأمم المتحدة- دفعت إسرائيل 2.2 مليون فلسطيني في غزة إلى المجاعة بإغلاقها المعابر في وجه المساعدات الإنسانية ولا سيما الغذاء، حسب المكتب الإعلامي الحكومي بالقطاع. ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 ترتكب إسرائيل بدعم أميركي إبادة جماعية في غزة تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها. وخلفت الإبادة أكثر من 181 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح -معظمهم أطفال ونساء- وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين، ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم أطفال، فضلا عن دمار واسع.

ترحيل اثنين من نشطاء السفينة مادلين وآخرون يرفضون
ترحيل اثنين من نشطاء السفينة مادلين وآخرون يرفضون

الجزيرة

timeمنذ 11 دقائق

  • الجزيرة

ترحيل اثنين من نشطاء السفينة مادلين وآخرون يرفضون

وصلت الناشطة السويدية غريتا ثونبرغ إلى باريس وكذلك وصل الناشط الإسباني سيرجيو توريبيو إلى برشلونة، بعد ترحيلهما من إسرائيل إثر مشاركتهما في رحلة السفينة مادلين لكسر الحصار عن غزة. في حين ينتظر النشطاء الآخرون العرض على المحكمة لرفضهم التوقيع على أوامر ترحيل. وقالت ثونبرغ عقب وصولها إلى العاصمة الفرنسية متوجهة إلى السويد إن "ما حدث لنا هو استمرار لانتهاك إسرائيل القانون الدولي" مشيرة إلى أن النشطاء يتعرضون لانتهاكات لكنها لا تقارن بما يعانيه الفلسطينيون في قطاع غزة. وأضافت أن "إسرائيل نفذت عملا غير قانوني باختطافنا في المياه الدولية" مطالبة بالإفراج عن المحتجزين من النشطاء الذين لا تعرف شيئا عن سلامتهم، وفك الحصار عن قطاع غزة. وأكدت الناشطة السويدية أنهم سيواصلون محاولاتهم لوقف الفظائع التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة، مشيرة إلى أن الحكومات متواطئة فيما يحصل بغزة من خلال دعمها جرائم إسرائيل في القطاع. ومن جهته، أكد توريبيو أن ما قامت به إسرائيل بحق سفينة مادلين هو هجوم قراصنة غير قانوني، وقال إن جيش الاحتلال اختطف السفينة واعتقل ركابها في المياه الدولية بعيدا عن أي منشآت أو مناطق عسكرية. ومن جانب آخر، قالت القناة 13 الإسرائيلية إن 8 من أعضاء السفينة رفضوا التوقيع على إجراءات الترحيل وسيتم تحويلهم إلى الحجز تمهيدا لترحيلهم قسريا. وكانت الخارجية الإسرائيلية أعلنت -في بيان- أن النشطاء على متن السفينة مادلين نُقلوا إلى مطار بن غوريون تمهيدا لترحيلهم إلى بلدانهم. وأكدت أن من يرفض منهم التوقيع على تعهد بالالتزام بشروط الترحيل سيتم عرضه على قاض لإقرار ترحيله وفق القانون الإسرائيلي. العرض على المحكمة ونقلت وكالة الأناضول -عن مركز عدالة في إسرائيل، اليوم الثلاثاء- أن 4 من نشطاء السفينة مادلين غادروا أو في طريقهم لمغادرة إسرائيل، بينما ينتظر 8 منهم العرض على المحكمة لرفضهم التوقيع على أوامر ترحيل. وقد اعتقلت إسرائيل -فجر أمس- 12 ناشطا من عدة بلدان بعد الاستيلاء على "مادلين" بينما كانت تبحر بالمياه الدولية في طريقها إلى غزة حاملة مساعدات إنسانية. وذكر المركز الحقوقي العربي -في بيان- أن 3 نشطاء غادروا أو في طريقهم للمغادرة، إضافة إلى الصحفي عمر فياض من قناة "الجزيرة مباشر" بعد استكمال الإجراءات القانونية وتأكيد تذاكر سفرهم. ورفض النشطاء الثمانية الآخرون التوقيع على أوامر الترحيل، ولذلك احتجزوا وسيتم عرضهم على المحكمة خلال اليوم. وأوضح مركز عدالة أن فريقه القانوني يرافق المحتجزين أمام المحكمة والسلطات الإسرائيلية التي ستخوض اليوم في تفاصيل ما إذا كان قرار الترحيل قانونيا أو لا. وقال مراسل الجزيرة مباشر عمر فياض -بعد إفراج إسرائيل عنه – إن القوات الإسرائيلية احتجزتنا ليوم بغرفة داخل السفينة مادلين التي منعتها إسرائيل من بلوغ غزة لكسر الحصار عن القطاع.

لجنة أممية: هجمات إسرائيل على المدارس والمواقع الثقافية في غزة "إبادة جماعية"
لجنة أممية: هجمات إسرائيل على المدارس والمواقع الثقافية في غزة "إبادة جماعية"

الجزيرة

timeمنذ 11 دقائق

  • الجزيرة

لجنة أممية: هجمات إسرائيل على المدارس والمواقع الثقافية في غزة "إبادة جماعية"

أكدت لجنة تحقيق دولية تابعة للأمم المتحدة، اليوم الثلاثاء، أن الهجمات الإسرائيلية على المدارس والمواقع الدينية والثقافية في قطاع غزة تشكل جرائم حرب وجريمة ضد الإنسانية تتمثل في "الإبادة". وقالت اللجنة في تقريرها إن "استهداف إسرائيل للحياة التعليمية والثقافية والدينية للشعب الفلسطيني ألحق ضررا بالغا بالأجيال الحالية والمقبلة، وعطّل حقهم في تقرير المصير". جرائم حرب وإبادة جماعية في غزة وفي بيان مرفق، اتهمت اللجنة إسرائيل بأنها "دمرت النظام التعليمي في غزة، وألحقت أضرارا بأكثر من نصف المواقع الدينية والثقافية في قطاع غزة، كجزء من هجوم واسع النطاق لا هوادة فيه ضد الشعب الفلسطيني، ارتكبت خلاله القوات الإسرائيلية جرائم حرب وإبادة جماعية". وأكدت رئيسة اللجنة، القاضية الجنوب أفريقية نافي بيلاي، في البيان "أن هناك مؤشرات متزايدة على أن إسرائيل تشن حملة منظمة لمحو الحياة الفلسطينية في غزة". وكان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قد أسس لجنة التحقيق الدولية المستقلة، المكونة من 3 خبراء، في مايو/أيار 2021 للتحقيق في الانتهاكات المفترضة للقانون الدولي في إسرائيل والأراضي الفلسطينية. استهداف المرافق التعليمية والثقافية وبحسب التقرير، شملت جرائم الحرب التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية هجمات على المرافق التعليمية و"قتل المدنيين الذين لجؤوا إلى المدارس والمساجد والكنائس". وإذ أشار التقرير إلى أن مثل هذا التدمير لا يمثل "بحد ذاته إبادة جماعية"، فإنه "دليل على أن مثل هذا السلوك قد يسمح مع ذلك باستنتاج وجود نية ارتكاب إبادة جماعية لتدمير مجموعة محمية". وأضافت بيلاي أن "أطفال غزة فقدوا طفولتهم"، مشيرة إلى أن "ما يثير القلق بشكل خاص هو استهداف المرافق التعليمية على نطاق واسع، والذي امتد إلى ما هو أبعد من غزة". وأوضحت أن "استهداف المواقع التراثية وتدميرها، وتقييد الوصول إلا في الضفة الغربية، ومحو تاريخها المتوارث، يقوض الروابط التاريخية للفلسطينيين بالأرض ويضعف هويتهم الجماعية". وأمام القصص والصور المروعة القادمة من غزة، تتزايد الأصوات التي تصف حرب إسرائيل على الأراضي الفلسطينية "بالإبادة الجماعية". وفي خطاب صادم ألقاه في منتصف مايو/أيار أمام مجلس الأمن، دعا منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، توم فليتشر، قادة العالم إلى اتخاذ إجراءات "لمنع وقوع إبادة" في غزة. مواقع تعليمية لأغراض عسكرية وأكدت اللجنة أنها وجدت "أدلة دامغة" على أن قوات الأمن الإسرائيلية استولت على مرافق تعليمية واستخدمتها "كقواعد عسكرية أو مناطق انطلاق لعمليات عسكرية، بما في ذلك تحويل جزء من حرم جامعة الأزهر في المغراقة إلى كنيس يهودي للجنود". كذلك اتهمت السلطات الإسرائيلية باستهداف الأساتذة والطلاب داخل إسرائيل الذين يتضامنون مع سكان غزة. ومن المقرر أن تقدم اللجنة تقريرها الكامل إلى مجلس حقوق الإنسان في 17 يونيو/حزيران الجاري. ويأتي هذا التقرير في ظل استمرار تحذيرات المنظمات الدولية من تعرض سكان غزة لخطر المجاعة، نتيجة الحصار الإسرائيلي والقيود الصارمة على دخول المساعدات الإنسانية. وكانت اللجنة قد اتهمت في تقريرها السابق إسرائيل بارتكاب جريمة إبادة ضد السكان الفلسطينيين، لا سيما عبر استهداف الطواقم الطبية والمنظومة الصحية، بما في ذلك الهجمات على الصحة الإنجابية، وهي اتهامات رفضتها السلطات الإسرائيلية. وفي المقابل، اتهمت اللجنة بعض الفصائل الفلسطينية بارتكاب جرائم حرب منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، داعية "سلطات الأمر الواقع" في غزة إلى التوقف عن استخدام المرافق المدنية لأغراض عسكرية، وقالت إنها رصدت "حالة واحدة استخدم فيها الجناح العسكري لحماس مدرسة لأغراض عسكرية". تدمير التراث في غزة تأتي هذه الاتهامات في ظل حملة تدمير واسعة تتعرض لها المعالم التراثية والثقافية في قطاع غزة، إذ تشن إسرائيل بالتوازي مع حربها على المدنيين حربا ممنهجة على إرث غزة وآثارها التاريخية. فالمدينة المصنفة كواحدة من أقدم مدن العالم تعاقبت عليها حضارات متعددة تركت بصماتها المادية من العصور الفرعونية والإغريقية والرومانية والبيزنطية وصولا إلى العهد الإسلامي. وقد وثقت تقارير حقوقية ودولية استهداف القوات الإسرائيلية لعشرات المواقع الأثرية ضمن القصف العشوائي الذي يتعرض له القطاع منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. وكان المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان قد حذر من الانتهاكات الجسيمة المرتكبة بحق الإرث الثقافي في غزة، في خرق صارخ لاتفاقيات جنيف ومعاهدة لاهاي الدولية لحماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاعات المسلحة. وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، دمرت إسرائيل ما لا يقل عن 200 موقع أثري وتراثي من أصل 325 موقعا مسجلا في القطاع، وسط عجز واضح للمنظمات الدولية عن اتخاذ أي خطوات فاعلة لوقف هذه الاعتداءات.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store