
100 مجرة شبحية تحيط بدرب التبانة والعلماء يحددون مكانها
ويطلق العلماء على هذه المجرات اسم "المجرات اليتيمة" أو "الشبحية"، لأنها فقدت أغلب مادتها المظلمة والجاذبية التي كانت تحافظ على تماسكها، وأصبحت ضعيفة جدا وباهتة إلى درجة تجعلها غير مرئية لمعظم أدوات الرصد الفلكي الحالية.
ويعتقد العلماء أن المادة المظلمة هي صورة غير مرصودة للمادة لكن يمكن رصد أثرها في كيفية تشكّل وتطور المجرات، حيث إنها بمثابة "الغراء" غير المرئي الذي يربط النجوم والغاز والغبار معا.
وعندما تفقد المجرة القزمة مادتها المظلمة تتحول إلى مجرة شبحية، أي أنها تمتلك بنية هشة بالكاد يمكن رصدها.
لكن ربما تسأل: ما الذي سحب المادة المظلمة من هذه المجرات؟ على مدار مليارات السنين تجردت هذه المجرات القزمية من مادتها المظلمة بسبب تأثيرات المد والجزر الناتجة عن جاذبية درب التبانة مثلما تُسحب مياه البحر من الشاطئ بفعل القمر، وهذا جعلها باهتة جدا، حتى أن المحاكيات السابقة تجاهلتها تماما باعتبارها اختفت من الوجود.
لكن الحقيقة أن هذه المجرات لا تزال هناك تدور في صمت حول مجرتنا مثل أشباح كونية لا ترى بالعين المجردة.
حواسيب عملاقة
اعتمد الفريق البحثي على محاكاة حاسوبية فائقة الدقة تعرف باسم "أكوارياس"، إلى جانب نموذج رياضي متقدم يسمى "جالفورم"، لتوقع مكان وجود هذه المجرات الشبحية، بحسب بيان صحفي رسمي من الجامعة.
وتمكنت هذه النماذج من تتبع تطور المادة المظلمة وتفاعلاتها على مدى مليارات السنين، وكشفت أن هناك عددا كبيرا من هذه المجرات التي ربما لم نرصدها بعد تدور حول مجرتنا مثل قطيع خفي.
وإضافة إلى ذلك، استعان العلماء بالحاسوب العملاق "كوزما" التابع لمشروع ديراك في جامعة دورهام لتشغيل هذه المحاكاة العملاقة، والتي استغرقت آلاف الساعات الحسابية.
وحاسوب كوزما هو حاسوب فائق مخصص لمعالجة بيانات ضخمة جدا، مثل محاكاة تشكل المجرات وتطور المادة المظلمة في الكون، ويمكنه تنفيذ مليارات العمليات الحسابية في الثانية، ويعمل بخوادم متصلة تحتوي على آلاف المعالجات تعمل معا كعقل واحد.
إثبات النموذج القياسي
أهمية هذا الاكتشاف لا تتوقف عند مجرد افتراض وجود مجرات جديدة، بل تمتد إلى دعم النموذج القياسي لعلم الكونيات (لامدا سي دي إم).
هذا النموذج ينص على أن 5% فقط من تركيب الكون مصنوع من المادة العادية (الذرات التي نعرفها)، و25% من تركيب الكون متمثل في مادة مظلمة غير مرئية، في حين البقية (70%) هي طاقة مظلمة غامضة تدفع الكون إلى التمدد.
ولذلك، فإن العثور على هذه المجرات الشبحية يعني أن النموذج يعمل بشكل صحيح حتى على المقاييس الصغيرة جدا، مما يعزز ثقة العلماء به.
وحتى الآن، اكتشف الفلكيون نحو 60 مجرة قزمة تدور حول درب التبانة، لكن الدراسة الجديدة تشير إلى أن هذا الرقم قد يتضاعف تقريبا إذا استطعنا رصد هذه المجرات الشبحية.
والأمل معقود على التلسكوبات الجديدة مثل تلسكوب فيرا روبين وكاميرا مسح السماء التراثي عبر الزمن، وهذه الأدوات فائقة الحساسية قد تكون قادرة على التقاط الضوء الخافت جدا من هذه المجرات وكشف أسرارها.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 19 ساعات
- الجزيرة
"بوابة الجحيم" في تركمانستان.. ما سر الفوهة المشتعلة التي لا يمكن إخمادها؟
وسط صحراء كاراكوم النائية التي تغطي نحو 70% من مساحة تركمانستان لا شيء يغير منظر كثبانها الرملية الممتدة على مساحة 350 ألف كيلومتر سوى ضوء ساطع يسرّب غاز الميثان المشتعل منذ عام 1971 بلا انقطاع، حتى أصبح من أغرب المعالم الجيولوجية في العالم. إنها "فوهة دارفازا" المعروفة بـ"بوابة الجحيم"، وهي حفرة اشتعلت فيها النيران قبل أكثر من نصف قرن من الزمان، ولم تنطفئ حتى اليوم، مما جعلها أحد أشهر وأكبر الألغاز القابعة في قلب قارة آسيا. حاليا، يجذب المكان الزوار إلى روعته الليلية، حيث يضيء اللهب السماء ويخلق مشهدا مهيبا، وبالتالي فإن السياح يأتون للتخييم والتقاط الصور رغم بعد الفوهة وصعوبة الوصول إليها. لغز يكتنفه الغموض وُصفت فوهة دارفازا الغازية بأنها ظاهرة طبيعية جزئيا وحادث من صنع الإنسان جزئيا، ويوضح مارك أيرلاند عالم جيولوجيا الطاقة في جامعة نيوكاسل في حديثه للجزيرة نت "ليست ظاهرة طبيعية تماما، لم تكن الطبيعة سوى مصدر للمواد الخام لما حوّله البشر إلى ظاهرة بيئية غريبة استمرت عقودا". وفي حين يعتقد أيرلاند أن إشعال النار في الحفرة كان على الأرجح حادثا صناعيا في الماضي لا تزال أصول هذه الحفرة يكتنفها الغموض وتكثر الروايات بشأن تشكلها. ويرجح بعض الجيولوجيين المحليين تشكل الحفرة بشكل طبيعي في أواخر الستينيات، وظلت تتدفق بالغاز والطين لسنوات عديدة، ولم تشتعل النيران فيها حتى الثمانينيات. الرواية الأخرى الأكثر انتشارا تعود إلى عام 1971 عندما انطلق الجيولوجيون السوفيات لاستكشاف صحراء كاراكوم في جمهورية تركمانستان السوفياتية الاشتراكية بالقرب من مستوطنة دارفازا. كان هؤلاء يبحثون في الأغلب عن حقول نفط، لكن المنطقة غنية أيضا بالغاز الطبيعي، لأن النفط والغاز نتاج نفس العملية الجيولوجية، وهي الضغط البطيء والشديد للمواد العضوية القديمة بمرور الوقت. ورغم عدم صدور تقرير رسمي عن الأحداث التي تلت ذلك يُعتقد أنه خلال الاستكشاف الأولي للمنطقة تشجّع الجيولوجيون بشدة بتقديراتهم لكمية الغاز الطبيعي الموجودة فسارعوا إلى إنشاء بعض منصات الحفر. لكن دون علمهم حفروا فوق كهف ضخم للغاز الطبيعي، فانخفضت طبقات التربة العليا فجأة تحت معدات الحفر بعد بدء العملية بفترة وجيزة مكونة حفرة ضخمة يبلغ عرضها 70 مترا وعمقها 30 مترا. فجَّر الانهيار مشكلة خطيرة أخرى، إذ بدأت كميات كبيرة من الغاز الطبيعي الخطير بالتسرب إلى الغلاف الجوي معرّضا السكان المحليين والكائنات الحية للخطر، ومثيرا مخاوف من تلوث بيئي واسع النطاق. يتكون الغاز الطبيعي أساسا من الميثان، وهو غاز عديم اللون والرائحة، ورغم أنه ليس ساما فإنه يمكن أن يحل محل الأكسجين ويجعل التنفس صعبا، كما أنه سريع الانفجار، حيث يمكنه تكوين خليط قابل للاشتعال في الهواء بمستويات منخفضة تصل إلى 5%. ويقول أيرلاند -الذي يركز عمله على فهم التفاعلات بين العمليات الجيولوجية والأنظمة البيئية المتعلقة بإنتاج الطاقة- "من أكثر الأمور جاذبية وإحباطا بشأن هذه الحفرة هو قلة المعلومات عنها، ليس هناك سجل أو تقرير رسمي أو أي ذكر لهذه الحادثة على الورق، خاصة أن كل ما يتعلق بالغاز والنفط والموارد الطبيعية خلال الحقبة السوفياتية كان يعتبر إستراتيجيا وسريا للغاية". ويضيف "ما زال هناك جدل عما إذا كانت قد اشتعلت عن طريق الخطأ ربما بسبب صاعقة أو شيء من هذا القبيل، أو أن السلطات السوفياتية لم يكن أمها سوى خيار إشعال النار في الفوهة عمدا، على أمل أن تنطفئ النيران بعد أن ينفد الغاز من الحفرة". أراد العلماء بإشعال الغاز المنبعث من الحفرة أن يمنعوه من الانتشار، وتلك ممارسة شائعة في بعض عمليات حفر النفط والغاز التي يطلق فيها الغاز الطبيعي، وتعرف باسم "الحرق"، حيث تُحرق الغازات الخطرة الزائدة عمدا- ولا سيما في حالات الطوارئ- إذا لم يمكن احتجازها لأسباب تتعلق بالسلامة والتمويل. صحيح أن هذه العملية لا تزال تطلق أطنانا من ثاني أكسيد الكربون، لكن ثاني أكسيد الكربون أقل ضررا بكثير من الميثان، لأنه أحد غازات الدفيئة، وهو أقوى من ثاني أكسيد الكربون بـ25 ضعفا في حبس الحرارة في الغلاف الجوي رغم أنه يختفي من الغلاف الجوي للأرض في غضون سنوات قليلة مقارنة بثاني أكسيد الكربون الذي يبقى لقرون. كان التقدير المبدئي أن تستمر النيران أياما أو أسابيع قليلة بناء على كميات الغاز السطحية المعروفة، ولم يتوقع الفريق أن تكون الحفرة مرتبطة بشبكة أوسع من مكامن الغاز التي ظلت تغذي اللهب باستمرار منذ ذلك الوقت. وفي ظل غياب التقنيات المتطورة لاحتواء الانبعاثات كانت نتيجة تسرب الغازات السامة عكسية، لم تنخفض شدة الاشتعال ولم يتوقف تدفق الغاز، ثم تركت على حالها في البلد الذي يملك سادس أكبر احتياطي للغاز في العالم. محاولة استكشافية بعد استقلال تركمانستان عام 1991 أصبحت "بوابة الجحيم" من الملفات الموروثة عن العهد السوفياتي بلا خطة واضحة للإغلاق أو الاستمرار فاستمر اشتعالها، وتستخدمها السلطات التركمانية اليوم كمعلم سياحي يُصدر وهجا غريبا يمكن رؤيته ليلا من على بعد كيلومترات، وتنبعث منه رائحة بيض كريهة لا علاقة لها بالغاز الطبيعي الذي لا رائحة له، بل ينتجها كبريتيد الهيدروجين في باطن الأرض. لم تُنشأ بوابة الجحيم لهذا الغرض، لكن شهرتها بدأت تتزايد تدريجيا مطلع الألفية مدفوعة بصور الأقمار الصناعية والتغطيات الإعلامية التي وثقتها وسط الصحراء القاحلة، بل أصبحت صورها تُستخدم في تقارير عن تغير المناخ والطاقة الأحفورية، وأدرجتها مجلات عدة ضمن أغرب الأماكن على وجه الأرض. ومع تحول "بوابة الجحيم" إلى محط أنظار الكثيرين دفع الغموض الذي يكتنفها العديد من العلماء والجيولوجيين إلى محاولة سبر أغوار هذه الحفرة. كان أولهم المغامر والمستكشف الكندي جورج كورونيس الذي قام بأول رحلة استكشافية للحفرة عام 2013 مرتديا بدلة مقاومة للحرارة مزودة بالأكسجين، بهدف التعرف عن كثب على خصائص الحفرة المتكونة من الآلاف من كرات النار، ومع ذلك كان من الصعب العثور على معلومات أساسية عن الحفرة. جمع كورونيس عينات بحثية أثبتت وجود بعض أنواع البكتيريا التي تعيش في هذه البيئة القاسية والقادرة على تحمل درجات حرارة عالية للغاية، تعيش هذه الكائنات في بيئة مغلقة داخل الفوهة الساخنة، وهي كائنات فريدة على الأرض. هل يمكن إخماد نيران "بوابة الجحيم"؟ الدراسات البيئية المنشورة عن بوابة الجحيم قليلة، لكن التقديرات تظهر أن الحفرة تطلق كميات كبيرة من غاز ثاني أكسيد الكربون والميثان، وهما من أقوى الغازات المسببة للاحتباس الحراري. ووفقا لتقرير من بلومبيرغ، تمتلك تركمانستان أسوا رقم قياسي في العالم لتسرب غاز الميثان المتسبب بتسخين المناخ، وتزايدت دعوات إطفاء نيران الحفرة المشتعلة منذ أكثر من نصف قرن للحد من أضرار تغير المناخ. في عام 2010 زارها الرئيس السابق قربان قولي بردي محمدوف، وأمر بإيجاد حل لإزالتها أو التأكد من أنها لا تعيق تطوير حقول الغاز المجاورة، لكن لم تُعلن نتائج واضحة، ولم تُتخذ خطوات جدية لإطفائها أو احتوائها. وفي عام 2022 أصدر خلفه سيردار بردي محمدوف قرارا رسميا بإغلاق الحفرة التي أشار إلى أنها من صنع الإنسان، وتتسبب بخسارة موارد طبيعية ثمينة، لكن الإجراءات لا تزال محدودة حتى اليوم. ورغم عدم وجود سقف زمني لإخماد نيران الحفرة فإن السلطات بدأت باستقطاب مستشارين وعلماء أجانب لإيجاد حل لإخماد النار، ويبدو أنهم متفقون على أن أي محاولة لإغلاقها ستكون مرهقة وخطيرة ومكلفة، وربما غير مجدية. يتطلب القضاء على فوهة دارفازا إخماد الحرائق، ثم منع تسرب الغاز من الأرض. ويقترح البعض لإنجاز الخطوة الأولى على سبيل المثال رش إسمنت سريع الجفاف في الفوهة لإزالة الهواء الغني بالأكسجين الذي يغذي الحرائق. لكن أيرلاند يحذر من المخاطر المحتملة لإطفاء حفرة دارفازا دون معالجة تسرب غاز الميثان، مؤكدا أن الغاز سيجد ببساطة طرقا أخرى للتسرب إلى السطح، مما سيؤدي إلى استمرار المشكلة، ويضيف مصدرا آخر لتسرب الميثان إلى حصيلة البلاد المتراكمة منذ العهد السوفياتي. وهذا يعني أن الطريقة الوحيدة لخنق "بوابة الجحيم" بشكل صحيح هي خنق التسرب عند مصدر غاز الميثان، لكن إذا لم يتم التنقيب بأقصى درجات العناية لتحديد موقع الصدع الجوفي الذي ينبعث منه الغاز، فقد تؤدي شرارة مفاجئة أو حادث حفر إلى انفجار مميت. وحتى لو تمكن المهندسون من تحديد موقع الصدع الجوفي فمن غير المؤكد كيفية سده، ففي حين أن إصلاح التسريبات الصناعية قد يكون معقدا فإن التسريبات الجيولوجية أكثر تعقيدا بكثير ومليئة بالشكوك. ومن المفارقات أن هناك احتمالا ضئيلا لاستخدام عبوة ناسفة كبيرة لعزل غاز الميثان، وقد استُخدمت هذه الطريقة لإخماد حرائق الآبار الصناعية، وليس من الواضح كيف يمكن تطبيق هذا على فوهة دارفازا، ومن المرجح أن الأمر سيتطلب قنبلة ضخمة جدا. في الواقع، استخدم المهندسون السوفيات رؤوسا نووية مرات عدة لإخماد حرائق آبار الغاز على عمق أميال تحت الأرض، وكانت آخر مرة عام 1981، لكن من غير المرجح أن يجد هذا النهج دعما في عالم اليوم، وقد لا ينجح حتى في فوهة دارفازا. وما سبق يعني أن إخماد هذه النيران بشكل صناعي صعب جدا، لكن يمكن أن تخمد النيران بشكل طبيعي في يوم ما، وكان باحثون من الفرع العلمي لشركة "توركمان غاز" -وهي شركة الغاز الوطنية التركمانية- قد أشاروا إلى أن توهج الفوهة يبدو أنه آخذ في الخفوت، وربما تتوقف عن الاشتعال يوما ما.


الجزيرة
منذ يوم واحد
- الجزيرة
علماء صينيون يستخدمون "النقاط الكمومية" لتحقيق طفرة في الصناعة
نجح فريق من الباحثين بقيادة علماء من جامعة هونغ كونغ للعلوم والتكنولوجيا في الصين في تطوير تقنية جديدة يمكنها الاستفادة من ضوء الشمس لتحفيز تفاعلات كيميائية عضوية شديدة الصعوبة، من دون الحاجة إلى حرارة مرتفعة أو معادن نادرة. هذا الابتكار يرتكز على نوع جديد مما يُعرف باسم "النقاط الكمومية". ويقول أحمد قاسم، الباحث في قسم الكيمياء بجامعة فرجينيا كومنولث الأميركية، وغير المشارك في الدراسة، في تصريحات حصرية للجزيرة نت: "تخيل عالما يُمكن فيه لأشعة الشمس وحدها تشغيل تفاعلات كيميائية معقدة، وتحويل الجزيئات الصعبة إلى أدوية منقذة للحياة أو مواد مستدامة بأقل قدر من الطاقة والنفايات. قد تتحقق هذه الرؤية بفضل هذا الاكتشاف الرائد في تكنولوجيا النانو". وبحسب الدراسة المنشورة في دورية "نيتشر كوميونيكيشنز"، فإن التقنية ترتكز على آلية نانوية تسمح بإطلاق إلكترونات عالية الطاقة، تُعرف بـ"الإلكترونات الساخنة"، وعند تعرض النقاط الكمومية لضوء مرئي، هذه الإلكترونات الساخنة قادرة على تكسير روابط كيميائية كانت تُعتبر خاملة أو تتطلب ظروفا قاسية لتفكيكها. جنود مجهولون المحفز هو مادة تُسرّع التفاعل الكيميائي من دون أن تُستهلك أو تتغير في النهاية. تخيّل أن لديك نارا وتريد استخدامها في إشعال الفحم بسرعة. إذا وضعت ورقا أو سائلا مثل الكحول، فسيساعد الفحم على الاشتعال أسرع، لكن الورق نفسه لا يتحول إلى فحم. الورق هنا مثل المحفز، يسرّع العملية لكنه لا يتحول إلى المنتج النهائي، أي لا يتحول إلى فحم مشتعل. وفي الصناعة، تعمل المحفزات كجندي مجهول، إذ تقوم عليها أكبر الصناعات. تفكك المحفزات جزيئات النفط الكبيرة إلى وقود مثل البنزين والديزل. كما لا يمكن أن يتفاعل النيتروجين مع الهيدروجين لصنع الأمونيا صناعيا إلا عبر محفز معدني. حتى في حياتنا اليومية، تحتوي المنظفات على محفزات تحلل الدهون أو البروتينات في الملابس. كما يعمل محفز السيارة على تحويل الغازات السامة في العادم إلى غازات أقل ضررا، وغيرها من الأمثلة. وتقدم التقنية الجديدة حلا بديلا للتفاعلات التي كانت تعتمد في السابق على معادن قلوية أو درجات حرارة عالية بحسب قاسم، والذي يضيف "تتطلب العديد من التفاعلات الكيميائية الحيوية في الصناعات الدوائية وعلوم المواد ظروفا قاسية. لكن هذا النهج الجديد يستخدم ما يسمى "الإلكترونات الساخنة"، وهي إلكترونات عالية الطاقة تُولّدها النقاط الكمومية تحت ضوء منخفض الكثافة، لتنشيط الجزيئات بسلاسة وكفاءة ومن ثَم تتفاعل تحت ظروف كيميائية معتدلة". ويُعيد هذا الابتكار تعريف مفهوم التحفيز الضوئي، إذ يثبت أن بالإمكان تسخير أشعة الشمس، حرفيا، للقيام بتفاعلات كانت تتطلب معدات ضخمة أو مواد خطرة أو طاقة هائلة. وبفضل تقنية النقاط الكمومية المُطعّمة بعناية بأيونات المنجنيز، أصبحت الكيمياء أكثر قربا من الضوء، وأقرب إلى البيئة. هندسة معمارية نانوية النقاط الكمومية هي جزيئات نانوية صغيرة جدا، أصغر ألف مرة من عرض شعرة الإنسان، ومصنوعة من مواد شبه موصلة، وتتميز بقدرتها على امتصاص وإطلاق الضوء بطريقة مميزة حسب حجمها. تخيّل أنك تمتلك مجموعة من الكرات الزجاجية الصغيرة مختلفة الأحجام، وكل واحدة منها تضيء بلون مختلف عندما تسلط عليها الضوء. كلما صغر حجم الكرات، تغير لون الضوء الخارج منها، وهذا يشبه ما يحدث مع النقاط الكمومية، والتي تكمن أهميتها في قدرتها على التحكم في اللون، والطاقة، وطريقة تفاعلها مع الضوء أو الكهرباء. النقاط الكمومية موجودة في حياتنا بالفعل، في أجهزة التلفزيون، فيما يعرف بتقنية "الكيوليد" المعروفة بألوانها الزاهية ودقتها العالية، كما تستخدم في تتبع الخلايا السرطانية داخل الجسم لأنها تضيء بطريقة واضحة. وتبدأ صناعة المحفز الشمسي الجديد بتكوين نواة من كبريتيد الكادميوم المثالية للنقاط الكمومية، إذ تمتص الضوء المرئي بكفاءة، وتُطلق إلكترونات عالية الطاقة أو ما يعرف باسم (الإلكترونات الساخنة) عندما تُضاء. كما يسهل التحكم في حجمها وشكلها أثناء التصنيع النانوي، وهذا يسهل من تغيير خصائصها البصرية. ولكن الإلكترونات الساخنة التي ينتجها كبريتيد الكادميوم طاقتها محدودة، وعمرها قصير، أي أنها ليست كافية لتفعيل التفاعلات الكيميائية الصعبة. من هنا تأتي الحاجة لتطعيم النواة بأيونات المنجنيز ذات القدرة الخارقة على تخزين الطاقة مؤقتا. ويعمل مثل محطة تقوية لطاقة الإلكترونات، فيمسك بالإلكترون مؤقتا، ثم يعيد ضخه بطاقة أعلى في اللحظة المناسبة. ثم تنتهي العملية بتغليف النواة المُطعمة بطبقة رقيقة من كبريتيد الزنك. هذه الطبقة النهائية تثبت البنية وتقلل من العيوب السطحية وتحسن التفاعل بين المكونات، ما يعزز نقل الطاقة داخل الجسيمات النانوية ويزيد من كفاءة توليد الإلكترونات الساخنة. ويعلق قاسم "عند إضاءة المحفز بالضوء المرئي، تولد النقاط الكمومية المطعمة بالمنجنيز إلكترونات عالية الطاقة. إذ تتضمن هذه الآلية نقلا فائق السرعة للطاقة بين أيونات المنجنيز المُثارة والنقاط الكمومية. وتنتقل الإلكترونات الساخنة بعد ذلك إلى المركبات العضوية مما يُحفز تفاعلات صعبة مثل إزالة الهالوجينات، واختزالات بيرش، وانقسام الروابط الخاملة عند جهود اختزال قصوى تصل إلى 3.4- فولتات، وهي حدود كان من الصعب الوصول إليها إلا في ظل ظروف قاسية". إنجازات تحت بصيص ضوء من المذهل أن هذه التقنية تعمل تحت شدة إضاءة منخفضة جدا، بكثافة ضوء أقل من الإشعاع الشمسي المعتاد. ويعلق قاسم "إن تحقيق تفاعلات تحفيز ضوئي في ظل شدة إضاءة منخفضة، ضمن نطاق ضوء الشمس الطبيعي، يجعل هذه التقنية قابلة للتطبيق في مجالات الطاقة الشمسية من دون الحاجة إلى مصادر إضاءة صناعية مكثفة". إعلان وقد نجح الفريق في إحدى التجارب في استخدام الضوء الأزرق لتحفيز التفاعل الكيميائي، وحققوا نسبة إنتاج وصلت إلى 88% من المنتج المستهدف بتركيز محفز منخفض جدا تبلغ 0.001 مول%. وهو ما يمثل أعلى كفاءة باستخدام محفزات تعتمد على النقاط الكمومية. ويمكن أن تشمل التطبيقات المستقبلية لهذه التقنية إنتاج الأدوية الفعالة بتكلفة أقل، وإعادة تدوير المواد الكيميائية الملوثة، وتحفيز تفاعلات عضوية معقدة في ظروف طبيعية، وبناء منصات للطاقة الكيميائية تعمل بالطاقة الشمسية. ويشير قاسم إلى الأثر الأكبر لهذا الابتكار قائلا: "سواء كان الأمر يتعلق بتصنيع أدوية جديدة، أو إعادة تدوير مواد، أو تنظيف البيئة، فإن هذه النقاط الكمومية ستشكل ثورة في كيفية بناء جزيئات المستقبل". إنها خطوة جديدة نحو كيمياء خضراء أكثر ذكاءً، وقد تقود مستقبلا مختلفا تماما؛ إذ تصبح الشمس مصدرا مركزيا للطاقة على كوكبنا للتجاوز دورها في ولادة كوكبنا وتغذية نباتاته إلى صناعته وتقدمه وطاقته وازدهاره.


الجزيرة
منذ 2 أيام
- الجزيرة
مرصد "نانسي غريس رومان" الجديد يمكنه رصد 100 ألف انفجار نجمي
يعتقد العلماء أن مرصد "نانسي غريس رومان" الفضائي -الذي يضاهي في حجمه مرصد "هابل"- سيُحدث ثورة في علم الفلك، إذ سيتمكن من اكتشاف نحو 100 انفجار كوني خلال أول مسح له، ويخطط مشروع رومان حاليًا لإطلاق المرصد أواخر عام 2026. تتنوع تلك الانفجارات بين المستعرات العظمى، وهي نجوم انفجرت في نهاية حياتها، والثقوب السوداء التي تلتهم نجوما في أحداث تسمى "تمزق مدّي"، والكيلونوفا، وهي انفجارات رهيبة تحدث عندما يصطدم نجمان نيوترونيان أو نجم نيوتروني وثقب أسود. انفجارات مهمة جدا دراسة هذه الانفجارات مهمة لفهم الطاقة المظلمة، وهي نوع من الطاقة تمثل قرابة 68% من تركيب الكون، ولكن لا يتمكن العلماء من رصد وجودها بعد، ولكنهم يلحظون أثرها على توسع الكون. ويعتقد العلماء أنه يمكن لنوع محدد من الانفجارات النجمية (تسمى المستعرات العظمى من نوع "آي إيه"، أن تُستخدم كـ"شموع كونية" لقياس توسع الكون ومعرفة كيف تتغير الطاقة المظلمة عبر الزمن. كما أن الانفجارات الكونية الكبرى يمكن أن تمثل فرصة ذهبية لدراسة العناصر الثقيلة في الكون، فالكيلونوفا تنتج عناصر نادرة مثل الذهب والبلاتين، ويساعد ذلك العلماء على فهم نمو النجوم والمجرات مع الزمن. وإلى جانب ذلك، فإن أنواعا محددة من الانفجارات النجمية يمكنها المساهمة في كشف أسرار الثقوب السوداء، عبر دراسة كيفية تمزيقها للنجوم القريبة منها. إمكانات واعدة سيوفر مرصد رومان مجال رؤية بانورامية أوسع بـ200 مرة من مجال رؤية هابل، ويمكنه مسح مناطق واسعة من السماء بعمق كل بضعة أيام، مما يُسهم في رسم أول خرائط واسعة المجال للكون بدقة غير مسبوقة، حسب بيان صحفي رسمي من وكالة الفضاء والطيران الأميركية (ناسا). مع مرآة قطرها 2.4 متر (بحجم مرآة هابل)، يغطي المرصد منطقة من السماء تساوي مساحة 90 قمرا في طور البدر، وسيقوم بعمل 30 ساعة رصد كل 5 أيام. وإلى جانب ذلك، سيجمع المرصد بين قوة التصوير الدقيق والتحليل الطيفي، والأخير هو تقنية لدراسة الضوء القادم من الأجرام السماوية، حيث يتم تفكيكه إلى ألوانه (أطواله الموجية) الأساسية لمعرفة مكونات المادة وخصائصها، مثل درجة الحرارة والحركة والتركيب الكيميائي، يأتي ذلك بالتعاون مع مراصد أخرى، لاكتساب رؤى جديدة حول الكون من خلال مسوحات مُركزة. ويعتقد العلماء أن مرصد رومان سيتمكن كذلك من اكتشاف آلاف الكواكب خارج نظامنا الشمسي، بما في ذلك أنواع من الكواكب لم تر من قبل، وأنه سيسهم في تطوير نطاق الفيزياء الفلكية وعلم الكواكب عبر دراسة النجوم في المجرات المجاورة، والثقوب السوداء الهائلة في المجرات البعيدة، والأجرام الصغيرة في نظامنا الشمسي.