logo
مواقف قوى السويداء من الاشتباكات وتدخّل القوات الحكومية

مواقف قوى السويداء من الاشتباكات وتدخّل القوات الحكومية

الجزيرةمنذ 8 ساعات
السويداء- لليوم الثاني على التوالي، لم تهدأ الاشتباكات في السويداء (جنوب سوريا) بين مسلحين من الطائفة الدرزية وآخرين من العشائر البدوية، وهو ما استدعى تدخل القوات الحكومية عبر المحور الشمالي القادم من دمشق ، والغربي القادم من محافظة درعا المجاورة.
وازدادت حدة الاشتباكات فجر اليوم الإثنين، لتشمل عدّة محاور في محيط ريف السويداء الغربي منها قرى الدور وتعارة والدويري، وقرى كناكر والثعلة، وامتدت أيضا إلى حي المقوس (شرقي السويداء) الذي تقطنه عائلات من العشائر البدوية.
وذكر المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية نور الدين البابا أن قوات وزارتي الدفاع والداخلية دخلت السويداء منذ ساعات الصباح الأولى، مشيرا إلى ضرورة نزع سلاح "المجموعات الخارجة عن القانون" بشكل كامل، ومؤكدا إجراء تنسيق واسع مع كل الأطراف الفاعلة بالمحافظة قبل بدء تنفيذ خطّة الانتشار الأمني.
وبحسب الداخلية، فإن الأحداث التي شهدتها محافظة السويداء قد أسفرت حتى الآن عن سقوط أكثر من 30 قتيلاً ونحو 100 جريح في إحصاء أولي.
وذكرت الوزارة في بيانٍ أن "هذا التصعيد الخطير يأتي في ظل غياب المؤسسات الرسمية المعنية، مما أدى إلى تفاقم حالة الفوضى وانفلات الوضع الأمني، وعجز المجتمع المحلي عن احتواء الأزمة رغم الدعوات المتكررة للتهدئة، وقد أسفر ذلك عن ارتفاع عدد الضحايا، وتهديد مباشر للسلم الأهلي في المنطقة".
وبالتوازي، سمع السكان المحليون في السويداء وقراها، قرابة الساعة 11 والنصف من صباح اليوم تحليقاً لطيران حربي إسرائيلي على ارتفاعات منخفضة، أعقبه تصاعد أعمدة الدخان منبعثا من الحدود الإدارية الغربية للسويداء، والتي تفصلها عن محافظة درعا.
من جهته، جدد الرئيس الروحي لما يسمون الموحدين الدروز الشيخ حكمت الهجري رفضه دخول قوات الأمن العام التابعة للداخلية إلى السويداء والقوات التابعة لهيئة تحرير الشام، وطالب مجدداً بحماية دولية للدروز.
لكن بالمقابل، صرّح باسم أبو فخر، الناطق الإعلامي باسم "حركة رجال الكرامة" بأنّ "موقف الشيخ الهجري لا يُمثل كلّ السويداء، والتي تحوي تياراً وطنياً واسعاً تتجاهله الدولة" معتبرا أن "السويداء تُعاقب منذ 7 أشهر اقتصادياً وأمنياً بناءً على ذلك المُعطى غير الدقيق".
وأوضح أبو فخر -للجزيرة نت- أن الحركة كانت قد تقدمت منذ نحو أسبوعين بمبادرة إلى الحكومة السورية، تعكس فيه رغبتها بتطويع الآلاف من مقاتليها في وزارتي الداخلية والدفاع، لكنه نفى تلقيهم أيّة موافقة على طلبهم.
وكانت حركة رجال الكرامة -وهي الفصيل العسكري الأكبر عددا والأقوى تسلحا بالسويداء ويتزعمها الشيخ يحيى الحجار- قد أصدرت بيانا مساء أمس أوضحت فيه أن لغة العقل يجب أن تكون هي السائدة، وضرورة بذل الجهود لوقف التصعيد، وتطويق الاشتباك.
وأكدت في بيانها أن "مبدأ الدفاع عن النفس لا حياد عنه، وهو حق مشروع تكفله كل القوانين السماوية والوضعية، لذلك دفعت الحركة بمقاتليها في مواقع التماس" معلنة النفير العام "دفاعاً عن الأرض والعرض، ومن أجل حماية السلم الأهلي وردع من يستبيح أمن الناس".
وبدوره قال نجيب أبو فخر رئيس المكتب السياسي للمجلس العسكري بمنطقة جنوب سوريا إن "تداعيات الأحداث الحالية تتعدى مسألة احتجاز سائق سيارة خضار وسلبه مبلغاً مالياً" في إشارة إلى الشرارة التي اندلعت على إثرها المواجهات بين الطرفين، ويضيف موضحا "بل إنها تعود إلى التطاول والتعدّي على محافظ السويداء مرات عديدة، أي النيل من هيبة الدولة".
ويتساءل أبو فخر عن الموقف تجاه الرئيس السوري أحمد الشرع قائلا "لماذا نقول إنه أمام اختبار منذ 8 أشهر، ولا نقول إننا نحن كنّا أمام اختبار في الحكم الذاتي خلال المدّة نفسها؟" وبرأيه فإن "النتيجة كانت فشلنا بالحكم الذاتي وإدارة شؤوننا، حتى لو أن مؤسسات الدولة لا تتبع لنا".
يُذكر أن المجلس العسكري يضم 650 ضابطا وضابط صف من الذين كانوا بالجبهة الوطنية لتحرير سوريا سابقاً، ويقوده العميد ياسر زريقات من درعا.
حاجة للضبط
يرى عضو الهيئة العامة لحراك السويداء محمود السكر أنّ ما تشهده السويداء حالياً، من انفلات أمني وتفش للفصائل المسلحة والسلاح غير المنضبط، لا يصبّ في صالح المحافظة وأهلها.
وقال للجزيرة نت إن "مطلب وجود الدولة وبسط سلطتها هو دعوة وطنية جامعة لا تقتصر على السويداء فقط، بل تشمل كل شرفاء سوريا".
وبينما يطرح تساؤله "هل الدولة موجودة بالفعل؟" يكمل فيجيب أنه "من المتوقع أن تستمر هذه المعاناة، ومعها تباين الآراء، فالرؤية السائدة تشير إلى أن الأطراف المتحكمة في الواقع السوري، والتي تعمل على تنفيذ مخططات معينة، هي من تدير زمام الأمور بشكل كامل".
وقد شهد مقهى جذور الثقافي وسط المدينة، صباح اليوم، بحسب الناشط السياسي مروان حمزة، حالة انشقاق وتباين حاد بالآراء بين من حضر من أعضاء مؤتمر السويداء العام -والذي عُقد بتاريخ 17 يونيو/حزيران، وخرج المشاركون حينها بثوابت أهمها أن السويداء جزء من سوريا رافضين مشاريع الانفصال والتبعية الخارجية- لكنهم خلال النقاش ذهب بعضهم لتأييد فكرة المطالبة بحماية دولية، وآخرون رفضوا ذلك".
ويقول حمزة للجزيرة نت "على الأغلب أن تتغير جميع المعادلات في نهاية النهار، وكذلك ربما يتغير الوضع التكتيكي والإستراتيجي على أرض الواقع، لأن قوات الأمن العام والجيش باتت توجد بكثافة في القرى الغربية، وصدر بيانٌ عن الداخلية حذرت فيه من مواجهة القوات الحكومية حين تدخل إلى السويداء".
وفي بيانٍ صادر عن دار الإمارة في قرية عرى، من قبل الأمير حسن الأطرش، وهو أحد وجهاء السويداء، جاء التأكيد واضحاً على هوية السويداء الوطنية، وورد فيه "لا خيار لنا سوى الدولة، ونحن بالتواصل مع سماحة مشايخ العقل وزعماء ووجهاء الجبل، نريد الوصول إلى حلّ يرضي جميع أهالي السويداء، ويجب على الجميع إعطاء الفرصة للتوصل إلى الحل".
وذكر شادي خويص، وهو أحد نشطاء التجمع المدني من أجل سوريا (تجمع نشطاء سياسيين مستقل) -ومن خلال متابعته لمجريات الأحداث- أن هناك قلقاً كبيراً لدى الشارع المحلّي، وتشوّشاً عاماً في الأفكار.
وأضاف في حديثه للجزيرة نت "نلوم السلطة لأنها تحاول استثمار ما يحدث، ونلوم أيضاً من تصدّر المشهد في السويداء ولم يستطع الإفصاح عن خطاب وطني حقيقي جامع قدر الإمكان، وهذا ما جعلنا عاجزين عن تلافي شرارة الفتنة التي ندفع ثمنها حالياً، وما يهم الآن هو وقف النار بأية طريقة، والبدء بمفاوضات للوصول لاتفاق، وتجنيب الناس من جميع الأطراف دفع الفاتورة".
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

احتجاز‭ 10‬‭ ‬أشخاص بعد اشتباكات بين "متطرفين" ومهاجرين في إسبانيا
احتجاز‭ 10‬‭ ‬أشخاص بعد اشتباكات بين "متطرفين" ومهاجرين في إسبانيا

الجزيرة

timeمنذ 5 ساعات

  • الجزيرة

احتجاز‭ 10‬‭ ‬أشخاص بعد اشتباكات بين "متطرفين" ومهاجرين في إسبانيا

قالت الحكومة الإسبانية إن الشرطة ألقت القبض على 10 أشخاص بعد اشتباكات استمرت 3 ليال بين جماعات يمينية متطرفة ومهاجرين من شمال أفريقيا في بلدة بجنوب شرق البلاد. وفي إحدى أسوأ الاشتباكات التي شهدتها إسبانيا في الآونة الأخيرة، قال صحفيون من رويترز إن عشرات الشبان من جماعات يمينية متطرفة، بعضهم ملثمون، ألقوا زجاجات ومقذوفات أخرى -مساء أول أمس الأحد- على شرطة مكافحة الشغب في توري باتشيكو، التي ردت بإطلاق الرصاص المطاطي لقمع الاضطرابات. وتعود جذور هذه الأحداث إلى هجوم شنه مجهولون الأسبوع الماضي على رجل مسن، مما أدى إلى إصابته، لكنه يتعافى حاليا في منزله. وقال متحدث باسم وزارة الداخلية لرويترز -في وقت متأخر من اليوم- إن المشتبه به الرئيسي في هجوم الأسبوع الماضي أُلقي القبض عليه في شمال إقليم الباسك. وكانت السلطات قد ذكرت في وقت سابق أنها اعتقلت أجنبيين يُشتبه في تورطهما في الهجوم. وقالت وزارة الداخلية إنها اعتقلت 7 آخرين -6 إسبان وواحد من أصول شمال أفريقية- بتهم الاعتداء أو الإخلال بالنظام العام أو جرائم الكراهية أو الإضرار بالممتلكات. ويشكل المهاجرون، وكثير منهم من الجيل الثاني، نحو ثلث سكان توري باتشيكو البالغ عددهم 40 ألف نسمة تقريبا. كما تستضيف المنطقة المحيطة بالمدينة أعدادا كبيرة من المهاجرين الذين يعملون عمالا بالأجر اليومي في الزراعة، وهي إحدى ركائز اقتصاد منطقة مورسيا. وقال بيدرو أنخيل روكا، رئيس بلدية توري باتشيكو، لتلفزيون "تي في إي" الإسباني: "أطلب من الجالية المهاجرة عدم مغادرة منازلهم وعدم مواجهة مثيري الشغب، لأن المواجهة لا تجدي نفعا، لكنها ربما تثير فينا جميعا الخوف". "نريد السلام" وفي حديثه لإذاعة "كادينا سير"، عزا وزير الداخلية فرناندو غراندي مارلاسكا أعمال العنف إلى الخطاب المناهض للهجرة الصادر عن جماعات اليمين المتطرف وأحزاب سياسية مثل "فوكس"، الذي قال عنه إنه يربط بين الهجرة والجريمة بشكل غير مبرر. وأضاف الوزير أن أعمال العنف في توري باتشيكو نُظمت وأُثيرت بدعوات على وسائل التواصل الاجتماعي. لكن سانتياغو أباسكال، زعيم حزب فوكس، نفى مسؤوليته عن هذه الوقائع، وحمّل مسؤوليتها لسياسات الحكومة المتعلقة بالهجرة. وظلت إسبانيا منفتحة على الهجرة وفوائدها الاقتصادية، حتى في الوقت الذي شددت فيه حكومات أوروبية أخرى القيود على الحدود. لكن الجدل تجدد، بقيادة حزب فوكس، مع تأكيد خطط نقل مهاجرين قصر غير مصحوبين بذويهم من جزر الكناري إلى بقية أنحاء إسبانيا خلال الأسابيع القليلة الماضية. وقالت وزيرة الهجرة إلما سايز لصحيفة إلباييس إن "إسبانيا ليست دولة تطارد المهاجرين، وإذا اضطررنا للنزول إلى الشوارع، فذلك للدفاع عن حقوق آلاف الأشخاص المحاصرين والمتضررين تماما من هذه المطاردة التي تستهدف المهاجرين". وقال مهاجر من شمال أفريقيا يعيش في توري باتشيكو إنه يخشى ركوب دراجته النارية بسبب مثيري الشغب الذين يرشقونها بالزجاجات. وقال لرويترز أمس الأحد: "نريد السلام. هذا ما نريده، لا نريد أي شيء آخر". وعام 2000، اندلعت احتجاجات عنيفة مناهضة للهجرة في بلدة إليخيدو، التابعة لمدينة ألميريا بجنوب إسبانيا، بعد مقتل 3 مواطنين إسبان على أيدي مهاجرين مغاربة.

ما وراء الخبر.. دعوات للحوار وفرض الأمن في السويداء السورية
ما وراء الخبر.. دعوات للحوار وفرض الأمن في السويداء السورية

الجزيرة

timeمنذ 7 ساعات

  • الجزيرة

ما وراء الخبر.. دعوات للحوار وفرض الأمن في السويداء السورية

ما وراء الخبر ناقش برنامج 'ما وراء الخبر' -في حلقته بتاريخ (14 يوليو/تموز 2025)- دعوات الحكومة السورية إلى فرض الأمن والبدء في حوار شامل على خلفية اشتباكات نشبت بين مجموعات مسلحة وعشائر بالسويداء. اقرأ المزيد

ما وراء الاشتباكات.. اختبار السيادة يتجدد على أرض السويداء الملتهبة
ما وراء الاشتباكات.. اختبار السيادة يتجدد على أرض السويداء الملتهبة

الجزيرة

timeمنذ 7 ساعات

  • الجزيرة

ما وراء الاشتباكات.. اختبار السيادة يتجدد على أرض السويداء الملتهبة

لم تكن حادثة السلب على طريق دمشق السويداء سوى شرارة أشعلت جمرا متراكما في منطقة جبل العرب، ثم جاء ما أعقبها من اشتباكات، ودعوات للحماية الدولية، وقصف إسرائيلي لقوات النظام، ليضع مسألة السيادة على الطاولة، لا كمفهوم سياسي مجرد، بل كأرض نزاع متعدد الأطراف. فالمواجهات التي انطلقت تحت يافطة النزاع المحلي، تطورت بسرعة إلى مشهد إقليمي متداخل، استُدعي فيه خطاب الحماية الطائفية، وتدخلت فيه إسرائيل بذريعة الدفاع عن طائفة الدروز ، في ظل فراغ أمني تعترف به السلطة وتستثمره فصائل محلية لإعادة رسم معادلة الحكم الذاتي. ورغم إعلان الحكومة السورية عزمها فرض الأمن عبر الحوار و"بسط السيادة" فإن ذلك لم يكن كافيا لنزع الشكوك المتراكمة في السويداء ، حسب الناشط الحقوقي والسياسي فيها سليمان الكفيري. ويرى الكفيري خلال مشاركته في برنامج "ما وراء الخبر" أن فشل السلطة في تنفيذ التزاماتها السابقة، وتحديدا الاتفاق مع وجهاء المنطقة قبل أكثر من شهر، عزّز مناخ انعدام الثقة، خاصة في ظل فوضى أمنية مستمرة على الطرق الحيوية. لكن التحدي لا يقتصر على الجانب الداخلي، فوفق رؤية الأكاديمي والخبير بالشأن الإسرائيلي الدكتور مهند مصطفى، فإن إسرائيل توظّف كل تفكك في الجنوب السوري لتبرير وجودها العسكري وتحويل المنطقة إلى "حزام فصل دائم" يحول دون عودة السيادة السورية الكاملة، تحت غطاء حماية الدروز. الخطوط الحمراء هذه "الذريعة الإنسانية" -وإن بدت متعاطفة ظاهريا- تكشف عن إستراتيجية أعمق، هدفها إبقاء الجنوب السوري منطقة رخوة سياسيا وأمنيا. ومع ذلك لا تعارض إسرائيل إعادة تموضع الدولة السورية، ما دام ذلك لا يتجاوز الخطوط الحمراء المرسومة بوضوح: لا سيادة حقيقية، ولا مؤسسات أمنية قادرة على كبح تغلغلها الاستخباراتي. وفي هذا السياق، تتحول الاشتباكات من حدث محلي إلى اختبار حقيقي لقدرة الدولة على فرض نموذج السيادة غير القابل للتجزئة، فالحكومة السورية -كما يوضح الكاتب والمحلل السياسي حسن الدغيم- تعاملت سابقا مع مناطق متوترة بسياسة الاحتواء لكن الخيارات تضيق، خصوصا بعد تصعيد عصابات مسلحة متورطة في شبكات تهريب وتجارة مخدرات عابرة للمحافظات. ولم تطرح الدولة على السويداء، بحسب روايتها، ما لم تطرحه على غيرها من المحافظات، بل اختارت التدرج والتفاوض قبل اللجوء إلى الحسم، لكن استمرار المطالبة بـ"إدارة أمنية محلية" يعيد إنتاج فكرة الكيانات الذاتية ويُضعف صورة الدولة كمحتكر وحيد للسيادة والسلاح، خاصة عندما تُرافق المطالبات بدعوات للحماية الدولية. ويتداخل هذا السياق مع ما تظهره إسرائيل من مخاوف أعمق من تنامي النفوذ الإيراني في الجنوب السوري، وهنا يرى الدكتور مهند أن إسرائيل تسعى إلى إضعاف الدولة دون إسقاطها، وتدير الأزمة وفق منطق "الاحتواء دون الانهيار" على غرار إدارتها السابقة للحكومة بقطاع غزة أو للوضع في لبنان. لكن الدولة السورية، وإن كانت تسير على حبل دقيق بين ضبط النفس والردع، تجد نفسها اليوم في موقف لا يمكن أن يُدار بلينٍ مفتوح، فهي تدرك أن أي تأجيل في فرض السيطرة سيُفسَّر كعجز، وسيفتح الباب أمام مطالب مماثلة في مناطق أخرى تحت لافتات دينية أو طائفية أو عشائرية. معركة السلطة والسيادة وتكمن الإشكالية العميقة في كيفية بسط السيادة على منطقة تشكّك بعض مكوناتها في شرعية الدولة، وتمييز المطالب الشعبية المشروعة عن محاولات تفكيك الدولة من الداخل، لتتجاوز هذه الأسئلة السويداء، وتمس قلب الأزمة السورية ذاتها، بوصفها معركة دائمة لإعادة تعريف الدولة والسلطة والسيادة. واللافت أن السلطة -كما أشار الدغيم- تراهن على حاضنة واسعة من الدروز داخل السويداء وخارجها، ممن ما زالوا يؤمنون بوحدة سوريا ويرفضون خطاب الانفصال أو التجييش الطائفي، لكنها في الوقت ذاته تحذر من دور شخصيات دينية، كالشيخ حكمت الهجري، التي تتبنى خطابا يُقرأ لدى دمشق كمشروع لتفكيك وحدة الدولة تحت غطاء الخصوصية الروحية. وبموازاة الجهود الميدانية، تحاول الدولة تدويل قضية القصف الإسرائيلي، مطالبة "الدول الصديقة" بكبح إسرائيل التي تعتبر أن أي محاولة لبسط الأمن السوري في الجنوب تمس بـ"الخطوط الأمنية" التي رسمتها لنفسها على أراضٍ ليست لها، وهو ما يعكس عبثية المشهد. وفي ضوء هذا التعقيد، يتحول الجنوب السوري إلى مسرح لتنازع السيادات: سيادة الدولة على أراضيها، وسيادة الجماعة على خياراتها، وسيادة الاحتلال على قواعد الاشتباك. وكلما طال أمد الفوضى، زادت قدرة اللاعبين الخارجيين على ترسيخ حضورهم، وتآكلت قدرة دمشق على استعادة المبادرة. ولكن رغم ضيق الخيارات، لا يبدو أن الدولة ستقبل بصيغة هجينة تُمنح فيها السويداء امتيازات خارج نموذج الدولة الموحدة، فالتجربة تقول إن التنازل في لحظة ضعف يفتح الباب أمام تفكك أكبر. ومن هنا، تبدو المواجهة الحالية بالجنوب ليست مجرد استجابة لأزمة طارئة، بل محطة حاسمة لاختبار مشروع السيادة في سوريا الجديدة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store