
الفوضى السياسية في كوريا الجنوبية أفشت أسراراً عسكرية للجارة الشمالية
أثارت الأزمة السياسية التي كانت تعصف بكوريا الجنوبية قبل عزل الرئيس يون سوك يول، الجمعة، انقساماً داخلياً وشلت مؤسسات الدولة، في حين ساهمت في الوقت نفسه في إفشاء "كمّ هائل" من الأسرار العسكرية لجارتها الشمالية، وفق صحيفة "وول ستريت جورنال".
وقالت الصحيفة، في تقرير، إنه في خضم الفوضى التي أعقبت فرض الأحكام العرفية، علت أصوات الغضب الشعبي في كوريا الجنوبية مطالبة بتفسيرات فورية حول خلفيات المرسوم العسكري وخطوات الجيش.
وسارع نواب المعارضة إلى تنظيم جلسات استماع علنية، لكن السعي المحموم للكشف عن الحقائق والمواجهات السياسية المتصاعدة طغيا على أهمية الحفاظ على سرية المعلومات العسكرية.
وخلال إحدى الجلسات التي نُقلت مباشرة على الهواء، كشف مسؤول رفيع في الجيش عن الموقع الدقيق لغرفة القيادة والسيطرة المسؤولة عن التخطيط الحربي، ما استدعى تدخلاً عاجلاً من نائب وزير الدفاع، الذي قال: "هذه منشآت عسكرية حساسة، ويجب أن نوقف هذا النقاش فوراً".
وفي مشهد آخر، عرض نائب معارض صوراً لضباط استخبارات زاروا لجنة الانتخابات الوطنية ليلة فرض الأحكام العرفية، ما دفع أحد القادة العسكريين للتدخل، ورفع يده قبل أن يقول: "يؤلمني أن أرى الأصول الاستخباراتية التي بنيناها على مدى سنوات تُعرض بهذه الطريقة المتهورة".
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الإفصاحات العلنية أثارت قلقاً واسعاً بشأن حجم المعلومات العسكرية التي أصبحت مكشوفة أمام بيونج يانج، في وقت تُتهم فيه كوريا الشمالية بالسعي الدائم لاختراق منظومات الأمن في الجنوب، وجمع معلومات حساسة استعداداً لأي مواجهة محتملة.
وخلال جلسة استماع أخرى، كشف نائب معارض عن عدد طائرات الاستطلاع الكورية الجنوبية من طراز "S-Bat" التي يمتلكها الجيش، مشيراً إلى أنها "غير صالحة للقتال".
معلومات "على طبق من فضة"
في تعليق على الأمر، قال بارك وون-جون، أستاذ الدراسات الكورية الشمالية في جامعة إيوا في سول: "هذه المعلومات تُجمع على مدى طويل، وتتطلب تحققاً دقيقاً، لكن جرى تقديمها لكوريا الشمالية على طبق من فضة."
وأقر المتحدث باسم وزارة الدفاع الكورية الجنوبية، في ديسمبر، بأن جلسات الاستماع العلنية شهدت "إفصاحات غير مناسبة" خلال مساعي الوزارة لتقديم شرح دقيق للوقائع، مشيراً إلى أن بعض المعلومات الحساسة قد كُشفت دون قصد. ورفضت الوزارة تقديم أي تعليق إضافي بشأن هذه التسريبات.
وخلال فترة الأحكام العرفية أسفرت تحركات الجيش القصيرة عن كشف مزيد من التفاصيل العسكرية الدقيقة. ففي ليلة الثالث من ديسمبر، نفّذت "وحدة المهام الخاصة 707"، وهي إحدى أبرز وحدات النخبة في الجيش الكوري الجنوبي، عملية إنزال جوي في محيط الجمعية الوطنية عبر مروحية عسكرية، بهدف منع النواب من دخول البرلمان والتصويت ضد مرسوم الطوارئ الرئاسي.
وتُعرف هذه الوحدة بمهامها في مكافحة الإرهاب وتنفيذ العمليات الخارجية، لكنها تتولى أيضاً، في أوقات الحرب، مهام سرّية بالغة الحساسية مثل استهداف قيادات كوريا الشمالية.
ووفقاً للصحيفة، رُصد عناصر الوحدة في تلك الليلة وهم مزودون ببنادق هجومية ومناظير رؤية ليلية متطورة رباعية العدسات، وهو ما اعتبره البروفيسور بارك مؤشراً مثيراً لانتباه بيونج يانج، التي ربما فوجئت بمستوى التجهيز المتقدم، الذي بات متاحاً على نطاق واسع لقوات النخبة في سول.
وبدت قوات الجيش الكوري الجنوبي المنتشرة أمام البرلمان حذرة في تعاملها مع المواطنين، حيث رُصد أحد الجنود وهو يقدّم اعتذاره لمتظاهرين واجهوه في محيط المبنى.
"مكاسب" لبيونج يونج
من جانبه، اعتبر النائب البرلماني بارك أن هذا المشهد قد يُفسَّر في بيونج يانج كدليل على تردد الجيش الكوري الجنوبي في "مواجهة الفوضى"، وهو ما قد يدفع كوريا الشمالية إلى استغلال هذا الانطباع في حساباتها العسكرية المستقبلية.
وبحسب الصحيفة، يمكن لبيونج يانج أن تجني مكاسب حقيقية من هذه التسريبات، فمعرفة مواقع المنشآت العسكرية الكورية الجنوبية قد تساعدها على تحديد أهداف أولية وتخطيط مسارات التسلل. كما أن رؤية العتاد الحربي المعروض ربما تدفعها إلى إعادة تقييم تجهيزاتها. وإذا اعتبرت بيونج يانج أن قوات كوريا الجنوبية "مترددة"، فربما ترى في ذلك فرصة "لإثارة فوضى" عند نشوب أي نزاع.
وذكرت الصحيفة أن كوريا الشمالية التزمت الصمت إلى حد كبير في بداية ديسمبر، بينما كانت جارتها تتعامل مع تداعيات إعلان الأحكام العرفية، حتى أنها أوقفت إطلاق البالونات المحملة بالقمامة.
وفي أول تعليق لها بعد نحو أسبوع، ذكرت وسائل إعلام رسمية في كوريا الشمالية، أن كوريا الجنوبية "غرقت في الفوضى والاضطراب"، في إشارة إلى أن الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون، حقق أيضاً مكاسب سياسية من هذه الاضطرابات.
بدوره، قال يانج ووك، وهو خبير الشؤون العسكرية في "معهد آسان للدراسات السياسية" في العاصمة سول، إن النظام الكوري الشمالي لديه مصادره الخاصة من الاستخبارات حول منشآت وتجهيزات الجنوب، مشيراً إلى أن الاختراقات الإلكترونية، وأعمال التجسس كانت دائماً جزءاً من استعدادات كوريا الشمالية لأي صراع عسكري محتمل، مضيفاً: "لكن هناك فرقاً واضحاً بين أن تشتبه كوريا الشمالية بشيء، وأن تؤكده لها كوريا الجنوبية".
وعزلت المحكمة الدستورية في كوريا الجنوبية، الجمعة، الرئيس يون سوك يول، مؤيدة بذلك مقترحاً برلمانياً لعزله؛ بسبب فرضه الأحكام العرفية في إجراء أشعل فتيل أسوأ أزمة سياسية تشهدها البلاد منذ عقود.
وينهي الحكم بعزل الرئيس شهوراً من الاضطرابات السياسية، وسيتعين إجراء انتخابات رئاسية في غضون 60 يوماً وفقاً لما ينص عليه دستور البلاد. وسيواصل رئيس الوزراء هان دوك-سو القيام بمهام الرئيس حتى تنصيب الرئيس الجديد.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الناس نيوز
منذ 11 ساعات
- الناس نيوز
'مارشال سورية' بتمويل خليجي…
ميديا – الناس نيوز :: العربي الجديد – عدنان عبد الرزاق – اكتملت شروط نجاح انتقال سورية، أو تكاد، إلى طور آخر وجديد، بوضعه وتموضعه، بعد قرار إلغاء العقوبات ولقاء الرئيس أحمد الشرع مع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب في العاصمة السعودية الرياض، الأسبوع الماضي، وما سبقه من زيارات خارجية للشرع ضمن دول الإقليم، قبل أن تتوّج بزيارة باريس، لتفتح ما بعدها، ربما إلى لندن أو واشنطن دي سي، ولتتبدى تباعاً ملامح ماذا تريد سورية وماذا يراد منها؟ فقبل زيارة الرئيس السوري إلى فرنسا والمؤتمر الصحافي المشترك مع الرئيس إيمانويل ماكرون، كانت 'الشروط الخمسة' لتحوّل سورية وتقبّلها، إقليمياً ودولياً، معلنة وواضحة، بيد أن تكهنات كثيرة حول الذي تريده دمشق، لقاء الطلبات المتفق عليها، أوروبياً وأميركياً، أتت عبر 'كشف الشرع' خلال المؤتمر، موضحاً السلة العامة التي تسعى إليها دمشق، من دون أن يعدد قطاعياً على مستوى الاقتصاد، أو يستفيض بطبيعة العلاقات مع الجوار وشكل الحكم والمشاركة بالداخل، إذ قالها بوضوح 'مشروع مارشال السوري' هو الرؤية العامة لإعادة إعمار سورية، على غرار خطة مارشال الأميركية ما بعد الحرب العالمية الثانية. وعلى الأرجح، ليست باريس مكان الكشف الأول لرؤية سورية، بالإعمار والأمن والعلاقات مع الجوار، إذ تقاطعت مصادر عدة، منها 'وول ستريت جورنال' على أن الرئيس السوري بعث برسالة إلى البيت الأبيض، عبر وسطاء، يعرض فيها رؤيته لإعادة الإعمار طالباً لقاء مع ترامب… وهو ما حصل، بعد الطلب السعودي والدعم التركي. يغدو المشروع الشامل (مارشال) أقرب للواقع، إثر توفر الشرط السياسي وبيئة التعاون، المضافين إلى المساعدات المالية، والمنتظر أن ترتسم ملامحهما قريباً، سواء عبر مؤتمر 'إعادة إعمار سورية' تستضيفه عاصمة خليجية، أو من خلال قرار أميركي، متفق عليه وحوله، يدعو لوضع هيكلية الخطة بالتوازي مع تنفيذ دمشق الشروط الخمسة. قصارى القول: الأرجح أن الخراب الهائل الذي نتج عن حرب الأسد وحلفائه على ثورة السوريين وحلمهم، والذي بلغ كلفاً مالية بـ400 مليار دولار وملايين البشر، بين عاطل ومعوّق ومهاجر، وضرورة احتواء ما بعد السقوط تداعيات أمنية، محلية وإقليمية ودولية، يستدعي مشروعاً كبيراً وحالماً، يعيد إعمار سورية وتبديل شكل الصراع والتحالفات ويؤسس، وفق نمط تنموي تشاركي، لتوازنات جديدة بالشرق الأوسط الجديد. وخطة مارشال المنسوبة لوزير الخارجية الأميركي، جورج مارشال، واقتراحه الشهير خلال خطابه في جامعة هارفارد في يونيو/حزيران عام 1947، قبل أن يوقّع الرئيس الأميركي، هاري ترومان، على قانون التعاون الاقتصادي وتمويل بنحو 13.3 مليار دولار، على مدى أربع سنوات، لتحفيز النمو بعد تأهيل البنى وبناء المصانع واستعادة الثقة بالبيئة والعملات الأوروبية، قبل ربط القارة العجوز بالولايات المتحدة أو، إن شئتم، تحالفها معها بنموذج رأسمالي ليبرالي يواجه المد الاشتراكي السوفييتي وقتذاك. لم تكن فكرة جديدة أو لمعت بذهن السوريين بعد هروب بشار الأسد، بل طرحتها إيران بمشروع مستوحى تماماً من الخطة الأميركية، وفق ما كشفته الوثائق بالسفارة الإيرانية بدمشق، عن دراسة رسمية 'النفوذ الناعم' تحمل توقيع وحدة السياسات الاقتصادية الإيرانية في سورية، مؤرخة في أيار/مايو 2022، توضح عبر 33 صفحة، خطة شاملة لإعادة إعمار سورية وحصة إيران من الخراب، قبل أن تحيلها إلى منطقة نفوذ اقتصادي وسياسي، كالذي حققته الولايات المتحدة مع أوروبا الغربية بعد الحرب العالمية الثانية. بيد أن وضع إيران الاقتصادي الداخلي شبه المنهار، وتوازي خطتها مع بدء سحب الأسد من حظيرتها إلى الحضن العربي، وظروف أخرى كثيرة تتعلق بتطبيق الخطة عبر الشراء والسيطرة على حوامل دينية، حالت دون تنفيذ 'الحلم الفارسي' الذي أعدوا له بعد التمدد التدريجي عبر أربعين استثماراً بسورية خلال الثورة، حتى بمؤسسة مشابهة لوكالة التنمية الأميركية (USAID) لتدير 'مارشال سورية' وتتهرب من العقوبات الغربية. ليأتي الثامن من ديسمبر، فيسقط الأسد ومشروعات طهران، بعد انسحابها من سورية، تاركة الاستثمار والحلم المارشالي، حتى من دون تحصيل الديون وأموال دعم بقاء الأسد على كرسي أبيه. نهاية القول: سرب من الأسئلة بدأ يتوثب على الشفاه، بالتوازي مع عودة طرح 'خطة مارشال سورية' اليوم وملاقاتها من قبول مبدئي عام، وربما البدء لإعداد مؤتمر وتحديد المانحين والداعمين والدائنين. أول الأسئلة إمكانية نقل التجربة الأميركية بأوروبا إلى سورية، مع الاختلاف السحيق بالبيئة الاقتصادية والبنية المجتمعية، والتي لا تحل بقرار أو بالدعم المالي فحسب، فالذي يشهده الداخل السوري حتى الآن، من انقسامات وتعدد رؤى وارتباطات، قد يحيل مارشال بأرض غير مهيأة، لنموذج غير قابل للحياة والاستمرار. ولأن خطة إعمار أوروبا لم تقتصر على الحجر، بل طاولت القوانين والعلاقات التجارية والبنى المؤسسية نسأل: هل ستمتد 'مارشال سورية' لإعادة بناء الدولة ومؤسساتها، وفق ما يطلبه الممول أو حسب التشكيل الجديد للمنطقة ودور سورية فيها وخلالها؟! وأيضاً، هل تنجح براغماتية الرئيس الشرع هذه المرة أيضاً، في نقل المشروع لواقع، رغم مطالب تحييد الدور التركي، وتضارب المصالح والأهداف بين المتفقين على 'مارشال سورية' إن بمنطقة الخليج نفسها، أو بين أوروبا والولايات المتحدة؟! وربما الأهم، ما هي صيغة الأموال التي ستضخ في 'مارشال سورية'، من الخليج أو حتى من أوروبا والولايات المتحدة؟ هل ستكون مساعدات من أجل تحقيق مصالح بعيدة وتشكيل حلف جديد، أم ديوناً تثقل كاهل سورية لعقود، إن لم نتطرق للوصفات والشروط التي سيفرضها الدائنون أو الداعمون، وأثرها على بيئة سورية وحياة أهليها الذين تبوؤوا أصلاً، المراتب الأولى عالمياً، بالفقر والبطالة؟ ولكن وعلى مشروعية تلك الأسئلة والهواجس، ولكي يستوي القول، لا بد من فتح باب الأمل على خطة مارشال العتيدة، فأن يضخ 250 مليار دولار، كما يتوقع الخبراء، بالجسد السوري، على مراحل ثلاث حتى عام 2035، توظف بالإعمار والاستثمارات، فعلى الأرجح، ستبدد الهواجس وتجيب، عملياً وعلى الأرض، على تلك الأسئلة. فأن تتحول سورية إلى قلب منظومة اقتصادية مأمولة تربط المنطقة العربية بتركيا فأوروبا، عبر جغرافية واستثمارات وموانئ ومسارات تبادل، وكل ذلك برعاية أميركية، فذلك ما يرجّح نجاح الخطة، بعيداً عن الخوض بتفاصيل ما بدأ يتسرب، من سلبيات تتعلق بالوضع الداخلي السوري أو إعاقات إقليمية، أو إيجابيات تتعلق بمعادن سورية النادرة ووادي السيليكون السوري وإحياء خطوط نقل الطاقة بالبر والبحر، أو إعادة رسم المنطقة، وفق حلف التشاركية والمصالح بدل الحرب وصراعات اقتسام النفوذ.


الشرق السعودية
منذ 2 أيام
- الشرق السعودية
وسط شكوك بشأن المساعدات الغربية.. أوكرانيا تراهن على تصنيع الأسلحة
يُنتج قطاع الصناعات الدفاعية في كييف، أسلحةً أكثر من أي وقت سابق، ومع ذلك فإن أوكرانيا لا يمكنها محاربة موسكو بمفردها، وفق صحيفة "وول ستريت جورنال"، فمع تباطؤ الحلفاء الغرب في زيادة إنتاج الأسلحة، ارتفعت قيمة الأسلحة التي يُمكن لقطاع الصناعات الدفاعية الأوكرانية إنتاجها من مليار دولار في عام 2022 إلى 35 مليار دولار على مدار 3 سنوات من الحرب مع روسيا. اعتمدت أوكرانيا إلى حد كبير على ترسانات أسلحة غربية، لتجهيز قواتها خلال السنوات الأولى من الصراع مع روسيا. وذكرت الصحيفة الأميركية، الأحد، أن أوكرانيا كان لديها نموذج أولي واحد من مدفع "هاوتزر بوهدانا" (Bohdana Howitzer) المُصنّع محلياً، عندما بدأ الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022. والعام الماضي، أعلنت كييف إنتاج أسلحة مدفعيةً أكثر من جميع دول حلف شمال الأطلسي "الناتو" مجتمعةً. وأشار التقرير إلى أنه في ظل تراجع الدعم الأميركي، تتزايد أهمية صناعة الدفاع الأوكرانية في قدرتها على مواصلة القتال ضد روسيا، أو ضمان سيادتها في حال التوصل إلى اتفاق سلام. وكلما زادت قدرة أوكرانيا على إنتاج أسلحتها الخاصة، كلما قلّ تأثرها بتقلبات السياسة الدولية، أو ثغرات سلاسل التوريد العابرة للحدود. كما تعتبر البلاد، أن صناعتها الدفاعية مصدر دخل لما بعد الحرب، إذ يعزز ذلك اقتصادها المنهك، كما يعد وسيلة لتعزيز اندماجها مع الغرب بأن تصبح أحد مورديه. وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي: "ستظل أوكرانيا بحاجة دائمة إلى أسلحتها القوية، حتى نتمكن من بناء دولتنا الأوكرانية القوية". وأضاف زيلينسكي أن أكثر من 40% من الأسلحة المستخدمة على خط المواجهة مع روسيا، تُصنع الآن في أوكرانيا. وفي بعض القطاعات، مثل الطائرات المُسيّرة، والأنظمة البرية (المركبات) ذاتية التشغيل، والحرب الإلكترونية، تقترب هذه النسبة من 100%. تحوّل "غير كاف" ويُنتج مُصنِّعون أوكرانيون، كميات متزايدة من الأسلحة التقليدية، مثل أنظمة المدفعية والمركبات المدرعة والألغام والذخيرة من جميع العيارات، بحسب "وول ستريت جورنال". في هذا السياق، قال روب لي، الباحث في معهد أبحاث السياسة الخارجية، ومقره في ولاية بنسلفانيا: "تزداد المنافسة في الدول الغربية على أفضل خريجي علوم الحاسوب أو تكنولوجيا المعلومات. وفي أوكرانيا، اتجهت معظم أفضل المواهب إلى قطاع الدفاع". لكن هذا "التحوّل القوي" في الترسانة المحلية، لن يكون كافياً لأوكرانيا للتصدي لقوات موسكو بمفردها، بحسب الصحيفة، إذ أن كييف تحتاج إلى الولايات المتحدة وحلفاء غربيين آخرين لمواجهة آلة الحرب الروسية، فهي لا تستطيع إنتاج ما يكفي من الذخائر للحفاظ على استمرارية إطلاق مدافعها، أو أيٍّ من أنظمة الدفاع الجوي الاعتراضية التي تحتاجها للحماية من الصواريخ الروسية. ورغم ازدهار إنتاج الأسلحة، أُرهقت ميزانية كييف في ضوء الضغوط الشديدة جراء الحرب المستمرة. وقال أوليكساندر كاميشين، مستشار زيلينسكي ووزير الصناعات الاستراتيجية السابق، إن الحكومة لن تتمكن هذا العام من شراء سوى أقل من نصف ما تستطيع شركات تصنيع الأسلحة إنتاجه. وأضاف: "إنه لأمر مؤلم أن تعجز عن الإنتاج، وألا تملك ما تقاتل به. ويكون الأمر أشد إيلاماً عندما تتمكن من الإنتاج، دون أن تتمكن من تمويل المشتريات". ولاستغلال القدرة الإنتاجية الفائضة، تُموّل بعض الحكومات الغربية مشتريات الأسلحة من شركات الدفاع الأوكرانية بموجب ما يُسمى بالنموذج الدنماركي، حيث تُوفّر الأموال لشراء الأسلحة من شركات تصنيع الأسلحة الأوكرانية بدلاً من تزويد كييف بالأسلحة الغربية. وأضاف الباحث روب لي: "ربما يكون الاستثمار المباشر في هذه الشركات هو أفضل استغلال للأموال المتاحة فيما يتعلق بتحقيق تأثير في ساحة المعركة". "ساحة اختبار" للأسلحة كانت الحرب بمثابة ساحة اختبار لمجموعة من الأسلحة التي لم تكن مستخدمة سابقاً، ما وفّر لدول الناتو، دروساً قيّمة حول أدائها في المعركة. وذكر التقرير أن أوكرانيا ورثت جزءاً كبيراً من صناعة الدفاع السوفيتية، عندما نالت استقلالها، لكن قدرات التصنيع تلك سرعان ما تراجعت. طوّرت شركة خاصة نظام "بوهدانا" المدفعي عام 2016، لكنها لم تتلقَّ أي طلبات قبل الغزو الروسي، وفق فيتالي زاجوداييف، المدير العام لمصنع كراماتورسك لتصنيع الآلات الثقيلة. وبعد الغزو الروسي في عام 2022، زادت المخاوف إلى حد كبير من سيطرة روسيا على النظام لدرجة أن زاجوداييف تلقى تعليمات بتفكيك النموذج الأولي الوحيد، ولم يُستخدم النظام آنذاك إلا ضمن عرض عسكري بمناسبة عيد الاستقلال. لكن سرعان ما تلقى زاجوداييف تعليمات بإعادة تركيب المدفع لاستخدامه على خطوط المواجهة. وباستخدامه إلى جانب مدفع هاوتزر ذاتي الحركة من طراز "قيصر" فرنسي الصنع، قصف نظام "بوهدانا" المواقع الروسية في جزيرة "الثعبان" في البحر الأسود، ما أجبر موسكو على التخلي عن هذه البقعة الصخرية البارزة خلال الصيف الأول من الحرب. وبدأت تتزايد طلبات شراء نظام "بوهدانا"، لكن المصنع الواقع في شرق أوكرانيا كان في مرمى نيران روسيا. وتحت وطأة القصف، بدأ العمال نقل الإنتاج إلى منشآت جديدة غرب البلاد، ولكن ليس قبل تدمير أكثر من نصف المعدات. ومع طول فترات التنفيذ لاستلام طلبات استبدال المعدات، قامت الشركة بتصنيع معداتها بنفسها، مع توزع الإنتاج على عدة منشآت لتقليل تأثير أي هجوم روسي، فإذا نجح صاروخ في إصابة منشأة، يمكن للمنشآت الأخرى مواصلة الإنتاج. إنتاج أكبر وتكلفة أقل وقال زاجوداييف، إن الشركة تُنتج الآن أكثر من 20 مدفع "بوهدانا" شهرياً. ووفق دراسة أجراها معهد "كيل" الألماني للأبحاث، يُمكن لروسيا إنتاج نحو 40 سلاح مدفعية خلال الفترة نفسها. ولا يجري تجميع المدافع بصورة نهائية إلا في اللحظة الأخيرة، لتقليل فرص استهدافها قبل الوصول إلى خط المواجهة. وتبلغ تكلفة مدفع "بوهدانا" 2.8 مليون يورو (3.1 مليون دولار) للوحدة، مقارنةً بـ8.76 مليون يورو لمدفع آرتشر (Archer) السويدي، أو نحو 4 ملايين يورو لمدفع سيزار (Caesar) الفرنسي، الذي يتميز بأنظمة إلكترونية أكثر تطوراً، ولكن إنتاجه يستغرق وقتاً أطول. كما أن مدفع "بوهدانا" أسهل في الإصلاح والصيانة، إذ يقول زاجوداييف: "أي قطعة متوفرة خلال 24 ساعة. لدينا ألوية متنقلة تعمل على خط المواجهة بأكمله"، لافتاً إلى أن الشركة تعمل على تطوير هيكلها الخاص لتقليل الاعتماد على الواردات بشكل أكبر. وفي الوقت الراهن، تنتج كييف نحو 85% من مكونات مدفع "بوهدانا" محلياً. وهذا الطراز يظهر مدى التقدم الذي أحرزته صناعة الدفاع الأوكرانية، لكن الجهود المبذولة لإنتاج ذخيرة عيار 155 ملم متوافقة مع معايير الناتو، والتي تُعدّ عنصراً أساسياً في المجهود الحربي، تُبرز العقبات، بحسب التقرير.


Independent عربية
١٤-٠٥-٢٠٢٥
- Independent عربية
الاستقبال السعودي لترمب يلفت أنظار الإعلام الأميركي
من أبرز ما لفت انتباه وسائل الإعلام الأميركية في تغطيتها لحفل استقبال الرئيس دونالد ترمب في السعودية كان استخدام السجادة الأرجوانية بدلاً من الحمراء التقليدية، وهو خيار رمزي يعكس الهوية الوطنية السعودية، إذ أعلنت الرياض في عام 2021 أن اللون الأرجواني يرمز إلى الزهور البرية المتفتحة وكرم الضيافة السعودي، كما أثار اهتمام المتابعين مشاركة الرئيس في مراسم القهوة السعودية، على رغم أنه معروف بتفضيله لمشروب "الدايت كولا" وتجنبه عادة لتناول القهوة، إلا أنه شارك في هذه الطقوس مرتين في اليوم نفسه، في دلالة على احترامه للتقاليد المحلية. أما المشهد الأكثر إثارة، فكان مرافقة فرسان الجيش السعودي لموكب الرئيس، وتحديداً سيارته المصفحة المعروفة بـ"الوحش"، في مشهد مهيب أضفى طابعاً احتفالياً يعكس مستوى الحفاوة التي أولتها الرياض لهذه الزيارة. "وول ستريت جورنال"- فخامة في الاستقبال من جانبها، وصفت صحيفة "وول ستريت جورنال"، مراسم استقبال السعودية للرئيس الأميركي بـ"الفخمة"، مشيرة إلى أن رحلته بدأت في الرياض بمرافقة من طائرات "أف-15" السعودية لحظة هبوط طائرة الرئاسة الأميركية "إير فورس وان" في مطار الملك خالد الدولي، إذ دوت الطبول وتعالت الأبواق، واستقبله ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على سجادة بنفسجية فرشت أسفل الطائرة. وأضافت الصحيفة أن "الزعيمين توجها إلى داخل المطار لحضور مراسم استقبال خاصة، تزينها الأعلام الأميركية والسعودية، ترحيباً بالرئيس الأميركي وكبار مسؤوليه، من بينهم وزير الخارجية ماركو روبيو ووزير الدفاع بيت هيغسث". ووصفت الصحيفة هذا الاستقبال بأنه يمثل بداية لرحلة ينظر إليها ترمب باعتبارها محطة مهمة لعقد صفقات كبرى، وهي أول زيارة خارجية رئيسة لترمب في ولايته الثانية، مشيرة إلى أن الدول الثلاث التي يزورها هذا الأسبوع هي السعودية وقطر والإمارات تعتزم الإعلان عن عشرات الاتفاقات التجارية مع الولايات المتحدة، تشمل مبيعات أسلحة واتفاقات في مجالات الذكاء الاصطناعي والطاقة والفضاء. ولفتت الصحيفة إلى منشور لـترمب على وسائل التواصل الاجتماعي بث فيه الحماسة في شأن الزيارة، كتب فيه "هبطت للتو في السعودية"، ووصفت الصحيفة بداية الرحلة بـ"اللامعة"، وأشارت إلى أن ترمب سيلقي لاحقاً خطاباً رئيساً في منتدى الأعمال الأميركي- السعودي، من المتوقع أن يشيد فيه بالعلاقة الممتدة لعقود بين البلدين، ويشرح كيف يمكن تحويل المصالح التجارية إلى مكاسب جيوسياسية. "نيويورك تايمز"- استقبال لافت صحيفة "نيويورك تايمز" تحدثت بدورها عن الحفاوة السعودية في استقبال ترمب، وأوردت في تقريرها بعنوان "الرئيس يبدأ جولة خليجية في السعودية"، أن هذا الاستقبال الفخم يشكل بداية لرحلة يعتبرها ترمب محطة حيوية لعقد صفقات كبرى. واستعرضت الصحيفة مراسم الاستقبال، مشيرة إلى أن ترمب نزل من طائرة "إير فورس وان" في مبنى كبار الزوار بمطار الملك خالد الدولي في الرياض، حيث كان في استقباله ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على سجادة بنفسجية امتدت على أرضية المهبط. وأضافت الصحيفة أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وقف إلى جانب الرئيس ترمب داخل الديوان الملكي، إذ استقبل عدداً من مساعدي ترمب بالمصافحة، ومن بين من صافحهم ولي العهد السعودي رئيس "تيسلا" ومنصة "X" إيلون ماسك وكبيرة موظفي البيت الأبيض سوزي وايلز، والمسؤول عن ملف العملات المشفرة في البيت الأبيض ديفيد ساكس، وستيفن ميلر، الذي أشرف على سياسة الهجرة خلال إدارة ترمب. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ووصفت الصحيفة مشهد وصول الرئيس ترمب إلى الديوان الملكي، وهو المكتب التنفيذي للملك، بأنه كان "مهيباً"، بعد أن اصطفت الخيول العربية والحرس الشرفي على جانبي الطريق، بينما رافق ولي العهد محمد بن سلمان ترمب على بساط أرجواني طويل داخل المبنى. وأشارت إلى فخامة المبنى الذي يتميز بأرضياته الرخامية وأعمدته، إضافة إلى الزخارف الذهبية التي تزين كل زاوية. وفي سياق متصل، أشارت الصحيفة إلى أن رئيس صندوق الاستثمارات العامة السعودي ياسر الرميان، كان ضمن وفد الاستقبال الذي التقى الرئيس ترمب في مطار الرياض، مشددة على أهمية الصندوق السيادي السعودي كمصدر رئيس للتمويل. "واشنطن بوست"- فرسان الجيش السعودي يرافقون سيارة ترمب (الوحش) ولاقى الاستقبال الفخم لترمب في السعودية أيضاً اهتماماً كبيراً من صحيفة "واشنطن بوست"، إذ قالت إن الرئيس ترمب وصل إلى الديوان الملكي السعودي لحضور مأدبة الغداء، وقد رافقت سيارته المدرعة، المعروفة بلقب "الوحش"، مجموعة من فرسان الجيش السعودي أثناء دخولها إلى الديوان. وأشارت الصحيفة إلى أن الرئيس ترمب استمع إلى النشيد الوطني الأميركي إلى جانب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قبل دخولهما القصر، بينما عزفت فرقة موسيقية ألحاناً على القرب والطبول. واستعرضت الصحيفة مراسم الاستقبال دقيقة بدقيقة، قائلة، "صعد الرئيس ترمب والأمير محمد بن سلمان سلماً كهربائياً قصيراً عند دخولهما القصر، وسارا على سجادة أرجوانية قبل أن يصلا إلى قاعة مذهبة، حيث جلس كبار المسؤولين الأميركيين والسعوديين في حلقة دائرية. وجلس الرجال على كراسٍ أرجوانية كبيرة في مقدمة الغرفة". "سي أن أن"– السجادة الأرجوانية شبكة "سي أن أن" تحدثت هي الأخرى عن الحفاوة السعودية في استقبال الرئيس ترمب في العاصمة الرياض وتوقعت الشبكة أن يتم الإعلان عن صفقة سلاح كبرى مع السعودية. وقالت "سي أن أن"، "وقف ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى جانب ترمب بينما كان يصافح المدير التنفيذي لشركة "تيسلا" إيلون ماسك، والمدير التنفيذي لشركة "إن فيديا" جينسن هوانغ، ورئيس شركة "أوبن أي آي" سام ألتمان". ووصفت "سي أن أن" الاستقبال السعودي للرئيس ترمب، قائلة، "صدحت الأبواق بينما عبر الرئيس الأميركي دونالد ترمب وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بساطاً أرجوانياً في الهواء الطلق، متوجهين إلى جناح مخصص للمراسم في الديوان الملكي بالرياض". قناة "أن بي سي"- القهوة السعودية قناة "أن بي سي" الأميركية تحدثت عن انضمام وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسث ووزير الخارجية ماركو روبيو إلى الرئيس دونالد ترمب وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في مراسم تقديم القهوة التي أقيمت أمس الثلاثاء في الديوان الملكي السعودي. ووصفت القناة الأميركية الاستقبال السعودي للرئيس ترمب، قائلة "رفع فرسان الخيول العربية الأعلام الأميركية والسعودية عالياً أثناء مرافقتهم موكب ترمب إلى الديوان الملكي السعودي في الرياض اليوم. وعزفت الأبواق النشيد الوطني الأميركي بينما كان ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يحيي ترمب".