
أَأَهْجُرُ حُبَّكِ أَمْ تَهْجُرِينْ..؟
سُـؤَالٌ يُـرَاوِدُنِيْ كُـلَّ حِينْ..!
فَأُمْسِكُ قَلْبِيْ بِصَمْتٍ مُرِيْبٍ
وَأَخْشَى عَلَيْـهِ الَّذِيْ تَـحْسَبِينْ
تُرَاهُ يَكُوْنُ وَقَدْ عِشْتُ دَهْرَاً
بِقُرْبِكِ، لَا مُكْرَهَاً أَوْ سَــجِينْ
وَإِنْ فَتُـرَ الْـحُبُّ يَـوْمَـاً لِنَـأْيٍ
فَهَلْ يُذْبِلُ الْـحُبَّ طُوْلُ السِّنِينْ؟
وَمَا أَذْبَلَ الْـحُبَّ بَيْنَ الْـمُحِبِّيْـ
ـــنَ ظَنٌّ، وَإِنْ رَانَ شَـكٌّ مُبِينْ
فَـإنْ كُنْتُ مُنْكِـرَ وِدٍّ بِيَـوْمٍ
فَمِـنْ تَعَبٍ وَاِنْكِسَـارٍ مُهِيـنْ
وَظُلْمِ أُنَاسٍ يُرَاؤُوْنَ عَمْـدَاً
يُــعَادُوْنَ كُـلَّ نَـجَـاحٍ ثَمـِينْ
فَقَدْ كُنْتِ نِعْمَ الْـمُجِيْرُ بِحُبٍّ
تُـزِيْلِيْـنَ هَمَّـاً بَلَمْسِ الْـجَبِـينْ
بِهَمْسٍ مَشُوْبٍٍ بِعِشْقٍ وَشَوْقٍ
أَعُـــوْدُ نَقَيَّــاً إِذَا تَهـْمِسِـينْ
فَقَدْ صِرْتُ بَيْنَ يَدَيْـكِ أَسِـيـْرَاً
وَبِـتُّ رَهِيْنَـاً كَمَـا تَشْـتَهِيـنْ
فَـأَنْتِ الــدَّوَاءُ إِذَا حُـمَّ دَاءٌ
وَأَنْـتِ الْهَــوَاءُ إِذَا تَـرْغَبِـيـنْ
وَأَنْتِ الْـخِنَـاقُ إِذَا تَقْطـَعِيْـنَ
وَأَنْتِ الرَّجَـاءُ إِذَا تُــوْصِلِيـنْ
وَإِذْ تَبْسُمِيْنَ كَنَهْرٍ فُــرَاتٍ
يَـضُجُّ بِقَلْبِي السُّرُوْرُ السَّجِينْ
فَمَـا بَيْنَنَـا رَحْمَـةٌ وَتَـــلاقٍ
بِفِكْـرٍ، وَرُوْحٍ، وَعَقْـلٍ رَزِيــنْ
وَأُطْرَبُ إِنْ مَرَّ ذِكْرُكِ هَمْسَاً
فَـإِيْـقَـاعُ حَـرْفِــهِ لَـحْـنٌ رَنِيـنْ
فَفِي (الشِّيْنِ) شَدْوٌ يَطُوْلُ وَشِعْرٌ
وَفِي (الْيَاءِ) صَوْتُ الْيَمَامِ الْـحَزِينْ
وَفِـي (الـرَّاءِ) رَأْفَـةُ أُمٍّ حَنُـوْنٍ
وَفِـي (الأَلْـفِ) أُلْفَةُ شَـوْقٍ دَفِيـنْ
وَزَانَكِ فِي (الزَّايِ) زِيْنَةُ عَقْلٍ
فَكَنْـزُ الْـمَعَــارِفِ مَـا تَـكْنُزِيـنْ
فَلا ذَهَـبٌ قَـدْ يَـزِيْـدُكِ عِلْمَـاً
وَلا الْـمَاسُ غَيْـرَ الَّذِيْ تَقْـرَئِيـنْ
فَفِـي الْعَقْلِ مَعْرِفَـةٌ وَاِكْتِمَـالٌ
وَمَعْرِفَــةُ الْعِلْـمِ فِـي الْعَارِفِيـنْ
فَـزَادَ الْعُقُوْلِ عُلُـوْمُ الْكِتَابِ
وَمَـنْ نَـالَـهَا فَــازَ دُنْيَــاً وَدِيـنْ
غَـدَوْنَا مِثَـالاً وَنِعْـمَ الْـمِثَالُ
وَفَـــاءً وَقُــدْوَةَ حُــبٍّ رَصِيـنْ
فَسَبْعٌ وَعِشْـرُوْنَ مَرَّتْ سِرَاعاً
فـَـلا كَــدَرٌ أَوْ جَفَــاءٌ لَـعِيـْن
وَلا حَاسِـدٌ شَـانَهَا أَوْ عَـذُوْلٌ
حَمَانَـا الْإلَـُه مِنَ الْـحَاسِـدِينْ
وَكُنَّا إِذَا بَاغَتَ الْـحُلْمَ صَحْوٌ
وَحَاصَـرَنَا فِيْ مَسَـاءٍ مُشِيـنْ
نُسَامِرُ نَـجْمَاتِ لَيْـلٍ طَوِيْـلٍ
وَنَرْسُـمُ حُلْمَـاً لِطِفْـلٍ فَـطِيـنْ
وَذُرِّيَّــةٍ لا تَــذَرْنَـا تَـكُـوْنُ
مِنَ الصَّالِـحَاتِ أَوِ الصَّالِْـحِيـنْ
إِذَا مَسَّـنَا كِبَـرٌ أَوُ نُحُـوْلٌ
فَكَنْـزُ الْـحَيَاةِ صَــلاحُ الْبَنِيـنْ
رُزِقْنَا بِبِكْـرٍ وَنِعْـمَ الْوَلِيْـدُ
فَـ (مِهْيَـارُ) حِصْـنٌ قَــوِيٌّ أَمِـيـنْ
وَ(عِشْـتَارُ) أُمُّ أَبِيْهـَا حَنَـانَـاً
بِلَهْفَـةِ أُمٍّ تُــدَارِي الْعَـرِيـنْ
وَمِنْ بَعْدِهَا (جُلَّنَارُ) الْـخَجُوْلُ
بِغَيْـرَتِهـَا تَسْـبِقُ النَّـاجِـحِـينْ
(أَلِيْسَـارُ) شُـعْلَةُ حُبٍّ عَجِيْبٍ
ذَكَــاءٌ وَحَدْسٌ بَأَعْلَــىْ يَقِـينْ
وَ(نِيْنَارُ) صُغْرَى الْبَنَاتِ بِحُبٍّ
تُـرَاعِيْ أَبَـاهَــا بِـرِفْقٍ وَلِيـنْ
هُمُ الْعَوْنُ إِنْ جَارَ دَهْرٌ وَظُـلْمٌ
وَهُمْ زِيْنَـةُ الْعَقْـلِ فِي الأَرْبَعِينْ
دُعَـاءُ الْبَنِيـْنَ بُعَيْـدَ الْـمَمَاتِ
مِنَ الْبِـرِّ يَبْقَى كَـدِرْعٍ حَصِـينْ
فَهُـمْ نِعْمَـةُ اللهِ حِيـْنَ تُعَــدُّ
تَزِيْـدُ وَتَرْبُـوْ مَعَ الشَّـاكِرِينْ
وَهُمْ فَخْرُنَـا فِي الْـحَيَاةِ بِعِـزٍّ
وَهُمْ ذِكْرُنَا الْعَطْرُ فِي الْعَالَـمِينْ
وَعُكَّازُنَـا حِيْـنَ نَكْبَـرُ يَـوْمَاً
وَنَنْـسَى الأَبَـاعِـدَ وَالأَقْـرَبِيـنْ
فَيُنْكِرُنَا الأَهْلُ وَالصَّحْبُ عَمْدَاً
وَيَنْفَضُّ عَنَّـا الصَّـدِيْقُ الْـمُعِينْ
وَيَخْذُلُنَـا الْعُمْرُ مِنْ بَعْـدِ بَأْسٍ
وَمِنْ بَعْـدِهِ شَـيْبَـةُ الْقَـاعِدِيـنْ
فَمِنْ خَلْقِـهِ قُـوَّةٌ ثُـمَّ ضَعْـفٌ
وَمِنْهَـا إِلَىْ أَسْـفَلِ السَّـافِلِيـنْ
أَوِ الْـمَوْتُ إِنْ حَانَ يَوْمَاً كِتَابٌ
عَسَـانَـا نَكُـوْنُ مِنَ الْـمُؤْمِنِيـنْ
فَتِـلْكَ مَشِـيْئَةُ رَبِّ الْعِبَـادِ
وَسُــنَّتُـهُ أَبَــــدِ الآبـِــدِيـــنْ

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الرياض
منذ 9 ساعات
- الرياض
مسابقة الملك عبدالعزيز لحفظ القرآن.. مسيرة تصاعدية في الحضور والجوائز
تحتضن المملكة، برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- فعاليات الدورة 45 من مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظ القرآن الكريم وتلاوته وتفسيره، التي انطلقت منتصف شهر صفر الجاري، وتنظمها وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، في تجسيد لنهج القيادة الرشيدة في العناية بالقرآن الكريم وأهله وتعظيم شأنه، ودعم كل ما يخدم نشره وتعليمه. وبتوجيه وحرص من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود –حفظهما الله–، وتأكيدًا لنهج المملكة الثابت في العناية بالقرآن الكريم وأهله، وتقديرًا لحفظته، وتشجيعًا لهم على مواصلة عطائهم المبارك، وبمتابعة واهتمام من وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، المشرف العام على المسابقات القرآنية المحلية والدولية، الشيخ د. عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ، حققت المسابقة نموًا ملحوظًا في أعداد المشاركين والدول وقيمة الجوائز. قبل سبع سنوات، وتحديدًا في الدورة الأربعين عام 1440هـ، شارك 109 متسابقين من 73 دولة، وبلغت قيمة الجوائز 1.145 مليون ريال، واليوم، في الدورة 45 عام 1447هـ، تضاعف الحضور ليصل إلى 179 متسابقًا من 128 دولة، وقفزت قيمة الجوائز إلى أربعة ملايين ريال، منها جائزة قياسية للفائز الأول قدرها 500 ألف ريال. وخلال هذه السنوات، شهدت المسابقة نموًا متواصلًا: في الدورة 41 عام 1441هـ ارتفع العدد إلى 147 متسابقًا من 103 دول، بجوائز بلغت 2.185 مليون ريال، في الدورة 42 عام 1444هـ شارك 153 متسابقًا من 111 دولة، بقيمة جوائز 2.7 مليون ريال، في الدورة 43 عام 1445هـ شهدت مشاركة 166 متسابقًا من 117 دولة، وجوائز بلغت أربعة ملايين ريال، أما في الدورة 44 عام 1446هـ شارك 174 متسابقًا من 123 دولة، مع استمرار قيمة الجوائز عند أربعة ملايين ريال. في موضوع ذي صلة، بتوجيه مباشر وإشراف مستمر من الوزير آل الشيخ، تم في عام 2019م استحداث نظام التحكيم الإلكتروني ليحل محل النظام الورقي، في خطوة شكلت نقلة نوعية في مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية للقرآن الكريم، ومع التحديثات والتطورات التي أُدخلت عليه في الدورة الحالية الـ45، أصبح أكثر دقة وسرعة في احتساب الدرجات، مع ربط النتائج بلوحة تحكيم إلكترونية، وبناء أسئلة شامل يضمن العدالة والشفافية في التحكيم، وهو ما يعكس النظرة المستقبلية في توظيف التقنية الحديثة لخدمة المسابقة وتحقيق أعلى معايير النزاهة والشفافية. بهذا الحضور العالمي المتنامي، والجوائز السخية التي تتضاعف قيمتها مع مرور السنوات، والدعم الكبير من القيادة الرشيدة، تواصل مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية ترسيخ مكانتها كمنارة عالمية في خدمة القرآن الكريم، وجسر للتواصل بين الشعوب تحت راية كلمة الله الخالدة.


الرياض
منذ 9 ساعات
- الرياض
مودة ويُسر
قال تعالى: «وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْم يَتَفَكَّرُونَ». بين الزوج وزوجته التي اختارها لتكون شريكة لحياته، حاملة معه كل لحظاتها، ومنذ بدايتها معه بكل أفراحها وبكل ما تحمل من أعبائها تكون الرحمة والمودة والتيسير والألفة بينهما، فهي رحلة حياة، وليس بسفر عابر، ومن مهر الزواج وعقده وما يكتب فيه، تكون البداية والسعادة وعدم التكلف، وعدم إثقال كاهل الزوج بغلاء في المهر أو تكاليف فرح لساعة أو ساعتين في ليلة واحدة، ومن هذا الباب والدعوة للتيسير والمودة. وانطلاقاً من توجيهات صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد بن سلطان بن عبدالعزيز أمير منطقة الحدود الشمالية، أطلق فرع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بالحدود الشمالية مبادرة "مودة ويسر"، والتي تهدف إلى نشر ثقافة خفض المهور وتيسير الزواج، والتوعية بآثار التكاليف الباهظة على الشباب والمجتمع، بما يسهم في تقليل معدلات العزوف عن الزواج، وتعزيز مفهوم الزواج القائم على المودة والتفاهم، وتسليط الضوء على الآثار السلبية للمغالاة في المهور، إضافة إلى تفعيل دور الوجهاء والأعيان في المجتمع للدعوة إلى تيسير الزواج ونبذ المغالاه في المهور. جميلة هي الحياة حينما تقوم وتتكئ وتبنى على البساطة والحب دون تكلف، ودون أطماع مادية، حتى وإن لم تكن المشكلة كامنة في مهر الزواج المقدم للبنت؛ فالبعض يتكلف كثيراً في ليلة العرس، وما يصاحبها من مصاريف باهظة وكأنه ينظم لمهرجان، وليس لعرس جماله في بساطته وهدفه هو إعلانه، تجدهم يبالغون في تقديم الدعوات وكأن قيمته في عدد حضوره، وما يلحق ذلك من أعباء، يبالغون حتى في تزيين صالة الفرح بشاشات وديكورات وكأنها بيت لهم، بأموال طائلة لليلة واحدة، يبالغون وكأنهم يدخلون في تحدٍ مع أنفسهم حتى بعلمهم أنهم غير قادرين، يبالغون في تحمل الديون من أجل إرضاء كبريائهم، ونظرة الناس لهم، هنا تكمن المشكلة وتبدأ معوقات الحياة ومشكلات الزوجين، أيها الشاب!ديون وأموال هذه الليلة ستبقى لسنوات طويلة بعضها يجر بعضاً ،وربما تكون أكبر عائقاً للسعادة الزوجية فيما بعد، سهلوا ويسروا متطلبات الزواج، وابنوا بيوتكم على الحب والبركة، فالزواج وما يلحق به من حفل ومهر مودة ويسر وليس منافسة في التبذير والمظاهر.


الشرق الأوسط
منذ يوم واحد
- الشرق الأوسط
هَذَا زَمَانُكَ إِنِّي قَد مَضَى زَمَنِي
عجيبٌ أمرُ جَرِيرِ بنِ عَطِيَّةَ، مع عُمَرَ بنِ عَبدِ العَزِيزِ، الخَلِيفَةِ الأُمَوِيّ، فَقَدْ كَانَ جَرِيرٌ ضِمْنَ وَفْدِ الشُّعَرَاءِ، الّذِينَ وَفَدُوا إلَى عُمرَ لمَّا اسْتُخْلِفَ، فَأقَامُوا بِبَابِهِ أيَّاماً لَا يُؤذَنُ لَهُمْ، وَفِيمَا هُمْ عَلَى هَذِهِ الحَالِ، وَقَدْ هَمُّوا بِالانْصِرَافِ، مَرَّ بِهمْ رَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ - وَكَانَ فَقِيهاً عَالِماً فَاضِلاً، مِنْ جِلَّةِ التَّابِعِينَ، فَلَمَّا رَآهُ جَرِيرٌ دَاخِلاً عَلَى عُمَرَ أَنْشَأَ يَقُولُ: يَا أَيُّهَا الرَّجُلُ الْمُرْخِي عِمَامَتَهُ هَذَا زَمَانُكَ فَاسْتَأْذِنْ لَنَا عُمَرَا قَالَ: فَدَخَلَ وَلَمْ يَذْكُرْ مِنْ أَمْرِهِمْ شَيْئاً. ثُمَّ مَرَّ بِهِمْ عَدِيُّ بْنُ أَرْطَاةَ، التَّابِعِيُّ المُحَدِّثُ، أَمِيرُ البَصْرَةِ لِعُمَرَ بْنِ عبدِ العَزِيزِ، فَقَالَ لَهُ جَرِيرٌ: يَا أَيُّهَا الرَّجُـلُ الْمُرْخِي مَطِيَّتَـهُ هَـذَا زَمَـانُـكَ إِنِّـي قَدْ مَضَـى زَمَـنـِي أَبْلِغْ خَلِيفَـتَنَا إِنْ كُـنْـتَ لَاقِـيـهِ أَنِّي لَدَى الْبَابِ كَالْمَصْفُودِ فِي قَرَنِ لَا تَنْسَ حَاجَتَنَا لُقِّيتَ مَغْفِرَةً قَدْ طَالَ مُكْثِي عَنْ أَهْلِي وَعَنْ وَطَنِيفَدَخَلَ عَدِيٌّ عَلَى عُمَرَ... فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، الشُّعَرَاءُ بِبَابِكَ، وَسِهَامُهُمْ مَسْمُومَةٌ، وَأَقْوَالُهُمْ نَافِذَةٌ. قَالَ: وَيَحَكَ يَا عَدِيُّ، مَا لِي وَلِلشُّعَرَاءِ؟! قَالَ: أَعَزَّ اللَّهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَدِ امْتُدِحَ وَأَعْطَى، وَلَكَ فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُسْوَةٌ. قَالَ: كَيْفَ؟ قَالَ: امْتَدَحَهُ الْعَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ السُّلَمِيُّ، فَأَعْطَاهُ حُلَّةً قَطَعَ بِهَا لِسَانَهُ. فسألَ عُمرُ: مَنْ بِالْبَابِ مِنْهُمْ؟ فَعُدُّوْا لَهُ وَاحِداً وَاحِداً، فَيَسْتَحضِر لِكُلٍّ مِنْهُمْ بَيْتاً مِنَ الشِّعْرِ، عِنْدَهُ عَلَيْهِ مُلَاحَظَةٌ شَرْعِيَّةٌ، تَجْعَلُهُ يَمْنَع دُخُوْلَهُ عَلَيْهِ، مَا عَدَا جَرِيْرَ بْنَ عطِيَّة، إِذْ أَذِنَ لَهُ، فَدَخَلَ وَمَدَحَهُ، وَكَتَبَ مَدَائحَ فِيْهِ، كُلُّهَا يَظْهَرُ فِيهَا صِدْقُ المَدِيْحِ بَادِياً. وَفِي أَحَدِهَا، بَيْتُ نُصِيحَةٍ مَحْضَةٍ، رُبَّمَا جَرَّأَ جَرِير عَليهِ أَنَّ المَمدُوحَ هُوَ عُمَرُ بْنِ عَبدِ العَزِيزِ، لَا غيرهُ، وَهوَ قَولُهُ: تَـعَـوَّدْ صَـالِحَ الأَخْـلَاقِ إِنِّـي رَأَيْـتُ المَـرْءَ يَلْـزَمُ مَـا اسْـتَـعَـادَا (تَعَوَّدْ): اعتَدْ، وألزِمْ نفسكَ بِالعَادَةِ، لتَكُونَ طَبعْاً لَكَ وخُلُقاً. (يَلْزَمُ): يلتَزِمُ اتِّبَاعَه الشَّيء، واجتِنَابَ ضِدِّه. (اسْتَعَادَا): مَا عَوَّدَ نَفْسَهُ، واعْتَادَ عَلَيْهِ مَنْ الطِّبَاعِ. وأَورَدَ عَجُزَ البَيتِ، أبُو العَبَّاس المُبَرِّد، في رِسَالَتِه «أعجازُ أبياتٍ تغنِي فِي التَّمثِيلِ عَنْ صُدُورِهَا». فيمَا قَالَ السيوطِي، عَنْ بَيتِ القَصيدِ إنَّ «فيه حِكمة بليغة، وفي معنَاه قول إبراهيمَ النَّخعِي: قَلَّ مَا عَوَّدَ الإِنسَانُ الشَّيطَانَ مِنْ نَفسِهِ عَادَةً إِلَّا استعادَهَا مِنْهُ. واستَعَادَ هُنَا: بِمَعنَى تَعَوَّدَ». والعَادَةُ: هِيَ الفِعلُ الدَّائِمِ المُتَكَّرِّرِ، يُعَادُ إِليهِ. سُمِّيَتْ عَادَةً لِمُعَاوَدَةِ فِعْلِهَا، بِرُجُوعِ فَاعِلها إِليهَا كُلَّ مَرَّةٍ، ومُدَاوَمَتهِ إِتْيَانـَهَا. «قَالَ جَمَاعَةٌ: العَادَةُ تَكرِيرُ الشَيْءِ دَائِماً أَو غَالِباً عَلَى نَهْجٍ وَاحِدٍ بِلَا علاقَةٍ عَقْلِيَّةٍ. وَقيلَ: مَا يستَقِرُّ فِي النُّفوسِ، من الأُمور المُتَكرِّرَةِ، المَعْقُولةِ عِنْد الطِّبَاع السَّلِيمة. وَفِي الحَدِيث: «تَعَوَّدُوا الخَيْرَ فإِنَّ الخَيْرَ عَادَةٌ، وَالشَّرَّ لَجَاجَةٌ»، أَي دُرْبَةٌ، وَهُوَ أَن يُعوِّدَ نفْسَه عَلَيْهِ، حَتَّى يَصِيرَ سَجِيَّةً لَهُ. وَعَوَّدَهُ إِيَّاهُ جَعَلَهُ (يَعْتَادُهُ)»، كما في «تاج العروس». وفي الباب، يقولُ جَدُّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لأُمِّهِ، وَهبُ بنُ عَبْدِ مَنَافِ بن زُهْرَةَ: وَذَرِ الغُــوَاةَ الجَـاهِلِيْـنَ وَجَهْلَهُــمْ وَإلَــى الَّــذِيْـنَ يُذَكِّـــرُونَـكَ فَـاعْـمَـدِ وَلِكُـــلِّ شَـــيْءٍ يُسْتَفَـــادُ ضَـــرَاوَةً وَالصَّــــالِحَـات مِــنَ الأُمُــوْرِ تُعَــوَّدوَمَا أَجْمَلَ قَوْلَ الشَّاعرِ القروي: نَـصَـحْـتُـكَ لَا تَـأْلَـفْ سِوَى العَادَةَ الَّتِي يَــسُــرُّكَ مِــنْـهَــا مَـنْـشَــأٌ وَمَــصِـيْــرُ فَـلَمْ أَرَ كَـالـعَــادَاتِ شَــيْــئاً بِــنَـــاؤُهُ يَــسِــيْــرٌ وَأَمَّـــا هَـــدْمُـــهُ فَــعَـسِـيْــرُ ولأَنَّ العَادةَ مُتَجَذّرَةٌ، قَالَ عَنْهَا أبُو الفَتحِ البُستِيّ: إِذَا فَطَمْت امْرَأً عَنْ عَـادَةٍ قَـدُمَـتْ فَـاجْعَلْ لَهُ يَا عَقِـيْدَ الفَضْلِ تَـدْرِيْـجَا وَلَا تُــعَــنِّـفْ إِذَا قَــوَّمْــتَ ذَا عِـوَجٍ فَــرُبَّـمَـا أَعْـقَـبَ التَّـقْـوِيْـمُ تَـعْـوِيْـجَاأمَّا عبدُ اللهِ بن المُقَفَّع، فَيقولُ: «اعلَم أنَّكَ لا تُصِيبُ الغَلَبَةَ إلَّا بالاجتهادِ والفَضلِ، وَأَنَّ قِلَّةَ الإِعدَادِ لمُدَافَعَةِ الطَّبَائِعِ المُتَطَلِّعَةِ هو الاستسلَامُ لَهَا، فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ إلَّا وَفِيْهِ مِنْ كُلِّ طَبِيعَةِ سُوءٍ غَرِيزَة، وإِنَّمَا التَّفَاضلُ بَينَ النَّاسِ فِي مُغَالَبَةِ طَبَائِعِ السُوءِ».