logo
5 أخطر كوارث نووية عبر التاريخ

5 أخطر كوارث نووية عبر التاريخ

عمونمنذ 4 ساعات

عمون - يدخل الصراع الإسرائيلي - الإيراني يومه السابع وتتزايد معه المخاوف من خطر ضرب المنشآت النووية لكلا البلدين وحدوث تسريبات إشعاعية قد تصيب الجوار.
ويشير تقرير نشرته صحيفة "فايننشال تايمز" عن قلق عالمي متزايد من حدوث تلوث إشعاعي وكيميائي، في حال ضرب المنشآت النووية الإيرانية.
وحذر المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي من استهداف البنية التحتية النووية في إيران، مشيرا إلى أن التصعيد العسكري في محيط المنشآت قد يؤدي إلى تسرب إشعاعي له عواقب خطيرة، وفق التقرير.
وفي مواجهة لتهديد إسرائيل بضرب المنشآت النووية، تهدد طهران من جهتها بضرب مفاعل ديمونا في إسرائيل.
وفي حال قررت إيران تنفيذ تهديداتها باستهداف مفاعل ديمونا، كرد على أي اعتداء إسرائيلي على منشآتها النووية، فإن المنطقة بأكملها قد تشهد كارثة إنسانية عابرة للحدود. وقد لا تقتصر التداعيات على الأراضي الفلسطينية المحتلة، بل ستمتد إلى دول الجوار مثل الأردن وسوريا ولبنان ومصر وقبرص، مع احتمالات قائمة بتأثُر دول أخرى أيضاً.
وفي العموم يحدث "الانفجار النووي" نتيجة التحرر المفاجئ للطاقة الناجمة عن التفاعلات النووية فائقة السرعة، وقد يسفر عن "انشطارات" أو "انصهارات" نووية أو مزيج متتابع منهما في حالة الانفجار متعدد المراحل، هذا فضلا عن الكم الهائل الذي يخلفه من الاشعاعات المدمرة.
وتعتمد فكرة السلاح النووي على هذه القوة الانفجارية الضخمة الناتجة عن تفاعل كميات صغيرة من المواد المشعة والتي تُنتج معدلات هائلة من الخسائر والدمار.
1-هيروشيما ونغازاكي:
تم استخدام السلاح النووي للأغراض الحربية مرتين في تاريخ الإنسانية، والاثنان نفذتهما الولايات المتحدة الأميركية ضد الإمبراطورية اليابانية في نهاية الحرب العالمية الثانية لحسم الموقف لصالحها.
وفي السادس من أغسطس عام 1945، قررت واشنطن إلقاء القنبلة الذرية الأولى المعروفة باسم "الولد الصغير" على مدينة هيروشيما، وبعد ثلاثة أيام ألقت بأخرى واسمها الكودي "الرجل البدين" على مدينة نغازاكي، وأدت القنبلتان لوفيات فورية تقدر بـ 120 ألف شخص، لكن عدد الضحايا ارتفع كثيراً بنهاية العام بسبب الأضرار الناجمة عن الإشعاع.
2-تشيرنوبل:
تعتبر أكبر كارثة تسرب نووي عرفها التاريخ، وحدثت نتيجة خطأ بشري في المحطة النووية بمدينة تشير نوبل بأوكرانيا والتي كانت خاضعة لسلطة الاتحاد السوفييتي في ذلك الوقت، ففي 26 أبريل/نيسان 1986 كان المهندسون يقومون بأحد الاختبارات لاكتشاف أثر انقطاع الجزء الأكبر من إمدادات الكهرباء على المفاعل، لكنهم ارتكبوا عدة أخطاء أثناء الاختبار مما أدى إلى انفجار المفاعل وتسرب كميات هائلة من الاشعاع إلى الهواء، وامتدت سحابة الاشعاع سريعاً لمعظم أنحاء الاتحاد السوفيتي وبعض أجزاء أوروبا.
وأودت الحادثة بحياة أكثر من 30 شخصاً على الفور مع تزايد عدد الوفيات والإصابات المرتبطة بها في السنوات اللاحقة، فقد تسببت الإشعاعات الناتجة عن الانفجار في إصابة الكثيرين بتشوهات وأمراض خطيرة مثل السرطان، إلى جانب تدمير مساحات واسعة من الغابات وتلويث بعض المجاري المائية، وتم التخلص من أعداد كبيرة من الماشية المصابة بالإشعاع في أثناء عمليات إخلاء السكان من المناطق المنكوبة، وشارك في عمليات احتواء الكارثة 300 ــ 600 ألف عامل معظمهم دخلوا المنطقة المحيطة بالمفاعل بعد عامين على الأقل من وقوع الانفجار.
3-فوكوشيما:
يعود تاريخ الكارثة إلى 11 مارس2011 عندما تعرضت اليابان لــ "تسونامي" في أعقاب زلزال بقوة 9 ريختر، وأدى إلى انصهار ثلاثة من ستة مفاعلات في محطة"فوكوشيما النووية، وفي اليوم التالي بدأت كميات كبيرة من المواد المشعة في التسرب منها في أسوأ حادث من نوعه منذ كارثة تشير نوبل، وسجل التسرب المرتبة السابعة على المقياس الدولي للحوادث النووية المدرج من صفر إلى 7 درجات وهي المرة الأولى التي تبلغ فيها حادثة مشابهة تلك المرتبة منذ تشير نوبل.
واضطرت السلطات لضخ مئات الأطنان من مياه البحر في المفاعلات لوقف التسرب الإشعاعي، ولم يتم تسجيل أي وفيات نتيجة التعرض المباشر للإشعاع على المدى القصير، وتم إخلاء 300 ألف شخص من المنطقة بعد مصرع أكثر من 15 ألف شخص بسبب الزلزال والتسونامي و1600 شخص آخرين نتيجة عمليات الإخلاء وتداعياتها.
4-جزيرة الثلاثة أميال:
حدثت الواقعة في 28 مارس 1979 بجزيرة "الثلاثة أميال" بمقاطعة "دوفين" في ولاية "بنسلفانيا الأمريكية، وكانت نتيجة انصهار نووي جزئي في أحد المفاعلات النووية الثلاثة الموجودة بالجزيرة، وجاء الانصهار بعد تعطل أحد صمامات نظام التبريد مما أدى إلى تسرب كميات كبيرة من سائل التبريد النووي، وتعتبر الحادثة الأسوأ في تاريخ القطاع النووي التجاري بالولايات المتحدة، وسجلت المرتبة الخامسة على المقياس الدولي للكوارث النووية، وبلغت تكاليف احتوائها نحو مليار دولار.
5-اختبار "بانبري":
في 18 ديسمب 1970 أجرت الولايات المتحدة تجربة نووية تحت الأرض في موقع الاختبارات النووية في ولاية نيفادا، وعلى الرغم من دفن الجهاز على عمق 270 متراً تحت سطح الأرض فقد أدى انفجاره إلى تكون سحابة اشعاعية كبيرة بارتفاع 3 كيلومترات في الهواء.
وكان يمكن رؤية السحابة من مدينة لاس فيغاس على بعد 120 كيلومتراً من موقع الانفجار، وحملتها الرياح للعديد من الولايات الأمريكية الأخرى، وتعرض 86 عاملاً بالموقع للإشعاع، ووفقاً لإحصائيات المعهد القومي الأمريكي للأورام أدى الانفجار لانبعاث 80 ألف وحدة من العنصر المشع "اليود 131".
العربية.نت

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

قراءة تحليلية لخطاب جلالة الملك أمام البرلمان الأوروبي
قراءة تحليلية لخطاب جلالة الملك أمام البرلمان الأوروبي

عمون

timeمنذ 29 دقائق

  • عمون

قراءة تحليلية لخطاب جلالة الملك أمام البرلمان الأوروبي

جاء خطاب جلالة الملك عبد الله الثاني أمام البرلمان الأوروبي في لحظة شديدة الحساسية من عمر النظام الدولي، في وقت مر به المجتمع الدولي بالعديد من الاضطرابات السياسية والتكنولوجية والاقتصادية؛ من جائحة فيروس كورونا، وتهديدات أمنية جديدة، وتسارع تكنولوجي غير مسبوق، إلى المعلومات المضللة التي تفشت بشكل مفرط، الى وقت يتسارع فيه تفكك منظومة القيم التي نشأت عقب الحرب العالمية الثانية، ويشتد فيه زخم النزاعات الإقليمية من أوكرانيا إلى غزة، مروراً بإيران، في ظل تحولات حادة في موازين القوى وتراجع خطير في الأداء الأخلاقي للمجتمع الدولي. وقد عكس الخطاب إدراكاً عميقاً من جلالته لطبيعة هذا المنعطف، فخاطب أوروبا من بوابة ضميرها التاريخي، مذكّراً إياها بأن قيامها من رماد الحرب قد ارتكز ليس فقط على إعادة بناء المدن، بل على إحياء منظومة قيم إنسانية كونية، شكلت أساس أمنها واستقرارها لعقود. الخطاب لم يكن عاطفياً أو إنشائياً، بل صيغ بدقة وصرامة استراتيجيتين، حيث رسم جلالة الملك مشهداً دقيقاً ومقلقاً لتحولات العالم، مستخدماً تعبيرات حاسمة مثل "فقدان البوصلة الأخلاقية" و"انهيار الحدود الأخلاقية"، وهي إشارات ذات دلالة عميقة في التحليل السياسي والأمني، لأن غياب المرجعية الأخلاقية في العلاقات الدولية يؤدي مباشرة إلى تآكل شرعية القانون، وصعود الفوضى والصراع المفتوح. كما أعاد جلالته ربط القيم الإنسانية بمفهوم الأمن العالمي، وهو طرح نادر في المشهد الدولي الراهن، الذي تنحو فيه القوى الكبرى نحو البراغماتية البحتة، متناسية أن أساس أمنها التاريخي لم يكن القوة العسكرية فقط، بل أيضاً منظومة القيم التي ضمنت احترام الإنسان وكرامته. وفي تحذير بالغ الدلالة، شدد جلالة الملك عبد الله الثاني على أن استمرار ازدواجية المعايير في التعامل مع الصراعات، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، لا يهدد فقط بانهيار المنظومة الأخلاقية العالمية، بل ينذر بانهيار شامل للنظامين السياسي والأمني على مستوى العالم. وعندما قال إن الجرافات التي تهدم منازل الفلسطينيين "تهدم أيضاً الحدود الأخلاقية"، كان يوجه رسالة صريحة مفادها أن غياب العدالة ليس شأناً محلياً محصوراً في غزة أو الضفة الغربية، بل هو خطر عالمي مرتد، يزعزع ما تبقى من توازنات دولية ويهدد أمن الجميع دون استثناء. الخطاب حمل رسائل متعددة الاتجاهات، صريحة في ظاهرها، وعميقة في باطنها، تشكّل في مجملها خطاباً مُشفّراً موجهاً لكل طرف بلغته، يحمل ما بين السطور دلالات استراتيجية وأخلاقية بالغة الأهمية. فللأوروبيين، كانت الرسالة دعوة واضحة لاستعادة دورهم الأخلاقي والتاريخي، لا باعتبارهم قوة عظمى فحسب، بل كأمم نهضت من تحت رماد الحروب لتؤسس نظاماً إنسانياً قائماً على التعددية والعدالة. أما لإسرائيل، فقد وجّه جلالة الملك تحذيراً استراتيجياً محسوباً، مفاده أن استمرار الحرب واتساع رقعتها لتشمل إيران ينذر بانفجار إقليمي واسع النطاق، لا يمكن التنبؤ بمآلاته. وللمجتمع الدولي عامة، جاء الخطاب كمرآة تعكس حجم التناقض الصارخ بين المبادئ المُعلنة والممارسات الفعلية، خاصة في غزة، حيث باتت أفعال كانت تُعدّ قبل أعوام وحشية وغير مبررة — كقصف المستشفيات واستهداف المدنيين — واقعاً متكرراً لم يعد يثير حتى الاستغراب أو الاستنكار. من منظور أمني واستراتيجي، يمثل خطاب جلالة الملك إعادة ضبط دقيقة للبوصلة السياسية في المنطقة. فلقد سلط جلالته الضوء على الترابط العميق بين الأمن الإقليمي في الشرق الأوسط والأمن الأوروبي، ويؤكد أن استمرار الظلم في فلسطين ليس فقط مأساة إنسانية، بل تهديداً استراتيجياً لاستقرار النظام الدولي. فالمنطقة تقف على حافة غليان شعبي قد لا تتمكن الأنظمة التقليدية من احتوائه، ما لم يتم كبح جماح الظلم، واستعادة الأمل لدى شعوبها. وفي الوقت ذاته، أعاد جلالة الملك التأكيد على مكانة الأردن كدولة معتدلة وركن استقرار موثوق، يملك شرعية أخلاقية وتاريخية عميقة، وقدرة دبلوماسية على التوسط والبناء، لكن ضمنياً، فإن الرسالة كانت واضحة: لا تراهنوا فقط على الجغرافيا، بل على من بقي متمسكاً بالقيم. وقد طرح جلالته مسارين للعمل العالمي، أولهما دعم التنمية في المنطقة باعتبارها ضمانة للاستقرار، والثاني اتخاذ إجراءات منسقة لوقف الحروب، وفي مقدمتها الحرب في أوكرانيا، والصراع الفلسطيني – الإسرائيلي. وفي هذا السياق، لم يكن حديثه عن الدولة الفلسطينية حديثاً إنشائياً، بل طرحاً استراتيجياً يعتبر قيام الدولة الفلسطينية حقاً للشعب الفلسطيني، وأداة لتحقيق السلام العادل والأمن الشامل. ما يميز هذا الخطاب أنه لا يكتفي بتشخيص الواقع، بل يقدم قراءة ناضجة تستبطن توصيات جوهرية: أن على أوروبا أن تتجاوز التردد وأن تتوحد حول قيمها؛ وأن على العالم أن يقرر بوضوح ما إذا كان سيختار حكم القانون، أم قانون القوة والغلبة؛ وأن قضية فلسطين ليست ملفاً إنسانياً فقط، بل معركة على روح النظام الدولي نفسه. في المحصلة، لم يكن خطاب جلالة الملك عبد الله الثاني نداءً سياسياً تقليدياً، بل وثيقة حضارية واستراتيجية تضع المجتمع الدولي أمام مفترق حاسم: إما أن يستعيد إنسانيته، أو أن يواصل انحداره نحو العدمية. إنه خارطة طريق أخلاقية – أمنية لعالم مضطرب، لا يملك ترف التردد أكثر من ذلك. خطاب يحمل في طياته عمق القائد، وبعد نظر العسكري، وحكمة رجل الدولة، وهو في آنٍ معاً دعوة للتاريخ كي لا يعيد أسوأ فصوله.

خبير: متقاعدو الضمان ينتظرون زيادة مُنصفة على الحد الأدنى لرواتبهم
خبير: متقاعدو الضمان ينتظرون زيادة مُنصفة على الحد الأدنى لرواتبهم

عمون

timeمنذ ساعة واحدة

  • عمون

خبير: متقاعدو الضمان ينتظرون زيادة مُنصفة على الحد الأدنى لرواتبهم

عمون - قال خبير التأمينات والحماية الاجتماعية موسى الصبيحي إن متقاعدو الضمان ينتظرون زيادة مُنصفة على الحد الأدنى لرواتبهم. وأوضح في منشور له على موقع فيس بوك: " بما أن قانون الضمان الاجتماعي أعطى مجلس الوزراء صلاحية تحديد الحد الأدنى الأساسي لراتب التقاعد وراتب الاعتلال بناءً على تنسيب من مجلس إدارة مؤسسة الضمان، على أن يعاد النظر في هذا الحد من قِبل مجلس الوزراء كل (5) سنوات وذلك بموجب المادة ( 89/أ) من القانون، فأود أن أشير إلى أن قرار مجلس الوزراء المتخذ سنة 2019 والمعدّل سنة 2020 برفع الحد الأدنى الأساسي لرواتب التقاعد ورواتب الاعتلال إنفاذاً للقانون وذلك اعتباراً من 1-1-2020، قد تأخر كثيراً ولمدة ناهزت (26) عاماً، باعتبار أن المرة الأولى لرفع الحد الأدنى للراتب كانت سنة 1993". وتابع: "اليوم نحن أمام ضرورة إعادة النظر بالحد الأدنى للمرة الثالثة في عمر الضمان، أي أننا، كما سبق أن أكّدت غير مرة، أمام استحقاق قانوني من المفترض إنفاذه خلال العام الجاري 2025 بما يترك أثراً إيجابياً ملموساً لتحسين معيشة عشرات الآلاف من متقاعدي الضمان وأسرهم". وأردف: "أكتب اليوم، ربما للمرة العاشرة، آملاً من الحكومة ومن مؤسسة الضمان الاستجابة القريبة بتفعيل الفقرة "ب" من المادة ( 89 ) بما يقضي برفع الحد الأدنى لراتب التقاعد وراتب الاعتلال بمقدار مناسب، ويا حبّذا لو يتم الأخذ بما كنت قد اقترحته سابقاً بهذا الموضوع وهو: ١) رفع الحد الأدنى الأساسي لراتب تقاعد الشيخوخة والمبكر ورواتب الاعتلال الجزئي من (125) ديناراً لتصبح (150) ديناراً. ٢) رفع الحد الأدنى الأساسي لراتب تقاعد الوفاة ورواتب الاعتلال الكلي من (160) ديناراً ليصبح (200) دينار". واختتم: "يُفترض بالحكومة وبمؤسسة الضمان أن تكونا حريصتين على إنفاذ القانون أولاً، ثم على تحسين الأوضاع المعيشية لشريحة لا تقل عن (27%) من إجمالي متقاعدي الضمان الذين ينتظرون على أحرّ من الجمر زيادة منصفة على الحد الأدنى الأساسي لرواتبهم".

المجالي يكتب: قراءة تحليلية لخطاب الملك أمام البرلمان الأوروبي
المجالي يكتب: قراءة تحليلية لخطاب الملك أمام البرلمان الأوروبي

جفرا نيوز

timeمنذ ساعة واحدة

  • جفرا نيوز

المجالي يكتب: قراءة تحليلية لخطاب الملك أمام البرلمان الأوروبي

جفرا نيوز - بقلم: حسين هزاع المجالي جاء خطاب جلالة الملك عبد الله الثاني أمام البرلمان الأوروبي في لحظة شديدة الحساسية من عمر النظام الدولي، في وقت مر به المجتمع الدولي بالعديد من الاضطرابات السياسية والتكنولوجية والاقتصادية؛ من جائحة فيروس كورونا، وتهديدات أمنية جديدة، وتسارع تكنولوجي غير مسبوق، إلى المعلومات المضللة التي تفشت بشكل مفرط، الى وقت يتسارع فيه تفكك منظومة القيم التي نشأت عقب الحرب العالمية الثانية، ويشتد فيه زخم النزاعات الإقليمية من أوكرانيا إلى غزة، مروراً بإيران، في ظل تحولات حادة في موازين القوى وتراجع خطير في الأداء الأخلاقي للمجتمع الدولي. وقد عكس الخطاب إدراكاً عميقاً من جلالته لطبيعة هذا المنعطف، فخاطب أوروبا من بوابة ضميرها التاريخي، مذكّراً إياها بأن قيامها من رماد الحرب قد ارتكز ليس فقط على إعادة بناء المدن، بل على إحياء منظومة قيم إنسانية كونية، شكلت أساس أمنها واستقرارها لعقود. الخطاب لم يكن عاطفياً أو إنشائياً، بل صيغ بدقة وصرامة استراتيجيتين، حيث رسم جلالة الملك مشهداً دقيقاً ومقلقاً لتحولات العالم، مستخدماً تعبيرات حاسمة مثل "فقدان البوصلة الأخلاقية" و"انهيار الحدود الأخلاقية"، وهي إشارات ذات دلالة عميقة في التحليل السياسي والأمني، لأن غياب المرجعية الأخلاقية في العلاقات الدولية يؤدي مباشرة إلى تآكل شرعية القانون، وصعود الفوضى والصراع المفتوح. كما أعاد جلالته ربط القيم الإنسانية بمفهوم الأمن العالمي، وهو طرح نادر في المشهد الدولي الراهن، الذي تنحو فيه القوى الكبرى نحو البراغماتية البحتة، متناسية أن أساس أمنها التاريخي لم يكن القوة العسكرية فقط، بل أيضاً منظومة القيم التي ضمنت احترام الإنسان وكرامته. وفي تحذير بالغ الدلالة، شدد جلالة الملك عبد الله الثاني على أن استمرار ازدواجية المعايير في التعامل مع الصراعات، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، لا يهدد فقط بانهيار المنظومة الأخلاقية العالمية، بل ينذر بانهيار شامل للنظامين السياسي والأمني على مستوى العالم. وعندما قال إن الجرافات التي تهدم منازل الفلسطينيين "تهدم أيضاً الحدود الأخلاقية"، كان يوجه رسالة صريحة مفادها أن غياب العدالة ليس شأناً محلياً محصوراً في غزة أو الضفة الغربية، بل هو خطر عالمي مرتد، يزعزع ما تبقى من توازنات دولية ويهدد أمن الجميع دون استثناء. الخطاب حمل رسائل متعددة الاتجاهات، صريحة في ظاهرها، وعميقة في باطنها، تشكّل في مجملها خطاباً مُشفّراً موجهاً لكل طرف بلغته، يحمل ما بين السطور دلالات استراتيجية وأخلاقية بالغة الأهمية. فللأوروبيين، كانت الرسالة دعوة واضحة لاستعادة دورهم الأخلاقي والتاريخي، لا باعتبارهم قوة عظمى فحسب، بل كأمم نهضت من تحت رماد الحروب لتؤسس نظاماً إنسانياً قائماً على التعددية والعدالة. أما لإسرائيل، فقد وجّه جلالة الملك تحذيراً استراتيجياً محسوباً، مفاده أن استمرار الحرب واتساع رقعتها لتشمل إيران ينذر بانفجار إقليمي واسع النطاق، لا يمكن التنبؤ بمآلاته. وللمجتمع الدولي عامة، جاء الخطاب كمرآة تعكس حجم التناقض الصارخ بين المبادئ المُعلنة والممارسات الفعلية، خاصة في غزة، حيث باتت أفعال كانت تُعدّ قبل أعوام وحشية وغير مبررة — كقصف المستشفيات واستهداف المدنيين — واقعاً متكرراً لم يعد يثير حتى الاستغراب أو الاستنكار. من منظور أمني واستراتيجي، يمثل خطاب جلالة الملك إعادة ضبط دقيقة للبوصلة السياسية في المنطقة. فلقد سلط جلالته الضوء على الترابط العميق بين الأمن الإقليمي في الشرق الأوسط والأمن الأوروبي، ويؤكد أن استمرار الظلم في فلسطين ليس فقط مأساة إنسانية، بل تهديداً استراتيجياً لاستقرار النظام الدولي. فالمنطقة تقف على حافة غليان شعبي قد لا تتمكن الأنظمة التقليدية من احتوائه، ما لم يتم كبح جماح الظلم، واستعادة الأمل لدى شعوبها. وفي الوقت ذاته، أعاد جلالة الملك التأكيد على مكانة الأردن كدولة معتدلة وركن استقرار موثوق، يملك شرعية أخلاقية وتاريخية عميقة، وقدرة دبلوماسية على التوسط والبناء، لكن ضمنياً، فإن الرسالة كانت واضحة: لا تراهنوا فقط على الجغرافيا، بل على من بقي متمسكاً بالقيم. وقد طرح جلالته مسارين للعمل العالمي، أولهما دعم التنمية في المنطقة باعتبارها ضمانة للاستقرار، والثاني اتخاذ إجراءات منسقة لوقف الحروب، وفي مقدمتها الحرب في أوكرانيا، والصراع الفلسطيني – الإسرائيلي. وفي هذا السياق، لم يكن حديثه عن الدولة الفلسطينية حديثاً إنشائياً، بل طرحاً استراتيجياً يعتبر قيام الدولة الفلسطينية حقاً للشعب الفلسطيني، وأداة لتحقيق السلام العادل والأمن الشامل. ما يميز هذا الخطاب أنه لا يكتفي بتشخيص الواقع، بل يقدم قراءة ناضجة تستبطن توصيات جوهرية: أن على أوروبا أن تتجاوز التردد وأن تتوحد حول قيمها؛ وأن على العالم أن يقرر بوضوح ما إذا كان سيختار حكم القانون، أم قانون القوة والغلبة؛ وأن قضية فلسطين ليست ملفاً إنسانياً فقط، بل معركة على روح النظام الدولي نفسه. في المحصلة، لم يكن خطاب جلالة الملك عبد الله الثاني نداءً سياسياً تقليدياً، بل وثيقة حضارية واستراتيجية تضع المجتمع الدولي أمام مفترق حاسم: إما أن يستعيد إنسانيته، أو أن يواصل انحداره نحو العدمية. إنه خارطة طريق أخلاقية – أمنية لعالم مضطرب، لا يملك ترف التردد أكثر من ذلك. خطاب يحمل في طياته عمق القائد، وبعد نظر العسكري، وحكمة رجل الدولة، وهو في آنٍ معاً دعوة للتاريخ كي لا يعيد أسوأ فصوله.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store