logo
الإسهامات العربية في علم الآثار

الإسهامات العربية في علم الآثار

الجزيرةمنذ 18 ساعات
تشهد بلدان عربية عدة اهتماما ملحوظا بعلم الآثار، والبحث عن المعالم القديمة، وترميمها وحفظها باعتبارها تراثا للإنسانية جمعاء.
وإذا كانت مصر تتصدر منطقة الشرق الأوسط في مجال الاكتشافات الأثرية الجديدة، وانتشار علم الآثار، وتعدد الكليات والمعاهد الأكاديمية المعنية بدراسته، فإن بلدان الخليج العربي تشهد اهتماما متزايدا بالدراسات الأثرية، ونموا في مجال الحفائر بحثا عما تركه الأقدمون من منشآت وشواهد وقطع أثرية تساعد في الكشف عن أسرار الأجداد وما عرفوه من علوم وفنون وأنماط حياة.
وتنشط الحفائر والأنشطة في مجال علم الآثار بمختلف بلدان الخليج، بداية من سلطنة عمان وقطر والسعودية، مرورا بالإمارات والكويت والبحرين، حيث تتزايد في تلك الدول أعمال البحث والتنقيب والحماية والترميم. وكما أسلفنا، فإن مصر تحضر بقوة في مجال علم الآثار، من خلال الحفائر العديدة التي ساعدت في التوصل لكثير من الاكتشافات الأثرية الحديثة في مناطق عدة، منها: الأقصر وأسوان وسقارة والمنيا وغيرها.
نبوغ عربي
ويجمع آثاريون وعلماء وباحثون عرب على أن بلاد العالم العربي شهدت حضورا كبيرا لعلم الآثار، وأن كثيرا من العرب نبغوا في ذلك المجال، وحققوا اكتشافات مذهلة، ووضعوا دراسات مهمة، وشكلوا مدارس عربية خاصة في حقل الآثار على مدار عقود مضت.
وفي هذا الإطار، قال الدكتور سلطان الدويش، المدير الأسبق لإدارة الآثار والمتاحف بالمجلس الوطني الكويتي للثقافة والفنون والآداب، إنه يعتقد بوجود مدارس عربية متفرقة في مجال الآثار بالوطن العربي، لكنه أكد أن المدارس الأجنبية هي الأكثر منهجية واستمرارية.
وثمن الدويش، في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية، جهود بلاده ودول منطقة الخليج العربي في مجال علم الآثار، وصون وحماية المكتشفات الأثرية، وتزايد الأنشطة العلمية الخليجية في هذا المجال.
من جانبه، قال الباحث المصري فرنسيس أمين، لوكالة الأنباء الألمانية، إن مصر على سبيل المثال، غنية بكثير من الوجوه العلمية الوطنية في مجال الآثار، أمثال أحمد باشا كمال، وسليم حسن، ولبيب حبشي وغيرهم، فهم المؤسسون الحقيقيون للمدرسة المصرية في مجال الآثار، وهي مدرسة ذات فهم أوضح للبيئة، وتقوم على أنه لا يمكن الفصل بين الآثار المصرية القديمة والبيئة المحيطة بها.
واعتبر أن المؤسس الحقيقي للمدرسة العربية المصرية في مجال الآثار هو أحمد فخري، الذي قام بحفائر في مواقع أثرية عدة، وكان ندا قويا لعلماء الآثار ذوي الشهرة العالمية، وكان تلاميذه ينتشرون في الشرق الأدنى، من العراق لليمن وغيرهما، وهو مؤسس مدرسة عربية قومية في علم الآثار. ولفت إلى أن انتشار كليات الآثار أسهم في وجود عدد كبير من الآثاريين الذين صار يشار إليهم بالبنان.
وقال الأثري المصري والمدير العام الأسبق لمنطقة آثار الأقصر ومصر العليا، محمد يحيى عويضة، إن العرب يمتلكون أسس ومقومات "علم آثار عربي"، وإن الأمر يحتاج إلى مزيد من الدقة والتخصص لتأسيس مدرسة أثرية عربية أو مصرية، تكون قادرة على الصمود في مواجهة التطور الذي تشهده المدارس الأثرية الغربية، وخاصة في مجالات علوم التحنيط، وعلم المواقع الأثرية، وعلوم التوثيق والتسجيل، واستخدام التطبيقات الحديثة في جميع علوم الآثار.
وشدد على أن الأمر يحتاج إلى تنسيق الجهود العربية، خاصة وأن الخبرات والأدوات متوافرة، لكنها مبعثرة ولا يربطها رابط، وذلك بحسب قوله.
"العرب يمتلكون أسس ومقومات "علم آثار عربي"، وإن الأمر يحتاج إلى مزيد من الدقة والتخصص لتأسيس مدرسة أثرية عربية أو مصرية، تكون قادرة على الصمود في مواجهة التطور الذي تشهده المدارس الأثرية الغربية، وخاصة في مجالات علوم التحنيط، وعلم المواقع الأثرية، وعلوم التوثيق والتسجيل، واستخدام التطبيقات الحديثة في جميع علوم الآثار"
ورأى أيمن أبو زيد، رئيس الجمعية المصرية للتنمية السياحية والأثرية، أن العالم العربي يشهد طفرة في مجال علم الآثار، وأن مصر شهدت العديد من الاكتشافات الأثرية الضخمة التي عثر عليها بمعرفة بعثات أثرية من الآثاريين المصريين
وأشار أبو زيد، في حديث للوكالة الألمانية، إلى أن بلدانا ومناطق عدة تشهد نشاطا متزايدا في مجال الاكتشافات الأثرية وصون وحماية المعالم، وهو ما يحدث بشكل لافت في الإمارات العربية المتحدة، وفي إمارة الشارقة، وداخل الكويت والمملكة العربية السعودية، وغير ذلك من البلاد العربية التي صارت أكثر وعيا بأهمية دراسة تاريخها وآثارها، وهو الأمر الذي يدلل على أن العرب لديهم مدارس وطنية في مجال علم الآثار.
كان البحث عن كنوز وآثار الشعوب القديمة قد استهوى كثيرين ممن كانوا يوصفون ب "المغامرين"، ومنذ القرن التاسع عشر أخذ الاهتمام يتزايد بمعرفة الماضي، حيث يضطر الإنسان للحفر مسافات بعيدة في باطن الأرض للعثور على بقايا الماضي ودراستها.
آثار الأقدمين
وأصبح البحث عن الماضي، والحفر والتنقيب عن آثار الأقدمين من الأمم السابقة، ومعالم الحضارات التي ربما ضاعت معالمها بفعل الطبيعة وتقلباتها، علما يدرس في الجامعات ويقوم به متخصصون، وصار ذلك يطلق عليه "علم الآثار". وقد استفاد علماء الآثار من التقنيات الحديثة في تطوير أدواتهم، واستطاعوا توظيف التقنيات التي وفرها لهم العلم الحديث في أعمال الحفر والتنقيب والبحث عن الآثار القديمة.
وعلى الرغم من تقدم العلوم في مجال البحث عن الماضي، فإن الحظ يلعب دورا كبيرا في التوصل لاكتشافات أثرية مذهلة. ويقال إن الصدفة قادت لاكتشاف خبايا ضخمة من المومياوات والتوابيت الفرعونية في الأقصر وفي الواحات المصرية.
كما قادت الصدفة بعض الصيادين في اليونان إلى العثور على التمثال البرونزي الشهير لـ"بوسيدون"، واكتشف أطفال وهم يطاردون كلبهم كهف "لاسكو" الذي يرجع تاريخه إلى عصور ما قبل التاريخ في فرنسا. وبعض الاكتشافات الأثرية الكبرى قادت إليها الطبيعة، مثل قيام الرياح والمياه بإزاحة الأتربة عن مدن اختفت في عصور سابقة، ومن الممكن أن يقود إنشاء طريق جديد أو مشروعات بناء عملاقة إلى العثور على آثار عظيمة.
لكن علماء الآثار لا يؤمنون بالاكتشافات التي تقود إليها الصدفة، بل لهم خطط يطبقونها تدريجيا للوصول إلى ما يبحثون عنه من آثار أو بقايا مدن. وباستطاعة الآثاريين أن يحددوا وفقا لخرائطهم موقعا محددا للحفر والتنقيب أسفله.
كما صارت دراسة بعض النصوص القديمة المكتشفة طريقا للوصول إلى مواقع مدن وقرى ومعابد ومقابر شيدت قبل آلاف السنين، وصارت هذه النصوص أيضا مصدرا لمعلومات يصفها الآثاريون بالثمينة أحيانا، كونها تقدم أدلة على مواقع آثار ومعالم اندثرت بمرور الزمن.
وصار علم الآثار اليوم يتضمن فروعا جديدة، منها صيانة وحماية المعابد والمقابر من الانهيار، وترميم النقوش والرسوم، وترميم الملابس والأقمشة، وترميم الوثائق مثل أوراق البردي، إلى جانب ترميم المومياوات والأجساد التي احتفظت بمكوناتها آلاف السنين بفضل علوم التحنيط التي عرفتها بعض شعوب العالم القديم مثل مصر والبيرو.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الجينات تتكلم.. الجزيرة نت تحاور باحثا كشف أسرار البحرين قبل 2500 سنة
الجينات تتكلم.. الجزيرة نت تحاور باحثا كشف أسرار البحرين قبل 2500 سنة

الجزيرة

timeمنذ 3 ساعات

  • الجزيرة

الجينات تتكلم.. الجزيرة نت تحاور باحثا كشف أسرار البحرين قبل 2500 سنة

بعد نشرها بدورية"سيل جينوميكس"، تستمر دراسة الحمض النووي القديم التي أُجريت على رفات بشر من البحرين في إثارة اهتمام الباحث روي مارتينيانو من كلية العلوم البيولوجية والبيئية بجامعة ليفربول. وليس فقط لأنها كشفت عن أسرار ظلت حبيسة في عظام دفنتها الرمال الساخنة منذ قرون، بل لأنها شكلت انتصارا علميا حقيقيا، إذ تمكن الفريق من استخلاص الحمض النووي رغم الظروف المناخية القاسية التي طالما أعاقت محاولات مماثلة في الجزيرة العربية. وفي مقابلة خاصة مع "الجزيرة نت"، استعاد مارتينيانو تفاصيل التجربة بشغف واضح، متحدثا عن نجاحه، مع زملائه في الفريق البحثي الذي ضم بيير لومبارد، رئيس البعثة الأثرية الفرنسية في البحرين، وسلمان المحاري من هيئة البحرين للثقافة والآثار، في تحقيق ما أخفقت فيه فرق بحثية سابقة، كما كشف عما توصلوا إليه من تفاصيل غير مسبوقة تتعلق بالتنوع الوراثي في البحرين قبيل ظهور الإسلام، وتأثير الزراعة على الصحة، بالإضافة إلى خططهم الطموحة لتوسيع نطاق البحث مستقبلا. بدأ الحوار بسؤاله عن التحديات التي واجهتهم في تحليل الحمض النووي من رفات بشر يعود إلى 3 مواقع بحرينية، فاعترف أن أشعة الشمس الحارقة ودرجات الحرارة المرتفعة، المصحوبة أحيانا برطوبة عالية، تتلف الحمض النووي بسرعة كبيرة، كما أن التربة الغنية بالبكتيريا تغزو العظام بمرور الوقت، مما يؤدي إلى تلوث العينات، لذلك فإنه من بين كل 100 جزيء حمض نووي استُخرج من العظام، كان فقط جزيء واحد ينتمي للإنسان، والباقي بكتيري. ولمواجهة هذه التحديات، استخدم الفريق البحثي تقنية تعتمد على نقع مسحوق العظام في محلول مبيض مخفف لفترة قصيرة وبطريقة لطيفة، بهدف إزالة التلوث السطحي من البكتيريا مع الحفاظ على الحمض النووي البشري الموجود في الطبقات الداخلية من العظام. ووفقا لمارتينيانو، فقد أدت هذه الطريقة إلى زيادة كمية الحمض النووي البشري المستخرج بمقدار 15 ضعفا مقارنة بالطرق التقليدية، مما مكنهم من إتمام عملية التحليل بنجاح. تنوع وراثي لافت ومن بين 4 عينات نجح الفريق في استخلاصها وتعود إلى فترة تايلوس (نحو 300 قبل الميلاد حتى 600 ميلادي)، اكتشف الفريق تنوعا وراثيا لافتا، إذ أظهرت التحليلات الجينية وجود أصول متعددة تعود إلى مناطق مثل الأناضول وبلاد الشام والإمبراطورية الفارسية، مما يشير إلى أن سكان البحرين في تلك الفترة شهدوا بالفعل موجات متعاقبة من الهجرة والاختلاط السكاني عبر فترات زمنية طويلة. ويضيف مارتينيانو: "هذا التنوع يشير إلى أن البحرين كانت موطنا لمجموعات بشرية ذات أصول مختلفة تعايشت بسلام خلال حقبة تايلوس، لكن من المحتمل أن تكون تلك الأصول قد وصلت إلى البحرين قبل حقبة تايلوس عبر حضارة دلمون (حوالي 3000-2000 قبل الميلاد)، التي كانت وفقا للسجلات المسمارية (أقدم نظام كتابة معروف في بلاد الرافدين حوالي 3400 قبل الميلاد) متصلة بمناطق مثل بلاد الرافدين والشام وعُمان". ومن خلال التحليل الدقيق للعينات الأربع، توصل الفريق إلى عدد من السمات الوراثية اللافتة، التي رسمت صورة أوضح لسكان البحرين في تلك الفترة، فقد أظهرت إحدى العينات دليلا واضحا على زواج أبناء العمومة، مما يشير إلى أن هذه الممارسة الاجتماعية كانت قائمة في المنطقة. وفيما يتعلق بالكروموسومات، تبين أن الذكور الذين شملتهم الدراسة ينتمون إلى سلالات وراثية نادرة، لم تُرصد في سكان الخليج المعاصرين، لكنها ظهرت في مناطق مثل تركيا والقوقاز، أما السلالات الأمومية فقد أظهرت روابط جينية مع العراق والهند والقوقاز وحتى أوروبا، في دليل على الهجرات واسعة النطاق عبر العصور. مقارنة مع جينات اليوم أما من حيث السمات الشكلية، فيرجح أن الأفراد الأربعة كانت أعينهم بنية، وشعرهم أسود أو بني، مع تباين في لون البشرة، إذ تمتع اثنان منهم ببشرة داكنة، بينما كان الآخران أفتح قليلا، في نمط لا يختلف كثيرا عن سمات سكان الشرق الأوسط المعاصرين. ويرجح أن موجات الهجرة والتداخل السكاني، خاصة عبر طرق التجارة، لعبت دورا محوريا في تشكيل الخريطة الجينية الحالية والمستقرة، في الجزيرة العربية ككل، والتي تجمعت من خطوط مختلفة لتتوحد بعد ظهور الإسلام. لكن إحدى المفاجآت اللافتة في النتائج الجينية كانت في الصحة، إذ كشفت التحليلات عن وجود طفرة جينية تُعرف باسم "جي-سيكس-بي-دي" لدى أحد الأفراد، وهي طفرة تمنح حامليها حماية جزئية من الملاريا، وقد قاد هذا الاكتشاف الفريق إلى فرضية مثيرة ترتبط بتاريخ الزراعة في شرق الجزيرة العربية. ويشرح مارتينيانو: "عندما بدأت الزراعة في المنطقة قبل نحو 5 آلاف عام، وفرت البيئات الزراعية، المعتمدة على مصادر مياه دائمة، مناخا مثاليا لتكاثر البعوض، وبالتالي لانتشار الملاريا. وفي هذه البيئة، كان الأفراد الذين يحملون الطفرة الوراثية (جي-سيكس-بي-دي) يتمتعون بميزة تكيفية، لأنها تقلل من احتمالات الإصابة بأعراض الملاريا الحادة، مما يزيد من فرص نجاتهم وبقائهم على قيد الحياة". ويضيف: "بمرور الأجيال، ساهم هذا في ارتفاع معدلات انتشار الطفرة في المجتمعات المحلية، وهو ما يُفسر استمرار وجودها اليوم بين سكان شرق الجزيرة العربية، كأثر بيولوجي طويل الأمد لظهور الزراعة وانتشار المرض في البيئة القديمة". وعن خطواته المقبلة في مشروع دراسة الجينات القديمة بالجزيرة العربية، قال مارتينيانو إن فريقه يعمل حاليا على توسيع نطاق البحث ليشمل عينات من مناطق أخرى في شبه الجزيرة العربية، بالتعاون مع علماء آثار محليين. وأضاف أن "المنطقة تزخر بتاريخ غني ومهم، لكنه لا يزال غير مدروس بالشكل الكافي، وتطور تقنيات تحليل الحمض النووي سيُحدث طفرة في فهمنا لماضي الجزيرة العربية".

الإسهامات العربية في علم الآثار
الإسهامات العربية في علم الآثار

الجزيرة

timeمنذ 18 ساعات

  • الجزيرة

الإسهامات العربية في علم الآثار

تشهد بلدان عربية عدة اهتماما ملحوظا بعلم الآثار، والبحث عن المعالم القديمة، وترميمها وحفظها باعتبارها تراثا للإنسانية جمعاء. وإذا كانت مصر تتصدر منطقة الشرق الأوسط في مجال الاكتشافات الأثرية الجديدة، وانتشار علم الآثار، وتعدد الكليات والمعاهد الأكاديمية المعنية بدراسته، فإن بلدان الخليج العربي تشهد اهتماما متزايدا بالدراسات الأثرية، ونموا في مجال الحفائر بحثا عما تركه الأقدمون من منشآت وشواهد وقطع أثرية تساعد في الكشف عن أسرار الأجداد وما عرفوه من علوم وفنون وأنماط حياة. وتنشط الحفائر والأنشطة في مجال علم الآثار بمختلف بلدان الخليج، بداية من سلطنة عمان وقطر والسعودية، مرورا بالإمارات والكويت والبحرين، حيث تتزايد في تلك الدول أعمال البحث والتنقيب والحماية والترميم. وكما أسلفنا، فإن مصر تحضر بقوة في مجال علم الآثار، من خلال الحفائر العديدة التي ساعدت في التوصل لكثير من الاكتشافات الأثرية الحديثة في مناطق عدة، منها: الأقصر وأسوان وسقارة والمنيا وغيرها. نبوغ عربي ويجمع آثاريون وعلماء وباحثون عرب على أن بلاد العالم العربي شهدت حضورا كبيرا لعلم الآثار، وأن كثيرا من العرب نبغوا في ذلك المجال، وحققوا اكتشافات مذهلة، ووضعوا دراسات مهمة، وشكلوا مدارس عربية خاصة في حقل الآثار على مدار عقود مضت. وفي هذا الإطار، قال الدكتور سلطان الدويش، المدير الأسبق لإدارة الآثار والمتاحف بالمجلس الوطني الكويتي للثقافة والفنون والآداب، إنه يعتقد بوجود مدارس عربية متفرقة في مجال الآثار بالوطن العربي، لكنه أكد أن المدارس الأجنبية هي الأكثر منهجية واستمرارية. وثمن الدويش، في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية، جهود بلاده ودول منطقة الخليج العربي في مجال علم الآثار، وصون وحماية المكتشفات الأثرية، وتزايد الأنشطة العلمية الخليجية في هذا المجال. من جانبه، قال الباحث المصري فرنسيس أمين، لوكالة الأنباء الألمانية، إن مصر على سبيل المثال، غنية بكثير من الوجوه العلمية الوطنية في مجال الآثار، أمثال أحمد باشا كمال، وسليم حسن، ولبيب حبشي وغيرهم، فهم المؤسسون الحقيقيون للمدرسة المصرية في مجال الآثار، وهي مدرسة ذات فهم أوضح للبيئة، وتقوم على أنه لا يمكن الفصل بين الآثار المصرية القديمة والبيئة المحيطة بها. واعتبر أن المؤسس الحقيقي للمدرسة العربية المصرية في مجال الآثار هو أحمد فخري، الذي قام بحفائر في مواقع أثرية عدة، وكان ندا قويا لعلماء الآثار ذوي الشهرة العالمية، وكان تلاميذه ينتشرون في الشرق الأدنى، من العراق لليمن وغيرهما، وهو مؤسس مدرسة عربية قومية في علم الآثار. ولفت إلى أن انتشار كليات الآثار أسهم في وجود عدد كبير من الآثاريين الذين صار يشار إليهم بالبنان. وقال الأثري المصري والمدير العام الأسبق لمنطقة آثار الأقصر ومصر العليا، محمد يحيى عويضة، إن العرب يمتلكون أسس ومقومات "علم آثار عربي"، وإن الأمر يحتاج إلى مزيد من الدقة والتخصص لتأسيس مدرسة أثرية عربية أو مصرية، تكون قادرة على الصمود في مواجهة التطور الذي تشهده المدارس الأثرية الغربية، وخاصة في مجالات علوم التحنيط، وعلم المواقع الأثرية، وعلوم التوثيق والتسجيل، واستخدام التطبيقات الحديثة في جميع علوم الآثار. وشدد على أن الأمر يحتاج إلى تنسيق الجهود العربية، خاصة وأن الخبرات والأدوات متوافرة، لكنها مبعثرة ولا يربطها رابط، وذلك بحسب قوله. "العرب يمتلكون أسس ومقومات "علم آثار عربي"، وإن الأمر يحتاج إلى مزيد من الدقة والتخصص لتأسيس مدرسة أثرية عربية أو مصرية، تكون قادرة على الصمود في مواجهة التطور الذي تشهده المدارس الأثرية الغربية، وخاصة في مجالات علوم التحنيط، وعلم المواقع الأثرية، وعلوم التوثيق والتسجيل، واستخدام التطبيقات الحديثة في جميع علوم الآثار" ورأى أيمن أبو زيد، رئيس الجمعية المصرية للتنمية السياحية والأثرية، أن العالم العربي يشهد طفرة في مجال علم الآثار، وأن مصر شهدت العديد من الاكتشافات الأثرية الضخمة التي عثر عليها بمعرفة بعثات أثرية من الآثاريين المصريين وأشار أبو زيد، في حديث للوكالة الألمانية، إلى أن بلدانا ومناطق عدة تشهد نشاطا متزايدا في مجال الاكتشافات الأثرية وصون وحماية المعالم، وهو ما يحدث بشكل لافت في الإمارات العربية المتحدة، وفي إمارة الشارقة، وداخل الكويت والمملكة العربية السعودية، وغير ذلك من البلاد العربية التي صارت أكثر وعيا بأهمية دراسة تاريخها وآثارها، وهو الأمر الذي يدلل على أن العرب لديهم مدارس وطنية في مجال علم الآثار. كان البحث عن كنوز وآثار الشعوب القديمة قد استهوى كثيرين ممن كانوا يوصفون ب "المغامرين"، ومنذ القرن التاسع عشر أخذ الاهتمام يتزايد بمعرفة الماضي، حيث يضطر الإنسان للحفر مسافات بعيدة في باطن الأرض للعثور على بقايا الماضي ودراستها. آثار الأقدمين وأصبح البحث عن الماضي، والحفر والتنقيب عن آثار الأقدمين من الأمم السابقة، ومعالم الحضارات التي ربما ضاعت معالمها بفعل الطبيعة وتقلباتها، علما يدرس في الجامعات ويقوم به متخصصون، وصار ذلك يطلق عليه "علم الآثار". وقد استفاد علماء الآثار من التقنيات الحديثة في تطوير أدواتهم، واستطاعوا توظيف التقنيات التي وفرها لهم العلم الحديث في أعمال الحفر والتنقيب والبحث عن الآثار القديمة. وعلى الرغم من تقدم العلوم في مجال البحث عن الماضي، فإن الحظ يلعب دورا كبيرا في التوصل لاكتشافات أثرية مذهلة. ويقال إن الصدفة قادت لاكتشاف خبايا ضخمة من المومياوات والتوابيت الفرعونية في الأقصر وفي الواحات المصرية. كما قادت الصدفة بعض الصيادين في اليونان إلى العثور على التمثال البرونزي الشهير لـ"بوسيدون"، واكتشف أطفال وهم يطاردون كلبهم كهف "لاسكو" الذي يرجع تاريخه إلى عصور ما قبل التاريخ في فرنسا. وبعض الاكتشافات الأثرية الكبرى قادت إليها الطبيعة، مثل قيام الرياح والمياه بإزاحة الأتربة عن مدن اختفت في عصور سابقة، ومن الممكن أن يقود إنشاء طريق جديد أو مشروعات بناء عملاقة إلى العثور على آثار عظيمة. لكن علماء الآثار لا يؤمنون بالاكتشافات التي تقود إليها الصدفة، بل لهم خطط يطبقونها تدريجيا للوصول إلى ما يبحثون عنه من آثار أو بقايا مدن. وباستطاعة الآثاريين أن يحددوا وفقا لخرائطهم موقعا محددا للحفر والتنقيب أسفله. كما صارت دراسة بعض النصوص القديمة المكتشفة طريقا للوصول إلى مواقع مدن وقرى ومعابد ومقابر شيدت قبل آلاف السنين، وصارت هذه النصوص أيضا مصدرا لمعلومات يصفها الآثاريون بالثمينة أحيانا، كونها تقدم أدلة على مواقع آثار ومعالم اندثرت بمرور الزمن. وصار علم الآثار اليوم يتضمن فروعا جديدة، منها صيانة وحماية المعابد والمقابر من الانهيار، وترميم النقوش والرسوم، وترميم الملابس والأقمشة، وترميم الوثائق مثل أوراق البردي، إلى جانب ترميم المومياوات والأجساد التي احتفظت بمكوناتها آلاف السنين بفضل علوم التحنيط التي عرفتها بعض شعوب العالم القديم مثل مصر والبيرو.

اكتشاف "بلورات بحجم النانو" في جلد القرش قادرة على تغيير اللون
اكتشاف "بلورات بحجم النانو" في جلد القرش قادرة على تغيير اللون

الجزيرة

timeمنذ 2 أيام

  • الجزيرة

اكتشاف "بلورات بحجم النانو" في جلد القرش قادرة على تغيير اللون

لطالما أثار اللون الأزرق البراق لأسماك القرش الزرقاء فضول العلماء والغواصين على حد سواء. ورغم أن هذا اللون يبدو وكأنه جزء دائم من تكوين هذه الكائنات البحرية، فإن بحثا جديدا عرض في التاسع من يوليو/تموز في المؤتمر السنوي لجمعية علم الأحياء التجريبي في أنتويرب، بلجيكا، أزاح الستار عن أسرار دقيقة في الجلد قد تغير نظرتنا بالكامل لكيفية تشكل الألوان في أعماق المحيط. واكتشف فريق من الباحثين بجامعة مدينة هونغ كونغ أن جلد القرش الأزرق يخفي بين طبقاته تراكيب نانوية معقدة تتيح له إنتاج ذلك اللون النادر، وربما تغييره أيضا حسب الظروف المحيطة. وتقول المشاركة في الدراسة فيكتوريا كامسكا، وهي باحثة ما بعد الدكتوراه في علم الأحياء التطورية في جامعة مدينة هونغ كونغ، إن ما عثروا عليه "يفتح نافذة جديدة لفهم كيف يمكن للكائنات البحرية أن تتحكم في مظهرها الخارجي بطريقة لم نكن نتصورها من قبل". سر الأسنان الجلدية توضح الباحثة في تصريحات للجزيرة نت أن السر يكمن في حراشف صغيرة شبيهة بالأسنان تعرف باسم "الأسنان الجلدية"، تغلف جسم القرش وتمنحه ملمسه الخشن المميز. وداخل تجاويف هذه الحراشف، رصد الباحثون بلورات من مادة تدعى "جوانين"، تشبه المرايا الصغيرة، تعمل على عكس الضوء الأزرق فقط. إلى جانبها، توجد حويصلات تحتوي على الميلانين، الصبغة الداكنة التي تمتص الأطوال الموجية الأخرى من الضوء، مما يعزز نقاء اللون الأزرق الظاهر. لكن الأكثر إدهاشا، بحسب الباحثة، هو أن الفريق لاحظ قابلية هذا اللون للتغير بفعل عوامل بيئية دقيقة، مثل الضغط أو الرطوبة. فالمسافة بين طبقات البلورات داخل الحراشف هي التي تحدد اللون الظاهر: كلما اقتربت الطبقات من بعضها، أصبح اللون أكثر ميلا إلى الأزرق الداكن، وإذا تباعدت قليلا، يميل اللون إلى الأخضر أو الذهبي. وتشبّه كامسكا هذه الظاهرة بالعزف على وتر حساس، إذ إن حدوث تغييرات ميكروسكوبية في البنية يمكن أن تخلق طيفا لونيا متنوعا، وهي قدرة مذهلة لكائن يعتقد تقليديا أنه لا يغير لونه. وما يدعم هذه الفرضية هو أن القروش تعيش في أعماق متفاوتة من المحيط، وكلما غاصت أعمق، زاد الضغط المحيط بجسمها، وهو ما قد يؤدي إلى تقارب البلورات داخل جلدها، ومن ثم تغير لونها بطريقة تجعلها أقل وضوحا في بيئتها، في إستراتيجية تمويه فعالة تحفظ لها سلامتها من المفترسات أو تساعدها على الاقتراب من فريستها دون أن تكتشف. ابتكارات مستوحاة من الجلد الأزرق بعيدا عن عالم المحيطات، يفتح هذا الاكتشاف الباب أمام تطبيقات واسعة في مجالات مثل تصميم الأقمشة الذكية والمواد المقاومة للتآكل، وحتى في تقنيات التمويه العسكري والبيئي. إذ إن استخدام "الألوان البنيوية" التي تعتمد على شكل المادة، وليس على الصبغات الكيميائية، قد يقلل من التلوث البيئي ويمنح المصممين أدوات أكثر استدامة. وتعلق كامسكا على ذلك قائلة: "التلوين البنيوي لا يستهلك موارد كيميائية ولا ينتج نفايات ضارة. إنه مثال رائع على كيف يمكن للطبيعة أن تلهم حلولا بيئية ذكية".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store