
إيزابيلا ونتنياهو.. وقصة أهوال خمسة قرون
واحتل الكتاب المرتبة 14 بقائمة نيويورك تايمز لأكثر الكتب مبيعا. وأشارت مراجعة للكتاب بـ"فايننشال تايمز" لاحتمال فوز المؤلف بجائزة بوليتزر ثانية.
يتناول الكتاب الجديد العلاقات التاريخية، أو افتقاد هذه العلاقات في الحقيقة بين الولايات المتحدة وأميركا اللاتينية، في حين يريد دونالد ترامب تنصيب نفسه سيدا للقارتين، واستعادة قناة بنما، وتحويل غرينلاند لمستوطنة أميركية، وكندا إلى "الولاية 51″، وتسمية خليج المكسيك بـ"خليج أميركا"، وقد تغدو المكسيك نفسها "الولاية 52" لكن بدون سكانها.
بعد 6 أشهر من ولاية ترامب الثانية تبدو اللحظة مناسبة تماما لكتاب كهذا يركز على علاقات الأميركتين خلال الخمسة قرون الماضية، وعلاقتها كذلك بأحداث غزة.
في مقال نشر مؤخرا حول الغرب وأهوال خمسة قرون من الغزو والإبادة، يروي غراندين قصة عن ليون غولوب- فنان من شيكاغو اشتهر بلوحاته الكبيرة التي تصور غرف التعذيب القرمزية بأميركا الوسطى- فقد سُئل غولوب عما يعنيه أن يكون "فنانا سياسيا يهوديا"؛ فرد سريعا أنه ليس "فنانا سياسيا يهوديا"، بل هو مجرد "فنان سياسي". بالنهاية، اقتنع غولوب بأن إجابته كانت سطحية للغاية.
نعم، كان فنانا سياسيا. لم تركز لوحاته على أميركا اللاتينية فحسب، بل وعلى فيتنام التي مزقتها الحرب، والعنصرية بالولايات المتحدة وجنوب أفريقيا.
لكنه تجنب عمدا احتلال إسرائيل للضفة الغربية وغزة. وأقر غولوب بأن مقتضى أن يكون فنانا ناجحا هو ألا يتخذ أبدا "الأهوال التي يتعرض لها الفلسطينيون" موضوعا لأعماله. حينها فقط ستترك له حرية التعبير عن آرائه السياسية حول أي شيء آخر.
إعلان
يقول غراندين، على مدار العام والنصف الماضيين، تذكرت ليون غولوب (1922-2004)، مرات عديدة، إذ تزامن تصعيد الهجوم الإسرائيلي على غزة وعنف المستوطنين بالضفة الغربية مع اندفاعي لإنهاء كتابي الجديد الذي يتتبع دورا لم يعتَرف به غالبا لأميركا اللاتينية في التصدي لمبدأ "حق الغزو"، وإقامة النظام الدولي الليبرالي بعد الحرب العالمية الثانية، بما في ذلك تأسيس محكمة العدل الدولية، التي تنظر اليوم دعوى لجنوب أفريقيا تتهم إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية بغزة.
منذ ثلاثة عقود، وغراندين يكتب منتقدا سلوك الولايات المتحدة بأميركا اللاتينية. وبخلاف باحثين كثر في شؤون الشرق الأوسط، تمكن من فعل ذلك دون أن يعاقب، لأنه، مثل غولوب، ركز على "أهوال لحقت" بغير الفلسطينيين. وكما قال الرئيس ريتشارد نيكسون بدقة عام 1971، لا أحد بالولايات المتحدة يبالي بأميركا اللاتينية.
إن اللامبالاة العامة تجاه المنطقة، واستعداد أشد المدافعين عن القوة الأميركية عالميا للاعتراف بعدم فائدة سياسات أميركا في نصف العالم الغربي (نفذت نحو 41 انقلابا أو تغييرا للنظم الحاكمة بين 1898 و1994)، جعلا التحدث بصراحة عن أميركا اللاتينية أمرا آمنا للغاية. لكن، في 2025، نجد "الأهوال ملحقة" بكل مكان، ولم يعد ممكنا عزل التعاطف عن الأحداث.
الغزو آنذاك والآن
لننظر للغزو الإسباني للأميركتين بجانب العدوان الإسرائيلي على غزة. فمن نواحٍ عديدة، لا يمكن مقارنة حدثين، يفصل بينهما 500 عام. الأول كان قاري النطاق، وصراعا لأجل "عالم جديد" كان يقطنه آنذاك، بحسب تقديرات، 100 مليون نسمة.
أما الثاني، فقد جرى على أرض تعادل مساحة لاس فيغاس، ويزيد سكانها على مليوني نسمة. وقد أودى الغزو الأول بحياة عشرات الملايين، بينما تذكر التقديرات أن إسرائيل قتلت حتى الآن أكثر من 55 ألف فلسطيني غير المفقودين وجرحت ضِعفهم.
رغم ذلك، ثمة أوجه تشابه غريبة بين الصراعين، بما فيها أنهما بدآ عقب ثورة اتصالات: المطبعة آنذاك، ووسائل التواصل الاجتماعي الآن.
كانت إسبانيا أول إمبراطورية في التاريخ الحديث تعلن بنشاط عن فظائعها الاستعمارية، حيث مطابع مدريد وإشبيلية وغيرهما تطبع صفحات تلو أخرى عن دموية الغزو: روايات عن عمليات شنق جماعية، وأطفال رضع أغرقوا أو شُووا فوق حفر النار لإطعام الكلاب، ومدن أحرقت.
وصف أحد الحكام الإسبان مشهدا لما بعد نهاية العالم يعج بالموتى الأحياء، ضحايا تشويه تعرض له سكان أصليون بأميركا، على النحو التالي: "حشدٌ من الهنود العرجان والمبتورين المشوهين بلا أطراف، أو بيد واحدة فقط، عميان، مقطوعي الأنوف والآذان".
واليوم، يتداول الإنترنت عددا لا يحصى من الصور ومقاطع الفيديو لا تقل فظاعة عن تلك. فظائع ارتكبها الجنود الإسرائيليون بحق الفلسطينيين، لأطفال مبتوري الأطراف وجثث "رضع متحللة".
بعض صور أطفال جوعهم الجيش الإسرائيلي، وفقا لمحرر بـ"نيويورك تايمز"، كانت "صادمة" لدرجة يصعب معها نشرها.
في إسبانيا القرن السادس عشر، كان الجنود العاديون يكتبون، أو يدفعون لآخرين، لكتابة قصصهم عن الفوضى والتوحش، أملا في تسجيل بطولاتهم.
واليوم، نشهد نسخا رقمية محدثة لنوع مماثل من الفخر بالاحتلال والقهر، حيث ينشر أفراد من الجيش الإسرائيلي، على منصات مثل تيك توك، مقاطع فيديو لرجال غزة "مجردين من ملابسهم، ومقيدين، ومعصوبي الأعين"، ويظهرون جرافات ودبابات وهي تهدم المنازل.
يسخر الجنود من تدمير المدارس والمستشفيات، وأثناء تفتيشهم المنازل المهجورة، يشاهَدون وهم يلعبون بملابس سكانها النازحين.
أعلن كل من المسؤولين الإسبان آنذاك والمتحدثين باسم إسرائيل الآن صراحة عن نيتهم "قهر" أعدائهم وإجبارهم على مغادرة منازلهم وتجميعهم بمناطق أكثر قابلية للسيطرة.
كان بعض الإسبان آنذاك والإسرائيليين اليوم يمارسون ويعتقدون أن أعداءهم دون البشر. اعتقد خوان غينيس دي سيبولفيدا أن الأميركيين الأصليين "حيوانات متوحشة"، كما "القردة بالنسبة للبشر".
ووصف وزير الدفاع الإسرائيلي (السابق المطلوب لمحكمة العدل الدولية) يوآف غالانت الفلسطينيين بـ"الحيوانات البشرية". واعترف العديد من الكهنة والمسؤولين الملكيين الإسبان بأن الأميركيين الأصليين بشر، لكن اعتبروهم كالأطفال، يجب فصلهم بعنف عن كهنتهم الوثنيين، تماما كما تعتقد إسرائيل بوجوب فصل الفلسطينيين بعنف عن "حماس".
وصرح وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش عن تكتيكات جيش إسرائيل المتطرفة: "نحن نفصل حماس عن السكان، ونطهر القطاع".
مجازر عادلة!
أمر هيرنان كورتيز (1485-1547)، أول حاكم إسباني قشتالي للمكسيك، رجاله بهدم معابد الأزتك، التي سماها "مساجد". كانت تلك المعابد بمثابة مراكز استشفاء، وتدميرها يوازي خراب مستشفيات غزة الآن ومراكز اللجوء الأخرى. حتى الموتى لم يكونوا بمأمن، لا في الأميركتين آنذاك، ولا اليوم في غزة. وكما فعل الغزاة الإسبان، دنس جيش إسرائيل العديد من مقابر الموتى.
أثار العنف الإسباني في الأميركتين رد فعلٍ أخلاقيا قويا. فمثلا، شكك الفقيه الدومينيكاني فرانسيسكو فيتوريا بشرعية الغزو، بينما أصر الأب بارتولومي دي لاس كاساس على المساواة المطلقة بين جميع البشر.
وأدان لاهوتيون آنذاك العبودية المفروضة على السكان الأصليين. كانت لهذه التصريحات والإدانات عواقب بالمدى الطويل. لكنها لم تحدث فرقا في وقف المعاناة، كما هو الحال في غزة الآن. استمر الجدل حول شرعية الغزو عقودا، تماما كما يستمر الجدل حول شرعية احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية.
"الغزو"، كحدث مفرد كبير، كان يمكن الطعن فيه، لكن استمرت معارك الغزو الفردية من مجازر صباحية وغارات ليلية على قرى السكان الأصليين.
اعتبر المستوطنون الإسبان أنه، بغض النظر عما يقول الكهنة على المنابر أو جادل فيه الفقهاء بقاعات الندوات، فإن لهم الحق في "الدفاع" عن أنفسهم: أي إذا هاجمهم الهنود، فيمكنهم الانتقام! تماما كحق إسرائيل "المزعوم" في الدفاع عن نفسها.
إليكم مثالا واحدا فقط من أمثلة عديدة: في يوليو/ تموز 1503، ذبح المستوطنون الإسبان أكثر من 700 من سكان قرية زاراغوا في هيسبانيولا (الجزيرة التي تضم اليوم جمهوريتي هاييتي والدومينيكان)، وهي مجازر اعتبرتها ملكة إسبانيا إيزابيلا "عادلة"؛ لأن بعض سكان القرية بدؤوا مقاومة عنيفة للحكم الإسباني.
وتستخدم إسرائيل نفس الحجج لإصرارها على أن حربها على حماس عادلة بالمثل، بما أن حماس هي من بدأتها! وكما كان الصراع على هيسبانيولا معزولا عن السياق الأوسع للغزو، فإن الصراع الذي بدأ في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 يقدَم معزولا عن سياق احتلال إسرائيل فلسطين منذ 77 عاما!
مبدأ "حق الغزو"
يعود هذا المبدأ إلى عصر الدولة الرومانية وبقي فاعلا في سياق المشروع الإمبريالي الغربي، وبلا عوائق، حتى أواخر القرن الثامن عشر، إذ رسخه قادة الولايات المتحدة بذريعة التوجه غربا نحو الساحل الغربي للقارة لاحتلال أراضي شعوبها الأصلية.
وقد لقّنت أجيال من أساتذة القانون الأميركيين طلابهم شرعية "حق الغزو"، وأن حق الأمم الأوروبية، انتقل للولايات المتحدة، بهذه الإمبراطورية الشاسعة، وتأسس على الاكتشاف والغزو، بحسب جيمس كينت أستاذ القانون بجامعة كولومبيا في تسعينيات القرن الثامن عشر.
وأكدت المحكمة العليا الأميركية أيضا أن الدولة الأميركية تأسست على الغزو، وأن مبدأه لا يزال ساريا. وحتى ثلاثينيات القرن الماضي، أصر مرجع قانوني واسع الانتشار على أن الدولة، ومعظم المشرعين، أقروا الاستعباد سبيلا لاكتساب الأراضي، ومن حق المنتصر احتلال وضم أراضي العدو.
ثم عاد ترامب إلى السلطة ليؤكد مجددا مبدأ "حق الغزو" الصريح، وعبر عنه بتصريحات عفوية حول حق استخدام القوة لاحتلال غرينلاند، وضم كندا باعتبارها "الولاية 51″، وانتزاع قناة بنما، وتحويل غزة إلى "ريفييرا"، بعد تطهيرها عرقيا بـ"الإبادة الجماعية" الإسرائيلية، بينما تُسيل حقول الغاز الملاصقة لشاطئ غزة لعاب ترامب ونتنياهو.
بحلول المرحلة الأخيرة من الإبادة الجماعية الإسرائيلية بغزة، يتجاهلها كثيرون، غير قادرين على تحمل الأخبار، بينما لا يقدم حكام الولايات المتحدة شيئا سوى مزيد من أسلحة الإبادة لإسرائيل، التي تواصل القتل العشوائي، بينما تحجب المواد الغذائية والأدوية عن المحاصرين بغزة.
حتى أبريل/ نيسان، كان حوالي مليوني فلسطيني يفتقدون مصدرا آمنا للغذاء. ويستمر تحلل جثث الرضع، بينما يكمل جيش إسرائيل، كما وصف أحد المسؤولين الإسرائيليين، "غزو قطاع غزة". وقال وزير المالية سموتريتش إن غزة ستدمر بالكامل. وأضاف بنبرة قاتمة: "سنغزو ونبقى".
كان نفور لاهوتيين وفلاسفة، بالقرن السادس عشر، من وحشية الغزو الإسباني المفرطة بداية "تشكل بطيء لفكرة الإنسانية"، كفكرة هشة، ترسخت عبر القرون وطبقت دائما بشكل مختل، وترى أن جميع البشر متساوون، ويشكلون مجتمعا واحدا يتجاوز القبلية والقومية. واليوم، تقوض وحشية استيطان وإبادة مماثلة في فلسطين هذا العمل. ويبدو أن الإنسانية تتلاشى بوتيرة متسارعة!
من كورتيز إلى نتنياهو وبوتين وترامب، تبدأ نهاية الغزو، كما يخلص غراندين.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
الأزمة الإنسانية في غزة تتفاقم وسط انقسام دولي حاد
تشهد الأزمة الإنسانية في قطاع غزة تدهورا مستمرا، بينما تتواصل التهديدات الإسرائيلية بتوسيع العمليات العسكرية لاحتلال القطاع بالكامل. وبحسب حلقة (2025/8/6) من برنامج "مسار الأحداث" فإن المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية الإسرائيلي (الكابينت) سيناقش الخميس خطة عسكرية تتضمن استدعاء 4 إلى 6 فرق عسكرية لاحتلال مدينة غزة ومخيمات وسط القطاع، مع تشجيع الفلسطينيين على الخروج من القطاع في عملية قد تستغرق 4 إلى 5 أشهر. وفي ظل هذه التطورات العسكرية، أكد برنامج الأغذية العالمي وصول الجوع وسوء التغذية في غزة إلى أسوأ المستويات منذ بدء الحرب قبل عامين، مشددا على ضرورة إدخال مساعدات غذائية واسعة النطاق دون عوائق. وعلى الصعيد الدولي، أوضح الممثل الأعلى السابق للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية، جوزيب بوريل ، وجود انقسام كبير داخل الاتحاد حول الموقف من الأزمة. ولفت بوريل إلى أن دولا أعضاء مثل إسبانيا وأ يرلندا و بلجيكا و سلوفينيا تتحدث بشكل قوي وواضح عن الوضع وتطالب المؤسسات الأوروبية باتخاذ موقف قوي، بينما دول أخرى ترفض اتخاذ أي قرار. كما اعترف الممثل الأعلى السابق للاتحاد الأوروبي بتقديم مقترحات متعددة لاستخدام الفقرة الثانية من اتفاقية الارتباط مع إسرائيل وإلغاء العلاقات السياسية، لكن هذه المقترحات رُفضت بشدة. وأكد بوريل عدم وجود عدد كاف من الدول الأعضاء لدعم هذه القرارات، مما يعكس حجم الانقسام الأوروبي. التناقض الأوروبي وفي السياق الأوروبي ذاته، تحدث رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر عن ضرورة بذل كل ما في المستطاع لتخفيف الوضع المروع في غزة، مشيرا إلى الحاجة لإمداد القطاع بكميات كبيرة من المساعدات. وأعلن ستارمر أن بلاده ستعترف بدولة فلسطينية في سبتمبر/أيلول المقبل إذا لم توافق إسرائيل على معالجة الأزمة الإنسانية. بيد أن بوريل انتقد التناقض في الموقف البريطاني، حيث تتحدث لندن عن الاعتراف ب فلسطين مع استمرار طائراتها في التحليق فوق القطاع لتزويد الجيش الإسرائيلي بالمعلومات الاستخباراتية، واعتبر هذا التناقض جزءا من الأزمة العميقة التي تعيشها الدول الأوروبية. ومن الجانب الفلسطيني، وصف الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية، مصطفى البرغوثي ، ما يجري بأنه مخطط لإبادة الوجود الفلسطيني. وأوضح أن الهدف ليس مجرد إعادة احتلال غزة، وإنما تطهير عرقي لسكان القطاع عبر إجبارهم على الانتقال إلى معسكر اعتقال في منطقة بين ممر موراغ و فيلادلفيا ثم إجبارهم على الرحيل نهائيا. وفي هذا الإطار، انتقد الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية مؤسسة غزة الإنسانية التي قتلت أكثر من 1300 شخص أثناء محاولتهم الوصول للمساعدات، وجرحت أكثر من 7 آلاف آخرين. واعتبر البرغوثي هذه الآلية شكلا من أشكال إدارة التجويع وليس تقديم المساعدات الإنسانية. وعلى النقيض من التردد الأوروبي، أكد المحلل الإستراتيجي في الحزب الجمهوري ، أدولفو فرانكو، استمرار الدعم الأميركي الكامل لإسرائيل. وأوضح فرانكو أن الرئيس دونالد ترامب سيدعم حكومة بنيامين نتنياهو ، المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية ، خلال الثلاثين يوما القادمة إذا قررت احتلال بقية القطاع، مشيرا إلى أن 17 إلى 20% من غزة ما زالت خارج السيطرة الإسرائيلية. وحمّل المحلل الإستراتيجي الأميركي حركة المقاومة الإسلامية (حماس) مسؤولية استمرار الحرب، مؤكدا أن بلاده ستدعم الإجراءات العسكرية الإسرائيلية إذا لم تتخل الحركة عن السلطة وتوافق على وقف مؤقت لإطلاق النار، بحسب رأيه. ورغم المواقف الرسمية المنقسمة، أشار البرغوثي إلى تغير كبير في الرأي العام العالمي، حيث بدأت الشعوب تتمرد على حكوماتها بسبب الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني. واعتبر الأمين العام للمبادرة الوطنية أن وسائل الإعلام الرسمية الأوروبية والأميركية لم تستطع منع وصول الحقيقة للشعوب، مما أدى إلى تغيير مواقف الرأي العام. وأكد بوريل هذا التوجه بإشارته إلى وجود معركة كبيرة بين الروايات في المجتمعات الأوروبية؛ الرواية الإسرائيلية التي تنفي حدوث مأساة إنسانية وتلقي اللوم على حماس، ورواية الأمم المتحدة والمنظمات الدولية التي تؤكد وجود مجاعة حقيقية بسبب إغلاق الحدود ومنع دخول الشاحنات. ووسط هذا الانقسام، دافع فرانكو عن مؤسسة غزة الإنسانية باعتبارها آلية لتوزيع المساعدات تحت رعاية الولايات المتحدة والأمم المتحدة، مؤكدا إمكانية حل مشكلة التجويع فورا إذا وافقت حماس على وقف إطلاق النار. واتهم المحلل الأميركي حماس بإطالة معاناة شعبها لتحقيق مكاسب دبلوماسية. إلا أن البرغوثي رفض هذه الاتهامات بشدة، مؤكدا استعداد الجانب الفلسطيني للوصول لاتفاق وقف إطلاق النار، وأن نتنياهو والمبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف هما من نسفا الاتفاق بعد أن كان على وشك التحقق. وتساءل الأمين العام للمبادرة الوطنية عن سبب عدم الحديث عن 12 ألف أسير فلسطيني مقابل الحديث المستمر عن 20 أسيرا إسرائيليا، مما يعكس عمق التفاوت في التعامل مع الأزمة من جميع الأطراف.


الجزيرة
منذ 3 ساعات
- الجزيرة
تحذيرات من سباق تسلح نووي عالمي جديد
مع بقاء اتفاقية واحدة فقط للأسلحة النووية بين الولايات المتحدة وروسيا ، يرجح الخبراء بدء سباق تسلح جديد، مما يعيد للأذهان خطر الصراع النووي بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي سابقا حيث وصل حافة الهاوية، إبان أزمة الصواريخ الكوبية في أوائل ستينيات القرن الماضي. لكن في مطلع سبعينيات القرن الماضي، بدأ القادة الأميركيون والسوفييت في اتخاذ خطوات نحو خفض التصعيد، نتج عنها إبرام عدد من المعاهدات المهمة، منها معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى عام 1987 التي ألغت فئة كاملة من الصواريخ ذات القدرة النووية لكنها انتهت عام 2019 بعد انسحاب الولايات المتحدة. وأمس الثلاثاء، أعلنت روسيا أنها ستنهي القيود التي فرضتها على نشر الصواريخ التي تغطيها الاتفاقية ما يعني أن اتفاقية واحدة بين موسكو واشنطن لاتزال قائمة وهي معاهدة "ستارت الجديدة" والتي من المقرر أن تنتهي في فبراير/شباط المقبل، ويرى الخبراء أنها على وشك الانهيار حتى قبل حلول هذا التاريخ. ويقول ألكسندر بولفراس، الخبير في مجال ضبط الأسلحة النووية في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية "إن انتهاء اتفاقيات الأسلحة النووية بين الولايات المتحدة وروسيا لا يزيد بالضرورة من احتمالية الحرب النووية، إلا أنه بالتأكيد لا يقلل من احتمالية نشوبها". ولا تزال موسكو وواشنطن موقعتين على معاهدات دولية متعددة الأطراف تهدف إلى منع انتشار الأسلحة النووية واستخدامها، إلا أن ازدياد التوتر في العلاقة بين البلدين، إلى جانب تضاؤل المعاهدات، يثير قلق الكثيرين. وأعرب ناجون من القنبلة الذرية التي ألقتها الولايات المتحدة على مدينة هيروشيما اليابانية قبل 80 عاما اليوم الأربعاء، عن إحباطهم من تزايد دعم قادة العالم للأسلحة النووية كوسيلة ردع. ووفقا لاتحاد العلماء الأميركيين تمتلك الولايات المتحدة وروسيا رؤوسا حربية أقل بكثير مما كانت عليه قبل عقود، ففي عام 1986، كان لدى الاتحاد السوفياتي أكثر من 40 ألف رأس نووي، بينما كان لدى الولايات المتحدة أكثر من 20 ألف رأس، حيث أدت سلسلة من اتفاقيات ضبط الأسلحة إلى خفض هذه المخزونات بشكل حاد. و في مارس/آذار 2025 قدر اتحاد العلماء الأميركيين أن روسيا تمتلك 5459 رأسا نوويا، بينما تمتلك الولايات المتحدة 5177 رأسا. ويمثل ذلك مجتمِعا حوالي 87% من الأسلحة النووية في العالم. معاهدات وانسحابات وقّعت واشنطن وموسكو سلسلة من المعاهدات الرئيسية بهذا الصدد، ففي مايو/أيار 1972 وبعد مرور 10 سنوات على أزمة الصواريخ الكوبية، وقعت الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي أولى محادثات الحد من الأسلحة الإستراتيجية ( سالت 1) وهي أول معاهدة تضع قيودا على عدد الصواريخ والقاذفات والغواصات التي تحمل أسلحة نووية. وفي الوقت نفسه، وقع الجانبان أيضا معاهدة الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية (إيه بي إم) التي تضع قيودا على أنظمة الدفاع الصاروخي التي تحمي من الضربة النووية. في عام 1987، وقع الزعيم السوفياتي ميخائيل غورباتشوف والرئيس الأميركي في ذلك الوقت رونالد ريغان معاهدة "الحد من الصواريخ النووية المتوسطة المدى" (آي إن إف) التي حظرت الصواريخ التي يتراوح مداها بين 500 و5500. انسحب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من هذه الاتفاقية خلال ولايته الأولى، معللا ذلك بانتهاكات روسية نفتها موسكو. وأعلن البيت الأبيض وقتئذ أن الاتفاقية وضعت الولايات المتحدة في موقف إستراتيجي غير مؤات مقارنة بالصين وإيران ، اللتين لم تكن أي منهما طرفا في الاتفاقية، واللتين قال إن كلا منهما تمتلك أكثر من ألف صاروخ متوسط المدى. من جهته، أكد الكرملين في البداية التزامه بأحكامها، لكنه أنهى هذا التعهد أمس الثلاثاء، وحتى قبل ذلك، اختبرت موسكو صاروخها الجديد متوسط المدى " أوريشنيك" فائق السرعة على أوكرانيا في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. وصرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنه سيتم نشر هذه الصواريخ في بيلاروسيا، جارة روسيا وحليفتها، في وقت لاحق من هذا العام. وفي الوقت نفسه، قلصت معاهدة "ستارت1" لخفض الأسلحة النووية، الموقعة عام 1991، الترسانات الإستراتيجية للرؤوس النووية الأميركية والروسية، بالإضافة إلى الصواريخ والقاذفات والغواصات التي تحملها. وقد انتهت صلاحيتها منذ ذلك الحين. وتم توقيع معاهدة أخرى، وهي "ستارت 2″، لكنها لم تدخل حيز النفاذ. في عام 2002، انسحب الرئيس جورج دبليو بوش من اتفاقية الحد من الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، بسبب مخاوف من أن الاتفاقية قد تحد من قدرات الولايات المتحدة على التصدي للهجمات، بما في ذلك من دول مثل إيران وكوريا الشمالية. عارضت روسيا هذه الخطوة بشدة، خوفا من أن تسمح للولايات المتحدة بتطوير قدرة من شأنها أن تضعف ردعها النووي. وكانت آخر معاهدة ثنائية متبقية، وهي معاهدة ستارت الجديدة، الموقعة في أبريل/نيسان 2010، تهدف إلى وضع قيود على الأسلحة النووية وقاذفاتها المنتشرة، وفرض عمليات تفتيش ميدانية. وتُعد هذه المعاهدة أيضا "ميتة وظيفيا"، كما قال سيدهارث كوشال، الزميل البارز في العلوم العسكرية في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن. إعلان وتنتهي هذه المعاهدة في 5 فبراير/شباط 2026، وقد علقت روسيا مشاركتها بالفعل بعد غزوها لأوكرانيا، مما أدى إلى توقف عمليات التفتيش الميدانية للمواقع النووية الروسية. ورغم ذلك أكدت موسكو أنها ستواصل الالتزام بالقيود التي تفرضها الاتفاقية على قواتها النووية. القوى البازغة ويرى ألكسندر بولفراس، الخبير في مجال ضبط الأسلحة النووية، أن روسيا والولايات المتحدة "ليستا اللاعبين الوحيدين. فقد أدت معاهدتا الأسلحة النووية متوسطة المدى وستارت الجديدة على وجه الخصوص، إلى عمليات تفتيش ميدانية جادة خفضت التوترات في أوروبا. وقد يؤدي انتهاء هاتين المعاهدتين إلى تصعيد التوترات بين الطرفين". ويرى الخبراء أن انتهاءهما قد يزيد من حدة التوترات بين خصمي الحرب الباردة، ويعكسان أيضا اهتماما أوسع بالصواريخ متوسطة المدى المسلحة تقليديا، مشيرين إلى النشر الأميركي المخطط له لهذه الصواريخ في أوروبا والمحيط الهادي، بالإضافة إلى استخدام إسرائيل وإيران للصواريخ خلال حربهما الأخيرة. ويستبعد كوشال من المعهد الملكي للدراسات الإستراتيجية في بريطانيا إبرام اتفاقيات ثنائية جديدة بشأن الأسلحة النووية بين الولايات المتحدة وروسيا في المستقبل القريب مبررا ذلك بـ"انعدام مستوى الثقة اللازم للتفاوض على اتفاقية للحد من الأسلحة والمضي قدما فيها". و يوضح أن الولايات المتحدة "تنظر بشكل متزايد إلى تهديدات أخرى. فقد انسحبت كل من إدارتي بوش وترامب من معاهدات مع روسيا، جزئيا بسبب مخاوف من أن الاتفاقيات لم تضع قيودا على تكديس الدول الأخرى للأسلحة النووية". ويرى كوشال أنه مع تزايد تنافس الصين مع الولايات المتحدة وروسيا نوويا، "فقد يؤدي ذلك إلى دوامة تنافسية يمكن لواشنطن من خلالها تطوير المزيد من الأسلحة النووية، بالإضافة إلى الأسلحة التقليدية، لمواجهة ما تعتبره تهديدا من بكين، أيّ زيادة في الأسلحة الأميركية متوسطة أو طويلة المدى قد تدفع روسيا بدورها إلى زيادة ترسانتها النووية". ولكن حتى مع انتهاء معاهدات الحرب الباردة، قد يستمر تفكير الحرب الباردة قائما ما يدفع الخبراء إلى التحذير من "احتمال الدمار المتبادل" مؤكدين أن الأمر يتطلب ضبط النفس.


الجزيرة
منذ 3 ساعات
- الجزيرة
سموتريتش لا يهمه سكان غزة ويريد خنقها وتدمير حماس لتحقيق النصر
قال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش إنه لا يهمه سكان قطاع غزة وإن كل ما يرغب فيه هو الانتصار على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وتدميرها بشكل كامل. وأضاف سموتريتش أن العالم كله يراقب إسرائيل، أوروبا تضغط علينا للتوقف، وحماس تريدنا أن نتوقف، وكذلك اليسار في إسرائيل، لكنني أفعل كل ما في وسعي لنواصل حتى تحقيق نصر كامل. رغبات وآمال سموتريتش تلك عبر عنها أثناء دفاعه عن تخصيص 3 مليارات شيكل إضافية لتمويل المساعدات الإنسانية لغزة، حيث هاجمته المعارضة لتخصيصه هذه المبالغ للقطاع. وشدد سموتريتش على أن النصر الكامل ليس ممكنا فحسب، بل ضروري، وأكد على أن إسرائيل ستحقق ذلك النصر، يذكر أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة جرائم حرب، قد أعلن أن من أهداف الحرب على قطاع غزة تحقيق النصر الكامل وإطلاق سراح الأسرى. خنق القطاع ودعا وزير المالية لخنق القطاع اقتصاديا وقطع المساعدات عنه، وقال إنه "لا يمكن حسم حماس بالدبابات فقط. علينا قطع المساعدات عنها، وعن سكانها، وعن الشاحنات، علينا خنقها اقتصاديا". مشيرا إلى أن هذه كانت مقترحاته منذ بداية الحرب وأنه لو تم الأخذ بها "لكانت الحرب انتهت منذ زمن، ولوفرنا عشرات المليارات من الشواكل" حسب زعمه. وكشف سموتريتش، الذي يعتبره العديد من المختصين بإسرائيل أنه أفشل وزير المالية في تاريخ الوزارة، أن الحرب على قطاع غزة كلفت حتى الآن 300 مليار شيكل. وعبر عن أمله أن يتخذ المجلس الوزاري الأمني المصغر (الكابينت) قرارا بشن هجوم موسع على القطاع واحتلاله، مؤكدا على أنه بدون "حسم حماس عسكريا، وبدون خنق مدني واقتصادي، لا أمل في النصر. هذه هي الطريقة لإعادة المختطفين. هذه هي الطريق إلى النصر". إيال زامير ، واصفا إياها بالفخ الإستراتيجي.