
تحذيرات من سباق تسلح نووي عالمي جديد
لكن في مطلع سبعينيات القرن الماضي، بدأ القادة الأميركيون والسوفييت في اتخاذ خطوات نحو خفض التصعيد، نتج عنها إبرام عدد من المعاهدات المهمة، منها معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى عام 1987 التي ألغت فئة كاملة من الصواريخ ذات القدرة النووية لكنها انتهت عام 2019 بعد انسحاب الولايات المتحدة.
وأمس الثلاثاء، أعلنت روسيا أنها ستنهي القيود التي فرضتها على نشر الصواريخ التي تغطيها الاتفاقية ما يعني أن اتفاقية واحدة بين موسكو واشنطن لاتزال قائمة وهي معاهدة "ستارت الجديدة" والتي من المقرر أن تنتهي في فبراير/شباط المقبل، ويرى الخبراء أنها على وشك الانهيار حتى قبل حلول هذا التاريخ.
ويقول ألكسندر بولفراس، الخبير في مجال ضبط الأسلحة النووية في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية "إن انتهاء اتفاقيات الأسلحة النووية بين الولايات المتحدة وروسيا لا يزيد بالضرورة من احتمالية الحرب النووية، إلا أنه بالتأكيد لا يقلل من احتمالية نشوبها".
ولا تزال موسكو وواشنطن موقعتين على معاهدات دولية متعددة الأطراف تهدف إلى منع انتشار الأسلحة النووية واستخدامها، إلا أن ازدياد التوتر في العلاقة بين البلدين، إلى جانب تضاؤل المعاهدات، يثير قلق الكثيرين.
وأعرب ناجون من القنبلة الذرية التي ألقتها الولايات المتحدة على مدينة هيروشيما اليابانية قبل 80 عاما اليوم الأربعاء، عن إحباطهم من تزايد دعم قادة العالم للأسلحة النووية كوسيلة ردع.
ووفقا لاتحاد العلماء الأميركيين تمتلك الولايات المتحدة وروسيا رؤوسا حربية أقل بكثير مما كانت عليه قبل عقود، ففي عام 1986، كان لدى الاتحاد السوفياتي أكثر من 40 ألف رأس نووي، بينما كان لدى الولايات المتحدة أكثر من 20 ألف رأس، حيث أدت سلسلة من اتفاقيات ضبط الأسلحة إلى خفض هذه المخزونات بشكل حاد.
و في مارس/آذار 2025 قدر اتحاد العلماء الأميركيين أن روسيا تمتلك 5459 رأسا نوويا، بينما تمتلك الولايات المتحدة 5177 رأسا. ويمثل ذلك مجتمِعا حوالي 87% من الأسلحة النووية في العالم.
معاهدات وانسحابات
وقّعت واشنطن وموسكو سلسلة من المعاهدات الرئيسية بهذا الصدد، ففي مايو/أيار 1972 وبعد مرور 10 سنوات على أزمة الصواريخ الكوبية، وقعت الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي أولى محادثات الحد من الأسلحة الإستراتيجية ( سالت 1) وهي أول معاهدة تضع قيودا على عدد الصواريخ والقاذفات والغواصات التي تحمل أسلحة نووية.
وفي الوقت نفسه، وقع الجانبان أيضا معاهدة الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية (إيه بي إم) التي تضع قيودا على أنظمة الدفاع الصاروخي التي تحمي من الضربة النووية.
في عام 1987، وقع الزعيم السوفياتي ميخائيل غورباتشوف والرئيس الأميركي في ذلك الوقت رونالد ريغان معاهدة "الحد من الصواريخ النووية المتوسطة المدى" (آي إن إف) التي حظرت الصواريخ التي يتراوح مداها بين 500 و5500.
انسحب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من هذه الاتفاقية خلال ولايته الأولى، معللا ذلك بانتهاكات روسية نفتها موسكو. وأعلن البيت الأبيض وقتئذ أن الاتفاقية وضعت الولايات المتحدة في موقف إستراتيجي غير مؤات مقارنة بالصين وإيران ، اللتين لم تكن أي منهما طرفا في الاتفاقية، واللتين قال إن كلا منهما تمتلك أكثر من ألف صاروخ متوسط المدى.
من جهته، أكد الكرملين في البداية التزامه بأحكامها، لكنه أنهى هذا التعهد أمس الثلاثاء، وحتى قبل ذلك، اختبرت موسكو صاروخها الجديد متوسط المدى " أوريشنيك" فائق السرعة على أوكرانيا في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وصرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنه سيتم نشر هذه الصواريخ في بيلاروسيا، جارة روسيا وحليفتها، في وقت لاحق من هذا العام.
وفي الوقت نفسه، قلصت معاهدة "ستارت1" لخفض الأسلحة النووية، الموقعة عام 1991، الترسانات الإستراتيجية للرؤوس النووية الأميركية والروسية، بالإضافة إلى الصواريخ والقاذفات والغواصات التي تحملها. وقد انتهت صلاحيتها منذ ذلك الحين. وتم توقيع معاهدة أخرى، وهي "ستارت 2″، لكنها لم تدخل حيز النفاذ.
في عام 2002، انسحب الرئيس جورج دبليو بوش من اتفاقية الحد من الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، بسبب مخاوف من أن الاتفاقية قد تحد من قدرات الولايات المتحدة على التصدي للهجمات، بما في ذلك من دول مثل إيران وكوريا الشمالية.
عارضت روسيا هذه الخطوة بشدة، خوفا من أن تسمح للولايات المتحدة بتطوير قدرة من شأنها أن تضعف ردعها النووي.
وكانت آخر معاهدة ثنائية متبقية، وهي معاهدة ستارت الجديدة، الموقعة في أبريل/نيسان 2010، تهدف إلى وضع قيود على الأسلحة النووية وقاذفاتها المنتشرة، وفرض عمليات تفتيش ميدانية.
وتُعد هذه المعاهدة أيضا "ميتة وظيفيا"، كما قال سيدهارث كوشال، الزميل البارز في العلوم العسكرية في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن.
إعلان
وتنتهي هذه المعاهدة في 5 فبراير/شباط 2026، وقد علقت روسيا مشاركتها بالفعل بعد غزوها لأوكرانيا، مما أدى إلى توقف عمليات التفتيش الميدانية للمواقع النووية الروسية.
ورغم ذلك أكدت موسكو أنها ستواصل الالتزام بالقيود التي تفرضها الاتفاقية على قواتها النووية.
القوى البازغة
ويرى ألكسندر بولفراس، الخبير في مجال ضبط الأسلحة النووية، أن روسيا والولايات المتحدة "ليستا اللاعبين الوحيدين. فقد أدت معاهدتا الأسلحة النووية متوسطة المدى وستارت الجديدة على وجه الخصوص، إلى عمليات تفتيش ميدانية جادة خفضت التوترات في أوروبا. وقد يؤدي انتهاء هاتين المعاهدتين إلى تصعيد التوترات بين الطرفين".
ويرى الخبراء أن انتهاءهما قد يزيد من حدة التوترات بين خصمي الحرب الباردة، ويعكسان أيضا اهتماما أوسع بالصواريخ متوسطة المدى المسلحة تقليديا، مشيرين إلى النشر الأميركي المخطط له لهذه الصواريخ في أوروبا والمحيط الهادي، بالإضافة إلى استخدام إسرائيل وإيران للصواريخ خلال حربهما الأخيرة.
ويستبعد كوشال من المعهد الملكي للدراسات الإستراتيجية في بريطانيا إبرام اتفاقيات ثنائية جديدة بشأن الأسلحة النووية بين الولايات المتحدة وروسيا في المستقبل القريب مبررا ذلك بـ"انعدام مستوى الثقة اللازم للتفاوض على اتفاقية للحد من الأسلحة والمضي قدما فيها".
و يوضح أن الولايات المتحدة "تنظر بشكل متزايد إلى تهديدات أخرى. فقد انسحبت كل من إدارتي بوش وترامب من معاهدات مع روسيا، جزئيا بسبب مخاوف من أن الاتفاقيات لم تضع قيودا على تكديس الدول الأخرى للأسلحة النووية".
ويرى كوشال أنه مع تزايد تنافس الصين مع الولايات المتحدة وروسيا نوويا، "فقد يؤدي ذلك إلى دوامة تنافسية يمكن لواشنطن من خلالها تطوير المزيد من الأسلحة النووية، بالإضافة إلى الأسلحة التقليدية، لمواجهة ما تعتبره تهديدا من بكين، أيّ زيادة في الأسلحة الأميركية متوسطة أو طويلة المدى قد تدفع روسيا بدورها إلى زيادة ترسانتها النووية".
ولكن حتى مع انتهاء معاهدات الحرب الباردة، قد يستمر تفكير الحرب الباردة قائما ما يدفع الخبراء إلى التحذير من "احتمال الدمار المتبادل" مؤكدين أن الأمر يتطلب ضبط النفس.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 4 ساعات
- الجزيرة
"الفدرالي" و"مكتب إحصاءات العمل".. مرايا الاقتصاد الأميركي المزعجة
خاص – يتواصل السجال في الولايات المتحدة الأميركية بشأن مصداقية ودقة البيانات والمؤشرات الصادرة عن العديد من المؤسسات الاقتصادية الحكومية وما يترتب عنها من قرارات جوهرية من قبيل أسعار الفائدة ومعدلات النمو. ويشتد ذلك السجال على خلفية التباين الحاد في بعض الأحيان بين ما يصدر عن تلك المؤسسات وبين التقييم السياسي الصادر عن إدارة الرئيس دونالد ترامب ، وهو ما يطرح الكثير من الأسئلة حول مدى استقلالية المؤسسات الاقتصادية والمالية الأميركية وتداعيات ذلك على اقتصاد أميركا والعالم. واحتدم الجدل قبل نحو أيام حول "مكتب إحصاءات العمل"، وذلك على خلفية قرار الرئيس ترامب في الأول من أغسطس/آب الجاري بإقالة مفوضة المكتب إريكا ماكنتارفر بعد إعلان أرقام تشير لتراجع توقعات نمو الوظائف في أميركا في يوليو/تموز. ولا يزال الجدل محتدما بشأن ذلك القرار بالنظر إلى دور ذلك المكتب، وهو وكالة فدرالية تابعة لوزارة العمل تتمثل مهمتها الأساسية في تشخيص حالة الاقتصاد الأميركي من خلال تقاريرها وبياناتها الدورية حول نمو الوظائف ومؤشرات أسعار المستهلك والتضخم والاستيراد والتصدير. وتركز النقاش حول المبررات التي ساقها ترامب لتبرير قراره، إذ اتهم إريكا ماكينتارفر بالتلاعب في أرقام الوظائف، وهو ما أيده كبار المستشارين الاقتصاديين في البيت الأبيض عندما هبّوا لاحقا للدفاع عن ذلك القرار، واستبعدوا أن يتسبب في تقويض الثقة في البيانات الاقتصادية الأميركية الرسمية. وفي اليوم نفسه (الأول من أغسطس/آب)، نشر البيت الأبيض على موقعه الإلكتروني مادة جاء فيها أن "مكتب إحصاءات العمل" يجر تاريخا طويلا من عدم الدقة وعدم الكفاءة تحت قيادة ماكنتارفر، التي عينها الرئيس السابق جو بادين، وهو ما أدى إلى "تآكل الثقة العامة" في تلك الوكالة الحكومية. انتقادات مضادة في المقابل أكدت صحيفة نيويورك تايمز في افتتاحية خاصة بالموضوع أن اتهامات ترامب بحق إريكا ماكنتارفر لا أساس لها في الواقع، وأن تقرير بيانات سوق العمل يعده فريق غير حزبي بناء على إحصاءات كل قطاع اقتصادي على حدة. وذهب الكاتب الأميركي توماس فريدمان، وهو ذو ميول نحو الحزب الديمقراطي ، بعيدا في انتقاد تلك الخطوة، وقال في مقال بنيويورك تايمز، إنها ليست الأولى من نوعها في ولاية ترامب الثانية، بل تأتي ضمن سلسلة من الإجراءات التي تقوّض استقلالية الدولة وتحوّلها إلى أداة في يد الرئيس لتلميع صورته وتحقيق أهدافه السياسية. كما انتقد مسؤولون سابقون في مكتب إحصاءات العمل خطوة ترامب، ودعوا الكونغرس إلى التحقيق في إقالة ماكنتارفر، وحذروا من تداعيات تلك الخطوة وقالوا إن من شأنها أن تزعزع الثقة في ذلك المكتب. وأثارت إقالة ماكنتارفر المزيد من المخاوف والشكوك حول دقة البيانات الاقتصادية الرسمية الأميركية، في ظل تداعيات الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة التي تم فرضها على عشرات الشركاء التجاريين، وهو ما أدى لتراجع أسواق الأسهم العالمية. وعادة ما تعتبر الإحصائيات الصادرة عن "المكتب" من بين أكثر المؤشرات تأثيرا في توجهات السياسات الاقتصادية الأميركية، وغالبا ما يتم الاستشهاد بها من قبل وسائل الإعلام وتستند إليها الشركات والأوساط الأكاديمية ودوائر صنع السياسات لاتخاذ قراراتها. الاحتياطي الفدرالي في غضون ذلك يتابع الرأي العام الأميركي والدولي باهتمام كبير تصريحات ترامب حول مجلس الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي الأميركي) وضغوطه المستمرة على رئيسه جيروم باول في اتجاه خفض أسعار الفائدة والتلويح أكثر من مرة بتعويضه بمسؤول أقرب إلى توجهاته السياسية والاقتصادية. وبدأ الاهتمام بالموضوع منذ بداية العهدة الثانية للرئيس ترامب في يناير/كانون الثاني الماضي، وذلك بالنظر إلى دور تلك المؤسسة في رسم معالم السياسة المالية للبلد، وخاصة ما يتعلق بمعدلات الفائدة على القروض. وأثناء حملته الانتخابية سعيا للعودة إلى البيت الأبيض، وعد الرئيس ترامب مرارا بخفض أسعار الفائدة على القروض على غرار ما فعل في ولايته الأولى، لكنه اصطدم بإدارة المجلس التي تتمسك باستقلاليتها وتحرص على اتخاذ قراراتها بناء على الحقائق والبيانات. ورغم انتقادات ترامب العنيفة أحيانا وتلويحه بسلاح الإقالة، يواصل جيروم باول، الذي تنتهي ولايته في مايو/أيار 2026، التمسك بسياسة الحذر، وقرر قبل نحو أسبوع تثبيت سعر الفائدة عند 5.25% إلى 5.50%، مستندا إلى استمرار مؤشرات التضخم وسوق العمل في نطاق غير مستقر ومن أجل منح الاقتصاد فرصة لمزيد من التوازن، وسط تقلبات الأسواق العالمية. وتعهد باول بأنه سيستمر في ذلك النهج، وبرر تلك المقاربة بما سماه الضبابية الناجمة عن آثار الرسوم الجمركية التي أعلنها ترامب لأول مرة في أبريل/نيسان الماضي وواصل الإعلان عنها لاحقا. تهديد لثقة المستثمرين ويبدو أن التوتر والتصعيد بين الاحتياطي الفدرالي وترامب سيتواصل في الأشهر المقبلة بعد تلميحات من البيت الأبيض بعدم إقالة جيروم باول قبل نهاية عهدته، رغم أن القانون يسمح نظريا لرئيس البلاد بعزله إذا ثبت في حقه "إخلال بالواجب أو اختلاس أو عدم الكفاءة". إعلان وأشار تقرير نشرته مجلة فوربس إلى أن قانون الاحتياطي الفدرالي ينص على أسباب محددة لإقالة رئيس الفدرالي، مثل الفساد أو الإهمال أو خيانة الأمانة، ولكنه لا يعتبر الخلاف في الرؤية النقدية مسوغا قانونيا كافيا. وحذرت المجلة من أن سعي ترامب للمس باستقلالية تلك المؤسسة المالية المحورية ستكون له كلفة باهظة على ثقة المستثمرين، ومن شأنه أن يفتح الباب أمام تقلبات حادة وعواقب وخيمة على السياسة النقدية للبلاد. وفي هذا الصدد نقل موقع بلومبيرغ عن الخبيرة الاقتصادية ماري وليامز من جامعة جورجتاون قولها إن "التدخل السياسي العلني في عمل الفدرالي يقوّض مصداقية السياسة النقدية الأميركية أمام الأسواق العالمية". وحذرت ماري وليامز من أن "العوائد القصيرة الأجل قد تأتي على حساب استقرار طويل الأمد". ومن شأن هذه التوترات أن تلقي بظلالها في الأشهر المقبلة، قبل نهاية عهدة جيروم باول، على اقتصاد البلاد برمته وعلى مدى استقلالية المؤسسات الاقتصادية والمالية في البلاد. كما أن تلك الخلافات تفاقم الشكوك حول البيانات والمؤشرات الصادرة عن تلك المؤسسات، التي يفترض أن تكون بمثابة مرآة تعكس بصدق حالة الاقتصاد الأميركي بما يسمح لكل الأطراف المعنية باتخاذ القرارات السليمة استثمارا أو تصديرا أو اقتراضا.


الجزيرة
منذ 6 ساعات
- الجزيرة
قادة أوروبيون يدعمون أوكرانيا وزيلينسكي يرفض التخلي عن أراض
قال قادة أوروبيون -أمس السبت- إن مسار السلام في أوكرانيا لا يمكن تقريره دون مشاركة كييف و"دون وقف لإطلاق النار أو تقليص للعمليات العدائية" في حين أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي رفضه التخلي عن أي أراض، ودعا إلى ضرورة إشراك كييف في أي تسوية للحرب مع روسيا. وقد أصدر قادة كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وبولندا وفنلندا ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بيانا مشتركا يؤكد "التزامهم بالمبدأ الذي ينص على أن الحدود الدولية لا يمكن تغييرها بالقوة" وأن "خط التماس الحالي يجب أن يكون نقطة انطلاق المفاوضات". وفي وقت سابق أمس، نقل موقع أكسيوس عن مسؤول أميركي قوله إن اجتماعات بالعاصمة البريطانية -شارك فيها مسؤولون أميركيون وأوكرانيون- أحرزت تقدما كبيرا نحو إنهاء الحرب في أوكرانيا. خطة روسية ونقل الموقع الأميركي عن مصادر قولها إن الاجتماع يهدف لمحاولة التوصل إلى مواقف مشتركة قبيل اجتماع متوقع الأسبوع المقبل بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا الواقعة أقصى الشمال الغربي للقارة الأميركية والقريبة من روسيا. وفي السياق، نقلت شبكة "سي إن إن" الأميركية عن مسؤولين غربيين قولهم إن مسؤولين أميركيين أَطلعوا زعماء أوروبيين ومسؤولين أوكرانيين على خطة عرضها بوتين لوقف الحرب في أوكرانيا مقابل تنازلات إقليمية كبيرة من كييف. وتتطلب الخطة -التي قدمها بوتين إلى المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف في اجتماع بموسكو الأربعاء- تتطلب من أوكرانيا التنازل عن إقليم دونباس الذي تسيطر روسيا على معظمه وكذلك عن شبه جزيرة القرم. كما تنص الخطة على تجميد خطوط المعركة الحالية، لكن التفاصيل الأخرى للاقتراح لا تزال غير واضحة. وبحسب "سي إن إن" فقد أثارت الخطة حفيظة مسؤولين أوروبيين أعربوا عن قلقهم من أن تكون هذه محاولة من بوتين لتجنب العقوبات التي هدد ترامب بفرضها. مقترح أوروبي وقالت "وول ستريت جورنال" إن مسؤولين أوروبيين قدموا اقتراحا مضادا يتضمن مطالب بأن يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار قبل اتخاذ أي خطوات أخرى، وأن يكون أي هناك تبادل للأراضي مع ضمانات أمنية حازمة. ونقلت الصحيفة الأميركية عن مفاوض أوروبي قوله "لا يمكن بدء أي عملية بالتنازل عن أراض في خضم القتال". ومن جهته، أكد مسؤول أوروبي أن ممثلين أوروبيين قدموا مقترحا مضادا في الاجتماع، لكنه أحجم عن ذكر أي تفاصيل. وتطالب موسكو بأن تتخلّى كييف رسميا عن 4 مناطق يحتلّها الجيش الروسي جزئيا هي دونيتسك ولوغانسك وزاباروجيا وخيرسون، فضلا عن شبه جزيرة القرم الأوكرانية التي أعلن الكرملين ضمّها بقرار أحادي سنة 2014. كما تشترط موسكو أن تتوقّف أوكرانيا عن تلقّي أسلحة غربية، وتتخلّى عن طموحاتها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو). وتعتبر كييف هذه الشروط غير مقبولة، وتطالب بسحب القوّات الروسية وبضمانات أمنية غربية، من بينها مواصلة تسلّم أسلحة ونشر كتيبة أوروبية على أراضيها. رفض أوكراني وأمس، أجرى زيلينسكي مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أعرب خلالها عن امتنانه لدعم لندن المتواصل لكييف. وأكد الجانبان خطورة خطة موسكو الرامية للاستيلاء على أجزاء واسعة من شرق أوكرانيا في أي اتفاق سلام. وشدد زيلينسكي على حاجة بلاده إلى سلام حقيقي ومستدام، مؤكدا مواصلة العمل من أجل دبلوماسية بناءة وحلول فعالة. ومن جهته، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنه "لا يمكن تقرير مستقبل أوكرانيا دون الأوكرانيين" وإن دول أوروبا "ستكون جزءا من الحل لأن الأمر يتعلق بأمنها". أما زيلينسكي فقد قال إن الأوكرانيين "لن يسلموا أرضهم للمحتلين" وإن أي حلول دون بلاده "ستكون ضد السلام". وأكد استعداده للعمل مع ترامب وجميع الشركاء من أجل سلام حقيقي وطويل الأمد. وأكد أيضا أن بلاده لا تلمس أي تحوّلات في الموقف الروسي، وأن "الروس غير راغبين في وقف القتال، ويستمرون في دعم الحرب". وبعد الاتصال، أعلنت بريطانيا أن وزير خارجيتها ديفيد لامي وجيه دي فانس نائب الرئيس الأميركي سينظمان اجتماعا لمستشاري الأمن القومي الأوروبيين والأميركيين "لمناقشة التقدم الذي يتعين تحقيقه لإرساء سلام عادل ودائم" في أوكرانيا. ومن جهته أكد الفرنسي أن "مستقبل أوكرانيا" لا يمكن أن يُقرر "بدون الأوكرانيين". وكتب ماكرون على منصة إكس "الأوروبيون أيضا سيكونون بالضرورة جزءا من الحل لأن أمنهم يعتمد عليه". وأودت الحرب -التي بدأتها روسيا على أوكرانيا في فبراير/شباط 2022 بحياة عشرات الآلاف على أقل تقدير في كلا الجانبين، وتسّببت بدمار كبير. لكن بعد أكثر من 3 سنوات من المعارك، ما زال التباين سيّد الموقف بين مطالب كييف وموسكو. وتُتّهم روسيا بعرقلة المفاوضات من خلال الإبقاء على سقف مطالبها العالي، في حين تتقدّم قوّاتها ميدانيا.


الجزيرة
منذ 11 ساعات
- الجزيرة
ترحيب دولي واسع باتفاق أذربيجان وأرمينيا وإيران تحذر
رحبت روسيا وتركيا ودول أخرى، اليوم السبت، بالاتفاق الذي وقّعته أرمينيا وأذربيجان أمس الجمعة في البيت الأبيض برعاية أميركية، في حين حذّرت إيران من مغبة الاقتراب من حدودها. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إن "اجتماع مسؤولي الجمهوريتين الواقعتين في جنوب القوقاز، بوساطة الجانب الأميركي، يستحق تقييما إيجابيا". وأضافت "نأمل في أن تدفع هذه الخطوة قدما بأجندة السلام". وشددت موسكو على ضرورة إقامة "حوار مباشر دون مساعدة خارجية". وحذرت من أن "مشاركة جهات فاعلة من خارج المنطقة يجب أن تُسهم في تعزيز أجندة السلام، لا أن تُسبب صعوبات إضافية". من جهته، رحب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالتقدم المحرز لتحقيق السلام بين أذربيجان وأرمينيا، وذلك في اتصال هاتفي بين الرئيس أردوغان ونظيره الأذربيجاني إلهام علييف ، بحسب بيان صادر عن دائرة الاتصال بالرئاسة التركية. وأكد أردوغان أن السلام الدائم والمنشود سيسهم في تحقيق الاستقرار بالمنطقة بأسرها. كما شدد على أن تركيا ستواصل تقديم الدعم اللازم لتحقيق هذا الهدف. وأعربت باريس ولندن والمفوضية الأوروبية عن ارتياحها للاتفاق. كما رحّبت الأمم المتحدة بـ"المرحلة المهمة في تطبيع العلاقات" ووصف حلف شمال الأطلسي (ناتو) بدوره الاتفاق بـ"الخطوة المهمة إلى الأمام". تخوف إيراني ومقابل هذا الترحيب، حذرت إيران، الجارة الجنوبية للبلدين، من أنها لن تتساهل مع ما تضمنه الاتفاق من خطط لإقامة منطقة عبور تربط أذربيجان بجيب نخجوان عبر أرمينيا، تعرف باسم "ممر زنغزور". وتخشى إيران من أن يؤدي هذا الممر الذي تطالب به باكو منذ عقود، بقطع اتصالها الجغرافي البري من خلال حدودها الشمالية مع أرمينيا، وبالتالي عبر ذلك إلى أوروبا. وأشادت وزارة الخارجية الإيرانية "بوضع البلدين اللمسات الأخيرة على نص اتفاق السلام"، من دون أن تخفي "مخاوفها بشأن التداعيات السلبية لأي تدخل أجنبي، بأي شكل كان، خصوصا بالقرب من الحدود المشتركة". رفض الممر أما علي أكبر ولايتي، المستشار البارز للمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، فكان واضحا في رفض طهران ما تضمنه الاتفاق بشأن ممر بين أذربيجان وجيب نخجوان. ونصّ الإعلان المشترك على إنشاء "منطقة عبور" تمر عبر أرمينيا وتربط أذربيجان بجيب نخجوان التابع لها غربا، على أن يشار إليه بـ"طريق ترامب للسلام والازدهار الدوليين" (TRIPP). ولطالما عارضت طهران هذا المشروع، الذي يعرف أيضا بـ" ممر زنغزور"، ويربط أذربيجان بتركيا مرورا بمحاذاة الحدود الإيرانية مع أرمينيا. وخاضت أرمينيا وأذربيجان حربين على خلفية الحدود والأقاليم ذات النسيج العرقي المتباين ضمن أراضيهما. وتحاول الجمهوريتان السوفيتيتان السابقتان منذ سنوات التوصل إلى اتفاق سلام، لكن المحادثات لم تثمر. وتعهد رئيس أذربيجان إلهام علييف ورئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان في الولايات المتحدة الجمعة، بـ"إنهاء نزاعهما الإقليمي بشكل دائم"، بحسب ما أكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب راعي اللقاء بين الزعيمين.