logo
هل من تغيير بعد التشييع؟

هل من تغيير بعد التشييع؟

الشرق الأوسط٢٧-٠٢-٢٠٢٥

مع يوم تشييع الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله وخليفته هاشم صفي الدين، نشر موقع «شفاف» مقالاً مع فيديو عن جنازة الزعيم السوفياتي جوزيف ستالين، بعنوان: «وفاة طاغية»، ومما جاء في المقال: «هنالك الأفلام السوفياتية الرسمية لجنازة الديكتاتور السوفياتي الذي نافسَ أدولف هتلر في عدد ضحاياه، وهنالك فيلم وحيد (غير رسمي) تم التقاطه من إحدى شرفات السفارة الأميركية في موسكو. إحدى اللقطات المقربة تُظهر التابوت مغطى باللون الأحمر ومزيناً بقبعة ستالين العسكرية الشهيرة، وتبدو فيه نافذة لرؤية وجهه للتأكد من وفاته. طبعاً، أقسمت القيادة السوفياتية على (الاستمرار في خط جوزيف ستالين)، لكن نيكيتا خروتشوف كشف في خطاب سرّي أثناء مؤتمر لـ(الحزب الشيوعي) عن أن ستالين كان ديكتاتوراً ومجرماً».
نصل إلى مراسم دفن نصر الله وصفي الدين، التي كانت أكثر من عملية تكريم لقادة قتلهم العدو الإسرائيلي، فالتحشيد الذي سعى إليه المنظمون والجهد وتكلفة الاحتفال فاقت كل تصور، في الوقت الذي توقفت فيه «مؤسسة القرض الحسن» عن سداد إيداعات الزبائن، وأصبح معلوماً أن «الحزب» لم يدفع معاشات المقاتلين وعائلات الشهداء منذ بداية هذا العام. وقد نشط مَن بقي من القادة الميدانيين والنواب في الاتصال الحثيث بفعاليات لبنان من جميع الأطياف والإلحاح على حضورهم، إلا إن الجهد الأكبر كان السعي لتأمين حضور شعبي ضخم وعارم. ولقد أعلن رجال دين الطائفة الشيعية في خطب صلاة الجمعة التي سبقت الدفن أن حضور المراسم تكليف شرعي لا مناص منه مهما كانت الصعاب، وأن عدم الحضور هو عدم وفاء وتقدير لنصر الله وخليفته.
وإلى جانب ذلك، أطلق «الحزب» أبواقاً في الإعلام التابع ومنصات التواصل نادت بشعارات المظلومية والإهانة للشيعة واتهام الدولة، ممثلة في رئيسها ورئيس الحكومة، بالخيانة والصهينة، وافتعل مؤيدون لـ«الحزب» أحداثاً، مثل «مظاهرات الدراجات»، كانت تطلق شعارات طائفية مستفزة في مناطق عدة. وأقفل بعض العناصر التابعين لـ«الحزب» طريق المطار الدولي؛ احتجاجاً على عدم إعطاء تصريح بالهبوط لطائرة «ميهان» الإيرانية، التي أعلنت إسرائيل أنها تنقل أموالاً إلى «الحزب» وحذرت بأن هبوطها سيؤدي إلى ضرب المطار. ثم افتعل بعض المؤيدين إشكالاً في صالة المسافرين بالمطار انتشرت صوره على منصات التواصل، وتعالت فيه صيحات مؤيدة لـ«الحزب» ومهينة لمن يعارضه. كل ذلك أحدث فوضى قبل تولي حكومة العهد الأولى مهامها التي، لأول مرة منذ عقود من الزمن، لا يملك «حزب الله» أي قدرة على تعطيل القرارات فيها.
لم يحدث في أي بلد بالعالم أن تكون الدعوات ملحة لحضور مراسم دفن القادة كما فعل «الحزب»، ففي كل الجنازات يحدث تحرك شعبي عفوي دون دعوات ولا مناشدات، ويتدافع الناس من تلقاء أنفسهم وراء نعوش القادة الكبار لوداعهم حتى يُوارَوا الثرى. هكذا كانت جنازات المهاتما غاندي وجواهر لال نهرو في الهند، وجمال عبد الناصر، وياسر عرفات، وبشير الجميل، ورفيق الحريري، ووينستون تشرشل في بريطانيا، والملكة إليزابيث الثانية قبل 3 سنوات، التي وقف خلالها الناس لساعات طويلة على أرصفة الطرق لرمي زهرة وإلقاء تحية خلال مرور الموكب... وجميعها كانت حضوراً شعبياً عفوياً دون دعوات ولا مبارزة أو تبجح بأعداد الحضور التي مهما كبرت لا تُبنى بها دولة.
إلا إن الأمر يتعدى قضية تشييع قادة لـ«حزب الله» اغتيلوا خلال المعارك، فقد ألحقت إسرائيل هزيمة عسكرية بـ«الحزب»، وفرضت «وقفاً لإطلاق نار» شروطه فعلياً استسلامٌ يشمل جميع أراضي لبنان، وبهذا تبخر وعد نصر الله الصادق الذي لخصه بعبارة: «نحمي ونبني»، وادعاءات ردع العدو بـ«الصواريخ الذكية» التي تصل إلى «ما بعد بعد حيفا». وقد لمس اللبنانيون عموماً، وبيئة «حزب الله» خصوصاً، أن وعود نصر الله لم تكن صادقة، وأن البناء تهدم ولم يستطع حمايتهم وهم في حالة ضياع بين واقع على الأرض يدل، بما لا جدال فيه، على أن «الحزب» مُني بهزيمة كبيرة، وما تحليق الطيران الحربي الإسرائيلي على علوّ منخفض فوق بيروت خلال التشييع إلا تذكير بمن له الغلبة (خصوصاً أن تلك الطائرات، «إف35» و«إف16»، من النوع ذاته الذي رمى قنابله وأطلق صواريخه وقضى على الأمينَين)، وبين ادعاءات النصر التي يرددها قادة «الحزب» الذين يقولون إن «حزب الله» لما يزل موجوداً أمام جبروت وبطش أقوى جيوش العالم، «وعليه فهو منتصر»!.
لقد سعى بعض القادة في «حزب الله»، الذين بقوا على قيد الحياة، وعلى رأسهم نعيم قاسم، إلى رفع المعنويات وتنفيس الاحتقان من خلال جنازة نصر الله وخليفته، وإظهار مدى تكاتف البيئة الشيعية من ورائه رغم تفوق إسرائيل العسكري الذي قتل وهدم وأحرق المدن والقرى. وهؤلاء القادة يعلمون جيداً أنه في اليوم التالي بعد الدفن لن يستطيعوا معالجة الأزمة المالية ولا فتح معابر الإسناد البرية، ولن يغيروا في بنود اتفاق وقف إطلاق النار التي تقيد حركة «الحزب» جنوب نهر الليطاني وشماله، وهؤلاء يعلمون أن عمليات التخريب والفوضى والتعطيل لن تجدي، وأنها ستواجَه بحزم لم يُختبر قبلاً. وفي قراءة لخطاب التأبين الذي ألقاه نعيم قاسم مؤشرات عدة بالتسليم لسلطة الدولة، و«دستور الطائف»، وحماية الوحدة الوطنية. إلا إن هناك البعض في «الحزب»، الذين يعارضون هذا التسليم ويعدّون أن المعركة مستمرة، سيحاولون إبقاء نهج الممانعة والمقاومة والتعطيل، تلبية لأوامر إيرانية، وسيكون على لبنان أن يتحمل نتائج أفعالهم قبل أن تتمكن الدولة من بسط كامل سلطتها.
إن الانقسام داخل قيادة «الحزب» سيستمر، وستستمر معه حال الضياع في البيئة بين الانهزام والانتصار؛ بين تسليم السلاح واستمرار المقاومة، إنما هذه المرة في الداخل اللبناني، وبين سلطان الدولة وفوضى الميليشيا المذهبية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

"حزب الله" يواجه دعوات نزع سلاحه بتعزيز نفوذه عبر الانتخابات
"حزب الله" يواجه دعوات نزع سلاحه بتعزيز نفوذه عبر الانتخابات

Independent عربية

timeمنذ 7 ساعات

  • Independent عربية

"حزب الله" يواجه دعوات نزع سلاحه بتعزيز نفوذه عبر الانتخابات

وسط أنقاض خلفها القصف الإسرائيلي لجنوب لبنان، تحث ملصقات دعائية الناخبين على التصويت لجماعة "حزب الله" في الانتخابات البلدية غداً السبت، وسط مساعي الجماعة إلى إظهار أنها لا تزال تتمتع بنفوذ سياسي على رغم الضربات الموجعة التي تلقتها العام الماضي في الحرب مع إسرائيل. والانتخابات البلدية بالنسبة إلى "حزب الله" أكثر أهمية من أي وقت مضى، إذ تتزامن مع تزايد الدعوات إلى نزع سلاح الجماعة واستمرار الضربات الجوية الإسرائيلية، وفي وقت لا يزال فيه كثير من قاعدتها الانتخابية من الشيعة يئنون تحت وطأة تداعيات الصراع. ومضت بالفعل ثلاث جولات انتخابية أجريت هذا الشهر بصورة جيدة بالنسبة إلى الجماعة المدعومة من إيران. وفي الجنوب لن تكون هناك منافسة في كثير من الدوائر، مما يمنح "حزب الله" وحلفاءه انتصارات مبكرة. وقال علي طباجة البالغ من العمر 21 سنة "بالدم نريد أن ننتخب"، في إشارة إلى ولائه لـ"حزب الله"، وسيدلي طباجة بصوته في مدينة النبطية بدلاً من قريته العديسة بسبب ما لحق بها من دمار، وأضاف "العديسة صارت صحراء، راحت كلها، لم يعد فيها شيء". ويعكس مشهد الأنقاض في الجنوب التداعيات المدمرة للحرب التي بدأت مع قصف جماعة "حزب الله" لإسرائيل "إسناداً" لحركة "حماس" مع اندلاع الحرب في غزة في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وتطور الأمر إلى أن بلغ ذروته بهجوم إسرائيلي واسع النطاق. وباتت الجماعة أضعف مما كانت عليه في السابق بعد مقتل قيادتها وآلاف من مقاتليها وتضاؤل ​​نفوذها على الدولة اللبنانية بصورة كبيرة وتزايد نفوذ خصومها في البلاد. وفي مؤشر إلى مدى انقلاب الموازين، أعلنت الحكومة الجديدة أنها تهدف إلى حصر السلاح بيد الدولة مما يعني ضرورة نزع سلاح "حزب الله" كما هو منصوص عليه في اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل الذي توسطت فيه الولايات المتحدة. وقال مهند الحاج علي من مركز كارنيغي للشرق الأوسط، وهو مركز أبحاث، إن نتائج الانتخابات تشير بناء على ذلك إلى أن "الحرب لم تحقق هدفها المتمثل في خفض شعبية 'حزب الله'... بل على العكس، يشعر كثير من الشيعة الآن بأن مصيرهم مرتبط بمصير الحزب"، وأضاف "هذا (الأداء الذي يظهره 'حزب الله' في الانتخابات) مهم فعلاً... فهو يُظهر أنهم لا يزالون يمثلون الغالبية العظمى من الشيعة ويؤكد حقيقة أن أية محاولة من أطراف لبنانية أخرى لنزع سلاحهم بالقوة قد تُعد خطوة ضد مجتمع (الشيعة)، مما قد يهدد السلم الأهلي". وكثيراً ما كان سلاح الجماعة مصدر انقسام في لبنان مما أشعل فتيل اقتتال قصير عام 2008، ويقول منتقدون إن "حزب الله" جر لبنان إلى صراعات على نطاق أوسع في الشرق الأوسط. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ودعا الرئيس اللبناني جوزاف عون إلى إجراء حوار مع "حزب الله" في شأن إستراتيجية للدفاع الوطني، وهو ما يعني مناقشة سلاح الجماعة، لكن المحادثات لم تبدأ بعد. وقال وزير الخارجية يوسف راجي، وهو معارض لـ"حزب الله"، إن لبنان أُبلغ بأنه لن تكون هناك مساعدات من المانحين الأجانب لإعادة الإعمار لحين حصر السلاح بيد الدولة. من ناحيته، ألقى "حزب الله" بعبء إعادة الإعمار على عاتق الحكومة، واتهمها بالتقصير في اتخاذ خطوات تجاه هذا الأمر على رغم وعود الحكومة. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إنه بينما تشارك واشنطن في دعم إعادة الإعمار المستدامة في لبنان "فإن هذا لا يمكن أن يحدث من دون تخلي 'حزب الله' عن سلاحه". وأضاف رداً على سؤال من "رويترز"، "لقد أوضحنا أيضاً أن الشفافية والإصلاح الاقتصادي هما السبيل الوحيد لزيادة الاستثمار والتعافي الاقتصادي للبلاد". شروط نزع السلاح تقول الجماعة إنه لا يوجد أي سلاح لها حالياً في الجنوب، لكنها تربط أي نقاش عما تبقى من ترسانة أسلحتها بانسحاب إسرائيل من خمسة مواقع لا تزال تسيطر عليها وبوقف الهجمات الإسرائيلية. وتقول إسرائيل إن "حزب الله" لا يزال يمتلك بنية تحتية قتالية في الجنوب تضم منصات إطلاق صواريخ، ووصفت ذلك بأنه "انتهاك صارخ للتفاهمات بين إسرائيل ولبنان". وذكر مصدر دبلوماسي فرنسي أن إعادة الإعمار لن تتحقق إذا استمرت إسرائيل في القصف وإذا لم تتحرك الحكومة اللبنانية بالسرعة الكافية لنزع السلاح، ويريد المانحون أيضاً أن يقوم لبنان بإصلاحات اقتصادية. وقال رئيس مجلس الجنوب، هاشم حيدر، إن الدولة ليس لديها الأموال اللازمة لإعادة الإعمار، لكنه أشار إلى أن هناك تقدماً في رفع الأنقاض. ووفقاً لتقديرات البنك الدولي، يحتاج لبنان إلى 11 مليار دولار لإعادة الإعمار والتعافي. وتشير كومة من الأنقاض في النبطية إلى مكان متجر خليل ترحيني (71 سنة) الذي كان بين عشرات المتاجر التي دمرها القصف الإسرائيلي في سوق النبطية. ولم يحصل ترحيني على أي تعويض، ولا يرى جدوى من التصويت، وقال "الدولة لم تقف إلى جانبنا"، في تعبير عن شعوره بالخذلان. لكن الوضع كان مختلفاً تماماً بعد حرب سابقة بين "حزب الله" وإسرائيل عام 2006 حين تدفقت المساعدات من إيران ودول الخليج العربية. وقال "حزب الله" إنه ساعد 400 ألف شخص ودفع كلف الإيجار والأثاث وترميم الأضرار، لكن المستفيدين يقولون إن الأموال المتاحة له تبدو أقل بكثير من عام 2006. واتهم "حزب الله" السلطات الحكومية بعرقلة وصول الأموال القادمة من إيران على رغم أن طهران تعاني أيضاً ضائقة مالية أكبر مما كانت عليه قبل عقدين، بسبب تشديد الولايات المتحدة العقوبات التي تفرضها عليها وعودتها من جديد لسياسة ممارسة "أقصى الضغوط". أما دول الخليج فقد توقفت مساعداتها للبنان مع انخراط "حزب الله" في صراعات إقليمية وتصنيفها له منظمة إرهابية عام 2016، وأيدت السعودية موقف الحكومة اللبنانية بأن تكون المتحكم الوحيد في السلاح. وقال النائب البرلماني عن "حزب الله"، حسن فضل الله، إن توفير تمويل لإعادة الإعمار يقع على عاتق الحكومة، واتهمها بالتقصير في اتخاذ "أية تحركات فعالة في هذا السياق". وحذر من أن هذه المسألة قد تفاقم الانقسامات في لبنان إذا لم تُعالج، وتساءل "هل يمكن أن يستقر جزء من الوطن وجزء آخر يتألم؟ هذا لا يستقيم" في إشارة إلى الشيعة في الجنوب ومناطق أخرى، بما في ذلك الضاحية الجنوبية لبيروت التي يُهيمن عليها "حزب الله"، وتضررت بشدة من قصف إسرائيل.

مشاهد جديدة لعشرات المنازل المدمرة جراء انفجارات مخازن أسلحة حوثية بصنعاء
مشاهد جديدة لعشرات المنازل المدمرة جراء انفجارات مخازن أسلحة حوثية بصنعاء

حضرموت نت

timeمنذ 10 ساعات

  • حضرموت نت

مشاهد جديدة لعشرات المنازل المدمرة جراء انفجارات مخازن أسلحة حوثية بصنعاء

أدان وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني بأشد العبارات الجريمة المروعة التي ارتكبتها مليشيا الحوثي التابعة لإيران، جراء تخزينها أسلحة داخل أحد المنازل في حي سكني مكتظ بمنطقة صرف، مديرية بني حشيش بمحافظة صنعاء. وأسفرت هذه الجريمة، وفق حصيلة أولية، عن استشهاد 40 مواطناً وإصابة المئات، بالإضافة إلى تدمير عشرات المنازل، وسط تعتيم إعلامي تفرضه المليشيا. وقال الإرياني إن هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها خلال الساعات الماضية، حيث وقعت جريمة مماثلة بعد انفجار صاروخ فشلت المليشيا في إطلاقه من محيط مطار صنعاء. وأكد أن ذلك يعكس إصرار الحوثيين على عسكرة المدن وتحويل الأحياء السكنية والمرافق المدنية إلى مخازن أسلحة ومنصات لإطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، في سلوك يشبه ما تمارسه ميليشيا حزب الله في لبنان، مما يعرض حياة المدنيين ومقدرات الدولة لخطر دائم. وأرفق الإرياني، تصريحاته على منصة إكس، بمشاهد جديدة توثق جانبا من الأضرار الناجمة عن الانفجارات داعيًا المواطنين في مناطق سيطرة المليشيا إلى رفض تحويل أحيائهم إلى مخازن أسلحة، وحث كل من يعلم بوجود مستودع أسلحة في منطقته على التحرك فوراً مع جيرانه لإزالته، تفادياً لتكرار مثل هذه المآسي التي شهدتها منطقة صرف. وأكد أن ما حدث ليس مجرد انفجار عرضي، بل جريمة حرب مكتملة الأركان ارتكبتها مليشيا الحوثي بحق المدنيين. وكانت مصادر مطلعة قد كشفت لـ'المشهد اليمني' عن وقوع ثلاثة انفجارات متتالية في منطقة صرف والمناطق المجاورة عند الساعة التاسعة صباح الخميس، بالتزامن مع تواجد مسافرين في مطار صنعاء قبيل إقلاع رحلة لطيران اليمنية إلى العاصمة الأردنية عمّان. ووثّق المسافرون الانفجارات، معتقدين في البداية أنها قصف جوي. وأوضحت المصادر أن الانفجارات وقعت في هناجر مخصصة لتخزين الأسلحة والذخائر، بما في ذلك قذائف الهاون والرشاشات والقنابل، إضافة إلى انفجار في بدروم عمارة سكنية تقطنها عدة أسر. وأشارت المصادر إلى وفاة حوالي ثلاث أسر بالكامل، وتم نقل الضحايا إلى المستشفى الجمهوري ومستشفى الشرطة، إضافة إلى إصابة أعداد كبيرة لم تُحدد بدقة. وكان المستشفى الجمهوري قد أصدر بياناً صباح الخميس بشأن ضحايا الانفجارات، قبل أن يتم حذف البيان من صفحته على فيسبوك بعد تأكد الجهات المختصة من عدم وقوع غارات جوية. وأكدت المصادر أن مليشيا الحوثي قامت بعزل المنطقة بالكامل، وشرعت في تفتيش الداخلين والخارجين منها لمنع تسرب المعلومات عن الحادث. ولم تعلق المليشيات عن الكارثة حتى هذه اللحظة.

فرصة تاريخية أمام لبنان لدفن "اتفاق القاهرة" بعد 50 عاما
فرصة تاريخية أمام لبنان لدفن "اتفاق القاهرة" بعد 50 عاما

Independent عربية

timeمنذ يوم واحد

  • Independent عربية

فرصة تاريخية أمام لبنان لدفن "اتفاق القاهرة" بعد 50 عاما

منذ عام 1969، لحظة توقيع ما سمي بـ "اتفاق القاهرة"، كُتب على لبنان أن يتحمل ما لا يتحمله أي بلد في العالم، أن يسلب حقه السيادي على أراضيه وأن تتحول مخيمات اللاجئين الفلسطينيين إلى دويلات داخل الدولة، وأن يصبح البلد الصغير الممزق ساحة حرب مفتوحة باسم "القضية". هذا الاتفاق المشؤوم الذي فرض على لبنان تحت ضغط الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات، وباركه النظام الناصري في مصر، لم يكن اتفاقاً سيادياً بين دولتين بل تفويضاً مكشوفاً للجماعات المسلحة بأن تفعل في لبنان ما لم تجرؤ على فعله في أي بلد آخر، ونعم هو اتفاق "الخيانة العظمى"، لا للوطن اللبناني وحسب، بل للقضية الفلسطينية نفسها. "وطن بديل" منذ تلك اللحظة لم يعد لبنان وطناً لشعبه بل تحول إلى منصة عسكرية وقاعدة انطلاق ومعسكر تدريب ومقر تمويل وخط تماس دائم، ولم تكن بيروت ولا صيدا ولا صور ولا طرابلس بمنأى عن التهديد اليومي الناجم عن هذا السلاح الثوري الذي بدأ تحت عنوان "الكفاح المسلح" وانتهى بانفجار حرب أهلية دامية مزقت البلاد ودمرت الدولة. وفي وقت كان لبنان يتخبط في الدم والانقسام والخراب، كانت القاهرة تبرم اتفاق سلام مع إسرائيل في "كامب ديفيد" عام 1979، وتبعها الأردن باتفاق "وادي عربة عام 1994، أما سوريا فعرفت كيف تبرد الجبهة وتحول الصراع إلى لعبة مصالح وتوازنات مع الأميركيين والإسرائيليين في آن، وحده لبنان ترك للجحيم، وحده لبنان فرض عليه أن يقاتل بالنيابة وأن يدفع ثمن الصراع العربي - الإسرائيلي بالكامل، من دون أن يُسأل إن كان يريد هذه الحرب أصلاً. لم يحرر شبراً لكنه دمر دولة وما لم يُقل بما يكفي هو أن هذا السلاح الفلسطيني في لبنان لم يحرر شبراً واحداً من فلسطين، لكنه حول الشوارع اللبنانية إلى متاريس والمخيمات إلى ساحات اقتتال بين "فتح" و"الصاعقة"، وبين "حماس" و"فتح"، وبين "فتح الإسلام" و"فتح"، وبين الجماعات السلفية والتكفيرية، وبين المرتزقة الذين استخدموا عنوان القضية ستاراً لأجندات إقليمية ودولية. من "عين الحلوة" إلى "الرشيدية"، ومن "برج البراجنة" إلى "البداوي"، لم يعد هناك مخيم لاجئين بل كيانات أمنية مستقلة تمارس فيها جماعات مسلحة سلطتها تحت أنظار الدولة العاجزة، وأحياناً بمباركة بعض من مؤسساتها، وتحول المخيم إلى قاعدة خلفية لكل طامح للاغتيال أو الاختباء أو التسليح أو التهريب أو التخريب. وخلال الأعوام الأخيرة برزت محاولة ممنهجة لإعادة صياغة واقع المخيمات على "النمط الغزاوي"، أي تحويلها إلى مربعات أمنية خاضعة لحركة "حماس"، لا لسلطة "منظمة التحرير"، وكان هذا المسعى مدعوماً من "حزب الله"، رأس الحربة في المشروع الإيراني في لبنان، الذي وجد في "حماس" و"الجهاد الإسلامي" شريكين عقائديين وسلاحاً رديفاً جاهزاً للاستخدام متى دعت الحاجة، لا لتحرير فلسطين بل لمزيد من الإطباق على ما بقي من الدولة اللبنانية. وهكذا تحول السلاح الفلسطيني من أداة مقاومة إلى أداة تمكين في يد "الحرس الثوري" الإيراني، والمفارقة أن الفلسطينيين أنفسهم كانوا أولى ضحاياه في لبنان، اغتيالات وتصفيات واشتباكات وتفجيرات وكمائن دموية، أما اللبنانيون فاستباح هذا السلاح أمنهم وأعاق مسار بناء الدولة لعقود. زيارة عباس فرصة تاريخية ومع زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى لبنان اليوم وما أعلنه الرئيس اللبناني العماد جوزاف عون من أن "لبنان لن يكون بعد اليوم ساحة لحروب الآخرين"، آن الأوان لوضع النقاط على الحروف، ويجب أن يعلن صراحة وبصوت عال وموقف رسمي ألا سلاح خارج المخيمات ولا سلاح داخل المخيمات ولا استثناء تحت أي عنوان، ويجب أن يعلن دفن "اتفاق القاهرة" دفناً نهائياً لا رجعة فيه، لا مجرد الاكتفاء بإلغائه شكلياً كما جرى خلال تسعينيات القرن الماضي، بل بإغلاق ملفه تماماً على مستوى النص والمضمون، وعلى مستوى الوقائع الأمنية والعسكرية على الأرض اللبنانية. لبنان ليس خيمة متنقلة لمن لا وطن له، ولا هو ممر إجباري لمن أراد الحرب أينما يشاء، لبنان له حدوده وكرامته وسيادته، ومن يريد أن يدافع عن فلسطين فليذهب إلى فلسطين، ومن يريد أن يقاتل فليفتح جبهة من أرضه لا من أرضنا. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) إعادة توزيع الفلسطينيين وإذا كانت زيارة عباس تفتح الباب لإقفال حقبة دامية فإن المشهد الإقليمي والدولي اليوم يمنح لبنان فرصة تاريخية موازية، فمع ما يحكى في أروقة القرار الغربي وضمن طروحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب حول إعادة ترتيب الملف الفلسطيني بالكامل، تُطرح جدياً مشاريع لإعادة توزيع اللاجئين الفلسطينيين في الشتات إلى دول ثالثة، وقد تكون هذه المبادرة، إذا نفذت بمسؤولية وشراكة، فرصة نادرة للفلسطينيين المقيمين في لبنان للخروج من واقع البؤس والإغلاق والانطلاق نحو مستقبل أفضل في دول تمنحهم حقوقاً وفرصاً، وفي الوقت نفسه تشكل خلاصاً للبنان من عبء ديموغرافي واقتصادي وأمني تحمّله لعقود بلا أية قدرة على استيعابه أو تنظيمه، فهذه لحظة واقعية يجب ألا نخجل من تسميتها كما هي، فلبنان لم يعد قادراً على حمل هذا العبء، لا بسبب عنصرية أو تنكر لحق العودة، بل لأن الدولة اللبنانية تحتضر تحت ضغط أزمات وجودية، ولسنا مؤهلين لمزيد من الحروب والضغوط والانفجارات. لا سلاح بعد اليوم لا يحق لأي تنظيم، فلسطيني أو غير فلسطيني، أن يبقى مسلحاً على الأرض اللبنانية تحت أي ذريعة، وكفى ذرائع و كفى نفاقاً وكفى تواطؤاً باسم المقاومة، فالمقاومة الحقيقية هي في أن نبني دولة لا أن ندمرها، وفي أن نحمي حدودنا لا أن نستباح من الداخل، فلبنان دفع ثمناً كبيراً، دُمر اقتصاده وقُتل أبناؤه واُغتيل قادته و شُرد شعبه وتفككت مؤسساته واحترق حاضره ومستقبله، وكل ذلك باسم قضية حملت أكثر مما تحتمل وتحولت إلى يافطة فارغة تستخدم لاستباحة لبنان، ثم تركت على قارعة الانهيار. على الدولة اللبنانية أن تحزم أمرها، وعلى كل مسؤول أن يتخذ موقفاً واضحاً، وعلى كل حزب وقائد وسلطة أن يقول بوضوح لا سلاح بعد اليوم، لا كفاح مسلح على حساب سيادة لبنان، ولا تحرير على حساب وحدة الدولة، ولا منصة لغير الجيش اللبناني. أما الشعب اللبناني فعليه أن يستعيد صوته ويرفض بقاء السلاح في يد الميليشيات، وأن يقول بوضوح "نعم للحق الفلسطيني ولا لانتحار لبنان تحت هذا العنوان، ونعم للسلام العادل لا للفوضى الدائمة".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store