logo
مقامة الهمسة

مقامة الهمسة

موقع كتابات٢٠-٠٢-٢٠٢٥

مقتضب شيخنا الجميل في عبارته التي نشرها هذا الصباح : (( اذا فرغت القلوب من الحب , صارت قبورا )) , فنقول له ان كل القصائد أضرحة جميلة لأحلامنا الخائبة , والشعراء يتبعهم الخائبون , وقد يستيقظ مارد الروح , خارج محراب الجسد , فأدعوك ببساطة لأن تخرق حظر التجوال , وتناول التقاة من العشاق سر حلمك , فلو كنا نختار من نحب , لما عذبنا الحب وأدمت قلوبنا مخالبه .
في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد و في الحكم المنسوبة لأمير المؤمنين : (( العشق مرض ليس فيه أجر ولا عوض , و جهد عارض , صادف قلبا فارغا )) , فالحب لا يمكن أن يشيخ أبدا , قد تفقد الأقفال لونها الذهبي , وقد تتلاشى نضارة الخدود , ولكن القلوب المحبة سوف تعرف انه لا صقيع الشتاء وبرده يؤثر فيها , بل دفء الصيف لا يزال فيها , ولو كنا نطَّلِعُ على نوايا من حولنا لما سلب منا الوهم اعمارنا , لما كسرتنا هزائمه , نمشي دروبا لا نعرف اين تأخذنا , نودع قريبا صار غريبا , و نلتقي غريبا تُبهرنا محاسنه , نحسن الظن في ناس تخذلنا و نسيء الظن في ناس , ليتضح ان من أسأنا الظن فيه كان يُبطن عكس ما يُظهره , فيكون ثمن نضجنا باهض الثمن .
على قارعات الروح يتشوه الوجدان , تتحطم القلوب , تموت فينا كل الاشياء الجميلة حتى نُدركَهُ , ذلك الذي أسميته حبا , وعندما نظن اننا فهمنا كل شيء , و عرفنا كل شيء , نتوقف عند انسان غريب نراه امام المرآة , ونتساءل اذا كنا نعرفه , اذ سحر الكلام وثير , وخيال الشاعر تستهويه كُحلة الحرف , وأنا اقسم اليوم سأكفر حتى بالأسماء التي تزلف بها كفرة قريش اللات والعزى , وأشهد أنهم بارعون في خيانة المشاعر, وسأمنحك حقا لكتابة على صفحات برزخ البحر , فبربك قل لي : كم مدة السجن لتهمة التآمر على القلب ؟
يقول المتنبي : ((وَكَمْ ذَنْبٍ مُولِّدُهُ دَلَالٌ ….وَكَمْ بُعْدٍ مُولِّدُهُ اقتِرَابُ )) , هل لاحظت ان لدى المتنبي قدرةٌ عجيبةٌ على وضعِ أصابعِ الكلماتِ على نبضِ الحياةِ اليومية ؟ والحديثِ بلسانِ مشاعرِ البشر, ممَّا يجعلُ شعرَه قريباً من القلوب ؟ وأنت لا تزال مقتضب العبارة , بين لحظة انشطار الحزن , ووجع الذكريات , تبقى معك الأمنيات مجرد لحن عزفته بقايا الروح , تلهو بأوقاتك ساعات الضجر كيفما تشاء , فيا شتات الروح , مَن يلمّك ؟ وانت الذي لا تجرؤ على اليقظة , كي لا تفيق من حلمك ؟ .
في سورة الحب نقرأ : (( الْحبُّ مرضٌ خطيرٌ لَا يُصابُ بهِ إلَّا مَنْ فِي قلْبِهِ قبسٌ منْ نورٍ )) , تعرّضَ النّبيُّ ( بُوذَا ) إلَى مرضِ الْحبِّ , و لمْ يُصَبْ أيُّ مسْلمّ , نقلُوا ضريحَهُ إلَى حائطِ الْبراقِ , بعيداً عنْ بياراتِ الْعنبِ , وحقولِ الشّعيرِ , حيْثُ يزْهُو سكْراناً , يبْحثُ عنْ حمامةٍ تنْقلُ ترْجمانَ الْأشْواقِ إلَى زيْتونِ يافَا نقلُوا برْجَهُ , إلَى الْعهْرانيِّينَ ضدَّ الطّهْرانيِّينَ , بِالْهملايَا , حيْثُ لِلْحبِّ ألْفُ لسانٍ وألْفُ ديانةٍ , دونَ أيّةِ كراهيةٍ , الْحبُّ يصيبُ النُّدْرةَ الْغافلةَ عنْ سورةِ الْحبِّ الْغائبةِ , أخْلفَتْ ميعادَهَا معَ حُبْرَائِيلَ , لمْ تتودّدْ إلَى مرْيمَ , حينَ أصابَ الْمخاضُ نخْلةَ الْحبِّ , وحينَ تكلّمَ النّبيُّ عيسَى تحوّلَ الى عابرَ سبيلٍ , وعليه فالْحبُّ يصيبُ : النّصارَى/ الْيهودَ/ الصّابئةَ/ الْمجوسَ/ الْهنْدوسَ/ الدّهْرانيينَ/أهْلَ الْكتابِ/ اللّامتديّنينَ / ومَنْ ليْسَ لهُ كتابُ الْيمينِ أوِالْيسارِ , إلَّا الْمسْلمونَ / لمْ ينْزلْ نصٌّ ولَا وحْيٌ , تمرّدَ علَى اللّهِ , وعصَى فأكلَ التّفّاحةَ , نزلْنَا نبْحثُ عنْهُ فِي الْأرْضِ , يُرافقُنَا إبْليسُ لأنّهُ أحبَّ حوّاءَ فضحَّى بِجناحيْهِ كَملاكٍ , وزرعهُمَا فِي جسدِهَا تحوّلَ شيْطاناً , يترصّدُ منْ آمنَ بِالْحبِّ .
(( الْحبُّ / لَا أخْلاقَ لهُ بِالْمعْنَى الضّيّقِ , الْحبُّ/ طفْلٌ جموحٌ يقْفزُ ضدَّهُمْ , بِأخْلاقِهِ الْخاصّةِ , يجْعلُك عاريا أمامَ ذاتِك والْآخرينَ , الْحبُّ / لَا ينافقُ , لكنَّ الْمُحبّينَ يُنافقونَ , هوَ تابُو يمارسُ طقوسَهُ فِي الظّلامِ بعيداً عنِ الْأنْظار , وعند انطفاء الأضواء , يثْقنُ اللّعبَ علَى الْحبْليْنِ )) .

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مقامة ألأستفهام
مقامة ألأستفهام

موقع كتابات

time٠٩-٠٥-٢٠٢٥

  • موقع كتابات

مقامة ألأستفهام

نشر أستاذ اللغة العربية : (( الاستفهام المجازي حين يفيد النفي , العمر من غير حب شيفيد ؟؟؟؟؟؟؟؟ )) , لاحظوا كثرة علامات الأستفهام , لتعرفوا مافعله العطش للحب بصاحبنا الثمانيني , نتيجة وصلته متأخرة , ولا زالت الأكواب تتزاحم على طاولة القدر , ورشفة العمر واحدة لم تتغير , عميقة المذاق صاخبة المسك , جياش لونها , ثائرة الهدوء , كحيلة النظرات , عربية الحسن , تملأ الدنا من ثرثرة عشقها الخالد , وحديث الروح تحركه ملعقة الشوق المغمورة بالوجد , وجدران الفؤاد حيث صدى الأحاديث تملأ ذاكرة الزمكان , يقول رجب الشيخ ألأديب : ((وَمَا أنتِ إلَا حِلْمِي الْمُتَطَايِر ,يلهثُ فِي مَوَاسِمِ النَّهَار كالأسئلة, فَيَدْخُل الْقَمَر نَّوافِذي المرتقبة )) . الْحبُّ مرضٌ خطيرٌ لَا يُصابُ بهِ إلَّا مَنْ فِي قلْبِهِ قبسٌ منْ نورٍ , تعرّضَ النّبيُّ ( بُوذَا ) إلَى مرضِ الْحبِّ , و لمْ يُصَبْ أيُّ مسْلمّ , نقلُوا ضريحَهُ إلَى حائطِ الْبراقِ , بعيداً عنْ بياراتِ الْعنبِ , وحقولِ الشّعيرِ , حيْثُ يزْهُو سكْراناً , يبْحثُ عنْ حمامةٍ تنْقلُ ترْجمانَ الْأشْواقِ إلَى زيْتونِ يافَا نقلُوا برْجَهُ , إلَى الْعهْرانيِّينَ ضدَّ الطّهْرانيِّينَ , بِالْهملايَا , حيْثُ لِلْحبِّ ألْفُ لسانٍ وألْفُ ديانةٍ , دونَ أيّةِ كراهيةٍ , و الْحبُّ يصيبُ النُّدْرةَ الْغافلةَ عنْ سورةِ الْحبِّ الْغائبةِ , أخْلفَتْ ميعادَهَا معَ حُبْرَائِيلَ , لمْ تتودّدْ إلَى مرْيمَ , حينَ أصابَ الْمخاضُ نخْلةَ الْحبِّ , وحينَ تكلّمَ النّبيُّ عيسَى تحوّلَ عابرَ سبيلٍ , (( الْحبُّ يصيبُ : النّصارَى/ الْيهودَ/ الصّابئةَ/ الْمجوسَ/ الْهنْدوسَ/ الدّهْرانيينَ/أهْلَ الْكتابِ/ اللّامتديّنينَ / ومَنْ ليْسَ لهُ كتابُ الْيمينِ أوِالْيسارِ , إلَّا الْمسْلمونَ / لمْ ينْزلْ نصٌّ ولَا وحْيٌ , تمرّدَ علَى اللّهِ , وعصَى فأكلَ التّفّاحةَ , نزلْنَا نبْحثُ عنْهُ فِي الْأرْضِ , يُرافقُنَا إبْليسُ لأنّهُ أحبَّ حوّاءَ فضحَّى بِجناحيْهِ كَملاكٍ , وزرعهُمَا فِي جسدِهَا تحوّلَ شيْطاناً , يترصّدُ منْ آمنَ بِالْحبِّ )) . يقول جلال الدين الرومي : (( يمكن لي أن أبتعدَ عن كل أحد إلّا ذاك الذي بقلبِه يحتويني)) , ويقول الأبيوردي : (( تَنَكَّرَ لِي دَهْرِي وَلَمْ يَدْرِ أَنَّنِي …صَبورٌ وَأَهْوالُ الزَّمانِ يَهُونُ فَباتَ يُرِينِي الضَّيْرَ كَيْفَ اعْتَدَاؤُه… وَبِتُّ أُرِيْهِ الصَّبْرَ كَيْفَ يَكُون)) , وعندما اعترفت ميلينا إلى كافكا قالت له أحبك, قال حينها كافكا :(( قالت لي أحبك فخرجت إلى الشارع , لأن سماء الغرفة لم تكن كافيةٌ لتحليقي)) , وبعد انفصال غادة السمان عن غسان كنفاني , وفي تساؤلات ما بعد الفراق التي لم نجد لها جوابا لليوم , كتبت له :(( ‏كيف أتخلص من عادة انتظارك ؟ كيف أقنع قلبي بأنك لم تعد تنتظرني ؟ و بأني آخر الأشياء بعد أن كنتُ أولها ؟)) , وتقول كريمة الحسيني : (( وأشتهي غرقا فيك يليق بعمق محيطك )) , وأيدتها أمرأة ذواقة : لا يفهم العشق إلا الكبار يا سادة فالرجل بعد الستين بحر رجولة عميق , ويجب الحذر من أمواجه إن لم تجيدوا السباحة وهو أيضاً كالقصيدة العصماء لا يفهمها إلا الذواقة. (( سبع سنابل خضر وأُخر يابسات , أنتظر بشوقعاما فيه يغاث الناس , وفيه يعصرون ملابس الذلمن على حبل الحرمان العاطفي , احصديني أيتها الريح , وانثريني فتات خبز للطير في هذا المدى الفسيح , ويا دالية العنب اعصريني في كؤوسالفارين من دُوٓارِ الحب , ويا أيها الراعي ضعني عصا في يدك تهش بها على الذئاب, وترعى قطيعا من كلمات العشق , ويا نجار اصنعني تابوتا من شجر الأكاسيا لجنازة شهيد قطفه الخريف من جذور الأرض , واتركني توقيعا على شاهد قبره أنا الموقع أسفله : رجل سقى الربيع بملح عينيه , يا ساعي البريد احملني قصيدة غزل لامرأة وحيدة لم يسأل عنها يوما أحد , أيها البستاني اقتلعني من مزهرية على واجهة محل تجاري وأعدني إلى الحقل , يا عمّال البناء شٓيّدوني قنطرة عبورلكي تعانق الضفة أختها , ويا جندي أطلقني رصاصة في قلب الحقيقة لينزف المعنى ,ويا أيها الفيلسوف اطرحني سؤالا مبهما في فمك :هل المياه كلها بِلٓون الغرق؟ )) .

مقامة الهمسة
مقامة الهمسة

موقع كتابات

time٢٠-٠٢-٢٠٢٥

  • موقع كتابات

مقامة الهمسة

مقتضب شيخنا الجميل في عبارته التي نشرها هذا الصباح : (( اذا فرغت القلوب من الحب , صارت قبورا )) , فنقول له ان كل القصائد أضرحة جميلة لأحلامنا الخائبة , والشعراء يتبعهم الخائبون , وقد يستيقظ مارد الروح , خارج محراب الجسد , فأدعوك ببساطة لأن تخرق حظر التجوال , وتناول التقاة من العشاق سر حلمك , فلو كنا نختار من نحب , لما عذبنا الحب وأدمت قلوبنا مخالبه . في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد و في الحكم المنسوبة لأمير المؤمنين : (( العشق مرض ليس فيه أجر ولا عوض , و جهد عارض , صادف قلبا فارغا )) , فالحب لا يمكن أن يشيخ أبدا , قد تفقد الأقفال لونها الذهبي , وقد تتلاشى نضارة الخدود , ولكن القلوب المحبة سوف تعرف انه لا صقيع الشتاء وبرده يؤثر فيها , بل دفء الصيف لا يزال فيها , ولو كنا نطَّلِعُ على نوايا من حولنا لما سلب منا الوهم اعمارنا , لما كسرتنا هزائمه , نمشي دروبا لا نعرف اين تأخذنا , نودع قريبا صار غريبا , و نلتقي غريبا تُبهرنا محاسنه , نحسن الظن في ناس تخذلنا و نسيء الظن في ناس , ليتضح ان من أسأنا الظن فيه كان يُبطن عكس ما يُظهره , فيكون ثمن نضجنا باهض الثمن . على قارعات الروح يتشوه الوجدان , تتحطم القلوب , تموت فينا كل الاشياء الجميلة حتى نُدركَهُ , ذلك الذي أسميته حبا , وعندما نظن اننا فهمنا كل شيء , و عرفنا كل شيء , نتوقف عند انسان غريب نراه امام المرآة , ونتساءل اذا كنا نعرفه , اذ سحر الكلام وثير , وخيال الشاعر تستهويه كُحلة الحرف , وأنا اقسم اليوم سأكفر حتى بالأسماء التي تزلف بها كفرة قريش اللات والعزى , وأشهد أنهم بارعون في خيانة المشاعر, وسأمنحك حقا لكتابة على صفحات برزخ البحر , فبربك قل لي : كم مدة السجن لتهمة التآمر على القلب ؟ يقول المتنبي : ((وَكَمْ ذَنْبٍ مُولِّدُهُ دَلَالٌ ….وَكَمْ بُعْدٍ مُولِّدُهُ اقتِرَابُ )) , هل لاحظت ان لدى المتنبي قدرةٌ عجيبةٌ على وضعِ أصابعِ الكلماتِ على نبضِ الحياةِ اليومية ؟ والحديثِ بلسانِ مشاعرِ البشر, ممَّا يجعلُ شعرَه قريباً من القلوب ؟ وأنت لا تزال مقتضب العبارة , بين لحظة انشطار الحزن , ووجع الذكريات , تبقى معك الأمنيات مجرد لحن عزفته بقايا الروح , تلهو بأوقاتك ساعات الضجر كيفما تشاء , فيا شتات الروح , مَن يلمّك ؟ وانت الذي لا تجرؤ على اليقظة , كي لا تفيق من حلمك ؟ . في سورة الحب نقرأ : (( الْحبُّ مرضٌ خطيرٌ لَا يُصابُ بهِ إلَّا مَنْ فِي قلْبِهِ قبسٌ منْ نورٍ )) , تعرّضَ النّبيُّ ( بُوذَا ) إلَى مرضِ الْحبِّ , و لمْ يُصَبْ أيُّ مسْلمّ , نقلُوا ضريحَهُ إلَى حائطِ الْبراقِ , بعيداً عنْ بياراتِ الْعنبِ , وحقولِ الشّعيرِ , حيْثُ يزْهُو سكْراناً , يبْحثُ عنْ حمامةٍ تنْقلُ ترْجمانَ الْأشْواقِ إلَى زيْتونِ يافَا نقلُوا برْجَهُ , إلَى الْعهْرانيِّينَ ضدَّ الطّهْرانيِّينَ , بِالْهملايَا , حيْثُ لِلْحبِّ ألْفُ لسانٍ وألْفُ ديانةٍ , دونَ أيّةِ كراهيةٍ , الْحبُّ يصيبُ النُّدْرةَ الْغافلةَ عنْ سورةِ الْحبِّ الْغائبةِ , أخْلفَتْ ميعادَهَا معَ حُبْرَائِيلَ , لمْ تتودّدْ إلَى مرْيمَ , حينَ أصابَ الْمخاضُ نخْلةَ الْحبِّ , وحينَ تكلّمَ النّبيُّ عيسَى تحوّلَ الى عابرَ سبيلٍ , وعليه فالْحبُّ يصيبُ : النّصارَى/ الْيهودَ/ الصّابئةَ/ الْمجوسَ/ الْهنْدوسَ/ الدّهْرانيينَ/أهْلَ الْكتابِ/ اللّامتديّنينَ / ومَنْ ليْسَ لهُ كتابُ الْيمينِ أوِالْيسارِ , إلَّا الْمسْلمونَ / لمْ ينْزلْ نصٌّ ولَا وحْيٌ , تمرّدَ علَى اللّهِ , وعصَى فأكلَ التّفّاحةَ , نزلْنَا نبْحثُ عنْهُ فِي الْأرْضِ , يُرافقُنَا إبْليسُ لأنّهُ أحبَّ حوّاءَ فضحَّى بِجناحيْهِ كَملاكٍ , وزرعهُمَا فِي جسدِهَا تحوّلَ شيْطاناً , يترصّدُ منْ آمنَ بِالْحبِّ . (( الْحبُّ / لَا أخْلاقَ لهُ بِالْمعْنَى الضّيّقِ , الْحبُّ/ طفْلٌ جموحٌ يقْفزُ ضدَّهُمْ , بِأخْلاقِهِ الْخاصّةِ , يجْعلُك عاريا أمامَ ذاتِك والْآخرينَ , الْحبُّ / لَا ينافقُ , لكنَّ الْمُحبّينَ يُنافقونَ , هوَ تابُو يمارسُ طقوسَهُ فِي الظّلامِ بعيداً عنِ الْأنْظار , وعند انطفاء الأضواء , يثْقنُ اللّعبَ علَى الْحبْليْنِ )) .

مقامة الفراك
مقامة الفراك

موقع كتابات

time٢٨-١١-٢٠٢٤

  • موقع كتابات

مقامة الفراك

صبحنا صديقنا الثمانيني هذا اليوم على صفحته الفيسبوكية بهذه العبارة : ((حالة : اريد الموت انا ومااريد فركاهم )) , من الطبيعي أن يستوقفني هكذا نص , ولابد لي من محاكاته ضمن قراءة بسيطة , فما عسى ان أقول له ؟ غير عبارة جبران الخالدة : ((بين منطوق لم يُقصَد , ومقصود لم يُنطَق , تضيع الكثير من المحبة )) . نقف عند رماد الحكاية , نقف عند حدود الحكاية , لنرقب الآتي قبل ان تهددنا موجة تسونامي الإزالة والموت , عند ذاك الحد بين شروقنا ومغيبنا تولد الحكايات , حيث تحاكي الموجودات خالقها , فحينما تموت قصة حب , تبكي السماء , وحينما يفترق حبيبان , تتجهم الأشجار , وحينما يتخاصم عاشقان , يختفي الوجه المضي للقمر , ليس عندى أدنى شك أننا حين نمشي في جنازة حكاية عشق , تمشي معنا الزهور والبلابل وأمواج البحر, وقبور العشاق ليست قبوراً , هي حدائـق تغني بالذكريات , حولها الورود , وتغريد الطيور ينشد : هنا يرقد رجل ذاق الحب حتى الموت , وهنا بقايا امرأة عشقت دون أمل . هوّن عليك عزيزي , فقبلك قال المتنبي : ((كَفى بِكَ داءً أَن تَرى المَوتَ شافِيا وَحَسبُ المَنايا أَن يَكُنَّ أَمانِيا )) , وكأنك مثله مخاطبًا النفس وتقول لها : كفاكِ أيتها النفس إذا وصلت بكِ الحال إلى تمني الموت فذلك هو غاية الشدة , وإن كان هنالك داءٌ لا شفاء منه سوى الموت فذلك غاية الشدة والبلاء , فهون عليك , ولا تنسى ان الموت وسط الأحبة نعاس . لم يعد المعنى الوحيد للموت هو الرحيل عن هذه الحياة , فهناك من يمارس الموت بطرق مختلفة , ويعيش كل تفاصيل وتضاريس الموت , وهو ما زال على قيد الحياة , ولنأخذ درسا من دون كيشوت : دون كيشوت: هل يجوزُ التّحَكّم بالقلوبِ عن بُعْدٍ يا سانشو؟ سانشو: ليسَ لديّ أدنى فِكْرة ولكن قد تكون الطائراتُ المُسيَّرة هي الحَلّ. دون كيشوت : تعني أن يُطيّرَ العاشقُ قلبهُ فوق من يحبُ مثل كاميرة بهدف مراقبة مشاعره؟ سانشو: لا يا سيدي الدون , ما قَصدتهُ أن يدخلَ العاشقُ والمعشوقُ مرحلة القَصِف. دون كيشوت : وماذا يبقى من الحبّ بعد القَصِف أيها الأَحْمَقُ ؟ سانشو: يبقى العدمُ الجميلُ يا سيدي الدون , ففي مراتبهِ تتجلّى الأرواحُ بالآثام اللَّذَّيذة العظيمة , وترتاحُ الأجسادُ من الكَساد وتَراكُم الثُلُوج. دون كيشوت : أهذه هي الرومانسية العدمية التي وصلت سقفَها يا سانشو؟ سانشو: أجل يا سيدي الدون , فغياب بعض النساءات قد يصبح بفعل التجلّد مثل حضورهن عدمٌ بعدم . جاء في الأخبار أن أمير المؤمنين (المأمون) في أحد مجالسه سأل القاضي يحيى بن أكثم ما العشق؟ فقال يحيى : سوانح تسنح للمرء , فيهيم بها قلبه , وتتواتر بها نفسه , فقال له : ثمامة: أمسك أيها القاضي رحمك الله إنما عليك أن تجيب في مسألة طلاق , أو محرم صاد صيداً , وأما هذا فمن مسائلنا نحن , وللمعلومية فثمامة هذا كان سليط اللسان ومناظراً قوياً وأديباً بارعاً , وكان يمثل لوناً مميزاً من ألوان الاعتزال , فهو كثير التردد على قصور الخلفاء , يزين مجالسهم بالكلام العذب في أدب الأدب والمناظرة في مسائل معتزلة الاعتزال وغير الاعتزال , وقد مُلئت كتب الأدب بأحاديثه الممتعة ونوادره الطريفة , وصفه الشريف المرتضى فقال (كان واحد دهره في العلم وأدب الأدب , وكان جدلاً حاذقاً) , وقد تأثر الجاحظ به كثيراً في أسلوبه ومعانيه , عندها التفت المأمون إلى ثمامة قائلاً: هات ما لديك , فقال: العشق جليس ممتع , وأليف مؤنس , وصاحب مالك , ومالك قاهر, مسالكه لطيفة , ومذاهبه متضادة , وأحكامه جائرة , مالك الأبدان وأرواحها , والقلوب وخواطرها , والعيون ونواظرها , والنفوس وآراءها , وأعطي زمام طاعتها وقياد مملكتها توارى عن الأبصار مدخله , وغميض عن القلوب مسلكه, وأردف قائلاً: لم أرَ حقاً أشبه بباطل ولا باطلاً أشبه بحق من العشق , هزله جد وجده هزل , وأوله لعب وآخره عطب. روى أهل السير أن الذين علق الحب قلوبهم فماتوا , أو جنوا , هم الذين لا يزيل صاحبه أبداً حتى يموت أو يهيم على وجهه , ويشهد بذلك قول المجنون : (( وعلقت ليلى وهي ذات موصد ولم يبد للأتراب من ثديها حجم , صغيرين نرعى البهم يا ليت أننا صغيران لم نكبر ولم تكبر البهم )) , ومن قول جميل : (( علقت الهوى منها وليداً ولم يزل إلى الآن ينمو حبها ويزيد , وأفنيت عمري في انتظار نوالها وأفنيت بذاك العمر وهو جديد )) , وقد قال بعض الأطباء في صفة الحب : امتزاج الروح بالروح , ولو امتزج الماء بالماء لامتنع تخليص بعضه من بعض فكيف والروح ألطف امتزاجاً , وأرق مسلكاً ؟ وعندما سئل أعرابي عن الهوى قال : هو أغمض مسلكاً في القلب من الروح في الجسد , وأملك من النفس بالنفس , بطن وظهر, لطف وكشف , فامتنع عن وصفه المسلك والكمون .

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store