
الراعي في ذكرى تطويب الدويهي: وحدها الثقة تبني وطنا متماسكا
احيت الأبرشية البطريركية المارونية نيابة إهدن- زغرتا اليوم الثاني من الاحتفالات بعيد مولد الطوباوي البطريرك الدويهي، والذكرى السنوية الأولى لتطويبه، واستقبلت البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، أمام كنيسة مار ماما، حيث سار بصحبة حشد المؤمنين إلى كنيسة مار جرجس في إهدن التي تحتضن ضريح الطوباوي.
وترأس الراعي القداس الذي خدمته جوقة قاديشا المعروفة عاونه المطران جوزيف نفاع - النائب البطريركي العام على نيابة إهدن – زغرتا، المطران حنا علوان- النائب البطريركيّ للشؤون القانونيّة والقضائيّة والمشرف العامّ على توزيع العدالة في الكنيسة المارونيّة، المطران الياس نصّار- النائب البطريركي في الدائرة البطريركية المارونية في بكركي، المطران يوسف سويف- رئيس أساقفة أبرشية طرابلس المارونية، المونسينيور إسطفان فرنجية، بمشاركة رئيس دير مار سركيس وباخوس في إهدن الأب زكا القزي، ورئيس دير مار أنطونيوس- الجديده الأب سابا سابا، وكهنة نيابة إهدن-زغرتا ولفيف من كهنة ورهبان المنطقة والشمامسة والإكليريكيين.
وشارك في الاحتفال رئيس "تيارة المردة" سليمان فرنجية، رئيس "حركة الاستقلال" النائب ميشال معوض ممثلًا بالعميد رينيه معوض، النائب طوني فرنجية وعقيلته، النائب ميشال الدويهي، الوزير السابق زياد المكاري، النواب السابقون جواد بولس وعقيلته، إسطفان الدويهي وعقيلته، يوسف بهاء الدويهي، وممثلون عن الأحزاب السياسية، عبدالله بو عبدالله منسق "التيار الوطني الحرّ" في زغرتا، ونعيم الدويهي عن حزب "القوات اللبنانية"، النقيب جوزيف الرعيدي نائب رئيس "مؤسسة البطريرك الدويهي، رئيس "حركة الأرض اللبنانية" طلال الدويهي، رئيس إتحاد بلديات زغرتا بسام هيكل وعقيلته، رئيس بلدية زغرتا- إهدن بيارو الدويهي وعقيلته وراهبات وممثلين عن الأخويات والجمعيات والحركات الرسولية.
وبعد الإنجيل استشهد البطريرك الراعي في عظته، بقول الربّ يسوع: "من أراد أن يتبعني، فليزهد بنفسه، ويحمل صليبه ويتبعني: (متى 16: 24)، وقال: "إنّها دعوة للحياة المسيحية الحقيقية، وقد وقعت هذه الدعوة في قلب الطوباويّ اسطفان الدويهي، الذي نحيي ذكرى مولده هذا المساء. فالزهد، كما أوضح سيادته، لا يعني مجرّد التقشّف، بل هو تحرّر من عبودية الأنا، وارتفاع في الحبّ نحو الله. والدويهي كان مثالًا لهذا الزهد، إذ حمل صليبه بمحبة وتبع سيده بثبات طوال حياته. يسرّني أن أحيّيكم جميعًا، أنتم الذين جئتم من أماكن مختلفة للمشاركة في هذه الليتورجيا الإلهية، في ذكرى مولد ابن إهدن البار، الطوباوي البطريرك اسطفان الدويهي. هذه المدينة التي أنجبت بطاركة وأساقفة وكهنة ومؤمنين، وشهدت على رجال دولة وثقافة وشأن عام".
وأضاف في وصف سيرة الطوباوي: "كان البطريرك الدويهي لاهوتيًا عميقًا، مؤرخًا دقيقًا، كاتبًا غزير الإنتاج، ورجلًا وازن بين الإيمان والعقل، والتقليد والتجدّد. هو مربّي أجيال، ومدافع صلب عن الهوية المارونية. عاش قديسًا، وتقلّد المسؤولية بتقوى وثقافة وشجاعة. وقد أعلنته الكنيسة طوباويًا، ونصلّي اليوم ليُعلَن قديسًا في القريب".
ثم استعرض نشأته وتأثيره التاريخي قائلاً: "وُلد الطوباوي في زمن الانقسامات، وتربّى على التقوى والصمود. درس في روما، لكنه بقي أمينًا لتراث كنيسته. عاد إلى لبنان ليخدمه في أحلك الظروف، حارسًا لتاريخه ولاهوته وليتورجيته. فالكنيسة حين تذكر قديسيها، لا تفعل ذلك فقط لتكرّمهم، بل لتستدعي حضورهم وشفاعتهم اليوم".
وتناول في جانب من عظته الدور الوطني للبطريرك فقال: "لا يمكننا أن نذكر الدويهي، دون أن نستلهم رسالته الوطنية. لقد كان رجل دولة، يكتب إلى قناصل العالم، ويرعى شعبه في زمن الفقر والاحتلال. رأى في البطريركية المارونية رسالة وطنية، صوتًا للكرامة، وجسرًا للوحدة. ومن هذا الوادي الذي أنجبه، نرفع الصلاة ليقيم الربّ رجالاً يشبهونه في الخدمة والتجرد والمسؤولية."
وسأل: "ألا يحتاج لبنان اليوم إلى قادة يزهدون بأنانياتهم ويتبعون صوت الله؟ إلى رجال دولة لا رجال صفقات، إلى قادة يحكمون بالضمير لا بالمصلحة؟ لبنان يحتاج إلى عودة روحية ووطنية، إلى بناء دولة تُصان فيها الكرامة ويعلو فيها الدستور، ويكون فيها المسؤول راعيًا لا متسلّطًا."
وأكّد الراعي في نهاية عظته على هوية ورسالة الدويهي، وقال:"لقد حدّد لنا الطوباوي هويتنا ورسالتنا. الهوية هي الوحدة في التنوّع، والرسالة هي بناء الدولة المدنية العادلة. لا ثقة بلا عدالة، ولا مواطنة بلا مصالحة وتنقية للذاكرة. وحدها الثقة تبني وطنًا متماسكًا، وتحرّر المواطن من ارتهانه للطائفة."
وختم: "فلنصلِّ معًا ليشرق فجر جديد على وطننا، وعلى كنيستنا، وعلى عائلاتنا. نصلّي من أجل شرقنا الجريح، من فلسطين وسوريا إلى العراق ولبنان. ومن أجل السلام في الأرض التي أحبّها الدويهي وكرّس حياته لأجلها. ونرفع نشيد المجد والتسبيح للآب والابن والروح القدس، إلى الأبد، آمين."
وبعد انتهاء القداس، توجّه الجميع إلى ساحة تمثال الطوباوي حيث شارك أهالي الحيّ في تحضير الهريسة التقليدية، والتي باركها الراعي قبل توزيعها على الحضور، في لفتة تجسّد المحبة وكرم الإهدنيين لتعبّر عن الفرح الحقيقي الذي يولد من المشاركة والبذل.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صدى البلد
منذ 3 ساعات
- صدى البلد
في رحاب الجامع الأزهر.. الأمانة والمسئولية محور ندوة الأسبوع الدعوي التاسع
نظّمت اللجنة العليا للدعوة بمجمع البحوث الإسلامية، بالتعاون مع الجامع الأزهر، الندوة الرابعة ضمن فعاليات الأسبوع الدعوي التاسع، تحت عنوان: 'الأمانة والمسؤولية ودَورهما في صيانة الحقوق وأداء الواجبات'. وحضر اللقاء الدكتور محمود الهواري، الأمين العام المساعد للدعوة والإعلام الديني بمجمع البحوث الإسلامية، والدكتور أيمن الحجار، الباحث بالأمانة العامة لهيئة كبار العلماء، وأدار الندوة الدكتور يوسف منسي، عضو أمانة اللجنة العليا لشؤون الدعوة. تأتي الفعالية في ضوء توجيهات الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وباعتماد فضيلة الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، وإشراف الدكتور عبد المنعم فؤاد، المشرف العام على الأنشطة العلمية للرواق الأزهري، والدكتور هاني عودة، مدير عام الجامع الأزهر. الدكتور محمود الهواري: الأخلاق لا تقل منزلة عن العبادات وخلال كلمته، أكد الدكتور محمود الهواري، أن الأخلاق لا تقل منزلة عن العبادات، موضحًا أن المسلم كما يُطالَب بالصلاة والزكاة والصيام والحج، يُطالَب كذلك بطهارة القلب وحُسن الخلق والسلوك، مضيفًا أن الأمانة خلقٌ جوهري في الإسلام، وأن الناس اختزلوها في مجرد "الوديعة" في حين أن معانيها أوسع وأشمل. وبيَّن أن النبي ﷺ كان نموذجًا للأمانة في كل حالاته: في السلم والحرب، في الغضب والرضا، فاستحق لقب "الصادق الأمين" حتى قبل بعثته، موضحًا أن من صور الأمانة: أمانة العرض والكلمة، حيث قال ﷺ: "لا إيمان لمن لا أمانة له"، مؤكدًا أن التخلق بالأمانة ضرورة في كل موقع ومجال. من جانبه، أوضح الدكتور أيمن الحجار، أن الأمانة أمرٌ رباني محبوب إلى الله، مستشهدًا بقوله تعالى: "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا"، وفي المقابل نهى الله تعالى عن الخيانة حيث قال:"إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كفور"، مبينًا أن التفريط في الأمانة ظلمٌ للنفس وللناس، مشددًا على أن اللسان أمانة، فكل كلمة تخرج من الفم تُعبر عن القلب، داعيًا إلى التفكير في رضا الله قبل النطق بأي كلمة. وأشار إلى أن الأبناء والأسرة والعلم أمانات، ينبغي رعايتها وأداء حقوقها، كما أن الأوطان أمانة يجب الحفاظ عليها والتصدي لمن يسعى لإضعافها بأفكار مغلوطة أو مدمرة. وفي كلمته التي أدار بها الندوة، أكد الدكتور يوسف منسي أن الأمانة مسؤولية عظيمة، وقد عرضها الله على السموات والأرض والجبال، فأبين أن يحملنها، وقبلها الإنسان رغم ثقلها، كما في قوله تعالى: "إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا"، لافتًا إلى أن القيم التي يتغنّى بها الغرب قد تُكتب وتُمحى، بينما الأمانة التي أمرنا الله بها هي جزء من الدين والعقيدة، مشيرًا إلى قوله تعالى: "وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ" [المؤمنون: 8]، موصيًا بترجمة الأمانة إلى واقع عملي، وسلوك يومي يعكس التمسك بهذا الخلق في القول والفعل. وتُختتم فعاليات الأسبوع الدعوي التاسع، الذي يُقام تحت شعار: "القيم الإسلامية حصن الأوطان ونبض الاستقرار"، يوم الخميس المقبل، وتشهد أنشطة متنوعة ولقاءات فكرية وندوات علمية يُحاضر فيها نخبة من كبار علماء الأزهر الشريف، بهدف ترسيخ القيم، وبناء وعي ديني وأخلاقي، يعزز استقرار المجتمع ويُحصّن الشباب من الانحرافات الفكرية.


صدى البلد
منذ 3 ساعات
- صدى البلد
أمين الفتوى يحذر من تحول الأخلاق لسوق نخاسة على السوشيال
قال الدكتور عمرو الورداني، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن من يبرر للظالم، ويزيف الحقيقة الواضحة، أو يحاول تلميع وجه المعتدي، إنما يشارك في الجريمة نفسها، ويخون القيم التي جاء بها الإسلام ورفعها رسول الله صلى الله عليه وسلم. اللهم أرنا الحق حقاً وأضاف «الورداني»، في تصريح له، أن دعاء النبي ﷺ: "اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه"، يُلزم الإنسان بأن يكون صادقًا في بصيرته، وألا يبيع الحقيقة بأي ثمن، مستشهدًا بقول الله تعالى: "بل الإنسان على نفسه بصيرة". الأخطر من سوق النخاسة وشدد على أن الأخطر من سوق النخاسة الذي باع فيه الناس أجسادهم، هو "سوق نخاسة القيم"، حين يتحول الإنسان إلى أداة لتزييف الأخلاق، وتبرير الباطل، وتبرئة المجرم، وتجريم الشريف، مضيفًا: "من يتحدث باسم الدين لتبرير العدوان، هو تاجر في الدين، يبيع الأخلاق كما تُباع البضائع في الأسواق". قول كلمة الحق وأشار الورداني إلى أن من يعجز عن قول كلمة الحق في وجه الظالم، وينسى حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ربه: 'إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرماً، فلا تظالموا'، قد فقد إنسانيته، مضيفًا: "من يحصن وجه الكيان المعتدي ويخدم روايته، هو شريك في استمرار هذه الجريمة". جعلوا من الدين سلعة وتابع: "لقد كشف الله سبحانه وتعالى حقيقة الكثيرين، وفضح من جعلوا من الدين سلعة، ومن الكرامة صفقة، ومن العدالة ورقة تفاوض، هؤلاء لم يعودوا يمثلون إلا أنفسهم، ولن يعجز الله عن أن يُظهر الحق مهما حاول البعض دفنه أو الالتفاف عليه"


صدى البلد
منذ 3 ساعات
- صدى البلد
الأزهري يهنئ نظيره الأردني بتجديد الثقة الملكية بتوليه حقيبة الأوقاف
هنأ الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، الدكتور محمد أحمد مسلم الخلايلة، وزير الأوقاف والشئون والمقدسات الإسلامية بالمملكة الأردنية الهاشمية، على تجديد ثقة الملك عبد الله الثاني بن الحسين، ملك المملكة الأردنية الهاشمية، به وزيرًا للأوقاف لفترة جديدة، سائلًا الله (عز وجل) له دوام التوفيق والسداد، ومزيدًا من النجاح في أداء رسالته الدعوية والوطنية. ويُعد الأستاذ الدكتور محمد الخلايلة من الرموز العلمية والدعوية البارزة، حيث حصل على وسام الملك عبد الله الثاني للتميز من الدرجة الثانية، تقديرًا لجهوده في الإفتاء، وإبراز صورة الإسلام المشرقة، وترسيخ قيمه الإنسانية النبيلة، ومفاهيم الوسطية والاعتدال. كما منحه الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى، تقديرًا لعطائه المتميز في خدمة الفكر الوسطي والتعاون العلمي والدعوي بين البلدين.