
"الراب" ينهض في الأنبار.. من غرفة إلى مركز إنتاج فني
أحمد سلام، مغني راب من مدينة هيت في محافظة الأنبار، ومؤسس فريق 'HHU' الفني، بدأ مسيرته مع الموسيقى منذ الطفولة وحتى تأسيس أول مركز إنتاج فني صوتي ومرئي في المحافظة.
ورغم التحديات المجتمعية والمالية والثقافية، فإن سلام أكمل رحلته مع الموسيقى في وقت لم يكن فيه أي دعم، ولا اعتراف رسمي بالفن، ولا حتى وجود لمساحات فنية داخل الأنبار، بحسب قوله.
وبدأ سلام وعيه الموسيقي عبر الاستماع للموسيقى وخصوصًا الغربية، وقبل عام 2012، يقول: "كانت الظروف أصعب من الوقت الحالي، لم يكن الوضع في الأنبار مشابهًا لما هو عليه الآن، وخاصة فيما يخص الفن".
ففي ذلك العام، أسس سلام فريق HHU الفني، وأطلق قناة على اليوتيوب وصفحات على الفيسبوك وإنستغرام وتويتر، وكانت تلك هي البداية الفعلية.
"الفريق لم يكن متماسكًا في البداية بسبب قسوة الانتقادات والتنمر والسخرية التي واجهها أعضاؤه، بعض الأعضاء – من الشباب والبنات – لم يستطيعوا تحمل الضغط، وقرروا الاعتزال مبكرا، فيما فضّل آخرون الاستمرار والعمل بصمت، وتركوا الأعمال تتحدث عنهم"، يكمل سلام حديثه لوكالة شفق نيوز.
واجه سلام وفريقه صورًا نمطية كثيرة، كانت أولها، التي ترتبط بثنائية "الحلال والحرام"، ثم النظرة المجتمعية التي تعتبر أن هذا فن غربي دخيل ولا يمثل ثقافتنا، بحسب قوله، مبينا "بعض الأهالي يرفضون تمامًا دخول أبنائهم أو بناتهم هذا المجال، ويمنع المجتمع أيضًا أي فرصة للتفكير بهذا الاتجاه، فالنظرة النمطية تمثلت كذلك في تشبيه الفنانين بـ(الدمبكجية)، وهي تسمية انتقاصية، واتهامهم بأنهم يقلدون الغرب في اللباس والوشوم والإكسسوارات".
عمل أحمد وفريقه على إضفاء صبغة عراقية أنبارية على فن الراب، فارتدى الفريق اللباس المحلي، وتجنّب الإكسسوارات الغريبة، واستُخدمت كلمات ومصطلحات قريبة من المجتمع، حتى في التوزيع الموسيقي الذي أُدخلت فيه الآلات الشرقية، كما تم العمل على إدخال مواضيع تلامس المجتمع وقيمه، كما يقول سلام.
يرى سلام، أن "الراب هو نص شعري غير مقيد بالبحور الشعرية، ولا يتطلب مقامات موسيقية كما في الغناء، لذا فهو من أسهل أنواع الكتابة الشعرية، لكنه في الوقت ذاته يتطلب مهارة استماع للإيقاع. هو فن أدائي حر، يستطيع أي شخص أن يؤديه دون الحاجة لصوت قوي، وهو يعكس رؤية الشارع بلغة الشارع".
ويتناول الفريق أغلب القضايا المجتمعية، سواء كانت هادفة أو ترفيهية، باستخدام أدوات فنية وموسيقية، ومن خلال الإنتاج المرئي والصوتي. تناولوا في أعمالهم قضايا مثل التلوث البيئي، التغير المناخي، الحريات، حقوق المرأة، المساواة، السلام، والتماسك المجتمعي.
ويضم الفريق اليوم، الذي تأسس بخمسة أعضاء فقط، 60 عضوا من مختلف مدن الأنبار، ويهدف الفريق إلى تغيير الصورة النمطية عن الأنبار، وتسليط الضوء على المواهب المحلية، وتقديم فن محترم يليق بالمحافظة.
ويؤكد سلام أن "الفريق والاستوديو مجهود فردي مستقل، يتم تمويله ذاتيًا من خلال الأعضاء أو بعض المبادرات المؤسسية المحدودة، عند افتتاحه في هيت، وُجهت دعوات إلى شخصيات رسمية محلية، لكن القليل منهم لبّى الدعوة"، متمنيا أن "تلتفت الجهات الحكومية للفن والموسيقى، خصوصًا أن الفريق هو الأول والوحيد من نوعه في الأنبار، وأن الاستوديو هو أول مركز إنتاج صوتي ومرئي في المحافظة".
ويبين سلام أن "الفريق يملك مقومات لإنشاء مدرسة راب، خصوصًا أن أربعة من أعضائه خريجو أكاديمية YES التابعة لمؤسسة 'الأصوات الأمريكية'، وآخرون خريجو أكاديميات معترف بها دوليًا مثل AMA وOneBeat".
ويشير إلى "الحاجة لجهة حكومية تنظم العمل الفني، وتمنع من دخول أشخاص يسيئون لهذا المجال. المساحات الفنية في المحافظة غير كافية، والتمويل هو التحدي الأكبر، رغم أهميته الكبرى في دعم مشاريع تقلل البطالة وتعكس صورة مشرقة عن الأنبار".
وشارك الفريق في مهرجانات دولية كمسرح معرض أربيل الدولي للكتاب، والمنتدى النرويجي العالمي خلال جائحة كورونا، ومهرجان YES الدولي، ويؤكد أحمد أنهم يتشرفون بتمثيل الأنبار والعراق في أي مهرجان عربي أو دولي.
يعترف أحمد بأنه يشعر أحيانًا بأنه 'يغرد خارج السرب'، بسبب غياب الدعم الرسمي، ووضع الفنانين في العراق عمومًا، وفي الأنبار خصوصًا.
ويرى أن مشروعه "ما يزال ناشئًا"، ولا توجد تجربة مماثلة في المحافظة، ويشعر بأنه يخاطر بكل شيء من أجل إنجاح المشروع، وقد تفرغ كليًا للفريق، على حساب حياته الشخصية وعلاقته بعائلته ووقته الخاص، كما يقول.
ويلفت إلى أن "الفريق يسير ببطء، لكنه يسير بخطى ثابتة، رغم بساطة المعدّات والدعم الذاتي"، مقرا بـ"أن االفريق ما يزال في مرحلة الخطأ والصواب، لكنهم يطمحون لتحقيق حلمهم الكبير".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


شفق نيوز
منذ 16 ساعات
- شفق نيوز
"رادود" حسيني ومدرس لغة عربية يحقق حلمه رغم فقدان البصر (صور)
شفق نيوز- كربلاء يشتهر العراق بكثرة "الرواديد" الذين يحيون سنوياً مراسم معركة الطف وإحياء ذكرى الإمام الحسين ومن استشهد معه في تلك الواقعة التاريخية، ويتميز كل "رادود" عن الآخر بصوته الشجي أو طريقته في إلقاء، وهو أمر بات معتاداً منذ سنين، لكن اللافت هو أن يكون أحد هؤلاء "الرواديد" من فاقدي البصر. "الرادود" حيدر السعد لفت الأنظار بسرعة لكونه فاقداً للبصر، وأيضاً لأدائه المتميز، لكن الأمر لا يقف عند ذلك، فهو أيضاً مدرس لمادة اللغة العربية في مدرسة حكومية، يعلّم التلاميذ مستعيناً بلغة "برايل" وهي نظام كتابة يعتمد على النقاط البارزة على الورق، حيث تتكون الأحرف والأرقام والرموز من مجموعة من ست نقاط (ترتيب 2×3). كل حرف أو رمز يتمثل بتوزيع مختلف لهذه النقاط. حيدر حسين بدر السعد، من مواليد محافظة البصرة، أقصى جنوبي العراق، إلا أنه انتقل إلى محافظة كربلاء، غربي العراق، ليكون قريباً من الأجواء الحسينية، بحسب ما أكد في حديثه لوكالة شفق نيوز. ويقول السعد "بعد أن أكملت دراستي في قسم اللغة العربية بكلية الآداب في جامعة البصرة، بدأت مسيرتي التعليمية كمدرس للغة العربية في إحدى إعداديات المحافظة، معتمداً على طريقة (برايل)، كما أن والدتي كانت تقوم بتسجيل الدورس ليّ صوتياً لأحفظها". ويضيف "قبل نحو ثمانية أشهر قررت الانتقال إلى كربلاء لأكون قريباً من الحرم الحسيني وللمشاركة في مجالس العزاء كوني شغوفاً بها". ويتابع "منذ العام 2008، بدأت كرادود للقصائد الحسينية، متأثراً بالحاج باسم الكربلائي، وملا جليل الكربلائي، والشيخ ياسين الرميثي". ويشير السعد إلى أن عائلته كانت تسانده "وخصوصاً عمي أبو حسن الذي كان داعماً رئيسياً ليّ منذ رحيل والديّ، إضافة إلى صديقين وفيين هما الشاعر محمد الجماسي، وسيد كرار الميالي، وكذلك شقيقي علي الذي يرافقني دوماً في المجالس الحسينية". ويختم السعد حديثه بالقول "ليس هناك مستحيل، ومن يقول أن الكفيف حياته محدودة فهو مخطئ، فها أنا مدرس لغة عربية، ورادود حسيني، ومتزوج ولديّ طفلة".


شفق نيوز
منذ 2 أيام
- شفق نيوز
بعد قرون من الابداع.. "المقام العراقي" إرث موسيقي يتلاشى بصمت
شفق نيوز- ترجمة خاصة تتزايد الخشية من اندثار الموسيقى العراقية التقليدية التي يعود عمرها إلى قرون، بحسب ما ذكرت صحيفة " ذا ناشيونال" الصادرة بالإنجليزية، في تقرير سلط الضوء على إصدار المغني العراقي المنفي حامد السعدي ألبومه الجديد بعنوان "مقام العراق"، وهو الأول له منذ 25 عامًا، لكنه غير واثق من أن هناك من يستمع إليه. ويُعرف السعدي (67 عاماً) بأنه أبرز ممارس للمقام العراقي، وهو المغني الوحيد الذي أتقن مكونات التقليد بالكامل، والمؤلفة من 56 قطعة، كما أنه مؤلف أول مقامين جديدين خلال القرن الماضي، وكلاهما يظهر في ألبوم "مقام العراق" الصادر في 18 يوليو/ تموز الجاري. وقال السعدي في التقرير الذي ترجمته وكالة شفق نيوز: "ما زلت الرابط الأخير، وأحمل معي جميع تقاليد المقام، ولا يوجد أحد آخر على قيد الحياة يعرف هذا التقليد بأكمله، ولا أحد يؤديه بنشاط، أو يتحمل مسؤولية تمرير المقام إلى الأجيال التالية". وبحسب التقرير، "تعود أصول عناصر المقام العراقي إلى العصر الذهبي العباسي (750 – 1258 م)، عندما كانت بغداد في قلب الحضارة الإسلامية، وتشبه مكانتها آنذاك مكانة لندن أو نيويورك اليوم، باعتبارها مركزاً فنياً عالمياً". وأضاف أن "المقام العربي يُعتبر نظاماً من الأنماط، في حين أن المقام العراقي يحتوي على عناصر من التأليف الموسيقي، ولكل مقام بنية محددة، وقد أدرج المقام العراقي ضمن قائمة التراث غير المادي لدى منظمة اليونسكو". وتطرّق التقرير إلى مقام مخيلف، الذي يُقال إنه غُنّي لأول مرة بعد سقوط بغداد بيد المغول عام 1258، وهو حدث أنهى 500 عام من الازدهار. ووفق السعدي: "العراق شهد الكثير من الألم والمعاناة، وولدت معظم المقامات من قصة محددة أثّرت في المغني أو الموسيقي، أنه شكل مرن يمكنه التكيف مع الأحداث الجارية، وهو ما يبقي المقام على قيد الحياة، وقادراً على الاستمرار عبر أجيال عديدة". ونقل التقرير عن أمير الصفار، وهو عضو في فرقة السعدي ومؤسس "سجلات المقام" التي أصدرت الألبوم، قوله إن "القصائد المغنّاة قد تكون حزينة للغاية، أو مبهجة وروحانية، ما يجعل المقام فنًا ديناميكيًا ومتغيرًا باستمرار". وأضاف التقرير أن "عروض المقامات كانت تُقام سابقًا في الحفلات الموسيقية، وكان الفنانون يتلقون الدعم من المعاهد والمؤسسات الموسيقية". ووُلد السعدي عام 1958، وبعد أن أتقن فن المقامات بحلول منتصف العشرينات من عمره، أصبح مطلوبًا على المسرح وفي التلفزيون خلال الثمانينيات، وقد عيّنه المغني العراقي الشهير يوسف عمر، الذي يُعد أكثر مغنيي المقام تسجيلًا في التاريخ، خليفة له في نهاية المطاف. يشير التقرير إلى سلسلة التوريث الموسيقي، حيث تعلم يوسف عمر من محمد القبانجي، الذي درس بدوره على يد أحمد زيدان، ويصف هذا التقليد بأنه يشبه تمرير الشعلة عبر الأجيال، لكن السعدي يعترف بعدم تأكده من وجود من يمرر له الشعلة هذه المرة. وتابع السعدي: "لقد أصبحت الرابط من هؤلاء الأساتذة إلى الجيل الذي أعيش فيه"، مشيرًا إلى أنه "لم يصل حتى الآن إلى ربع ما بلغه يوسف عمر". وذكر التقرير أنه "بعد فرض العقوبات الدولية على العراق في 1990، وحرب الخليج الأولى، انهار المجتمع المدني، وفر السعدي إلى لندن عام 1999، حيث لم يكن قادرًا على إعالة نفسه كموسيقي، و انشغل بتأليف كتاب بعنوان "المقام العراقي، المقام وبحور الأنغام". وفي 2003، تواصل معه أمير الصفار، وهو عازف جاز عراقي أمريكي نشأ في شيكاغو وكان يبحث عن جذوره. وبحسب التقرير، فإن "الصفار ذهب إلى بغداد في لحظة سياسية حرجة، بعد عقود من الديكتاتورية والعقوبات، وقبل الغزو الأمريكي، ثم انتقل إلى لندن حيث تعقب السعدي ليصبح تلميذه". وبعد نجاح الصفار مع فرقته الخاصة، قرر رد الجميل للسعدي، فاستقدمه إلى الولايات المتحدة عام 2018 بدعم من صندوق حماية الفنانين. ويقيم السعدي حالياً في نيويورك، حيث شغل مناصب تدريسية في كلية سارة لورانس وجامعة روتجرز، وألقى محاضرات في مؤسسات مثل "مركز لينكولن"، "مركز سميثسونيان"، و"مركز كينيدي"، وفقا للصحيفة. ويقود السعدي حالياً فرقة "صفافير"، التي تُعد فرقة المقام العراقية الوحيدة في الولايات المتحدة، وتضم أمير الصفار، وشقيقته دينا الصفار، وزوجها تيم مور، وهذه المجموعة هي التي سجّلت ألبوم "مقام العراق". واختتم السعدي قائلاً: "لقد عشت في المنفى لمدة سبع سنوات، واشتقت إلى وطني وشعبي، جوهر الشوق يأتي من القصيدة والنص".


شفق نيوز
منذ 3 أيام
- شفق نيوز
تحذير من "لابوبو".. دمية مستوحاة من شيطان في العراق
شفق نيوز- بغداد/ ذي قار أكد الخبير الآثاري، عامر عبد الرزاق، يوم السبت، أن لعبة "لابوبو" العالمية الشهيرة تعود أصولها إلى الحضارة العراقية القديمة، مؤكداً أن فكرتها مستوحاة من تمثال "بازوزو" الذي يُعرف بـ"تمثال الشيطان" في العراق القديم. وذكر عبدالرزاق، لوكالة شفق نيوز، أن "ابتسامة شخصية لابوبو الحالية تشبه إلى حد كبير ابتسامة بازوزو، وهي ليست مجرد صدفة، بل تعكس تشابهاً مقصوداً"، مضيفاً أن "بازوزو كان رمزاً للشر المطلق لدى العراقيين القدماء، وكان يُستخدم لوصف أو تمثيل الأشياء التي يرفضها المجتمع". ودعا الخبير الآثاري إلى "توخي الحذر في استخدام هذه اللعبة (لابوبو)"، مردفاً: "إننا لا ننصح باستخدامها، كونها تعود إلى فكرة شيطانية، ولا نعلم تماماً ما المغزى الحقيقي من وراء انتشارها واستخدامها حالياً". وأشار عبد الرزاق، إلى أن" العديد من الأفكار والرموز العالمية، سواء كانت دمى أو ألعاباً أو رموزاً فنية، تستند في الأصل إلى مفاهيم من الحضارة السومرية القديمة، التي تعد من أغنى الحضارات بالأفكار والأساطير". وقبل أسبوعين، قررت السلطات التجارية في إقليم كوردستان، بدء حملة لمصادرة دمية 'لابوبو' بعد انتشارها بين الشباب والفتيات، مؤكدة ضبط أكثر من 4000 قطعة خلال يومين، بسبب ما وُصف بتأثيرها السلبي على سلوك الأطفال، مع التهديد بمساءلة المخالفين قانونيًا. وتحوّلت الدمية "لابوبو" في وقت قياسي من مجرد عفريت قطني إلى هوس واسع اجتاح وسائل التواصل الاجتماعي، إذ تجمع بين الظرافة والمظهر المخيف، بعينين كبيرتين وابتسامة غريبة وقامة قصيرة. في عام 2015، ابتكر فنان صيني يُدعى كاسينغ لونغ شخصية "لابوبو" ضمن سلسلة وحوش مستوحاة من الأساطير الإسكندنافية. وتضم المجموعة شخصيات غريبة عدة، منها: زيمومو، وتيكوكو، وسبوكي، وباتو، و"لابوبو"، وتمتاز كلُّ شخصية بسمات فريدة. ومع مرور الوقت، تحوّلت دمى "لابوبو" من مجسّمات فنية مصغّرة إلى ميداليات اجتاحت سوق حقائب اليد النسائية، إلا أن شعبيتها آنذاك كانت محدودة. لكن شهرة "لابوبو" انفجرت عالميًا في عام 2024، إذ نشرت نجمات عالميات منهم دوا ليبا، وريهانا ونجمة الكيبوب "ليسا" من فرقة "بلاكبينك" صورًا لهن وهن يقتنين هذه الدُمى.