
قاضية تأمر إدارة ترامب بوقف اعتقالات عشوائية للمهاجرين في كاليفورنيا
وقامت جماعات الدفاع عن المهاجرين بتقديم الدعوى الأسبوع الماضي، متهمة إدارة الرئيس ترامب باستهداف الأشخاص ذوي البشرة البنية بشكل منهجي في جنوب كاليفورنيا خلال حملة القمع المستمرة للمهاجرين.
ومن بين المدعين ثلاثة مهاجرين محتجزين واثنان من المواطنين الأميركيين، أحدهم تعرض للاحتجاز على الرغم من إظهار هويته لعملاء إدارة الهجرة.
وطلب المدعون في الدعوى من القاضية أن تمنع الإدارة من استخدام ما يسمونه أساليب غير دستورية في حملات المداهمة التي تقوم بها إدارة الهجرة.
ويتهم المدافعون عن المهاجرين مسؤولي الهجرة باحتجاز شخص ما بناء على العرق، وإجراء اعتقالات بدون مذكرات وحرمان المحتجزين من الحصول على محامٍ في منشأة احتجاز في وسط لوس أنجلوس.
وقالت تريشيا ماكلولين، مساعد وزيرة الأمن الداخلي الأميركية، في رسالة بالبريد الإلكتروني إن "أية مزاعم بأن أجهزة إنفاذ القانون /استهدفت/ أفرادا بسبب لون بشرتهم هي مثيرة للاشمئزاز وكاذبة تماما". وقالت ماكلولين إن "عمليات إنفاذ القوانين موجهة للغاية، ويقوم الضباط بعملهم بالعناية الواجبة" قبل إجراء الاعتقالات.
كما أصدرت القاضية مامي إي فريمبونج أمرا منفصلا يمنع الحكومة الاتحادية من تقييد وصول المحامين إلى مركز احتجاز المهاجرين في لوس أنجلوس.
وأصدرت فريمبونج الأمرين الطارئين المؤقتين بينما تستمر الدعوى القضائية، بعد يوم من جلسة استماع أكدت خلالها جماعات الدفاع عن المهاجرين أن الحكومة تنتهك التعديلين الرابع والخامس للدستور. وكتبت في الأمر أن هناك "جبلا من الأدلة" تم تقديمه في القضية على أن الحكومة الاتحادية كانت ترتكب الانتهاكات التي تم اتهامها بارتكابها.
يأتي ذلك فيما توفي عامل مزرعة، أمس الجمعة، متأثرا بجروح أصيب بها خلال مداهمة عناصر من وكالة الهجرة الأميركية لمزرعة قنب قانونية في كاليفورنيا نتج عنها اعتقال 200 مهاجر غير شرعي ومواجهات مع متظاهرين.
وندد الرئيس ترامب بهجمات المتظاهرين من الناشطين في مجال حقوق المهاجرين على عناصر إدارة الهجرة والجمارك "آيس"، متوعدا بالقبض على "هؤلاء الأوغاد"، بحسب تعبيره.
وجاء تعليق ترامب على منصتي "تروث سوشيال" و"إكس" بعد يوم من مداهمة المزرعة في مقاطعة فينتورا، على بعد نحو 90 كيلومترا من لوس أنجلوس، حيث أصيب أحد العمال بجروح خطيرة.
وقال اتحاد عمال المزارع على منصة "إكس"، الجمعة، إن العامل "توفي متأثرا بإصابات تعرض لها نتيجة لإجراءات وكالة الهجرة أمس".
ولم يحدد الاتحاد هوية العامل الذي قيل إنه سقط عن ارتفاع 10 أمتار خلال مداهمة الخميس.
وأعلنت وزارة الأمن الداخلي الأميركية أن 200 مهاجر غير شرعي ألقي القبض عليهم خلال مداهمات لمواقع لزراعة الماريغوانا في كاربينتيريا وكاماريلو الخميس، إضافة إلى إنقاذ 10 أطفال "من الاستغلال المحتمل والعمل القسري والاتجار بالبشر".
وردت شركة "غلاس هاوس براندز" المالكة للمزارع في بيان بأنها "لم تنتهك عن علم ممارسات التوظيف المعمول بها ولم تقم بتوظيف قاصرين على الإطلاق".
وأكدت الشركة أنها ستؤمن محامين للعمال المحتجزين.
وأضافت وزارة الأمن الداخلي أن أكثر من 500 "مثير شغب" حاولوا تعطيل المداهمة. ويواجه أربعة مواطنين أميركيين اتهامات بالاعتداء على عناصر أمن أو مقاومتهم.
وتم استخدام الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين الذين ظهر بعضهم في لقطات فيديو وهم يلقون مقذوفات على سيارات إدارة الهجرة.
وقال ترامب في منشوره إنه شاهد لقطات لـ"بلطجية" يرشقون سيارات "آيس" بالحجارة، ما تسبب في "أضرار هائلة".
وأضاف: "أنا أعطي تفويضا كاملا لآيس لحماية نفسها، تماما كما تحمي الجمهور".
وأرسل الرئيس الجمهوري آلافا من قوات الحرس الوطني إلى لوس أنجلوس الشهر الماضي لقمع الاحتجاجات ضد حملات المداهمة بحثا عن مهاجرين غير شرعيين.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البلاد البحرينية
منذ 3 ساعات
- البلاد البحرينية
واشنطن وبكين على حافة الانفراج.. أم على عتبة انفجار مؤجل؟
في لحظة بدا فيها العالم كأنه يتأرجح فوق فوهة بركان اقتصادي، خرجت من جنيف إشارات تشي بتهدئة وشيكة بين واشنطن وبكين. اتفاق مفاجئ خفّض الرسوم الجمركية المتبادلة وأوقف التصعيد لمدة تسعين يوما، وكأن الطرفين اختارا التمهّل في إطلاق النار بعد جولات مرهقة من الحرب التجارية. الولايات المتحدة، بقيادة ترامب، العائد بقوة، أعادت إحياء سياسات الحماية التي طبعت ولايته الأولى مثل رفع الرسوم على قطاعات صناعية وتكنولوجية حساسة حتى وصلت إلى حدود 145 %، فيما ردت الصين بالمثل، ورفعت رسومها إلى 125 %، وضيّقت الخناق على صادرات المعادن النادرة، وقلصت وارداتها الزراعية الأميركية، في ضربة موجعة لقطاع زراعي يشكل خزّانا انتخابيا لترامب. هذا التصعيد عطّل تجارة ثنائية تفوق 600 مليار دولار، وأربك سلاسل التوريد العالمية، فارتبكت الأسواق ودقت الشركات الكبرى ناقوس الخطر، وبدأت بوادر ركود تضخمي تلوح في الأفق، مخيفة المؤسسات المالية ومقلقة عواصم القرار. في هذا السياق، جاء اتفاق جنيف كهدنة مؤقتة تنص على خفض الرسوم الأميركية إلى 30 %، مقابل تخفيض الصين رسومها إلى 10 %، وتجميد أي إجراءات تصعيدية جديدة خلال فترة اختبار للنيات تمتد لتسعين يوما، وصدر بيان مشترك بلغة محسوبة، أكّد أهمية العلاقة التجارية الثنائية، وضرورة جعلها متوازنة ومستدامة. وصفت واشنطن الاتفاق بأنه خطوة نحو 'عدالة تجارية'، بينما اكتفت بكين بتسميته 'تقدّما في الحوار'، لكن خلف عبارات المجاملة، ظلّت الملفات الكبرى عالقة: الملكية الفكرية، الدعم الحكومي، اختلال الميزان التجاري، نقل التكنولوجيا بالإكراه، وملف الاستثمارات الصينية في السوق الأميركية. استجابت الأسواق بحذر مفعم بالأمل، فارتفعت المؤشرات، وتحسّن الدولار، وقفز النفط، وتراجع الذهب، والمزارعون الأميركيون تنفّسوا الصعداء، وشركات الإلكترونيات بدأت تراجع حساباتها حتى سلاسل التوريد التي أصابها الاختناق بدأت تخطط لإعادة تدوير شرايينها. لكن الأمل وحده لا يصنع تسوية، فالتحديات أعمق من مجرد رسوم، إذ أن واشنطن ترى في بكين خصما استراتيجيا ينافس على صدارة التقدم التكنولوجي، وتخشى أن تتحوّل كل صفقة اقتصادية إلى تنازل استراتيجي. وبكين بدورها لا تنوي التخلي عن نموذجها الاقتصادي القائم على دعم الشركات الوطنية والطموح الصناعي. إذن الاتفاق هو تهدئة لكنه لا يعني نهاية المعركة. ويمكن وصفه بوقفة مؤقتة. ولا يزال خطر التصعيد على الطاولة، وملفات حساسة مثل تايوان وبحر الصين الجنوبي تُلقي بظلالها الثقيلة. العالم لا يراقب هذه التطورات من باب الفضول، بل من باب القلق الوجودي. فحين يتصارع عملاقان بهذا الحجم، لا تكون النتائج أرقاما على شاشات البورصة فحسب، بل تغييرات جذرية في خريطة الاقتصاد العالمي لعقود مقبلة. إذن هذه ليست تسوية، بل هدنة مشروطة. لا ضمانات، لا حلول جذرية، بل شراء وقت ثمين في لحظة بات فيها الاقتصاد الدولي شديد القابلية للاشتعال. وعندما تنقضي مهلة التسعين يوما، سنعرف إن كان الطرفان قررا البناء على الهدنة، أو أننا بصدد جولة جديدة من الصراع، تشبه ما سبقها، لكن بثمن أعلى ومخاطر أعمق.


البلاد البحرينية
منذ 3 ساعات
- البلاد البحرينية
ترامب يفرض رسوما جمركية على المكسيك والاتحاد الأوروبي بنسبة 30 %
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فرض رسوم جمركية بواقع 30 % على واردات بلاده من المكسيك والاتحاد الأوروبي، بدءا من 1 أغسطس، مهددا بأن البضائع الأوروبية التي ستتهرب من التعرفات الجمركية ستخضع لرسوم أعلى. ترامب كشف عن الرسوم الجمركية الأحدث في رسالتين نشرهما على موقعه 'تروث سوشيال' يوم أمس السبت، إذ أبلغ شركاءه التجاريين الرئيسين بالتعرفات الجديدة التي سيتم تطبيقها حال عدم تمكنهم من التفاوض على شروط أفضل. يشار إلى أن الرسوم الجمركية التي أعلنها ترامب لا تشمل أي تعرفات جمركية قطاعية محددة سبق أن فرضتها الإدارة أو تعتزم فرضها بشكل منفصل على السلع المستوردة في قطاعات رئيسة. وفي خطابه الموجه للاتحاد الأوروبي، قال ترامب 'الاتحاد الأوروبي سيفتح أسواقه بالكامل للولايات المتحدة الأميركية'، وأضاف أنه إذا ما قرر التكتل الرد برسوم انتقامية إضافية 'ستتم زيادة النسبة المضافة إلى الثلاثين بالمائة التي نفرضها'.


البلاد البحرينية
منذ 3 ساعات
- البلاد البحرينية
د. باقر النجار النظام العالمي الجديد: عالم ترامب (2 من 2) الأحد 13 يوليو 2025
نستكمل مقال الأمس في تحليل وتفصيل ما اسميناه بعالم ترامب، فهو الرئيس الأميركي المتفرد من حيث أطروحاته، بل إنه الرئيس الذي يكاد لا يخفي كل شيء ويطرح الشيء ونقيضه في ذات الوقت وقت تحمل دورته الثانية والأخيرة الكثير من المصاحبات الاقتصادية والسياسية غير المحسوبة على مستوى الداخل كما هي على مستوى الخارج. وتحلل مجلة الفورين افيرز الأميركية في عددها (أبريل 2025)، الطبيعة الشعبوية التي تمثلها إدارته الجديدة التي هي في غالبها من يمين الحزب الجمهوري، وهي كما تقول ليست بالشعبوية - القومية المتفردة في العالم، كما أن بعض عناصرها مستمدة من سمات القائد القومي للأمة العظيمة كبسمارك ونابليون وغيرهم، وهي تماثل في ذلك دعوات الرئيس الروسي في بناء وإعادة أحياء مجد الأمة الروسية، وقد يكون الأمر منسحبا كذلك على الرئيس الصيني الحالي شين جين بينغ وأعاده بناء الدولة والاقتصاد الصيني، ورئيس الوزراء اليميني الهندي نار يندرا مودي وصعوده للحكم قبل أكثر من عقد من الزمان، وقدرته على الارتقاء بالاقتصاد والحالة الاقتصادية الهندية الجديدة. أو في شعبوية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي قضى في السلطة أكثر من عقدين من الزمان، وعمل على الارتقاء بشكل كبير بالحالة الاقتصادية التركية، كما يعمل على إعادة احياء الدولة العثمانية، وعمل على إحياء الاقتصاد التركي والارتقاء به في مقابل عمله على الإمساك بمفاصل الدولة بطرق وأدوات مختلفة.. وقد استطاع أن يستمر في الحكم من خلال تحييد خصومه أو منافسيه داخل الحزب الحاكم أو أولئك المعارضين له، والذين قد يشكلون تهديدا جديا لاستمراريته أو لحزبه في السلطة.. وقد لا يكون ما حصل لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام ورؤساء البلديات الأخرى من حزب الشعب الجمهوري المعارض أخرها. إلا أن أخطر هذه الشخصيات على الأطلاق هي شخصية رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو ذي الشخصية النرجسية المتضخمة، والمؤمنة بأنها قادرة على عمل أي شيء ومعاقبة وقمع أي طرف ودوله، متجاوزا في ذلك القوانين الدولية ومؤسساته، ومعتمدا في ذلك على الدعم الأميركي اللامتناهي لدولة إسرائيل وعلى طبيعة العلاقة التي ربطته بالإدارات الأميركية المتعاقبة حتى الإدارات الديمقراطية التي لم تكن على وفاق كامل معه، وتمثل حالة التماهي التي ظهرت بها الإدارة الأميركية الجديدة مع طموحات وسياسات نتنياهو حالة نادرة لكل الإدارات الأميركية التي وصلت للبيت الأبيض، حتى مع الإدارات الجمهورية السابقة في عهدي جورج بوش الاب وجورج بوش الابن وغيره... بل إن تضخم صورة العظمة لديه دفعته للقول في إحدى مقابلاته التلفزيونية 'إن حروبه التي يخوضها في المنطقة لا تعيد تشكيل منطقة الشرق الأوسط فحسب، وإنما هي ستعيد تشكيل العالم ككل'.. وما نريد قوله هنا إن الكثير من هذه الشخصيات الشعبوية ذات النزعات التوسعية المتضخمة، والتي تعتقد أن إدارة الخلافات في العالم لا تحل إلا بوسيلة القوة، وهي القوة التي قد تنتهي بأصحابها أحيانا لذات الأمر الذي انتهى به مصير كل من ألكسندر العظيم قديما ونابليون وهتلر حديثا، وإن لم تكن بذات الإحداثيات. وما يجب تأكيده أن دعوات أو بالأحرى مضامين خطاب ترامب ذي الطبيعة الشعبوية - القومية، ليست أطروحات جديدة أو غريبة على المجتمع الأميركي. فهي في ذلك تذهب إلى حركات ثلاثينات القرن الماضي اليمينية، التي كانت تدعو للعودة إلى ما سمي 'بأميركا الأصيلة' الخالصة على الأميركيين من العرق الأوروبي الأبيض. ثم بعد ذلك في أربعينات وخمسينات القرن الماضي إبان ما سمي بالمرحلة المكارثية، وإن أخذت بعدا سياسيا تطهيريا ضد الشيوعيين واليساريين الليبراليين الأميركيين، والتي استمرت حتى نهايات ستينات القرن الماضي، وهي قد طبعت المجتمع الأميركي وتحديدا الإدارة الأميركية لبعض الوقت، بل إنها قد أعادت تشكيل الحزب الجمهوري لعقود من الزمان، ولا أعتقد أن تضخيم تهم معاداة السامية والبحث في أفكار الزوار الجدد من طلاب وطالبي الدخول لأميركا من غير الأميركيين، هي في أصلها إلا شكل من المكارثية الجديدة.. وهو خطاب لا يعتمد في مقاربته للقضايا والأمور على نظام قانوني أو مؤسساتي، بقدر ما يعتمد على التعبئة والتوجيه النفسي وسلوك الانتقام في مواجهة الآخر أو المختلف ولربما المنافس. وهو اتجاه أو سلوك يضع القليل من الاعتبار للحلفاء والأصدقاء من الدول، وقد يسري ذلك على الشركات المتعددة الجنسية. وكما تقول مجلة 'الفورين افيرز' في عدد مارس الماضي إن بعض التغيرات التي تحدث في المجتمع الأميركي، هي تغيرات جد جذرية، تتجاوز ولربما تضعف النخب المدينية والسياسية المهيمنة تاريخيا على القرار في المراكز إلى التجمعات التقليدية في الأطراف والهوامش. وتتميز هذه الجماعات بكونها مشحونة بهواجس ونزعات الهوية البيضاء الأوروبية، وهي في هذا قوى معادية للأسس والقوى الفاعلة في النظام العالمي وتجلياته الاقتصادية وتحديدا الشركات المتعددة الجنسية وشركات الاتصال الجديدة وتلك الشركات الفاعلة في الفضاء السيبرني. وقد التقت بعض دعوات الجماعات اليمينية في الإدارة الأميركية مع صور صراع الحضارات التي دائما ما يستحضرها الساسة والإعلاميون ولربما بعض الكتاب في صراعات الشرق وفي الصراع مع الصين وغيرها، فهم يرون أن الصين تعمل على تقويض اقتصادهم، وأن الإسلام معادي لهم وأن روسيا دولة معادية ولا يمكن الركون إليها... وغيرها، وهو صراع يأخذ أشكالا عدة، فهو قد يكون صريحا وواضحا في دعمه لإسرائيل وكل الحروب التي تقودها.. أو أنها ممتنعة وراغبة في السلم في الحالة الأوكرانية، أو أنها تحاول أن تحتوي الأصدقاء أو لا تغضبهم كما في الحالة الأوروبية، وهي قائمة على استخدام القوة الضاربة على من يعتبر أعداء، أما كمهددين للسلم الدولي أو مهددين للمصالح الأميركية.. أي أنها سياسة قائمة أما على الصدام، أو النفور، أو الاحتواء، أو الترضية أو اللا موقف. وبشكل عام فإن التحولات المقبلة وبسبب السياسة الجديدة التي تتبناها الإدارة الأميركية الجديدة، قد تأتي بمصاحبات متعددة وممتدة على أوروبا والعالم، حيث ستفقد فيها أوروبا، بعضا من الدعم الأميركي السابق، الذي ضمن لها الأمان ولربما التنمية منذ الحرب العالمية الثانية حتى الآن.. وأعتقد أن أوروبا وبفعل التحولات التي جاءت عليها خلال عقد وربما أكثر، وفي ظل افتقادها لذات الدعم الأميركي السابق أو مشاطرتها همومها وافتقادها لشخصية قيادية محورية، قادرة على قيادة أوروبا في هذا العالم المضطرب، فإنها ستفقد كثيرا من وضعها العالمي الذي تمتعت به منذ خمسينات القرن الماضي حتى الآن، وهي في ذلك قد تفقد القدرة على ضبط السلوك الأميركي واندفاعاته العسكرية والسياسية، والذي طالما تمتعت به لعقود خلت. كما أن عدم قدرته أو عدم رغبته في ضبط الجموح الإسرائيلي وفي مشاركته بالهجوم على إيران، لربما بفعله ذلك قد يكون عقد من إمكانات الحل أكثر منه السلام.. صحيح أن الكثير من الحلول السياسية قد تأتي كنتيجة للحروب، إلا أن منطق الشرق الأوسط في كل حروبه السابقة ولربما تاريخه لم يقل ذلك. وما يقلق البعض أن السياسات التي تتبناها الإدارة الأميركية الجديدة، التي تساوي بين الأصدقاء والأعداء وتقلص الكثير من الدعم المقدم للمؤسسات الدولية والخروج عن الأعراف والقوانين الدولية في سياساتها ومواقفها الخارجية، وتبني سياسات ضريبية مضطربة، غير القائمة على أسس وتقاليد معتمدة. قد تقود إلى تدمير الأسس التي قام عليها النظام العالمي المتمحور حول الولايات المتحدة الأميركية منذ الحرب العالمية الثانية حتى الآن، بل تذهب مجلة الفورين افيرز في عدد شهر مايو الماضي أبعد من ذلك للقول 'إن سياسات ترامب المضطربة والمتقلبة على كل تقاليد السياسات الأميركية السابقة، قد قلصت من الفجوة التي تفصل بينها وبين بعض الدول الأوتوقراطية وشبه الأوتوقراطية.. وغيرها. وهي دول قد يكون جزء من سياساتها ولربما مصالحها تحدي النظام العالمي القائم؛ لأنها تعتقد أنه نظام قد شيد ليخدم مصالح أميركا والدول الغربية'. ويعتقد اليمين الأميركي أن سياسات ترامب الخارجية ونظامه الضرائبي في الداخل ومواقفه من الهجرة في الداخل ستقلص من إدماجها في النظام الاقتصادي العالمي الذي كان في مصلحة الدول الأوروبية ومصلحة بعض الدول الناهضة في آسيا كالصين والهند وأميركا اللاتينية كالمكسيك والبرازيل وغيرها، وقد تجلى ذلك بشكل جلي في رد فعل ترامب على بيان جماعة بركس المجتمعين في البرازيل مطلع شهر يوليه الحالي. ويشير ميشيل كيماج في مقالته الأخيرة في الفورين افيرز في عدد مايو 2025 الموسومة بـ 'العالم الذي يريده ترامب'، إن سياسات ترامب المفتقرة للأسس الأخلاقية كالديمقراطية وحقوق الإنسان والمساواة والقانون الدولي.. كلها سياسات قد تضعف من النظام العالمي القديم المؤسس منذ الحرب العالمية الثانية وتنقل أميركا إلى خانة تلك الدول التي تعمل على إضعاف هذا النظام كالمجر، وروسيا، وإسرائيل والهند.. وغيرها. وهي سياسات كلها مبنية على تقليص اندماج أميركا في هذا النظام، الذي تعتقد إدارة ترامب أنه لا يعمل لمصلحة الولايات المتحدة الأميركية. ويضيف أن السياسات القائمة على المواجهة المبني على الغموض وعلى تبني إجراءات القوة العسكرية والاقتصادية المفرطة التي تبناها ترامب منذ وصوله للبيت الأبيض، باتت تخلق حالة من عدم الاستقرار والأمان العالمي.. وهي صراعات باتت تدفع نحو حروب مفتوحة ونحو مزيد من الانفاق العسكري عنها نحو الإنفاق التنموي.. فالولايات المتحدة الأميركية نفسها قد رفعت من حجم الإنفاق العسكري لحوالي 4 % من الناتج المحلي الإجمالي. كما أنها قد دفعت الدول الأوروبية نحو رفع إنفاقها العسكري لحوالي 5 %، كما تعمل للضغط على الكثير من الدول ولغرض شراء الرضا الأميركي نحو زيادة انفاقها العسكري وشراء الأسلحة الأميركية. كما أن سياساته القائمة على توظيف القوة في بناء السلم العالمي باتت تقود نحو مزيد من الاضطراب في الأسس التي يقوم عليها السلم والأمن العالميين. وخلاصة القول، وكما يقول ميشيل كيماج، إن ترامب بمواقفه غير المستقرة وبتصريحاته غير المتناقضة والتهديدات التي يطلقها لهذا البلد أو ذاك، لربما قد يُمكنه هذا من البروز كقائد بسماركي، موظفا في ذلك سياسات الاستغفال والابتزاز والتنمر والتلويح بقوته العسكرية الضاربة، للحصول على تنازلات من قوى عالمية منافسة كروسيا وأوروبا والصين أو قوى إقليمية صاعدة كالهند والبرازيل وإيران وجنوب إفريقيا، إلا أنها سياسات من الممكن أن ينتهي الأمر بصاحبها كما انتهى الأمر بنابليون وغيره من القادة، وتحديدا عندما يوظفه أو يستغله ساسة انتهازيون كنتنياهو أو غيره، وهو في ذلك قد يكون عاجزا عن بناء تحالف قائم على مبادئ إنسانية وأخلاقية عامة أكثر من كونه تحالفا قائما على الرشوة والتهديد والوعيد. فالتحالف الذي قادته الولايات المتحدة الأميركية لتحرير الكويت من الاحتلال العراقي قبل حوالي 35 عاما، كان قائما على القانون الدولي والشرعية الدولية، من هنا استقطب تقريبا كل دول العالم بما فيه الاتحاد السوفيتي والصين، فهل التحالفات التي تسعى الإدارة الأميركية الجديدة لتشكيلها على أسسها الخاصة قادرة على التحقق والصمود، بل هل يمكن القول إن هناك تحالفات تتشكل بعيدا عن الصفقات الاقتصادية؟