
بالصور.. فيضانات تكساس المدمرة تفضح فشل أميركا المناخي
وبدأت الفيضانات التي جرفت المنازل والمركبات، بعد ارتفاع منسوب المياه في نهر غوادلوبي 8 أمتار في أقل من ساعة يوم الجمعة الماضي، مما خلّف دمارا واسعا في مناطق مأهولة، أبرزها مخيم "ميستيك" للفتيات وسط تكساس، حيث لقي ما لا يقل عن 10 فتيات ومرشدتهن مصرعهن.
وفي مشهد يُعيد التذكير بكوارث مناخية سابقة، انتشرت فرق الإنقاذ في مناطق وعرة وشديدة الخطورة، حيث تعيق المياه المرتفعة والأفاعي الوصول إليها، في وقت تكثف فيه الجهود للعثور على المفقودين البالغ عددهم حتى الآن 41 شخصا.
ورغم تفعيل إعلان "كارثة كبرى" في بعض المقاطعات، تواجه السلطات المحلية تساؤلات متزايدة حول جاهزيتها للتعامل مع الفيضانات، ومدى فاعلية أنظمة الإنذار المبكر، خصوصا في منطقة عُرفت تاريخيا بتعرّضها للفيضانات الموسمية.
ولم تقتصر الانتقادات على الأداء المحلي، بل طالت الإدارة الفدرالية، حيث اتُهم الرئيس ترامب بإضعاف قدرة مؤسسات الطوارئ من خلال تقليص ميزانيات الأرصاد الجوية ووكالة إدارة الطوارئ الفدرالية.
وفي مؤتمره الصحفي، رفض ترامب هذه الاتهامات، واصفا الكارثة بأنها "حدث لا يمكن توقعه".
لكن خبراء المناخ أشاروا إلى أن الفيضانات المتكررة والعنيفة بالولايات المتحدة باتت نمطا واضحا نتيجة الاحتباس الحراري الذي زاد من شدة الأمطار الغزيرة وسرعة تشكّلها، مما يُعقّد قدرة المدن على الاستجابة في الوقت المناسب.
وحذرت هيئة الأرصاد الجوية الوطنية الأميركية -أمس الأحد- من أن العواصف الرعدية تهدّد بالمزيد من الفيضانات المفاجئة فوق الأراضي المشبعة بالمياه وسط تكساس.
وحذر حاكم تكساس من أن استمرار هطول الأمطار الغزيرة حتى يوم غد قد يؤدي إلى المزيد من الفيضانات التي تهدد الحياة، خاصة في المناطق التي تغمرها المياه بالفعل.
من جهتهم، عبّر سكان المناطق المنكوبة عن صدمتهم من حجم الدمار، مؤكدين أن التحذيرات كانت "متأخرة أو غير دقيقة".
وفي ظل عدم التيقن من مصير العشرات، تستمر عائلات الضحايا في البحث بين الركام وعلى ضفاف النهر بمساعدة متطوعين، رغم مناشدات السلطات بعدم تعريض أنفسهم للخطر.
وبينما يستعد ترامب لزيارة المنطقة المتضررة نهاية الأسبوع، يستمر الجدل داخل الكونغرس حول مستقبل تمويل الوكالات الفدرالية المعنية بالكوارث، وسط دعوات لإعادة هيكلة شاملة لسياسات الطوارئ والاستجابة المناخية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


جريدة الوطن
منذ 5 ساعات
- جريدة الوطن
وعود كبيرة.. رسوم جمركية ضخمة.. واقتصاد متقلص
عاد ترامب إلى البيت الأبيض متعهدا بخفض الأسعار، وتوفير فرص عمل أفضل، وتحول اقتصادي من شأنه أن يؤسس لعصر ذهبي جديد في الولايات المتحدة. غير أن تقرير الأداء الاقتصادي للربع الأول يكشف عن تقييم اقتصادي مغاير لذلك ومضطرب إلى حد كبير. فقد أظهرت بيانات الناتج المحلي الإجمالي الأميركي، التي تم إصدارها مؤخرا، أول انكماش اقتصادي منذ ثلاث سنوات، الأمر الذي يثير شكوكا جدية بشأن المسار الاقتصادي الذي ينتهجه ترامب، نتيجة للاضطرابات التجارية وتراجع إنفاق المستهلكين. تنصّل ترامب سريعا من هذه المؤشرات الاقتصادية السلبية، مشيرا عبر منصته للتواصل الاجتماعي «تروث سوشيال» إلى أن هذه الأرقام السلبية ناتجة عن مشاكل موروثة من إدارة بايدن. وفي المقابل، يواصل البيت الأبيض تأكيده على أن الاقتصاد الأميركي في طريقه إلى التعافي، داعيا المواطنين إلى التحلي بالصبر. وتُسهم الرسائل المتناقضة الصادرة عن إدارة ترامب، بين التفاخر ببيانات التوظيف الإيجابية والتملّص من المسؤولية عن التراجع الاقتصادي، في خلق حالة من الغموض وعدم الاستقرار لدى الاقتصاديين وقطاع الأعمال. تُعد السياسات الجمركية العدائية التي تبنّاها الرئيس ترامب من أبرز العوامل التي ساهمت في إحداث اضطرابات اقتصادية واسعة النطاق. فقد أدى فرض رسم جمركي بنسبة 10 % على معظم الواردات من مختلف أنحاء العالم، إلى جانب ضريبة بنسبة 145 % على المنتجات الصينية، إلى زعزعة استقرار بيئة الأعمال بشكل ملحوظ. جاءت هذه الخطوة كمحاولة لإضعاف الصين والسعي نحو إرساء ترتيبات تجارية أكثر «عدالة»، غير أن نتائجها جاءت عكسية. إذ لم تُظهر الصين أي ارتباك يُذكر، بل واصلت الحفاظ على موقعها كواحدة من أكثر الاقتصادات تكاملا في العالم، مستعرضة قدرتها على التكيف والمناورة بثقة الدولة التي تدرك جيدا حجم نفوذها الاقتصادي. ومع تصاعد الضغوط من قبل الشركات الأميركية والناخبين، يسعى ترامب حاليا إلى إعادة التفاوض مع الصين، على أمل أن تغيّر موقفها. في المقابل، تبدو بكين وكأنها تتبنى استراتيجية بعيدة المدى، من خلال دراسة خياراتها بعناية، وإظهار قدرتها على مواجهة السياسات الأميركية دون اضطراب. وتعكس الطبيعة المتشابكة للاقتصاد العالمي أن عزل الصين قد يؤدي إلى عزلة أميركية متزايدة. فارتفاع التكاليف، واضطراب سلاسل الإمداد، وتراجع ثقة المستثمرين تُشكل تهديدات حقيقية لنمو الاقتصادالأمريكي. وإذا استمر ترامب في حساباته الخاطئة، فقد ينتهي «العصر الذهبي» الذي وعد به لا بانتصار اقتصادي، بل بتراجع استراتيجي محبط. تُشير الإدارة الأميركية إلى أن الإجراءات التجارية التي تفرضها تهدف إلى إنعاش الصناعة المحلية، غير أن العديد من المحللين يحذرون من التداعيات المحتملة لهذه السياسات، لا سيما فيما يتعلق بارتفاع الأسعار وتزايد حالة عدم الاستقرار في بيئة الأعمال، والتي قد تترك آثارا مستدامة على المدى البعيد. وقد برز في هذا السياق مصطلح «الغموض الاستراتيجي» داخل وزارة الخزانة في إدارة ترامب، في إشارة إلى أن عنصر المفاجأة وعدم التنبؤ يُعد جزءا من منهج تفاوضي محسوب، لا مجرد خلل في التخطيط. ومع ذلك، بدأت تظهر علامات القلق في أوساط القاعدة الانتخابية لترامب، ولا سيما بين الناخبين الريفيين وذوي الدخول المنخفضة الذين لعبوا دورا حاسما في فوزه بالانتخابات الأخيرة. فقد كشف استطلاع للرأي أُجري مؤخرا أن ما يقرب من نصف الناخبين في المناطق الريفية، و57 % ممن لا تتجاوز دخولهم 50,000 دولار سنويا، يعربون عن عدم رضاهم إزاء إدارته للشأن الاقتصادي. في محاولة لتقليص حجم الآثار السلبية المحتملة، أشار ترامب مؤخرا إلى أن الأميركيين قد يحتاجون إلى إعادة تقييم توقعاتهم. ورغم الانتكاسات الأولية التي واجهها، يظل ترامب متمسكا برؤيته لإحياء الاقتصاد الأميركي. ومع ذلك، يبقى السؤال حول ما إذا كانت الرسوم الجمركية التي فرضها ستساهم فعلا في تعزيزالازدهار الاقتصادي أم أنها ستؤدي، بشكل غير متعمد، إلى دفع الاقتصاد نحو الركود. وفي الوقت الحالي، يواجه كل من الشركات والمســـتهلكين وصناع السياسات بيئة اقتصــــادية مشـــوبة بالغموض وعدم اليقين.


الجزيرة
منذ 12 ساعات
- الجزيرة
ما أهداف ترامب في أفريقيا؟
للوهلة الأولى قد يبدو للمهتّمين بدراسة النزاعات أن اتفاق السلام الذي تم التوقيع عليه في العاصمة واشنطن بين رواندا والكونغو الديمقراطية- أواخر يونيو/حزيران 2025 سعيًا لإنهاء واحدة من أطول الحروب في القارة الأفريقية- وكأنه امتداد للنهج الذي أعلن الرئيس ترامب تبنيه في تصفية النزاعات حول العالم وإحلال السلام. ودون التقليل من أهمية هذا الاتفاق على المستوى الأمني والإنساني، ومع تثبيت الجهود القطرية الكبيرة التي بُذلت للتوصل إليه، ولكن التعمق في واقع السياسة الأميركية تجاه القارة، وفي تتبع قصة الوصول لنقطة التوقيع بين البلدين سيُبيّن أن الأمر معقد أكثر مما يبدو عليه في الظاهر، وأن الدوافع والأسباب التي تقف وراء استضافة الولايات المتحدة الأميركية حفل التوقيع تلخص جوهر الاهتمام الأميركي بالقارة الأفريقية في عهد الرئيس ترامب في دورته الجديدة. فجمهورية الكونغو وجارتها زامبيا تمثلان نقطة التقاء التنافس الأميركي الصيني على الموارد والمعادن النادرة، إذ إن الكونغو وحدها تنتج 75% من معدن الكوبالت الذي يُستخدم في صناعة السيارات الكهربائية، بجانب موارد أخرى لا تقل أهمية كالنحاس واليورانيوم، وقد كان لافتًا ما ورد على لسان الرئيس ترامب بعد التوقيع على الاتفاقية حين قال: (ستحصل الولايات المتحدة على الكثير من حقوق المعادن في الكونغو). والأسئلة التي تُطرح هنا هل سينجح الاتفاق الحالي في نشر السلام وطي صفحة حرب الثلاثين عامًا، خاصة أن أكثر من 10 اتفاقيات سابقة انتهت إلى الفشل، ولماذا يسود التفاؤل بنجاح هذه المحاولة؟ والإجابة المباشرة عن هذا السؤال تتعلق بتدخل الولايات المتحدة بثقلها الكبير في هذا الملف مدفوعة بنظرة الرئيس ترامب لأفريقيا حيث تحكم سياسته فيها ثلاثة عوامل هي: تحويل العلاقة بين الولايات المتحدة والدول الأفريقية من بند المساعدات إلى بند التجارة. التركيز على المصالح المباشرة التي تعود على الولايات المتحدة بالنفع السريع، ولا سيما المواد الخام والمعادن ثم محاصرة النفوذ الروسي والصيني، والذي تمدد في القارة في السنوات الأخيرة. أخيرًا الانشغالات الأميركية الخاصة بمحاربة الجماعات الإرهابية وخاصة في الصومال ودول الساحل الأفريقي بجانب تأمين مسارات الهجرة غير الشرعية وغلق منافذها في القارة الأفريقية. ترامب وأفريقيا: هل من جديد؟ لفهم أكثر عمقًا وواقعية للعلاقات بين الولايات المتحدة الأميركية والقارة الأفريقية خلال إدارة ترامب الحالية يجب النظر إلى عاملين رئيسين هما تجربة ترامب مع أفريقيا إبان ولايته الأولى، ومشروعه الانتخابي الذي يمكن اختصاره في ثلاث نقاط رئيسية هي: التركيز على جعل الولايات المتحدة عظيمة مرة أخرى، والانحياز إلى تيار العزلة النسبية مع التنازل عن نزوع التوسع والهيمنة الذي تتبناه تيارات أخرى داخل الحزب الجمهوري. كما أن ترامب وأنصاره غير متحمسين تمامًا لمشاريع الجمهوريين التي تسعى (لنشر الديمقراطية) والقيم الأميركية الأخرى حول العالم. فقد ورد في أجندة 2025 التي تكشفت بين يدي الحملة الانتخابية وتبنتها جهات متنفذة حول ترامب ما يلي: "على واشنطن أن تتوقف عن الترويج للسياسات الأميركية الضاغطة على الحكومات الأفريقية لاحترام سيادة القانون وحقوق الإنسان والحقوق السياسية والمدنية والديمقراطية التي لا تتقبلها الدول الأفريقية، لأنها تشعر أن ذلك تدخل في شؤونها الداخلية، ويجب على واشنطن التركيز على المشاركة الاقتصادية". اعتماد سياسة خارجية قائمة على الصفقات التي يعود ريعها سريعًا على الخزينة الأميركية المرهقة بالعجز والدين الداخلي، وذلك وفقًا لسياسة (مجهود أقل وعائد أكبر)، مع تجفيف المساعدات الأميركية للدول الأفريقية وغيرها، وتحويلها ما أمكن إلى التجارة واستغلال المعادن. فقد ورد في أجندة 2025 مقترحات تدعو إلى تحويل جميع منح المساعدات الأجنبية للمستفيدين الأفارقة إلى قروض، وإلغاء جميع برامج مساعدات التنمية، وتعزيز مشاركة القطاع الخاص الأميركي في القارة الأفريقية. حرصه على تسويق صورة شخصية تجمع بين الحزم والقوة، وفي نفس الوقت صورة رجل السلام الذي يعمل على إطفاء الحرائق الدولية وتسوية النزاعات بين الدول. وهو ما لخّصه ترامب بعبارة: (السلام عبر القوة)، وفي ذلك يروج أنصاره أنه يستحق جائزة نوبل للسلام لجهوده الكبيرة في منع وقوع حرب نووية بين الهند وباكستان، ودوره الأخير في الحرب الإسرائيلية الإيرانية. وبالنظر لهذه المرتكزات الأساسية وتقييم اهتمامات ترامب خلال الأشهر القليلة التي مضت من عمر ولايته الحالية، والقرارات التي اتخذها بحظر دخول رعايا سبع دول أفريقية، قبل أن يتبعها بتعميم شمل 25 دولة من أصل 36 تطلب منها الولايات المتحدة التدقيق بشأن إجراءات الهجرة وإلا واجهت مصيرًا مشابهًا لتلك السبع. هذا يؤكد أن إدارة ترامب لا تأبه كثيرًا بأي ردة فعل من دول القارة الأفريقية، ويأتي كل ذلك مقروءًا مع النهج الذي اتبعه في ولايته الأولى مع أفريقيا، والذي اتسم بالإهمال والازدراء. ولذلك لا يبدو أن القارة الأفريقية تمثل أولوية لإدارته إلا بقدر ما تمثله من أهمية لسياساتها المتعلقة بالبحث عن الفرص التجارية، ومحاصرة النفوذ الروسي والصيني، أو بمكافحة الإرهاب والمخاطر الأمنية التي ترى فيها الأجهزة الأمنية الأميركية خطرًا ماثلًا. يفسر هذا، دعوة الرئيس دونالد ترامب لقمة مصغرة تشارك فيها دول: موريتانيا، والغابون، وغينيا بيساو، وليبيريا، والسنغال، والتي أثارت تساؤلات كثيرة حول المعايير التي تم بها اختيار هذه الدول الصغيرة وغير المؤثرة في اقتصاد القارة وسياستها. ولكن التمعن في المشتركات التي تجمع هذه الدول يبدد تلك التساؤلات؛ فكلها تطل على المحيط بكل ما يمثل ذلك من فرص وتهديدات، كما تتمتع جميعًا بموارد كبيرة غير مستغلة وخاصة موارد الطاقة والمعادن النادرة، ويمكن أن تكون نموذجًا جيدًا لسياسته الجديدة في أفريقيا (التجارة بدلًا من المساعدات)، فضلًا عن وقوعها في المجال الجغرافي لتمدد النفوذ الروسي الآخذ في التوسع مؤخرًا. ابحث عن الصين قبل شهرين من توقيع اتفاقية السلام بين البلدين نقلت صحيفة فايننشال تايمز عن مسؤولين من جمهورية الكونغو الديمقراطية إمكانية التوصل إلى اتفاق مع واشنطن لتأمين استثمارات أميركية في المعادن الحيوية، مقابل دعم الولايات المتحدة جهود إنهاء الصراع في شرق البلاد. وقالت الصحيفة إن الاتفاق يمنح واشنطن حق الوصول إلى رواسب الليثيوم والكوبالت والكولتان، وصرح مستشار ترامب مسعد بولس قائلًا: "واشنطن تضغط من أجل توقيع اتفاق سلام بين الجانبين هذا الصيف، مصحوبًا باتفاقيات ثنائية للمعادن مع كل من البلدين". في العام 2007 وقعت الصين اتفاقًا اقتصاديًا مع دولة الكونغو عرف باتفاق (المناجم مقابل البنية التحتية)، وبموجب ذلك الاتفاق صارت الصين الحاضر الأبرز في قطاع المعادن الكونغولي، حيث تدير حاليًا حوالي 80% من مناجم النحاس، وتسيطر على 70% من قطاع التعدين، وعلى 60% من سوق بطاريات السيارات الكهربائية عالميًا. ومع الأهمية العالية لمعدن الكوبالت الذي يُستخدم في صناعة الهواتف والسيارات الكهربائية تعالج الصين وحدها 80% من هذا المعدن النادر، وفي العام 2024 أعلنت مجموعة سموك الصينية أكبر منتج للكوبالت في العالم عن أرباح قياسية، حيث قفز صافي الدخل بنسبة 64% ليصل إلى 1.9 مليار دولار. هذه الأرقام مزعجة جدًا للولايات المتحدة التي ترى في الكونغو نموذجًا مثاليًا لتطبيق سياستها الخاصة بالحصول على المعادن النادرة بأسعار رخيصة، وفي نفس الوقت التضييق على الصين في واحدة من أهم ملفات التسابق التجاري والصناعي بينهما. ولذلك فقد واصلت مساعيها لإخراج الصين من الكونغو الديمقراطية عبر الضغوط السياسية وتأليب الحكومة الكونغولية عليها للمناداة بإعادة تقييم الأسس التي قامت عليها اتفاقيات التعدين بين البلدين، وعبر دعم البنية التحتية وإعادة تأهيلها، ومسارات السكك الحديدية لتقليل تأثير الصين في سلاسل التوريد بالنسبة للمواد الخام. وفي العام 2022 نشرت (أويل برايس) الأميركية تقريرًا أشارت فيه (إلى أن الولايات المتحدة تعزز جهودها لعزل الصين في أفريقيا وعرقلة حصولها على أشباه الموصلات المتقدمة، كما تعمل واشنطن أيضًا على السيطرة على مصادر المعادن المستخدمة في التقنية في أفريقيا خاصة الكونغو الديمقراطية). ومما يلفت الأنظار هنا هو إعلان شركة (كوبولد ميتالز) الأميركية أنها ستوسع عملياتها في الكونغو الديمقراطية بعدما قامت فعلًا بشراء حصة للتعدين من شركة أسترالية هناك، وتساهم في شركة كوبولد ميتالز مجموعة من الشركات ورجال الأعمال الذين دعموا حملة ترامب الانتخابية. حرب السودان في الواجهة في ظل النشوة التي سيطرت على فريق ترامب بعد توقيع اتفاق السلام صرح مستشاره مسعد بولس بأن وزير الخارجية الأميركي مارك روبيو سيستضيف اجتماعًا يضم وزراء اللجنة الرباعية التي تضم السعودية، والإمارات، ومصر، والولايات المتحدة؛ لبحث الحرب في السودان، وهو الأمر الذي أكد عليه ترامب نفسه في اجتماعه مع القادة الأفارقة في واشنطن. ويأتي هذا الاهتمام بالملف السوداني بعد فترة من الإهمال وتركيز إدارة الرئيس ترامب على ملفات أخرى في الشرق الأوسط والحرب الروسية الأوكرانية، ومن واقع التحركات التي تمت في الفترة الأخيرة والتي من بينها زيارة رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان جمهورية مصر العربية، وتنشيط تحالف "صمود" الذي يقوده الدكتور عبدالله حمدوك، يبدو أن هناك مساعيَ إقليمية تُبذل لبلورة مبادرة لإحياء التفاوض الذي توقف لفترة طويلة تحت مظلة المبادرة الأميركية السعودية في جدة. ولا يزال الوقت مبكرًا للإجابة عن نجاح اتفاق السلام بين الكونغو ورواندا، إذ إنه ورغم وقوف الدولة الكبرى خلفه فإن التحديات التي تحيط بالاتفاق وأطرافه صعبة للغاية، خاصة إذا علمنا أن هناك مناطق حيوية خارج سيطرة الدولتين والجماعات المتحالفة معهما. كما أن عدم الثقة الكبير بين الدولتين نتيجة الصراع الطويل قد لا يوفر البيئة المناسبة للتطبيق السلس لبنود الاتفاق، وخاصة تلك المتعلقة بجمع السلاح وتسريح الجماعات المسلحة المتناسلة. ومع كل تلك التحديات فإن الترحيب الذي قوبل به الاتفاق على المستوى الدولي سيوفر إرادة قوية لمحاولة صيانة المنطقة حتى لا تعود للحرب مرة أخرى. ونستطيع القول إن إدارة الرئيس ترامب تحاول في نسختها الجديدة تحويل القارة الأفريقية من مكان ميؤوس منه كما كان في دورتها الأولى إلى فرصة تستفيد منها الولايات المتحدة. وتلخص الطريقة التي تم بها دعوة خمسة من رؤساء الدول الأفريقية إلى البيت الأبيض النهج الأميركي في التعامل مع القارة، وهو تعظيم الفوائد الأميركية في القارة دون أن تلتزم بأي مساعدات، أو تقوم بفرض أي شروط سياسية تتعلق بالدمقرطة، وحقوق الإنسان كما كان في السابق. وستتحدد التدخلات الأميركية في كل النزاعات بهذا النهج الجديد والذي يمكن اختصاره تحت شعار: (التجارة بدلًا من المساعدات)، وبجانب التجارة فإن للولايات المتحدة مآربها التي لا يمكن أن تتنازل عنها كقوة دولية تسعى للمحافظة على نفوذها وريادتها.


الجزيرة
منذ 18 ساعات
- الجزيرة
ترامب غاضب من أنصاره بسبب "رجل لا يموت أبدا"
حض الرئيس الأميركي دونالد ترامب قاعدته السياسية على التوقف عن مهاجمة إدارته بشأن ملفات تتعلق بجيفري إبستين رجل الأعمال المتهم باعتداءات جنسية والاتجار بفتيات قاصرات، بعد أن تحولت هذه القضية إلى هاجس لدى معتنقي نظريات المؤامرة. ونفت وزارة العدل الأميركية و مكتب التحقيقات الفدرالي في مذكرة نشرت الأسبوع الماضي وجود دليل على احتفاظ إبستين بـ"قائمة عملاء" أو أنه كان يبتز شخصيات نافذة. كما رفضا المزاعم بأن إبستين قُتل، مؤكديْن وفاته منتحرا في أحد سجون نيويورك عام 2019 وأنهما لن يفصحا عن أي معلومات إضافية متعلقة بالقضية. وقوبلت هذه الخطوة باستغراب بعض المؤثرين اليمينيين الذين دعم الكثير منهم ترامب لسنوات، كما وُجهت انتقادات لاذعة إلى وزيرة العدل بام بوندي ومدير مكتب التحقيقات الفدرالي كاش باتيل. واستغرب ترامب في منشور مطول أمس السبت على منصته تروث سوشيال الهجوم على وزيرة العدل "التي تقوم بعمل رائع". وأضاف "نحن في فريق واحد، فريق ماغا"، في إشارة إلى حركته "لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى"، مضيفا "لا يعجبني ما يحدث، لدينا إدارة مثالية باتت حديث العالم، وأشخاص أنانيون يحاولون الإضرار بها بسبب رجل لا يموت أبدا، جيفري إبستين". ويزعم الكثير من بين أتباع "ماغا" أن شخصيات فاعلة تنتمي إلى "الدولة العميقة" تخفي معلومات عن شركاء لإبستين من طبقة النخبة في المجتمع. وكتب أليكس جونز مؤيد ترامب والمروج لنظريات المؤامرة "بعد ذلك، ستقول وزارة العدل: في الواقع، لم يكن جيفري إبستين موجودا في الأساس، هذا فوق كل شيء مقزز". أما المؤثرة اليمينية المتطرفة لورا لومر فطالبت ترامب بإقالة بوندي بسبب هذه القضية، ووصفتها بأنها "تسبب الإحراج". لكن ترامب دافع عن بوندي، واعتبر أن ما تسمى "ملفات إبستين" ما هي إلا خدعة دبرها الحزب الديمقراطي لتحقيق مكاسب سياسية، وقال "دعونا لا نضيع الوقت والجهد على جيفري إبستين، شخص لا يبالي به أحد". ودعا الرئيس الأميركي باتيل وبوندي إلى التركيز بدلا من ذلك على ما سماها "انتخابات 2020 المزورة والمسروقة" التي خسرها أمام جو بايدن. وطالب بالسماح لمكتب التحقيقات الفدرالي بالتركيز على هذا التحقيق "بدلا من قضاء شهر تلو الآخر في البحث فقط عن نفس الوثائق القديمة حول جيفري إبستين المستلهمة من اليسار الراديكالي". ونفى ترامب -الذي ظهر في مقطع فيديو واحد على الأقل مع إبستين خلال حفلة تعود إلى عقود مضت- مزاعم عن وجود أي صلة مباشرة معه أو ورود اسمه في ملفات تتعلق بقضيته. وقال مدير مكتب التحقيقات الفدرالي أمس السبت قبل ساعات من ظهور منشور ترامب "نظريات المؤامرة غير صحيحة، ولم تكن كذلك قط". وأفادت وسائل إعلام أميركية بأن دان بونجينو -وهو مقدم برامج بودكاست يميني عيّنه ترامب نائبا لمدير مكتب التحقيقات الفدرالي- هدد بالاستقالة بسبب طريقة تعامل الإدارة مع هذه القضية.