
رصد 10.000 من «المواد الكيميائية الأبدية» في ألمانيا.. والأرقام تتزايد
باتريشيا نيلسون - فلوريان مولر - أليس هانكوك
في البداية اعتقد العلماء الألمان، الذين كانوا يجرون اختبارات على مياه نهر نيكار، الذي يعبر مدينة هايدلبرغ، أن هناك خللاً في الأجهزة والمعدات التي يستخدمونها، لكن عند استخدامهم أساليب جديدة لرصد مواد كيميائية لم يكن بالإمكان تتبعها من قبل اكتشفوا وجود ملوث مجهول ينتشر في المجاري المائية، مادة غير معروفة، لكنها تبدو غير قابلة للتفكك، تعرف باسم حمض ثلاثي فلورو الأسيتيك «تي إف إيه».
وقد أثار هذا الاكتشاف قلقاً بالغاً لدى الفريق العامل في مركز كارلسروه لتكنولوجيا المياه، وقال كارستن نودلر، المشرف على دراسة أُجريت عام 2016: «لم يسبق لنا أن صادفنا شيئاً مماثلاً». وسرعان ما وصلت الأنباء إلى وكالة البيئة الألمانية، وبتدقيقها في الأمر توصلت الوكالة إلى أن الكثير من مبيدات الأعشاب الأكثر استخداماً في أوروبا تتحلل إلى المركّب ذاته.
ووصفت هيلينا بانينغ، خبيرة المبيدات الحشرية لدى الوكالة، والتي كانت واحدة من أوائل الذين اكتشفوا العلاقة، الأمر: «لقد كان إنجازاً تنظيمياً كبيراً».
ومنذ ذلك الحين صار العلماء الألمان والجهات التنظيمية هم القوة الدافعة وراء الجهود الأوروبية لفهم واحتواء انتشار مادة «تي إف إيه»، وهي جزيء صغير للغاية من صنع البشر، وتُستخدم في عمليات صناعية، وهي أيضاً ناتج ثانوي للمبيدات الحشرية ووسائط التبريد.
وبرزت مادة «تي إف إيه»، التي تتحلل في المياه، وتقاوم كل محاولات إزالتها، باعتبارها التهديد الأولي في معركة التصدي لما يُعرف بـ«الكيماويات الأبدية»، وهي مواد اصطناعية لا يمكن التخلص منها، وتتراكم في البيئة، لتتسرب إلى أجساد البشر في نهاية الأمر.
وتسارع الجهات التنظيمية الجهود للتوصل إلى حلول، في ضوء تخطي قائمة المواد المُدرجة في قائمة الكيماويات الأبدية لـ 10,000 مادة واستمرار ازديادها. وتُعرف هذه المواد مجتمعة باسم مواد الألكيل المشبع بالفلور ومتعددة الفلورات، أو «بي إف إيه إس»، وهي مرتبطة بازدياد معدلات الإصابة بالسرطان، ومشكلات الخصوبة، والاضطرابات الهرمونية، ومع ذلك فهي تبقى حيوية لصناعات مثل التكنولوجيا الخضراء وأشباه الموصلات، ويندر وجود بدائل لها.
وفي حين تشير الدراسات الأولية إلى أن مادة «تي إف إيه» قد لا تكون من بين الأكثر خطورة ضمن مواد الألكيل المشبع بالفلور ومتعددة الفلورات خطورة، إلا أن ميلها غير المُعتاد للتحلل في المياه بدلاً من الاستقرار في التربة أو الاندماج مع مواد عضوية أخرى يعني إمكانية سرعة انتشارها عبر الأنهار ومياه الأمطار، ولذلك يرى هانز بيتر آرب، الأستاذ في الجامعة الترويجية للعلوم والتكنولوجيا، أن «حمض ثلاثي فلورو الأسيتيك هو أكثر مواد الألكيل المشبع بالفلور ومتعددة الفلورات خطورة، والتي نتعرض لها».
وكشفت دراسة ألمانية نُشرت في عام 2022 عن ارتفاع تركيزات حمض ثلاثي فلورو الأسيتيك في الأمطار بخمسة أضعاف المعدلات المسجلة في تسعينيات القرن الماضي. وفي الدنمارك ازدادت تركيزات هذا الحمض في المياه الجوفية بأكثر من عشرة أضعاف خلال الفترة ذاتها.
وتوصلت دراسة نشرت العام الماضي، وأجرتها شبكة مكافحة المبيدات الحشرية الأوروبية «بان يوروب»، إلى أن حمض الـ«تي إف إيه» يشكل نسبة 98 % من مواد الألكيل المشبع بالفلور ومتعددة الفلور المُكتشفة في عينات المياه التي جُمعت من 10 دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي.
ويرى ديرك ميستر، رئيس وكالة البيئة الألمانية، أن المشكلة لن تزداد إلا تفاقماً، موضحاً أن عدد الكيماويات التي تتحلل إلى حمض ثلاثي فلورو الأسيتيك «ترتفع باستمرار». وقدم المعهد الفيدرالي الألماني لتقييم المخاطر العام الماضي طلباً رسمياً بأن تعيد الوكالة الأوروبية للمواد الكيميائية تصنيف «تي إف إيه»، بحيث «يُفترض أنها سامة للتكاثر البشري»، استناداً إلى دراسات أظهرت تسببها بأضرار بأجنة الأرانب والفئران.
وأعلنت الوكالة الأوروبية للمواد الكيميائية مؤخراً أنها بصدد فحص الطلب، وفتح مشاورات عامة من المُقرر استمرارها لمدة 60 يوماً. وفي النهاية ستقدم الوكالة توصيات إلى المفوضية الأوروبية بشأن كيفية تصنيف المادة، والسيطرة عليها، وهو ما تتوقع الوكالة أن يستغرق عامين.
وفي الوقت ذاته صار التصدي للكيماويات الأبدية جزءاً من معركة أخرى، وهي معركة بين التطلعات الخضراء للاتحاد الأوروبي والقطاعات الصناعية المتعثرة في التكتل. وفي خضم سعي بروكسل إلى اعتماد قواعد بيئية أكثر صرامة يحذر قادة شركات من أن عزم أوروبا على ريادة الحد من التلوث ستأتي بتكلفة باهظة وستقلل من تنافسيتها مع دول أخرى، مثل الولايات المتحدة والصين.
وستكون العواقب واسعة النطاق، إذا ما قررت المفوضية الأوروبية تضييق الخناق على مادة الـ«تي إف إيه»، فبالإضافة إلى فرض قيود صارمة على المستويات المسموح بها في مياه الشرب، فمن الممكن أن يسفر ذلك عن قرارات حظر على بعض المبيدات الحشرية، وقيود شاملة على وسائط التبريد وكيماويات أخرى في وقت تمر فيه الصناعة بصعوبات جراء ارتفاع تكاليف الطاقة واحتدام الحرب التجارية.
وعلق مسؤول تنفيذي أوروبي ترتبط شركته بانبعاثات حمض ثلاثي فلورو الأسيتيك: «أنت تشهد تزايد صرامة القواعد واللوائح التنظيمية البيئية، وربما يكون ذلك لسبب، إلا أن، ومن وجهة نظر طرف فاعل في الصناعة، الجدوى الصناعية قد تندثر في مرحلة ما»، لكن العلماء يلفتون إلى أن كبح جماح انتشار مادة الـ«تي إف إيه» قد يستغرق أعواماً، إن لم يكن عقوداً، وبيّنوا: «إنها مشكلة تلوث متعددة الأجيال»، لكن هناك حاجة بالتأكيد لاتخاذ إجراءات فوراً، ولعل خاصية حمض ثلاثي فلورو الأسيتيك المتمثلة في تحلله في المياه، وهي السمة التي تسببت في انتشاره، هي ذاتها التي مكنته لسنوات طويلة من الإفلات من الاختبارات المصممة لاكتشاف الكيماويات الأبدية، وحتى من بعد دق العلماء لناقوس الخطر إلا أن استجابة الكثير من الجهات التنظيمية كانت بطيئة.
وخلال فترة إدارة بايدن اعتبرت الجهات التنظيمية الأمريكية أن حمض ثلاثي فلورو الأسيتيك، وهو جزيء ذو سلسلة فائقة القصر، لا يشكل ضرراً. وفي أوروبا فإن قدرته على التحلل في المياه والتحرك بسرعة عوامل أدت بالجهات التنظيمية إلى تجاهل خطر تراكمه.
وسلطت كريستين هيرمان، مسؤولة سياسات الكيماويات لدى المكتب الأوروبي للبيئة وهو منظمة غير ربحية، الضوء على أن «تي إف إيه» لم يكن يُعتبر بأنه «من مواد الألكيل المشبع بالفلور ومتعددة الفلورات مسببة للمشاكل» قبل بضعة أعوام، ومع ذلك تعتقد أن التقليل من خطورة المادة لأمد طويل جعلها حالياً «مشكلة هائلة».
وبدأت الدراسات تُظهر ازدياد تركيزات حمض ثلاثي فلورو الأسيتيك في الأغذية، خاصة المنتجات الغنية بالمياه، مثل الفاكهة والخضراوات، وأفادت دراسات أخرى بارتفاع تركيزات «تي إف إيه» في الدم البشري، ولبن الأمهات. وقالت دراسات: «صار بإمكاننا العثور عليه في كل شيء حرفياً بمجرد أن بدأنا البحث عنه».
ويُعد استخدام «تي إف إيه»، باعتباره مذيباً في تصنيع المستحضرات الدوائية، ومنتجات أخرى، واحداً من أكبر مصادر التلوث بالمادة، حيث يتطلب ذلك إنتاجه بكميات كبيرة. وتتبع العلماء، في دراسة هايدلبرغ بعام 2016، التلوث إلى مصنع «سولفاي» للكيماويات القريب من بلدة باد فيمبفن، التي تبعد 80 كيلو متراً عن منبع النهر.
وعملت الشركة البلجيكية على إنتاج «تي إف إيه» في ألمانيا منذ التسعينيات، وصرفت مياه المعالجة بموجب موافقة تنظيمية. وصرف المصنع ما يصل إلى 12 كيلوغراماً من حمض ثلاثي فلورو الأسيتيك في الساعة بذروة الإنتاج.
واكتشفت السلطات مصدراً آخر للتلوث في مدينة ليون الفرنسية خلال العام الماضي، وتتبعوه إلى مصنع آخر لشركة «سولفاي» كان ينتج حمض ثلاثي فلورو الأسيتيك لصالح صناعات مستحضرات الأدوية والسيارات وتطبيقات أخرى.
وأسفرت هذه الحالات عن تركيزات محلية أعلى كثيراً من حمض ثلاثي فلورو الأسيتيك مقارنة بتلك الناجمة عن المبيدات الحشرية ووسائط التبريد، وهي المسؤولة عن أغلبية انبعاثات المادة، لكنها تنتشر على نحو أوسع نطاقاً، ومع ذلك تبرهن هذه الحالات على الخيارات المحدودة لحل المشكلة القائمة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البيان
منذ 10 ساعات
- البيان
رصد 10.000 من «المواد الكيميائية الأبدية» في ألمانيا.. والأرقام تتزايد
باتريشيا نيلسون - فلوريان مولر - أليس هانكوك في البداية اعتقد العلماء الألمان، الذين كانوا يجرون اختبارات على مياه نهر نيكار، الذي يعبر مدينة هايدلبرغ، أن هناك خللاً في الأجهزة والمعدات التي يستخدمونها، لكن عند استخدامهم أساليب جديدة لرصد مواد كيميائية لم يكن بالإمكان تتبعها من قبل اكتشفوا وجود ملوث مجهول ينتشر في المجاري المائية، مادة غير معروفة، لكنها تبدو غير قابلة للتفكك، تعرف باسم حمض ثلاثي فلورو الأسيتيك «تي إف إيه». وقد أثار هذا الاكتشاف قلقاً بالغاً لدى الفريق العامل في مركز كارلسروه لتكنولوجيا المياه، وقال كارستن نودلر، المشرف على دراسة أُجريت عام 2016: «لم يسبق لنا أن صادفنا شيئاً مماثلاً». وسرعان ما وصلت الأنباء إلى وكالة البيئة الألمانية، وبتدقيقها في الأمر توصلت الوكالة إلى أن الكثير من مبيدات الأعشاب الأكثر استخداماً في أوروبا تتحلل إلى المركّب ذاته. ووصفت هيلينا بانينغ، خبيرة المبيدات الحشرية لدى الوكالة، والتي كانت واحدة من أوائل الذين اكتشفوا العلاقة، الأمر: «لقد كان إنجازاً تنظيمياً كبيراً». ومنذ ذلك الحين صار العلماء الألمان والجهات التنظيمية هم القوة الدافعة وراء الجهود الأوروبية لفهم واحتواء انتشار مادة «تي إف إيه»، وهي جزيء صغير للغاية من صنع البشر، وتُستخدم في عمليات صناعية، وهي أيضاً ناتج ثانوي للمبيدات الحشرية ووسائط التبريد. وبرزت مادة «تي إف إيه»، التي تتحلل في المياه، وتقاوم كل محاولات إزالتها، باعتبارها التهديد الأولي في معركة التصدي لما يُعرف بـ«الكيماويات الأبدية»، وهي مواد اصطناعية لا يمكن التخلص منها، وتتراكم في البيئة، لتتسرب إلى أجساد البشر في نهاية الأمر. وتسارع الجهات التنظيمية الجهود للتوصل إلى حلول، في ضوء تخطي قائمة المواد المُدرجة في قائمة الكيماويات الأبدية لـ 10,000 مادة واستمرار ازديادها. وتُعرف هذه المواد مجتمعة باسم مواد الألكيل المشبع بالفلور ومتعددة الفلورات، أو «بي إف إيه إس»، وهي مرتبطة بازدياد معدلات الإصابة بالسرطان، ومشكلات الخصوبة، والاضطرابات الهرمونية، ومع ذلك فهي تبقى حيوية لصناعات مثل التكنولوجيا الخضراء وأشباه الموصلات، ويندر وجود بدائل لها. وفي حين تشير الدراسات الأولية إلى أن مادة «تي إف إيه» قد لا تكون من بين الأكثر خطورة ضمن مواد الألكيل المشبع بالفلور ومتعددة الفلورات خطورة، إلا أن ميلها غير المُعتاد للتحلل في المياه بدلاً من الاستقرار في التربة أو الاندماج مع مواد عضوية أخرى يعني إمكانية سرعة انتشارها عبر الأنهار ومياه الأمطار، ولذلك يرى هانز بيتر آرب، الأستاذ في الجامعة الترويجية للعلوم والتكنولوجيا، أن «حمض ثلاثي فلورو الأسيتيك هو أكثر مواد الألكيل المشبع بالفلور ومتعددة الفلورات خطورة، والتي نتعرض لها». وكشفت دراسة ألمانية نُشرت في عام 2022 عن ارتفاع تركيزات حمض ثلاثي فلورو الأسيتيك في الأمطار بخمسة أضعاف المعدلات المسجلة في تسعينيات القرن الماضي. وفي الدنمارك ازدادت تركيزات هذا الحمض في المياه الجوفية بأكثر من عشرة أضعاف خلال الفترة ذاتها. وتوصلت دراسة نشرت العام الماضي، وأجرتها شبكة مكافحة المبيدات الحشرية الأوروبية «بان يوروب»، إلى أن حمض الـ«تي إف إيه» يشكل نسبة 98 % من مواد الألكيل المشبع بالفلور ومتعددة الفلور المُكتشفة في عينات المياه التي جُمعت من 10 دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي. ويرى ديرك ميستر، رئيس وكالة البيئة الألمانية، أن المشكلة لن تزداد إلا تفاقماً، موضحاً أن عدد الكيماويات التي تتحلل إلى حمض ثلاثي فلورو الأسيتيك «ترتفع باستمرار». وقدم المعهد الفيدرالي الألماني لتقييم المخاطر العام الماضي طلباً رسمياً بأن تعيد الوكالة الأوروبية للمواد الكيميائية تصنيف «تي إف إيه»، بحيث «يُفترض أنها سامة للتكاثر البشري»، استناداً إلى دراسات أظهرت تسببها بأضرار بأجنة الأرانب والفئران. وأعلنت الوكالة الأوروبية للمواد الكيميائية مؤخراً أنها بصدد فحص الطلب، وفتح مشاورات عامة من المُقرر استمرارها لمدة 60 يوماً. وفي النهاية ستقدم الوكالة توصيات إلى المفوضية الأوروبية بشأن كيفية تصنيف المادة، والسيطرة عليها، وهو ما تتوقع الوكالة أن يستغرق عامين. وفي الوقت ذاته صار التصدي للكيماويات الأبدية جزءاً من معركة أخرى، وهي معركة بين التطلعات الخضراء للاتحاد الأوروبي والقطاعات الصناعية المتعثرة في التكتل. وفي خضم سعي بروكسل إلى اعتماد قواعد بيئية أكثر صرامة يحذر قادة شركات من أن عزم أوروبا على ريادة الحد من التلوث ستأتي بتكلفة باهظة وستقلل من تنافسيتها مع دول أخرى، مثل الولايات المتحدة والصين. وستكون العواقب واسعة النطاق، إذا ما قررت المفوضية الأوروبية تضييق الخناق على مادة الـ«تي إف إيه»، فبالإضافة إلى فرض قيود صارمة على المستويات المسموح بها في مياه الشرب، فمن الممكن أن يسفر ذلك عن قرارات حظر على بعض المبيدات الحشرية، وقيود شاملة على وسائط التبريد وكيماويات أخرى في وقت تمر فيه الصناعة بصعوبات جراء ارتفاع تكاليف الطاقة واحتدام الحرب التجارية. وعلق مسؤول تنفيذي أوروبي ترتبط شركته بانبعاثات حمض ثلاثي فلورو الأسيتيك: «أنت تشهد تزايد صرامة القواعد واللوائح التنظيمية البيئية، وربما يكون ذلك لسبب، إلا أن، ومن وجهة نظر طرف فاعل في الصناعة، الجدوى الصناعية قد تندثر في مرحلة ما»، لكن العلماء يلفتون إلى أن كبح جماح انتشار مادة الـ«تي إف إيه» قد يستغرق أعواماً، إن لم يكن عقوداً، وبيّنوا: «إنها مشكلة تلوث متعددة الأجيال»، لكن هناك حاجة بالتأكيد لاتخاذ إجراءات فوراً، ولعل خاصية حمض ثلاثي فلورو الأسيتيك المتمثلة في تحلله في المياه، وهي السمة التي تسببت في انتشاره، هي ذاتها التي مكنته لسنوات طويلة من الإفلات من الاختبارات المصممة لاكتشاف الكيماويات الأبدية، وحتى من بعد دق العلماء لناقوس الخطر إلا أن استجابة الكثير من الجهات التنظيمية كانت بطيئة. وخلال فترة إدارة بايدن اعتبرت الجهات التنظيمية الأمريكية أن حمض ثلاثي فلورو الأسيتيك، وهو جزيء ذو سلسلة فائقة القصر، لا يشكل ضرراً. وفي أوروبا فإن قدرته على التحلل في المياه والتحرك بسرعة عوامل أدت بالجهات التنظيمية إلى تجاهل خطر تراكمه. وسلطت كريستين هيرمان، مسؤولة سياسات الكيماويات لدى المكتب الأوروبي للبيئة وهو منظمة غير ربحية، الضوء على أن «تي إف إيه» لم يكن يُعتبر بأنه «من مواد الألكيل المشبع بالفلور ومتعددة الفلورات مسببة للمشاكل» قبل بضعة أعوام، ومع ذلك تعتقد أن التقليل من خطورة المادة لأمد طويل جعلها حالياً «مشكلة هائلة». وبدأت الدراسات تُظهر ازدياد تركيزات حمض ثلاثي فلورو الأسيتيك في الأغذية، خاصة المنتجات الغنية بالمياه، مثل الفاكهة والخضراوات، وأفادت دراسات أخرى بارتفاع تركيزات «تي إف إيه» في الدم البشري، ولبن الأمهات. وقالت دراسات: «صار بإمكاننا العثور عليه في كل شيء حرفياً بمجرد أن بدأنا البحث عنه». ويُعد استخدام «تي إف إيه»، باعتباره مذيباً في تصنيع المستحضرات الدوائية، ومنتجات أخرى، واحداً من أكبر مصادر التلوث بالمادة، حيث يتطلب ذلك إنتاجه بكميات كبيرة. وتتبع العلماء، في دراسة هايدلبرغ بعام 2016، التلوث إلى مصنع «سولفاي» للكيماويات القريب من بلدة باد فيمبفن، التي تبعد 80 كيلو متراً عن منبع النهر. وعملت الشركة البلجيكية على إنتاج «تي إف إيه» في ألمانيا منذ التسعينيات، وصرفت مياه المعالجة بموجب موافقة تنظيمية. وصرف المصنع ما يصل إلى 12 كيلوغراماً من حمض ثلاثي فلورو الأسيتيك في الساعة بذروة الإنتاج. واكتشفت السلطات مصدراً آخر للتلوث في مدينة ليون الفرنسية خلال العام الماضي، وتتبعوه إلى مصنع آخر لشركة «سولفاي» كان ينتج حمض ثلاثي فلورو الأسيتيك لصالح صناعات مستحضرات الأدوية والسيارات وتطبيقات أخرى. وأسفرت هذه الحالات عن تركيزات محلية أعلى كثيراً من حمض ثلاثي فلورو الأسيتيك مقارنة بتلك الناجمة عن المبيدات الحشرية ووسائط التبريد، وهي المسؤولة عن أغلبية انبعاثات المادة، لكنها تنتشر على نحو أوسع نطاقاً، ومع ذلك تبرهن هذه الحالات على الخيارات المحدودة لحل المشكلة القائمة.


الإمارات اليوم
منذ 11 ساعات
- الإمارات اليوم
دراسة: فائدة جديدة لتربية الكلاب الأليفة
أظهرت دراسة أجراها باحثون من جامعة إدنبرة أن تعامل الأطفال مع الكلاب المنزلية الأليفة في سن مبكرة يضعف الاستعداد الوراثي لديهم للإصابة بالإكزيما. وتبعا لمجلة "Allergy" فإن الباحثين في الجامعة وأثناء الدراسة قاموا بتحليل بيانات أكثر من 25 ألف شخص من 16 دراسة أوروبية، للتحقق من كيفية تفاعل 24 متغيرا جينيا مرتبطا بالإكزيما مع 18 عامل خطر بيئيا في مرحلة الطفولة المبكرة . وقام الباحثون بدراسة تفاعل الجينات المسببة للأكزيما مع العديد من العوامل الطبيعية والبيئة بما في ذلك الرضاعة الطبيعية، ووجود إخوة وأخوات أكبر سنا، والتعرّض لدخان السجائر، واستخدام المضادات الحيوية، ووجود حيوانات أليفة، وغيرها. وأثناء الدراسة جذب جيين معين مسؤول عن إنتاج مستقبل إنترلوكين-7 (IL-7R) - وهو جزيء يشارك في تنظيم جهاز المناعة – اهتمام الباحثين. واتضح أن الأطفال الذين يحملون شكلا محددا من هذا الجين، يكون لتعاملهم مع الكلاب في مرحلة الرضاعة تأثير في تقليل النشاط الالتهابي للجلد، وبالتالي يقل لديهم خطر الإصابة بالإكزيما. وقد أكدت النماذج المخبرية: أن التأثير على هذا الجزء من الحمض النووي (DNA) يتم كبحه تحديدا عند وجود كلب في المنزل. ويؤكد المؤلفون أن هذه الدراسة هي الأولى التي تشرح التأثير الوقائي المفترض للكلاب على المستوى الجزيئي. ورغم الحاجة إلى مزيد من الأبحاث لتأكيد النتائج، إلا أن الدراسة تفتح آفاقا جديدة في مجال الوقاية من أمراض الحساسية. وتشير العديد من الدراسات إلى أن تربية الحيوانات الأليفة قد يكون لها فوائد على الصحة النفسية، وأظهرت إحدى الدراسات أن الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاما ويمتلكون كلبا هم أقل عرضة للإصابة بالخرف بنسبة 40 بالمئة.


صحيفة الخليج
منذ 18 ساعات
- صحيفة الخليج
مشروع قانون ألماني لفرض قيود على «غاز الضحك»
تعتزم ألمانيا فرض قيود على بيع أكسيد النيتروز، المعروف تجاريا باسم «غاز الضحك»، كوسيلة للترفيه، وفقاً لمشروع قانون عرضته وزيرة الصحة الاتحادية نينا فاركن، الجمعة. وينص مشروع القانون على حظر شراء الأطفال والشباب لهذه المادة المعروفة باسم «غاز الضحك» وحيازتها، كما يحظر بيعها عبر الإنترنت أو عبر آلات البيع ذاتية الخدمة. وأكدت نينا فاركن أن «غاز الضحك ليس تسلية بريئة، بل يشكل مخاطر صحية جسيمة، خاصة على صغار السن». وجاء في مسودة مشروع القانون التي اطلعت عليها وكالة الأنباء الألمانية: «يمكن أن يؤدي الاستهلاك المكثف والمفاجئ إلى فقدان الوعي». كما أن الاستهلاك المباشر من الأسطوانة «يمكن أن يسبب قضمة الصقيع التي تحدث إصابات جلدية من جراء التعرض لدرجة حرارة تصل إلى 55 مئوية تحت الصفر، إضافة إلى احتمال حدوث تلف في أنسجة الرئة نتيجة ضغط الغاز».