
الأمم المتحدة بين البيروقراطية والفيتو: هل حان وقت الإصلاح الجذري؟
لا شك أن الأمم المتحدة، التي تأسست على مبادئ العدالة والسلام، باتت في صيغتها الحالية عاجزة عن مواكبة تعقيدات القرن الحادي والعشرين. فقد تحولت إلى كيان مثقل بالبيروقراطية، تهيمن عليه مصالح القوى الكبرى، مما يقوض دورها الأساسي في تحقيق العدالة العالمية. يرى الكاتب والمفكر الأردني
طلال أبوغزاله
أن إصلاح هذه المنظمة لم يعد ترفًا، بل ضرورة حتمية تستوجب إعادة هيكلتها لتكون أكثر تمثيلًا للشعوب، وليس مجرد أداة تخدم مصالح الدول الكبرى.
بيروقراطية معقدة وقرارات محتكرة
بحكم تجربته الطويلة في العمل مع الأمم المتحدة، يسلط أبوغزاله الضوء على فجوة كبيرة بين الأهداف المعلنة للمنظمة والواقع العملي. فالمنظمة، التي يُفترض أنها صوت الشعوب، أصبحت في كثير من الأحيان
نادٍ للنخب الحاكمة
، تُدار فيه المصالح خلف الأبواب المغلقة، بينما يظل المواطن العادي مغيبًا عن عملية صنع القرار.
إلى جانب البيروقراطية، يبرز
مجلس الأمن الدولي
كأكبر عقبة أمام تحقيق العدالة الدولية، حيث يمنح
حق النقض (الفيتو)
للدول الخمس الكبرى سلطة احتكار القرار الدولي، مما يكرّس انعدام التوازن داخل المنظمة. فبدلًا من أن يكون المجلس ضمانة للسلام العالمي، أصبح أداة لحماية مصالح القوى الكبرى، وهو خلل بنيوي لا يمكن تجاهله عند الحديث عن الإصلاح.
رؤية إصلاحية: نحو تمثيل أكثر عدالة
يرى أبوغزاله أن إصلاح الأمم المتحدة لن يكتمل دون إعادة هيكلة مجلس الأمن، ليعكس التحولات الجيوسياسية الحديثة. ويقترح في كتابه القادم:
توسيع العضوية الدائمة
لتشمل دولًا من
أفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا
، بما يضمن توزيعًا أكثر عدالة للسلطة.
إلغاء أو تقليص صلاحيات الفيتو
، بحيث تكون قرارات المجلس أكثر استجابة لإرادة المجتمع الدولي، وليس رهينة لمصالح القوى المهيمنة.
تعزيز مشاركة الشعوب في صنع القرار
عبر إنشاء
منصة رقمية عالمية
، قد تشكل نواة لـ
'برلمان رقمي عالمي'
، يمنح المواطنين فرصة التأثير المباشر في القضايا المصيرية بدلًا من ترك القرار بيد الحكومات فقط.
تحديات عالمية بلا حلول فعالة
إلى جانب الإصلاح السياسي، يؤكد أبوغزاله أن الأمم المتحدة تفتقر إلى الأدوات الفعالة لمواجهة التحديات الكبرى مثل
التغير المناخي، الأوبئة، وعدم المساواة
. لذا، يقترح:
إنشاء مجلس عالمي للبيئة والمناخ
بصلاحيات تنفيذية واسعة، لضمان سياسات بيئية دولية أكثر صرامة.
تعزيز استقلالية منظمة الصحة العالمية
، لتتمكن من التصدي للأزمات الصحية بعيدًا عن الضغوط السياسية والتمويلية.
الولايات المتحدة والأمم المتحدة: علاقة معقدة
يظل النفوذ الأمريكي عاملًا حاسمًا في مستقبل الأمم المتحدة، حيث تتحكم الولايات المتحدة في تمويل المنظمة، مما يجعلها لاعبًا رئيسيًا في تحديد مسار الإصلاح. لكن تصاعد الحديث عن احتمال
انسحاب أمريكا من الأمم المتحدة
يطرح تساؤلات جوهرية:
هل سيشكل هذا الانسحاب
تهديدًا لاستمرارية المنظمة
؟
أم سيكون
فرصة لإعادة تشكيلها
على أسس أكثر عدالة واستقلالية؟
لحل معضلة التمويل، يقترح أبوغزاله
بدائل جديدة
مثل فرض
ضرائب عالمية على المعاملات المالية الدولية أو انبعاثات الكربون
، مما يجعل المنظمة أقل اعتمادًا على دعم الدول الكبرى وأكثر استقلالية في تنفيذ قراراتها.
إصلاح أم فشل؟ مصير الأمم المتحدة على المحك
إذا كانت الأمم المتحدة قد تأسست لحفظ السلام، فلا يمكنها أن تبقى عاجزة أمام النزاعات المتزايدة. وإذا كانت تدعو إلى العدالة، فلا يمكنها أن تستمر في العمل بمنظومة غير عادلة. لذلك، فإن إصلاح الأمم المتحدة ليس خيارًا، بل
ضرورة حتمية
، وإلا فإنها ستواجه خطر التحول إلى مؤسسة فقدت مصداقيتها تمامًا في عالم يتغير بسرعة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


بديل
منذ 9 ساعات
- بديل
ما هي الخطة المدعومة من أمريكا لمساعدات غزة ولماذا ترفضها الأمم المتحدة؟
تهدف مؤسسة مدعومة من واشنطن إلى بدء العمل في غزة بحلول نهاية مايو للإشراف على نموذج جديد لتوزيع المساعدات، لكن الأمم المتحدة تقول إن الخطة تفتقر للنزاهة والحياد ولن تشارك فيها. وستشرف مؤسسة إغاثة غزة المدعومة من الولايات المتحدة على توصيل المساعدات في غزة، وأظهر السجل التجاري في جنيف أن المؤسسة أُنشئت في فبراير في سويسرا. وقال مصدر مطلع على الخطة إن المؤسسة تعتزم العمل مع شركتين أميركيتين خاصتين للأمن واللوجستيات، وهما (يو.جي سولوشنز) و(سيف ريتش سولوشنز). وقال مصدر ثان مطلع على الخطة إن مؤسسة إغاثة غزة تلقت بالفعل تعهدات بأكثر من 100 مليون دولار. ولم يتضح بعد مصدر هذه الأموال. وقالت دوروثي شيا القائمة بأعمال الممثل الدائم للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة أمام مجلس الأمن في وقت سابق هذا الشهر إن مسؤولين أميركيين كبارا يعملون مع إسرائيل لتمكين المؤسسة من بدء العمل، وحثت الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة على التعاون. وقالت إسرائيل إنها ستسمح للمؤسسة بأن تباشر عملها من دون المشاركة في إيصال المساعدات. قالت مؤسسة إغاثة غزة إن المؤسسة ستنفذ عملياتها في البداية من أربعة مواقع توزيع آمنة، ثلاثة في الجنوب وواحد في وسط غزة، وإنه سيجري 'خلال الشهر القادم افتتاح مواقع إضافية، بما في ذلك في شمال غزة'. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الخميس إن بناء مناطق التوزيع الأولى سيكتمل خلال الأيام المقبلة وإن إسرائيل تنوي إقامة مناطق آمنة واسعة جنوب غزة. وأضاف سينتقل السكان الفلسطينيون إلى هناك حفاظا على سلامتهم، بينما نخوض معارك في مناطق أخرى. وأكدت مؤسسة إغاثة غزة أنها لن تشارك أو تدعم أي شكل من أشكال التهجير القسري للمدنيين، وأنه لا يوجد حد لعدد المواقع التي يمكنها فتحها أو أماكنها. وذكرت في بيان ستستعين مؤسسة إغاثة غزة بمقاولين أمنيين لنقل المساعدات من المعابر الحدودية إلى مواقع التوزيع الآمنة. وبمجرد وصول المساعدات إلى المواقع، سيتم توزيعها مباشرة على سكان غزة بواسطة فرق إنسانية مدنية. وأعلن مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون أن بعض منظمات الإغاثة وافقت على العمل مع مؤسسة إغاثة غزة. ولم تعرف أسماء هذه المنظمات بعد. وأشارت المؤسسة إلى أنها تضع اللمسات الأخيرة على آليات إيصال المساعدات إلى من لا يستطيعون الوصول إلى مواقع التوزيع. وأضافت أنها لن تشارك أي معلومات شخصية عن متلقي المساعدات مع إسرائيل وأن الجيش الإسرائيلي 'لن يكون له وجود في المنطقة المجاورة مباشرة لمواقع التوزيع'. لماذا لن تتعاون الأمم المتحدة مع نموذج التوزيع الجديد؟ تقول الأمم المتحدة إن خطة التوزيع المدعومة من الولايات المتحدة لا تفي بمبادئ المنظمة الراسخة المتمثلة في النزاهة والحياد والاستقلالية. وقال توم فليتشر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية إنه لا ينبغي إضاعة الوقت على الاقتراح البديل. وفي إفادة قدمها فليتشر إلى مجلس الأمن، أوضح أن المشكلات في الخطة التي كانت إسرائيل أول من طرحها هي أنها تفرض مزيدا من النزوح. وتعرض آلاف الأشخاص للأذى… وتقصر المساعدات على جزء واحد فقط من غزة ولا تلبي الاحتياجات الماسة الأخرى. وتجعل المساعدات مقترنة بأهداف سياسية وعسكرية. وتجعل التجويع ورقة مساومة. - إشهار - وتقول الأمم المتحدة إن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) هي العمود الفقري لعمليات الإغاثة في غزة. إلا أن إسرائيل تتهم الوكالة بالتحريض ضدها، وتتهم موظفيها بالتورط في أنشطة إرهابية. وتعهدت الأمم المتحدة بالتحقيق في جميع هذه الاتهامات. وتؤكد مؤسسة إغاثة غزة أن العمل مع إسرائيل لإيجاد 'حل عملي لا يعد انتهاكا للمبادئ الإنسانية'. لماذا طرحت خطة بديلة لتوزيع المساعدات؟ منعت إسرائيل دخول جميع المساعدات إلى غزة منذ الثاني من مارس متهمة حركة 'حماس' بسرقتها، وهو ما تنفيه الحركة. وتطالب إسرائيل بإطلاق سراح جميع الرهائن الذين جرى اقتيادهم لداخل غزة في هجوم السابع من أكتوبر 2023 على بلدات بجنوب إسرائيل والذي تقول إحصاءات إسرائيلية إنه أسفر عن مقتل 1200 شخص. واندلعت على إثر الهجوم الحرب في قطاع غزة التي قتل فيها 53 ألف شخص. وفي أوائل أبريل، اقترحت إسرائيل آلية منظمة للمراقبة ودخول المساعدات إلى غزة. لكن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش سرعان ما رفضها وقال إنها تهدد بمزيد من القيود على المساعدات والسيطرة على كل سعرة حرارية وحبة دقيق. وأقر الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأن الكثير من الناس يتضورون جوعا في غزة». ووسط جمود بشأن المقترح الإسرائيلي، دعمت واشنطن مؤسسة إغاثة غزة المنشأة حديثا للإشراف على توزيع المساعدات. وذكرت المؤسسة قبل أيام أنها تسعى إلى بدء العمل في غزة بحلول نهاية مايو أيار. في غضون ذلك، سمحت إسرائيل باستئناف دخول مساعدات محدودة بموجب الآليات القائمة حاليا. تقول الأمم المتحدة منذ اندلاع الصراع إن عمليتها الإنسانية في غزة تواجه مشاكل بسبب الحملة العسكرية الإسرائيلية والقيود التي تفرضها إسرائيل على الدخول إلى غزة والعمل في جميع أنحاء القطاع وعمليات نهب من قبل عصابات مسلحة. لكن الأمم المتحدة أكدت أن نظامها لتوزيع المساعدات فعال وأن الأمر ثبُت بصورة خاصة خلال وقف إطلاق النار الذي استمر شهرين قبل أن تستأنف إسرائيل العمليات العسكرية في منتصف مارس آذار. وكانت إسرائيل تفحص المساعدات وتوافق عليها أولا ثم تُنقل إلى داخل حدود غزة حيث تستلمها الأمم المتحدة وتوزعها. وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك يوم الاثنين 'يمكننا العودة إلى ذلك النظام. لدينا آلية تعمل. لسنا بحاجة إلى إعادة اختراع العجلة'. وأضاف 'لسنا بحاجة إلى شريك جديد في عمليات الإغاثة ليملي علينا كيفية أداء عملنا في غزة'.


عبّر
منذ 18 ساعات
- عبّر
النساء الاتحاديات يسلطن الضوء على أوضاع المرأة في تندوف ويطالبن بفتح تحقيق دولي
سلطت منظمة النساء الاتحاديات، الضوء على الوضع المأساوي للنساء المحتجزات بمخيمات تندوف فوق التراب الجزائري، مؤكدة أنهن يعشن في ظروف مهينة ولا إنسانية، تحت سلطة ميليشيات لا شرعية ديمقراطية لها، بعيدا عن رقابة المنتظم الدولي. وطالبت المنظمة في بلاغ حول انعقاد مؤتمر الأممية الاشتراكية بإسطنبول أيام 21/ 22 ماي 2025، بتمكين الأمم المتحدة من إحصائهن، كخطوة أولى لكشف حجم المعاناة والانتهاكات التي يتعرضن لها. وأوضحت أن التقارير المستقلة وشهادات ناجيات تؤكد تعرض النساء في تلك المخيمات لجرائم جسيمة تشمل الاغتصاب الممنهج، الاستغلال الجنسي، الإنجاب القسري، الحرمان من الحق في التعليم والتنقل واختيار المصير، في ظل غياب تام لأي شكل من أشكال الحماية أو الإنصاف. ودعت المنظمة إلى فتح تحقيق دولي عاجل في أوضاع النساء في مخيمات تندوف، مؤكدة أن الصمت الدولي، أصبح تواطؤا مفضوحا، يكرس الإفلات من العقاب في جرائم ضد الإنسانية، ويطيل معاناة آلاف النساء اللواتي رهنت أجسادهن وأرواحهن في حسابات سياسية لا إنسانية. وتطرقت النساء الاتحاديات، إلى الزيارة التي قامت بها بعض المشاركات في هذا المؤتمر، خلال استضافة حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية لأشغال الأممية الاشتراكية، مسجلن وقوفهن عن قرب على واقع المرأة الصحراوية داخل الوطن، وكيف أنها تتحمل مسؤوليات سياسية ومؤسساتية، وتحضر بقوة في المجالس المنتخبة والبرلمان، وتشارك بفعالية في مسار التنمية الذي تشهده مدن: العيون، الداخلة وبوجدور، شأنها في ذلك شأن جميع نساء المغرب. ودعت المنظمة، المنتظم الدولي، أحزابا ومؤسسات، إلى زيارة الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية، والإطلاع مباشرة على الواقع الحقيقي بعيدا عن الدعاية المغرضة، للتأكد من أن التمثيلية الشرعية لنساء ورجال الصحراء المغربية هي داخل الوطن، من داخل المؤسسات، وليس تحت رحمة ميليشيات متسلطة في مخيمات مغلقة.


كش 24
منذ 19 ساعات
- كش 24
الصحراء المغربية.. سلوفاكيا تدعم المبادرة المغربية للحكم الذاتي
في إطار الدينامية الدولية التي يقودها الملك محمد السادس، الداعمة لسيادة المغرب على صحرائه وللمخطط المغربي للحكم الذاتي 'تعتبر سلوفاكيا المبادرة المغربية، المقدمة إلى الأمين العام للأمم المتحدة في 11 أبريل 2007، بمثابة أساس من أجل تسوية نهائية تحت إشراف الأمم المتحدة' لقضية الصحراء المغربية. وعبرت جمهورية سلوفاكيا عن هذا الموقف في إعلان مشترك تم توقيعه عقب لقاء جرى، اليوم الخميس بالرباط، بين وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، ونظيره السلوفاكي، يوراي بلانار، وزير الشؤون الخارجية والأوروبية. وجاء في الإعلان المشترك أن 'سلوفاكيا تشيد بالجهود الجادة وذات المصداقية التي يبذلها المغرب من أجل الدفع بالمسار السياسي نحو تسوية، وتدعم حلا سياسيا عادلا ودائما ومقبولا من لدن الأطراف، قائما على التوافق، تماشيا مع القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، بما في ذلك القرار S/RES/2756 الصادر في 31 أكتوبر 2024'. وبموقفها المعزز الجديد، تساهم جمهورية سلوفاكيا في الزخم المتزايد لفائدة مغربية الصحراء ومبادرة الحكم الذاتي، التي تحظى بإشادة المجتمع الدولي.