logo
سراديب الظل: كيف قاد دافنشي العلماء إلى متاهة سفورزا؟

سراديب الظل: كيف قاد دافنشي العلماء إلى متاهة سفورزا؟

النهار٠٦-٠٢-٢٠٢٥

لطالما كان ليوناردو دافنشي شخصية غامضة تمتزج فيها العبقرية العلمية بالإبداع الفني، مخلّفاً وراءه ألغازاً لا تنفكّ تبهر العالم. من "الموناليزا" و"الرجل الفيتروفي" إلى "العشاء الأخير"، لم تكن أعماله الفنية فقط ما أثار دهشة الباحثين، بل ملاحظاته أيضاً ورسوماته التقنية التي تحوي تفاصيل غير متوقعة. وأخيراً، أسفر أحد تلك الرسومات عن اكتشاف أثري مذهل تحت قلعة سفورزا في ميلانو، حيث أثبتت تقنيات حديثة صحة ما دوّنه دافنشي قبل قرون: وجود شبكة من الأنفاق السرية أسفل القلعة.
اكتشاف تحت الأرض بفضل عبقرية دافنشي
أشارت التكهنات منذ فترة طويلة إلى وجود ممرّات تحت القلعة، لكن لم يكن هناك دليل قاطع يؤكّد ذلك. ومع ذلك، جاء الاكتشاف الأخير ليحسم الجدل، حيث استخدم فريق من الباحثين من جامعة Politecnico Di Milano بوليتكنيكو دي ميلانو وشركة "كودفينتك"، بالتعاون مع إدارة القلعة، تقنيات متقدمة، مثل الرادار المخترق للأرض والمسح بالليزر، لتحديد موقع الأنفاق بدقّة. وكشفت هذه التقنية عن أن تلك الأنفاق، التي ورد ذكرها في رسومات دافنشي، ليست سوى جزء من شبكة أوسع بكثير تمتدّ أسفل القلعة، وفقاً لما جاء في التقرير الذي نشره موقع popularmechanics.com.
وقالت الباحثة فرانشيسكا بيولو من جامعة بوليتكنيكو: "لقد ساعدتنا تقنيات الاستشعار الحديثة في إثراء النموذج ثلاثيّ الأبعاد للقلعة ببيانات جديدة عن المساحات التي لم يكن الوصول إليها ممكناً من قبل، مما قادنا إلى اكتشاف ممرّات غير معروفة سابقاً".
قلعة سفورزا: من حصن حربيّ إلى معلم ثقافيّ
تعود قلعة سفورزا إلى القرن الرابع عشر، عندما قام دوق ميلانو، فرانشيسكو سفورزا، بإعادة بناء موقع قديم وتحويله إلى حصن دفاعيّ. لاحقاً، قام خليفته، لودوفيكو سفورزا، بدعوة ليوناردو دافنشي للعمل على مشاريع فنية وهندسية ضمن القلعة، ليترك الأخير بصمته العبقرية في مختلف أرجائها. ومن بين الوثائق التي تركها دافنشي، عثر الباحثون على رسومات توثق نظام الأنفاق غير المرئية للقلعة، وفق ما ورد في مخطوطة فورستر الأولى.
يرجّح الخبراء أن هذه الأنفاق كانت تُستخدم لأغراض عسكرية، مثل تأمين طرق سرية للهرب أو لنقل الجنود والإمدادات في أوقات الحصار. ويُعتقد بأن بعضها كان له استخدامات أكثر شخصية، حيث يربط أحد الممرات القلعة بكنيسة سانتا ماريا ديلي غراتسي، التي تضم لوحة "العشاء الأخير" لدافنشي، كما أنها كانت موقع دفن عائلة سفورزا، مما قد يشير إلى استخدامها كطريق خاصة للعائلة المالكة.
التقنيات الحديثة تفتح نوافذ على الماضي
في عصرنا الحالي، تعدّ قلعة سفورزا موقعاً ثقافياً يضمّ عدة متاحف، مثل "بيناكوتيكا ديل كاستيلو سفورزيسكو" (Pinacoteca del Castello Sforzesco)، ومتحف "بيتا روندانيني" (Museum of the Rondanini Pieta)، ومتحف الفنّ القديم. لكن الأنفاق المكتشفة تطرح تساؤلات جديدة حول تاريخ القلعة، وتمنح الباحثين فرصة لإعادة رسم خريطة معمارها القديم.
ويعمل الفريق البحثي حالياً على إنشاء توأم رقمي لنظام القلعة تحت الأرض، وهو نموذج ثلاثيّ الأبعاد يمكّن الزوار والباحثين من استكشاف الأنفاق افتراضياً. وصرّح البروفيسور فرانكو جوزيتي، المتخصّص في الجيوماتيكا بجامعة بوليتكنيكو، قائلاً: "الهدف هو تطوير نموذج رقميّ يعكس ليس فقط المظهر الحالي للقلعة، بل يعيد أيضاً الحياة إلى العناصر التاريخيّة التي اندثرت بمرور الزمن".
وأضاف أن دمج تقنيات الواقع المعزّز مع هذه النماذج يمكن أن يتيح للزوار فرصة فريدة لاستكشاف العالم السفليّ للقلعة من خلال تجارب افتراضية، الأمر الذي يعزّز الفهم التاريخيّ لهذا المعلم المهمّ.
دافنشي... الفنان الذي لا يكفّ عن الإدهاش
مع مرور أكثر من 500 عام على وفاته، لا يزال ليوناردو دافنشي يثير الدهشة، ليس فقط بأعماله الفنية، بل أيضاً بملاحظاته الهندسية التي ما زالت تحمل أسراراً جديدة. فبعد أن ألهمت رسوماته الباحثين لاكتشاف هذه الأنفاق المخفيّة، يُمكن القول إنّ دافنشي لم يكن مجرّد فنان، بل كان أيضاً مستكشفاً سابقاً لعصره، يترك لنا خرائط تقودنا إلى ألغاز جديدة.
وهكذا، يظل دافنشي شاهداً على أن عبقريته لا تزال تمتد عبر العصور، حيث تواصل أعماله كشف خفايا الماضي وإلهام الأجيال القادمة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

دراسة تحذيرية: إدمان مواقع التواصل الاجتماعي قد يكون علامة على النرجسية
دراسة تحذيرية: إدمان مواقع التواصل الاجتماعي قد يكون علامة على النرجسية

روسيا اليوم

timeمنذ 14 دقائق

  • روسيا اليوم

دراسة تحذيرية: إدمان مواقع التواصل الاجتماعي قد يكون علامة على النرجسية

تعرف النرجسية بأنها سمة شخصية تتسم بالأنانية والشعور بالعظمة ونقص التعاطف والحاجة المستمرة للإعجاب. وأجرى فريق البحث في جامعة غدانسك ببولندا، دراسة على 665 مستخدما لمنصات التواصل الاجتماعي، بهدف دراسة العلاقة بين أشكال النرجسية وإدمان استخدام هذه المواقع. وأظهرت النتائج أن الأشخاص الذين يتمتعون بسمات نرجسية، مثل حب الإعجاب والتنافس والبحث عن الثناء، كانوا أكثر عرضة للإدمان. كما لوحظ أن سمات أخرى، مثل العداء والعزلة قد تنشأ كأثر جانبي للإدمان. ويرجع ذلك إلى ميل النرجسيين للهوس بصورة الذات، خصوصا مع تركيز مواقع التواصل الاجتماعي على كيفية إدراك الآخرين لهم. وحذر العلماء من أن إدمان هذه المواقع يرتبط بمشكلات صحية نفسية وعزلة اجتماعية واضطرابات في النوم وصعوبات في الأداء الدراسي أو المهني. وأشارت الدراسة إلى أن أعراض الإدمان تشمل التدقيق القهري وعدم القدرة على التوقف رغم العواقب السلبية والاعتماد العاطفي على التفاعلات عبر الإنترنت. كما أوضحت أن هذا الاضطراب شائع بين من يعانون من تدني احترام الذات والشعور بالوحدة. وتضمنت الدراسة تحليل 6 أنواع من النرجسية، بينها الإعجاب والتنافس والعداء والعزلة والبطولة والقداسة (الترويج للذات)، ووجد العلماء أن معظمها مرتبط بإدمان وسائل التواصل، عدا "القداسة". وشدد فريق البحث على أن النرجسيين قد يظهرون سلوكيات متلاعبة وسيطرة وتقلبات مزاجية، قد تؤثر سلبا على علاقاتهم الأسرية والاجتماعية. نشرت الدراسة في مجلة أبحاث الشخصية. المصدر: ديلي ميل شارك علماء النفس مجموعة من العلامات التحذيرية التي تدل على أن شريك الحياة قد يكون نرجسيا. يسمى الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الشخصية النرجسية بالنرجسيين، ما يعني الافتقار إلى التعاطف والرغبة في تأكيد الذات من خلال إذلال الآخرين.

اللجنة الوزارية بشأن غزة برئاسة وزير الخارجية تعقد اجتماعًا مع وزير الخارجية الفرنسي
اللجنة الوزارية بشأن غزة برئاسة وزير الخارجية تعقد اجتماعًا مع وزير الخارجية الفرنسي

سعورس

timeمنذ 15 دقائق

  • سعورس

اللجنة الوزارية بشأن غزة برئاسة وزير الخارجية تعقد اجتماعًا مع وزير الخارجية الفرنسي

في إطار جهود اللجنة الوزارية المكلّفة من القمة العربية الإسلامية المشتركة غير العادية بشأن التطورات في قطاع غزة ، عقد وفد اللجنة الوزارية برئاسة صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله، وزير الخارجية، ومعالي نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين في المملكة الأردنية الهاشمية أيمن الصفدي، ومعالي وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج في جمهورية مصر العربية الدكتور بدر عبدالعاطي، اجتماعًا، اليوم، مع معالي وزير أوروبا والشؤون الخارجية في الجمهورية الفرنسية السيد جان نويل بارو، وذلك في مقر وزارة الخارجية الفرنسية بالعاصمة باريس. وجرى خلال الاجتماع بحث الجهود الدولية الرامية إلى إنهاء الحرب على قطاع غزة ، والسماح بتدفق المساعدات الإنسانية إلى القطاع، ومناقشة تعزيز الجهود المشتركة لوقف كافة الانتهاكات التي تمارسها سلطات الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني والأراضي المحتلة ، والتي تخالف القوانين والأعراف الدولية والقانون الدولي الإنساني. وناقش الاجتماع دعم المساعي الرامية إلى إحلال السلام في المنطقة، وتنفيذ حل الدولتين وفقًا للقوانين الدولية ذات الصلة، بما يحقق الأمن والازدهار للمنطقة. كما بحث الاجتماع التحضيرات الجارية للمؤتمر الدولي رفيع المستوى لحل الدولتين، الذي سيُعقد في مقر الأمم المتحدة خلال شهر يونيو المقبل بمدينة نيويورك ، برئاسة مشتركة من المملكة العربية السعودية والجمهورية الفرنسية. حضر الاجتماع سمو مستشار وزير الخارجية للشؤون السياسية الأمير مصعب بن محمد الفرحان. انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.

ترامب يعيد تشكيل مجلس الأمن القومي .. صلاحيات جديدة للخارجية والدفاع - بوابة إقتصاد اليوم ::: بوابة المال والحياة
ترامب يعيد تشكيل مجلس الأمن القومي .. صلاحيات جديدة للخارجية والدفاع - بوابة إقتصاد اليوم ::: بوابة المال والحياة

إقتصاد اليوم

timeمنذ 16 دقائق

  • إقتصاد اليوم

ترامب يعيد تشكيل مجلس الأمن القومي .. صلاحيات جديدة للخارجية والدفاع - بوابة إقتصاد اليوم ::: بوابة المال والحياة

شرعت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يوم الجمعة، في تنفيذ عملية واسعة النطاق لإعادة هيكلة مجلس الأمن القومي داخل البيت الأبيض، وهي خطوة وُصفت بأنها تحمل أبعادًا استراتيجية وإدارية في آنٍ معًا، لكنها أثارت جدلاً كبيرًا داخل الأوساط السياسية الأمريكية. ووفقًا لما نقلته وكالة 'رويترز' عن خمسة مصادر مطلعة، فقد تم إبلاغ عشرات الموظفين العاملين على ملفات حساسة تمس قضايا جيوسياسية كبرى، بإشعارات فصل فوري. وفي التفاصيل التي كشفت عنها شبكة 'سي إن إن'، أُعطي أكثر من 100 موظف إجازة إدارية وأُمروا بإخلاء مكاتبهم خلال أقل من ساعتين. وتراوحت ردود الأفعال بين الصدمة والاستياء، حيث وصف أحد المسؤولين هذا الإجراء بأنه 'غير مهني ومتهور'، بالنظر إلى حساسية المجلس وارتباطه المباشر بأمن وسياسة البلاد الخارجية. الخطوة تأتي بعد أسابيع قليلة من تعيين وزير الخارجية ماركو روبيو في منصب مستشار الأمن القومي، خلفًا لمايك والتز. ومن المتوقع، وفق المصادر، أن تؤدي إعادة الهيكلة إلى توسيع صلاحيات وزارة الخارجية ووزارة الدفاع ووكالات أخرى، في مقابل تقليص دور المجلس الذي لطالما كان المحور التنسيقي الرئيسي بين الوكالات الفيدرالية. وتهدف العملية إلى تقليص عدد موظفي مجلس الأمن القومي إلى العشرات فقط، بعد أن كان يضم مئات الأفراد في بعض الإدارات السابقة. وقال مصدران لـ'رويترز' إن غالبية الموظفين الذين شملهم القرار لن يتم فصلهم من الحكومة نهائيًا، بل سيُنقلون إلى وظائف بديلة داخل مؤسسات الدولة. ويشير متابعون إلى أن هذه التغييرات جاءت في أعقاب لقاء جمع الرئيس ترامب بالناشطة اليمينية المتطرفة لورا لوومر في أبريل الماضي، والتي أعربت عن قلقها من وجود موظفين 'غير موالين' داخل مجلس الأمن القومي. ويُعتقد أن هذه المخاوف ساهمت في تسريع قرار الإقالة الجماعية الذي مسّ أفرادًا كانوا قد خضعوا مؤخرًا لمقابلات تقييم شخصية من قبل مكتب شؤون الموظفين الرئاسي، تركزت حول نظرتهم لدور المجلس وحجمه المثالي. منذ بداية ولاية ترامب، تراجع الدور التقليدي لمجلس الأمن القومي كمؤسسة تُعنى بتقديم الخبرات والنصائح في ملفات السياسة الخارجية والأمن القومي، مع سعيه لتقليص نفوذه لصالح وزارات تنفيذية. ويتوقع محللون أن تعمّق هذه الخطوة التوجه نحو إضعاف المجلس، وتحويله إلى هيئة محدودة التأثير، تقتصر مهامها على التنسيق الإداري دون دور استراتيجي فعّال. مقالات ذات صلة

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store