logo
عبدالعزيز السريع... في كتاب جديد (2)

عبدالعزيز السريع... في كتاب جديد (2)

في المقال السابق تناولنا كتاب الإعلامي أمجد زكي عن كاتبنا المسرحي عبدالعزيز السريع الذي حاول تغطية مختلف جوانب حياة وعطاء «أبو منقذ» الأدبية، وبخاصة مساهماته البارزة والمؤسسة في الكتابة المسرحية. وفي الأسطر التالية نكمل تحليلنا لذلك الكتاب، حيث يفرد الكاتب أمجد زكي فصلاً للنقاد، كما أشرنا، منهم الباحث الكبير في الإنتاج الثقافي الكويتي أ. د. محمد حسن عبدالله. ويقول د. عبدالله إن «السريع» أغزر كتاب المسرحية في الكويت إنتاجاً... بالعمق الذي تبلغه شخصياته. إنه أول من كتب المسرحية الفنية في الكويت». [ص 110]
في الطبعة الثانية من كتابه «الحركة المسرحية في الكويت»، يخصص الفصل الثامن لمسرح «الخليج العربي»، الذي يصفه بأنه المسرح الوحيد الذي لم يعتمد في تأسيسه على جهود أفراد تمرسوا بالعمل المسرحي بقدر ما اعتمدوا على حماسة مجموعة من الشباب الهواة، الذين جمع بينهم حب المسرح والرغبة في التثقيف، وقد أسس هذا المسرح في 15/5/ 1963» [الحركة المسرحية في الكويت، د. محمد حسن عبدالله، ص 121]
وعن مسرحية «الأسرة الضائعة» من وضع عبدالعزيز السريع يقول إنها المسرحية الوحيدة التي شارك السريع بالتمثيل فيها. ويضيف د. عبدالله أن المسرحية عرضت لمدة تسع ليال، «ويمكن اعتبار هذه المسرحية بداية الأسلوب الجاد الذي التزمه مسرح الخليج بعد ذلك... وفيها ظهر محمد المنصور لأول مرة». [نفس المرجع، ص 123]
.related-article-inside-body{min-width: 300px;float: right;padding: 10px 0px 20px 20px;margin-top: 20px;}
.related-article-inside-body.count_2,.related-article-inside-body.count_3{width:100%}
.related-article-inside-body .widgetTitle{margin-bottom: 15px;}
.related-article-inside-body .widgetTitle .title{font-size: 16px;}
.related-article-inside-body .flexDiv{display:flex;align-items:flex-start;justify-content:space-between;}
.related-article-inside-body .flexDiv .articleBox{position: relative;}
.related-article-inside-body .flexDiv.count_3 .articleBox{width:31%}
.related-article-inside-body .flexDiv.count_2 .articleBox{width:48%}
.related-article-inside-body .flexDiv.count_1 .articleBox{width:300px}
.related-article-inside-body .layout-ratio{ padding-bottom: 60%;}
.related-article-inside-body .layout-ratio img{ height: 100%;}
.related-article-inside-body a.titleArticleRelated{font-weight: 700;font-size: 17px;line-height: 25px;padding: 10px 0px;display: block;text-decoration: none;color: #000;}
.related-article-inside-body .date{font-weight: 400;font-size: 13px;line-height: 18px;color: #9E9E9E;}
.related-article-inside-body .defaultView{margin-top: 20px;width: 100%;text-align: center;min-height: 250px;background-color: #D8D8D8;color: #919191;font-size: 18px;font-weight: 800;line-height: 250px;}
@media screen and (max-width: 992px) {
.related-article-inside-body{width: 100%;float: none;padding: 10px 0px;}
.related-article-inside-body .flexDiv.count_1 .articleBox{width:100%}
.related-article-inside-body a.titleArticleRelated{font-size: 14px;line-height: 22px;}
.related-article-inside-body .date{font-size: 12px;}
}
@media screen and (max-width: 768px) {
.related-article-inside-body .flexDiv{flex-direction: column;}
.related-article-inside-body .flexDiv .articleBox{margin-bottom:20px;}
.related-article-inside-body .flexDiv.count_3 .articleBox{width:100%}
.related-article-inside-body .flexDiv.count_2 .articleBox{width:100%}
.related-article-inside-body .flexDiv.count_1 .articleBox{width:100%}
}
ومن نجوم التمثيل المسرحي الذين ظهروا لأول مرة في «عنده شهادة» 18/12/1965 الفنانة القديرة سعاد عبدالله، نجمة مسرح الخليج» [ص 125]. وكانت المسرحية تقوم على عشر شخصيات بينها خمس نساء.
ويبين عرض د. حسن عبدالله مدى ما عبر المؤلف عبدالعزيز السريع عن مشاعر الجمهور من خلال حديثه عن مسرحيات «مسرح الخليج العربي» فنرى أن «الأسرة الضائعة» عرضت لمدة تسع ليال، و«لمن القرار الأخير» والتي أخرجها ومثل فيها كل من صقر الرشود ومنصور المنصور، وظهرت في ديسمبر 1968 عرضت لمدة ست ليال. وتتفاوت مسرحيات السريع الأخرى في فترة العرض، مثل «الدرجة الرابعة» التي عرضت في دمشق وبغداد والقاهرة وعرضت في الكويت لثلاث ليال. ومن المسرحيات التي عرضت لفترات أطول «ضاع الديك» و«شياطين ليلة الجمعة». وكان «مسرح الخليج العربي» كما هو مفهوم قد «أسس بإرادة حرة، دون إشراف أو امتيازات من وزارة الشؤون، أو أي جهة حكومية». [نفس المرجع، ص 134]
ويصف د. محمد مبارك بلال، الناقد الأكاديمي المعروف في هذا المجال مسرح «السريع» بــ «المسرح التنموي»، حيث إن السريع، يضيف د. بلال، يمثل «الاتجاه الأكمل الأكثر فنية للمسرح التنموي». وقد وصف النقاد مسرحية «الجوع» بأنها تشكل «صفحة جديدة وانعطافاً جديداً في تاريخ المسرح الكويتي». [عبدالعزيز السريع، أمجد زكي، ص 118]. وقد نالت مسرحية «ضاع الديك» الكثير من الثناء من النقاد عند عرضها في المغرب. غير أن البعض يرى أن هذه المسرحية «قدمت بعض مشاكل الإنسان في الكويت، لكنها لم تسلط الأضواء على مسبباتها». [زكي، ص 119]
يلاحظ المؤلف، أمجد زكي، أن السريع قد تبنى مسرح «القضية الاجتماعية». ويعلل هذا الاهتمام بأنه أراد تقديم مسرح «أقرب إلى الناس وألصق بهمومهم وأفراحهم وتقاليدهم وتراثهم». ويضيف زكي أن «السريع» يعتبر هذه المدرسة الأقدر على تغيير الناس والتعبير عن مكنوناتهم. ومثلما غاصت أعمال السريع المسرحية في الواقع الاجتماعي وبحثت قضاياه، فإن قصصه القصيرة تناولت الهموم الاجتماعية منذ ظهور أول هذه القصص في صحيفة «الهدف» عام 1964.
ومن الذين أشادوا بدور ومكانة الأستاذ عبدالعزيز السريع الدكتور محمد غانم الرميحي الذي يعتبر ثقافة السريع «موسوعية». أما في مجال المسرح، يضيف د. الرميحي، فهو «حجة». ولهذا امتدت مساحة دوره وعطائه للمحيط العربي وامتداداته، «فهو عضو في لجنة تحكيم أو مشارك في ندوة». ويشير د. الرميحي إلى مجال ثقافي بحاجة إلى مقال أو مقالات وهو دوره في إصدارات مؤسسة البابطين للإبداع الشعري. ومن يعرف جودة هذه الإصدارات والفراغ الذي سدته بعض هذه الموسوعات الشعرية، «يعرف قدرة عبدالعزيز السريع التنظيمية في المتابعة والاهتمام بالتفاصيل». [ص 160]
وهذا ما يؤكده د. علاء الجابر كذلك في شهادته لدور السريع في تنفيذ مشروع معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين، حيث «كان العم (بو منقذ) في حقيقة الأمر، العقل المنفِّذ له بتراتبية، حيث كنت من أوائل العاملين في أول انطلاق المشروع إلى جانب عملي في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب». [كتاب عبدالعزيز السريع، أمجد زكي، ص 256].
ختاماً، لا يمكن اختصار كل عطاء السريع في مقال مهما طال، وقد أصدر الأستاذ أمجد زكي كتابه الأول قبل سنوات عن السريع بعنوان «عبدالعزيز السريع... ملامح في رحلة الاحتفاء والتكريم» لصالح هيئة الفجيرة للثقافة والاعلام، بدولة الإمارات العربية المتحدة... وهذا كتابه الثاني.
شكراً للأستاذ عبدالعزيز السريع وهذا العطاء في مختلف المجالات المسرحية والأدبية والثقافية، وشكراً للجهد التوثيقي والتحليلي الذي بذله الأستاذ أمجد زكي.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

عبدالعزيز الصقر... أحد رجالات «وطن الطيبين»
عبدالعزيز الصقر... أحد رجالات «وطن الطيبين»

الجريدة

timeمنذ 4 أيام

  • الجريدة

عبدالعزيز الصقر... أحد رجالات «وطن الطيبين»

نواصل في هذه الحلقة مع موسى معرفي «خواطر الزمن الجميل»، ويبدأها بحديثه عن أحد رجالات هذا الزمن، فيقول: منذ مدة تراودني الكتابة عن شخصية وطنية قيادية لن تعوّض في تاريخ الكويت، فقدته الكويت وترك وراءه فراغاً كبيراً ونحن في أشد الحاجة إليه هذه الأيام. العم العظيم والرجل الشهم، المرحوم عبدالعزيز حمد الصقر، كان شخصية ذات إنجازات كبيرة في تاريخ الكويت، في صغري كنت أروح إلى ديوان الصقر في الجبلة مع أعمامي في الزيارات المتبادلة أيام العيد. ومرت السنون وأنا في أيام شبابي منذ خمسين سنة، كما تسعفني الذاكرة، مررت في ذات مرة عليه في أحد مستشفيات لندن، حيث كان مريضاً حينها، وحينما دخلت عليه في الغرفة، وكنت أريد أن أعرّفه بنفسي فبادر أنت يا ولدي من عيال معرفي؟ .related-article-inside-body{min-width: 300px;float: right;padding: 10px 0px 20px 20px;margin-top: 20px;} . .related-article-inside-body .widgetTitle{margin-bottom: 15px;} .related-article-inside-body .widgetTitle .title{font-size: 16px;} .related-article-inside-body .flexDiv{display:flex;align-items:flex-start;justify-content:space-between;} .related-article-inside-body .flexDiv .articleBox{position: relative;} .related-article-inside-body . .articleBox{width:31%} .related-article-inside-body . .articleBox{width:48%} .related-article-inside-body . .articleBox{width:300px} .related-article-inside-body .layout-ratio{ padding-bottom: 60%;} .related-article-inside-body .layout-ratio img{ height: 100%;} .related-article-inside-body 700;font-size: 17px;line-height: 25px;padding: 10px 0px;display: block;text-decoration: none;color: #000;} .related-article-inside-body .date{font-weight: 400;font-size: 13px;line-height: 18px;color: #9E9E9E;} .related-article-inside-body .defaultView{margin-top: 20px;width: 100%;text-align: center;min-height: 250px;background-color: #D8D8D8;color: #919191;font-size: 18px;font-weight: 800;line-height: 250px;} @media screen and (max-width: 992px) { .related-article-inside-body{width: 100%;float: none;padding: 10px 0px;} .related-article-inside-body . .articleBox{width:100%} .related-article-inside-body 14px;line-height: 22px;} .related-article-inside-body .date{font-size: 12px;} } @media screen and (max-width: 768px) { .related-article-inside-body .flexDiv{flex-direction: column;} .related-article-inside-body .flexDiv .articleBox{margin-bottom:20px;} .related-article-inside-body . .articleBox{width:100%} .related-article-inside-body . .articleBox{width:100%} .related-article-inside-body . .articleBox{width:100%} } مرت السنون إلى ما قبل الغزو العراقي بسنتين، وكلت بإدارة الشركة الكويتية لبناء وإصلاح السفن من قبل الدولة، حيث آلت ملكيتها بنسبة 85 بالمئة للدولة، بعدما تعرّض سوق الأسهم للانهيار، وظلت ملكية عائلتي الراشد والصقر فيها، فتعرفت على المرحوم حمد عبدالله الصقر، يرحمه الله، وكان عضواً في مجلس الإدارة معي، وبالمناسبة كان يمرّ عليّ بين الحين والآخر، ليخبرني على حالات الوفاة، وكان حريصاً على أداء واجب العزاء في تلك الأيام قبل وفاته. دعاني المرحوم حمد الصقر لزيارة ديوانهم في ضاحية عبدالله السالم، وتعرّفت على العم عبدالعزيز عن قرب خلال تلك الزيارات، ومازلت أزور ديوانهم العامر إلى يومنا هذا. ديوان الصقر كان دائماً عامراً برجالات الكويت كان الديوان عامراً برجالات الكويت، إلّا أن زيارة أستاذي سليمان المطوع، يرحمه الله، كانت لها نكهة خاصة في غشمرته مع العم عبدالعزيز. خلال زياراتي للعم عبدالعزيز، كان في بعض الأحيان يقول: لي تعال أقعد يمّي، وكان يقص عليّ عن سنة المجلس، ويتطرق إلى الدور الذي قام به عمي أحمد محمد حسين معرفي في حل الخلاف، حيث كان عمي من أعز أصدقاء الشيخ أحمد الجابر، يرحمه الله، وكان يزوره يومياً في قصر السيف، وكان موضع ثقة شباب المجلس، فكان رسول السلام فيما بين الطرفين، كما سمعت هذا الكلام من أحد أبناء عمومتي، المرحوم عبدالمجيد عبدالله معرفي، يرحمه الله، الذي عمل في السفارة الكويتية في روما مع المرحوم خالد العدساني، حينما كان سفيراً هناك. أرجع إلى ما تعلمته من العم عبدالعزيز، يرحمه الله، خلال السنين التي كنت أزور ديوان الصقر حتى يوم مماته، يرحمه الله. والعم جاسم الصقر، يرحمه الله، الذي كان يخاطبني بكلمة «يا ابني». المهم في الأمر أنه كان يقص عليّ تاريخ مبادرات تجار الكويت في تأسيس الشركات العديدة، والتي لا أريد أن أطيل عليكم عنها. لكن من الطرائف كانت قصة تدشين أول ناقلة لشركة ناقلات النفط، فقال لي إنه كان رئيس مجلس إدارتها، وبنيت الناقلة في اليابان، وركبها من هناك إلى الكويت، وتحدث عمّا واجهوه من عواصف في المحيط الهادي، إلى أن وصلوا إلى الكويت، وما دعاه لذكر ذلك عندما كنت أتكلم معه عما يواجهه من يسافر بالطائرة من الكثير من مطبّات هوائية عند السفر إلى الشرق الأقصى. استمرت زياراتي لديوان الصقر، وأشعر براحة كبيرة في زياراتي لهم، وأتذكر لما توفي أخي العزيز وائل الصقر في حادث سيارة، كنت دائم التواجد خلال أيام العزاء الثلاثة، وكانوا يصرون أن أتغدى معهم في الديوان كل يوم. هناك الكثير من خواطر عن عيال الصقر، لكن السالفة طالت، ولكن لابُد أن أذكر أمراً مهماً تعلمته من العم عبدالعزيز، يرحمه الله، حيث قال عندما يكون الإنسان في موقع قيادي: «إذا عزمت فتوكل على الله، وإن حسمت فاستعن بالله، وان حزمت فاطلب العون من الله»... هذا مثال لرجالات الكويت الأولين. «الكرنتينه» مستوصف أنشأته المعتمدية البريطانية بفريج الشيوخ عام 1940 مهمته الأساسية الحجر الصحي في فريج الشيوخ الملاصق لفريج معرفي، أنشئ مستوصف في أكتوبر 1940 من قبل المعتمدية البريطانية، بالقرب من ديوان الشيخ صباح الناصر، وكانت مهمته الأساسية الحجر الصحي، وكانت تسمى (الكرنتينه). وكان يعمل فيه الدكتور Greenway والدكتور Easey اللذان جاءا من الهند. هذه مقدمة مختصرة عن الكرنتينه. بعد مدة فتح الدكتور Easey لنفسه عيادة خاصة في بيت الشيخ عبدالله الخليفة في فريج الجناعات، على فكرة، فإن الدكتور إيزي كان (إنجلو إنديا)، أي والده إنكليزي وأمه هندية، وعاش في فريج الجناعات لمده ما يقارب عشرين سنة، ثم انتقل إلى فريج الفهد بجانب مدرسه خالد بن الوليد، وكان يتحدث ثلاث لغات: الإنكليزية، والأردو، والفارسية. وتكونت صداقة بينه وبين والدي، حيث كان يأخذني وإخواني للعلاج لديه، حتى لما انتقل بعيداً عنا إلى فريج الفهد، كان د. إيزي ووالدي «يمونان» على بعض، وكانت نتيجة لتلك العلاقة الصراحة بينهما. ومن الأمور التي صارح والدي فيها ملاحظاته عن الجناعات، ويقول لوالدي إنهم مجموعة هو معجب بهم، وأنهم يختلفون عن باقي أهل الكويت، من حيث إنهم جماعة راقية في سلوكهم وآدابهم وتعليمهم، ذكوراً وإناثاً، وكان دائم الإشادة بهم. هذه شهادة لشخص عاش بيننا لمدة غير قصيرة، وكان معجباً بالجناعات. تعليقان على الخاطرة تسلّمت تعليقاً على الخاطرة من الأخ صبيح سامي السلطان، د. إيزي كان يسكن في ديوانية يوسف المطوع اللصيقة بمسجد العود بفريج وبراحة العود، والعود هو عبدالعزيز المطوع جد أغلب الجناعات، المتوفى حوالي عام 1890، وكان مسناً، وعندما يأتي العيد تجهز العيادة لتصبح ديوانية مرة أخرى وتستقبل المهنئين. ورأيت الراحل الشيخ عبدالله السالم يأتي إليها، وبعدها إلى ديوانية أبناء علي عبدالوهاب المطوع، ولم تكن ملكاً لعبدالله الخليفة الذي كان منزله مجاوراً للحسينية الجديدة. أتذكر د. إيزي كان أيضاً صديقاً لوالدي، ويجلسان معاً، وكان الأطفال يغنون عند بابه «إنجليزي بوتيله... مساء يموت الليلة»، فيخرج معتمراً قبعته ونظارته البيضاء، مبتسما ويوزع «الحلاو والجاكليت» على الأطفال. كل هذا أتذكره وبيدي أثر جرح قديم التهب وعالجه، يرحمه الله. وهذا تعليق تسلمته من الأخ ثابت المهنا، يقول: أحسنت... زوجتي بنت محمد عبدالإله الجناعي، الجناعات استانسوا من هذا الكلام الطيب، بالمناسبة عبدالإله الجناعي يعتبر أول طبيب بالكويت دارس في الهند، وعالج الشيخ سالم المبارك بعد عودته من حرب الجهراء، وأعطاه دكاناً عند كشك مبارك ومسجلة البيانات في الكشك. یا لیت تذكر عن هذا الموضوع. أكون لك من الشاكرين. تحياتي. من أوائل مستوصفات الرجال ذاك الذي أنشأه د. يحيى الحديدي عام 1940 وبعده مستوصف للنساء أسسه د. صلاح أبوالذهب الكويتيون والعمل في الطب تحدثت فيما سبق عن الداية، وتطرقت لقدوم د. يحيى الحديدي الذي وصل الكويت في نهايات 1940، وسكن في أحد بيوت آل معرفي، وولد ابنه د. صباح الحديدي في عام 1945 وهو من جيلي. افتتح مستوصفاً للرجال فور وصوله، حيث كان جاهراً في أحد بيوت الحاج إسماعيل محمد علي بن حيدر معرفي، وهو موقع وزارة التخطيط سابقا، مقابل المدرسة الجعفرية، في نفس السكة التي تطورت لشارع الخليج. وأتذكر المستوصف جيدا، لأن عمي مصطفى صادق كان «يطقنّي الإبر»، وهو مكون من حوش وعلى أطرافه غرف عديدة لكافة استعمالات المستوصف المتعددة. وبعد ذلك في عام 1941 جاء د. صلاح أبوالذهب، والقابلتان اللتان تذكرتهما وهيبة البابا وأمينة البيطار ثم صبحية العريس، التي ذكرتها من قبل، بعد أن فشل د. الحديدي في جلب دكتورة للنساء، فتولى الدكتور أبوالذهب هذه المهمة في بيت آخر على البحر صار مستوصفاً للنساء، وكان ملكاً للحاج إسماعيل معرفي كذلك. من أوائل الكويتيين والكويتيات الذين عملوا وتدربوا على يد الدكتورين، الملا يوسف الحجي ومصطفى صادق وحمود بورسلي وأحمد الدهيم وغيرهم لا تسعفني الذاكرة الآن لتذكرهم. ومن النساء عائشة الجماع وأختها فاطمة اللتان كانتا تسكنان في براحة مبارك، وماما سعيدة اللنقاوي جارتنا، التي سبق لي ذكرها. هؤلاء عملن في التمريض، وهناك سيدة أخرى كان اسمها مشكورة، والتي لا أعتقد أن هذا اسمها الحقيقي، بل لطيبتها سميت بذلك الاسم، ولها أخت كانت تعمل معها. هذه صورة في خيالي وكأنها يوم أمس. الملا... عابدين بن باقر كان سوق التجار يمتد إلى البهيئة شمالاً التي كانت مقابل قصر السيف، وهو تكملة للسوق الذي تمت إعادة بناء جزء منه من المباركية إلى مسجد السوق الكبير الموجود حالياً. وكان هناك امتداد جنوبي للسوق يؤدي إلى سبيل وسوق بن دعيج والأسواق الأخرى. الذي أتذكره أنه تم هدمه من الجانبين في وقت مبكر، وأنا متحسّر على ذلك، وأقيم محله شمالاً المنطقة التجارية الموجودة حالياً. عندما كنا صغاراً أتذكر أنني كنت أذهب في ذلك الوقت إلى «كاركة» بيت جمال من خلال ذلك السوق، وكان العم الحاج إسماعيل جمال، يرحمه الله، متواجداً هناك، حيث كان والدي يبعثني لأشتري منه أنواع الحلوى و«الهردة» للبيت. خلف «الكاركة» كانت هناك سكة تؤدي إلى عيادة الدكتور جوب، في طرف قيصرية عبدالله السالم، وهو هندي الجنسية، قدم إلى الكويت في مطلع الأربعينيات، وكان شائعاً أنه لم يكن يحمل شهادة في الطب، لكن كانت لديه خبرة في صرف أدوية العلاج، حيث تعلم ذلك حينما عمل في المستشفى الأمريكاني قبل ذلك. وبالقرب من عيادته، كانت مدرسة الملا عابدين بن باقر، الذي كان مقرباً من الشيخ مبارك الصباح، والذي أشار عليه بوضع مقولة للإمام علي عليه السلام على بوابة قصر السيف، التي كتبها بخط يده، ومازالت موجودة حتى اليوم «لو دامت لغيرك ما اتصلت إليك». وهو الشاعر المعروف الذي كان يكتب القصائد باللغتين العربية والفارسية، وأرخ تاريخ إنشاء حسينية معرفي عام 1904 بقصيدة بالعربية وأخرى بالفارسية، معلقتين في الحسينية. «لو دامت لغيرك ما اتصلت إليك» عبارة كتبها الملا عابدين بن باقر بخط يده على بوابة قصر السيف بو بدر، ما يحزنني أن هذا الشاعر الكبير والأديب القدير ملا عابدين المولود في الكويت 1865، وتوفي في الكويت 1985، لا يوجد حتى اليوم شارع أو مدرسة أو مكتبة باسمه ليش؟ ما السبب؟ شيء يحير. عبقرية تبحث عن تخليد ذكرت في نهاية خاطرتي السابقة لمحة بسيطة عن الشاعر الكويتي الملقب بذي الرياستين الملا زين عابدين، وعلى أثر تلك الخاطرة وصلتني التفاصيل التالية من أحد الإخوة أعرضها كما وصلتني: الشاعر الكويتي الملا عابدين بن حسن بن باقر الجهرمي، تواجد آباؤه في الكويت منذ بداية القرن التاسع عشر، رزق موهبة الشعر والأدب والفن منذ طفولته بعد دراسته في الكتاب (الملا) بنى نفسه وطور موهبته في بيئة فقيرة بهذه العلوم، تكاد تكون الكتب نادرة ومصادر الثقافة غير معروفة، لكنه كان فلتة من فلتات الزمن، انبثق في زمن وفي مجتمع لا يقيم وزناً للمواهب الربانية لانشغالهم في البحث عن لقمة العيش، كما ظلم إيضاً في زماننا، فلم يحفظ إنتاجه الشعري والثقافي. وبعد وفاته، أتلفت العديد من كتبه التي كان يسافر للهند لطباعتها، وكان يكتب جميع كتبه بخط يده فتطبع بذات الخط، وهو خطاط لا يضاهيه كثير من الخطاطين المعاصرين، ويجيد فنوناً مثل رسم طائر على ورقة مطوية عند فتحها تكون عبارات مثل «إن تنصروا الله ينصركم»، وكان يجيد اللغتين العربية والفارسية، يكتب بهما الشعر ومواضيع الثقافة، حتى سُمّي (ذو الرياستين) على اللغتين. لقد قصّر جيلنا المتعلم في حق هذا النابغة، وأنا شخصياً أتحسر علی ضیاع تراث متنوع تركه الملا عابدين وأهمله هذا الجيل، فكان ينبغي تكريمه بحفظ نتاج عبقريته، وإحياء تراثه، وليس بإطلاق اسمه على شارع. مازالت العديد من بقايا كتبه يقتنيها بعض الأفراد، يمكن جمعها منهم وإعداد دراسة عن فن وشعر وثقافة الملا عابدين، وعن سيرة حياته التي تشكل تاريخ الكويت ومناطق الخليج والسعودية وعمان، وعربستان خاصة تحت حكم الشيخ خزعل. لا شك في أن هناك رغبة من الكثيرين للقيام بذلك، والأمر يحتاج إلى فريق متخصص ومتحمس من المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب لطباعتها. الملا عابدين «ذو الرياستين» كان ينظم القصائد بالعربية والفارسية تفاعلاً مع الحديث عن الملا عابدين كتب الأخ عبدالمحسن تقي مظفر لمحة بتوسع عن الشاعر أنقلها من موقع آخر: الشاعر ملا عابدين كان يلقب بذي الرياستين، لأنه كان يجيد الكتابة باللغتين العربية والفارسية، وهو الشاعر الملازم للشيخ مبارك الصباح فترة طويلة من الزمن، وله في مديحه ومديح الشيخ خزعل (أمير المحمرة) الكثير من القصائد، وهو الذي كتب أو اقترح كتابة الحكمة المشهورة «لو دامت لغيرك ما اتصلت إليك» على بوابة قصر السيف في زمن الشيخ مبارك. يقول عنه الصحافي المصري عبدالمسيح أنطاكي (صاحب صحيفة العمران المصرية)، الذي قابله في يناير 1908 بالكويت ما يلي: «... هو كهل من نجباء العرب... وهو شاعر أميرنا، الشيخ المبارك حضرة الأستاذ العلامة الحاج عابدين ابن الحاج حسن الكويتي. ووجدته واسع الصدر علماً وأدباً وذكاء ونباهة...». وكثير من قصائد عابدين وعبدالمسيح أنطاكي نشرت في مجلد كبير بعنوان «الرياض المزهرة بين الكويت والمحمرة»، وكانت لديّ نسخة نادرة منه أعطيتها لأخي العزيز الشاعر المرحوم خالد مسعود الزيد، الذي كتب عن الملا عابدين في كتابه «أدباء الكويت في قرنين». ومن الإنصاف ألا ننسى هذا الشاعر العظيم ذا الرياستين، وأن تسمى باسمه مدرسة أو شارع أو مؤسسة أخرى. ومن طريف أقواله التي أذكرها منذ صغري: «إن الأناكير ساعت بعد أن سبزت واستشرنت بعد أن كانت تراشيشا» ومعناها: «إن الأعناب اسودت بعد أن اخضرت، واحلوت بعد أن كانت حامضة». والملا عابدين كان فنانا جميل الخط، ومن المؤسف أن عدداً كبيراً من كتبه المخطوطة بيده دفنت جهلاً، بعد وفاته في بئر أحد المزارعين الذين كانوا يزرعون الخضراوات، مثل البربير والرويد والطماطم والجزر في الأرض القريبة من بيته في منطقة شرق. شاعر بديع هذا البيت من قصيدة فريدة من نوعها باللغتين، وهي خلطة من كلمات اللغتين العربية والفارسية، هذه قصيدته في تاريخ حسينية معرفي عام 1904 واحدة بالعربية والأخرى بالفارسية. ويعقب: «هاتان المقولتان كان يرددهما أهل الكويت في ذلك الوقت، وقتها كانت الكويت والزبير والبصرة تشكّل مثلثاً فريداً». ويضيف: «سفرتي الأولى إلى البصرة كانت مع عائلتي عن طريق البر بالسيارة عام 1953، وكان عمري 8 سنوات، وكان الطريق ترابياً، واستأجرنا سيارة سوداء اللون، من نوع فورد، مع حجي ياسين غلوم، وهو من أقارب الأستاذ عبدالصمد التركي، والد المؤلف المسرحي عبدالأمير التركي. عندما نصل إلى صفوان في منتصف الطريق إلى البصرة، تقع الزبير على اليسار وسكنتها الكثير من العائلات النجدية، وكان أبناؤهم يذهبون للبصرة للدراسة، ومنهم من أكمل الدراسات الجامعية في بغداد، ومع ظهور النفط نزحوا إلى الكويت والسعودية. تكمل السفرة باتجاه البصرة، وتصلها بعد 6 ساعات من الكويت أو أكثر. بداية نصل إلى العشار التي كانت تبهرنا بعماراتها من الأجر، ونحن كنا نعيش في بيوت من الطين بالكويت، ونكمل السير لتدخل البصرة التي تشقها شط العرب، وعلى جوانب الشط كانت عمارات من طابقين وثلاثة، وكانت تبهرنا بشناشيلها الحلوة. نسيلها الحلوة. تنزل في خان، أو كما يسمونها أحيانا بالمسافرخانة، أي فندق، وهو خان الحكاك، ونتجول في بساتين النخل، وتتريق القيمر والخبز ونتغدى ونتعشى ونتمشى على جانبَي الشط. ومع مرور السنوات، تم تبليط الطريق من قبل شركة مساعد الصالح في أوائل الستينيات. سفرتنا الثانية كانت على أول طائرة للخطوط الكويتية، واسمها كاظمة عام 1954، وكانت من مطار النزهة إلى البصرة، واستغرقت 20 دقيقة، وذلك في العهد الملكي، وقبل ثورة 14 تموز 1958، واستمررنا بالتردد كما كان الكثير من الكويتيين عن طريق البر بعد تبليطه. كان في البصرة الكثير من البيوت وبساتين النخل، في أغلبها وإن لم تكن كل بساتين أبوالخصيب إلى الفاو بالذات، أملاك كويتية هجرت بعد مطالبة عبدالكريم قاسم بالكويت، وهي مازالت أملاكهم حتى الآن». ويختتم بأن هذه ذكريات في بال أهل الكويت عندما كانوا يسمّون البصرة بـ «سويسرا المنطقة» بعد سفراتهم إلى أوروبا.

عبدالعزيز السريع... في كتاب جديد (2)
عبدالعزيز السريع... في كتاب جديد (2)

الجريدة

time٢٩-٠٤-٢٠٢٥

  • الجريدة

عبدالعزيز السريع... في كتاب جديد (2)

في المقال السابق تناولنا كتاب الإعلامي أمجد زكي عن كاتبنا المسرحي عبدالعزيز السريع الذي حاول تغطية مختلف جوانب حياة وعطاء «أبو منقذ» الأدبية، وبخاصة مساهماته البارزة والمؤسسة في الكتابة المسرحية. وفي الأسطر التالية نكمل تحليلنا لذلك الكتاب، حيث يفرد الكاتب أمجد زكي فصلاً للنقاد، كما أشرنا، منهم الباحث الكبير في الإنتاج الثقافي الكويتي أ. د. محمد حسن عبدالله. ويقول د. عبدالله إن «السريع» أغزر كتاب المسرحية في الكويت إنتاجاً... بالعمق الذي تبلغه شخصياته. إنه أول من كتب المسرحية الفنية في الكويت». [ص 110] في الطبعة الثانية من كتابه «الحركة المسرحية في الكويت»، يخصص الفصل الثامن لمسرح «الخليج العربي»، الذي يصفه بأنه المسرح الوحيد الذي لم يعتمد في تأسيسه على جهود أفراد تمرسوا بالعمل المسرحي بقدر ما اعتمدوا على حماسة مجموعة من الشباب الهواة، الذين جمع بينهم حب المسرح والرغبة في التثقيف، وقد أسس هذا المسرح في 15/5/ 1963» [الحركة المسرحية في الكويت، د. محمد حسن عبدالله، ص 121] وعن مسرحية «الأسرة الضائعة» من وضع عبدالعزيز السريع يقول إنها المسرحية الوحيدة التي شارك السريع بالتمثيل فيها. ويضيف د. عبدالله أن المسرحية عرضت لمدة تسع ليال، «ويمكن اعتبار هذه المسرحية بداية الأسلوب الجاد الذي التزمه مسرح الخليج بعد ذلك... وفيها ظهر محمد المنصور لأول مرة». [نفس المرجع، ص 123] .related-article-inside-body{min-width: 300px;float: right;padding: 10px 0px 20px 20px;margin-top: 20px;} . .related-article-inside-body .widgetTitle{margin-bottom: 15px;} .related-article-inside-body .widgetTitle .title{font-size: 16px;} .related-article-inside-body .flexDiv{display:flex;align-items:flex-start;justify-content:space-between;} .related-article-inside-body .flexDiv .articleBox{position: relative;} .related-article-inside-body . .articleBox{width:31%} .related-article-inside-body . .articleBox{width:48%} .related-article-inside-body . .articleBox{width:300px} .related-article-inside-body .layout-ratio{ padding-bottom: 60%;} .related-article-inside-body .layout-ratio img{ height: 100%;} .related-article-inside-body 700;font-size: 17px;line-height: 25px;padding: 10px 0px;display: block;text-decoration: none;color: #000;} .related-article-inside-body .date{font-weight: 400;font-size: 13px;line-height: 18px;color: #9E9E9E;} .related-article-inside-body .defaultView{margin-top: 20px;width: 100%;text-align: center;min-height: 250px;background-color: #D8D8D8;color: #919191;font-size: 18px;font-weight: 800;line-height: 250px;} @media screen and (max-width: 992px) { .related-article-inside-body{width: 100%;float: none;padding: 10px 0px;} .related-article-inside-body . .articleBox{width:100%} .related-article-inside-body 14px;line-height: 22px;} .related-article-inside-body .date{font-size: 12px;} } @media screen and (max-width: 768px) { .related-article-inside-body .flexDiv{flex-direction: column;} .related-article-inside-body .flexDiv .articleBox{margin-bottom:20px;} .related-article-inside-body . .articleBox{width:100%} .related-article-inside-body . .articleBox{width:100%} .related-article-inside-body . .articleBox{width:100%} } ومن نجوم التمثيل المسرحي الذين ظهروا لأول مرة في «عنده شهادة» 18/12/1965 الفنانة القديرة سعاد عبدالله، نجمة مسرح الخليج» [ص 125]. وكانت المسرحية تقوم على عشر شخصيات بينها خمس نساء. ويبين عرض د. حسن عبدالله مدى ما عبر المؤلف عبدالعزيز السريع عن مشاعر الجمهور من خلال حديثه عن مسرحيات «مسرح الخليج العربي» فنرى أن «الأسرة الضائعة» عرضت لمدة تسع ليال، و«لمن القرار الأخير» والتي أخرجها ومثل فيها كل من صقر الرشود ومنصور المنصور، وظهرت في ديسمبر 1968 عرضت لمدة ست ليال. وتتفاوت مسرحيات السريع الأخرى في فترة العرض، مثل «الدرجة الرابعة» التي عرضت في دمشق وبغداد والقاهرة وعرضت في الكويت لثلاث ليال. ومن المسرحيات التي عرضت لفترات أطول «ضاع الديك» و«شياطين ليلة الجمعة». وكان «مسرح الخليج العربي» كما هو مفهوم قد «أسس بإرادة حرة، دون إشراف أو امتيازات من وزارة الشؤون، أو أي جهة حكومية». [نفس المرجع، ص 134] ويصف د. محمد مبارك بلال، الناقد الأكاديمي المعروف في هذا المجال مسرح «السريع» بــ «المسرح التنموي»، حيث إن السريع، يضيف د. بلال، يمثل «الاتجاه الأكمل الأكثر فنية للمسرح التنموي». وقد وصف النقاد مسرحية «الجوع» بأنها تشكل «صفحة جديدة وانعطافاً جديداً في تاريخ المسرح الكويتي». [عبدالعزيز السريع، أمجد زكي، ص 118]. وقد نالت مسرحية «ضاع الديك» الكثير من الثناء من النقاد عند عرضها في المغرب. غير أن البعض يرى أن هذه المسرحية «قدمت بعض مشاكل الإنسان في الكويت، لكنها لم تسلط الأضواء على مسبباتها». [زكي، ص 119] يلاحظ المؤلف، أمجد زكي، أن السريع قد تبنى مسرح «القضية الاجتماعية». ويعلل هذا الاهتمام بأنه أراد تقديم مسرح «أقرب إلى الناس وألصق بهمومهم وأفراحهم وتقاليدهم وتراثهم». ويضيف زكي أن «السريع» يعتبر هذه المدرسة الأقدر على تغيير الناس والتعبير عن مكنوناتهم. ومثلما غاصت أعمال السريع المسرحية في الواقع الاجتماعي وبحثت قضاياه، فإن قصصه القصيرة تناولت الهموم الاجتماعية منذ ظهور أول هذه القصص في صحيفة «الهدف» عام 1964. ومن الذين أشادوا بدور ومكانة الأستاذ عبدالعزيز السريع الدكتور محمد غانم الرميحي الذي يعتبر ثقافة السريع «موسوعية». أما في مجال المسرح، يضيف د. الرميحي، فهو «حجة». ولهذا امتدت مساحة دوره وعطائه للمحيط العربي وامتداداته، «فهو عضو في لجنة تحكيم أو مشارك في ندوة». ويشير د. الرميحي إلى مجال ثقافي بحاجة إلى مقال أو مقالات وهو دوره في إصدارات مؤسسة البابطين للإبداع الشعري. ومن يعرف جودة هذه الإصدارات والفراغ الذي سدته بعض هذه الموسوعات الشعرية، «يعرف قدرة عبدالعزيز السريع التنظيمية في المتابعة والاهتمام بالتفاصيل». [ص 160] وهذا ما يؤكده د. علاء الجابر كذلك في شهادته لدور السريع في تنفيذ مشروع معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين، حيث «كان العم (بو منقذ) في حقيقة الأمر، العقل المنفِّذ له بتراتبية، حيث كنت من أوائل العاملين في أول انطلاق المشروع إلى جانب عملي في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب». [كتاب عبدالعزيز السريع، أمجد زكي، ص 256]. ختاماً، لا يمكن اختصار كل عطاء السريع في مقال مهما طال، وقد أصدر الأستاذ أمجد زكي كتابه الأول قبل سنوات عن السريع بعنوان «عبدالعزيز السريع... ملامح في رحلة الاحتفاء والتكريم» لصالح هيئة الفجيرة للثقافة والاعلام، بدولة الإمارات العربية المتحدة... وهذا كتابه الثاني. شكراً للأستاذ عبدالعزيز السريع وهذا العطاء في مختلف المجالات المسرحية والأدبية والثقافية، وشكراً للجهد التوثيقي والتحليلي الذي بذله الأستاذ أمجد زكي.

عبدالعزيز السريع... في كتاب جديد (1)
عبدالعزيز السريع... في كتاب جديد (1)

الجريدة

time٢٢-٠٤-٢٠٢٥

  • الجريدة

عبدالعزيز السريع... في كتاب جديد (1)

كتاب الإعلامي أمجد زكي تتبع ثري شامل لمسيرة المسرحي والكاتب الكويتي المعروف عبدالعزيز السريع، وقراءة مدعمة بمادة ثقافية جيدة تغطي مختلف جوانب حياة وعطاء «أبو منقذ» الأدبية، وبخاصة مساهماته البارزة والمؤسسة في الكتابة المسرحية. يقع كتاب الأستاذ زكي عن الأديب الكويتي المعروف في تسعة فصول ملحقة بدراسات وشهادات من شخصيات ذات مكانة في مجال المسرح مع صور ووثائق تزين الكتاب وتجعله عرضاً شائقاً لحياة السريع ودوره وعطائه. لا يحتاج من له مكانة الأستاذ عبدالعزيز السريع إلى كتاب تبجيلي. ومن هنا أعطى الكاتب زكي القلم للنقاد كي يطرحوا آراءهم في أعماله وإسهاماته وكذلك رصد نشاطه في مسرح الخليج العربي «ككاتب ومؤسس وصانع». من هؤلاء الذين استعان بهم الكاتب المعروف د. سليمان الشطي، وأ. صالح الغريب، ود. علاء الجابر وآخرون. الأستاذ السريع من مواليد 1939، ومن الذين تولعوا بالقراءة في سن الخامسة عشرة وبدأوا بقراءة المجلات وبخاصة «صباح الخير» وروايات نجيب محفوظ والآخرين من كتاب مصر المعروفين وأعمال تولستوي ودوستويفسكي وديكنز، وترجمات الأعمال المسرحية، وازداد تأثره بالثقافة والأدب ضمن التيار القومي بانضمامه إلى رابطة الأدباء مبكراً عام 1967، وقد نشرت له مجلة الرابطة «البيان» إحدى قصصه القصيرة في نفس العام. ويتوقف الكاتب زكي مع السنوات التي شكلت مستقبل السريع وكونت منه «رجلاً من صناع الثقافة»، وبخاصة بعد أن تسلم مسؤوليته كأوائل موظفي المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب عند تأسيسه عام 1973. وعندما استقال من هذا المجلس في 1993 تولى منصب الأمين العام لمؤسسة جائزة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية، مواصلاً عطاءه الثقافي ضمن هذه الهيئة واسعة النشاط في الثقافة العربية. لم تنشر حتى الآن دراسات معمقة عن دور الكويت الثقافي في هذه المرحلة، ولكن مثل هذه الدراسات ربما ستقف مع ما يقوله الأديب الفريد فرج، من أن السريع «يملك المواهب الثلاث: الإبداع والثقافة الشاملة ومكانة التأسيس والبناء»، أما كتاب أمجد زكي، كما يقول، فهو تسليط الضوء على «دور السريع في مسرح الخليج الذي هو محور كتابنا هذا». [ص 46] كتب السريع أول أعماله المسرحية سنة 1963 خفية بعنوان «أنا محتار» ثم غير عنوانها لاحقاً بعد أن أعاد كتابة النص وقدمها بعنوان «عنده شهادة». ويصف السريع تجربته الأولى مع توتر الكتابة المسرحية قائلاً: «قدمتها على استحياء لزملائي فقبلوها فوراً وأرسلوها إلى الرقابة التي رحبت بها بشكل ودي وكان من أعضائها الأديب الكبير عبدالرزاق البصير والممثل الكبير سعد الفرج اللذان طلبا لقائي فذهبت وقابلت الأستاذ البصير الذي أبدى إعجابه بالمسرحية وشجعني على الاستمرار». [ص 46] كانت تلك لحظة ابتسم فيها الحظ مستقبلاً المسرحية التي فازت كذلك بالجائزة «الأفضل في أول مسابقة للتأليف المسرحي في الكويت نظمتها وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وقد ذكر عن ذلك أنه فرح كثيراً بمبلغ الجائزة واستغله في السفر مع أسرته الصغيرة إلى كل من البصرة ثم بغداد ثم عمّان فالقدس وسائر المدن الفلسطينية... وصلى مع زوجته في الأقصى وفي الحرم الإبراهيمي، كما زار سورية ولبنان قبل عودته للكويت بعد أكثر من شهرين». دخل الكاتب المسرحي السريع عقد السبعينيات، يقول أمجد زكي، وهو يطوي بين ذراعيه خمسة نصوص مسرحية. وكان حينها في الثلاثين من العمر. وقد شاركه في النشاط الكتابي رفيق دربه وصديقه الممثل الكبير صقر الرشود. اعتاد السريع أن يكتب بقلم رصاص، و»كان يجد في ذلك سهولة في تعديل الحوار متى ما أراد ذلك، وفي تصحيح كلمة هنا أو هناك. وفي الكتاب صورة طريفة للسريع «في المخزن رقم 13 التابع لوزارة التربية حيث كتب بعض نصوص مسرحياته، وكان يشغل وقتها أمين المخزن (1958 - 1968).

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store