
من هو زهران ممداني المرشح لمنصب عمدة نيويورك؟
Reuters
حال نجاحه، سوف يكون زهران ممداني أول عمدة مسلم لمدينة نيويورك.
يقترب زهران ممداني، عضو الجمعية التشريعية لولاية نيويورك والبالغ 33 عاماً، من الترشيح رسمياً في الانتخابات على منصب عمدة مدينة نيويورك عن الحزب الديمقراطي، مسجلاً سابقة تاريخية كأول مسلم يُرشح لهذا المنصب.
ويظهر ممداني تقدماً على العمدة السابق للمدينة أندرو كومو- الذي استقال من منصبه في عام 2021 على خلفية اتهامات بالتحرش الجنسي- بعد فرز 95 في المئة من الأصوات، بفارق 43 في المئة مقابل 36 في المئة في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، مدفوعاً بدعم شعبي كبير وبرنامج يساري جريء.
وقال ممداني لمؤيديه: "لقد صنعنا تاريخاً الليلة. سأكون مرشحكم الديمقراطي لمنصب عمدة مدينة نيويورك".
ويعني نظام التصويت التفضيلي المعتمد في نيويورك أن النتيجة النهائية قد تتغير، لكن تقدم ممداني والزخم الذي يدفعه نحو المزيد من الأصوات يوحيان بأن كفّته ربما تكون رجحت.
ويُعد فوزه على كومو- الذي كان يوماً ما رمزاً سياسياً هاماً في الولاية- لحظة فارق للتقدميين، كما يلقي هذا الفوز الضوء على تحول في مركز الثقل السياسي للمدينة.
من أوغندا إلى كوينز
وُلد ممداني في كامبالا، أوغندا، وانتقل مع عائلته إلى نيويورك عندما كان في السابعة من عمره. والتحق بمدرسة برونكس الثانوية للعلوم، ثم حصل لاحقاً على شهادة في الدراسات الأفريقية من كلية بودوين، إذ شارك في تأسيس فرع "طلاب من أجل العدالة في فلسطين" داخل الحرم الجامعي.
وقد يصبح السياسي التقدمي، الذي ينتمي إلى جيل الألفية، أول عمدة مسلم ومن أصول جنوب آسيوية في المدينة، ولم يتردد في إعلان جذوره وسط هذا التنوع السكاني. فقد نشر أحد فيديوهات حملته بالكامل باللغة الأردية متضمناً لقطات من أفلام بوليوودية، وفي فيديو آخر تحدث بالإسبانية.
وتعرف ممداني على زوجته راما دواجي، وهي فنانة سورية تبلغ من العمر 27 عاماً تعيش في بروكلين، عبر تطبيق المواعدة "هينج- Hinge".
والدته ميرا ناير، مخرجة سينمائية مرموقة، ووالده الأكاديمي محمود ممداني الذي يُدرس في جامعة كولومبيا. وكلا والديه من خريجي جامعة هارفارد.
ويقدم ممداني نفسه كمرشح الشعب وسياسي جماهيري.
وذكرت مستندات في ملفه التعريفي بالجمعية التشريعية: "ومع تقلبات الحياة وتفرعاتها بين السينما والراب والكتابة، ظل العمل التنظيمي دائماً هو ما يمنعه من الوقوع فريسة لليأس، ويدفعه بدلاً من ذلك إلى الفعل والمبادرة".
وقبل دخوله معترك السياسة، عمل مستشاراً في قطاع الإسكان، إذ ساعد مالكي المنازل من ذوي الدخل المحدود في منطقة كوينز على مواجهة خطر الإخلاء.
وجعل من عقيدته كمسلم جزءاً واضحاً من حملته الانتخابية، إذ اعتاد زيارة المساجد بانتظام، كما نشر مقطعاً دعائياً باللغة الأردية يتناول أزمة ارتفاع تكاليف المعيشة في المدينة.
وقال في تجمع جماهيري الربيع الماضي: "ندرك أن الظهور علناً كمسلمين يعني أيضاً التضحية بالأمان الذي نتمتع به ونحن في الخفاء".
وقال جاغبريت سينغ، المدير السياسي لمنظمة العدالة الاجتماعية "درام"، في تصريح لبي بي سي: "لا يوجد حالياً أي مرشح لمنصب العمدة يجسد مجمل القضايا التي تهمني بحق سوى زهران".
معركة تكلفة المعيشة
Reuters
ممداني متزوج من سورية ووالدته تعمل مخرجة سينمائية بينما والده أكاديمي وكلا والديه من خريجي جامعة هافارد.
قال ممداني إن الناخبين في المدينة الأمريكية الأعلى من حيث تكلفة المعيشة يريدون من الديمقراطيين أن يركزوا جهودهم على تحسين القدرة على تحمل تكاليف المعيشة.
وقال في تصريحات لبي بي سي: "هذه مدينة يعاني حوالي ربع سكانها من الفقر، وهناك نحو 500 ألف طفل ينامون جائعين كل ليلة. وفي نهاية المطاف، تبقى المدينة مهددةً بخسارة ما يجعلها متفردة ومميزة".
واقترح ما يلي:
خدمة مجانية للتنقل بالحافلات بين جميع أنحاء المدينة.
تجميد الإيجارات وتشديد المسائلة على المالكين المقصرين.
إنشاء سلسلة من متاجر البقالة المملوكة للمدينة تركز على توفير أسعار في متناول المستهلك.
رعاية شاملة ومجانية للأطفال من عمر ستة أسابيع حتى خمسة أعوام.
مضاعفة إنتاج المساكن مستقرة الإيجار والمبنية بأيدٍ نقابية ثلاث مرات.
تشمل خطة ممداني أيضاً إعادة هيكلة مكتب العمدة لضمان محاسبة مالكي العقارات، إلى جانب توسيع نطاق الإسكان الدائم بتكلفة في متناول المستهلك.
وفي حملته الانتخابية، ربط ممداني الترويج لهذه السياسات ببعض الممارسات العملية التي انجذب إليها الكثيرون وانتشرت على نطاق واسع، من بينها أنه غطس في مياه المحيط الأطلسي في إشارة إلى مطلب تجميد الإيجارات، كما تناول وجبة بوريتو كإفطار في أحد أيام رمضان على متن قطار الأنفاق ليسلط الضوء على غياب الأمن الغذائي. وقبل أيام من الانتخابات التمهيدية، سار على امتداد جزيرة مانهاتن، متوقفاً لالتقاط صور (سيلفي) أو شخصية مع الناخبين.
ورغم إصراره على أن بإمكانه جعل المدينة أكثر قدرة على تحمل تكاليف، إلا أن منتقديه يشكّكون في هذه الوعود الطموحة.
ولم تعلن صحيفة نيويورك تايمز دعمها لأي مرشح في الانتخابات التمهيدية لمنصب عمدة المدينة، ووجهت انتقادات عامة لجميع المرشحين. وقالت هيئة تحرير الصحيفة إن أجندة ممداني "لا تتماشى بالشكل الملائم مع تحديات المدينة" و"تتجاهل في كثير من الأحيان التنازلات الحتمية التي تفرضها مسؤوليات الحكم".
ويحاول كومو، الذي ينافس على ترشيح الحزب الديمقراطي، وآخرون تصوير ممداني على أنه يفتقر إلى الخبرة وأنه "مُتطرف" إلى حدٍ لا يتناسب مع مدينة تبلغ ميزانيتها 115 مليار دولار ويعمل في قطاعها العام أكثر من 300 ألف موظفاً.
مدعوماً من كبار الممولين وتزكيات شخصيات وسطية من بينها بيل كلينتون، شدد كومو على أهمية الخبرة قائلاً: "الخبرة، والكفاءة، والمعرفة بكيفية أداء المهمة، ومعرفة كيفية التعامل مع ترامب، ومع واشنطن، ومع الهيئة التشريعية في الولاية- هذه كلها أساسيات. أنا أؤمن بالتعلم أثناء أداء العمل، ولكن ليس عندما يتعلق الأمر بمنصب عمدة نيويورك".
لكن تريب يانغ، محلل استراتيجي سياسي، يرى أن "الخبرة" لم تعد بالضرورة عنصراً حاسماً في هذا العصر السياسي. وبصرف النظر عن فوز ممداني من عدمه، يعتقد يانغ أن حملته حققت المستحيل.
وقال يانغ: "زهران يستمد قوته من عشرات الآلاف من المتطوعين، ومئات الآلاف من المتبرعين الفريدين. ومن النادر أن نرى حملة لانتخابات تمهيدية محلية في نيويورك بهذا القدر من الحماسة الشعبية والعمل الجماهيري".
وقال لوكماني راي، أحد مؤيدي ممداني: "هو يفهمنا، وينتمي إلينا، هو واحد منّا... من مجتمعنا، مجتمع المهاجرين، كما تعرف".
إسرائيل والأراضي الفلسطينية
أثناء مؤتمر انتخابي عقدته حملة ممداني في الفترة الأخيرة في إحدى حدائق جاكسون هايتس- وهي من أكثر المجتمعات تنوعاً في البلاد- كان الأطفال يركضون ويلعبون على الأراجيح، بينما كان باعة طعام من أصول لاتينية يبيعون المثلجات والوجبات الخفيفة.
جسد هذا المشهد تنوع المدينة بشكل مثالي بعدة طرق- وهو ما يعتبره كثير من الديمقراطيين أعظم ما يميز نيويورك. لكن المدينة لا تخلو من توترات عرقية وسياسية. وقد صرح ممداني بأنه يتلقى تهديدات معادية للإسلام بصفة يومية، بعضها يستهدف عائلته. ووفقاً للشرطة، يجري حالياً تحقيق في جرائم كراهية على خلفية هذه التهديدات.
وقال المرشح لمنصب عمدة نيويورك لبي بي سي إن العنصرية تُجسد ما هو مختل في السياسة الأمريكية، موجهاً انتقادات للحزب الديمقراطي "الذي سمح بإعادة انتخاب دونالد ترامب" و"فشل في الدفاع عن حقوق الطبقة العاملة بغض النظر عن هويتهم أو أصولهم".
كما يُرجّح أن مواقف المرشحين من الحرب على غزة كانت حاضرة في أذهان الناخبين.
يتجاوز دعم ممداني القوي للفلسطينيين وانتقاده اللاذع لإسرائيل معظم المؤسسات الديمقراطية. فقد قدم عضو المجلس التشريعي مشروع قانون لإنهاء الإعفاء الضريبي للجمعيات الخيرية في نيويورك المرتبطة بالمستوطنات الإسرائيلية التي تنتهك القانون الدولي لحقوق الإنسان.
كما صرّح بأنه "يعتقد أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة، وأنها دولة فصل عنصري، وأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يجب أن يُعتقل". من جانبها، ترفض إسرائيل بشدة هذه الاتهامات بالإبادة الجماعية والفصل العنصري.
وتعرض ممداني لضغوط إعلامية في أكثر من مناسبة خلال مقابلات صحفية ليكشف ما إذا كان يؤيد حق إسرائيل في الوجود كدولة يهودية. وفي تصريحات أدلى بها هذا الشهر، قال: "لا أرتاح لفكرة دعم أي دولة تُقيّم مواطنيها بناءً على الدين أو أي معيار تمييزي آخر. وأؤمن بأن المساواة، كما هي مكفولة في هذا البلد، يجب أن تكون مبدأً أساسياً في كل دولة حول العالم.. هذه قناعتي".
من جهتها، تؤكد إسرائيل أن جميع المواطنين من مختلف الأديان يتمتعون بحقوق متساوية بموجب القانون.
وقال ممداني أيضاً إنه يعترف بحق إسرائيل في الوجود كدولة، موضحاً في مقابلة مع برنامج "ذا ليت شو" الإثنين الماضي: "كما هو حال جميع الدول، أؤمن بأن لها حق الوجود، وبأن عليها أيضاً مسؤولية احترام القانون الدولي".
وأضاف أنه لا مكان لمعاداة السامية في مدينة نيويورك، مشيراً إلى أنه حال انتخابه، سيعمل على زيادة التمويل المخصص لمكافحة جرائم الكراهية.
في المقابل، وصف كومو نفسه بأنه "مؤيد بشدة لإسرائيل ويفتخر بذلك".
وفي كثير من الجوانب، تعكس القضايا التي يواجهها الديمقراطيون في نيويورك التحديات ذاتها التي سيواجهها الحزب في الانتخابات المقبلة. ومن المرجح أن تخضع الانتخابات التمهيدية لتحليل على نطاق وطني أوسع لاحقاً، باعتبارها مؤشراً على توجهات الحزب وكيفية تعامله مع ترامب في المستقبل.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوسط
منذ 8 ساعات
- الوسط
من هو زهران ممداني المرشح لمنصب عمدة نيويورك؟
Reuters حال نجاحه، سوف يكون زهران ممداني أول عمدة مسلم لمدينة نيويورك. يقترب زهران ممداني، عضو الجمعية التشريعية لولاية نيويورك والبالغ 33 عاماً، من الترشيح رسمياً في الانتخابات على منصب عمدة مدينة نيويورك عن الحزب الديمقراطي، مسجلاً سابقة تاريخية كأول مسلم يُرشح لهذا المنصب. ويظهر ممداني تقدماً على العمدة السابق للمدينة أندرو كومو- الذي استقال من منصبه في عام 2021 على خلفية اتهامات بالتحرش الجنسي- بعد فرز 95 في المئة من الأصوات، بفارق 43 في المئة مقابل 36 في المئة في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، مدفوعاً بدعم شعبي كبير وبرنامج يساري جريء. وقال ممداني لمؤيديه: "لقد صنعنا تاريخاً الليلة. سأكون مرشحكم الديمقراطي لمنصب عمدة مدينة نيويورك". ويعني نظام التصويت التفضيلي المعتمد في نيويورك أن النتيجة النهائية قد تتغير، لكن تقدم ممداني والزخم الذي يدفعه نحو المزيد من الأصوات يوحيان بأن كفّته ربما تكون رجحت. ويُعد فوزه على كومو- الذي كان يوماً ما رمزاً سياسياً هاماً في الولاية- لحظة فارق للتقدميين، كما يلقي هذا الفوز الضوء على تحول في مركز الثقل السياسي للمدينة. من أوغندا إلى كوينز وُلد ممداني في كامبالا، أوغندا، وانتقل مع عائلته إلى نيويورك عندما كان في السابعة من عمره. والتحق بمدرسة برونكس الثانوية للعلوم، ثم حصل لاحقاً على شهادة في الدراسات الأفريقية من كلية بودوين، إذ شارك في تأسيس فرع "طلاب من أجل العدالة في فلسطين" داخل الحرم الجامعي. وقد يصبح السياسي التقدمي، الذي ينتمي إلى جيل الألفية، أول عمدة مسلم ومن أصول جنوب آسيوية في المدينة، ولم يتردد في إعلان جذوره وسط هذا التنوع السكاني. فقد نشر أحد فيديوهات حملته بالكامل باللغة الأردية متضمناً لقطات من أفلام بوليوودية، وفي فيديو آخر تحدث بالإسبانية. وتعرف ممداني على زوجته راما دواجي، وهي فنانة سورية تبلغ من العمر 27 عاماً تعيش في بروكلين، عبر تطبيق المواعدة "هينج- Hinge". والدته ميرا ناير، مخرجة سينمائية مرموقة، ووالده الأكاديمي محمود ممداني الذي يُدرس في جامعة كولومبيا. وكلا والديه من خريجي جامعة هارفارد. ويقدم ممداني نفسه كمرشح الشعب وسياسي جماهيري. وذكرت مستندات في ملفه التعريفي بالجمعية التشريعية: "ومع تقلبات الحياة وتفرعاتها بين السينما والراب والكتابة، ظل العمل التنظيمي دائماً هو ما يمنعه من الوقوع فريسة لليأس، ويدفعه بدلاً من ذلك إلى الفعل والمبادرة". وقبل دخوله معترك السياسة، عمل مستشاراً في قطاع الإسكان، إذ ساعد مالكي المنازل من ذوي الدخل المحدود في منطقة كوينز على مواجهة خطر الإخلاء. وجعل من عقيدته كمسلم جزءاً واضحاً من حملته الانتخابية، إذ اعتاد زيارة المساجد بانتظام، كما نشر مقطعاً دعائياً باللغة الأردية يتناول أزمة ارتفاع تكاليف المعيشة في المدينة. وقال في تجمع جماهيري الربيع الماضي: "ندرك أن الظهور علناً كمسلمين يعني أيضاً التضحية بالأمان الذي نتمتع به ونحن في الخفاء". وقال جاغبريت سينغ، المدير السياسي لمنظمة العدالة الاجتماعية "درام"، في تصريح لبي بي سي: "لا يوجد حالياً أي مرشح لمنصب العمدة يجسد مجمل القضايا التي تهمني بحق سوى زهران". معركة تكلفة المعيشة Reuters ممداني متزوج من سورية ووالدته تعمل مخرجة سينمائية بينما والده أكاديمي وكلا والديه من خريجي جامعة هافارد. قال ممداني إن الناخبين في المدينة الأمريكية الأعلى من حيث تكلفة المعيشة يريدون من الديمقراطيين أن يركزوا جهودهم على تحسين القدرة على تحمل تكاليف المعيشة. وقال في تصريحات لبي بي سي: "هذه مدينة يعاني حوالي ربع سكانها من الفقر، وهناك نحو 500 ألف طفل ينامون جائعين كل ليلة. وفي نهاية المطاف، تبقى المدينة مهددةً بخسارة ما يجعلها متفردة ومميزة". واقترح ما يلي: خدمة مجانية للتنقل بالحافلات بين جميع أنحاء المدينة. تجميد الإيجارات وتشديد المسائلة على المالكين المقصرين. إنشاء سلسلة من متاجر البقالة المملوكة للمدينة تركز على توفير أسعار في متناول المستهلك. رعاية شاملة ومجانية للأطفال من عمر ستة أسابيع حتى خمسة أعوام. مضاعفة إنتاج المساكن مستقرة الإيجار والمبنية بأيدٍ نقابية ثلاث مرات. تشمل خطة ممداني أيضاً إعادة هيكلة مكتب العمدة لضمان محاسبة مالكي العقارات، إلى جانب توسيع نطاق الإسكان الدائم بتكلفة في متناول المستهلك. وفي حملته الانتخابية، ربط ممداني الترويج لهذه السياسات ببعض الممارسات العملية التي انجذب إليها الكثيرون وانتشرت على نطاق واسع، من بينها أنه غطس في مياه المحيط الأطلسي في إشارة إلى مطلب تجميد الإيجارات، كما تناول وجبة بوريتو كإفطار في أحد أيام رمضان على متن قطار الأنفاق ليسلط الضوء على غياب الأمن الغذائي. وقبل أيام من الانتخابات التمهيدية، سار على امتداد جزيرة مانهاتن، متوقفاً لالتقاط صور (سيلفي) أو شخصية مع الناخبين. ورغم إصراره على أن بإمكانه جعل المدينة أكثر قدرة على تحمل تكاليف، إلا أن منتقديه يشكّكون في هذه الوعود الطموحة. ولم تعلن صحيفة نيويورك تايمز دعمها لأي مرشح في الانتخابات التمهيدية لمنصب عمدة المدينة، ووجهت انتقادات عامة لجميع المرشحين. وقالت هيئة تحرير الصحيفة إن أجندة ممداني "لا تتماشى بالشكل الملائم مع تحديات المدينة" و"تتجاهل في كثير من الأحيان التنازلات الحتمية التي تفرضها مسؤوليات الحكم". ويحاول كومو، الذي ينافس على ترشيح الحزب الديمقراطي، وآخرون تصوير ممداني على أنه يفتقر إلى الخبرة وأنه "مُتطرف" إلى حدٍ لا يتناسب مع مدينة تبلغ ميزانيتها 115 مليار دولار ويعمل في قطاعها العام أكثر من 300 ألف موظفاً. مدعوماً من كبار الممولين وتزكيات شخصيات وسطية من بينها بيل كلينتون، شدد كومو على أهمية الخبرة قائلاً: "الخبرة، والكفاءة، والمعرفة بكيفية أداء المهمة، ومعرفة كيفية التعامل مع ترامب، ومع واشنطن، ومع الهيئة التشريعية في الولاية- هذه كلها أساسيات. أنا أؤمن بالتعلم أثناء أداء العمل، ولكن ليس عندما يتعلق الأمر بمنصب عمدة نيويورك". لكن تريب يانغ، محلل استراتيجي سياسي، يرى أن "الخبرة" لم تعد بالضرورة عنصراً حاسماً في هذا العصر السياسي. وبصرف النظر عن فوز ممداني من عدمه، يعتقد يانغ أن حملته حققت المستحيل. وقال يانغ: "زهران يستمد قوته من عشرات الآلاف من المتطوعين، ومئات الآلاف من المتبرعين الفريدين. ومن النادر أن نرى حملة لانتخابات تمهيدية محلية في نيويورك بهذا القدر من الحماسة الشعبية والعمل الجماهيري". وقال لوكماني راي، أحد مؤيدي ممداني: "هو يفهمنا، وينتمي إلينا، هو واحد منّا... من مجتمعنا، مجتمع المهاجرين، كما تعرف". إسرائيل والأراضي الفلسطينية أثناء مؤتمر انتخابي عقدته حملة ممداني في الفترة الأخيرة في إحدى حدائق جاكسون هايتس- وهي من أكثر المجتمعات تنوعاً في البلاد- كان الأطفال يركضون ويلعبون على الأراجيح، بينما كان باعة طعام من أصول لاتينية يبيعون المثلجات والوجبات الخفيفة. جسد هذا المشهد تنوع المدينة بشكل مثالي بعدة طرق- وهو ما يعتبره كثير من الديمقراطيين أعظم ما يميز نيويورك. لكن المدينة لا تخلو من توترات عرقية وسياسية. وقد صرح ممداني بأنه يتلقى تهديدات معادية للإسلام بصفة يومية، بعضها يستهدف عائلته. ووفقاً للشرطة، يجري حالياً تحقيق في جرائم كراهية على خلفية هذه التهديدات. وقال المرشح لمنصب عمدة نيويورك لبي بي سي إن العنصرية تُجسد ما هو مختل في السياسة الأمريكية، موجهاً انتقادات للحزب الديمقراطي "الذي سمح بإعادة انتخاب دونالد ترامب" و"فشل في الدفاع عن حقوق الطبقة العاملة بغض النظر عن هويتهم أو أصولهم". كما يُرجّح أن مواقف المرشحين من الحرب على غزة كانت حاضرة في أذهان الناخبين. يتجاوز دعم ممداني القوي للفلسطينيين وانتقاده اللاذع لإسرائيل معظم المؤسسات الديمقراطية. فقد قدم عضو المجلس التشريعي مشروع قانون لإنهاء الإعفاء الضريبي للجمعيات الخيرية في نيويورك المرتبطة بالمستوطنات الإسرائيلية التي تنتهك القانون الدولي لحقوق الإنسان. كما صرّح بأنه "يعتقد أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة، وأنها دولة فصل عنصري، وأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يجب أن يُعتقل". من جانبها، ترفض إسرائيل بشدة هذه الاتهامات بالإبادة الجماعية والفصل العنصري. وتعرض ممداني لضغوط إعلامية في أكثر من مناسبة خلال مقابلات صحفية ليكشف ما إذا كان يؤيد حق إسرائيل في الوجود كدولة يهودية. وفي تصريحات أدلى بها هذا الشهر، قال: "لا أرتاح لفكرة دعم أي دولة تُقيّم مواطنيها بناءً على الدين أو أي معيار تمييزي آخر. وأؤمن بأن المساواة، كما هي مكفولة في هذا البلد، يجب أن تكون مبدأً أساسياً في كل دولة حول العالم.. هذه قناعتي". من جهتها، تؤكد إسرائيل أن جميع المواطنين من مختلف الأديان يتمتعون بحقوق متساوية بموجب القانون. وقال ممداني أيضاً إنه يعترف بحق إسرائيل في الوجود كدولة، موضحاً في مقابلة مع برنامج "ذا ليت شو" الإثنين الماضي: "كما هو حال جميع الدول، أؤمن بأن لها حق الوجود، وبأن عليها أيضاً مسؤولية احترام القانون الدولي". وأضاف أنه لا مكان لمعاداة السامية في مدينة نيويورك، مشيراً إلى أنه حال انتخابه، سيعمل على زيادة التمويل المخصص لمكافحة جرائم الكراهية. في المقابل، وصف كومو نفسه بأنه "مؤيد بشدة لإسرائيل ويفتخر بذلك". وفي كثير من الجوانب، تعكس القضايا التي يواجهها الديمقراطيون في نيويورك التحديات ذاتها التي سيواجهها الحزب في الانتخابات المقبلة. ومن المرجح أن تخضع الانتخابات التمهيدية لتحليل على نطاق وطني أوسع لاحقاً، باعتبارها مؤشراً على توجهات الحزب وكيفية تعامله مع ترامب في المستقبل.


الوسط
منذ 17 ساعات
- الوسط
مُناصر لفلسطين يفوز بالانتخابات التمهيدية لمنصب عمدة نيويورك.. من هو زهران ممداني؟
فاز عضو الجمعية التشريعية لولاية نيويورك، زهران ممداني، بالانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي لمنصب عمدة مدينة نيويورك، وفق نتائج أولية أظهرت تفوقه على عشرة مرشحين آخرين، أبرزهم حاكم الولاية السابق أندرو كومو. وأفادت جريدة «نيويورك تايمز» بأن ممداني، وهو مسلم من أصل هندي وُلد في أوغندا، حصل على 43.5% من الأصوات، متجاوزًا منافسه الرئيسي كومو، الذي حصل على نحو 36%، في سباق وصف بأنه من الأشد تنافسًا في تاريخ المدينة. ومن المتوقع الإعلان النهائي عن النتائج في الأسبوع الأول من يوليو، بعد الانتهاء من فرز الأصوات المرسلة عبر البريد. وفي كلمة ألقاها أمام أنصاره عقب تأكيد فوزه، قال ممداني: «لقد كافح سكان نيويورك طويلًا لإيجاد قائد يمثلهم ويضع مصالحهم أولًا. بعد كل هذه الخيبات، يقسو القلب ويضعف الإيمان، لكن اليوم نبدأ فصلًا جديدًا». ممداني، الذي ينتمي للتيار الاشتراكي الديمقراطي داخل الحزب الديمقراطي، تعهّد خلال حملته بجعل النقل العام مجانًا، وتجميد زيادات الإيجارات، وفرض ضرائب أعلى على الأثرياء، ما جعله يحظى بدعم الأوساط التقدمية والشبابية في المدينة. ممداني داعم للقضية الفلسطينية بجانب برنامجه الاقتصادي والاجتماعي، أثار ممداني اهتمامًا واسعًا بمواقفه الجريئة في دعم القضية الفلسطينية، ما جعله عرضة لانتقادات شديدة من اللوبيات المؤيدة لإسرائيل في الولايات المتحدة. وبحسب جريدة «هاآرتس» العبرية، فإن فوزه أثار «قلقًا حقيقيًا في إسرائيل»، إذ وصف الباحث آبي سيلبرشتاين مواقفه بأنها «غير مرضية»، مشيرًا إلى أنه كان من الداعمين لحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS)، وسبق أن وصف العدوان الإسرائيلي على غزة بـ«الإبادة الجماعية». كما رعى ممداني مشروع قانون لإلغاء الصفة الخيرية للمنظمات الأميركية التي تموّل الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وأضاف سيلبرشتاين أن ممداني لا يضع «الدفاع عن إسرائيل دون انتقاد ضمن أولوياته، بل يتبنى خطابًا يراعي الهواجس الحقيقية لجميع سكان نيويورك، بما فيهم الفلسطينيون المتضررون من النزاعات الدولية». ويرى مراقبون أن فوز ممداني يعكس تحوّلاً أوسع في الرأي العام الأميركي، خاصة بين الأجيال الشابة، إذ أظهرت استطلاعات رأي حديثة انخفاض مستوى التعاطف مع «إسرائيل» إلى أدنى مستوياته مقابل ارتفاع غير مسبوق في التأييد للفلسطينيين منذ عام 2001. من هو زهران ممداني؟ وُلد ممداني في أوغندا عام 1991 لعائلة أكاديمية وفنية، فوالده هو المؤرخ البارز محمود ممداني، ووالدته المخرجة السينمائية الشهيرة ميرا نايير. انتقل إلى نيويورك في سن السابعة، حيث نشأ في حي «أستوريا» متعدد الثقافات. دخل الحياة السياسية من بوابة النضال الاجتماعي، ونشط في قضايا العدالة السكنية وإلغاء ديون الطلاب، إلى أن انتُخب عضوًا في الجمعية التشريعية لولاية نيويورك عام 2020. بهذا الفوز، يتأهل ممداني رسميًا لخوض الانتخابات العامة المقررة في 4 نوفمبر المقبل، حيث سيواجه مرشح الحزب الجمهوري كورتيس سليوا، الذي اختير دون منافسة لتمثيل الجمهوريين. وإذا فاز في الانتخابات النهائية، سيكون زهران ممداني أول مسلم وأول مناصر صريح لفلسطين يتولى منصب عمدة أكبر مدينة في الولايات المتحدة.


الوسط
منذ 2 أيام
- الوسط
لماذا اختارت إيران القاعدة الأمريكية في قطر لتوجيه رسالتها لواشنطن؟
Getty Images الرئيس الأميركي دونالد ترامب يتحدث مع أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني ورئيس الوزراء القطري محمد بن عبدالرحمن بن جاسم بن جبر آل ثاني، قبيل مغادرته قاعدة العديد الجوية متوجهاً إلى أبوظبي، في 15 مايو 2025، الدوحة. جاءت الهجمات الإيرانية على قاعدة العديد العسكرية الأمريكية في قطر لتهدد بتوسيع رقعة الصراع إلى ما وراء حدود الجبهات التقليدية. ورغم أن الهجمات لم تسفر عن أضرار بالقاعدة، التي أٌعلن أنها أخليت بالكامل لضمان سلامة العاملين بها، فإن كثرا يتساءلون: لماذا اختيرت هذه القاعدة تحديدا دون سائر القواعد الأمريكية في دول الخليج المجاورة؟ غالبية التحليلات تشير إلى أن اختيار العديد جاء في إطار ما وصفه محللون كثر بـ"رمزية" الرد الإيراني على الهجمات الأمريكية التي شنتها واشنطن على ثلاثة مواقع نووية داخل إيران، وهي فوردو ونطنز وأصفهان. ففي يوم الأحد 22 يونيو/ حزيران، قال الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إن بلاده نفذت هجوما "ناجحا" على تلك المواقع أسفر عن "تدميرها بالكامل". وقد أقر مسؤولون إيرانيون باستهداف المنشآت، إلا أنهم نفوا تعرضها لأضرار جسيمة. "الأسهل لوجيستيا" من زاوية عسكرية ولوجستية، يقول المحلل الإيراني للشؤون العسكرية والاستراتيجية حسين عريان لبي بي سي عربي إن إيران كانت على دراية تامة بأن هذه القاعدة فارغة، مشيرا إلى أن واشنطن كانت قد اتخذت، قبيل هجوم إسرائيل على إيران، سلسلة من الإجراءات الاحترازية التي شملت نقل العاملين في قاعدتها بقطر إلى مكان أكثر أمنا. ويوضح عريان أن "قطر - من الناحية الجغرافية - قريبة للغاية من إيران، نحن نتحدث عن قاعدة عسكرية لا تبعد إلا بنحو 200 كيلومتر من أقرب ساحل في إيران، وربما كانت قاعدة العديد الجوية الهدف الأسهل والأقرب". وتقع قاعدة العديد الجوية جنوب غرب العاصمة الدوحة، وتعرف أيضاً بمطار أبو نخلة. أنشئت عام 1996 وتُعد وفقاً للخارجية الأمريكية أضخم منشأة تابعة لسلاح الجو الأمريكي خارج الولايات المتحدة. ووفقاً لبيانات محدثة حتى العام 2022 نشرها موقع أكسيوس، فإن عدد القوات الأمريكية في قاعدة العُديد يصل إلى 8 آلاف. وتضم القاعدة أيضاً مقرات للقيادة الوسطى الأمريكية والقيادة الوسطى في سلاح الجو الأمريكي. Getty Images عسكريون أمريكيون وقطريون يستعمون إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وهو يتحدث على خشبة المسرح خلال جولة في قاعدة العديد الجوية في 15 مايو 2025، في العاصمة القطرية الدوحة. لماذا استُبعدت الكويت والبحرين والإمارات؟ أما عن استبعاد إيران استهداف المنشآت الأمريكية في دول خليجية أخرى، فيشير عريان، الضابط السابق في البحرية الإيرانية، إلى أن ضرب قاعدة بحرية كتلك الموجودة في ميناء خليفة بن سلمان في البحرين، والتي تضم قيادة الأسطول الخامس الأمريكي والقيادة البحرية الوسطى- كان خيارا صعبا للغاية بالنسبة لإيران، "فهي منطقة مكتظة وأصغر بكثير عن قاعدة العديد التي تقع في منطقة نائية في قطر". ويضم ميناء خليفة بن سلمان في منطقة الجفير شرق المنامة أكبر السفن الحربية الأمريكية، بما في ذلك حاملات الطائرات. كما تتمركز فيه أربع سفن مضادة للألغام، وسفينتان للدعم اللوجستي، وسفن عدة تابعة لخفر السواحل الأمريكي. وعند سؤاله عن القواعد الأمريكية في الإمارات، أوضح عريان أن استهداف قاعدة الظفرة الجوية بالقرب من أبو ظبي حيث يتمركز نحو 3500 عسكري أمريكي، يشكل تحديا أكبر لإيران نظرًا لبعد موقعها الجغرافي بالمقارنة بالعديد في قطر. "كما أن الصواريخ الإيرانية – التي يقول المسؤولون الإيرانيون إنها عالية الدقة –قد تخطئ الهدف، وتتسبب في أضرار كبيرة في قاعدة الظفرة"، يقول عريان. وافقه في هذا الرأي محللون آخرون، من بينهم عبد الله بعبود، الأكاديمي المتخصص في العلاقات الدولية وشؤون الخليج، والدكتور حسن منيمنة، المحاضر في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، الذين أكدا أن هناك "رمزية كبيرة" في اختيار إيران لقاعدة العديد. ويتساءل منيمنة: "لماذا تذهب إيران لضرب منشآت في الكويت مثلاً واستعداءها طالما أن قطر لها سجل مشهود من التفاهمات والوساطات الفعالة في المنطقة؟ إيران اتجهت للعديد في قطر ربما لأنها لم تكن على ثقة بأنها حال ضربت القواعد العسكرية في الكويت سيكون الرد الرسمي، لا العسكري، إيجابا، فطهران قد لا تكون مطمئنة بأن تنجح الكويت في احتواء الأمر". وبرأي منيمنة – فإن موقع العديد في قطر "هو موقع قابل للضبط"، أي أن إيران تدرك تماما بأن قطر تريد أن تتوصل إلى معالجة للمسألة، فالأمور مع الدوحة أقل احتمالا للخروج عن السيطرة". ويضيف إنه كان من الممكن أن يتم اختبار قدرة الإمارات على احتواء الأمر، ولكن يكرر منيمنة السؤال بالقول: "لماذا نختبر الإمارات طالما هناك قطر؟" أما عن التفكير في الهجوم على منشآت أمريكية في البحرين، فيشير منيمنة إلى أن المسألة مع البحرين مختلفة، "فالأمور ليست بهذه السلاسة مع المنامة، أي أنه يمكن لإيران أن تستوعب من قطر الإدانة وطبعا رفض الاعتداء ولكن ستظل تطمئن بأن قطر ستمضي قدما في احتواء المسألة والتوسط". Getty Images الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (يسار) وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني يصلان لعقد مؤتمر صحفي مشترك في الدوحة في 2 أكتوبر 2024. "الغضب القطري يمكن امتصاصه" رأي اتفق معه أيضا بعبود الذي قال إن "إيران حاولت أن ترسل رسالة لواشنطن مفادها أنها تستطيع الوصول لأي قاعدة عسكرية أمريكية في المنطقة ولكنها اختارت العديد لأنها ربما القاعدة الأكبر والأهم بالنسبة للولايات المتحدة في الخليج، فهي رسالة مبطنة لأمريكا"، كما أن طهران– وفقا لبعبود – لا تريد أن تدخل في صراع مباشر مع واشنطن من خلال استهداف قواعد أخرى لها في الخليج. "المسألة كانت مجرد رد فعل رمزي، كما أن العلاقات القطرية الإيرانية قوية، فالغضب القطري يمكن امتصاصه بعكس أي دولة خليجية أخرى و قطر تتفهم هذا الشيء" هكذا يضيف المحلل العُماني. رؤية مشابهة عبر عنها المحلل الإيراني، حسين عريان، الذي قال إن "إيران أبلغت السياسيين القطريين بأنها ستقوم بهذه الضربة، ومن خلالهم تم إخطار الأمريكيين أيضاً. لذلك، ما فعلوه كان في الحقيقة لفتة رمزية، تشبه تماما اللفتة التي اتخذتها إيران عندما قُتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في العراق عام 2022. حينها هاجمت إيران بعددٍ من الصواريخ قاعدة عين الأسد في العراق. لذا، كانت لفتة رمزية وجزءا منها كان دعاية لإخبار الشعب في إيران بأننا فعلنا شيئًا ما". Getty Images جنود وموظفون أمريكيون وقطريون ينتظرون الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في قاعدة العديد الجوية جنوب غرب الدوحة في 15 مايو 2025. دراسة عواقب الضربة الإيرانية للعديد يرى بعض المحللين أنه كان يجب على إيران دراسة العواقب التي ستنتج عن استهدافها قواعد أمريكية في الخليج، ولذلك وقع الاختيار على العديد لتجنب "عواقب وخيمة" كما وصفتها المحللة المختصة في العلاقات الإسرائيلية الإيرانية إيفرت سوفير، التي قالت لبي بي سي "إنه في ضوء العلاقات الإيرانية القطرية القوية، يبدو أن الأمور كانت أسهل من جهة التنسيق لهذه الضربة، وبالتالي احتواء النتائج بشكل أفضل". وأشارت إلى أن علاقات طهران مع الدوحة تعتبر من أكثر العلاقات قربا مقارنة بالعلاقات مع الرياض أو المنامة، ولذلك، تعزو سوفير اختيار العديد إلى "سهولة وسرعة" التنسيق بين كل من إيران وقطر والولايات المتحدة، رغم أن الضربة الإيرانية للعديد أثارت اهتماما وقلقا كبيرا في منطقة الخليج ككل. ورغم علاقات الدوحة المتوازنة تقليديًا مع طهران، فإن وجود قاعدة العديد يضعها في موقف معقّد، فهي الدولة الوحيدة في الخليج التي تستضيف أكبر قاعدة أمريكية دون أن تكون ضمن المحور المناهض لإيران بشكل مباشر. وهنا قد يرى البعض أن هذا التوازن الذي حاولت قطر الحفاظ عليه منذ أزمة الخليج عام 2017، بات عرضة للاختبار.