logo
ترامب في الـ100 يوم الأولى: مشروع للفوضى غير الخلاقة

ترامب في الـ100 يوم الأولى: مشروع للفوضى غير الخلاقة

الجزيرة٠١-٠٥-٢٠٢٥

تُمثل المائة يوم الأولى لأي رئيس أميركي فرصةً ذهبية لتهيئة الظروف الملائمة لترسيخ قيادته، وتحديد منظوره الرئاسي للتعاطي مع القضايا الملحة التي تواجه الولايات المتحدة الأميركية على الصعيدين؛ الداخلي والخارجي، وبات الجدل حول مخرجات الـ 14 أسبوعًا الأولى للرئيس جزءًا من نقاشات النخبة المثقفة في واشنطن، ورؤيتها للخطاب السياسي لساكن البيت الأبيض وفريق عمله التنفيذي. ومن هنا يحاول هذا المقال تقديم رؤية تحليلية للمائة يوم الأولى للرئيس ترامب من خلال الإجابة عن الأسئلة التالية:
ما حجم التهديد الذي شكلته هذه الفترة من رئاسة ترامب على مشروع الديمقراطية الأميركية، وما المؤشرات الدالة على ذلك؟ ما تأثير السياسات التي تبناها خلال هذه الفترة على الوضع الاقتصادي الداخلي للولايات المتحدة الأميركية؟ إلى أي مدى أسهمت مخرجات سياساته الداخلية في التأثير على الخيارات الخارجية لواشنطن؟ ما التوقعات التي ينتظرها العالم من أميركا، وإلى أي مدى تُعد واقعية؟ وهل يشهد العالم أُفول الإمبراطورية الأميركية، وما مترتبات ذلك على الأمن الإقليمي والدولي؟
تهديد المشروع الديمقراطي الأميركي
ينظر الكثير من الأميركيين للرئيس ترامب كمهدد للمشروع الديمقراطي الذي بناه الآباء المؤسسون، وذلك من خلال المؤشرات التالية:
إعلان
أولًا: تمدد السلطة التشريعية للرئيس
يُمثل مبدأ الفصل بين السلطات أحد أهم المعايير المعتمدة في تحديد ديمقراطية النظام الأميركي، وهذا يعني استقلالية كل سلطة عن الأخرى في أداء عملها، ويلاحظ في هذا الجانب أنّ ترامب قد تغوّل على صلاحيات تُعد من اختصاص الكونغرس، والتي من بينها القضايا المتعلقة بالتجارة مع الدول الأخرى، فالكونغرس يتولى مسؤولية تقديم المشورة والمراقبة والتشريع بشأن قضايا السياسة التجارية الأميركية. وتتولى لجنتان، هما لجنة الوسائل والطرق في مجلس النواب ولجنة المالية في مجلس الشيوخ، المسؤولية الرئيسية عن قضايا السياسة التجارية. ولكلٍّ من هاتين اللجنتين لجنة فرعية معنية بالتجارة.
ووفقًا لرأي شريحة من أساتذة القانون الدستوري، تُعتبر سياسات ترامب الجمركية التي أربكت الاقتصاد العالمي واحدة من تمظهرات هذا التغول في الأمر التشريعي الذي هو من اختصاص الكونغرس، على الرغم من وجود تشريعات تعطي الرئيس الحق في مباشرة دور مهم ومؤثر على صعيد التجارة الخارجية في حالة وجود ما يهدد الأمن الوطني الأميركي.
وبالتالي فإنّ الحرب التجارية التي أشعلها ترامب تُعد في رأي كثير من المحللين نوعًا من التهديد المُتخيل الذي لا وجود له إلا في ذهن الرئيس، بيد أنّ الأمر المهم في هذا الجانب هو التغول على سلطات تشريعية هي من اختصاص الكونغرس، وهو أمر مقلق من منظور استدامة النظام الديمقراطي الأميركي الذي يقوم على مبدأ الفصل بين السلطات.
واجهت شرائح مقدرة من الأفراد، والمنظمات والجامعات خطر الملاحقات الجنائية وقطع التمويل والفصل من العمل بمعياري عدم الولاء، ومعاداة السامية، وفي هذا الجانب تمثل المعركة الشرسة الدائرة بين إدارة ترامب وجامعة هارفارد واحدة من تجليات التدخل السافر في الحرية الأكاديمية لمؤسسات التعليم العالي الأميركية.
وقد دفع ذلك رئيس الجامعة آلان غاربر، لكتابة رسالة مفتوحة إلى الإدارة الجمهورية برئاسة ترامب رافضًا فيها قائمة مطالب قدمتها الأخيرة إلى الجامعة، حيث أكد غاربر أنه : "لا ينبغي لأي حكومة – بغض النظر عن الحزب الحاكم – أن تُملي على الجامعات الخاصة ما يُمكنها تدريسه، وقبوله وتوظيفه، ومجالات الدراسة والبحث التي يُمكنها متابعتها".
ويدخل في إطار عملية توظيف القانون لملاحقة الخصوم السياسيين كأحد مهددات النظام الديمقراطي، ما قامت به المدعية العامة الفدرالية العليا في نيوجيرسي ألينا هابا التي عيّنها ترامب قبل شهر مضى، حيث فتحت تحقيقًا مع الحاكم الديمقراطي فيل مورفي والمدعي العام للولاية مات بلاتكين؛ بسبب توجيههما أجهزة إنفاذ القانون بالولاية بعدم التعاون مع العملاء الفدراليين الذين ينفذون قوانين الهجرة، مع الأخذ في الاعتبار أن القانون يعطي السلطات الولائية والمحلية الحق في عدم التعاون في إنفاذ أوامر القبض والإبعاد الصادرة من سلطات الهجرة.
وكان من ضحايا هذا التعسف في توظيف القانون لحسم الخصومة السياسية الناشئة عن اختلاف زوايا النظر للمجازر التي ارتكبت ضد الأبرياء في غزة، عددٌ من الطلاب الدوليين، وبات كل الذين تظاهروا ضد تلك المجازر إبان الحراك الطلابي الأميركي هدفًا للإبعاد بواسطة سلطات الهجرة، حيث لم يُعطوا حق الدفاع عن أنفسهم.
وفي ذات المنحى أُلغيت الكثير من التأشيرات سارية المفعول التي كان يتمتع بها أولئك الطلاب. وفي نظر كثير من الجمعيات الحقوقية والمدنية، فإنّ تلك الإجراءات تُعد انتهاكًا صريحًا لحقوق الإنسان، والتي من بينها الحق في المحاكمة العادلة حال ثبوت الجرم، بجانب أنّ التعسف في توظيف القانون يُعد تقويضًا للحرية المدنية التي تُعد واحدة من ملامح الديمقراطية الأميركية.
الأوامر التنفيذية
شكلت المائة يوم الأولى من الولاية الثانية لترامب أكثر الفترات زعزعةً للاستقرار في التاريخ الأميركي الحديث، وبدلًا من اللجوء للكونغرس في تمرير أجندته التشريعية، لجأ لسياسة إصدار الأوامر التنفيذية والعمل على الالتفاف على الهيئة التشريعية، والدفع بمشروعه السياسي دون أي دور رقابي.
وفي هذا السياق، فإن ترامب منذ توليه الرئاسة وحتى لحظة إكماله الثلاثة أشهر الأولى، قام بإصدار 142 أمرًا تنفيذيًا، على خلاف فترة رئاسته الأولى في العام 2017 والتي شهدت 33 أمرًا تنفيذيًا، وتُعد هذه النسبة العليا في تاريخ الرؤساء خلال فترة المائة يوم الأولى. وهذا يعكس حجم الإرباك؛ بسبب تجاوز المؤسسة التشريعية، رغم أن حزبه يسيطر على مجلسي النواب والشيوخ.
تسييس الخدمة المدنية
تُشكّل عملية تسييس الخدمة المدنية إحدى المعاضل التي تعاني منها الدول النامية، ويتمثل ذلك في تعيين أهل الثقة والولاء وتقديمهم على أصحاب الكفاءة، ولم تكن هذه الظاهرة حاضرة في القاموس السياسي الأميركي، خاصة في المؤسسات ذات الطابع المهني، كالخارجية، والدفاع والمؤسسات الأمنية، بيد أنّ هؤلاء في نظر الرئيس ترامب امتداد لما يسميهم بالدولة العميقة التي قامت بتعطيل مشروعه السياسي في فترة رئاسته الأولى، وبالتالي وجب استئصالهم بفرضية أنّهم أعداء الأمة.
وكانت عملية استئصال هؤلاء تدخل ضمن وعوده الانتخابية التي قال فيها: " يجب أن نسترد الدولة من أعضاء الدولة العميقة، فهم أعداء يعيشون بيننا"، ولذلك قام بإصدار سلسلةً من الأوامر والمذكرات التي أعاقت عمل وكالات ودوائر حكومية عديدة، فجاء التفكير في إنشاء إدارة الكفاءة الحكومية المعروفة اختصارًا بـDOGE، وأُسندت إدارتها لإيلون ماسك؛ بغرض تحسين كفاءة الوكالات الحكومية، ولكن تم توظيف هذه الوكالة الجديدة في التخلص من عدد كبير من الموظفين الفدراليين، ومن المرجح أن يُلغي 100 ألف وظيفة على أقل التقديرات، وربما أكثر من ذلك بكثير ما لم تُلغِ المحاكم هذه القرارات.
وفي المقابل تم توظيف عدد كبير من أصحاب الولاء لترامب، وهذا التطهير الذي طال الموظفين الفدراليين ستكون له انعكاسات كبيرة على مستقبل الولايات المتحدة، وقدرتها التنافسية في مواجهة الصين وبقية المنافسين الإستراتيجيين.
الوضع الاقتصادي
يُمكن قراءة الوضع الاقتصادي من خلال أحد استطلاعات الرأي التي أجرتها قناة فوكس نيوز المقربة من ترامب، والتي أشارت إلى أنّ نسبة المؤيدين لسياسات ترامب الاقتصادية بلغت 38% فقط، وترتبط النسبة المنخفضة لشعبية ترامب فيما يلي إدارته للملف الاقتصادي خلال فترة المائة يوم الأولى؛ بسبب عامل ارتفاع أسعار السلع والخدمات، والذي قاد لازدياد معدلات التضخم؛ بسبب رفع التعريفة الجمركية على واردات السلع الأجنبية.
وقد أشار رئيس بنك الاحتياطي الفدرالي جيروم باول في هذا الصدد في مؤتمر صحفي، إلى أنّ الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب بدأت في دفع التضخم إلى الارتفاع، ومن المرجح أن تعرقل التقدم الذي شهده البنك المركزي في خفض التضخم الذي بلغ ذروته في عام 2022.
وحسب توقعات باول، فإنّ بنك الاحتياطي الفدرالي لا يزال يتوقع عودة التضخم إلى ما يقرب من 2% بحلول نهاية العام المقبل، مع ضرورة الإشارة إلى أنّ نسبة التضخم الحالية تبلغ 2.4%، مؤكدًا على أنّ التعريفات الجمركية قد تؤدي فقط إلى زيادة في الأسعار، بدلًا من تعزيز التضخم بشكل مستمر.
ومن المنظور التحليلي، يمكن القول إنه رغم هذه الصورة المتفائلة التي رسمت للاقتصاد الأميركي من رئيس بنك الاحتياطي المركزي، تظل الحقيقة الماثلة الآن بالنسبة للمواطن الأميركي العادي الذي يتعامل مع احتياجاته اليومية في مراكز بيع السلع والخدمات، أنّ الأسعار تتجاوز قدرته على الإنفاق، وهذا ما انعكس على انخفاض شعبية ترامب فيما يتصل بإدارته للملف الاقتصادي، إذ بلغت 36%، ويمكن لهذا الارتفاع الجنوني الذي تشهده الأسواق الأميركية، إذا استمر، أن تكون له نتائج سياسية مباشرة في تركيبة السلطة في واشنطن على مستوى انتخابات التجديد النصفي القادمة، وعلى المستوى الخارجي.
البريكست التجاري وتداعياته
لم يسبق قرار ترامب خلال مئويته الأولى بمحاربة العالم أجمع، والخروج من النظام الاقتصادي العالمي الذي تشكلت ملامحه عبر اتفاق بريتون وودز الموقع في عام 1944، والذي كان أساسًا للتجارة الحرة بين الدول، أي فترة انتقالية مثلما حدث في تجربة خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي. بيد أنّ العيب الرئيسي لخروجها وقتذاك تمثل في اضطراب العلاقات الاقتصادية والتجارية.
ليقود ذلك فيما بعد إلى تراجع اقتصادها (المملكة المتحدة) وتراجع تجارتها مع أقرب جيرانها، وواجهت بسبب ذلك حواجز أكبر أمام التجارة وتدفقات رأس المال وتنقل العمالة، مما أثر سلبًا على الإنتاج والوظائف، وذات الأمر يمكن أن ينطبق على الولايات المتحدة الأميركية؛ نتيجة الحرب التجارية التي أشعلها الرئيس الأميركي خلال مئويته الأولى.
ويعتقد الرئيس ترامب أنّه قادر على إعادة رسم خريطة النظام التجاري العالمي، وإجبار غرمائه التجاريين على الجلوس على طاولة المفاوضات عبر الضغط التجاري، وهو ما لم يحدث حتى الآن.
فحظوظ واشنطن في التواجد الدولي وقيادة النظام العالمي ترتبط مباشرة بانفتاحها على العالم، وليس انغلاقها على نفسها، والتقوقع في محيط السياسات الحمائية التي ستضعف من قدراتها على التفاعل الإيجابي، وإثراء تجربتها التي ازدهرت بفعل حرية حركة رؤوس الأموال والأفراد.
فالبريكست البشري الذي عزّزته سياسة غلق الحدود وإبعاد المهاجرين وترحيلهم إلى بلدانهم التي جاؤوا منها، رغم أنّه يقع ضمن نطاق وعود ترامب الانتخابية، والتي نجح فيها بصورة واضحة خلال المائة يوم الماضية، فإنّه يُشكل تعطيلًا لرافد طالما أثرى الخلق والابتكار في رحلة أميركا نحو التميز في ضروب شتى خاصة قطاع التكنولوجيا، وما تجربة السيليكون فالي وروادها ببعيدة.
ولعل أبرز المستفيدين من بريكست واشنطن التجاري، هي الصين، التي ستتاح لها فرصة التغلغل في أقاليم مختلفة من العالم، وذلك بمنطق أنّ أي فراغ ستخلفه أميركا سيُملأ بفاعل صيني، مع الأخذ في الاعتبار أنّ بكين قطعت أشواطًا بعيدة في اتجاه ربط نفسها بمختلف أقاليم العالم عبر مبادرة الحزام والطريق، وبالتالي فإن حرب ترامب التجارية في مئويته الأولى، واختياره العزلة الحمائية، سيتيحان فرصة أكبر للصين بتقديم نفسها كقوة بديلة مستعدة للدخول في شراكات مثمرة ستُمكنها فيما بعد بترجمة النفوذ التجاري والاقتصادي إلى نفوذ عسكري ودفاعي يُمكنها من فرض شروط وقواعد اللعبة التي انفردت بها أميركا لعقود.
شهدت المائة يوم الأولى للرئيس ترامب على الصعيد الخارجي، تفاقم أزمة الثقة في النظام الأميركي برمته، وذلك بسبب استمرار واشنطن في استخدام سياساتها الاقتصادية كسلاح، وتقويض مؤسساتها الداخلية التي بنيت على قاعدة تعزيز حكم القانون.
وفي هذا الصدد، يشير الرئيس التنفيذي لشركة ديفير إلى أن الثقة بالدولار ارتكزت منذ زمن طويل على سيادة القانون، والاستقرار الجيوسياسي، والقيادة الاقتصادية الأميركية الثابتة، ولكن مع تفكيك ترامب خريطة تحالفاته مع شركائه الأوروبيين، واعتماده في الحكم على قرارات تنفيذية، قاد ذلك لإضعاف ثقة الكثير من الشركاء الفعليين، والشركاء المحتملين في الولايات المتحدة، وبات ينظر لها رغم مكانتها باعتبارها شريكًا غير موثوق به.
ومن العوامل التي عززت من عدم الثقة في الإدارة الأميركية، أنّ إدارة ترامب لم تضغط على نتنياهو للتفاوض بجدية لوقف الحرب في غزة، رغم أنّ الطرف الفلسطيني قد أوفى بتعهداته، ولم يحرك إصرارُ رئيس الوزراء الإسرائيلي على حقه في مواصلة الحرب، حتى لو أطلقت حماس سراح جميع الرهائن الإسرائيليين، الإدارةَ الأميركية الجديدة في أن تتقدم خطوة تجاه الوفاء بتعهداتها للناخبين وللعالم، الأمر الذي يُضعف من أي فرص لتعاطي العالم مع واشنطن بوصفها شريكًا مؤتمنًا يمكن الوثوق به.
ولعل ما رشح من معلومات عن دخولها في تفاوض سري مع إيران بغية الوصول لتسوية ربما تحيّد طهران عن المضي قدمًا في مشروعها النووي، وتحويله للأغراض السلمية، يعزز من عدم الموثوقية في أميركا، والتي ربما أدارت ظهرها بهكذا خطوة لشركائها الخليجيين، وهو ما حدث للحلفاء الأوروبيين، خاصة في الملف الأوكراني. وعليه فإنّ أي تراجع في دور واشنطن بسبب الانكفاء الداخلي، أو عدم ثقة الكثير من الأطراف الإقليمية والدولية في أميركا سيصبّ في صالح الصين.
ثمة موضوع آخر يمكن الإشارة إليه في سياق خطأ المقاربة الخارجية لترامب في مئويته الأولى، وهو موضوع إحلال السلام في أوكرانيا، حيث وعد بإنهاء الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا في وقت وجيز، بيد أنّ خطأ التقديرات السياسية، قاد إلى خلق نوع من عدم الثقة بين واشنطن وكييف من جهة، وأميركا والشركاء الأوروبيين من جهة أخرى، الأمر الذي يصب في محصلته النهائية في إضعاف الدور الخارجي للولايات المتحدة الأميركية.
الخلاصة
تُمثل المئوية الأولى من فترة رئاسة ترامب الثانية تحديًا حقيقيًا للداخل الأميركي وللخارج، فعلى الصعيد الداخلي فإنّ إضعاف روح القانون وسيادته وتوظيف المؤسسات العدلية للعب دور سياسي، أمرٌ بالغ الخطورة، ولعل أحد أهم تداعياته هو أنّ الديمقراطية الأميركية ستكون مهددة بشكل كامل، وربما يتعاظم هذا التهديد بعد انتهاء ولاية ترامب الثانية، وذلك من واقع أنّ ما يقوم به ترامب سيضعف ثقة الناس في المؤسسات باعتبارها قائمة على الولاء، وليس على الكفاءة، وبالتالي سينزع ذلك عنها ثوب الشرعية، الأمر الذي سيجعل من الصعوبة، إن لم يكن من الاستحالة، أن تلعب واشنطن دورًا خارجيًا مؤثرًا باعتبارها قوة عظمى؛ بسبب انكشاف ظهرها، وصعوبة ترميم ما قام به ترامب خلال مائة يوم، ناهيك عما سيقوم به خلال أكثر من ثلاث سنوات قادمة.
وفي المقابل، فإنّ تآكل أميركا من الداخل، وعجزها عن لعب دور يتّسق ومكانتها على الصعيد الخارجي، سيُغريان الصين وعددًا من المنافسين الدوليين بملء الفراغ الذي ستخلفه واشنطن، ولن تمضي الحرب التجارية التي أشعلها ترامب ضد الكل بدون تداعيات.
ولعل أبرز تلك المترتبات هو أنّ هناك أطرافًا عديدة باتت قادرة على أن تقول لأميركا لا يمكنك فعل ذلك بدون ثمن، ومع عجز ترامب عن الوفاء بتعهداته التي قطعها على نفسه في خطاب التنصيب بأنّه قادر على إعادة "الإيمان والثروة والديمقراطية والحرية" فإنّ الباب يظل مفتوحًا لتشكل نظام متعدد الأقطاب تلعب فيه أميركا دورًا محدودًا أسوة بالآخرين.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ترامب الابن: ربما أسعى لخلافة والدي في يوم من الأيام
ترامب الابن: ربما أسعى لخلافة والدي في يوم من الأيام

الجزيرة

timeمنذ 42 دقائق

  • الجزيرة

ترامب الابن: ربما أسعى لخلافة والدي في يوم من الأيام

ألمح دونالد ترامب الابن إلى احتمال ترشحه لمنصب سياسي في المستقبل أو السعي لخلافة والده الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وقالت وكالة بلومبيرغ إن ترامب الابن سئل عن الأمر خلال مشاركته في منتدى قطر الاقتصادي فأجاب "لا أدري، ربما أسعى في يوم من الأيام إلى دخول الحياة السياسية وربما خلافة والدي في منصب الرئاسة". وأردف قائلا "أعتقد أن والدي غيّر فعلًا الحزب الجمهوري. أصبح الآن حزب أميركا أولًا، أو حزب MAGA، أيًّا كان ما تفضّلون تسميته". وعلى الرغم من أنه نادرًا ما تحدث عن طموحاته السياسية، فإن ترامب الابن أصبح شخصية بارزة في الساحة السياسية، إذ شارك في الحملة الانتخابية لوالده بانتظام، وظهر كثيرًا على وسائل الإعلام، وألقى خطابًا رئيسيا خلال المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري. ومن جهته، لا يزال ترامب الأب يلمّح إلى إمكانية ترشحه مرة أخرى في عام 2028، رغم أن الدستور الأميركي يحدد فترتين رئاسيتين فقط. وفي فترته الأولى، لعبت ابنته إيفانكا وصهره جاريد كوشنر دورًا بارزًا كمستشارين في البيت الأبيض ، أما في الوقت الحالي فقد أصبح دورهما أقل ظهورًا. وقد أمضى ترامب الابن معظم مسيرته المهنية في منظمة ترامب التي تركز على تطوير العقارات الفاخرة، ويُعد من أبرز المدافعين عن السياسات الاقتصادية لوالده. وبرز دوره بشكل أكبر في الولاية الثانية لترامب، حيث دعم ترشيح السيناتور جيه دي فانس لمنصب نائب الرئيس. وبرز ترامب الابن كأحد أبرز أفراد العائلة منذ عودة والده إلى البيت الأبيض، رغم أنه لا يشغل أي منصب رسمي في الإدارة. بدلًا من ذلك، انضم إلى شركة "1789 كابيتال"، وهي شركة استثمار تركز على الشركات ذات التوجهات المحافظة، أسسها المستثمر عميد مالك. ومن على منصة المنتدى في الدوحة، وجّه ترامب الابن انتقادات لبيئة الأعمال في أوروبا، مشيدًا ببيئة الاستثمار في الخليج، مشيرًا إلى أن "الناس هنا يعملون بجدّ، ولا يتعاملون مع مناخ تنظيمي خانق كما هو الحال في أوروبا الغربية".

خبراء: رامافوزا يملك الفرصة ليضع ترامب في حجمه الحقيقي أمام العالم
خبراء: رامافوزا يملك الفرصة ليضع ترامب في حجمه الحقيقي أمام العالم

الجزيرة

timeمنذ 3 ساعات

  • الجزيرة

خبراء: رامافوزا يملك الفرصة ليضع ترامب في حجمه الحقيقي أمام العالم

واشنطن- في لحظة دبلوماسية مشحونة، يستقبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب نظيره الجنوب أفريقي سيريل رامافوزا في البيت الأبيض اليوم الأربعاء، وهو أول لقاء منذ تصاعد التوتر بين البلدين بسبب اتهامات واشنطن لحكومة بريتوريا بـ"اضطهاد البيض" ومصادرة الأراضي الزراعية من الأقلية الأفريكانية. وبينما توصف الزيارة بـ"الاختبار الصعب" خاصة بعد منح ترامب اللجوء لـ59 جنوب أفريقي أبيض، وتهديداته بمقاطعة قمة مجموعة الـ20 المقررة في جوهانسبرغ في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، تتحرك في الخلفية ملفات اقتصادية وإستراتيجية يخدم حلها مصالح الطرفين. فهل ينجح رامافوزا في ترميم الجسور مع إدارة ترامب؟ وهل تغير واشنطن مقاربتها ل جنوب أفريقيا تحت ضغط التنافس الدولي على القارة السمراء؟ فرصة يتصدر ملف "اضطهاد البيض" واجهة التوترات بين البلدين، إذ تتهم واشنطن حكومة رامافوزا بتبني إجراءات تستهدف الأقلية البيضاء، في إشارة إلى سياسات إعادة توزيع الأراضي التي تنفذها جنوب أفريقيا لمعالجة إرث الفصل العنصري. ويرى حافظ الغويل، كبير الباحثين في معهد الدراسات الخارجية بجامعة جونز هوبكنز، أن زيارة الرئيس رامافوزا إلى واشنطن تمثل فرصة حقيقية "لإعادة توجيه البوصلة" في العلاقة مع إدارة ترامب، ولتصحيح ما يصفه بـ"المواقف الأميركية غير العقلانية" التي تحركها حسابات ضيقة داخل معسكر ترامب المحافظ. ويقول للجزيرة نت إن جنوب أفريقيا ليست في موقع الدفاع، بل هي دولة ذات ثقل تاريخي واقتصادي في القارة، وإن "رامافوزا يملك الفرصة ليضع ترامب في حجمه الحقيقي أمام العالم من خلال شرح موقف بلاده بثقة ووضوح، في مواجهة الاتهامات الجزافية التي دأب الرئيس الأميركي على إطلاقها تجاه حلفاء وخصوم على حد سواء". وانتقد الغويل منح اللجوء السياسي لمواطنين بيض من جنوب أفريقيا، معتبرا أن "الإدارة الأميركية تكشف عن انحياز عنصري حين تتهم بريتوريا بممارسة التمييز ضد البيض، بينما تغض الطرف عن سياسات الهجرة التمييزية التي تنهجها". وقال إن معظم من يسعى للجوء باستعمال هذه الذريعة هم أنفسهم من أكثر الناس عنصرية في بلادهم. وأكد على أن جنوب أفريقيا لا تحتاج لشهادة من ترامب بشأن ديمقراطيتها أو احترامها للحقوق، مشددا على أن تاريخ البلاد وواقعها السياسي، يبعدان عنها أي تهمة بوجود اضطهاد ضد البيض كما تدعي إدارة ترامب. ملفات شائكة اقتصاديا، تسعى بريتوريا لإقناع واشنطن بإعادة النظر في الرسوم الجمركية التي فرضتها على صادرات جنوب أفريقيا التي تأمل في الحفاظ على استفادتها من "قانون النمو والفرص في أفريقيا" الذي يمنح الدول الأفريقية إعفاءات جمركية لدخول السوق الأميركية. كما تراهن جنوب أفريقيا على إصلاح العلاقات مع شركات أميركية مؤثرة مثل "تسلا" و"ستارلينك"، في أعقاب توترات بشأن قوانين التمكين الاقتصادي التي تتطلب ملكية محلية سوداء بنسبة 30%، والتي اعتبرها إيلون ماسك"تمييزية"، بينما تؤكد بريتوريا أنها تهدف إلى معالجة إرث الفصل العنصري. ويرى الداه يعقوب، وهو محلل سياسي مختص بالشؤون الأفريقية بواشنطن، أن زيارة رامافوزا تمثل محاولة إستراتيجية من جنوب أفريقيا لإعادة إنعاش علاقتها الاقتصادية المتوترة مع الولايات المتحدة. ويوضح أنها تُعد من الشركاء التجاريين الرئيسيين لواشنطن بعد الصين، وبالتالي فإن إعادة الدفء للعلاقات تخدم مصالح الطرفين، خصوصا في ظل التنافس الدولي المحتدم على الأسواق الأفريقية. ويضيف يعقوب للجزيرة نت أن الزيارة تحمل رسائل متبادلة؛ فمن جهة، تسعى جنوب أفريقيا إلى تأكيد مكانتها كشريك اقتصادي مهم للولايات المتحدة، ومن جهة أخرى، يرغب ترامب في إظهار اهتمامه بالقارة الأفريقية، بعد تركيزه السابق على ملفات مثل أوكرانيا و غزة. قمة الـ20 تمثل قمة مجموعة الـ20 المقبلة خلفية سياسية محورية لزيارة رامافوزا إلى واشنطن. فبينما تأمل جنوب أفريقيا أن تُتوج رئاستها الدورية للمجموعة بتنظيم قمة تاريخية هي الأولى على أراضي القارة الأفريقية، جاء تلويح الرئيس ترامب بمقاطعة القمة ليعكّر هذه التطلعات، ويضغط دبلوماسيا على بريتوريا في أكثر من ملف. في هذا السياق، يرى محللون أن رامافوزا يسعى من خلال زيارته الحالية إلى إقناع إدارة ترامب بإعادة النظر في قرار المقاطعة، لأن غياب الولايات المتحدة من شأنه أن يُفقد القمة توازنها السياسي ويقلل من فرص خروجها بقرارات قوية. كما قد يبدو كفشل رمزي في إدارة التوازنات الدولية، في وقت تتسابق فيه دول مثل الصين وروسيا لملء الفراغ في أفريقيا وتقديم نفسها كشركاء أكثر موثوقية في أعين دول القارة. ويقول المحلل السياسي يعقوب إن رامافوزا يعي جيدا أن إقناع واشنطن بالمشاركة يمثل أولوية قصوى، لتفادي أي إحراج دبلوماسي وضمان حضور دولي وازن يعيد التأكيد على دور ومكانة جنوب أفريقيا على المستويين القاري والعالمي. من جهته، يشرح الباحث الغويل أن موقف إدارة ترامب من هذه القمة لا يرتبط فقط بسياسات جنوب أفريقيا الداخلية، وتحديدا قانون إصلاح الأراضي، بل يعكس أيضا رد فعل غاضبا على مواقف بريتوريا في السياسة الخارجية. ويشير إلى أن رفع جنوب أفريقيا دعوى ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب جرائم إبادة في غزة، كان نقطة تحوّل في نظرة واشنطن للعلاقات الثنائية، وهو ما انعكس في التلويح بالمقاطعة ومحاولة عزل بريتوريا سياسيا.

تحديد رسوم رخص العمل واستقدام العمال
تحديد رسوم رخص العمل واستقدام العمال

الراية

timeمنذ 5 ساعات

  • الراية

تحديد رسوم رخص العمل واستقدام العمال

أشاد بنتائج مباحثات صاحب السمو مع الرئيس ترامب ..مجلس الوزراء: تحديد رسوم رخص العمل واستقدام العمال الموافقة على مشروع القرار بشأن الميزة الضريبية المرتبطة بالأرباح الرأسمالية الناشئة عن إعادة الهيكلة ضمن المجموعة الواحدة الدوحة - قنا: ترأس معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، الاجتماع العادي الذي عقده المجلس صباح اليوم بمقره في الديوان الأميري. في بداية الاجتماع أشاد مجلس الوزراء بنتائج مباحثات حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى "حفظه اللّه" مع فخامة الرئيس دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الصديقة، خلال زيارة الدولة التي قام بها إلى دولة قطر يومي الرابع عشر والخامس عشر من شهر مايو الحالي. وأكد المجلس أن الزيارة التاريخية، والمباحثات الموسعة التي جرت في إطارها، وما تم توقيعه خلالها، من اتفاقية ومذكرات تفاهم، وإعلان مشترك للتعاون بين حكومة دولة قطر وحكومة الولايات المتحدة الأمريكية، يمثل علامة بارزة في مسار العلاقات الاستراتيجية الوطيدة بين البلدين، وشراكتهما الاستثمارية المتميزة، ويشكل قوة دفع جديدة للتعاون البناء القائم بينهما في العديد من المجالات، بما يحقق المصلحة المشتركة للبلدين والشعبين الصديقين، ويعزز الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة والعالم. ورحب مجلس الوزراء بنتائج أعمال الدورة العادية الرابعة والثلاثين لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة، التي عقدت في السابع عشر من شهر مايو الحالي بالعاصمة العراقية بغداد، بمشاركة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى "حفظه اللّه". وأعرب المجلس عن تطلعه لأن تسهم مخرجات القمة في تعزيز التضامن والعمل العربي المشترك خاصة في ظل التحديات التي تواجه الأمة العربية، وفي مقدمتها ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من قتل وتجويع وحصار ومخططات لتهجير سكان قطاع غزة، وما يستوجبه ذلك من وقف فوري للحرب في غزة وضمان إدخال المساعدات الإنسانية العاجلة إلى القطاع. وقد نظـر مجلس الوزراء في الموضـوعـات المدرجـة على جـدول أعمـاله، حيث وافق المجلس على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب الصادر بالقانون رقم (20) لسنة 2019 وعلى إحالة مشروع القانون إلى مجلس الشورى، ويأتي إعداد مشروع القانون بهدف تعزيز فعالية اللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب لتحقيـق أهـدافهـا والقيام بمهامها. ووافق المجلس كذلك على مشروع قرار مجلس الوزراء بتعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية لقانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب الصادرة بقرار مجلس الوزراء رقم (41) لسنة 2019. كما وافق المجلس على مشروع قرار وزير العمل بتحديد رسوم رخص العمل واستقدام العمال والتصديق على الأختام والشهادات والمستندات الأخرى، ويأتي إعداد مشروع القرار بهدف تخفيف الأعباء المالية على شركات ومؤسسات القطاع الخاص، بتخفيض الرسوم والإعفاء من بعضها. وقرر مجلس الوزراء الموافقة على مشروع قرار مجلس الوزراء بشأن الميزة الضريبية المرتبطة بالأرباح الرأسمالية الناشئة عن إعادة الهيكلة ضمن المجموعة الواحدة، ويأتي مشروع القرار الذي أعدته الهيئة العامة للضرائب بهدف مواكبة أفضل الممارسات الدولية في مجال الضرائب، والمساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية . كما قرر المجلس الموافقة على مشروع اتفاقية خدمات جوية بين حكومة دولة قطر وحكومة جمهورية هندوراس.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store