
إيقاف آلاف الموظفين في "ناسا" يهدد مسيرتها العلمية
لا أحد يعلم بالضبط ما الذي يجري بدقة داخل أروقة وكالة الفضاء والملاحة الأميركية (ناسا) هذه الأيام، لكن تسريبات واضحة وصريحة وصل كثير منها إلى وسائل إعلام عالمية تؤكد أن عملية الهيكلة القاسية لتقزيم "ناسا" مستمرة في الواقع على قدم وساق، وذلك بهدف التخلص من دور الوكالة القديم في الفضاء.
ونشرت وسائل الإعلام أكثر من تقرير وقصة إخبارية في سياق ما يعده خبراء الفضاء أكبر عملية هيكلة قاسية هدفها المباشر التحجيم الممنهج الذي تتعرض له وكالة الفضاء الحكومية الأميركية العملاقة، ولكن أبرز تلك القصص كان الإشارة أخيراً إلى إيقاف أكثر من 1000 موظف دفعة واحدة ومن خلال قرار مباغت ومستهجن.
مختبر الدفع النفاث
وأوقف مختبر الدفع النفاث التابع لـ"ناسا" سياسة العمل من بعد لنحو 5500 موظف، معلناً بصورة مباغتة ومستهجنة أن الموظفين الذين لا يعودون في الموعد المحدد يعدون مستقيلين، وعلق خبراء داخل مواقع إخبارية على الحدث بقولهم إنه من الواضح أن هذا تسريح صامت لأكثر من 1000 موظف، بهدف عدم منحهم مكافأة نهاية الخدمة.
ومختبر الدفع النفاث في جنوب كاليفورنيا هو مختبر بحث وتطوير ممول اتحادياً من "ناسا" ويديره معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا.
تفاصيل
وأبلغ مختبر الدفع النفاث التابع لـ"ناسا" أكثر من 5500 موظف يعملون بنظام العمل الهجين أو من بعد، بضرورة العودة إلى جدول عمل كامل في الموقع، وتنهي هذه الخطوة فعلياً نظام العمل من بعد في مختبر الدفع النفاث، والذي كان جزءاً أساساً من مختبر "باسادينا" داخل مدينة كاليفورنيا، إذ بدأ نظام العمل من بعد هذا منذ جائحة كورونا واستمر حتى يومنا الراهن.
وأكدت مصادر إخبارية مطلعة ومواقع متخصصة في الفضاء أن عدد الموظفين من مختبر الدفع النفاث المقصودين بهذا القرار، كانوا يعملون إما بنظام عمل هجين أو من بعد بالكامل، وأن هؤلاء أبلغوا عبر البريد الإلكتروني خلال الـ22 من مايو (أيار) الجاري بأن إنهاء العمل من بعد سيدخل حيز التنفيذ خلال الـ25 من أغسطس (آب) المقبل للموظفين العاديين داخل كاليفورنيا، وخلال الـ27 من أكتوبر (تشرين الأول) 2025 للعاملين من بعد المقيمين خارج الولاية.
رسالة تهديد
وقال أحد مسؤولي مختبر الدفع النفاث في رسالة بريد إلكتروني موجهة إلى جميع العاملين، حصلت عليها مواقع إخبارية عالمية منها موقع (Space.com) "يعد الموظفون الذين لا يعودون في الموعد المحدد مستقيلين".
وفي السياق ذاته، خفضت وكالة "ناسا" برامجها وقواها العاملة امتثالاً لأمر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، إذ ألغت عقد إيجار مختبر معهد جودارد لدراسات الفضاء التابع لـ"ناسا" في مدينة نيويورك، فيما طالبت الوكالة موظفيها بتجاهل رسالة وصلتهم من إدارة ترمب يسألهم فيها بصورة عدها كثير منهم استفزازية، ماذا فعلتم الأسبوع الماضي؟
تقرير منجزات
وبخصوص هذه الرسالة المربكة قال أندرو جونز وهو محرر أخبار الفضاء في موقع أميركي متخصص "خلال الـ22 من فبراير (شباط) الماضي، تلقى موظفو 'ناسا' وموظفون فيدراليون آخرون، رسالة بريد إلكتروني من مكتب إدارة شؤون الموظفين (OPM) بعنوان، ماذا فعلت الأسبوع الماضي؟"، طلب منهم فيها تقديم قائمة نقطية بخمسة أمثلة لما أنجزوه في غضون مهلة نهائية هي الـ24 من فبراير الساعة 11:59 مساءً بتوقيت شرق الولايات المتحدة".
وأكد أندرو أن من نشر الرسالة هو إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركة "سبيس أكس" والذي يعمل في إطار مبادرة إدارة كفاءة الحكومة (DOGE)، مدعياً أن عدم الرد يعد استقالة حتمية من الموظف، وأفادت التقارير بأن هذه الخطوة أثارت قلقاً وارتباكاً في أوساط القوى العاملة الفيدرالية.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي اليوم ذاته أصدر متحدث باسم "ناسا" بياناً يفيد بأن الوكالة "لا تلزم أي موظف بالرد" على البريد الإلكتروني، ويقال إن رسالة مكتب إدارة شؤون الموظفين (OPM) نفسها لم تتضمن تهديداً بالفصل، وذكر البيان أن "قيادة 'ناسا' تستجيب لطلب مكتب إدارة شؤون الموظفين نيابة عن القوى العاملة في الوكالة".
مخاوف واسعة النطاق
وتعليقاً على ذلك قال الصحافي جوش دينر وهو محرر أخبار الفضاء في واحد من المواقع المتخصصة "يأتي هذا القرار وسط مخاوف واسعة النطاق في شأن الموازنة داخل وكالة الفضاء، إذ تواجه 'ناسا' احتمال انخفاض التمويل بنسبة 25 في المئة بموجب طلب إدارة ترمب الموازنة الضئيلة للوكالة عام 2026، ويثير هذا الخفض المقترح مخاوف أوسع نطاقاً داخل الوكالة في شأن مستقبل برامجها الرئيسة، بما في ذلك جهود الدفاع الكوكبي ومهام علوم الفضاء القادمة، والتي يدير عدد منها مختبر الدفع النفاث، وهو المركز الرئيس للوكالة لاستكشاف الكواكب باستخدام الروبوتات".
جولة تسريح العام الماضي
وأكد دينر أهمية دور مختبر الدفع النفاث لبرامج الفضاء عموماً، إذ إن مختبر الدفع يمول من الحكومة الفيدرالية ولكنه يدار من قبل معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا داخل باسادينا، وفي العام الماضي ومن خلال جولتين منفصلتين من عمليات التسريح في فبراير ونوفمبر (تشرين الثاني) 2024، سرح مختبر الدفع النفاث أكثر من 12 في المئة من قوته العاملة، أي نحو 855 موظفاً، وعلل المختبر ذلك بمخاوف تتعلق بالموازنة ونقص التمويل المرتبط بحملة إعادة هيكلة مهمة "عودة عينات المريخ"، والتي ألغتها إدارة ترمب في مشروع موازنة عام 2026 بصورة كاملة.
العودة بدوام كامل
وأضاف محرر أخبار الفضاء "يعني إنهاء العمل من بعد أن الموظفين يواجهون الآن خيار العودة إلى المكتب بدوام كامل، أو فقدان وظائفهم دون التأهل للحصول على مزايا ما بعد التوظيف أو إمكانية التقدم بطلب للحصول على إعانة البطالة، ويواجه الآن العاملون في مختبر الدفع النفاث الذين يعيشون خارج كاليفورنيا قراراً في شأن ما إذا كانوا سيغيرون حياتهم للانتقال عبر حدود الولاية أم لا".
وتؤكد هذه الأنباء أن خبراء كثراً قلقون من اقتراح البيت الأبيض لأكبر خفض سنوي في موازنة "ناسا" خلال تاريخ أميركا، وأن علماء يحذرون من عواقب طرد أكثر من 800 موظف في الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، معتبرين أن إدارة ترمب وإيلون ماسك تريد فرض رقابة صارمة على مسيرة "ناسا" العلمية وتغيير اتجاه أبحاثها، ورفع هؤلاء شعاراً واضحاً في هذا السياق، وهو "الرقابة العلمية لا تغير الحقائق".
يذكر أن تجمع علوم الكواكب الأميركي، من الحزبين، قلق من خطط ترمب المحتملة لخفض موازنة "ناسا" ومنع إعادة عينات المريخ إلى مختبرات الوكالة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ ساعة واحدة
- Independent عربية
واشنطن تعتزم إقرار زيادة كبيرة في مبيعات الأسلحة إلى تايوان
قال مسؤولان أميركيان إن الولايات المتحدة تعتزم زيادة مبيعات الأسلحة إلى تايوان إلى مستوى يتجاوز ما كانت عليه خلال فترة ولاية الرئيس دونالد ترمب الأولى، في إطار جهود لردع الصين التي تكثف الضغط العسكري على الجزيرة التي تتمتع بحكم ديمقراطي. وإذا زادت مبيعات الأسلحة الأميركية إلى تايوان، فمن الممكن أن يحد ذلك من المخاوف في شأن مدى التزام ترمب تجاه الجزيرة. ومن شأن ذلك أن يضفي توتراً جديداً على العلاقات الأميركية-الصينية المضطربة بالفعل. وعبّر المسؤولان اللذان طلبا عدم الكشف عن هويتهما، عن توقعهما أن تتجاوز الموافقات الأميركية على مبيعات الأسلحة إلى تايبيه على مدى الأعوام الأربعة المقبلة تلك التي جرت خلال ولاية ترمب الأولى، فيما قال أحد المسؤولين إن إخطارات مبيعات الأسلحة إلى تايوان قد "تتجاوز بسهولة" تلك الفترة السابقة. وأضافا أن واشنطن تضغط على أعضاء أحزاب المعارضة في تايوان كي لا يعارضوا جهود الحكومة لزيادة الإنفاق الدفاعي إلى ثلاثة في المئة من الناتج الاقتصادي للجزيرة. كانت إدارة ترمب خلال ولايته الأولى قد وافقت على مبيعات أسلحة لتايوان بقيمة حوالى 18.3 مليار دولار، مقارنة بنحو 8.4 مليار دولار خلال فترة ولاية الرئيس السابق جو بايدن، وفقاً لإحصاءات نشرتها وكالة "رويترز". وتعتبر الولايات المتحدة أهم داعم دولي ومورد للأسلحة لتايوان على رغم عدم وجود علاقات دبلوماسية رسمية بينها وبين تايبيه. ومع ذلك، يشعر كثير في تايوان، التي تعتبرها الصين جزءاً من أراضيها، بالقلق حيال ألا يكون ترمب ملتزماً تجاه الجزيرة مثل الرؤساء الأميركيين الذين سبقوه. وخلال حملته الانتخابية، اقترح ترمب أن تدفع تايوان مقابل حمايتها، واتهم الجزيرة أيضاً بسرقة نشاط أشباه الموصلات الأميركية، مما تسبب في إثارة القلق في تايبيه. وتعهدت الصين بضم تايوان بالقوة إذا لزم الأمر، فيما ترفض حكومة تايبيه ادعاءات بكين بالسيادة، مؤكدة أن شعب الجزيرة وحده هو من له الحق في تقرير مستقبله. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وقال المسؤولون الأميركيون إن مسؤولي الإدارة وترمب نفسه ملتزمون "بتعزيز الردع الصارم" لتايوان. وقال مسؤول أميركي "هذا هو موقف الرئيس، هذا هو موقفنا جميعاً"، مضيفاً أنهم يعملون بصورة وثيقة مع تايوان حول حزمة مشتريات الأسلحة التي سيتم إطلاقها عندما تحصل تايوان على التمويل المحلي. وأفاد المكتب الرئاسي التايواني وكالة "رويترز" بأن الحكومة عازمة على تعزيز قدراتها الدفاعية الذاتية، مشيراً إلى مقترحاتها لزيادة الإنفاق الدفاعي. وقال المتحدث باسم المكتب الرئاسي ون لي، إن "تايوان تهدف إلى تعزيز الردع العسكري مع مواصلة تعميق تعاونها الأمني مع الولايات المتحدة". وامتنعت وزارة الدفاع التايوانية عن التعليق على أي مبيعات أسلحة جديدة، لكنها أكدت تصريحات سابقة لوزير الدفاع في الجزيرة ولينغتون كو في شأن أهمية "التضامن والتعاون بين الحلفاء الديمقراطيين".


Independent عربية
منذ 2 ساعات
- Independent عربية
المؤشر الأوروبي يتراجع وسط ضبابية الرسوم التجارية الأميركية
تراجعت الأسهم الأوروبية اليوم الجمعة، مع هيمنة الحذر بعد أن أعادت محكمة أميركية فرض الرسوم الجمركية التي أعلنها الرئيس دونالد ترمب، إلا أن المؤشر القياسي يتجه نحو تحقيق مكاسب شهرية قوية. وانخفض مؤشر "ستوكس 600" الأوروبي 0.1 في المئة، بضغط من إعادة فرض رسوم ترمب الجمركية بصورة موقتة، بعد يوم واحد من حكم محكمة أخرى أمر بوقفها فوراً. وعلى رغم ذلك، يتجه المؤشر القياسي لتحقيق أول مكسب شهري له في ثلاثة أشهر، إذ ارتفع 3.8 في المئة حتى الآن، بدعم من تراجع التوترات التجارية والمخاوف المالية التي شهدتها الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة ودفعت المستثمرين إلى تجنب الأصول الأميركية. وأظهرت بيانات اليوم الجمعة انخفاض مبيعات التجزئة الألمانية 1.1 في المئة في أبريل (نيسان) الماضي مقارنة بالشهر السابق. وتسبب قطاع التعدين في أكبر الخسائر للمؤشر إذ انخفض 0.9 في المئة مع هبوط أسعار النحاس، ودعم قطاع العقارات المؤشر الرئيس بارتفاعه 0.8 في المئة. وقفز سهم "أم أند جي" 8.2 في المئة، بعد أن أعلنت شركة التأمين على الحياة اليابانية "داي-إيتشي لايف هولدينغز" أنها تعتزم الاستحواذ على حصة 15 في المئة في شركة التأمين وإدارة الأصول البريطانية في إطار صفقة استراتيجية. "نيكاي" الياباني يهبط في شرق آسيا، تراجع مؤشر "نيكاي" الياباني يوم الجمعة 1.4 في المئة إلى 37880.58 نقطة، متأثراً بحالة ضبابية تكتنف معركة قضائية في شأن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، إلى جانب ارتفاع الين الذي يؤثر في أسهم شركات التصدير. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وكان المؤشر قد أنهى الجلسة السابقة عند أعلى مستوى له في أكثر من أسبوعين، وهو في طريقه لتحقيق مكسب أسبوعي 1.9 في المئة، وانخفض مؤشر "توبكس" الأوسع نطاقاً 0.85 في المئة إلى 2788.17 نقطة، ومن المتوقع أن يسجل زيادة أسبوعية 1.9 في المئة. الذهب يتجه لتكبد خسائر في أسواق المعادن الثمينة، هبطت أسعار الذهب اليوم الجمعة، وتتجه لتكبد خسائر أسبوعية وسط ارتفاع طفيف للدولار، بينما يترقب المستثمرون تقرير التضخم الأميركي الرئيس الذي قد يوفر مؤشرات على مسار سياسة مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي). وانخفض الذهب في المعاملات الفورية 0.4 في المئة إلى 3303.51 دولار للأوقية (الأونصة)، وخسر المعدن النفيس 1.6 في المئة حتى الآن هذا الأسبوع، وتراجعت العقود الأميركية الآجلة للذهب 0.5 في المئة إلى 3300.70 دولار. وارتفع مؤشر الدولار 0.2 في المئة مما يجعل الذهب أكثر كلفة بالنسبة لحائزي العملات الأخرى. وقال المدير الإداري في "جولد سيلفر سنترال" في سنغافورة براين لان "أسعار الذهب تتماسك بشكل أو بآخر في هذه المرحلة"، مضيفاً "ما نشهده هو تحركات طبيعية تحدث في السوق في نطاق أوسع قليلاً الآن بسبب الثقة في الدولار بصورة رئيسة". وقالت رئيسة بنك الاحتياطي الاتحادي في سان فرانسيسكو ماري دالي أمس الخميس، إن "صناع السياسات النقدية لا يزال بإمكانهم خفض أسعار الفائدة مرتين هذا العام، لكن يتعين أن تظل أسعار الفائدة ثابتة في الوقت الحالي لضمان أن التضخم يسير على الطريق الصحيح لبلوغ هدف البنك المركزي عند اثنين في المئة". وينتعش الذهب الذي لا يدر عائداً في بيئة أسعار الفائدة المنخفضة. وبالنسبة إلى المعادن النفيسة الأخرى، انخفضت الفضة في المعاملات الفورية 0.7 في المئة إلى 33.1 دولار للأوقية، وهبط البلاتين 0.6 في المئة إلى 1076.33 دولار وتراجع البلاديوم 0.5 في المئة إلى 968.79 دولار.


الوئام
منذ 5 ساعات
- الوئام
القضاء الأمريكي يُجهض 'يوم تحرير' ترمب الجمركي
خاص – الوئام في خطوة قضائية مفاجئة، أصدرت محكمة التجارة الدولية الأمريكية حكمًا بأن برنامج التعريفات الجمركية الذي أطلقه الرئيس دونالد ترمب تحت مسمى 'يوم التحرير' غير قانوني، مما يمثل صفعة موجعة للبيت الأبيض ويثير تساؤلات كبيرة حول مستقبل السياسة التجارية الأمريكية. يشكّل الحكم القضائي تحديًا مباشرًا لترمب، الذي كان يعتمد على سلطات الطوارئ الاقتصادية لفرض رسوم جمركية واسعة النطاق على واردات من دول متعددة، في محاولة لإعادة التوازن التجاري وتحقيق أهداف 'أمريكا أولًا'. تأتي هذه الخطوة في ظل سباق الإدارة الأمريكية لإنهاء النزاعات التجارية وتوقيع اتفاقيات جديدة، بعد أن علّقت فرض معظم التعريفات المرتفعة وسط ضغوط متزايدة من شركات أمريكية، وبرلمانيين، وأسواق المال العالمية التي عكست ارتياحًا فوريًا بالحكم القضائي. الحكم القضائي وتأثيره أوضحت المحكمة أن الرئيس ترمب تجاوز صلاحياته الممنوحة بموجب قانون الطوارئ الاقتصادية الدولية، الذي استند إليه لفرض التعريفات في 2 أبريل الماضي. وقد شمل الحكم التعريفات الأساسية بنسبة 10% والرسوم الانتقامية الأعلى التي فُرضت على عدة دول، لكنه لم يشمل التعريفات الخاصة بقطاع الصلب والسيارات. جاء الحكم استنادًا إلى دعاوى قدّمتها شركات صغيرة وولايات أمريكية، اتهمت الإدارة بالتجاوز القانوني. وأكد القضاة أن أوامر ترمب التنفيذية التي أعلنت هذه التعريفات 'باطلة ومخالفة للقانون'. ويعكس القرار عدم قدرة الرئيس على استخدام سلطات الطوارئ لتنظيم التجارة بشكل أحادي خارج نطاق ما يسمح به القانون. ردود فعل البيت الأبيض على الفور، انتقد المتحدث باسم البيت الأبيض الحكم واصفًا إياه بأنه تدخل من قضاة غير منتخبين في إدارة حالة طوارئ وطنية. وأكد أن ترمب ملتزم باستخدام كافة أدوات السلطة التنفيذية لحماية الاقتصاد الأمريكي. من جانبه، وصف مستشار ترمب البارز ستيفن ميلر الحكم بأنه 'انقلاب قضائي خارج السيطرة'، مما يعكس التصعيد بين السلطتين التنفيذية والقضائية في الولايات المتحدة بشأن صلاحيات الرئيس. يضع هذا الحكم ضغوطًا كبيرة على الإدارة، التي كانت قد تراجعت بالفعل عن بعض التعريفات الأكثر حدة، خصوصًا على الصين، في محاولة لتهدئة الأسواق والتفاوض على اتفاقيات تجارية جديدة. تأثير الحكم على الأسواق والاقتصاد الأمريكي شهدت الأسواق المالية العالمية ارتياحًا سريعًا، حيث ارتفع مؤشر S&P 500 بنسبة 0.8%، وارتفع مؤشر ناسداك التقني بنسبة 1.5%، فيما استقر مؤشر أوروبا 600. ورغم هذا الارتياح، فإن الشركات الأمريكية التي عانت من تأثيرات التعريفات مثل زيادة تكاليف الاستيراد وتعطل سلاسل الإمداد، احتفت بالحكم باعتباره انتصارًا ضد سياسات ترمب التي رفعت أسعار السلع وأسهمت في خلق عدم استقرار اقتصادي. التحديات القانونية أمام ترمب تضمنت الدعاوى القضائية مطالبات من مجموعة شركات أمريكية قادتها شركة استيراد النبيذ 'VOS Selections'، التي أكدت تعرضها لأضرار جراء فرض الرسوم الجمركية. بالإضافة إلى ذلك، شاركت 12 ولاية بقيادة ولاية أوريغون في الدعوى، مؤكدة أن التعريفات سترفع تكاليف المشتريات الحكومية الضرورية. في جلسات الاستماع، أشار محامو الحكومة إلى أن منع التعريفات سيقوّض قدرة الرئيس على التفاوض في المحافل الدولية، إلا أن القضاة ردّوا بأن السلطة التنفيذية لا يمكن أن تتجاوز حدود القانون، حتى في قضايا السياسة الخارجية. الصراع على صلاحيات فرض الرسوم الجمركية بحسب الدستور الأمريكي، يمتلك الكونغرس السلطة الحصرية لتحديد الرسوم الجمركية. لكن إدارة ترمب بررت فرض التعريفات استنادًا إلى قانون الطوارئ الاقتصادية، الذي يسمح للرئيس باتخاذ إجراءات استثنائية عند إعلان حالة طوارئ وطنية. أعلن ترمب في 2 أبريل أن التهديدات الاقتصادية التي تشكلها ممارسات التجارة غير العادلة من شركاء الولايات المتحدة تستدعي فرض رسوم كوسيلة لحماية الاقتصاد والأمن الوطني، لكن المحكمة اعتبرت أن هذه السلطة لا تشمل فرض تعريفات تجارية واسعة النطاق من دون موافقة الكونغرس. تداعيات العلاقات الدولية يأتي هذا الحكم في وقت تشهد فيه العلاقات التجارية العالمية توترًا متزايدًا، خصوصًا بين الولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي. وكان ترمب قد وافق مؤخرًا على تأجيل فرض تعريفات بنسبة 50% على الاتحاد الأوروبي، كما اتفق الطرفان على تخفيض التعريفات مؤقتًا لمدة 90 يومًا مع الصين. ورغم التوترات، يحاول البيت الأبيض الحفاظ على ديناميكية تفاوضية، لكن هذا الحكم القضائي يعقّد من قدرة الرئيس على اتخاذ خطوات حاسمة في السياسة التجارية دون دعم تشريعي واضح. التحديات المستقبلية تواجه إدارة ترمب الآن مسارين رئيسيين: الاستئناف القانوني لمحاولة عكس الحكم، أو السعي إلى تمرير تشريعات من الكونغرس تمنح الرئيس صلاحيات أوسع. لكن الواقع السياسي المعقّد في واشنطن يجعل من الصعب تحقيق هذا المسار سريعًا. يرى محللون أن الحكم يشكّل سابقة قانونية قد تؤثر على استخدام صلاحيات الطوارئ في مجالات أخرى، كما يزيد من عدم اليقين حول السياسة التجارية الأمريكية التي كانت محورًا رئيسيًا لترمب في حملته الانتخابية.