
ما يعنيه توقيع ترامب قرار "الضغط الأقصى" بخصوص إيران
أثناء العملية الانتخابية الرئاسية، أرسل الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسائل دافئة إلى كل من العالم وإيران، لكنه بعد أسبوعين فقط من توليه منصب الرئاسة، وقّع على أمر رئاسي لتنفيذ سياسة "الضغط الأقصى" ضد إيران.
وخلال فترة الانتخابات، أكد ترامب مرارًا أنه "يريد إبرام اتفاق جديد مع إيران" وليس لديه "نية لخوض حرب مع إيران"، إلا أنه عند توقيعه على الأمر التنفيذي لإعادة تنفيذ سياسة "الضغط الأقصى"، صرح بأنه "غير سعيد بالتوقيع عليه".
توقيع الرئيس الأميركي ترامب على القرار الذي يفرض مجددًا عقوبات صارمة على إيران، دفع إيران إلى اتخاذ خطوة جديدة فيما يتعلق بالمفاوضات.
ففي اجتماع مع كبار المسؤولين العسكريين الإيرانيين، صرح قائد الثورة الإسلامية الإيرانية، آية الله خامنئي، قائلًا: "لن تُحل أي مشكلة في البلاد من خلال التفاوض مع الولايات المتحدة".
وقد لاقت هذه التصريحات الصارمة من آية الله خامنئي حول المفاوضات ردود فعل مختلفة داخل إيران، وكذلك في المنطقة والعالم.
هناك من يرى أن هذه التصريحات تعني إغلاق ملف التفاوض مع الولايات المتحدة نهائيًا، بينما يرى آخرون أنها لا تعني بالضرورة انتهاء الملف تمامًا.
هل يعني توقيع الرئيس الأميركي ترامب على الأمر التنفيذي لتنفيذ سياسة "الضغط الأقصى" أنه تخلَّى عن سياسته التي وعد بها في الانتخابات بشأن إبرام اتفاق جديد مع إيران؟ هل تعني تصريحات آية الله خامنئي الصارمة بشأن عدم التفاوض مع الولايات المتحدة أن إيران أغلقت تمامًا ملف المفاوضات من أجل التوصل إلى اتفاق جديد مع واشنطن؟
خطة ترامب
الرئيس الأميركي ترامب، المعروف بشخصيته الفريدة من نوعها، يشتهر بتقديم تصريحات مفاجئة واقتراح خطط لحل القضايا التي تهم العالم من كثب. يفضل ترامب حل المشكلات وفقًا لمقترحاته الخاصة، ويمكن القول إنه يهدف إلى حل القضية الإيرانية بأسلوب مشابه.
ففي حين رأى أن حل القضية الفلسطينية- الإسرائيلية يكمن في نفي الفلسطينيين من غزة، واقترح لإنهاء الحرب الروسية- الأوكرانية حلًا يتضمن خسارة أوكرانيا أراضيَ، من المعروف أن ترامب فرض على طهران اقتراحًا مختلفًا وأكثر شمولًا من الاتفاق النووي الذي تُوُصّل إليه خلال فترة الرئيس الأميركي السابق أوباما.
وأثناء توقيعه على الأمر التنفيذي المتعلق بسياسة "الضغط الأقصى"، قال ترامب: "لست سعيدًا بتوقيع هذا القرار، لكن يجب أن أكون صارمًا مع إيران. آمل ألا نضطر لاستخدام هذا القرار التنفيذي".
استُقبلت تصريحات ترامب هذه على أنها رسالة إيجابية إلى إيران، كما أُثيرت مزاعم بأن الإدارة الأميركية أرسلت سرًا رسالة خاصة إلى طهران بشأن الاتفاق.
ورغم نفي السلطات الإيرانية هذه الادعاءات، فإن مصادر إعلامية مقربة من الحرس الثوري الإيراني ذكرت أن الرئيس الأميركي ترامب قدم إلى إيران قائمة مطالب تتضمن 9 بنود تتعلق بالاتفاق.
ونقل موقع Sabeerin News، المقرب من الحرس الثوري الإيراني، تفاصيل هذه المطالب تحت عنوان "مفاوضات أم استعمار؟"، والتي تضمنت ما يلي:
إغلاق جميع منشآت تخصيب اليورانيوم.
إبقاء مستوى تخصيب اليورانيوم أقل من 5% للاستخدام في الأنشطة النووية السلمية.
أن تكون جميع الأنشطة النووية السلمية الإيرانية خاضعة لتفتيش الولايات المتحدة وليس الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وقف إنتاج الصواريخ متوسطة وبعيدة المدى، وإغلاق جميع منشآت تصميم وإنتاج الصواريخ.
تقديم تقارير عن جميع الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز الإيرانية، وجمعها وتدميرها.
إغلاق جميع مراكز الأبحاث والتطوير في مجال التكنولوجيا الفضائية والأقمار الصناعية، أو إخضاعها بالكامل لرقابة الولايات المتحدة.
تفكيك ما يُعرف بـ "محور المقاومة" بالكامل.
امتناع إيران عن القيام بأي عمل عدائي ضد إسرائيل.
الإفراج غير المشروط عن جميع السجناء الأميركيين والأوروبيين المحتجزين في إيران.
وفي هذا الصدد، لم يصدر أي نفي رسمي من إيران أو الولايات المتحدة بشأن التقرير الذي نشره موقع Sabeerin News حول هذه المطالب التسعة.
قد يكون الحرس الثوري الإيراني يسعى إلى تشكيل رأي عام ضاغط ضد واشنطن عبر وسائل الإعلام التي يسيطر عليها، من خلال التركيز على مطالب تُعتبر تهديدًا لسيادة البلاد.
بيدَ أن الأخبار المنشورة وردّ الفعل الإيراني القوي على خطوات الولايات المتحدة، يشيران إلى أن ترامب لا يريد التفاوض مع إيران بشأن البرنامج النووي فقط، بل يسعى إلى التفاوض بشأن الصناعة العسكرية والسياسات الإقليمية أيضًا، ضمن ملف شامل.
وفي الوقت الذي يعلن فيه ترامب عن رغبته في التفاوض مع إيران، فإنه يوقع في الوقت ذاته على قرار تنفيذ سياسة "الضغط الأقصى"، مما يعني أنه يسعى لإجبار طهران على الجلوس على طاولة المفاوضات لمناقشة جميع القضايا المطروحة.
بعبارة أخرى، لم يختر ترامب استخدام سياسة "العصا والجزرة" لإجبار إيران على التفاوض بشأن برنامجها النووي وصناعتها العسكرية وسياساتها الإقليمية، بل اختار سياسة "العصا" فقط.
خلال اجتماعه مع كبار قادة القوات الجوية وقوات الدفاع الجوي الإيرانية، أدلى آية الله خامنئي بتصريحات صارمة بشأن التفاوض مع الولايات المتّحدة.
وفي حديثه إلى القادة، قيّم خامنئي مسألة المفاوضات مع الولايات المتحدة على النحو التالي:
"أولًا، لا يؤثر التفاوض مع الولايات المتحدة بأي شكل من الأشكال على حل مشاكل البلاد. يجب أن نفهم هذا بشكل صحيح؛ لا ينبغي أن يُصور لنا الأمر وكأن الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع تلك الدولة سيحل هذه المشكلة أو تلك. لا.. لا يمكن حل أي مشكلة من خلال التفاوض مع الولايات المتحدة. لماذا؟ لأن لدينا تجربة".
"خلال سنة 1390 وفقًا للتقويم الإيراني (2011-2021)، تفاوضنا مع الولايات المتحدة لمدة عامين تقريبًا، وتُوصل إلى اتفاق. بالطبع، لم تكن الولايات المتحدة وحدها، بل شاركت عدة دول أخرى، لكن الولايات المتحدة كانت العمود الرئيس للاتفاق والطرف الأكثر تأثيرًا.
جلس مسؤولو حكومتنا آنذاك للتفاوض؛ ذهبوا، عادوا، جلسوا، قاموا، تفاوضوا، تحدثوا، ضحكوا، تصافحوا، أقاموا صداقات، وفعلوا كل شيء، وتوصل إلى اتفاق. وقد تصرفت إيران بكرم شديد في هذا الاتفاق، وقدمنا تنازلات كبيرة للطرف الآخر.
لكن الأميركيين لم يلتزموا بهذا الاتفاق. ترامب مزق الاتفاقية، وقال إنه سيمزقها، وفعلها. حتى قبل مجيء ترامب، لم يلتزم أولئك الذين أبرموا الاتفاقية بهذه الاتفاقية. كان الهدف من الاتفاقية رفع العقوبات الأميركية، لكن العقوبات لم تُرفع. كما وضعوا غطاء على الجرح في الأمم المتحدة ليظل تهديدًا دائمًا لإيران. هذا الاتفاق كان نتاج مفاوضات استمرت عامين".
"هذه تجربة؛ فلنستفد منها. لقد قدمنا تنازلات، وتفاوضنا، وتراجعنا، لكننا لم نحقق هدفنا. وفي النهاية، رغم كل هذه العيوب، خرق الطرف الآخر الاتفاقية وانتهكها ومزقها". "لا ينبغي التفاوض مع مثل هذه الدولة، فالتفاوض معها ليس عقلانيًا وليس منطقيًا، ولا يتماشى مع الكرامة".
أثارت تصريحات خامنئي تعليقات تفيد بأن إيران أغلقت ملف المفاوضات نهائيًا. لكن من أجل تحليل تصريحات خامنئي بشكل صحيح، لا بد من الاستعانة بالتاريخ.
في الفترة التي أشار إليها خامنئي، أُجريت مفاوضات نووية بين إيران والولايات المتحدة، بالإضافة إلى الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن وألمانيا، وأسفرت عن اتفاق في يوليو/ تموز 2015.
خلال تلك الفترة، وبينما كان حسن روحاني رئيسًا لإيران، عارض خامنئي المفاوضات النووية بنفس الحدة التي يعارض بها اليوم. لكنه مع مرور الوقت خفف من موقفه.
وفي اجتماع عقده مع حكومة روحاني ومجلس الوزراء، أعلن أنه سيدعم المفاوضات إذا ما التُزم بـ "ثمانية خطوط حمراء". كما دافع عن المفاوضات وفريق التفاوض الإيراني في مواجهة انتقادات السياسيين المحافظين.
لكن عندما انسحب الرئيس الأميركي ترامب من الاتفاق النووي بشكل أحادي في عام 2018، قال خامنئي إن أربعة من الخطوط الحمراء الثمانية قد انتُهكت، وإن إيران قدمت تنازلات غير مبررة، وألقى باللوم على حكومة روحاني.
بأخذ هذه الخلفية التاريخية في الاعتبار، يمكننا أن نستنتج أن تصريحات خامنئي الأخيرة لا تعني بالضرورة إغلاق ملف المفاوضات تمامًا، بل هي جزء من إستراتيجيته في التفاوض.
يبدو أن خامنئي يسعى إلى إعادة تركيز المحادثات على القضية النووية فقط، بدلًا من الخطة التي يسعى ترامب لفرضها، والتي تشمل أيضًا برامج إيران العسكرية وسياساتها الإقليمية.
وفقًا لمصدر مقرب من مكتب خامنئي، فإن تصريحات خامنئي القوية بشأن المفاوضات مع الولايات المتحدة تهدف إلى "رفع مستوى التوتر، وإشراك دول مثل بريطانيا وألمانيا وفرنسا في الوساطة، من أجل تشكيل طاولة مفاوضات تستند إلى مطالب أكثر معقولية".
خيار التدخل العسكري
منذ عام 1979، أبقت الولايات المتحدة خيار التدخل العسكري ضد إيران دائمًا على الطاولة. ومع ذلك، لم تضع أميركا في أي مرحلة من الـ 46 عامًا الماضية التدخل العسكري كأولوية في سياساتها تجاه إيران.
فضلت واشنطن استخدام أدوات أخرى للحد من نفوذ إيران ومنعها من امتلاك أسلحة نووية، مثل العقوبات الاقتصادية ودعم منافسيها الإقليميين، بدلًا من اللجوء إلى الخيار العسكري.
عند تحليل تصريحات الرئيس الأميركي ترامب حول إيران، يتضح أن خطة واشنطن لا تضع التدخل العسكري كأولوية.
فقد صرّح ترامب خلال رئاسته بأن إيران لن تمتلك أبدًا سلاحًا نوويًا، مؤكدًا أنه سيرى ما إذا كان التوصل إلى اتفاق مع إيران ممكنًا، لكنه سيفعل ما هو ضروري. وقال ترامب: "لا نريد أن نكون صارمين مع إيران أو أي جهة أخرى، لكن إيران لن تمتلك سلاحًا نوويًا أبدًا".
كما أشار إلى انفتاحه على المفاوضات مع جميع الأطراف في الشرق الأوسط، بما في ذلك إيران.
هذه التصريحات توضح بجلاء أن الخيار العسكري ليس في مقدمة أولويات واشنطن فيما يتعلق بإيران. بدلًا من ذلك، تسعى الولايات المتحدة إلى فرض شروطها وإملاء مطالبها على إيران عبر سياسة الضغط الأقصى، لخلق بيئة تفاوضية تضمن تحقيق أهدافها.
هل احتمال التدخل العسكري ضعيف جدًا؟
على الرغم من أن الخيار العسكري ليس الأولوية الأولى، فإنه لا يمكن استبعاده تمامًا. ومن الممكن القول إن هناك حالتين قد تدفعان الولايات المتحدة إلى اللجوء إلى الخيار العسكري ضد إيران:
امتلاك إيران سلاحًا نوويًا أو اقترابها بشكل خطير من تحقيق ذلك.
إقدام إيران على خطوات تشكل تهديدًا وجوديًا خطيرًا لإسرائيل.
وما لم تتحقق إحدى هاتين الحالتين، من غير المرجح أن تلجأ الولايات المتحدة إلى التدخل العسكري ضد إيران، وستستمر في استخدام الضغط السياسي والاقتصادي لتحقيق أهدافها.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
ترامب يهدد باستخدام "قوة مدمرة" إذا تعرضت أميركا للتهديد
توعد الرئيس الأميركي دونالد ترامب اليوم السبت خصوم الولايات المتحدة "بسحقهم بقوة مدمرة" إذا تعرضت الولايات المتحدة أو حلفاؤها عبر العالم لأي تهديد. وقال ترامب -في أول خطاب له بمناسبة تخريج دفعة جديدة من الأكاديمية العسكرية "ويست بوينت"- إن "جيشنا هو أعظم وأقوى جيش عرفه العالم وأعلم ذلك لأنني أعدت بناءه". وأضاف "إذا تعرضنا أو تعرض حلفاؤنا للتهديد أو الهجوم فسيسحق جيشنا خصومنا بقوة مدمرة". وكان ترامب قد ألقى خطاب التخرج في أكاديمية ويست بوينت عام 2020 خلال ذروة جائحة كوفيد-19، وحث أنداك الطلاب في تصريحاته أن يتذكروا دائما الجنود الذين شاركوا في الحرب ضد العبودية. وكانت الولايات المتحدة في تلك الفترة أمام مواجهة لتاريخها بشأن الأعراق بعد مقتل جورج فلويد ، صاحب البشرة السمراء، على يد رجال الشرطة في مينيابوليس. وتحدث نائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس أمس الجمعة أمام دفعة الخريجين في الأكاديمية البحرية الأميركية في أنابوليس بولاية ماريلاند. وقال إن ترامب يعمل على ضمان نشر الجنود الأميركيين بأهداف واضحة وليس "المهمات غير المحددة" أو"الصراعات المفتوحة" من الماضي.


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
محللان: واشنطن تحاول ضم سوريا الجديدة للمعسكر الغربي
يمثل الرفع الأميركي المؤقت لبعض العقوبات التي كانت مفروضة على دمشق، برأي محللين، محاولة أميركية لتعزيز استقرار الرئيس السوري أحمد الشرع ، واختبار نياته، وسعيا لضم سوريا إلى المعسكر الغربي. فقد أعلنت وزارة الخزانة الأميركية تخفيف بعض العقوبات المفروضة على سوريا بشكل فوري، تماشيا مع إعلان الرئيس دونالد ترامب، القاضي بوقف جميع العقوبات عن دمشق. وأوضحت الوزارة أن تمديد تخفيف العقوبات الأميركية الذي رحبت به دمشق، صدر على أساس التزام الحكومة السورية الجديدة بعدم توفير ملاذ آمن للتنظيمات الإرهابية وضمان حماية الأقليات. ورغم أن الخطوة لم ترتق لطموحات السوريين إلا أنها تعتبر ممتازة لأنها تدعم استقرار الحكومة وتلبي مطالب بعض حلفاء دمشق مثل قطر وتركيا والمملكة العربية السعودية، كما يقول عميد كلية العلوم السياسية في جامعة الشمال السورية الدكتور كمال عبدو. وخلال مشاركته في برنامج "ما وراء الخبر"، قال عبدو، إن رفع بعض العقوبات لـ6 أشهر فقط ليس كافيا لجلب استثمارات خارجية أو حتى تأسيس بنية تحتية سوريّة، لكنه سيوفر فرصة للحصول على دعم من بعض الدول. وسوف تساعد هذه الخطوة الحكومة على تخفيف أزمات مثل الكهرباء ونقص العملة الصعبة وتلقّي الدعم الخارجي، برأي عبدو، الذي يرى أن حكومة أحمد الشرع بدت أكثر عقلانية وقدمت كل ما يمكنها تقديمه من أجل التوصل لتفاهمات حتى فيما يتعلق بإسرائيل. وقال عبدو إن قرار رفع العقوبات "اتخذ في تل أبيب، التي ما كانت لتقبل باستقرار نظام سياسي يمثل خطرا عليها حتى لو تطلب الأمر تمزيق سوريا"، لافتا إلى أن الولايات المتحدة تنظر لمصالحها بعين إسرائيلية. كما لفت عبدو إلى ما اعتبرها براغماتية من الشرع الذي لم يرفض الانضمام إلى اتفاقيات التطبيع لكنه طلب بعض الوقت لبحث الأمر، وهو ما تفهمه دونالد ترامب. وخلص عبدو إلى أن رفع العقوبات يؤكد أن سوريا أصبحت جزءا من ترتيب أكبر تقوم به الولايات المتحدة في المنطقة، بدليل أن دمشق عرضت على واشنطن أن تكون لها الأولوية في كل المشروعات الاستثمارية المهمة كمشروعات الغاز والطاقة. ضم سوريا للمعسكر الغربي واتفق المحلل السياسي محمود علوش مع حديث عبدو، لكنه اختلف عنه في مسألة صدور القرار من تل أبيب، وقال إن ترامب هو رئيس أميركا وليس رئيس إسرائيل ومن ثم فهو يتحرك بناء على مصلحة بلاده أولًا. ووفقًا لعلوش، فإن القرار لم يكن وليد لحظة ولا زيارة وإنما كان نتاج مفاوضات كبيرة جرت خلال الفترة الماضية وشاركت فيها أطراف إقليمية معنية باستقرار سوريا. وعلى هذا الأساس، يرى علوش أن الأشهر الـ6 التي حددتها الولايات المتحدة تمثل سعيا لتعزيز استقرار الرئيس أحمد الشرع واختبار توجهاته السياسية في الوقت نفسه. ورغم أهمية المصالح الإسرائيلية في القرار الأميركي، فإن علوش يعتقد أن إدارة ترامب تخشى وقوع انفجار في سوريا يفسد خططها لإعادة تشكيل المنطقة وجعل سوريا جزءا من المعسكر الغربي. وحتى لو لم تكن مصالح إسرائيل ستتحقق على المدى القريب فإنها سوف تتحقق على المدى البعيد إن استمرت هذه التفاهمات وخصوصا إذا انضمت دمشق لاتفاقات التطبيع، كما يقول علوش. وخلص المحلل السياسي إلى أن الموقف الأميركي مبني بالأساس على رغبة الولايات المتحدة في شغل مكان إيران وروسيا في دمشق، وهي رغبة تنبع على ما يبدو من تأثر ترامب برؤية تركيا والسعودية لما يجب أن تكون عليه سوريا.


الجزيرة
منذ 3 ساعات
- الجزيرة
ترامب يهاتف بوتين وأنباء عن "مذكرة سلام" روسية لإنهاء حرب أوكرانيا
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب اليوم السبت أنه تحدث مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين بشأن إنهاء ما وصفها "الحرب الرهيبة" الدائرة في أوكرانيا منذ أزيد من ثلاث سنوات. كما نقل موقع أكسيوس عن مسؤولين أميركيين، أن الإدارة الأميركية ما زالت تعتقد أن الرئيس بوتين على وشك اتخاذ خطوات ملموسة نحو التوصل إلى اتفاق مع أوكرانيا. وكشف المسؤولون للموقع أن دبلوماسية الرئيس ترامب مع بوتين أقنعته بإعداد "مذكرة سلام"، الأمر الذي كان يرفضه سابقا. ونقل الموقع عن مسؤولين أوكرانيين قولهم إن واشنطن "لا تملك أي معلومات بشأن موعد أو مكان انعقاد الجولة المقبلة من المحادثات مع روسيا". وكان الرئيس ترامب قد أجرى مكالمة سابقة مع الرئيس الروسي الاثنين الماضي، أكد على إثرها أن موسكو وكييف "ستبدآن فورا مفاوضات" لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب قد تستضيفها الفاتيكان. وقال ترامب إن مكالمته مع بوتين سارت على ما يرام، وإن الفاتيكان "ممثلا في البابا، أبدى اهتمامه باستضافة المفاوضات. فلتبدأ العملية!". كما وصف بوتين محادثته مع ترامب بالصريحة والبناءة، وقال -في مؤتمر صحفي- إن الرئيس الأميركي "أقر بأن روسيا تؤيد الحل السلمي للأزمة الأوكرانية". إعلان وأعرب عن استعداد بلاده للعمل على مذكرة تفاهم مع أوكرانيا تشمل وقف إطلاق النار، داعيا للتوصل إلى "تنازلات تناسب الطرفين"، وإلى القضاء على جذور الصراع، وفق تعبيره. ويعد اتصال اليوم رابع اتصال رسمي بين الرئيسين الأميركي والروسي خلال العام الجاري، حيث تقود إدارة ترامب جهودا دبلوماسية لإنهاء النزاع الذي ترى أنه كبّد الولايات المتحدة خسائر كبيرة. ومنذ 24 فبراير/شباط 2022، تشن روسيا هجوما عسكريا على جارتها أوكرانيا وتشترط لإنهائه تخلي كييف عن الانضمام لكيانات عسكرية غربية، وفي مقدمتها حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وهو ما تعتبره كييف "تدخلا" في شؤونها.