
تجربة كمومية تكشف وجود اتجاهين للزمن وليس اتجاها واحدا!
اكتشف فيزيائيون في جامعة سري البريطانية أنه داخل أنظمة كمومية معينة يمكن للزمن أن يتدفق في اتجاهين متعاكسين في آن واحد، على عكس ما يمكن أن نجد في عالمنا الواقعي، الذي نعيشه كل يوم، والذي ينطلق فيه الزمن في اتجاه واحد فقط، وهو المستقبل.
ولقرون عديدة، تجادل العلماء حول السبب في سهم الزمن، أي فكرة أن الزمن يتدفق بشكل لا رجعة فيه من الماضي إلى المستقبل، وبينما يبدو هذا بديهيا في واقعنا المُعاش، فإن قوانين الفيزياء الأساسية لا تُفضّل بطبيعتها اتجاها واحدا، فسواء تحرك الزمن للأمام أو للخلف، تبقى المعادلات كما هي.
سهم الزمن
بالنسبة للقانون الفيزيائي فإن التحرك في الزمن يشبه التحرك في الفضاء، لا يوجد أعلى أو أسفل مثلا، كذلك يمكن للقانون الفيزيائي أن يعمل دائما في كلا الاتجاهين، يمكن له أن يتنبأ بمستقبل نظام ما وأن يتصور ماضيه.
ويربط فريق من العلماء بين سهم الزمن والقانون الثاني للديناميكا الحرارية، الذي ينص على أن الإنتروبيا (عدم الانتظام) تكون دائما في ازدياد ضمن نظام مغلق.
يمكنك ملاحظة ذلك بسهولة في سيارتك، حيث لا تُستخدم كامل الطاقة الناتجة من البنزين لتحريك السيارة لكن بعضها يُفقد في صوت الموتور، والبعض في ارتفاع درجة حرارة المحرك، والبعض في الاحتكاك ما بين التروس. لكن هل يمكنك جمع كل تلك الطاقة المفقودة مرة أخرى لإعادتها؟
لا، تتخذ الإنتروبيا اتجاها واحدا دائما وهو الازدياد، وكذلك يبرد كوب من القهوة الساخنة بمرور الوقت، لكنه لا يسخن أبدا من تلقاء نفسه، وتنكسر البيضة عند سقوطها، لكنك لا ترى بيضة مكسورة تُصلح نفسها! وفي تلك النقطة يرتبط ازدياد الإنتروبيا بسهم الزمن، فالتغير الحاصل في أحداث الكون يتطلب تدرجا زمنيا.
عالم الكم الغريب
ولكن الدراسة الجديدة، المنشورة في مجلة "ساينتفك ريبورتس"، فحصت هذه الفكرة في سياق كيفية تفاعل نظام كمي مع بيئته، وهو ما يسمى بالنظام الكمي المفتوح.
وجاءت النتائج لتوضح أنه عند تطبيق نهج رياضي شائع (تقريب ماركوف) على هذه الحالة، فإن النظام الكمي تصرف بالطريقة نفسها سواء تحرك الزمن للأمام أو للخلف، بمعنى آخر: نشأ اتجاهان للزمن، لا اتجاه واحد.
لا يعني ذلك أي شيء له علاقة بالسفر في الزمن، بمعنى أن هذا لا يعني أننا سنرى بيضا مكسورا يتم تجميعه في الحياة الواقعية، بل ينطبق فقط في ظروف كمية محددة.
وتشير تلك النتائج إلى أن اتجاه الزمن ربما لا يكون ثابتا كما نراه، وتقدم الدراسة الجديدة منظورا جديدا لأحد أكبر ألغاز الفيزياء، إذ إن فهم الطبيعة الحقيقية للزمن قد تكون له آثار عميقة على ميكانيكا الكم وعلم الكونيات، وما وراءهما.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 2 أيام
- الجزيرة
لأول مرة.. علماء يلتقطون صورة "للصوت الثاني"
إذا كنت تملك خزانا من مادة تعرف باسم "السائل الفائق"، وقمت بتسخين أحد طرفيه ليقترب من الغليان، فقد تلاحظ أمرا غريبا، إذ يبدأ الطرف الآخر في السخونة، رغم أن السائل يبدو ساكنا تماما، ثم تعود الحرارة إلى الطرف الأول في حركة متبادلة، وكأن الحرارة ترتد ذهابا وإيابا، بينما السائل لا يتحرك على الإطلاق. هذا النوع غير المعتاد من انتقال الحرارة، الذي حير العلماء لعقود منذ أن تنبأ به الفيزيائي لازلو تيزا عام 1938، لا يحدث في السوائل العادية، بل في حالات فيزيائية نادرة جدا، تعرف باسم "السوائل الفائقة"، حيث تتزاوج الذرات وتتحرك دون احتكاك تقريبا، مما يغير تماما الطريقة التي تنتقل بها الحرارة. من أمثلة هذه المواد، الهليوم-4 السائل، الذي يتحول إلى سائل فائق عند تبريده إلى أقل من 2.17 كلفن، والليثيوم-6 والصوديوم، وهي غازات ذرية يمكن تحويلها إلى الحالة الفائقة باستخدام تقنيات تبريد فائقة الدقة تعتمد على الليزر، وتجرى عادة في المختبرات المتخصصة. عندما تُبرد هذه المواد إلى درجات حرارة قريبة للغاية من الصفر المطلق (نحو سالب 273.15 درجة مئوية)، فإن سلوكها يتغير كليا، فالسائل الفائق يمكنه أن يتدفق دون أي مقاومة أو احتكاك، وإذا وضعته في أنبوب دائري، فسيظل يدور فيه إلى الأبد دون أن يتوقف، كما يمكنه تسلق جدران الحاوية والخروج منها دون أي قوة خارجية، وهو أمر مستحيل في السوائل العادية. أما الخاصية الأبرز، فهي أن الحرارة في هذه الحالة لا تنتقل عشوائيا، بل تسير على هيئة موجة، مثل الصوت تماما، وهذا ما يُعرف علميا باسم "الصوت الثاني" ، وهي ظاهرة لطالما حاول العلماء رصدها بصريا، لكن دون نجاح يذكر. ماذا فعل الباحثون؟ والمشكلة التي حالت دون ذلك تتمثل في أن الغازات فائقة البرودة لا تُصدر إشعاعا حراريا يمكن تتبعه بالأشعة تحت الحمراء، كما تفعل المواد العادية، ولهذا، طور باحثون من "معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا" طريقة جديدة تم الإعلان عنها في دورية "ساينس"، تعتمد على مراقبة ذبذبات الذرات، بدلا من حرارة الأشعة تحت الحمراء. وفي قلب مختبر بالغ البرودة، استخدم الفريق ذرات الليثيوم-6، ووجدوا أنه عندما تسخن هذه الذرات قليلا، تبدأ بالاهتزاز بترددات أعلى، وباستخدام موجات راديوية دقيقة، تمكن العلماء من "جعل الذرات تهتز" بطريقة واضحة يمكن تتبعها، وكأنها تومض تحت المجهر، كاشفة عن رحلتها الحرارية الفريدة. ولتقريب الصورة، يمكن تخيل أن كل ذرة تشبه وترا صغيرا في آلة موسيقية، وعندما تكون باردة، تهتز ببطء، وعندما تسخن، تهتز بسرعة، ومن خلال ضبط الموجات الراديوية على ترددات هذه الاهتزازات ذاتها، تمكن الباحثون من جعل الذرات "تعزف" بحرارة، مظهرة حركة الحرارة بشكل مرئي. وهذا الرنين مكن العلماء من تصوير حركة الحرارة داخل السائل الفائق إطارا تلو الآخر، كما لو كانوا يصورون فيلما بطيئا، لكنهم لم يروا الحرارة تتحرك بالطريقة التقليدية، بل على هيئة موجة صوتية ترتد بين الجدران، كما لو كانت الحرارة نفسها "تتحدث". تطبيقات عملية للاكتشاف ويقول البروفيسور مارتن زويرلاين، المشرف على الدراسة، في بيان أصدره معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا: "لأول مرة، يمكننا رؤية هذا الانتقال الحراري الغريب وتوثيقه صورة بصورة، فقد رأينا كيف تتحول المادة من سائل عادي إلى سائل فائق تُعامل فيه الحرارة كما لو كانت صوتا يرتد بين الجدران". ويضيف أن أهمية هذا الاكتشاف لا تقتصر على الجانب النظري، بل قد تفتح آفاقا جديدة لفهم سلوك أكثر الكيانات غرابة في الكون، مثل النجوم النيوترونية فائقة الكثافة، أو المواد الخارقة التي تنقل الكهرباء دون فقدان للطاقة، وهو الحلم الذي يسعى العلماء لتحقيقه منذ عقود من أجل ثورة في عالم الطاقة النظيفة". ويختم بالقول: "ما نرصده هنا في ذرات أخف من الهواء بمليون مرة، يشبه إلى حد كبير سلوك الإلكترونات في الموصلات فائقة التوصيل، أو حتى النيوترونات في قلب نجم نيوتروني، فلدينا الآن نافذة نادرة تسمح لنا بقياس سلوك الحرارة بدقة لم تكن ممكنة من قبل". وهكذا، فإن ما أنجزه هؤلاء الباحثون لا يعيد تعريف انتقال الحرارة فحسب، بل يفتح الباب لفهمها كظاهرة ديناميكية، نابضة، وربما كما يقول البعض، كـ"لغة خفية" تتردد داخل أعماق المادة.


الجزيرة
٢٨-٠٥-٢٠٢٥
- الجزيرة
علماء يلتقطون صورا جديدة للشمس بدقة 8 كيلوبكسلات
أعلن مرصد "البرج الفراغي" في تينيريفي، في جزر الكناري الإسبانية، عن تطور كبير في منظومته، حيث قام العلماء بتركيب نظام كاميرا متقدم بدقة 8 كيلوبكسلات، مما أتاح التقاط صور عالية الدقة لسطح الشمس. وتم تطوير نظام الكاميرا الجديد من قبل معهد لايبنيز لفيزياء الفلك في مدينة بوتسدام الألمانية، ويتميز بقدرته على التقاط 100 صورة قصيرة التعرض بدقة 8 آلاف × 6 آلاف بكسل بمعدل 25 إطارا في الثانية. هياكل الشمس الدقيقة يُستخدم هذا التسلسل السريع من الصور لإعادة بناء صورة واحدة عالية الدقة، مما يساعد في تقليل تأثيرات اضطرابات الغلاف الجوي الأرضي على جودة الصور الملتقطة. وبفضل هذه التقنية، أصبح من الممكن رفع الدقة المكانية النظرية للتلسكوب، لتصل إلى 100 كيلومتر على سطح الشمس. وبحسب الدراسة ، التي نشرها فريق من المرصد في دورية "سولار فيزكس"، فهذا يعني القدرة على دراسة الهياكل الشمسية الدقيقة، مثل البقع الشمسية والمناطق النشطة، بتفاصيل غير مسبوقة. تُتيح الصور الملتقطة أيضا إنشاء تسجيلات زمنية تُمكّن العلماء من دراسة العمليات الديناميكية على سطح الشمس على فترات زمنية قصيرة تصل إلى 20 ثانية، ويمثل ذلك تقدما كبيرا في فهم كيفية تطور الحقول المغناطيسية في المناطق النشطة وتأثيرها على النشاط الشمسي العام. نطاق مهم وقد أضيف إلى نظام الكاميرا الجديد مجموعة من الأدوات الأخرى مثل جهاز تداخل لدراسة الزلازل الشمسية، ومطياف الليزر المرجعي المطلق، وغيرها، وكل من هذه الأجهزة من قبل مؤسسات بحثية من دول مختلفة. ويهتم العلماء بدراسة الشمس وتأثيرها على الأرض، وبشكل خاص فإن فهم فيزياء الشمس يؤثر على "طقس الفضاء"، النطاق الذي يختص بدراسة أثر العواصف الشمسية واضطرابات الغلاف المغناطيسي للأرض بسببها. بالإضافة إلى ذلك، تمثل الشمس "مختبرا طبيعيا" لفيزياء البلازما، والمجالات المغناطيسية، والتفاعلات النووية، ولا يمكننا تكرار هذه الظروف في الأرض بسهولة، لذا فإن مراقبة الشمس بدقة (كما تسمح به الكاميرا الجديدة) تساعد العلماء على اختبار النظريات الفيزيائية وفهم القوى التي تشكل النجوم والمجرات.


جريدة الوطن
٢٥-٠٥-٢٠٢٥
- جريدة الوطن
أينشتاين ونظرية النسبية
في أحد الأيام الباردة في برلين، كان ألبرت أينشتاين يسير في شوارع المدينة، غارقًا في أفكاره. لم يكن هذا المشهد غريبًا على سكان المنطقة، فقد اعتادوا رؤيته وهو يتجول لساعات طويلة، وكأنه يبحث عن شيء غير مرئي. لم يكن المشي مجرد عادة بالنسبة له، بل كان أداة تفكير تساعده على حل أعقد المسائل الفيزيائية. وبينما كان يسير، كانت الأفكار تتدفق في ذهنه، وكأن الحركة الجسدية تحفّز عقله ليعمل بأقصى طاقته. بينما كان يسير غارقًا في أفكاره، كان ذهنه منشغلًا بمفاهيم علمية لم تكن واضحة للعالم بعد. لم يكن الزمن والمكان ثابتين كما كان يُعتقد، بل يخضعان لقوانين أكثر تعقيدًا، وهذا الإدراك هو ما قاده إلى صياغة نظرية ستغير وجه الفيزياء إلى الأبد. في مطلع القرن العشرين، لم يكن أحد يتخيل أن مفاهيم الزمن والمكان والجاذبية ستتغير بالكامل، ولكن أينشتاين فعلها. جاءت نظرية النسبية الخاصة عام 1905 لتُعيد تعريف العلاقة بين السرعة والزمن والطاقة، مؤدية إلى المعادلة الشهيرة E=mc²، التي كشفت أن الطاقة والكتلة مرتبطتان ارتباطًا جوهريًا. لم يكن هذا الاكتشاف مجرد إنجاز رياضي، بل كان نقطة تحول في فهم البشرية للطبيعة، ومهد الطريق لاكتشافات مثل الطاقة النووية. لم تكن النظرية مجرد معادلات على الورق، بل تم اختبارها عمليًا بطريقة أثبتت صحتها. في عام 1919، أثناء كسوف الشمس، قام عالم الفلك آرثر إدينجتون بقياس انحناء الضوء القادم من النجوم بسبب الجاذبية حول الشمس، كما توقعت النسبية العامة. هذه النتائج كانت دليلًا مباشرًا على صحة النظرية، حيث أثبتت أن الضوء يمكن أن ينحني بسبب تأثير الجاذبية، وهي فكرة كانت تعتبر مستحيلة في الفيزياء الكلاسيكية. لم تبقَ النظرية النسبية مجرد فكرة على الورق، بل أصبحت جزءًا من حياتنا اليومية. أحد أهم تطبيقاتها هو نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، حيث تتحرك الأقمار الصناعية بسرعات عالية وتتعرض لمجالات جاذبية مختلفة عن سطح الأرض، مما يسبب اختلافات في الزمن كما تنبأت النسبية. لولا هذه الحسابات، لكان هناك أخطاء كبيرة في تحديد المواقع، مما يجعل التقنية عديمة الفائدة. بعد عشر سنوات، وسّع أينشتاين نظريته ليقدم النسبية العامة، التي لم تكن مجرد تحديث للفيزياء الكلاسيكية، بل كانت إعادة بناء كاملة لمفهوم الجاذبية. بدلًا من أن تكون قوة تؤثر بين الأجسام، أوضح أن الجاذبية هي انحناء في نسيج الزمكان بسبب وجود الكتل الكبيرة، مما يفسر حركة الكواكب وتأثيرات الجاذبية على الضوء نفسه. هذه الفكرة أحدثت ثورة علمية، وأصبحت أساسًا لفهم ظواهر مثل الثقوب السوداء، التي لم يكن أحد يتخيل وجودها من قبل. لكن عبقرية أينشتاين لم تكن قائمة فقط على نظرياته، بل أيضًا على العادات اليومية التي عززت إبداعه. كان يؤمن بأهمية المشي المتواصل في تحفيز التفكير، ويدرك أن القيلولة تساعد على استعادة النشاط العقلي، وكان ينام لمدة عشر ساعات يوميًا ليضمن صفاء ذهنه في معالجة المسائل المعقدة. لم تكن هذه العادات مجرد تفاصيل في حياته، بل كانت جزءًا أساسيًا من نجاحه في صياغة نظريته الثورية. نظرية النسبية لم تكن مجرد إنجاز علمي عابر، بل كانت نقطة تحول أعادت تشكيل فهمنا للكون والزمان والمكان. فتحت الباب أمام أسئلة لم يكن للبشرية إجابة عنها من قبل، ودفعتنا لإعادة النظر في قوانين الطبيعة التي بدت ثابتة لقرون. لكن مع كل ما كشفته النظرية، لا يزال هناك ألغاز لم تُحل، وأسرار لم تُفهم بعد. هل نحن قريبون من اكتشاف جديد سيُحدث نفس التأثير؟ هل ستتجاوز البشرية حدود المعرفة الحالية كما فعل أينشتاين قبل أكثر من قرن؟ ربما يحمل المستقبل إجابات لم نكن نتوقعها، وربما ينتظر العالم عقلًا جديدًا يعيد تعريف الحقيقة كما نعرفها اليوم. لكن هنا يطرح السؤال نفسه: لو لم يكن أينشتاين قد اكتشف النسبية، هل كان سيظهر عالم آخر في عصره يقدم الفكرة نفسها؟ أم أن البشرية كانت ستظل حبيسة قوانين نيوتن حتى وقت لاحق؟