logo
شريان الحياة بوجه العاصفة

شريان الحياة بوجه العاصفة

في لحظات الفوضى والهلع التي تعقب وقوع كارثة طبيعية أو من صنع الإنسان، تتحول شبكات الهواتف المتنقلة من مجرد وسيلة للترفيه والتواصل إلى شريان حياة بالغ الأهمية. ففي خضم الضبابية والخطر، تصبح هذه الشبكات بمثابة حبل النجاة الذي يربط الأفراد ببعضهم، وبالجهات المسؤولة عن الإنقاذ والإغاثة، وبالعالم الخارجي. إن استمرار تشغيل شبكات الهواتف خلال الكوارث ليس مجرد رفاهية، بل ضرورة حتمية لإنقاذ الأرواح وتخفيف المعاناة وتسريع عملية التعافي.
ففي اللحظات الحرجة التي تلي وقوع الكارثة، تمكن الشبكات الأفراد من الاتصال بأحبائهم للاطمئنان عليهم وإخبارهم بسلامتهم، وتتيح للمتضررين طلب المساعدة والإبلاغ عن الإصابات أو الأضرار أو الأشخاص المفقودين لفرق الإنقاذ والإغاثة. هذا التواصل السريع يمكن أن يحدث فرقاً حاسماً بين الحياة والموت.
كما تعتمد فرق الإنقاذ بشكل كبير على شبكات الهواتف لتلقي البلاغات من المتضررين، وتحديد المناطق الأكثر تضرراً، وتسهل تبادل المعلومات الحيوية بين مختلف الجهات المعنية بإدارة الأزمة، مما يضمن استجابة أكثر فعالية وكفاءة.
ولنا في «كورونا» خير دليل على أهمية الهواتف التي لعبت دوراً أساسياً في إيصال الجهات المعنية بمكافحة الجائحة المعلومات الموثوقة للناس وتقليل حالة الذعر لنشر التحذيرات والتنبيهات والتحديثات حول الوضع الراهن، كما مكنت الهواتف من متابعة حجر المصابين والتأكد من عدم مغادرة منازلهم والاختلاط بالناس وحماية أنفسهم وعائلاتهم.
ورغم أهميتها القصوى، تواجه شبكات الهواتف المتنقلة تحديات كبيرة خلال الكوارث، مثل انقطاع الكهرباء، وتضرر البنية التحتية، والزيادة الهائلة في حجم المكالمات والبيانات.
أتذكر جيداً استضافة هيئة الاتصالات بالكويت مؤتمر الاتحاد الدولي للاتصالات التابع للأمم المتحدة في يناير 2016، وكان بعنوان (GET-2016) يبرز أهمية شبكات الهواتف أثناء الكوارث، واستعرضت بعض الدول المتطورة كاليابان تجربتها خلال زلزال توهوكو عام 2011، وما تلاه من توسانامي تسبب بأضرار جسيمة للبنى التحتية ومنها خروج شبكات الاتصالات عن الخدمة مما أدى إلى فقدان المتضررين التواصل مع جهات الإغاثة، مما ساهم بزيادة عدد الضحايا. واستعرضت بعض الدول الإفريقية خلال المؤتمر تجربتها بأهمية شبكات الاتصالات في احتواء تفشي الأوبئة. لكن الأهم كيف استفادت هذه الدول من تجاربها لتقليل الأضرار في الأزمات المستقبلية.
انقطاع الكهرباء المفاجئ في إسبانيا والبرتغال وأجزاء من فرنسا أواخر أبريل الماضي أدى إلى فقدان 60 في المئة من شبكات الهواتف امتد بعضها إلى 36 ساعة، والآن يجري نقاش بهذه الدول على فرض إجراءات احترازية على شركات الاتصالات لتوفير طاقة احتياطية ومولدات كهرباء لضمان استمرار تشغيل أبراج الاتصالات، خلال انقطاع الكهرباء، لا تقل عن عدد ساعات معينة كما هو مطبق بدول أخرى كالدنمارك والنرويج.
بالكويت، نعلم أن شركات الاتصالات تأخذ احتياطات مماثلة دون تدخل من هيئة الاتصالات الكويتية، ولكن من باب الاستفادة من تجارب الآخرين، أرى من الضروري أن تتدخل الهيئة بإجراء دراسة شاملة حول مستوى استعداد شركات الاتصالات لاستمرارية شبكاتهم خلال الكوارث بأنواعها، وأن تسد النقص بإصدار قرارات تنظيمية تلزم شركات الاتصالات بإجراءات احترازية، منها استقبال الشبكات لجميع أنواع الاتصالات خلال الكوارث، من المشترك وغير المشترك، كون هذه الشبكات شريان الحياة الرقمي الذي يمكن أن ينقذ الأرواح ويسرع عملية التعافي.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

جمعية الصحة العالمية تعتمد رسمياً اتفاقاً دولياً لتعزيز الوقاية والاستجابة للأوبئة
جمعية الصحة العالمية تعتمد رسمياً اتفاقاً دولياً لتعزيز الوقاية والاستجابة للأوبئة

الأنباء

timeمنذ يوم واحد

  • الأنباء

جمعية الصحة العالمية تعتمد رسمياً اتفاقاً دولياً لتعزيز الوقاية والاستجابة للأوبئة

اعتمدت جمعية الصحة العالمية - أعلى جهاز لاتخاذ القرار في منظمة الصحة العالمية - أمس الثلاثاء، اتفاقا دوليا تاريخيا بهدف تعزيز التعاون العالمي في مجالات الوقاية من الأوبئة والاستعداد والاستجابة لها. ويأتي اعتماد الاتفاق بعد 3 أعوام من المفاوضات المكثفة بين الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية التي صوتت عليه خلال أعمال الدورة الـ 78 لجمعية الصحة العالمية المنعقدة في جنيف. ويعد الاتفاق تتويجا لجهود هيئة التفاوض الحكومية الدولية التي أنشئت في ديسمبر 2021 وسط تفشي جائحة «كورونا» بهدف إعداد إطار قانوني دولي يضمن استجابة أكثر عدالة وفعالية للأزمات الصحية المستقبلية. ويؤكد الاتفاق على سيادة الدول في اتخاذ قراراتها الصحية مع التزامها بتعزيز التعاون الدولي في مجالات متعددة تشمل الوقاية من الأوبئة وبناء قدرات البحث والتطوير ونقل التكنولوجيا وتوزيع المنتجات الصحية وتكوين شبكة لوجستية عالمية للإمدادات إلى جانب تعزيز جاهزية الأنظمة الصحية الوطنية. ويتضمن إنشاء آلية لتقاسم المنافع المرتبطة بالحصول على مسببات الأمراض وتبني نهج (الصحة الواحدة) الذي يربط بين صحة الإنسان والحيوان والبيئة وتوفير دعم تقني ومالي للدول ذات الموارد المحدودة. ويمثل هذا الاتفاق إطارا عالميا ملزما يعزز التضامن الدولي ويضمن استعدادا أفضل لمواجهة الجوائح المستقبلية مع الحفاظ على خصوصية السياسات الصحية الوطنية للدول الأعضاء. وتعقد أعمال دورة جمعية الصحة العالمية وسط أزمة مالية توصف بأنها الأكبر في تاريخ منظمة الصحة العالمية على خلفية انسحاب الولايات المتحدة أكبر ممول لها وتراجع مساهمات عدد من الدول الأعضاء. ومن المقرر أن تستمر أعمال الجمعية حتى 27 الجاري بمدينة جنيف تحت شعار «عالم واحد من أجل الصحة».

الأمم المتحدة: الصراع والمناخ يقودان لارتفاع قياسي بمعدلات الجوع العالمية في 2024
الأمم المتحدة: الصراع والمناخ يقودان لارتفاع قياسي بمعدلات الجوع العالمية في 2024

المدى

timeمنذ 5 أيام

  • المدى

الأمم المتحدة: الصراع والمناخ يقودان لارتفاع قياسي بمعدلات الجوع العالمية في 2024

أظهر تقرير للأمم المتحدة، صدر الجمعة، أن 'انعدام الأمن الغذائي الحاد وسوء التغذية لدى الأطفال ارتفع للعام السادس على التوالي في 2024، ما أثر على أكثر من 295 مليون شخص في 53 دولة ومنطقة'. ويمثل ذلك زيادة بنسبة 5% عن مستويات عام 2023، مع معاناة 22.6% من السكان في المناطق الأكثر تضرراً من الجوع على مستوى الأزمة أو ما هو أسوأ. وقال مدير إدارة الطوارئ والمرونة في منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة 'الفاو|، رين بولسن، إن 'التقرير العالمي بشأن الأزمات الغذائية يرسم صورة صادمة (…) الصراعات والظروف الجوية المتطرفة والصدمات الاقتصادية هي العوامل الرئيسية الدافعة لهذه الظاهرة، وكثيراً ما تتداخل هذه العوامل'. وكانت الأمم المتحدة حذّرت من تدهور الأوضاع هذا العام، مشيرة إلى أكبر انخفاض متوقع في تمويل الغذاء الإنساني منذ بدء إعداد التقرير، والذي يتراوح بين 10% إلى أكثر من 45%. وكان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، هو الذي قاد الطريق، حيث أغلق إلى حد كبير 'الوكالة الأميركية للتنمية الدولية'، التي تقدم المساعدات للمحتاجين في العالم، وألغى أكثر من 80% من برامجها الإنسانية. وكان الصراع السبب الرئيسي للجوع، إذ أثر على ما يقرب من 140 مليون شخص في 20 دولة عام 2024، بما في ذلك مناطق تواجه مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي في غزة وجنوب السودان وهايتي ومالي. وساعدت الصدمات الاقتصادية، مثل التضخم وانخفاض قيمة العملة، في دفع 59.4 مليون شخص إلى أزمة غذائية في 15 دولة – وهو ما يقرب من ضعف المستويات التي شوهدت قبل جائحة 'كوفيد-19' – بما في ذلك سوريا واليمن.

لماذا تزايد التعب المزمن بعد «كورونا»؟
لماذا تزايد التعب المزمن بعد «كورونا»؟

الرأي

time١٢-٠٥-٢٠٢٥

  • الرأي

لماذا تزايد التعب المزمن بعد «كورونا»؟

كشف خبراء في ألمانيا عن ارتفاع ملحوظ في أعداد المصابين بمتلازمة التعب المزمن (ME/CFS)، منذ بداية جائحة كورونا، وسط تحذيرات من نقص الوعي الطبي وصعوبة العلاج. ووفقاً لبيانات شركات التأمين الصحي وجمعيات متخصصة، يعاني نحو 600 ألف شخص في ألمانيا من هذا المرض المزمن، الذي يعرف علمياً باسم التهاب الدماغ والنخاع العضلي، متلازمة التعب المزمن. وقالت مديرة مركز «شاريتيه فاتيج» في برلين لعلاج الإنهاك المزمن، كارمن شايبنبوجن، إن الأعداد قد تكون تضاعفت خلال فترة الجائحة، مشيرة إلى أن المرض يصيب بشكل خاص فئة الشباب. وبحسب ما نقله موقع «سكاي نيوز»، تتميز المتلازمة بأعراض تستمر لأكثر من ستة أشهر، أبرزها الإرهاق الشديد، وصعوبة التركيز، ومشاكل النوم، إلى جانب تفاقم الأعراض بعد أي مجهود بدني أو ذهني. وازدادت شهرة المرض خلال جائحة كورونا، نظراً لارتباطه بظاهرة «كوفيد الطويل»، إذ قد تبدأ الإصابة بالمتلازمة بعد عدوى فيروسية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store