
المال العام .. «حرم مقدس»
د. مختار مرزوق: المحافظة عليه من مقاصد الشريعة
يصف علماء الدين «المال العام» بأنه «حرم مقدس»، لحرمته ومكانته الرفيعة، إذ يجمع بين حق الله وحق الناس، ولكون المحافظة عليه من مقاصد الشريعة، كما أنه مصدر قوة الدولة والمجتمع، وعنوان تحضر الشعوب، باعتباره مِلكًا لكل فرد على أرض الوطن، وله صوره الكثيرة.
ويحذرون من تصرفات شائنة من قِبل البعض إزاء هذا المال، ممن ليست لديهم ثقافة الحفاظ عليه، ومن هنا يدعون إلى نشر الوعى بحُرمة سماح أى فرد لنفسه أو لغيره، بأخذ ولو قليل منه، بغير حق، حتى وإن كان فى أمس الحاجة إليه، داعين إلى تضافر الجهود بين مؤسسات الدولة والمجتمع المدنى للتوعية بقدسية هذا المال وحرمته.
الدكتور محمد الشحات الجندى، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة حلوان، عضو مجمع البحوث الإسلامية، يوضح أن «المال العام» هو المال المخصص للمنفعة العامة، ولا يختص به فرد دون آخر، وبالتالى فهو حرم مقدس ومال مصون يجب الحفاظ عليه، كما يحرم الاعتداء عليه أو المساس به، وله القداسة لكونه يجمع بين حق الله وحق الناس، فهو «مال الله» المرصود للمصلحة العامة، والذى يحتاج إليه الجميع فى شئون حياتهم، وقضاء مصالحهم.
ويبين أن المال العام له صور متعددة مثل: مؤسسات التعليم والصحة والثقافة والصناعة والزراعة والتنمية والاستثمار فى الأراضى والطرق والشوارع والبحار والأنهار وغيرها من المرافق المملوكة ملكية عامة، فلكل الناس حق فيها، ولا ينتفع بها فرد دون آخر، ولا يحتكرها أحد لنفسه، فمن استغلها وحده، ومنع الآخرين منها، فهو معتد أثيم، ومرتكب الحرام.
ويستشهد بقول الرسول، صلى الله عليه وسلم: «إنى والله ما أعطيكم شيئا، ولا أمنعكموه، ولكن إنما أنا خازن.. أضع هذا المال حيث أُمرت، وإنى لأرجو أن ألقى الله، وليس أحد يطلبنى بمظلمة ظلمتها إياه فى نفس ولا دم ولا مال».
مال «مقدس»
ويشدد الدكتور الجندى على أنه على هذا ترسخت النظرة المقدسة للمال العام، مما أوجد الهيبة فى النظر إليه، نتيجة الوعى العام بقيمته، إذ يعلمه الرجل لأهله، وتعلمه الأم لأبنائها، وتوصى زوجها بألا يطعمهم من المال الحرام، كما تنهاهم عن أكله.
ويستدرك: «لكن البعض استهان بقيمته، وأنزله بعض الأمناء عليه من برجه العالى، فلم يقوموا بواجبهم نحوه فى الرعاية والحماية، بل سولت لهم أنفسهم العدوان عليه بالاختلاس أو الرشوة أو السرقة أو الغصب أو التزوير أو غير ذلك من أشكال العدوان، مما أضعف مكانته، وجعل بعض ضعاف النفوس يجترئون عليه؛ حتى اعتبره البعض كلأ مستباحا يأخذ منه أو يتلفه أو يعتدى عليه متى أتيحت له الفرصة».
ويصف ذلك بأنه «سلوك مُحرم ومؤثم»، مما يجب توعية الناس بخطورته وأضراره، وصنع ثقافة صحيحة تعلى من شأن المال العام، وتضرب بشدة على أيدى المعتدين عليه، مع تشديد العقوبة على من يثبت اقترافه ذلك العدوان.
ويوضح الدكتور مختار مرزوق عبدالرحيم، العميد الأسبق لكلية أصول الدين بأسيوط، أن حرمة المال العام كبيرة، وأنه يجب على كل إنسان حمايته، فذلك من مقاصد الشريعة، كما أن حرمته أشد من حرمة المال الخاص لشيوع الحقوق فيه، وتعلقه بالذمة العامة، وقد ساوى عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، هذا المال بمال اليتامى، الذى يجب الحفاظ عليه وتنميته.
ويشير إلى أن حُرمة التعدى على المال العام، سواء تكسير رصيف، أو سرقة تيار كهرباء، أو مياه، أو تلاعب فى أوراق رسمية، أو تزوير شهادات أو سلب أموال، أو الاستيلاء على أراضى الدولة، أو سرقة كشافات النور من الأعمدة الموجودة فى الشوارع العامة، أو سرقة القضبان الحديدية للقطارات، فكلها تقع تحت طائلة المال العام.
ويبين أن صور التعدى على المال العام كثيرة، وكلها مضيعة لجهود الدولة وأموالها، فهى - فى الأصل - يمتلكها كل الأفراد، وبالتالى أصبح عقاب التعدى عليها شديدا عند الله، عز وجل، لأن سارقها أو المعتدى عليها، لم يعتد على فرد بعينه، بل تعدى على الشعب كله، وبالتالى يكون لهذا العمل الإجرامى تأثير سلبى على نفوس الناس، بل هو إيذاء للمجتمع بكامله.
حملات توعية
ومن هنا يطالب بتكثيف حملات التوعية عبر وسائل الإعلام، ومنصات التواصل الاجتماعى، والدراما الهادفة، للتنبيه بخطورة التعدى على المال العام وإهداره، أو التعدى على مرافق الدولة والمنشآت الحكومية، إلى جانب دور المؤسسات الدعوية والثقافية والتربوية فى التوعية بذلك، مع تغليظ عقوبة كل من تسول له نفسه أن يعتدى على المال العام.
ويشدد على ضرورة أن يكون المواطن مسئولا مسئولية كاملة عن حماية الأموال العامة، بل يكون مجرما فى حق نفسه وحق المجتمع وحق الدولة، حينما يفكر فى الاعتداء عليها، فحينما يشعر بأنها ملك له ولغيره، يصبح حارسا أمينا عليها.
ويتابع: لقد سُئل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عن رجال يتخوضون فيما يُعرف بالمال العام، فى الوقت الحالى، من الاستيلاء على الأراضى، أو ما شابه ذلك، فقال: «لهم النار»، ومعنى ذلك أنه لا يجوز للإنسان أن يترخص بالاستيلاء على أى مال سواء كان خاصا أو عاما، مما يدل على دعوة الإسلام إلى احترام أموال الناس كافًة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


مستقبل وطن
منذ 40 دقائق
- مستقبل وطن
دار الإفتاء: السبت غرة شهر صفر لعام 1447 هجريًّا
أعلنت دار الإفتاء المصرية أن يوم السبت المقبل سيكون أول أيام شهر صفر لعام 1447 هجريًا، وأن غدًا الجمعة الموافق 25 يوليو 2025، هو المتمم لشهر الله المحرم، وذلك بعد تعذر رؤية الهلال الشرعي لشهر صفر. وأوضحت الدار في بيان لها أنها استطلعت مساء اليوم الخميس، الموافق 29 من شهر المحرم، هلال شهر صفر من خلال لجانها الشرعية المنتشرة في مختلف محافظات الجمهورية، وذلك عقب صلاة المغرب مباشرة. وبناءً على نتائج الرؤية البصرية الشرعية، تبين عدم ثبوت رؤية هلال شهر صفر، وعليه تقرر أن يكون غدًا الجمعة هو اليوم الثلاثين المكمل لشهر المحرم، ويكون السبت هو غرة شهر صفر 1447 هجريًا. وكانت كشفت الحسابات الفلكية التى أعدها معمل أبحاث الشمس بالمعهد القومى للبحوث الفلكية، موعد شهر صفر لعام 1447هـ، حيث يولد هلال شهر صفر مباشرة بعد حدوث الاقتران في تمام الساعة التاسعة والدقيقة 12 مساءً بتوقيت القاهرة المحلي يوم الخميس 29 من المحرم 1447 هـ الموافق 2025/7/24م (يوم الرؤية). ويلاحظ أن الهلال الجديد لن يكون قد ولد بعد عند غروب شمس يوم الرؤية في مدينة القاهرة، وكذلك في جميع العواصم والمدن العربية والإسلامية. كما يلاحظ وجود فترة زمنية لمكث الهلال فوق الأفق بعد غروب الشمس في ذلك اليوم (يوم الرؤية) في بعض البلدان العربية والإسلامية بالرغم من حدوث الاقتران فيها بعد غروب شمس ذلك اليوم، حيث يغرب الهلال فيها بعد غروب شمس ذلك اليوم، ولا يعتد بفترة المكث هذه لحدوث الاقتران بعد غروب شمس ذلك اليوم. وبذلك يكون يوم الجمعة 2025/7/25م هو المتمم لشهر المحرم 1447هـ، وتكون غرة شهر صفر 1447 هـ فلكيًا يوم السبت 2025/7/26م.


الدولة الاخبارية
منذ ساعة واحدة
- الدولة الاخبارية
الإفتاء: السبت أول أيام شهر صفر 1447هـ .. وغدًا الجمعة المتمم لشهر المحرم
الخميس، 24 يوليو 2025 08:57 مـ بتوقيت القاهرة أعلنت دار الإفتاء المصرية أن يوم السبت المقبل سيكون أول أيام شهر صفر لعام 1447 هجريًا، وأن غدًا الجمعة الموافق 25 يوليو 2025، هو المتمم لشهر الله المحرم، وذلك بعد تعذر رؤية الهلال الشرعي لشهر صفر. وأوضحت الدار في بيان لها أنها قامت مساء اليوم الخميس، الموافق 29 من شهر المحرم، باستطلاع هلال شهر صفر من خلال لجانها الشرعية المنتشرة في مختلف محافظات الجمهورية، وذلك عقب صلاة المغرب مباشرة. وبناءً على نتائج الرؤية البصرية الشرعية، تبين عدم ثبوت رؤية هلال شهر صفر، وعليه تقرر أن يكون غدًا الجمعة هو اليوم الثلاثين المكمل لشهر المحرم، ويكون السبت هو غرة شهر صفر 1447 هجريًا.


الزمان
منذ ساعة واحدة
- الزمان
الرئيس السيسي يعزي بوتين والشعب الروسي في ضحايا حادث تحطم طائرة الركاب
تقدم الرئيس عبدالفتاح السيسي، باسمه وباسم الشعب المصري بخالص التعازي إلى صديقه الرئيس فلاديمير بوتين والشعب الروسي في ضحايا حادث تحطم طائرة الركاب في شرق روسيا اليوم. حادث تحطم طائرة وقال الرئيس السيسى- عبر حساباته الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي-: "أتقدم باسمي وباسم الشعب المصري بخالص التعازي إلى صديقي الرئيس "فلاديمير بوتين" والشعب الروسي في ضحايا حادث تحطم طائرة الركاب في شرق روسيا اليوم". كما أعرب الرئيس السيسى عن خالص مواساته وتعاطفه مع أسر الضحايا في هذا المصاب الأليم، مضيفًا: "وأسأل الله أن يلهمهم الصبر والسلوان".