
خامنئي يرفض دعوة ترامب إلى الاستسلام غير المشروط
أكد الزعيم الإيراني علي خامنئي، الأربعاء إن بلاده لن تقبل دعوة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الاستسلام غير المشروط.
وفي أول تصريحات له منذ يوم الجمعة، عندما ألقى خطاباً بثته وسائل إعلام رسمية، بعد أن بدأت إسرائيل بقصف إيران، قال خامنئي: إنه لا يمكن فرض السلام أو الحرب على بلده.
وتابع: «العقلاء الذين يعرفون إيران وشعبها وتاريخها لا يتحدثون البتة بلغة التهديد إلى هذا الشعب لأن الشعب الإيراني لن يستسلم».
وأضاف: «وليعلم الأمريكيون أن أي تدخل عسكري أمريكي سترافقه بلا ريب خسائر لا يمكن تعويضها».
- تواصل الفرار من طهران
وفي وقت سابق اليوم الأربعاء، فر آلاف من طهران، بعد أن نفذت مقاتلات إسرائيلية هجمات على المدينة خلال الليل، بينما قال مصدر إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يدرس خيارات تشمل الانضمام إلى إسرائيل في مهاجمة المواقع النووية الإيرانية.
وقال مسؤول عسكري إسرائيلي، إن 50 مقاتلة قصفت نحو 20 هدفاً في طهران الليلة الماضية، بما في ذلك مواقع لإنتاج مواد خام ومكونات وأنظمة تصنيع صواريخ.
وطلبت إسرائيل من سكان منطقة في جنوب غرب طهران مغادرتها حتى تتمكن قواتها الجوية من قصف منشآت عسكرية.
وردت إيران بإطلاق وابل جديد من الصواريخ على إسرائيل، وبتحذير للولايات المتحدة من مغبة مشاركتها في الحرب، مؤكدة أنها سترد على ذلك.
واكتظت الطرق الشمالية المؤدية إلى خارج طهران بالسيارات، وشهدت اختناقات وكثافة مرورية.
وقال علي رضا (37 عاماً) وهو رجل أعمال: «غادرنا طهران هذا الصباح. أطفالي خائفون وسنقيم في منزل لأخي قرب كرج».
استسلام غير مشروط!
وفي سلسلة من التصريحات عبر وسائل للتواصل الاجتماعي الثلاثاء، أشار ترامب صراحة إلى مسألة اغتيال خامنئي.
وكتب على منصة تروث سوشيال: «نعرف على وجه اليقين مكان اختباء خامنئي. لن نقضي عليه، على الأقل ليس في الوقت الراهن. صبرنا ينفد».
وبعد ثلاث دقائق كتب في منشور جديد: «استسلام غير مشروط!» وزادت تلك التصريحات من التكهنات حول مشاركة الولايات المتحدة في الحرب.
وقال مصدر مطلع، إن ترامب وفريقه يدرسون خيارات عدة، بينها مشاركة إسرائيل ضرب مواقع نووية إيرانية.
وقال علي بحريني سفير إيران في الأمم المتحدة في جنيف،: إن بلاده أبلغت واشنطن بأنها سترد عليها، إذا شاركت في الحرب بشكل مباشر. وأضاف أنه يعتبر الولايات المتحدة «متواطئة فيما تقوم به إسرائيل». وتابع: «لن نظهر أي تردد في الدفاع عن شعبنا وأمننا وأرضنا. سنرد بجدية وقوة ودون ضبط للنفس».
وتستكشف إيران الخيارات التي قد تستخدمها للضغط، بما في ذلك تهديدات ضمنية بالإضرار بسوق النفط العالمية من خلال تقييد الوصول إلى منطقة الخليج عبر مضيق هرمز، وهو الشريان الأهم في العالم لتدفق وشحن النفط.
وقال وزير الاقتصاد الإيراني السابق إحسان خاندوزي على «إكس»، إن على بلاده البدء بسرعة في طلب الإذن من الناقلات التي تعبر المضيق. وأضاف أن تلك الخطوة ستكون حاسمة، إذا نفذت بسرعة.
* حظر على التصوير داخل إيران
وتسبب أكبر هجوم تتعرض له إيران منذ الحرب مع العراق في الثمانينات في مقتل نخبة من كبار القادة. وأبدت طهران عزماً على منع الفزع، ونقص الإمدادات، ولم يسمح سوى بتبادل لقطات محدودة للدمار مقارنة بالأيام الأولى من القصف عندما بثت وسائل إعلام رسمية صور انفجارات وحرائق وبنايات سكنية سويت بالأرض. وفرضت السلطات حظراً على تصوير الأفراد لأي مشاهد عامة.
وفرضت السلطات قيوداً على كمية الوقود التي يمكن للسكان شراؤها. وقال وزير النفط محسن باك نجاد للتلفزيون الرسمي، إن القيود تهدف للحيلولة دون حدوث أي نقص، لكن لن تكون هناك مشكلة في توفير الوقود.
وقالت مصادر مطلعة، إن مقتل مستشارين عسكريين وأمنيين قريبين من خامنئي أحدث خللاً كبيراً في دائرته المقربة، وزاد خطر ارتكاب أخطاء استراتيجية.
وأعلن مسؤولون إيرانيون مقتل 224 شخصاً، معظمهم مدنيون، لكن السلطات لم تحدث الأعداد منذ أيام. وقالت السلطات الإسرائيلية، إن إيران أطلقت نحو 400 صاروخ صوب إسرائيل منذ الجمعة، اخترق نحو 40 منها الدفاعات الجوية، ما أسفر عن مقتل 24 جميعهم مدنيون.
وتلك هي المرة الأولى في عقود من حروب الظل والصراع عبر جماعات تقاتل بالوكالة التي تخترق فيها صواريخ إيرانية الدفاعات الجوية الإسرائيلية، وتتسبب في سقوط قتلى في منازلهم.
وفي إسرائيل، سمع دوي انفجارات فوق تل أبيب. وقال الجيش، إن وابلين من الصواريخ الإيرانية أطلقا باتجاه إسرائيل صباح الأربعاء.
وذكرت وكالة «مهر»للأنباء، أن اشتباكات وقعت في الصباح، بين قوات الأمن ومسلحين مجهولين في مدينة ري جنوبي طهران.
وأضافت الوكالة، أن المسلحين «أفراد يعتقد أنهم مرتبطون بالموساد، أو جواسيس إسرائيليون»، وأشارت إلى أنهم خططوا «لتنفيذ عمليات إرهابية في مناطق مكتظة بالسكان في العاصمة».
وقالت مواقع إخبارية إيرانية، أن إسرائيل تهاجم أيضاً جامعة مرتبطة بالحرس الثوري في شرق البلاد، ومنشأة خجير للصواريخ الباليستية قرب طهران.
* ترامب يبقى العالم في حيرة
وأدت رسائل ترامب المتناقضة والغامضة أحياناً عبر وسائل تواصل اجتماعي تراوح بين المقاربات الدبلوماسية، لإنهاء الحرب والتهديدات بالانضمام إليها في إذكاء حالة الضبابية المحيطة بالأزمة.
ولم تتخذ الولايات المتحدة حتى الآن سوى إجراءات غير مباشرة في الصراع، بما في ذلك المساعدة على إسقاط صواريخ أطلقتها إيران صوب إسرائيل. لكن واشنطن لديها قدرات تفتقر إليها إسرائيل مثل القدرة على تدمير محطة فوردو للتخصيب في عمق الجبل.
وقال مسؤولين أمريكيين، إن واشنطن تنشر المزيد من الطائرات المقاتلة في الشرق الأوسط، وتوسع نطاق نشر طائرات حربية أخرى.
وذكر مصدر مطلع على تقارير مخابرات أمريكية، أن إيران حركت بعض منصات إطلاق الصواريخ الباليستية، لكن من الصعب تحديد ما إذا كانت تستهدف القوات الأمريكية أم إسرائيل.
ومنذ اندلاع الحرب في قطاع غزة في 2023، تراجع نفوذ إيران في المنطقة بسبب الضربات القوية التي وجهتها إسرائيل لحلفائها من حماس وجماعة حزب الله في لبنان إلى جماعة الحوثي اليمنية، وفصائل مسلحة في العراق، إضافة إلى الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


سكاي نيوز عربية
منذ 28 دقائق
- سكاي نيوز عربية
إيران.. إسرائيل تلوّح بالخيار العسكري وطهران تتوعد بالرد
احتمال ضعيف أن تضرب إسرائيل إيران من دون ضوء أخضر أميركية.. وترامب يدعو إسرائيل لعدم توجيه ضربة لإيران مع قرب التوصل لاتفاق.. ولكن في الخطاب نفسه ترامب يتحدث عن خطر اندلاع "نزاع هائل" في الشرق الأوسط..


البيان
منذ 32 دقائق
- البيان
واتساب يدخل الحرب بين إسرائيل وإيران.. ما القصة؟
نفت شركة "واتساب" المملوكة لـ"ميتا"، مزاعم التلفزيون الرسمي الإيراني التي اتهمت التطبيق بجمع بيانات المستخدمين وإرسالها إلى إسرائيل، ووصفتها بأنها "مزاعم كاذبة لا أساس لها من الصحة"، وفقاً لصحيفة "نيويورك تايمز". وكانت القناة الرسمية الإيرانية قد حثّت المواطنين، الثلاثاء، على حذف تطبيق واتساب من هواتفهم، مدّعية أن "واتساب وإنستغرام يجمعان معلومات عن الأفراد ويزودان إسرائيل ببيانات تتعلق بمواقع المستخدمين الأخيرة واتصالاتهم، مرفقة بأسمائهم"، ولم تُقدّم القناة أي أدلة تدعم هذه الادعاءات. وفي بيان رسمي، قالت شركة واتساب: "نشعر بالقلق من أن هذه الادعاءات الزائفة قد تُستخدم كذريعة لحظر خدماتنا، في وقت يحتاج فيه الناس إليها بشدة". وأضافت: "جميع الرسائل التي ترسلونها عبر واتساب إلى العائلة والأصدقاء محمية بتقنية التشفير التام بين الطرفين، مما يعني أن لا أحد – حتى واتساب نفسها – يمكنه الاطلاع عليها". وتشهد خدمات الإنترنت في إيران اضطرابات شديدة خلال الفترة الأخيرة، في ظل تصاعد التوترات العسكرية مع إسرائيل، إذ يرجّح مسؤولون وخبراء ومواطنون إيرانيون أن الحكومة تفرض قيوداً على الإنترنت للحد من تداول المعلومات حول الضربات المتبادلة، وللتحوّط من أي هجمات سيبرانية إسرائيلية محتملة. وأكدت واتساب في بيانها أنها لا تقوم بتتبع المواقع الجغرافية الدقيقة للمستخدمين، ولا تراقب محتوى الرسائل المتبادلة، كما أنها "لا تقدم معلومات جماعية لأي حكومة". وأشارت إلى أن ميزة التشفير التام بين الطرفين تجعل من الصعب جداً على وكالات الاستخبارات والجهات الأمنية الوصول إلى الاتصالات الرقمية الخاصة بالمستخدمين.


البوابة
منذ ساعة واحدة
- البوابة
ترامب فى مفترق طرق محورى.. دبلوماسية الفرصة الأخيرة أو قنبلة خارقة للتحصينات لتوجيه ضربة مباشرة لطهران
إيران قادرة على البقاء على المسار النووى إذا صمدت منشأة فوردو المدفونة فى أعماق جبل قنبلة GBU-57 الخارقة للذخائر الضخمة التى تحملها حصريًا قاذفات B-2 الأمريكية مع تصاعد الأعمال العدائية بين إسرائيل وإيران، يقف الرئيس دونالد ترامب عند مفترق طرق محوري.. مفترق طرق قد لا يُحدد مسار الشرق الأوسط فحسب، بل يُحدد أيضًا مصير اتفاق محتمل لنزع السلاح النووي. يُقال إن الرئيس الأمريكى يدرس التدخل العسكرى المباشر لمساعدة إسرائيل على تدمير منشأة فوردو النووية المُحصّنة فى إيران، وهى خطوة من شأنها أن تدفع أمريكا إلى قلب الحرب الدائرة، وقد تُنهى أى فرصة للحل الدبلوماسي. وفقًا لمسؤولين إيرانيين، فإن أى تدخل أمريكى فى ضربة ضد منشآتهم النووية من شأنه أن يُحطم آمال التوصل إلى اتفاق نووى تفاوضى - وهو اتفاق يُصرّ ترامب على أنه لا يزال يرغب فى السعى إليه. خلف الكواليس، بُذلت جهودٌ للحوار: فقد شجع ترامب ذات مرة مبعوثه إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، وربما نائب الرئيس جى دى فانس، على عرض لقاء مع مسؤولين إيرانيين. ومع ذلك، يوم الاثنين، تحوّلت نبرة الرئيس بشكل حاد، ناصحًا، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بأن "على الجميع إخلاء طهران فورًا"، فى إشارةٍ مُنذرةٍ بأن الدبلوماسية قد تُضيّع الوقت. مع ذلك، أصرّ ترامب على القول: "أعتقد أن إيران فى الأساس على طاولة المفاوضات، إنهم يريدون إبرام صفقة". وقد تأكّد الشعور بالإلحاح من خلال مغادرته المفاجئة لقمة مجموعة السبع، حيث قال للصحفيين: "بمجرد أن أغادر هنا، سنفعل شيئًا ما". المحور الاستراتيجي تُعدّ منشأة فوردو، المدفونة فى أعماق جبل، محوريةً فى هذه الأزمة. ويتفق الخبراء على أن أقوى سلاح تقليدى لدى الجيش الأمريكي، وهو قنبلة GBU-٥٧ الخارقة للذخائر الضخمة - التى تحملها حصريًا قاذفات B-٢ الأمريكية - هى وحدها القادرة على تدميرها. لطالما ضغطت إسرائيل، التى تفتقر إلى القنبلة ومنصة الإطلاق، على الولايات المتحدة للتحرك. صرح بريت ماكجورك، المستشار السابق للبيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط، للصحفيين: "لطالما كان موقع فوردو جوهر هذه العملية. إذا انتهى الأمر بمواصلة فوردو تخصيب اليورانيوم، فلن يكون ذلك مكسبًا استراتيجيًا". أمضى المسؤولون العسكريون الأمريكيون سنوات فى صقل خطط لمثل هذه العملية. يتطلب النجاح موجات متعددة من الضربات، حيث يُسقط الطيارون الأمريكيون كل قنبلة على التوالي. كانت هذه السيناريوهات موجودة نظريًا حتى الآن. ولكن بعد الضربات "الاستباقية" الإسرائيلية الأخيرة، والتى بررتها مزاعم بوجود تهديد إيرانى وشيك، أصبح احتمال تفعيل هذه الخطط واقعيًا فجأة. حسابات معقدة تتفق الاستخبارات الأمريكية على أن إيران تُختصر جدولها الزمنى لإنتاج قنبلة نووية، على الرغم من عدم الإبلاغ عن أى اختراقات تكنولوجية كبيرة. ويحذر الخبراء من أنه إذا صمدت فوردو، فستحتفظ إيران بالقدرة على البقاء على المسار النووي، حتى لو احتاجت البنية التحتية الشاملة إلى إعادة بناء. توجد بدائل للقصف، مثل تخريب مصدر الطاقة فى فوردو، مما قد يُلحق الضرر بأجهزة الطرد المركزى الحساسة. وأشار رافائيل جروسي، رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إلى كيفية استخدام تكتيكات مماثلة فى نطنز، مركز التخصيب الرئيسى الآخر فى إيران. تشهد إدارة ترامب، وبين المشرعين الجمهوريين، انقسامًا حادًا فى الآراء. فقد دعا مسؤولون إسرائيليون، مثل وزير الدفاع السابق يوآف جالانت، إلى عملية أمريكية إسرائيلية مشتركة وقال: "يجب أن تُنجز المهمة، من قِبل إسرائيل، ومن قِبل الولايات المتحدة". أكد السيناتور ليندسى جراهام الموقف المتشدد، مُحذِّرًا من أنه فى حال فشل الدبلوماسية، "لن يبقى شيء قائمًا فى إيران فيما يتعلق ببرنامجها النووي". وذهب إلى أبعد من ذلك، مُشيرًا إلى قنبلة GBU-٥٧: "إذا كان ذلك يعنى توفير القنابل، فوفروها.. وإذا كان يعنى التعاون مع إسرائيل، فلنتعاون مع إسرائيل". لكن الجناح المؤثر فى الحزب، المؤيد لعدم التدخل، والممثل بشخصيات مثل تاكر كارلسون، يُحذّر من التدخل الأمريكي، مُجادلًا بأن صراعات الشرق الأوسط السابقة أظهرت أن المخاطر تفوق الفوائد بكثير. صرّح كارلسون مؤخرًا قائلًا: "إذا أرادت إسرائيل خوض هذه الحرب، فلها كل الحق فى ذلك.. ولكن ليس بدعم أمريكي". العملية المُتوازنة فى الوقت الحالي، يبدو أن الرئيس ترامب يسير على خيط رفيع. فمن خلال إبقاء الخيارات العسكرية مطروحة، يأمل فى الضغط على إيران للتوصل إلى اتفاق - باستخدام التهديد باستخدام القوة الساحقة كوسيلة ضغط. ومع ذلك، فى حال انهيار هذه الجهود، سيواجه ترامب قريبًا خيارًا صعبًا: إما السماح لإسرائيل بالقتال بمفردها أو إلزام القوات والقوة النارية الأمريكية بخوض صراع خطير وغير متوقع. إن المخاطر كبيرة للغاية، سواء على مستوى المنطقة أو العالم. *تيويورك تايمز استيقظوا أيها الغربيون..الحرب تُنذر بتهديد عالمى غير مسبوق يُشير الهجوم الإسرائيلى الشامل على إيران، الذى أعقب سلسلة من الحملات البارزة ضد حماس وحزب الله والحوثيين والقوات المرتبطة بإيران فى سوريا، إلى محاولة جريئة من حكومة نتنياهو لفرض هيمنتها الإقليمية. ووفقًا لستيفن م. والت، الباحث البارز فى السياسة الخارجية بجامعة هارفارد، من غير المرجح أن تُمكّن هذه الاستراتيجية إسرائيل من ترسيخ مكانتها كقوة مهيمنة فى الشرق الأوسط، بل قد تُعمّق فى نهاية المطاف تحدياتها الأمنية طويلة المدى. فى الساعة الرابعة فجرًا فى القدس، هرع السكان إلى الملاجئ تحت الأرض مع انطلاق صفارات الإنذار مُحذرين من ضربات صاروخية إيرانية وشيكة. ووفقًا للصحفية البريطانية ميلانى فيليبس، التى شهدت الهجوم بنفسها، فقد أسفر القصف عن مقتل ثمانية إسرائيليين على الأقل وإصابة المئات، مما أثار قلقًا جديدًا، ولكنه أيضًا عزز شعورًا بالثبات لدى الجمهور الإسرائيلي. وتُشير فيليبس إلى أن هذه الصواريخ الباليستية أقوى بكثير من الصواريخ التى أُطلقت فى صراعات سابقة من غزة أو لبنان أو اليمن، وهى الآن تصل بأعداد كبيرة لدرجة أن حتى الدفاعات الجوية الإسرائيلية المتطورة تُستنزف طاقتها. تجادل فيليبس بأن التصعيد الأخير ليس حدثًا معزولًا، بل جزء من حرب طويلة الأمد متعددة الجبهات تشنها إيران عبر وكلائها فى جميع أنحاء المنطقة.. منذ فظائع السابع من أكتوبر ٢٠٢٣، اعتبرت إسرائيل حملتها ضد حماس فى غزة جزءًا لا يتجزأ من حربها الأوسع ضد النفوذ الإيراني، الممتدة من لبنان وسوريا إلى العراق واليمن والضفة الغربية. على الرغم من الجهود الإسرائيلية لتقليل الخسائر فى صفوف المدنيين، إلا أن الخسائر فى تزايد. ومع ذلك، يسود اعتقاد سائد بين الإسرائيليين بأن إسرائيل "لم تبدأ حربًا مع إيران: بل بدأت نهاية حرب إيران ضد إسرائيل والغرب"، كما تكتب فيليبس. يشعر الكثيرون أنه لا بديل أمامهم سوى المضى قدمًا، معتبرين أن الحرب ضد إيران ذات القدرات النووية تحمل مخاطر وجودية. مخاوف نووية يُشكل التهديد الذى تُشكله طموحات إيران النووية محور حسابات إسرائيل. وتشير فيليبس إلى تقييم حديث للوكالة الدولية للطاقة الذرية يفيد بأن إيران تمتلك الآن ما يكفى من اليورانيوم المُخصب لصنع تسع قنابل نووية، وأنها تُخالف اتفاقيات حظر الانتشار النووي. أفادت فيليبس أن الاستخبارات الإسرائيلية كشفت أدلة على أن طهران كانت على بُعد أسابيع فقط من تسليح المواد النووية، وأنها تهدف إلى تكثيف إنتاج الصواريخ الباليستية، مما يشكل "تهديدًا وجوديًا مباشرًا". وتؤكد فيليبس أن قرار إسرائيل بضرب إيران كان رد فعل على هذا الشعور بالإلحاح، مدفوعًا بمخاوف من أن فرصة إيران لتطوير سلاح نووى تضيق بسرعة. وتؤكد أن فشل الإدارات الأمريكية والبريطانية السابقة فى إدراك الحماس الدينى والطبيعة المتصلبة لنظام طهران، مكّن إيران من التقدم بشكل خطير نحو القنبلة. سياسة تحت النار تنتقد فيليبس بشدة القادة والمحللين الغربيين الذين، فى رأيها، أساءوا فهم التهديد الإيرانى أو قللوا من شأنه. تنتقد فيليبس تصريحات اللورد هاموند، وزير الخارجية البريطانى السابق، وزعيم حزب العمال كير ستارمر، لتلميحهما إلى أن الإجراءات الإسرائيلية تعرقل الاتفاقيات الدبلوماسية الجديدة أو تدعو إلى "خفض التصعيد" دون معالجة الخطر الكامن المتمثل فى امتلاك إيران للسلاح النووي. وقالت: "يستند كل من تصريحات هاموند وستارمر إلى الاعتقاد الغربى الأحمق بأن المتعصبين الدينيين يتفاوضون بحسن نية ويحكمهم المصلحة الذاتية العقلانية". بالنسبة لفيليبس، فإن فكرة خفض التصعيد فى مواجهة مثل هذا التهديد تُعادل الاستسلام، مما يسمح لإيران بإكمال طموحاتها النووية دون رادع. يتناول المقال أيضًا ما تعتبره فيليبس مفاهيم خاطئة شائعة حول دور إسرائيل فى الصراع. وتجادل بأنه بينما تستهدف إسرائيل البنية التحتية العسكرية والنووية الإيرانية، فإن إيران تستهدف السكان المدنيين عمدًا، وهو تمييز تزعم أنه يتجاهله النقاد فى بريطانيا وأماكن أخرى. الرهانات العالمية مستشهدةً بتصريح المرشد الأعلى الإيرانى آية الله على خامنئى عام ٢٠٢٣ بأن "الموت لأمريكا!" ليس مجرد شعار بل سياسة، تُصرّ فيليبس على أن التهديد الذى تُشكّله إيران يتجاوز إسرائيل بكثير. وتستشهد بتحذيرات من أجهزة الأمن البريطانية بشأن التهديد الاستثنائى للإرهاب المدعوم من إيران. تُخلص فيليبس إلى أنه "إذا قضت إسرائيل الآن على المحور الشيعى المُتمركز فى إيران، فسيُعيد ذلك تشكيل الشرق الأوسط نحو الأفضل، ويُزيل تهديدًا جسيمًا ليس فقط لإسرائيل، بل للغرب أيضًا". *التايمز البريطانية إسرائيل لا يمكن أن تكون قوة مهيمنة.. سياسات «تل أبيب» تعمق تحدياتها الأمنية والوجودية طويلة المدى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعد هجوم حماس المدمر فى أكتوبر ٢٠٢٣، تجاوز رد إسرائيل مجرد الرد الفوري. استهدفت العمليات العسكرية قادة المتشددين والبنية التحتية على جبهات متعددة، بهدف إضعاف أى قوة تُهدد المصالح الإسرائيلية. ولا تهدف الضربات الأخيرة على إيران إلى شل برنامجها النووى فقط، بل أيضًا إلى زعزعة استقرار النظام، وربما جر الولايات المتحدة إلى تدخل عسكرى أعمق. تقييم الهيمنة للوهلة الأولى، قد تُشير مزايا إسرائيل - التطور التكنولوجي، والقوات المسلحة ذات المهارات العالية، والدعم الأمريكى العميق، ووجود مجموعة مُجزأة من الخصوم - إلى مقومات هيمنة إقليمية. يُقرّ والت بأن إسرائيل استفادت تاريخيًا من قيادة عسكرية متفوقة، ودعمٍ ثابت من الشتات، وأسلحة متطورة، بما فى ذلك ترسانة نووية ضخمة.. والأهم من ذلك كله، أن التفوق العسكرى النوعى لإسرائيل مضمونٌ بدعم أمريكى كبير - عسكرى واقتصادى ودبلوماسى - سمح لها بإظهار قوتها بما يتجاوز بكثير ما يوحى به عدد سكانها. يكتب والت: "الأهم من ذلك كله، أن إسرائيل تحصل على دعم واسع وغير مشروط إلى حد كبير من الولايات المتحدة"، مُشددًا على أن هذا الدعم الخارجى هو أكبر مُضاعف للقوة لأمن إسرائيل. على الرغم من هذه القوة، يُجادل والت بأنه لا يمكن اعتبار إسرائيل قوة مهيمنة حقيقية. فعلى عكس الولايات المتحدة فى نصف الكرة الغربى - آمنة، لا مثيل لها، ولا تواجه أى منافس تقريبًا - لا تزال إسرائيل تواجه تهديدات أمنية متعددة. ويشير والت إلى أنه "رغم القوة المهيمنة الإقليمية، لا تزال إسرائيل تواجه خصومًا عنيدين يمتلكون قدرات عسكرية هائلة، وعددًا كبيرًا من السكان، وإرادة لمقاومة الهيمنة الإسرائيلية". لم تُلغِ النجاحات الميدانية الأخيرة التحديات الوجودية. لا يزال الحوثيون يوجهون ضرباتهم، ولا تزال الحرب فى غزة مستمرة رغم الدمار الهائل، وقد أظهرت إيران القدرة والاستعداد للرد، حتى لو كانت ضرباتها أقل ضررًا من ضربات إسرائيل. والأهم من ذلك، أن إصرار إيران، وإمكانية تسلّحها النووى فى المستقبل، لا يزالان يُشكّلان حسابات إسرائيل ويُقيّدان حريتها فى التصرف. القضية الفلسطينية كما أن التفوق العسكرى الإسرائيلى لم يحل القضية الأساسية المتمثلة فى الدولة الفلسطينية. فرغم تكبيد إسرائيل خسائر فادحة فى غزة وإحكام سيطرتها على الضفة الغربية، فإنها تواجه انتقادات دولية وأزمة شرعية بين حلفائها السابقين. وقد كشف هجوم حماس فى أكتوبر ٢٠٢٣ عن حدود الردع الإسرائيلي، فى حين أن ارتفاع عدد القتلى الفلسطينيين - المقدر بأكثر من ٥٥ ألفًا ردًا على الهجوم - زاد من عزلة إسرائيل على الساحة العالمية. عامل مُقيّد يُعدّ اعتماد إسرائيل على الولايات المتحدة عنصرًا أساسيًا فى استعراض قوتها، لكن القوة المهيمنة إقليميًا "لا تحتاج إلى الاعتماد على الآخرين للسيطرة على جيرانها". فبدون استمرار الدعم العسكرى الأمريكي، والحماية الدبلوماسية، والمساعدات المالية، ستجد إسرائيل صعوبة بالغة فى الحفاظ على مستوى هيمنتها الحالي. علاوة على ذلك، فإن العلاقة الأمريكية الإسرائيلية، على الرغم من قوتها، ليست بمنأى عن التوتر، وقد يؤدى تغيير الأولويات الأمريكية إلى تعقيد طموحات إسرائيل أكثر. إن الهيمنة لا تقتصر على القوة العسكرية الساحقة فحسب، بل تتطلب أيضًا من الدول المجاورة قبولًا. تاريخيًا، خففت القوى المهيمنة الحقيقية من قوتها بالصبر السياسى - وهو أمر نادرًا ما أظهرته إسرائيل، لا سيما فى مناخها السياسى اليمينى الحالي. إن غياب ضبط النفس وغياب الجهود الحقيقية للتوصل إلى تسوية سياسية مع الفلسطينيين يُضعفان من فرص إسرائيل فى تحقيق هيمنة إقليمية مستدامة. *فورين بوليسى