logo
ترامب: إيران لن تنتصر.. يجب أن تتفاوض "قبل فوات الأوان"

ترامب: إيران لن تنتصر.. يجب أن تتفاوض "قبل فوات الأوان"

المركزيةمنذ 5 ساعات

شارك الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الإثنين، في اليوم الأول من قمة مجموعة السبع في كندا، حيث يتصدر تصاعد التوتر بين إسرائيل وإيران جدول أعمال الزعماء.
وفي تصريحات أدلى بها على هامش القمة، قال ترامب إن استعداد إيران للتفاوض إشارة إلى نيتها خفض التصعيد تجاه إسرائيل.
وأشار ترامب للصحفيين: "لكن كان عليهم فعل ذلك من قبل. أعطيتهم 60 يوما، وكان لدي 60 يوما (لإبرام اتفاق نووي)، وفي اليوم الـ61 قلت: 'ليس لدينا اتفاق".
وأضاف ترامب: "عليهم إبرام اتفاق، إنه أمر مؤلم للطرفين، لكنني أقول إن إيران لن تفوز بهذه الحرب.. ويجب أن يتفاوضوا فورا قبل فوات الأوان".
وعند سؤاله عن إمكانية تدخل الولايات المتحدة عسكريا في الصراع بين طهران وتل أبيب، رفض ترامب التعليق قائلا: "لا أريد الحديث عن ذلك".
وفي وقت سابق، قال الرئيس الأميركي، إنه سيتم التوصل "قريبا" إلى سلام بين إسرائيل وإيران.
وذكر ترامب، في منشور على منصة "تروث سوشال": "إيران وإسرائيل يجب أن تتوصلا إلى اتفاق، وستتوصلان إليه، تماما كما جعلت الهند وباكستان يتوصلان إلى اتفاق".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – استخدام السلاح النووي من التلويح الى «كبسة زر»!
شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – استخدام السلاح النووي من التلويح الى «كبسة زر»!

الشرق الجزائرية

timeمنذ 39 دقائق

  • الشرق الجزائرية

شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – استخدام السلاح النووي من التلويح الى «كبسة زر»!

يرفع المسؤولون الإسرائيليون وتيرة التلويح باستخدام السلاح النووي في حرب بنيامين نتنياهو على إيران، ولقد وصلت العنجهية في بعضهم الى حد تهديد بلدان أوروبية بأنها ستكون ضمن دائرة استهدافاتهم النووية. وفي المعلومات أن جلسة سرية لحكومة حرب العدو عُقِدت خصّيصاً لهذه الغاية، وبموجب تقرير أوروبي غربي فإن المناقشات دارت حول النقط الآتية: أوّلاً – إذا كان اتجاه الحرب يمضي في مسار يهدد مصير الكيان العبري جدياً، فلا بد من اللجوء الى «آخر الدواء». ثانياً – إن الفكرة لم ترقَ، بعد، الى مستوى القرار الحاسم، ولكنها مطروحة جدّياً. ثالثاً – إن القرار لا يمكن أن يكون حاسماً ما لم يقترن بموافقة ومباركة الأميركي ومشاركته، وحتى الآن ليست ثمة موافقة من دونالد ترامب. في هذا الوقت اتخذت قيادة الباكستان موقفاً يمكن توصيفه بأنه استثنائي وتاريخي. فقد أبلغت الى الأميركي وسائر الذين يعنيهم الأمر أنها لن تبقى تقف متفرجة إذا ذهب الشطط بالإسرائيلي الى حد استخدام السلاح النووي في هذه الحرب التي افتعلها نتنياهو «الذي سيظل يخترع الحروب» ما استطاع إليها سبيلاً، كي يبعد عن نفسه كأس الحساب القضائي بسبب محاكمته بتهمة الفساد التي تقض مضجعه منذ سنوات. ومن الواضح أن المعروف عن الباكستان أنه ليس البلد الذي يعتمد البروباغندا، وبالتالي فإن تأكيده على استخدام السلاح النووي إذا لجأ إليه نتنياهو ضدّ إيران هو إنذار جدّي. يحدث هذا بالتزامن مع إعراب الصين الشعبية، بدورها، عن رغبتها في المشاركة في الحرب الى جانب إيران، وإنها على استعداد تام لاستخدام صواريخ عابرة القارات، نحو إسرائيل، ذات رؤوس نووية. طبعاً، ثمة عواصم أخرى تدعم طهران وأبرزها موسكو وبيجينغ… علماً أن موقف الصين بات علنياً، وإن كانت وروسيا تحاولان لجم جموح نتنياهو. إن هذه التطورات لا يمكن أن تمر مرور الكرام لدى دونالد ترامب رافع الشعار اللمّاع: لا للحروب، نعم للإتفاقات والسلام. فهل يذهب الغرور بالقيادة الصهيونية الى حدّ فتح جهنم الحرب العالمية الثالثة (النووية الإبادية)، أو إن الإسرائيلي يتراجع، أو (أخيراً) أن ترامب قادر على لجمه مقابل ثمن كبير من الاستثمارات الهائلة في إيران. إنها أيام حاسمة، فلننتظر ونرَ!

الحرب الصهيو-أميركية على إيران.. إلى أي مدى ستصل؟
الحرب الصهيو-أميركية على إيران.. إلى أي مدى ستصل؟

الميادين

timeمنذ 39 دقائق

  • الميادين

الحرب الصهيو-أميركية على إيران.. إلى أي مدى ستصل؟

كما كان متوقعاً، ومع تعثر مفاوضاتها النووية مع إيران، سمحت أميركا للكيان الصهيوني بتوجيه ضربته إلى إيران كنتيجة لمتغيّرات شهدتها الأوضاع في أميركا والكيان الصهيوني معاً، مع حفاظها من الناحية العلنية على مسافة بينها وبين هذه الضربة، وتأكيدها بأنها قرار صهيوني لم تشارك فيه الولايات المتحدة رغم معرفتها به، الأمر الذي يشير إلى أن الأميركيين ما زالوا غير راغبين في التورط في الحرب، بل يعدّون هذه الضربات مجرد إرهاب للإيرانيين كي يقبلوا الشروط الأميركية في المفاوضات النووية. ومن الواضح أن التشدد الإيراني في المفاوضات وتعثر العمليات العسكرية الصهيونية في غزة، بالإضافة إلى المتغيرات التي شهدتها الساحة الداخلية في كل من أميركا والكيان الصهيوني، وتصاعد العداء إزاء ترامب ونتنياهو هو ما دفع الرئيس الأميركي إلى القبول بفكرة السماح للكيان الصهيوني بتوجيه ضربة إلى إيران مع الحيلولة دون التورط في حرب موسّعة. لكن، يبدو أن أهداف الأميركيين من هذا الإجراء مختلفة في بعض اتجاهاتها عن أهداف الكيان الصهيوني، فالأميركيون يعتقدون أن هذه الضربة الصهيونية ذات الدوّي الإعلامي يمكن أن تحقق لهم أكثر من هدف: 1- إجبار الإيرانيين على القبول بالشروط الأميركية في المفاوضات بخصوص: البرنامجين النووي والصاروخي؛ التخلي عن دعم فصائل المقاومة في فلسطين ولبنان ودعم اليمن؛ القبول بحق الكيان الصهيوني في البقاء، والقبول بحالة السكون في الأوضاع في الفترة الحالية التي يريدها الأميركيون في الشرق العربي بهدف التفرغ لمواجهة النفوذ الصيني المتصاعد. 2- بصورة علنية، لم تشارك الولايات المتحدة في الضربة، وبالتالي ستسعى، بمشاركة أوروبا، للضغط وإقناع إيران بأن يكون ردها محدوداً بهدف استعادة ماء الوجه وإيقاف التصعيد عند هذا الحد، والعودة إلى المفاوضات، خاصة أن الكيان الصهيوني لن يتحمّل حرباً طويلة مع دولة كإيران. 3- توجيه ضربة إلى مشروع طريق الحرير الصيني والذي تعدّ إيران جزءاً أساسياً منه، بالإضافة إلى ضرب طريق تشابهار – سان بيترسبورغ بين إيران وروسيا بما يعني محاصرة الدولتين. 4- إنقاذ الوضع الداخلي المتأزم لترامب مع خصومه، خاصة مع زيادة وتيرة المظاهرات المعادية له، والتي بدأت تتخذ مظاهر عرقية في لوس أنجلوس وسياتل (معظم المتظاهرين في كاليفورنيا من السكان الأصليين، وفي سياتل بواشنطن من الأفارقة). في المقابل، كانت لرئيس حكومة الكيان الصهيوني حساباته الخاصة للقيام بهذا الاعتداء: 1- توجيه ضربة قوية إلى إيران الذي يعدّها الكيان الراعي الأساسي لقوى المقاومة في المنطقة، والعمل على إسقاط نظامها السياسي، وبالتالي القضاء على كل مقاومة للكيان الصهيوني. 2- إنقاذ حكومته، ولو مؤقتاً، خاصة أن توجيه الضربة إلى إيران كان من بين الأوراق التي استخدمها نتنياهو في مفاوضاته مع الحريديين للإبقاء على حكومته. 3- في حالة إسقاط النظام الإيراني أو إضعافه سيكون المجال مفتوحاً أمام الكيان الصهيوني لتحقيق المزيد من التوسعات في سوريا ولبنان ومواصلة القضاء على كل المجموعات المقاومة. 4- إنقاذ مشروع الطريق البحري/البري بين الهند وميناء حيفا مروراً بالسعودية والإمارات والأردن. 5- في حالة عدم القدرة على إضعاف إيران فإنه سيتمكن من إجبار الولايات المتحدة على التدخل لإنقاذ الكيان الصهيوني من السقوط، وهذا الهدف هو الأهم بالنسبة إلى نتنياهو. إذاً، وبالرغم من أن كليهما (ترامب ونتنياهو) قد اتفقا مسبقاً على هذه الخطوة، فإن لكل منهما حساباته الخاصة التي يحتاجها من نتائج الحرب، وقد تصل في مرحلة ما إلى التصادم، الأمر الذي سيؤدي إلى تعقيدات أكبر وخسائر أسوأ سواء للكيان الصهيوني أو الولايات المتحدة. إن الملاحظ في الضربات الصهيونية التي وجهت إلى إيران استهدافها عدداً من القادة العسكريين في الجيش وحرس الثورة، بالإضافة إلى العلماء النوويين، وهو تكتيك عسكري قديم لجأ إليه الإسكندر الأكبر لتحقيق انتصار كامل على أعدائه، لكنها تجنبت في اليوم الأول استهداف المنشآت المدنية كشبكات الكهرباء ومصافي النفط والمصانع، كما تجنبت استهداف السيد علي خامنئي قائد الثورة، بما يعني أن الغرض الأساسي من هذه الضربات، في بداياتها على الأقل، هو الضغط على إيران للقبول بالشروط الأميركية. يبدو أن واشنطن والكيان الصهيوني لم يكونا يتوقعان سرعة إيران في استيعاب الضربات وحجم الرد عليها، وربما توقعا رداً إيرانياً محدوداً يمكن أن يتم تحجيمه عبر التدخلات الدولية والدبلوماسية مع تقديم بعض المكتسبات الهامشية للإيرانيين مقابل خضوعهم للشروط الأميركية. لكن، ما لم يضعه الأميركيون في الاعتبار أن دولة كإيران تمتلك بعداً حضارياً ضخماً لا يمكن لها أن تتقبل إهانة بهذا المستوى، ومهما كانت هوية النظام المسيطر على السلطة فيها فإنه سيكون ملزماً بالرد القوي وإلا ستسقط شرعيته بين الجماهير الإيرانية ذاتها. وبرزت القيمة الحضارية للدولة في إيران بوضوح عبر التضامن مع القيادة الإيرانية حتى من فصائل المعارضة الداخلية، في الوقت الذي كان العدو الصهيوني يراهن على انفلات في الشارع الإيراني يؤدي إلى إضعاف موقف القيادة الإيرانية، ومن هنا كانت دعوة رئيس الوزراء الصهيوني للجماهير الإيرانية بإسقاط النظام مثيرة للسخرية جداً، حيث يبدو مدى جهل الأميركيين والصهاينة بقيمة البعد الحضاري للدول الشرقية وأهمية الشعور الوطني لدى جماهيرها. 16 حزيران 09:22 16 حزيران 09:08 من المؤكد أن الأميركيين والصهاينة يدركون أن عامل الجغرافيا يقف في صف إيران في هذه المواجهة، فإيران دولة مترامية الأطراف تتجاوز مساحتها مليوناً وستمئة ألف كيلو متر مربع، بينما لا تتجاوز مساحة الكيان الصهيوني 21 ألف كيلو متر مربع، بما يعني أن إيران يمكنها أن تتحمل هجمات من هذا النوع بينما لا يمكن للكيان الصهيوني أن يتحمل رداً إيرانياً قاسياً بالمستوى نفسه. ومن هنا، فقد لجأ الكيان الصهيوني بدعم أميركي وغربي إلى الهجوم بهذه الكثافة واستخدام الاغتيالات لتحقيق نصر حاسم وسريع. لكن أهمية عامل الجغرافيا برزت بوضوح في مدى قدرة الإيرانيين على استيعاب الضربات الصهيونية بسرعة، وهو ما سمح لهم بإعادة تشكيل القيادة وتفعيل الدفاعات الجوية التي نجحت حتى الآن في إسقاط 3 طائرات مقاتلة F-35 التي تُعد رمز الجيل الخامس من المقاتلات، وقد تم تطويرها لتكون طائرة شبحية غير قابلة للرصد بواسطة أنظمة الرادار التقليدية، كما تمتلك قدرة كبيرة على التشويش والاختراق، الأمر الذي يعد إنجازاً عسكرياً لإيران كونها الدولة الأولى التي تمكنت من إسقاط هذه الطائرة مستخدمة رادارات إيرانية الصنع. وبعيداً من الضجيج الصهيوني، فالواقع أن نجاح إيران في إسقاط هذه الطائرات يعد خسارة كبيرة بالنسبة إلى الأميركيين وسلاح الجو الصهيوني. وفي المقابل، لم يتمكن "الجيش" الصهيوني من تحقيق إنجازات واقعية لا بخصوص البرنامج النووي الإيراني أو البرنامج الصاروخي، حيث تلقى الكيان الصهيوني في الليل وابلاً من الصواريخ الإيرانية التي أحدثت دماراً هائلاً في "تل أبيب" ومناطق أخرى من الكيان ظهرت أمام العالم، بالرغم من حالة التكتم ومنع النشر المفروضة من قبل القيادة الصهيونية. لقد أدى الرد الإيراني القوي على الكيان الصهيوني إلى أزمة بالنسبة إلى الصهاينة والأميركيين، حيث بدأت كرة الثلج في التدحرج ببطء ليتخذ الصراع صورة دولية، فأعلنت كل من باكستان وكوريا الشمالية بالإضافة إلى الصين وروسيا دعم إيران في مواجهة الكيان الصهيوني، ولكل منها أسبابها بكل تأكيد؛ فباكستان تدرك جيداً موقف الكيان الصهيوني المنحاز إلى الهند في الحرب الأخيرة، كما تتذكر تصريحات نتنياهو بضرورة منع الدول الإسلامية من امتلاك القنبلة النووية في سنة 2011 بما يعني أنها موضوعة في القائمة كذلك، وربما كانت هذه هي أسباب كوريا الشمالية التي تعي مدى تربص الأميركيين بها. أما الصين فإن علاقاتها مع إيران مهمة، إذ تمثل إيران مصدراً من مصادر تزودها بالطاقة، وجزءاً من طريق الحرير الذي توّج مؤخراً بإطلاق طريق بري بين الصين وإيران يقلص الوقت المستغرق في نقل البضائع إلى 15 يوماً بدلاً من 40 يوماً عن طريق البحر، كما يسمح للسلع الصينية والنفط الإيراني بتجاوز مضيق ملقا الذي تسيطر عليه البحرية الأميركية. أما بالنسبة إلى روسيا فإن إيران تمثل شريكاً تجارياً وعسكرياً مهماً، خاصة بعد بدء العمل في طريق تشابهار – سان بيترسبورغ، وكان لهذه الشراكة دورها في دعم إيران لروسيا في الحرب الأوكرانية. وبالتالي، تدرك الصين وروسيا أن من أهم أسباب هذه الحرب هو أهمية إيران بالنسبة إلى المشروعات الاقتصادية للدولتين سواء طريق الحرير أو تشابهار – بيترسبورغ، خاصة أن هذه الطرق تتجاوز مواضع السيطرة الأميركية، كما يشير المحلل الروسي ألكسندر نزاروف. هذا التطور المزعج بالنسبة إلى الرئيس الأميركي، سيجبر الكيان الصهيوني على محاولة إنهاء عملياته بسرعة أكبر قبل أن يتطور الأمر إلى تحالف عسكري بين هذه الدول، لذلك بدأ في اليوم التالي قصف مصافي البترول وحقول الغاز وشركات صناعية كنوع من زيادة الضغوط على الإيرانيين، وفي الوقت الذي أكد فيه قادة "الجيش" الصهيوني أن عملياتهم قد تستغرق أسبوعين أو ثلاثة، فالواقع أنه لا يبدو أن لديهم مثل هذه الرفاهية مع المستوى المتصاعد في الردود الإيرانية. فلا جغرافية الكيان تساعدهم على التحمل كل هذا الوقت من دون الدعم الأميركي، ولا الرئيس الأميركي يمكنه الانتظار وتحمّل خسائر أخرى في سلاحه الجوي الذي يفاخر به، أو تحمّل اضطراره للمشاركة في هذه الحرب والتورط في استنزاف سوف تستغله كل من الصين وروسيا لتصدير الأزمة إلى الداخل الأميركي ذاته أكثر مما هو مأزوم، ولا أوروبا يمكنها تحمّل ارتفاعاً كبيراً في أسعار النفط مع الأزمات الاقتصادية التي تشهدها، أو موجة نزوح صهيونية معاكسة إلى أراضيها. وفي المقابل، يبدو أن إيران قد قررت بالفعل بردها القوي أن تقوم بتصدير الأزمات إلى الداخل الأميركي والصهيوني عبر إطالة أمد المعركة وبردود قوية قد تشارك فيها مجموعات من المقاومة، بالإضافة إلى اليمن. لقد عاش العدو الصهيوني وداعموه نشوة انتصار مؤقت، على أمل أن تعلن إيران استسلامها، لكن في هذه اللحظة ومع ظهور ملامح تحالف عسكري معاد للمشروعات الأميركية، ومع هشاشة الوضع الأوروبي، لا يملك هذا الكيان والأميركيون الكثير من الفرص لتحقيق مكاسب واقعية من هذه الضربة، بل في حالة إطالة أمد الحرب إلى أسبوعين أو ثلاثة كما يردد الإعلام الصهيوني ربما تؤدي إلى سقوط حكومة نتنياهو فعلياً، والسماح لقوى المقاومة في لبنان وفلسطين باستعادة زمام المبادرة مرة أخرى. لقد بدأت الأحلام الأميركية بتحقيق مكاسب من خلال الضربات الصهيونية لإيران بالتبخر سريعاً، إذ أعلن ترامب ضرورة إيقاف الحرب والعودة إلى المفاوضات، كما تدخلت الدول الأوروبية كفرنسا وألمانيا في محاولة للتوصل إلى حلول، بينما كشف إبراهيم عزيزي، رئيس لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني، أن الكيان الصهيوني بعث برسائل إلى إيران عبر بعض الدول يطلب وقف الضربات الإيرانية في عمقه الداخلي. لكن، يبقى التساؤل عن مستقبل هذه الحرب وما ستؤدي إليه من نتائج، سواء في الداخل الإيراني أو في الشرق العربي والعالم: لعل أهم النتائج التي أدت إليها هذه الحرب سقوط خيارات النخبة البرجوازية في إيران، والتي راهنت كثيراً على استعادة العلاقات مع كل من الغرب وأميركا، وبعد هذه الضربة التي تم توجيهها بينما إيران على طاولة المفاوضات مع الأميركيين لم يعد لأنصار العلاقات مع الغرب الكثير من المؤيدين. وسقوط هذا التوجه يصب في مصلحة الدعم الإيراني لقوى المقاومة في الشرق العربي بشكل عام، وكذلك في مصلحة الانصياع لتوجيهات قائد الثورة الإسلامية السيد علي خامنئي، والذي كان صريحاً منذ البداية في رفضه التفاوض مع الأميركيين. إن المظهر الأول من مظاهر هذا التغير هو تصاعد المطالبات بالانسحاب من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، وخروج تظاهرات جماهيرية تطالب الدولة الإيرانية بالعمل على صنع الأسلحة النووية، وهي تظاهرات شارك فيها الإيرانيون حتى المعارضون للنظام الإسلامي، الأمر الذي سيمثل ضغطاً جماهيرياً يسمح للدولة بتغيير عقيدتها النووية، وهو أكثر ما يخشاه الأميركيون والصهاينة. على مستوى الشرق العربي، فإن هذه الحرب ربما تمثل الفرصة لقوى المقاومة لإعادة بناء قوتها مرة أخرى والعودة إلى استنزاف قوى الكيان الصهيوني وتكبيده خسائر كبيرة. لكن الأهم هو أن ثمة تغيرات ستشمل الوضع في كل من سوريا والعراق بعد أن أسهم الوجود الأميركي والصهيوني في إسقاط قدرات دفاعها الجوي بما سمح للكيان الصهيوني بمهاجمة إيران عبر أراضيها، ومن المؤكد أن إيران سوف يكون لها ردود فعل تجاه هذه الأوضاع بعد انتهاء الحرب. ومن ناحية أخرى، هناك تغيرات ستحدث بالتأكيد في موقف دول الخليج تجاه التطبيع، وعلى الأقل ستصبح وتيرته أضعف في الفترة القادمة. وهذه التغيرات ستؤدي إلى إنهاء الطريق البحري – البري بين الهند والكيان الصهيوني، والذي لا يمكن أن يتم بوجود هذه المقاومة، سواء في لبنان أو فلسطين. بالنسبة إلى الكيان الصهيوني، فعدم قدرته على تحقيق أهداف الحرب سوف تؤدي إلى إبراز التناقضات كافة داخله، سواء بين العلمانيين والمتدينيين الذين يرفضون التجنيد حتى الآن، والأهم ما يتعلق بالطوائف اليهودية التي تعامل بازدراء في الكيان وأهمها يهود الفلاشا الأحباش. وهذه التناقضات كانت صامتة حتى الآن بسبب الحرب على إيران والمقاومة، لكن في حال فشلت الحرب التي يشنها نتنياهو ضد إيران فإنها ستنفجر بكل تأكيد. على المستوى العالمي، يبدو أن هناك تحالفاً على وشك التشكل من الناحية العسكرية بين الصين، روسيا، كوريا الشمالية، باكستان وإيران، بالإضافة إلى دول أخرى في أوروبا وأفريقيا. وتشكل مثل هذا التحالف أمام الهيمنة الأميركية والبلطجة الصهيونية لا يساعد المساعي الأميركية لمواجهة الصين في الفترة القادمة، خاصة بعد تراجع ترامب عن معظم تهديداته تجاه الصين واضطراره لمحاولة التفاوض والوصول إلى حلول وسطية مع الصينيين. إن استمرار الحرب بهذه الوتيرة لا يخدم أهداف كل من ترامب ونتنياهو بل يزيد الوضع سوءاً، ولا يمكن حل هذا الإشكال سوى بالتدخل الأميركي المباشر في الحرب، وهو ما طالب به قادة الكيان الصهيوني علناً، لكن تداعيات هذا التدخل لن تكون جيدة بالنسبة إلى ترامب ومشروعه ضد الصين وروسيا وسيمثل فرصة كبيرة للدولتين بهدف إسقاط الولايات المتحدة في حرب استنزافية قد تنهي وجودها في الشرق العربي والمحيط الهندي. ويبقى أنه في حالة استمرار الضربات الإيرانية القاسية على الكيان الصهيوني فإن الصدام سيكون حتمياً بين ترامب ونتنياهو حول إيقاف الحرب والتنازلات التي ستقدم لإيران كمكاسب لدفعها إلى التوقف، وهو ما سيدفع ترامب إلى التخلي عن نتنياهو في منتصف الطريق وترك حكومته تواجه مصيراً سيئاً يبدو أكثر اقتراباً.

أفكار على هامش "المنازلة الكبرى"
أفكار على هامش "المنازلة الكبرى"

الميادين

timeمنذ 39 دقائق

  • الميادين

أفكار على هامش "المنازلة الكبرى"

ما الذي كنّا نظنه، وما الذي بتنا نعرفه، بعد اندلاع الحرب الإسرائيلية على إيران؟ صدّقنا لبعض الوقت، أنّ ترامب وإدارته، جادّان في سعيهما لإبرام اتفاق نووي جديد مع إيران، وانطلت علينا "حكاية" أنّ الرئيس الأميركي "المحبّ للسلام وجائزة نوبل"، إنما يجهد في كبح جماح نتنياهو وحكومة اليمين الفاشي، وتأثّرنا من دون شكّ، بطوفان "التسريبات" في أرقى صحف العالم ووسائل إعلامه، عن المحادثات الهاتفية "الصعبة" بين الرجلين، سيما آخر مكالمتين، وتسرّب اليقين إلينا بأنّ الحرب المرجّحة، لن تكون "وشيكة"، تماماً مثلما قال ترامب نفسه، عشية الثالث عشر من حزيران/يونيو، انتظرنا وقوعها بعد الأحد (الخامس عشر منه)، وفي حال انسداد الأفق التفاوضي فقط. كلّ تلك الفرضيات انهارت دفعة واحدة، وثبت على نحو قاطع، أننا كنّا بإزاء أكبر لعبة "خداع استراتيجي" هدفها "طمأنة" إيران و"تخديرها"، حتى تقع الضربة الإسرائيلية على رأسها، وقع الصاعقة... لم نتفاجأ بأكاذيب نتنياهو ولا بالموعد "الزائف" لزفاف نجله الأصغر، الذي كان من ضمن لعبة التمويه والخداع، المفاجأة جاءتنا من رئيس أكبر دولة، الذي انخرط في لعبة الكذب والتضليل والخداع، فقدّم مثالاً بائساً لرئيس لا يقيم وزناً لسمعته وصدقيّته وهيبة بلاده، رئيس ارتضى على نفسه دور "كومبارس" في مسرحية الخداع التي كتبها وأخرجها بنيامين نتنياهو. قد نكون خجلنا (كأفراد) من فرط سذاجتنا، أو بالأحرى، من تعلّقنا بقواعد الحد الأدنى في العمل السياسي والدبلوماسي، لكنّ الطامّة الكبرى، حلّت بنا وبغيرنا، حين رأينا إيران تقع في أحابيل المكيدة، وتبتلع الطعم، وتتعرّض لـ "نكسة حزيرانية"، تذكّرنا بحدث حزيراني مشؤوم في تاريخنا العربي المعاصر... صحيح أنّ "النكستين الحزيرانيتين" لم تنجحا في إسقاط نظام عبد الناصر في مصر أو نظام الجمهورية الإسلامية في إيران، بيد أنّ التاريخ بعدهما، غيّر مساره بحدة، ولم يعد يشبه التاريخ قبلهما. على مبعدة أشهر معدودات، من أكبر عمليات "الخرق الاستخباري الاستراتيجي" التي نفّذتها الأجهزة الإسرائيلية ضدّ حزب الله في لبنان، ليس بدءاً بـ "البيجر"، ولا انتهاء بالوصول إلى الأمين العامّ للحزب وخليفته، يبدو أنّ "إسرائيل" نجحت مجدّداً في تسجيل خرق أكبر، وفي العمق المؤسسي الإيراني... نجحت في قطع رأس المؤسستين الأمنية ـــــ العسكرية والعلمية بضربة واحدة، وأحياناً في داخل "غرف نوم" القادة والعلماء... هذا تطوّر لا يجوز بحال التقليل من شأنه، من خلال الحديث عن النجاح السريع في "ملء الشواغر" وسدّ الفراغات في سلسلة القيادة والتحكّم، ولا يمكن تفسيره فقط بعامل التفوّق التكنولوجي الإسرائيلي على أهميته.... هذه ثغرة كبرى في جدران الصدّ الإيرانية، وما كان لبلدٍ سبق وأن تعرّض لسلسلة طويلة وعريضة، من عمليات الخرق والاختراق، أن يجابه وضعاً مماثلاً، والمسألة برمّتها، ربما تستدعي "ثورة في الثورة"، فالنجاحات في كشف "متورّط" هنا، وخلية هناك، لا ينبغي أن تحجب الرؤية عن "اختراق استراتيجي" كاد أن يزلزل أركان الدولة والنظام. تماسكت إيران مثلما تماسك حزب الله، وتعافت مبكراً مثلما تعافى الحزب على نحو سريع ومُقدّر... وحسناً فعلت طهران، إذ لم يتأخّر ردّها على العدوان، زخات الصواريخ والمسيّرات التي هطلت على "تل أبيب" والمدن الإسرائيلية، أعادت لإيران بعضاً من أنفاسها. لكن في تقييم موضوعي للمجابهة، يمكن القول إن الردّ الإيراني، لم يتناسب بعد (وأشدّد على بعد، فلا ندري ما الذي ستأتي به مقبلات الأيام) مع الهجمات الصاعقة التي شنّتها (وتشنّها) "إسرائيل" ضد أهداف إيرانية استراتيجية... لو توقّفت الحرب في هذه اللحظة، فإنّ حصادها ليس لصالح إيران أبداً، ولن تعود ذلك البلد "مهاب الجانب". نتنياهو يريد أن يجعل من طهران "خان يونس 2"، يأمر السكان بالإخلاء، فيخلون إلى ملاذات غير آمنة، هو لا يريد اتفاقاً نووياً جديداً مع إيران، حتى وإن جاء بشروط ترامب (ربما الأخير يرغب بذلك، ولكن ليس نتنياهو)، لذلك يتعيّن الحذر من تضخيم حجم المنجز العسكري الإيراني في هذه اللحظة، فهو على أهميته، ليس كافياً لاستعادة التوازن، دع عنك حكاية بناء "ميزان ردع جديد". 16 حزيران 10:42 16 حزيران 09:08 إن لم ترفع طهران منسوب ضرباتها العسكرية لـ "إسرائيل"، كمّاً ونوعاً، فليس مستبعداً أبداً، أن تتعامل معها "تل أبيب" كما تتعامل مع لبنان بعد اتفاق 27 تشرين الثاني/نوفمبر، لا اتفاقات تردع نتنياهو واليمين الفاشي، فما بالك إن كان غير راغبٍ بالاتفاق أصلاً... قبل الجلوس إلى أيّ موائد للتفاوض، لا بدّ (لأجل هيبة إيران ومصلحتها)، من إعادة ترميم "التوزان والردع"، بخلاف ذلك، فإنّ الاستباحة الإسرائيلية للمشرق العربي وشرق المتوسط، ستطاول ضفاف قزوين. يروّج الآن، أنّ ترامب ونتنياهو لا يقرآن من الكتاب ذاته، وأنّ الأول يسعى لاتفاق مع طهران بشروطه، أي صكّ إذعان واتفاق استسلام في جوهره، وأنّ نتنياهو يريد الذهاب إلى ما هو أبعد من ذلك، إلى إسقاط النظام، وأنه بدأ لهذه الغاية تحضيراته لـ "اليوم التالي" لنظام الجمهورية الإسلامية، وأنه يجري اتصالاته مع بقايا العهد الملكي البائد وجماعات "مجاهدي خلق" وبعض مجاميع المعارضة الإيرانية، للاستعداد لتخليق البديل، الذي يأمل أن يكون أكثر "جدّية" من تجربته مع "ياسر أبو شباب" في غزة. قد يبدو الأمر نكتة سمجة، في إيران كما في غزة، ولكنّ تجربة العامين الفائتين تعلّمنا أن نأخذ على محمل الجدّ، حتى أكثر النكات سماجة، فمن كان يتوقّع أن يحتفي "المجتمع الدولي" بأحمد الشرع وهيئة تحرير الشام، وأن ينقلب المشهد في سوريا رأساً على عقب في غضون أيام قلائل... مع الاحترام لكلّ من يقول بالفارق بين التجربتين والسياقين، ثمة أمور لا مطرح فيها للهزل والاسترخاء والنوم على حرير الأوهام والرهانات الخائبة. قد يكون التقدير عن اختلاف بين موقف ترامب ونتنياهو حول المآلات الأخيرة لهذه الحرب، صحيحاً، وقد لا يكون... لا يتعيّن الوقوع في براثن "لعبة خداع استراتيجي" ثانية، فيما إيران لم تدفن شهداءها بعد.... ثم، من قال إن ترامب لن يغيّر وجهة نظره، إن هو أحسّ أو اقتنع، بأنّ ما يقوله نتنياهو، ويحرّضه عليه، إنما يتوفّر على فرصة جدّية للنفاذ والتحقّق... من قال إن ترامب لن يلتحق بركب نتنياهو، وقد يسبقه، إن شعر للحظة، أنّ فرصة تغيير النظام في طهران، هي فرصة جدية... قد نصدّق الرجل بأنه يريد "تغيير السياسات" الإيرانية، ولكن إن لاحت فرصة "تغيير النظام"، فهل سيتوقّف أمامها متفرّجاً؟ الحرب في بداياتها، وهي قد تُطلق ديناميات محلية في إيران و"إسرائيل" بالأخص، التي لا يمكن التنبّؤ بصيرورتها من الآن، وما لم تُكسر ذراع "إسرائيل" التي عاثت قتلاً واغتيالاً وتدميراً في قلب إيران (ورأسها)، فإنّ عدوى الشهية المنفتحة لنتنياهو على توسيع أهداف الحرب، ستنتقل إلى ترامب، وربما تصيب العدوى قادة أوروبيين متحفّزين، في لندن وباريس وبرلين كذلك. في هذا السياق، من السذاجة، التعويل على "حليف استراتيجي" في موسكو، وآخر في بكين، هم بلا شكّ أصدقاء لإيران، يتعاونون معها ويبرمون الاتفاقات طويلة الأمد، ولكن تجربة إيران وحلفائها مع "الصديق الصدوق في موسكو"، لا تبعث على التفاؤل والرهان... أما بكين، فما زالت أسيرة "أدواتها الناعمة" في إدارة سياستها الخارجية ودبلوماسيتها الكونية. يدور جدل حول عمّا إذا كانت الحرب الإيرانية ـــــ الإسرائيلية ستتحوّل إلى "إقليمية"، إن هي استمرت وتطوّرت... مثل هذا الجدل يستدعي جدلاً سابقاً حول ما إذا كانت أطراف "المحور" قد أخطأت أم أصابت حين فتحت ساحات الإسناد على نحو متدرّج وغير متزامن، وما إذا كان من الأصوب فتحها دفعة واحدة، وبأقصى قوة، أقلّ لضمان صفقة شاملة أكثر أنصافاً وتوازناً، وحتى لا تنفرد "إسرائيل" بهذه الجبهات، الواحدة تلو الأخرى، وعمّا إذا كانت طهران قد اتخذت الموقف الصائب في مختلف محطات الحرب المتلاحقة منذ السابع من أكتوبر، أم أنه كان يتعيّن عليها التصرّف على نحو مغاير. اليوم، تبدو جبهات المقاومة والإسناد في وضع لا تحسد عليه... حماس بالكاد تقاوم فوق مساحات متناقصة من قطاع غزة... وحزب الله ما زال يرمّم ما هدّمته حرب الإسناد وأولي البأس، وهي يواجه ضغوطاً تنوء بها الجبال، وفصائل المقاومة العراقية، بين مطرقة الاحتلال الأميركي وسندان حكومة ورأي عامّ، لا يريدان التورّط في "حرب ليست حربهم"... وحده اليمن، لديها بقية من نفس، وإن كان في بؤرة "المهداف" الإسرائيلي، وقبلها الأميركي ـــــ الأطلسي. إن احتاجت طهران أطراف "المحور"، فقد لا تجدهم، أو لا تجد منهم الفاعلية التي تتوخاها، والأطراف من قبل ومن بعد، بحاجة للتيّقن من أنها مقبلة على "منازلة كبرى" تستحق المقامرة، وقلب الطاولة على رؤوس اللاعبين الآخرين، محليّين أو خارجيّين، أم أنها بإزاء "مناورة" قد تنتهي بأسرع مما يظنون إلى "تهدئة" أو "تسوية" تخصّ إيران وحدها، ثم يتركون لمواجهة أوضاع أكثر صعوبة وتحدّياً؟ كنا كتبنا على صفحات هذا الموقع (الميادين نت)، بأنّ على إيران أن تخرج عن تردّدها في مسألة "القنبلة"، متشجّعين بأفكار عرضت على الدورة الثالثة للحوار العربي ـــــ الإيراني، يومها كشف عرقتشي والراحل أمير عبد اللهيان، عن مراجعة تجريها طهران لعقيدتها النووية التي تحرّم تصنيع القنبلة وامتلاكها. نستذكر هذا الحوار اليوم، فلا "إسرائيل" كان لها أن تعربد، ولا واشنطن أن تضغط وتبتزّ، لو أنّ إيران قطعت العتبة الأخيرة صوب "النادي النووي"، وإذ بدا لنا أنّ الإيرانيين ما كانوا ليطرحوا على جدول أعمال الحوار فكرة المراجعة، لولا أنهم قد حسموا أمرهم، فإنه سيتبيّن لاحقاً أنّ "التردّد" ما زال سيّد الموقف، سيما بعد أن لاحت في الأفق بوادر عودة ترامب للبيت الأبيض، المدجج بالهراوة ووعود الجحيم من جهة، والمواقف الحمائمية التي تغازل "الأمة الإيرانية العظمية" من جهة ثانية. الشرق الأوسط، إما أن يكون خالياً من السلاح النووي، أو أن يتجه نحو "تعددية قطبية نووية"، تنخرط فيها إلى جانب "إسرائيل" (المدججة نووياً)، كلّ من إيران والسعودية ومصر وتركيا... هنا يمكن للحروب الكبرى أن تتوقّف وتتعذّر، ولولا عضوية كلّ من الهند والباكستان في هذا النووي، لكان البلدان قد دخلا أكثر من مرة في حروب شاملة... الردع المتبادل هو الوسيلة لكبح جماح كيان متوحّش، مدعوم بالمطلق، من قبل أكبر قوة اقتصادية وعسكرية في العالم... بخلاف ذلك، فإنّ الرهان على القانون والمجتمع الدوليين والوكالة الدولية والدبلوماسية و"فن التفاوض" أو "المفاوضات حياة"، هو رهان قصير الأمد والنظر. الحرب في بواكيرها، نتنياهو يتطلّع لتغيير النظام، وهو يعتقد أن لا مأمن لـ "إسرائيل" من برنامج إيران النووي طالما ظلّ النظام قائماً... ترامب لا يمانع في الوصول إلى هذا الهدف، ولكنه يقبل بأقلّ منه: اتفاق نووي مذلّ لطهران ونظامها، سيفضي وإن بعد حين، إلى نزع الصدقيّة والشرعية عن النظام... إيران تريد اتفاقاً، يحفظ لها حقوقها في امتلاك برنامج متكامل، وتخصيب على أرضها، وهي نظير ذلك، مستعدّة للذهاب بعيداً في تقديم الضمانات والتطمينات، والقبول بإجراءات التحقّق والتفتيش والرقابة. الفجوة الواسعة في مواقف الأفرقاء، تشي بأنّ الحرب قد تستمر لأكثر من مجرّد "بضعة أيام"... النصر المطلق لنتنياهو بإسقاط النظام، والنصر المطلق لإيران باتفاق يكفل حقوقها... وبين النصرين، يقف ترامب، ويقلب خياراته، وتقترب واشنطن من اتخاذ أهم قرارٍ لها في ربع القرن الأخير: إما أن تنضمّ لنتنياهو في حرب إبادة لمشروع إيران النووي والصاروخي وعناصر القوة والاقتدار للدولة والنظام، وهو سيناريو لا يمكن إسقاطه من الحسبان... وإما أن يدخل في لعبة عرض عضلات مع الحكومة الإسرائيلية، تكبح جماحها، نظير تنازلات مهمة من الجانب الإيراني. في وضعيّة كهذه، لا بأس من استمرار الحديث عن الدبلوماسية والحلّ السياسي، وتجريب أيّ فرص وممكنات على هذا الطريق، لكنّ الخيار الأسلم هو التعامل مع "السيناريو الأسوأ"، الذي لم يعد سراً خبيئاً أبداً، فقد باح به نتنياهو وأركان حكومته، وتوافقت عليه السلطة والمعارضة في "تل أبيب"، وتدعمه مؤسسات وشخصيات وازنة في إدارة ترامب ومن خارجها. الحرب على إيران لن ترسم مصير هذا البلد الكبير فحسب، بل وسترسّم خرائط الإقليم والقوى ومعادلاتها وتوازناتها، ربما لخمسين سنة مقبلة... ولن تقتصر عملية الرسم والترسيم على خصوم واشنطن والمقاومين لهيمنة "تل أبيب"، بل ستطاول عرب الاعتدال وأنظمتهم وبلدانهم فلا صديق لـ "إسرائيل" سوى "إسرائيل" ذاتها، ولا صديق لواشنطن في المنطقة، سوى "تل أبيب".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store