
إرث الطائفية.. سلاح يهدد مساعي السوريين لبناء دولتهم
بعد 6 عقود من حكم حزب البعث ، وهيمنة عائلة الأسد على السلطة في سوريا ، يتركز اهتمام السوريين على بناء دولة وطنية ديمقراطية، تتوفر فيها شروط الحياة الكريمة، على الرغم مما يواجهونه من تحديات، وواقع معيشي مثقل بالهموم والمصاعب.
وحذر خبراء من أن الطريق إلى هذا الهدف لا يزال يواجه عوائق كثيرة، فبالإضافة إلى إرث الرئيس المخلوع بشار الأسد وتداعياته على بلد خرج لتوه من الجحيم، ولا يزال يعاني من أزمة إنسانية متواصلة منذ 2011، تواجه سوريا هجمة مضادة، تسعى من خلالها فلول النظام السابق إلى جانب قوى محلية وجهات خارجية إلى تقويض ما أنجزته الثورة، وصبغ المرحلة الانتقالية بصبغة طائفية، تمهيدا لإنشاء كيانات تخدم مصالحها وتوجهاتها.
سياسة الأسد الطائفية
يوارى أحمد، خلفَ هدوئه، وهو يتحدث، أوجاع سنوات من القهر والعذاب، فقد فر مع عائلته إلى تركيا إثر تعرض أحياء مدينة حمص الثائرة وسط البلاد لقصف بري وجوي حوّلها إلى ركام.
وبعد سقوط الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي، استفاد كغيره من السوريين الخاضعين للحماية المؤقتة في تركيا، من تسهيلات قدمتها الحكومة التركية، سمحت لهم بزيارة مدنهم الأصلية، والاطمئنان على سلامة أوضاعها، قبل أن يقرروا العودة ومغادرة تركيا بشكل طوعي.
وتحدث أحمد للجزيرة نت عما شاهده قائلا "رأيت منزلي مجرد أطلال، الحياة شبه معدومة داخل الحي بسبب الخراب، وعلى مشارف أحياء أخرى تتمركز قوات الأمن العام تراقب بحذر حركة السيارات دون إزعاج، بعد أن تعرض بعض عناصرها لكمائن محكمة من قبل فلول النظام السابق، أسفرت عن مقتل العشرات".
وخلال الفترة التي قضاها، شنت تجمعات عسكرية لفلول النظام السابق في مدن مجاورة لمدينته هجمات مسلحة على عناصر الأمن العام ومقرات الحكومة، ما دعاه ليؤكد أن ما يجري لا يشكل تهديدا أمنيا فحسب، بل من شأنه تفكيك المجتمع، رغم هشاشة تماسكه متأثرا بإرث سياسة الأسد الطائفية.
وكانت مدن الساحل السوري إلى جانب أحياء في حمص يقطنها علويون قد شهدت خلال الأشهر الثلاثة الماضية، اشتباكات وتوترات طائفية على إثر هجمات مسلحة شنها موالون للأسد على قوات الأمن العام أدت إلى مقتل المئات.
وامتدت التوترات والصدامات مؤخرا إلى مناطق بريف دمشق تسيطر عليها مليشيات درزية إثر سجالات من التصريحات الطائفية، تخللها تدخل إسرائيلي.
طريق المستقبل ليس ممهدا بالكامل
بعد عقود من حكم الاستبداد، بات السوريون يأملون أن يشكل انهيار نظام الأسد فرصة ثمينة لتجسيد ما دعت إليه ثورتهم ضد النظام السابق، بالانتقال إلى دولة ديمقراطية، تضمن الحرية والكرامة للجميع، وتصون وحدة أراضيها.
ويخشى كثيرون -بحسب منشورات على منصات التواصل الاجتماعي- من أن يفسد الحراك الطائفي والمناطقي عليهم فرحتهم بسقوط الأسد، أو يحبط ما تبقى لديهم من طموحات وآمال بمستقبل أفضل.
وفي هذا الإطار، استبعد الخبير الحقوقي عبد الملك الأحدب أن تمتلك الحكومة المؤقتة حلا سحريا لمشكلات سوريا الراهنة في ظل استمرار العقوبات التي فرضها الغرب على النظام السابق.
وأشار الأحدب، في حديثه للجزيرة نت، إلى أن الطريق نحو المستقبل ليس ممهدا بالكامل، إذ تعترضه تحديات، منها:
إعلان
الوضع الحياتي، حيث يحتاج الاقتصاد إلى رافعة تمكن البلد من تلبية متطلبات نهوضه وإعادة إعماره، ومن ثم تهيئة الظروف لعودة ملايين اللاجئين.
أزمة الأقليات، التي انحرف بعض من تصدروا لتمثيلها على خلفية انفصالية للاستقواء بدول أجنبية، من بينها إسرائيل.
التحدي الخارجي، ويتصل بالعقوبات التي ما زال الغرب يفرضها، ويربط رفعها بمطالب قد تمس سيادة الدولة.
إلى جانب ما تشكله هجمات إسرائيل العسكرية، واستثمارها الجانب الطائفي من الأزمة الداخلية، من خطر يهدد الأمن القومي السوري.
السرديات الطائفية تدعم الفلول
وانتقد الأحدب السردية التي تروجها الأطراف المتضررة من سقوط الأسد، معتبرا أن "ما يتم تصويره كصراع طائفي أو مواجهة بين أغلبية سنية وأقليات المجتمع السوري، هو تضليل خطير، يراد منه توجيه رسالة للغرب مفادها أن الأقليات تتعرض لمذابح على يد الإسلاميين (النظام الجديد) وعلى المجتمع الدولي إنقاذها".
ويتفق ما طرحه الخبير الأحدب، مع ما ذهب إليه الباحث في معهد دراسات الحرب، رايان كارتر، حيث أوضح في تقرير أن السرديات الطائفية التي تنشرها جهات مناهضة لحكومة أحمد الشرع ، تدعم أهداف المتمردين.
وحث الحكومات الغربية على توخي الحذر عند تقييم العنف الناشئ، لأن الجهات الفاعلة في سوريا والمنطقة تحاول دعم روايات المتمردين -عن قصد أو بغير قصد- المصممة لتقويض النظام الجديد.
كما كشف كارتر وجود حسابات شعبية على مواقع التواصل الاجتماعي، بعضها باللغة الإنجليزية، تنشر محتوى يهدف إلى تأجيج هذا التوتر. ومن المرجح -بحسب رأيه- أن يكون هدفها هو نزع الشرعية عن الحكومة لدى الجمهور الأجنبي، وتعزيز مشاعر الخوف والحرمان الكامنة لدى العلويين.
إسرائيل في عمق المشهد
لطالما ادعت إسرائيل -التي ربطتها مع النظام المخلوع تفاهمات فرضت استقرارا يحفظ أمنها- وقوفها على الحياد من المذابح والمجازر التي كان يرتكبها الأسد بحق شعبه طوال الأعوام الماضية.
إعلان
دفع سقوط النظام السابق المدوي على يد الثوار الإسلاميين، إسرائيل إلى العودة لسياسة كانت قد استخدمتها سابقا في العراق ولبنان، ترتكز في مبادئها على إضعاف خصومها، وشل قدراتهم، وتشجيع الأقليات على إنشاء كانتونات تخدم مصالحها.
وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال، نقلا عن مصادر لم تسمها، أن تل أبيب تعمل حاليا على إقناع القوى العالمية بدعم فكرة تبني الدولة الناشئة في سوريا، نظاما اتحاديا، يضم مناطق عرقية مستقلة، مع جعل المناطق الحدودية الجنوبية منزوعة السلاح، معتبرة "سعي الإسلاميين لتوحيد سوريا إنما يشكل تهديدا لها".
وفي المقابل، ذهب يائير رافيد رافيتز، رئيس فرع عمليات الموساد في بيروت، إلى أبعد من ذلك، عندما طلب من حكومته التعاون مع الأقليات السورية لمواجهة من أسماهم أعداء اسرائيل.
وذكر لصحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، وجود تنسيق يجرى على الأرض بين إسرائيل والدروز، شارحا، أنه رغم غياب المعلومات المؤكدة لديه، إلا أنه يقدّر، استنادا إلى معرفته، أن الأسلحة الإسرائيلية تنقَل بالفعل إلى محافظة السويداء.
واستعرض رافيتز خطط تل أبيب المستقبلية لاستخدام الأكراد والعلويين في تحقيق أهدافها، مؤكدا -وفق الصحيفة- أن الظروف مهيأة لدعم الحركة الكردية في سوريا سرّا، وحتى تزويدها بالسلاح. أما بالنسبة للعلويين، فيرى أنه من المناسب تقديم دعم سري لهم، وتزويدهم بالسلاح والمعدات "لاستنزاف دماء أعدائنا الرئيسين في سوريا حاليا، وهم السنة المنتمون لتنظيم القاعدة".
"كفوا عن مناصرة الأقليات"
بَيد أن حدثا مهما كشف جانبا من الوضع السائد، وقدم صورة مغايرة للسردية الرائجة حول حقيقة الأوضاع في سوريا. ففي فبراير/شباط الماضي، التقت رئيسة الأمانة الدولية للحرية الدينية، نادين ماينزا، بطاركة وأساقفة وقساوسة مسيحيين أثناء زيارتها لدمشق برفقة وفد رسمي يمثل منظمات دولية.
ونقلت ماينزا عن رجال الدين المسيحيين في سوريا قولهم "على الغرب أن يكف عن مناصرة وحماية الأقليات في سوريا، لأن من شأن ذلك أن يعزز الرواية الخطيرة التي استخدمها الأسد، وقسمت سوريا إلى أغلبية وأقلية. وبدلًا من ذلك، عليه السعي للاعتراف بهم كعناصر متساوية في المجتمع حتى ولو قلت أعدادهم".
وذكرت ماينزا في تقرير أعدته عن الزيارة، ونشره مركز ويلسون، الذي يقدم المشورة والرؤى حول الشؤون العالمية لصناع القرار في الولايات المتحدة، أنها استمعت لأغلب الحضور، وكان من جملة ما أكدوا عليه أن معظم جيرانهم المسلمين السنة يرفضون الطائفية والعنف، وأنه في فترة ما قبل حكم الأسد، عاشت الطوائف الدينية والعرقية المتنوعة في سوريا معًا في سلام نسبي، ويأملون استعادة هذا التاريخ.
وأكدوا كذلك أن تأجيج التوترات الطائفية الذي أثبت فشله في العراق بعد الإطاحة بصدام حسين، غذى عدم الاستقرار بدلًا من تعزيز التعافي، ودعوا إلى عدم تكرار نظام المحاصّة العراقي أو النظام الطائفي اللبناني، خشية أن يرسّخ الانقسامات الطائفية نفسها.
وأفادت ماينزا بأن هناك إجماعا على الحاجة الملحة لرفع العقوبات، إذ تنذر الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في سوريا بالتحول إلى مجاعة جماعية. وقالت "أعرب معظم الذين قابلتهم عن امتنانهم للرئيس أحمد الشرع الذي أطاح بالأسد، على الرغم من وجود مخاوف جدية لديهم بشأن صِلاته القديمة".
"ارفعوا أيديكم عن سوريا"
من وجهة نظر الكاتب البريطاني، سيمون تيسدال، الذي يرى في تدخل القوى الأجنبية بالشأن السوري أمرا قد يعرض ثورة السوريين للخطر، بدأت سخرية المواقف الحالية تخطف الأنفاس. فالأصدقاء والجيران تكالبوا كالذئاب المفترسة، على جثة نظام البعث المخلوع، التي لا تزال تنتفض، وإذا لم يتم كبح جماحهم -كما يرى- فقد يمزقون سوريا من جديد.
وأوضح في مقال، نشرته صحيفة غارديان البريطانية، أن على القوى الأجنبية أن تدع سوريا وشأنها، وترْكَ أمر مستقبل السوريين للسوريين.
وأضاف "ليس للمجتمع الدولي الحق بإبداء رأيه بعد 13 عاما من الفشل في سوريا، خصوصا أن "تدخلات الغرب الجبانة" أجّجت الحرب، وأمام القيادة الحالية العديد من المصاعب، من إعادة اللاجئين والتخلص من الألغام إلى إصلاح اقتصاد البلاد المتهالك والتعافي من السنوات السابقة.
وتساءل تيسدال "كم سيكون من المنعش أن يثق العالم ولو لمرة واحدة فقط بشعب تحرَّر للتوّ، كي يرسم طريقه نحو العدالة والمصالحة وإعادة الإعمار بعيدا عن التدخل الخارجي؟".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 3 ساعات
- الجزيرة
شطب أمل حويجة ونور مهنا من نقابة الفنانين السوريين وتغييرات في المجلس المركزي
أعلنت نقابة الفنانين السوريين شطب 4 من أعضاء مجلسها المركزي، وهم الممثلتان أمل حويجة، وميس حرب، والمسرحي محمد آل رشي، إلى جانب المطرب نور مهنا الذي شغل منصب نائب نقيب الفنانين خلال الفترة الماضية. القرار الذي نشرته صفحة النقابة بالعاصمة دمشق على "فيسبوك" ممهورا بتوقيع نقيب الفنانين مازن الناطور ، جاء "استنادا إلى النظام الداخلي وأحكام القانون رقم 40 لعام 2019، وبعد موافقة الهيئة المصغرة". كما أعلنت النقابة بموجب القرار ذاته تعيين الفنان يوسف عبده عضوا جديدا في مجلس النقابة المركزي، بالإضافة إلى إعادة توزيع المهام داخل المجلس، وفقا لما تم الاتفاق عليه خلال الجلسة التي عقدت الاثنين الماضي 19 مايو/أيار 2025. وجاء في بيان النقابة أن التشكيلة الجديدة لمجلس النقابة المركزي تضم الأعضاء: حسين المطلك، وروعة ياسين، وكوزيت باكير، وزهير قنوع، وجهاد عازر، وعلي القاسم، من دون توضيح الأسباب الكاملة التي استندت إليها قرارات الشطب أو تفاصيل الاستجوابات. أزمات داخلية وتأتي هذه الخطوة في إطار الأزمة التي تعيشها نقابة الفنانين السوريين خلال الأسابيع الأخيرة، والتي بدأت تتخذ طابعا علنيا منذ إعلان مجلس النقابة في الخامس من مايو/أيار سحب الثقة من النقيب الحالي مازن الناطور ، في بيان وُقّع من قبل الفنان نور مهنا بصفته نائبا للنقيب آنذاك. وقد اتهم البيان الناطور بـ"اتخاذ قرارات فردية وتهميش دور أعضاء المجلس المركزي"، وهو ما قوبل برفض صريح من قبل الناطور، الذي أصدر بيانا مضادا وصف فيه قرار سحب الثقة بأنه "باطل قانونيا" ، مؤكدا أنه لا يستند إلى أي مرجعية صحيحة. ومنذ توليه منصبه في مارس/آذار 2025، تبنى الناطور خطابا إصلاحيا تعهد من خلاله بإحداث تحول نوعي في عمل النقابة وتوسيع دائرة التمثيل، وهو ما ترجمه لاحقا عبر اتخاذ سلسلة القرارات، أبرزها فصل الفنانة سلاف فواخرجي المعروفة بدفاعها عن نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد وإنكارها جرائمه، ومنح عضوية الشرف لعدد من الفنانين المعروفين بمواقفهم الوطنية مثل المطربة أصالة نصري و الموسيقار مالك جندلي ، إلى جانب المطرب اللبناني فضل شاكر. ولم يصدر أي تعليق حتى الآن من الأعضاء الأربعة الذين شُطبت عضويتهم، في حين يُتوقع أن تشهد الأيام المقبلة مزيدا من التطورات داخل النقابة ذات التأثير في الوسط الفني السوري والارتباط بالتحولات السياسية والاجتماعية التي تعيشها البلاد.


الجزيرة
منذ 3 ساعات
- الجزيرة
جماعات الهيكل تكثف دعواتها لاقتحام الأقصى غدا والشرطة تَعد بجعلها تجربة ممتعة
على بُعد ساعات من انطلاق الاقتحام الجماعي للمسجد الأقصى بمناسبة يوم " توحيد القدس"، لا تزال صفحات جماعات الهيكل المتطرفة ونشطائها تعجّ بالدعوات التي تحث من خلالها المستوطنين على اقتحام المسجد والتلويح بالأعلام الإسرائيلية في ساحاته. ونشرت صفحة منظمة "بيدينو" المتطرفة اليوم تصميما يتضمن صورة قبة الصخرة الذهبية وأمامها علم إسرائيلي كبير وأعلام صغيرة، وكتبت "في يوم تحرير القدس نصعد ونلوح بالعلم في جبل الهيكل"، وأوردت المنظمة في التصميم الأوقات المخصصة لاقتحامات المستوطنين صباحا وبعد الظهر. وتفاخرت المنظمة على صفحتها بموقع فيسبوك بنشر صحيفة "المصدر الأول" الإسرائيلية هذا التصميم على إحدى صفحاتها وكتبت "نراكم غدا مع أعلام إسرائيل على جبل الهيكل". كما نشرت مقطع فيديو من اقتحامات المسجد الأقصى اليوم الأحد، ويَظهر فيه عدد من المقتحمين من فئة الشباب وهم يغنون في طريق خروجهم من المسجد قرب باب السلسلة، وكتبت في تعليقها على هذا المقطع "الصعود والغناء هذا الصباح على جبل الهيكل، الاستعداد لليوم الكبير غدا، يوم القدس! الصلاة من أجل تحرير جبل الهيكل كاملا". الصلاة اليهودية في الأقصى ونشر أحد أبرز نشطاء جماعات الهيكل أساف فريد تصميما يضم صورَ وأسماء 12 حاخاما سيقتحمون الأقصى غدا الاثنين، وأورد الساعات التي سيكون فيها هؤلاء الحاخامات بانتظار المقتحمين، وجاء في التصميم أن صلاة الصباح (شَحَريت) ستقام في فترة الاقتحامات الصباحية، وصلاة بعد الظهر (مِنحاه) ستقام خلال الاقتحامات المسائية، وهما من صلوات اليهود المفروضة في اليوم والليلة. ويأتي تكثيف الحشد بعد يوم واحد على نشر اتحاد منظمات الهيكل مقطعا دعائيا، دعت فيه جمهور تيار الصهيونية الدينية إلى اقتحام الأقصى بكثافة يوم غد الاثنين. وشارك في إطلاق نداء الاقتحام الجماعي 13 حاخاما يشكلون قيادة أبرز مدارس الصهيونية الدينية وأبرز مستوطناتها في الضفة الغربية والقدس. ووفقا للباحث في شؤون القدس زياد ابحيص فإنه لم يسبق لجماعات الهيكل المتطرفة أن نشرت مثل هذا النوع من التحريض المصور، إذ كانت اقتحامات رمضان تأتي بعد عقد "قمة روحية" لهؤلاء الحاخامات في المسجد الأقصى المبارك لتشجيع أتباعهم، إلا أنها بهذا الإنتاج والتوزيع المسبق تسعى كما يبدو إلى "تحفيز مجموعات جديدة من اليمين وأتباع الصهيونية الدينية للانضمام إلى جمهور المقتحمين للأقصى، وفرض حجم وشكل أكبر من العدوان على الأقصى". الشرطة في خدمة المستوطنين بدورها أطلقت "مدرسة جبل الهيكل الدينية" دعوة عامة لأداء الطقوس التوراتية العلنية داخل الأقصى يوم غد، وأكدت الدعوة على إقامة "صلاة المساء" التوراتية بشكل جماعي في الأقصى، بقيادة حاخام هذه المدرسة "إليشع وولفسون". ونشرت وحدة شرطة "دڤيد" -التي تتخذ من مركز القِشلة في البلدة القديمة مقرا لها والمسؤولة عن منطقة البلدة القديمة، بما فيها المسجد الأقصى- ترتيباتها المتعلقة باقتحامات المسجد في "يوم القدس". وجاء أنه في إطار استعداداتها لهذه المناسبة سيتم تجهيز المنطقة "بقوات معززة للحفاظ على النظام العام"، وأن الشرطة تستعد لإدخال مجموعة من المقتحمين كل 10 دقائق، أي أن 6 مجموعات من المستوطنين ستقتحم الساحات في الساعة الواحدة، وأشارت الشرطة إلى أن هذا الترتيب سيخضع لحركة المجموعات داخل المسجد. ودعت الشرطة المقتحمين للالتزام بتعليماتها فيما يتعلق بأوقات وأماكن "الزيارة" وذلك للسماح للجميع "بالصعود بشكل مريح وآمن، ولجعل تجربة الزيارة ممتعة يجب اتباع تعليمات وإرشادات الشرطة". يذكر أن الإسرائيليين يحتفلون غدا الاثنين الموافق 28 من الشهر الثامن وفق التقويم العبري، بما يعرف "بيوم توحيد القدس"، الذي سيطرت فيه إسرائيل على القدس واحتلت الجزء الشرقي منها أثناء حرب يونيو/حزيران 1967 المعروفة في العالم العربي "بالنكسة".


الجزيرة
منذ 5 ساعات
- الجزيرة
دمشق تتعهد بمساعدة واشنطن بالبحث عن أميركيين مفقودين في سوريا
قال المبعوث الأميركي إلى دمشق توم باراك اليوم الأحد إن السلطات السورية تعهدت بمساعدة واشنطن في البحث عن أميركيين مفقودين بسوريا، في إعلان يأتي بعد رفع العقوبات الاقتصادية وفتح صفحة جديدة في العلاقات. وأضاف باراك في منشورات على منصة إكس "خطوة قوية إلى الأمام، لقد وافقت الحكومة السورية الجديدة على مساعدة الولايات المتحدة في تحديد أماكن المواطنين الأميركيين أو رفاتهم" لإعادتهم إلى بلدهم. وتابع أن "الرئيس (دونالد) ترامب أوضح أن إعادة المواطنين الأميركيين إلى ديارهم أو تكريم رفاتهم بكرامة أولوية قصوى في كل مكان، وستساعدنا الحكومة السورية الجديدة في هذا الالتزام". وعدّد من بين المفقودين أوستن تايس و مجد كم الماز وكايلا مولر. وخُطف تايس في 14 أغسطس/آب 2012 قرب دمشق، وكان عمره 31 عاما ويعمل صحفيا مستقلا مع مجموعة ماكلاتشي وواشنطن بوست ووكالة الصحافة الفرنسية ووسائل إعلام أخرى. ولم تتوافر معلومات عن مصيره، وقد زارت والدته دمشق والتقت الرئيس أحمد الشرع بعد إطاحة حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد. كما خطف التنظيم دولة الإسلامية عاملة الإغاثة مولر في حلب (شمال) في أغسطس/آب 2013، وأعلن في فبراير/شباط من العام نفسه مقتلها في غارة جوية شنتها طائرات أردنية على مدينة الرقة التي شكلت حينها المعقل الأبرز للتنظيم في سوريا، وأكدت واشنطن لاحقا مقتلها لكنها شككت في صحة رواية تنظيم الدولة. وفُقد المعالج النفسي مجد كم الماز -وهو أميركي ولد في سوريا- فيما كان في زيارة خاصة لدمشق بعد توقيفه على نقطة أمنية عام 2017، وكان متخصصا في العلاج النفسي للمتضررين من الحروب والكوارث الطبيعية، وعمل مع اللاجئين السوريين في لبنان بعد اندلاع النزاع عام 2011، وأفادت تقارير غير مؤكدة لاحقا بوفاته في السجن. وبحسب مصدر سوري مطلع على المحادثات بين الحكومتين السورية والأميركية بشأن ملف المفقودين، هناك 11 اسما لآخرين على قائمة واشنطن، هم سوريون لديهم جنسيات أميركية، من دون أن يحدد أي تفاصيل أخرى. بعثة قطرية والشهر الحالي، بدأت وفق المصدر ذاته "بعثة قطرية بطلب أميركي مهمة البحث عن رفات أميركيين في شمال سوريا قتلهم تنظيم الدولة الإسلامية" الذي سيطر منذ صيف 2014 على مساحات شاسعة في سوريا والعراق المجاور حتى دحره عام 2019. وكانت قوات الأمن الداخلي القطرية أعلنت في 11 مايو/أيار الجاري -وفق ما نقلت عنها وكالة الأنباء القطرية- عن "اكتشاف رفات 30 شخصا يعتقد أنهم اختطفوا وقتلوا على يد تنظيم الدولة خلال فترة سيطرته على مدينة دابق" الواقعة في منطقة إعزاز شمال حلب. وقالت إن "هذه الجهود جاءت في إطار عملية دولية نفذتها استجابة لطلب رسمي تقدم به مكتب التحقيقات الفدرالي"، وتم تنفيذ المهمة "بالتنسيق الكامل مع الحكومة السورية". وتعمل السلطة الجديدة على تحسين علاقاتها مع الدول الغربية التي ترفع عقوباتها تباعا عنها، وآخرها الولايات المتحدة، في تحول كبير للسياسة الأميركية تجاه سوريا.