
الناتو يخطط لإطلاق صندوق جديد لتمويل التسليح الأميركي لأوكرانيا
يُمثل إنشاء الصندوق الجديد، أول خطوة ملموسة في تنفيذ تعهد ترمب بإلزام الحلفاء في الناتو، بدفع ثمن الأسلحة الأميركية لأوكرانيا. وأعلن ترمب والأمين العام لحلف الناتو، مارك روته، عن الاتفاق الشهر الماضي، لكنهما لم يُقدما تفاصيل بشأنه.
وقال ترمب، وهو جالس بجانب روته في البيت الأبيض في يوليو الماضي: "لقد توصلنا اليوم إلى اتفاق سنرسل بموجبه إليهم أسلحة، وسيدفعون ثمنها. لن نشتريها، بل سنصنعها، وسيدفعون ثمنها".
ويُمثل هذا القرار تحولاً في سياسة الولايات المتحدة، التي تبرعت في عهد الرئيس السابق جو بايدن بأسلحة من مخزوناتها الخاصة لأوكرانيا. والهدف النهائي هو دفع روسيا إلى طاولة المفاوضات وإنهاء الصراع، وفق مسؤول عسكري كبير في الناتو تحدث لـ"وول ستريت جورنال".
وقال المسؤولون الغربيون الثلاثة، إن الفكرة هي أن يتبرع حلفاء الناتو طواعيةً بأموال إلى الحساب الجديد.
وسيكون القائد الأعلى لقوات التحالف في أوروبا، الجنرال أليكسوس جرينكيفيتش، مسؤولاً عن التحقق من احتياجات أوكرانيا من الأسلحة. وستُستخدم الأموال في الحساب لدفع ثمن الأسلحة الأميركية الصنع أو الموردة المرسلة إلى كييف بعد موازنة متطلبات ساحة المعركة الأوكرانية مع احتياجات الجيش الأميركي.
وقال أحد المسؤولين، إن مؤيدي أوكرانيا يهدفون إلى إنفاق ما مجموعه 10 مليارات دولار مبدئياً على الأسلحة لأوكرانيا، ومن المتوقع أن يأتي معظمها من خطوط إنتاج صناعة الدفاع الأميركية.
تحركات أميركية
ويتبقى لدى ترمب 3.85 مليار دولار من سلطة السحب الرئاسية من إدارة بايدن لإرسال أسلحة إلى أوكرانيا مباشرة من المخزونات الأميركية.
واقترح الرئيسان الجمهوريان للجنتي القوات المسلحة والعلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ تشريعاً يُمكّن البنتاجون من الحصول على تعويضات من الدول الأوروبية عن أي أسلحة قد تُقدّمها.
وأشارت الصحيفة، إلى أن شحنات الأسلحة الأميركية، التي أذنت بها إدارة بايدن، لا تزال تتدفق إلى كييف عبر الحدود من بولندا. وقد تم إيقاف بعض هذه الأسلحة - وخاصةً ذخائر مثل صواريخ "باتريوت" الاعتراضية للدفاع الجوي - مؤقتاً في يونيو كجزء من مراجعة البنتاجون لمخزونات الذخائر الأميركية. لكن هذه الشحنات استؤنفت منذ ذلك الحين، وفقاً لمسؤولين.
وفي إطار جهود تسليح أوكرانيا، أبرمت الولايات المتحدة اتفاقية مع ألمانيا، تُرسل بموجبها برلين أنظمة "باتريوت" إضافية للدفاع الجوي إلى كييف.
وأعلنت الحكومة الألمانية، الجمعة، أن أوكرانيا ستستلم أول نظامين في الأيام المقبلة. وفي المقابل، ستكون ألمانيا أول دولة تستلم أحدث أنظمة "باتريوت" من خط الإنتاج الأميركي "بوتيرة متسارعة"، وفقاً لبيان صادر عن الحكومة الألمانية.
ولتسهيل هذا الاتفاق، قدّم البنتاجون ألمانيا على سويسرا في قائمة انتظار صواريخ "باتريوت" القادمة، وفقاً لما ذكرته صحيفة "وول ستريت جورنال" سابقاً.
وصرح مسؤول أميركي كبير، بأن الولايات المتحدة تخطط لإعادة ترتيب شحنات "باتريوت" المستقبلية مع انضمام دول أخرى لإرسال الأنظمة من ترساناتها إلى أوكرانيا.
نهج جديد
وأبلغت الولايات المتحدة مجلس الأمن الدولي، الخميس الماضي، بأن الرئيس الأميركي عبَّر عن رغبته بوضوح في التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية بحلول الثامن من أغسطس الجاري.
وقال الدبلوماسي الأميركي الكبير، جون كيلي، أمام المجلس المكون من 15 عضواً: "يتعين على كل من روسيا وأوكرانيا التفاوض على وقف إطلاق النار والسلام الدائم. حان الوقت للتوصل إلى اتفاق. أوضح الرئيس ترمب أنه يجب القيام بذلك بحلول الثامن من أغسطس. والولايات المتحدة مستعدة لتنفيذ تدابير إضافية لتأمين السلام".
وقال ترمب، الثلاثاء الماضي، إن الولايات المتحدة ستبدأ بفرض رسوم جمركية وإجراءات أخرى على روسيا "خلال عشرة أيام" إذا لم تحرز موسكو أي تقدم نحو إنهاء حربها في أوكرانيا.
وجاءت تصريحات ترمب في وقت يتصاعد فيه التوتر بين واشنطن وموسكو مع تزايد استياء الرئيس الأميركي بسبب مما يعتبره تقاعس الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في التفاوض لإنهاء حرب أوكرانيا المستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات.
مفاوضات معطلة
وعقدت كييف وموسكو ثلاث جولات من المحادثات في إسطنبول خلال العام الجاري، أسفرت عن تبادل أسرى ورفات جنود، لكنها لم تحرز أي تقدم ينهي الصراع المستمر منذ أكثر من ثلاث سنوات.
وقال نائب السفير الروسي لدى الأمم المتحدة، ديميتري بوليانسكي أمام مجلس الأمن الدولي: "نعتزم مواصلة المفاوضات في إسطنبول"، لكنه أضاف: "رغم الاجتماعات في إسطنبول، لم يختف حزب الحرب في الغرب... ما زلنا نسمع أصوات من يعتقدون أن الدبلوماسية مجرد وسيلة لانتقاد روسيا وممارسة الضغط عليها".
وعبر بوتين، الجمعة، عن أمله في استمرار محادثات السلام بين موسكو وكييف، وفي أن تتمكن فرق العمل من مناقشة تسويات ممكنة، لكنه قال إن أهداف موسكو لم تتغير.
ولم يبد بوتين مؤشراً على تغير موقف موسكو. وصرح بأنه إذا كان هناك من يشعر بخيبة الأمل إزاء نتائج محادثات السلام حتى الآن، فذلك نتيجة لتوقعات مبالغ فيها.
وأضاف الرئيس الروسي، أنه ينبغي إجراء المحادثات "دون كاميرات وفي أجواء هادئة".
وقالت نائبة السفير الأوكراني لدى الأمم المتحدة، كريستينا هايوفيشن، إنه يتعين مواجهة روسيا بـ"الوحدة والعزيمة والعمل".
وأضافت أمام المجلس: "نسعى إلى سلام شامل وعادل ودائم، يقوم على مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وليس أقل من ذلك. ونكرر أن وقف إطلاق النار الكامل والفوري وغير المشروط أمر أساسي. إنه الخطوة الأولى لوقف حرب روسيا العدوانية على أوكرانيا".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

الوطن
منذ 22 دقائق
- الوطن
فشل المفاوضات التدريجية يدفع إلى حل نهائي في غزة
في الوقت الذي تساءل فيه السفير الأمريكي في إسرائيل عن سبب كره اليهود والاسرائيليين كشفت مصادر لموقع «أكسيوس» عن تحوّل كبير في الاستراتيجية الأمريكية بشأن مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة وتحرير الرهائن، إذ تسعى إدارة الرئيس دونالد ترمب إلى التخلي عن سياسة الاتفاقات الجزئية لصالح اتفاق شامل، يعيد جميع الرهائن دفعة واحدة وينهي الحرب بشروط أبرزها نزع سلاح حركة حماس. الحل النهائي قال المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف إن ترمب يرغب في تغيير جوهري في نهج التفاوض، مؤكداً أن «الاستراتيجية السابقة فشلت في تحقيق نتائج ملموسة»، وأن الإدارة الأمريكية تتبنى حاليا سياسة «الكل أو لا شيء». وأوضح ويتكوف أن الخطة الجديدة «تحمل بارقة أمل»، دون أن يكشف عن تفاصيلها، مشيرا إلى أن الإدارة الأمريكية باتت مقتنعة بأن المفاوضات التدريجية استنفدت أغراضها. تزايد الضغوط وبحسب «أكسيوس»، فإن ترمب كان يفضل منذ البداية اتفاقا شاملا، إلا أنه دعم خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المرحلية مراعاة لحسابات الداخل الإسرائيلي. غير أن الضغوط المتزايدة من عائلات الرهائن، وتراجع ثقة الرأي العام بجدوى الصفقات المجزأة، دفعت واشنطن إلى إعادة النظر جذرياً في المسار التفاوضي. لكن مصادر أخرى مطلعة على سير المفاوضات أكدت أن الخيار المرحلي لا يزال مطروحاً، مع اقتراح بوقف إطلاق نار لمدة 60 يوماً مقابل إطلاق 10 رهائن أحياء و18 من جثامين الرهائن. مفهوم الإبادة الجماعية في حين عد سفير أمريكا لدى إسرائيل مايك هاكابي أن إسرائيل إذا كانت ترتكب إبادة جماعية بغزة فهي «فاشلة» في هذا الأمر، وقال إنه لا يفهم سبب الكره تجاه اليهود عمومًا والإسرائيليين خصوصًا، وصف الكاتب الإسرائيلي ديفيد غروسمان الحرب التي تخوضها إسرائيل في قطاع غزة بأنها «إبادة جماعية»، في مقابلة نُشرت الجمعة في صحيفة «لا ريبوبليكا» الإيطالية. حل الدولتين وأكد غروسمان تمسكه «بشدة» بحل الدولتين، وذلك لأنه بالدرجة الأولى «لا يرى بديلًا» عنه، مشيدًا في هذا السياق بعزم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الاعتراف بدولة فلسطينية في سبتمبر. وأضاف: «أعد ذلك فكرة جيدة، ولا أفهم رد الفعل الهستيري الذي قوبل به في إسرائيل»، متابعًا «من الواضح أنه يجب وضع شروط محددة: لا أسلحة، وضمان أن تشهد (الدولة الفلسطينية) انتخابات شفافة يُستبعد منها أي طرف يفكر في استخدام العنف ضد إسرائيل». استشهاد موظف للهلال الأحمر أعلن الهلال الأحمر الفلسطيني، أمس الأحد، مقتل أحد موظفيه وإصابة ثلاثة آخرين في قصف إسرائيلي استهدف مقر الجمعية في خان يونس بغزة. ونشرت المنظمة بيانًا على منصة «إكس» قالت فيه، «استشهاد موظف في الهلال الأحمر الفلسطيني وإصابة ثلاثة آخرين عقب استهداف قوات الاحتلال مقر الجمعية في مدينة خان يونس»، مضيفة أن «النيران اشتعلت في الطابق الأول في المبنى». وأعلن الدفاع المدني في غزة أن 32 فلسطينيًا على الأقل قتلوا، السبت، في القصف والغارات في مناطق مختلفة من قطاع غزة، بينهم 14 قتلوا «بنيران الجيش الإسرائيلي» قرب مراكز لتوزيع المساعدات تديرها مؤسسة غزة الإنسانية. وقُتل ثمانية مسعفين من الهلال الأحمر وستة من الدفاع المدني في غزة وواحد من وكالة الأونروا في هجوم شنته القوات الإسرائيلية في جنوب غزة في مارس، وفقًا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا). لا نزع سلاح بلا دولة في أول رد على تصريحات المبعوث الأمريكي، أكدت حركة حماس أنها ترفض أي طرح لنزع السلاح ما لم يتم الاتفاق على إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس، معتبرة أن الطرح الأمريكي «منحاز بشكل كامل لإسرائيل» ولا يعكس موقفًا تفاوضيًا محايدًا. حان وقت إنهاء القتال دعا زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد إلى وقف العمليات العسكرية في غزة فورًا، مشددًا على أن تل أبيب لا تستطيع الاستمرار في حرب تفتقر إلى تأييد شعبي وثقة بقيادتها. وقال لابيد في منشور عبر منصة «إكس»، إن الشعب الإسرائيلي لم يعد يدعم الحرب في غزة، معتبرًا أن جميع الشروط الأساسية لخوضها باتت مفقودة، مطالبًا بوقف فوري للعمليات العسكرية وسرعة إطلاق سراح الأسرى. السفير الأمريكي في إسرائيل يعلن إعلاميًا أنه لا يعرف سبب كره اليهود والإسرائيليين. الكاتب الإسرائيلي ديفيد غروسمان يصف الحرب التي تخوضها إسرائيل في غزة بأنها إبادة جماعية. الإدارة الأمريكية تتبنى حاليًا سياسة الكل أو لا شيء. تصاعد الاحتجاجات والضغط داخل إسرائيل لإنهاء النزاع وضمان الإفراج عن كافة الأسرى. الدفاع المدني يعلن مقتل 32 فلسطينيًا على الأقل منهم أحد موظفي الهلال الأحمر. زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد إلى وقف العمليات العسكرية في غزة فورًا.


عكاظ
منذ 2 ساعات
- عكاظ
ولا يزال الاقتصاد هو العنوان الأهم!
الاقتصاد العالمي ليس بخير أبداً. مؤشرات كثيرة تدل على عمق الأزمة وحدّتها. الرئيس الأمريكي دونالد ترمب يؤكد أن الولايات المتحدة الأمريكية تشهد طفرة هائلة في عهده ولكن ذبذبة أداء الأسواق المالية الأمريكية لا تدعم كلامه واستمرار معدلات التضخم المرتفعة (وهو الذي وعد انتخابياً بالقضاء عليها) تناقض تصريحه، وها هي بيانات معدلات البطالة تزيد من تأكيد الحالة بإعلانها عن هبوط شديد جداً في الوظائف الجديدة. فرح مؤيدو دونالد ترمب لبرهة من الوقت حينما أعلنوا أنه ولأول مرة حقق شهر يوليو الفائت فائضاً في الميزان التجاري الأمريكي وذلك بسبب التعرفة الجمركية الحادة التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية بإصرار من قبل ترمب على دول العالم. وجّه دونالد ترمب سهام الاتهام والغضب على رئيس مجلس إدارة الاحتياطي الفيديرالي واتهمه بالتواطؤ والعمل على إفشاله كونه لم يخفّض معدلات الفائدة لكبح جماح التضخم والذي يصر دونالد ترمب أنه انتهى، وأن ما يحصل هو بسبب تعنّت الاحتياطي الفيديرالي. الصين تحاول إعادة هندسة اقتصادها بعيداً عن الضغوطات والعقوبات والضرائب والجمارك الأمريكية واستعادة الزخم الأولي الذي مكّنها من تحقيق معدلات نمو تاريخية وقياسية لسنوات متعددة متتالية. فهناك الكثير من شركاتها توسع قاعدة صناعتها جغرافياً خارج الصين لتمكينها من أن تكون أكثر تنافسية. وتحرص الصين على تقوية وتنمية سوقها المحلية لتكون الأكبر عالمياً، وهي نجحت في ذلك في قطاع السيارات على سبيل المثال لا الحصر. وهذا يصب في مصلحة الشركات الصينية في المقام الأول لتكون أكثر تنافسية. أوروبا هي الأخرى تعاني، ففي عالم التقنية الحديثة ومنتجات الذكاء الاصطناعي تبدو القارة العجوز بأنها خارج اللعبة الجديدة تماماً وأن التنافس على الكعكة هذه سيكون حصرياً بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين. والقارة الأوروبية لديها تحدياتها الكبيرة. معدلات نمو سكاني متدنية جداً ومجتمع يشيخ، تدفق أعداد كبيرة من المهاجرين غير الشرعيين وسوق العمل بحاجة ماسة لهم ولكن التكلفة الاجتماعية تبقى باهظة للغاية. بالإضافة إلى أن فاتورة التسليح والأمن والدفاع التي بات على الدول الأوروبية تحمّل أعبائها بنفسها سيكون ذلك على حساب النمو الاقتصادي. حتى أشد مؤيدي إسرائيل في أمريكا لا يستطيعون تبرير استمرار تدفق البلايين من الدولارات من الولايات المتحدة الأمريكية لدعم حكومة متطرفة تمارس أشد أصناف الإبادة الجماعية وتحقق إسرائيل فائضاً مالياً في ميزانياتها بينما يستمر العجز المالي في أمريكا. الأجواء الاقتصادية السلبية متى ما طال أمدها واستمرت يكون المناخ ملائماً لمروّجي نظرية «إن ما يحتاجه الاقتصاد هو حرب جيدة»، مستذكرين كيف تسبّبت الحرب العالمية الثانية في توظيف الآلاف من الناس ودوران عجلات الإنتاج الصناعي بلا توقف مما أدى إلى طفرة اقتصادية كبيرة. حرب بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا باتساع رقعة الصراع أوروبياً؟ ممكن. اتساع العدوان الإسرائيلي على مناطق جديدة؟ ممكن. استغلال الصين للوضع العالمي العام واستعادة تايوان؟ ممكن. سيناريوهات متطرفة كلها واردة لأجل تحريك الاقتصاد العالمي المتضرر. أخبار ذات صلة


عكاظ
منذ 2 ساعات
- عكاظ
مؤتمر حل الدولتين.. محطة مفصلية بقيادة المملكة
كعهد «الكبار» ذوي الحِجى والرّأي الباصر السّديد، ممّن يتعالون عن «الصّغائر»، ويترفّعون عمّا يشين ويُزري، ويتغاضون عن انتياشات «الصّغار» ممّن يرمون الآخرين بكَمية الاتهام الأدهم المهين، وساقط القول الرّخيص المأفون. بهذا العهد مضى وطني المملكة العربية السعودية، لتشحذ همّة العالم في عصبة «الأمم المتحدة»، وتلمّ شتيت صوتها المتهامس حقًّا، والمضمر بالتأييد الخجول للقضية الفلسطينية، لتأخذ المملكة بوعي وبصيرة قيادتها الراشدة الحكيمة زمام المبادرة، وتجعل الصّوت رفيع المستوى بالشراكة مع فرنسا في مؤتمر حل الدولتين ليتكاثف التأييد بما احتوت عليه الوثيقة الختامية للمؤتمر. وقد رجحت صوت الحق، ورسمت خارطة طريق متّسم بالمعقولية، دون شطط الشعارات الديماجوجية الجوفاء، أو رخاوة التفريط في موجبات أعدل قضية عرفتها الإنسانية في حاضرها المعيش. فما أبلج كلمات وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، وهو يصوغ التوصيف الأمثل للوثيقة «بالقول» إن هذه المخرجات تعكس مقترحات شاملة عبر المحاور السياسية والإنسانية والأمنية والاقتصادية والقانونية والسردية الإستراتيجية، وتشكّل إطارًا متكاملًا وقابلًا للتنفيذ من أجل تطبيق حل للدولتين، وتحقيق السلم والأمن للجميع. ولهذا جاء التأييد واسعًا، والاتفاق كبيرًا، على حتمية وضرورة العمل المشترك لإنهاء الحرب في غزة والتوصل إلى تسوية عادلة وسلمية ودائمة للصراع الإسرائيلي الفلسطيني بناءً على التطبيق الفعّال لحل الدولتين، وبناء مستقبل أفضل للفلسطينيين والإسرائيليين وجميع شعوب المنطقة.. كما تمظهرت لواحظ النّجاح للمؤتمر في توالي المبادرات المبشّرة من دول العالم كافة، وبخاصة الأوروبية منها، وكندا ومالطا والتى أشادت بهذه الخطوات الإيجابية للمملكة في بيان وزارة الخارجية مؤكدة توافق المجتمع الدولي على ضرورة إنهاء معاناة شعب فلسطين، مجدّدة الدعوة لبقية الدول لاتخاذ مثل هذه الخطوات الجادة الداعية للسلام وعدًا بالاعتراف بدولة فلسطين قبل انتهاء أعمال الدورة المقبلة للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل، وهو عين ما سعت إليه المملكة بدأب وخططت له بصبر ونفاذ بصيرة. وقد جلّى ذلك ولي العهد الأمين، وجهر به بعالي الصوت في «القمة العربية الإسلامية غير العادية»، التي احتضنتها الرياض العاصمة حين قال -حفظه الله- لقد اتخذت دولنا خطوات مهمة عبر تحرّكها المشترك على الصعيد الدولي لإدانة العدوان الإسرائيلي الآثم وتأكيد مركزية القضية الفلسطينية. ونجحنا في حثّ المزيد من الدول المحبة للسلام للاعتراف بدولة فلسطين. وحشدنا للاجتماع الدولي لدعم حقوق الشعب الفلسطيني الذي عبّرت عنه قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة باعتبار فلسطين مؤهلة للعضوية الكاملة للأمم المتحدة، والمطالبة بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي غير المشروع للأراضي الفلسطينية. كما أطلقنا التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي ومملكة النرويج التي استضافت المملكة مؤخرًا اجتماعها الأول، وندعو بقية الدول للانضمام لهذا التحالف.. وهكذا بوسعك أن تقرأ موقف المملكة المتّسق، وتفهم أن ما قامت به في هذا المؤتمر هو حريّ بالوقوف عنده كثيرًا، بوصفه خيطًا من ذات النسيج، بما يمثل فرصة لاستكناه الجهود الاستثنائية، والعمل الدبلوماسي الرفيع الذي قامت به، وتولت زمامه قيادتها الرشيدة، ممثلة في خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين، حفظهما الله، معززة بهذا المؤتمر روح الجهد الأممي الجماعي، وجعلت الصوت العربي الأصيل، والعاقل، والمتزن، رديف الأوروبي في أنصع صور التفاعل الدولي إنفاذًا لمقترح حل الدولتين، الذي جهرت به المملكة منذ (23) عامًا في العاصمة اللبنانية بيروت إبّان القمة العربية، ليأتي هذا المؤتمر مراعيًا للمتغيّرات، وحاسبًا لما مرّ من مياه كثيرة تحت الجسر، ليعيد الأمل في تسوية سلمية للقضية الفلسطينية، راسمًا خارطة طريق جليّة المعالم، وفق إطار زمني محدّد، بغايات واضحة، وتقديرات سليمة، بما يكفل للشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة في العيش بكرامة على أرضه، ويضمن السلام والأمن والعدل على المستوى الإقليمي والعالمي على حدٍّ سواء، وهو ما يمكن اعتباره «محطّة مفصلية»، بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، نظير ما وجده من تحشيد وتأييد رفيع المستوى.. نعم؛ لن يكف «الصغار» عن انتياش مواقف المملكة وقيادتها بمخارز تزييف الحقائق، والرمي بالتهم الجزاف، والتشكيك في مخرجات هذا المؤتمر، ونواتج أي خطوة «عاقلة» في ملف هذه القضية العادلة، هذا دأبهم، وتلك شنشنتهم التي خبرناها، وعرفنا محصلتها، بتغليبهم الأرعن لروح المغامرات العمياء، والزج بالشعب الفلسطيني في أتون ومحرقة العنف والعنف المضاد، وتأجيج الفتن الكوامة، لصالح الأجندات الخارجية، ورهن الشعب الفلسطيني بأسره وقضيته العادلة من أجل مصالحهم الضيقة. فآن لهم أن يفهموا ويعوا ما تقوم به المملكة من جهد يتجاوز مخرجات عقولهم المفخخة، ويفهموا أن موقف قيادتها، على مر الحقب والسنوات، ظل وفيًّا للقضية الفلسطينية، معليًا لصوتها في كافة المحافل الدولية، براجح العقل، ومستبصر «الرؤية»، وعميق الفهم، فالفرق كبير، والبون شاسع، بين عقل يفكّر بمنطق محكم، ويزن الأمور بحكمة باصرة، وبين من يجعل فوران الخواطر، وجيشان الأعصاب، وديموجاجية الخطاب، وعصابية الطرح؛ وسائله لتحقيق غاياته، دون أن يمتلك غيرها في معرض النزال، وساحة المنافحة، وميدان القتال فليكفّ «الصغار» عن سواقطهم، وليدعوا «الكبار» لينجزوا ما عليهم من جسيم المسؤولية، فهم بها أجدر، وعليها أقدر بإذن الله. أخبار ذات صلة