logo
مصر وإسرائيل... سؤال الحرب المؤجّلة

مصر وإسرائيل... سؤال الحرب المؤجّلة

إيطاليا تلغراف نشر في 21 يوليو 2025 الساعة 10 و 05 دقيقة
إيطاليا تلغراف
أحمد الجندي
كاتب مصري، أستاذ الدراسات اليهودية والصهيونية في جامعة القاهرة.
بينما تواصل إسرائيل عدوانها الإجرامي على قطاع غزّة وسورية ولبنان واليمن، وفي ظلّ تصاعد التوترات من جديد مع إيران، يبقى السؤال الذي أصبح في الأيام الماضية أحد أكثر الأسئلة إلحاحاً في أروقة التفكير الاستراتيجي العربي: هل مصر محصّنة من سيناريو الحرب أو الاستهداف الإسرائيلي؟ وهل يمكن أن يأتي اليوم الذي تُختبر فيه العلاقة المعقّدة بين القاهرة وتل أبيب؟ أمّا في إسرائيل، فإن السؤال الذي صار يتكرّر في العامَين الماضيَين: هل كانت المؤسّسة العسكرية الإسرائيلية تفكّر في إعادة رسم حدود الأمن القومي الإسرائيلي على حساب مصر؟
منذ اتفاق معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، حرصت القاهرة وتل أبيب على تجنّب أيّ مواجهة عسكرية مباشرة، وسادت علاقات قد تتوتر أحياناً، لكنّها ظلّت مستمرّةً ومحافظةً دائماً على التعاون والتنسيق الأمني، مع بقاء السلام بارداً لا يلبّي الطموحات الإسرائيلية التي كانت تطمح إلى أن يتحول التطبيع مع مصر إلى المستوى الشعبي. ويلاحظ المتابع للخطاب الاستراتيجي الإسرائيلي، وما يصدر عن مراكز الأبحاث، وحتى عن المسؤولين العسكريين في إسرائيل، أن المؤسّسة العسكرية الإسرائيلية ما زالت تُبقي على مصر في حساباتها الاستراتيجية قوةً إقليميةً يمكن أن تشكّل خطراً على إسرائيل، كذلك فإن الخطاب الإعلامي والسياسي الإسرائيلي يظهر هوساً قديماً بمصر عدوّاً كلاسيكياً محتملاً.
فخلال العقود التي تلت 'كامب ديفيد' اعتبرت إسرائيل مصر شريكاً استراتيجياً من أجل ضمان استقرار حدودها الجنوبية،
وخلال الحرب الحالية، ونتيجةً لحسابات تخصّ أمن مصر القومي، وموقفها الرافض لأن تكون سيناء وجهةً لتهجير سكّان قطاع غزّة، تصاعد الحديث في إسرائيل عن السبب الذي يدفع مصر إلى تعزيز ترسانتها العسكرية، واعتبار أن إسرائيل هي المُستهدَفة بهذا التسليح، خصوصاً أنها العدو الأول لدى عموم الشعب المصري. وهو موقف ابتزازي يتعمّد عدم المقارنة بين الإنفاق العسكري الإسرائيلي والمصري، ولا يضع في الحسبان أن حجم الإنفاق الإسرائيلي يفوق بعشرة أضعاف (على الأقلّ) الإنفاق العسكري لمصر. وطبقاً لما نشره المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في تقريره السنوي الصادر هذا العام، يظهر أن نصيب مصر من إجمالي مشتريات السلاح في منطقة الشرق الأوسط يبلغ 1.3% فقط، وهي تأتي بعد الإمارات (10.7%) والجزائر (10.2%) والعراق (6.1%) وقطر (4.6%) وإيران (3.8%) والكويت (3.7%) وسلطنة عمان (3.2%) والمغرب (3.2%)، بينما تبلغ نسبة المشتريات الإسرائيلية 16.1%، ولا تسبقها أيّ دولة من دول المنطقة سوى السعودية (34.3%)، فضلاً عن الفارق الكبير جدّاً بين حجم الإنفاق العسكري عن عام 2024 لإسرائيل (33.75 مليار دولار) ومصر (2.79 مليار دولار فقط)، حسب ما نشره التقرير.
ويظهر تحليل الخطاب الإسرائيلي، العدائي أخيراً تجاه مصر، أن الأمر تجاوز مجرّد الإعلام الشعبي، ليشمل تصريحات رسمية ودبلوماسية وتحليلات مؤسّسات استراتيجية، فباتت العلاقة مصنّفةً على أنها 'خلل استراتيجي' قد يؤدّي إلى تصعيد دبلوماسي أو أمني، وينقل مصر من موقع الشريك إلى موقع الخصم الافتراضي. فخلال العقود التي تلت 'كامب ديفيد' اعتبرت إسرائيل مصر شريكاً استراتيجياً من أجل ضمان استقرار حدودها الجنوبية، لكن مصر حالياً تُصنّف على أنها 'لا يمكن التنبؤ بأفعالها'، فضلاً عمّا يبالغ فيه الإسرائيليون من الحديث عن تعزيز الوجود العسكري المصري في سيناء بما يتجاوز الحاجة إلى محاربة الإرهاب، ومن ثمّ لم تعد سيناء مجرّد عازل استراتيجي لإسرائيل، حسب هذه النظرة، بل باتت منصّةً يمكن أن تهدّد أمن إسرائيل. كذلك يرى الإسرائيليون أن مصر تقدّم نفسها وسيطاً، لكنّها تغلّب مصلحتها الوطنية على الاستراتيجية الأمنية الإسرائيلية، وهذا كلّه يدفع إسرائيل إلى إعادة التفكير في موقع مصر ضمن عقيدة الأمن القومي الإسرائيلي، كذلك فإنه يعيد تعريفها، بأنها ليست عدوّةً بالضرورة، بل احتمال تهديد طويل الأمد. وهو خطاب قد يُستخدم مستقبلاً لتبرير أيّ خطوات تصعيدية إسرائيلية إذا تغيّرت الظروف الإقليمية، أو حدث أيّ تغيّر سياسي في مصر، مثلما جرى في أثناء ثورات الربيع العربي.
ثمّة أمثلة كثيرة على هذا الخطاب الابتزازي العدائي تجاه مصر، منها تصريحات صادرة على لسان مسؤولين إسرائيليين، مثل تأكيد بن غفير ضرورة ضمان إسرائيل أمنها من دون الاعتماد على أيّ طرف خارجي (يقصد مصر)، أو إشارة وزير الأمن السابق، يوآف غالانت، (أكثر من مرّة) إلى 'الحاجة لتشديد الرقابة' في الحدود الجنوبية، ما فُهم ضمناً أنه تقليل من كفاءة التنسيق الأمني مع القاهرة، علاوة على تصريحات إعلاميين مقرّبين من الحكومة تتهم مصر بالتواطؤ في تهريب الأسلحة إلى المقاومة عبر الأنفاق. هذه التصريحات وغيرها، تنقل رسائل ضمنية إلى القاهرة، إذ تمثّل ضغطاً مبطّناً عليها، وابتزازاً واضحاً لها، لإبداء مزيد من التعاون الأمني، خصوصاً في سيناء، وربّما قبول فتح الحدود لتهجير سكّان القطاع، وهي تهدف كذلك إلى تهيئة الرأي العام الإسرائيلي لاحتمالات تدهور العلاقات مع مصر، أو على الأقلّ تحجيم دورها الإقليمي، كذلك فإنها تنقل رسائلَ تحذيريةً لمصر عبر الإعلام، بأن تحييد الموقف المصري في أيّ صراع إقليمي مقبل هو أمر ممكن ومطروح بقوة لدى إسرائيل.
ومن أمورٍ أصبحت ظاهرةً أخيراً، أن الحكومة الإسرائيلية في تل أبيب لم تعد تبدي احتراماً واضحاً لحليفَي السلام التقليديَّين، مصر والأردن، فجميع المواقف الإسرائيلية التي صدرت عن الحكومة الإسرائيلية بتهجير الفلسطينيين إلى سيناء، واعتبارها خياراً عملياً للتهجير القسري، تبدو إملاءاتٍ، وتعني رغبةً في فرض حلول تضرّ بأمن مصر القومي، وحين نضع ذلك جنباً إلى جنب مع البلطجة التي تمارسها في المنطقة، فضلاً عن التصريحات والتهديدات المبطّنة أو الصريحة، التي يحملها الخطاب الإسرائيلي، والتي لا يمكن اعتبارها مجرّد زلات لسان، بل توجّهاً متعمّداً نحو تحجيم النفوذ المصري في المنطقة، فإن ذلك يعزز الشعور الشعبي في مصر بعدم الثقة في إسرائيل، ويقوي الموقف الشعبي الرافض للتطبيع، كذلك من المفترض أن تؤدّي هذه المواقف أو التصريحات الإسرائيلية إلى وضع الدولة المصرية في موقف حرج بين الاستمرار في التنسيق أو إعادة تقييم العلاقة في ظلّ الاستفزازات الإسرائيلية. أمّا الأخطر بالنسبة إلى إسرائيل، فاحتمالية أن يحفّز ذلك مصر على عقد تحالفات مع قوى إقليمية (تركيا، وربّما إيران)، إن اختارت القاهرة أن تلعب دوراً مستقلّاً بعيداً عن حسابات إسرائيل والولايات المتحدة، وهو أمر تكتنفه صعوبات كبيرة في ظلّ تراجع مكانة مصر في المنطقة، وفي ضوء أزماتها الاقتصادية الطاحنة.
تتضمن تصريحات إسرائيلية رسائلَ تحذيريةً لمصر بأن تحييد موقفها في أيّ صراع إقليمي أمر مطروح بقوة لدى إسرائيل
والحقيقة أن هناك عوامل مختلفة تجعل من استهداف مصر، ولو سياسياً أو أمنياً، احتمالاً غير مستبعد، فأيّ تغيير في الموقف المصري تجاه قضايا غاز شرق المتوسط، أو التحالف مع تركيا، والدخول معها في شراكة استراتيجية، أو عسكرية، أو حتى أن يصبح القرار المصري مستقلاً في قضايا تخدم أمنها القومي، وتكون ضدّ مصالح إسرائيل، قد يكون سبباً من أسباب ذهاب إسرائيل إلى مواجهة تعرف أنها مقبلة يوماً ما. وهي مواجهة غير مستبعدة في ظلّ موقع مصر الجيوسياسي، ووجود حدود طويلة مشتركة مع فلسطين المحتلة، علاوة على ضعف البيئة العربية الواضح، وميل بعض الدول العربية إلى تعميق هذا الضعف عبر دعم المليشيات وسيناريوهات التقسيم في العالم العربي بما يخدم المصالح الإسرائيلية.
ما سبق قد لا يعني بالضرورة أن إسرائيل تحضّر لمواجهة عسكرية ضدّ مصر، لكنّه يؤشّر على أن معاهدة السلام لم تعد تعتبر كافيةً لضمان تحييد الجبهة الجنوبية لإسرائيل. كذلك فإنها، وإن لم تكن تحارب مصر 'عسكرياً' الآن، فهي لا تنزعها بالطبع من حسابات التهديد المستقبلية، وهي في هذا السياق تعمل على إضعاف مصر، وحصارها عبر التعاون مع أطراف عربية تموّل الفوضى وتدعمها عند حدود مصر مع ليبيا والسودان. وإذا وضعنا في الاعتبار التغيّر السريع للتوازنات على مستوى الإقليم، وسير إسرائيل نحو هيمنة على شرق أوسط جديد بدعم من الولايات المتحدة، وتحوّل قوىً تضرب في أعماق الحضارة والتاريخ إلى قوىً هامشيةً في ظلّ هذا النظام الجديد، فإن السؤال المطروح ليس عن احتمال اندلاع المواجهة، بل عن موعدها، ومتى تختبر الثوابت، وهل تمتلك مصر خيارات الفعل في وقت تزداد فيه أسئلة المصير إلحاحاً؟
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لجريدة إيطاليا تلغراف
السابق
الأمم المتحدة في عامها الـ80: الإصلاح أو التهميش
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

نادية فتاج في البرلمان:البرمجة الميزانياتية للثلاث سنوات 2026-2028 ترتكز على الحفاظ على التوازنات الماكرو-اقتصادية
نادية فتاج في البرلمان:البرمجة الميزانياتية للثلاث سنوات 2026-2028 ترتكز على الحفاظ على التوازنات الماكرو-اقتصادية

حدث كم

timeمنذ 11 دقائق

  • حدث كم

نادية فتاج في البرلمان:البرمجة الميزانياتية للثلاث سنوات 2026-2028 ترتكز على الحفاظ على التوازنات الماكرو-اقتصادية

أكدت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، اليوم الخميس، أن البرمجة الميزانياتية للثلاث سنوات 2026-2028 ترتكز على الحفاظ على التوازنات الماكرو-اقتصادية لضمان تمويل الأوراش الإصلاحية الكبرى. وأوضحت السيدة فتاح، خلال اجتماع مشترك للجنتي المالية بمجلسي البرلمان، خصص لتقديم الإطار العام لإعداد مشروع قانون المالية لسنة 2026، أن الحكومة تواصل انخراطها في تنزيل الأوراش الكبرى وفق رؤية تنموية شاملة ومتكاملة تهدف إلى تحقيق التقائية السياسات العمومية، تفعيلا للتوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، مع التركيز على مجموعة من الأولويات. وتتعلق هذه الأولويات، تضيف الوزيرة، بتوطيد دعائم الدولة الاجتماعية، من خلال استكمال تعميم الحماية الاجتماعية مع ضمان نجاعتها وتمويلها المستدام، والإصلاح الشامل للمنظومة الصحية، ومواصلة تعميم التعليم الأولي، ودعم 'مدارس الريادة'، ومواصلة تنزيل برنامج الدعم المالي المباشر لمقتني السكن. كما أكدت مواصلة الأوراش الكبرى للبنية التحتية والاستراتيجيات القطاعية، لاسيما تنفيذ مشاريع كبرى في مجالات الماء، والكهرباء، والنقل، والفلاحة، والسياحة، والطاقات المتجددة، ودعم استراتيجية التحول الطاقي، ومواصلة تنمية البنية التحتية في المناطق القروية، إلى جانب تشجيع استثمارات القطاع الخاص وخلق فرص الشغل. من جهة أخرى، سجلت السيدة فتاح أن الفرضيات الأولية للإطار الماكرو-اقتصادي 2026-2028 تتوقع أن يبلغ محصول الحبوب 70 مليون قنطار، وسعر البترول (برنت) 65 دولارا للبرميل، بينما يتوقع أن يصل سعر البوتان إلى 500 دولار للطن، وسعر صرف الدولار 10,007 دراهم، في حين يرتقب أن يبلغ معدل التضخم 2 في المائة. وفي ما يخص التوقعات الاقتصادية، أوضحت الوزيرة أن نمو الاقتصاد الوطني يرتقب أن يواصل زخمه خلال سنة 2026، ليبلغ نحو 4,5 في المائة، وهو المستوى ذاته المتوقع خلال سنة 2025، مدفوعا باستمرار دينامية الأنشطة غير الفلاحية. وقالت إنه 'يمكن مراجعة هذه التوقعات في حال تدهور آفاق النمو العالمي، خاصة في الاتحاد الأوروبي، بسبب تداعيات التوترات الجيوسياسية، أو في حال تسجيل محصول فلاحي أقل من المتوسط'. وأبرزت السيدة فتاح أيضا أن البرمجة الميزانياتية للسنوات الثلاث المقبلة ترتكز على ضبط عجز الميزانية في مستوى 3 في المائة من الناتج الداخلي الخام، موضحة أنه بناء على مسار عجز الميزانية المستهدف من خلال هذه البرمجة الميزانياتية، يتوقع أن يواصل معدل الدين منحاه التنازلي على المدى المتوسط، لينخفض من 67,7 في المائة من الناتج الداخلي الخام سنة 2024 إلى حوالي 64 في المائة مع نهاية سنة 2028، حيث سيمكن هذا التوجه من تعزيز استدامة المديونية واستعادة الهوامش المالية. وفي سياق ذي صلة، لفتت الوزيرة إلى أن تنفيذ قانون المالية لسنة 2025، وإعداد مشروع قانون المالية لسنة 2026، والبرمجة الميزانياتية للثلاث سنوات المقبلة، تتم في سياق دولي يتسم باستمرار حالة عدم اليقين، في ظل توالي وتنامي التوترات الجيوسياسية وتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي. ورغم هذا السياق المعقد، تضيف المسؤولة الحكومية، أبانت المالية العمومية عن درجة عالية من الصمود والاستدامة، بفضل التدابير الاستباقية التي اعتمدتها الحكومة، والاختيارات الاستراتيجية الهادفة إلى الحفاظ على التوازنات الماكرو-اقتصادية، مع ضمان استمرارية تمويل البرامج الاجتماعية، ودعم الاستثمار، وخلق فرص الشغل. وشددت على أن الحكومة، وهي تواصل تفعيل التوجيهات الملكية السامية، تسعى إلى تنفيذ الأولويات الاستراتيجية، وتسريع وتيرة الإصلاحات الكبرى، مع الحرص على ملاءمة السياسات العمومية مع تطورات السياقين الوطني والدولي. ح/م

زيارة تبون إلى إيطاليا تربك الإعلام الفرنسي
زيارة تبون إلى إيطاليا تربك الإعلام الفرنسي

الخبر

timeمنذ 4 ساعات

  • الخبر

زيارة تبون إلى إيطاليا تربك الإعلام الفرنسي

تدفع الأزمة الدبلوماسية العميقة بين الجزائر وباريس، المتابعين في فرنسا للاهتمام بكل صغيرة وكبيرة عما يجري في الجزائر. لذا شكلت زيارة رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، إلى إيطاليا، مادة دسمة للكثير من القنوات التلفزيونية، إذ عمد، من خلالها، معلقون إلى المقارنة بين المحورين: الجزائر - روما والجزائر - باريس. فقد خصصت قناة "سي نيوز" المتطرفة، جزءا هاما من حصصها الإخبارية للحدث، وكانت أكثر وسائل الإعلام الفرنسية تحسرا أمام صور الزيارة الإيطالية والعقود التجارية التي أبرمت. فقال الصحفي، لويس دو راغنال، وهو يعلق على صور استقبال جورجيا ميلوني، رئيسة مجلس الوزراء الإيطالي، الرئيس تبون بقصر "دوريا": "مؤلم ومهين بالنسبة لنا كفرنسيين مشاهدة هذه الصور، ميلوني تدافع عن مصالح بلدها ويظهر أنها لا تخاف منا". وبحسب الصحفي، على جورجيا ميلوني أن تطلب الإذن من باريس لنسج علاقات مع الجزائر، متناسيا، وكم ذكّره بعض السياسيين المعارضين في فرنسا، أن الجزائر تحصلت على استقلالها سنة 1962. وركز المتحدث أيضا، على مراسم الاستقبال التي خُص بها رئيس الجمهورية، قائلا: "شاهدوا كيف تم استقبال الرئيس الجزائري، الإيطاليون لم يحاولوا حتى أن تكون زيارة بسيطة". من جانبها، ركزت يومية "لوموند"، في تغطيتها للحدث، على العقود والاتفاقيات التي أبرمت خلال الزيارة، مشيرة إلى أنه، في مجال الطاقة فقط، فاقت القيمة المليار دولار. ومررت اليومية المسائية رسائل بين السطور على أن إيطاليا استغلت وضع العلاقات بين الجزائر وفرنسا للمرور إلى السرعة القصوى، لتكون نقطة دخول الغاز والبترول الإفريقي وبالأخص الجزائري إلى أوروبا، وذكرت أن روما أحسنت بناء علاقات مع الجزائر، التي أصبحت ممونها الأول من الطاقة بعد توقف الإمدادات الروسية، عقب اندلاع النزاع في أوكرانيا. ولم يفوّت كاتب المقال التذكير، بأن التقارب الجزائري - الإيطالي يتقوى، في وقت تعرف فيه العلاقات بين فرنسا والجزائر أزمة غير مسبوقة منذ صائفة 2024. أما موقع قناة "فرانس 24" فلم يكتف بتمرير رسائل ضمنية، بل قارن مباشرة بين الفرق الكبير بين حالة العلاقات بين البلدين، فورد في مقال الموقع: "شراكة في قطاع الغاز، البترول، الرقمنة، تعاون في مجال الدفاع ومكافحة الإرهاب والهجرة السرية.. زيارة عبد المجيد تبون إلى روما تبصم على علاقات ممتازة بين الجزائر وإيطاليا، في حين أنها (العلاقات) مع باريس في نقطة الصفر".

بينهم 110 عائلات عالقة في مصر.. المركز الأمريكي للعدالة يحمّل واشنطن مسؤولية التخلي عن شركائها في اليمن
بينهم 110 عائلات عالقة في مصر.. المركز الأمريكي للعدالة يحمّل واشنطن مسؤولية التخلي عن شركائها في اليمن

خبر للأنباء

timeمنذ يوم واحد

  • خبر للأنباء

بينهم 110 عائلات عالقة في مصر.. المركز الأمريكي للعدالة يحمّل واشنطن مسؤولية التخلي عن شركائها في اليمن

أطلق المركز الأمريكي للعدالة (ACJ) نداءً رسمياً إلى وزارة الخارجية الأمريكية، محذراً من كارثة إنسانية محدقة تطول أكثر من 110 عائلات يمنية من موظفي السفارة الأمريكية السابقين في صنعاء، والذين يقيمون حالياً في جمهورية مصر دون مأوى آمن أو مورد للعيش أو حماية قانونية، بعد سنوات من الخدمة لصالح الحكومة الأمريكية في واحدة من أخطر البيئات في العالم. وفي رسالة رسمية بعث بها المركز، كشف عن انهيار تام في أوضاع هذه العائلات التي فرت من جحيم مليشيا الحوثي، بعد أن تعرض عدد من أفرادها للاختطاف والإخفاء القسري والاحتجاز التعسفي، ليجدوا أنفسهم بعد الفرار إلى مصر في دائرة جديدة من المعاناة والصمت الدولي. ووفقًا للرسالة، فقد توفي أربعة من أرباب هذه الأسر خلال الشهور الماضية، نتيجة أمراض لم تُعالج، وظروف نفسية قاسية، وحرمان مزمن من الرعاية الصحية، مشيرة إلى أنه مع غياب المعيل والدخل، أصبحت أسرهم مهددة بالتشرد والجوع، بلا دعم أو تدخل يُذكر من أي جهة رسمية أمريكية. وتشير المعطيات إلى أن العائلات تعيش اليوم في ظروف أقرب إلى الهامش الإنساني الكامل، فالإقامات منتهية، والمدارس مغلقة في وجه الأطفال، والمستشفيات ترفض استقبال المرضى، في وقت تتجاوز فيه تكلفة تجديد الإقامة 150 دولاراً للفرد كل 6 أشهر، فيما تبلغ كلفة الإيجار الشهري نحو 200 دولار، وهو ما أصبح خارج متناول هذه الأسر المنهكة. وفي وصف دقيق لحالة التهميش، أكدت الرسالة أن العديد من العائلات باتت تعتمد على وجبة واحدة في اليوم، بينما اضطرت أسر أخرى إلى بيع ما تبقى من مقتنياتهم الشخصية، فقط ليؤخروا لحظة الانهيار. المركز الأمريكي للعدالة لم يكتف بسرد المعاناة، بل حمّل وزارة الخارجية الأمريكية مسؤولية سياسية وأخلاقية تجاه أولئك الذين خدموا سفارتها في صنعاء قبل إغلاقها عام 2015، ودعا إلى إجراءات فورية لإنقاذ من تبقى، من خلال تفعيل برامج إعادة التوطين أو التأشيرات الخاصة مثل SIV وP-2، وتوفير دعم مالي عاجل عبر وكالات الأمم المتحدة أو شركاء دوليين، بالإضافة إلى إنشاء قناة تواصل مباشرة ومنتظمة مع العائلات لمتابعة أوضاعهم. وفي تصريح لافت، قالت رئيسة المركز، لطيفة جامل: "أن تترك الولايات المتحدة موظفيها السابقين في هذا الوضع المذل بعد أن خدموها في واحدة من أكثر البيئات عدائية، هو خذلان لا يمكن تبريره، لا سياسيًا ولا أخلاقيًا." تجدر الإشارة إلى أن هذه العائلات كانت قد أُجلِيَت سابقاً من اليمن بناءً على ترتيبات رسمية بين الخارجية الأمريكية ومنظمة الهجرة الدولية، وبموجب وعود واضحة بأن يُعاد توطينهم داخل الولايات المتحدة خلال فترة لا تتجاوز تسعة أشهر. لكن، ومع مرور الوقت، توقفت معظم الإجراءات، بينما بقيت 110 عائلات في مصر عالقة، في ظل صمت طويل وأمل يتآكل.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store