logo
الفقر يطرق أبواب اللبنانيّين بقوّة!

الفقر يطرق أبواب اللبنانيّين بقوّة!

MTVمنذ 19 ساعات
في بلدٍ بات كلّ شيء يُسعّر بالدولار، فيما الرواتب تتراجع قيمتها مع الارتفاع المُستمرّ في الأسعار، يبدو الحديث عن حياة كريمة أشبه بالترف، في مشهد قاتم يُنذر بما هو أسوأ، في حال استمرّت المراوحة على مستوى معالجة الأزمة من جذورها.
تدفع مشهدية تراجع القدرات الشرائية للمواطن البعض إلى التحذير من انفجار اجتماعي، حيث إنّ متطلّبات الحياة الأساسيّة تفرض أنْ يكون الحدّ الأدنى الفعلي للعيش الكريم ما لا يقلّ عن 1500 دولار، في ظلّ التكاليف الفعليّة للأسرة. وما نتحدّث عنه اليوم ليس رفاهية، بل لضمان الحدّ الأدنى من الكرامة الإنسانيّة المفقودة.
في ظلّ هذا الواقع، لم يعد الفقر مسألة مرتبطة فقط بالدخل، بل أصبح، وفق تقارير الأمم المتحدة، فقرًا مُتعدّد الأبعاد: يشمل الصحة، التعليم، السكن، وفرص العمل. النتيجة؟ أكثر من 80 % من اللبنانيين يعيشون تحت خط هذا الفقر المركّب.
ضرب القدرة الشرائية
منذ بداية الأزمة الاقتصادية في عام 2019، والانهيار المالي المُستمرّ، والتضخّم المُتصاعد، إضافة إلى احتجاز أموال المودعين في المصارف، ضُربت القدرة الشرائية للمواطن بشكلٍ كبير، وأصبح غير قادر حتى على تلبية حاجاته الأساسية. ووفقًا لأحدث تقارير "الإسكوا"، "فإنّ نسبة الفقر المتعدّد الأبعاد تجاوزت 80 % من الشعب اللبناني، في حين أن حوالى 40 % يعيشون تحت خطّ الفقر المدقع، أي أن هذه العائلات غير قادرة حتى على تأمين احتياجاتها الأساسية"، وفق ما يُؤكّد الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة لـ "نداء الوطن".
أزمة الاحتكار
لكنّ عجاقة يوضح في هذا الإطار، أنّ "هذه الأسباب ليست وحدها المسؤولة عن تدهور حياة الناس. هناك أيضًا عامل إضافي وهو الاحتكار. السوق اللبنانية هي سوق احتكارية بامتياز، وهذا الاحتكار يشمل كلّ شيء بلا استثناء. وبالتالي، فإنّ الحديث عن وجود منافسة في السوق هو أمر غير دقيق، لأن معايير المنافسة غير متوفرة فعليًا".
ويسأل: "كيف نتأكّد من ذلك؟"، ليُشير إلى أنّه "من خلال مراقبة حركة الأسعار أو ما يُعرف بـ "ديناميكية الأسعار"، يتبيّن أنّ المنافسة الفعلية غير موجودة. في الأسواق التي تشهد منافسة حقيقية، ترتفع الأسعار وتنخفض بحسب العرض والطلب. أما في السوق اللبنانية، فالمعادلة مختلفة: الأسعار ترتفع ولكنها لا تنخفض، حتى مع تراجع أسعار النفط مثلًا. هذا وحده مؤشرّ واضح على غياب المنافسة ووجود احتكار".
توترات جيوسياسية
إلى جانب ذلك، يلفت عجاقة إلى أنّ "التوترات الجيوسياسية والحروب الأخيرة ساهمت في التأثير سلبًا على سلاسل التوريد، ما أدّى أيضًا إلى ارتفاع كلفة التأمين على الشحنات المستوردة إلى لبنان، وبالتالي انعكس ذلك على الأسعار، فزاد الضغط على القدرة الشرائية للناس، وبات كثيرون غير قادرين على تلبية احتياجات عائلاتهم".
وهنا يُعطي مثالًا، "فعليًا، عائلة مكوّنة من أربعة أفراد، حتى لو حصلت على الحدّ الأدنى من المساعدات ضمن "الغطاء الخاص" — والذي قد يكون في حدود 50 مليون ليرة، وهذا رقم غير مؤكد ويحتاج إلى تحقق — لن يكون كافيًا. فقط اشتراك المولّد قد يُكلّف 10 ملايين، هذا من دون التطرّق بعد إلى كلفة الطعام أو المدارس أو حتى المياه".
ويرى أنّه "من الواضح أنّ الحدّ الأدنى للأجور في القطاع الخاص لم يعد كافيًا إطلاقًا. أما في القطاع العام، فكلّ الزيادات التي أُقرّت مؤخرًا جاءت على شكل مساعدات لا تدخل في أساس الراتب، وبالتالي فإنّ من يتقاعد في هذه المرحلة، يجد نفسه يتقاضى راتبًا تقاعديًا زهيدًا لا يتجاوز 100 إلى 200 دولار شهريًا، وهو أمر مجحف فعلًا".
أمّا الحدّ الأدنى المطلوب اليوم ليعيش الإنسان بكرامة في لبنان، فيرجّح عجاقة أنّه "لا يمكن أن يقلّ عن 1500 دولار شهريًا". لكنه في المقابل يسأل سؤالًا جوهريًا: "من يضمن أنه إذا تمّ رفع الحدّ الأدنى لهذا المستوى، ألّا يرتفع التضخّم مُجدّدًا؟".
أولويّة الحكومة
علاوةً على ذلك، يرى أنّ "أوّل ما يجب أن تقوم به الحكومة هو مراقبة السوق ومحاسبة المُحتكرين، لأنّ ضبط الأسعار لا يُمكن أن يتمّ من دون كسر بنية الاحتكار وتحقيق منافسة حقيقية"، مشدّدًا على أنّه "يجب أن تكون هناك إجراءات حازمة وجدّية لمعالجة مسألة الاحتكار، لأنّ الطبيعة الاحتكارية تؤدي إلى ارتفاع الأسعار بشكل مستمرّ من دون أن تنخفض مجدّدًا، ما يُفاقم الأزمة المعيشية".
ويتابع: "ثانيًا، من الضروريّ أن تتمّ دراسة إمكانية رفع الأجور في القطاع العام ضمن الإمكانيات المُتاحة، ولكن بالتوازي مع التزام واضح بوقف التوظيف العشوائي، خلافًا لما جرى في عام 2017".
تحفيزات ودعم إضافي
وثالثًا، يلفت إلى أنه "يجب توفير تحفيزات ودعم إضافي للمواطنين، إلى جانب خلق بيئة تساعد على تحقيق نموّ اقتصادي فعليّ. لأن السبيل الوحيد لمُحاربة الفقر ومساعدة الناس هو توفير فرص عمل حقيقيّة تدرّ دخلًا كافيًا لتغطية احتياجاتهم".
ويختم عجاقة حديثه، بالقول: "اليوم، نعيش ضمن هيكليّة اقتصاديّة مُتآكلة، وهذا ما يفسّر لجوء البعض إلى حلول بديلة خارج إطار المنظومة الاقتصادية السليمة. من هنا، وكما ذكرت سابقًا، أصبحت الحاجة ملحّة لإجراء إصلاحات اقتصاديّة حقيقيّة، وإعادة هيكلة النظام المصرفي، وتحفيز المُنافسة، لأنّ المنافسة عنصر أساسي وجوهري في التصدّي للاحتكار".
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

القاهرة للدراسات الاقتصادية: تصدير العقار سيحقق مكاسب كبيرة للدولة المصرية
القاهرة للدراسات الاقتصادية: تصدير العقار سيحقق مكاسب كبيرة للدولة المصرية

صدى البلد

timeمنذ 13 دقائق

  • صدى البلد

القاهرة للدراسات الاقتصادية: تصدير العقار سيحقق مكاسب كبيرة للدولة المصرية

قال الدكتور عبد المنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إن ملف تصدير العقار أحد أهم الملفات التي يمكن أن يكون باب لزيادة الحصيلة الدولارية للدولة المصرية لاسيما في ظل إقبال الأجانب على شراء وحدات سكنية وفندقية بالعديد من المشروعات. وأضاف مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية، في تصريحات خاصة لـ"صدى البلد" أن شراء الأجانب وغير المقيمين للعقار في مصر تجاوز الـ 1.6 مليار دولار خلال عام 2024، وهذا الرقم قابل للزيادة خلال العام الجاري خاصة بعد الإعلان عن مبادرة تصدير العقارات التي أطلقتها مصر في العام الماضي. وتابع: "تنوي الحكومة المصرية تأسيس شركة متخصصة بإدارة أنشطة تصدير وتأجير العقار في مصر بالنقد الأجنبي بعائدات متوقعة ما بين 3 إلى 5 مليارات دولار سنويا قابلة للزيادة وهو ما سيعتمد على تصدير العقارات بمعدلات كبيرة، وذلك وفق وثيقة التوجهاتِ الاستراتيجية للاقتصاد المصري خلال الفترةِ 2024- 2030، والتي أعلنت عنها". وأوضح الدكتور عبد المنعم السيد، أن تصدير العقار سيحقق مكاسب كبيرة للدولة المصرية، مثل زيادة الحصيلة الدولارية وأيضا سيزيد من الطلب على الوحدات الفاخرة مما يجعل السوق العقاري في حالة نشاط وإنتاج عقارات بشكل مستمر، وهذا الطلب المتزايد على العقار سيجعل المطورين العقاريين يزيدون من الإنشاء والبناء مما يجعل مصانع مواد ومستلزمات البناء من حديد وأسمنت و سيراميك و رخام و الوميتال و دهانات وأدوات كهرباء وغيرها تزيد من إنتاجها مما يساهم في زيادة حجم الناتج المحلي الإجمالي الذي يمثل قطاع العقار 20% منه، كما أن القطاع العقاري أحد القطاعات الجاذبة للعمالة وبالتالي الحركة في هذا القطاع تساعد علي تخفيض معدلات البطالة في السوق المصري البالغة 6,8%. تسويق العقار المصري في الخارج وأكد مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية، أن زيادة تصدير العقار يحتاج الى ضرورة اتخاذ إجراءات لتنفيذ تصدير العقار بما في ذلك تقديم تسهيلات وتطوير استراتيجية متكاملة لتسويق العقار المصري في الخارج مع تحديد الأسواق المستهدفة وتصنيف الوحدات المعروضة على نظام إلكتروني موحد، و تنظيم السوق العقاري في مصر وأيضا إنشاء منصة إلكترونية للمعاملات والتسجيل بالإضافة إلى تنظيم عمل السماسرة ومنح تراخيص لهم ووضع ضمانات لقيام المطورين بأعمال الإنشاءات والبناء وفقا للمخطط الزمني والتنفيذ طبقا للمخطط و الرسومات الهندسية. وأشار إلى ضرورة وضع نماذج للعقود البيع الابتدائية و النهائية بين المطورين وبين مشتري الوحدات تضمن حقوق المشتري وتحافظ على أمواله دون الإخلال بحقوق المطور الملتزم، بالإضافة إلى تسريع إجراءات التسجيل في الشهر العقاري للوحدات أو من خلال إنشاء سجل ملكية موحد، مع تيسير إجراءات التسجيل ونقل الملكية، مضيفا أن كل هذه الإجراءات من شأنها زيادة الثقة في القطاع العقاري المصري وزيادة حجم البيع و التوسع فيه داخليا وخارجيا خاصة أن الدولة المصرية تشهد حاليا تطور كبير وملحوظ في إنشاء المدن السياحية وغير السياحية في العديد من المناطق مثل مدينة العلمين ومدينة رأس الحكمة بالساحل الشمالي بوجه عام بالإضافة إلى المدن الداخلية بالقاهرة الكبرى مثل العاصمة الإدارية والقاهرة الجديدة ومدينة الشيخ زايد وغيرها من المناطق الجاذبة للنمو السكاني وتصدير العقار.

أمريكا تعلن عن تمويل مليار دولار لقطاعي المعادن الحرجة والمواد الخام
أمريكا تعلن عن تمويل مليار دولار لقطاعي المعادن الحرجة والمواد الخام

صوت بيروت

timeمنذ 28 دقائق

  • صوت بيروت

أمريكا تعلن عن تمويل مليار دولار لقطاعي المعادن الحرجة والمواد الخام

قالت وزارة الطاقة الأمريكية، اليوم الأربعاء 'إن إدارة الرئيس دونالد ترامب ستوفر تمويلا مليار دولار لتسريع نمو قطاعي المعادن الحرجة والمواد الخام في الولايات المتحدة'. وأضافت الوزارة في بيان أنها ستصدر إشعارات بفرص التمويل لتطوير تقنيات التعدين والمعالجة والتصنيع في سلاسل توريد المعادن الحرجة والمواد الخام وتوسيع نطاقها.

غوغل ستنفق 9 مليارات دولار لتوسيع بنية الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية
غوغل ستنفق 9 مليارات دولار لتوسيع بنية الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية

النشرة

timeمنذ 44 دقائق

  • النشرة

غوغل ستنفق 9 مليارات دولار لتوسيع بنية الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية

اعلنت شركة غوغل التابعة لألفابت، إنها ستنفق تسعة مليارات دولار إضافية في ولاية أوكلاهوما على مدى العامين المقبلين لتوسيع البنية التحتية للحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي. وستبني الشركة مركزا جديدا للبيانات في ستيلووتر وستوسع منشأتها في براير لدعم الطاقة الاستيعابية للذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية في الولايات المتحدة إلى جانب برامج للتعليم والقوى العاملة. وتسلط الخطة الضوء على المنافسة المتزايدة بين شركات التكنولوجيا الكبرى لتحظى بمواقع ومواهب وسط الطلب المتزايد على خدمات الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store