logo
بوصلتك نحو قيادة الأعمال في السوق العُماني

بوصلتك نحو قيادة الأعمال في السوق العُماني

جريدة الرؤية٠٧-٠٥-٢٠٢٥

د. سلام محمد سفاف
dr.salamsafaf@gmail.com
"اكتشف كيف حوّلت شركات عُمانية ناشئة تخطيطها الاستراتيجي إلى ميزة تنافسية حتى في أصعب الأزمات!"
كم من شركات عُمانية بدت واعدةً في انطلاقتها، ثم اختفت فجأةً من السوق؟ كم من خططٍ طموحةٍ وُضعت باهتمامٍ، لكنها تحولت إلى مجرد وثائقَ منسية في الأدراج؟
في ظلِّ تسارع التحولات الاقتصادية والتكنولوجية والتنافسية في السوق العُماني، تواجه الشركات - سواءً كانت كبرى أو ناشئة - تحديًا حاسمًا: كيف تُحول الخطط الاستراتيجية من مجرد نصوص نظرية إلى محركات فعلية للنمو والاستدامة؟
فمع أن معظم القادة يدركون أهمية التخطيط الاستراتيجي، إلا أن العديد منهم يقع في فخ "الفجوة التنفيذية"
في هذه المقالة، سنكشف الأخطاء القاتلة التي تجعل 70% من الاستراتيجيات تفشل في التنفيذ حسب إحصاءات معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT للأبحاث، ولعل أهمها هو:
التخطيط "الساكن" غير المرن: العديد من الشركات تضع خططًا استراتيجية لمدة 5 سنوات بدون مراجعة دورية، بينما السوق العُماني يتغير بسرعة مثل التحول الرقمي، وتقلبات أسعار النفط. فبعض شركات المقاولات العُمانية واجهت خسائر كبيرة بعد ارتفاع أسعار الحديد عالميًا عام 2021 لأنَّ خططها لم تتضمن سيناريوهات لإدارة مخاطر التوريد.
الفصل بين التخطيط والتنفيذ: تضع الإدارة العليا الخطة بمعزل عن الفرق التنفيذية، مما يؤدي إلى مُقاومة التغيير من الموظفين، وعدم فهم الأهداف على أرض الواقع.
الاعتماد على "الحدس" بدلًا من البيانات: بعض رواد الأعمال العُمانيين يعتمدون على التجربة الشخصية أو نماذج نجاح قديمة دون تحليل بيانات السوق الحالي.
إهمال تحليل المنافسين والمحيط الخارجي: بعض الشركات لا تستخدم أدوات مثل PESTEL أوPorter's Five Forces لفهم التهديدات الخارجية.
وفيما يلي إرشادات عملية لتطبيق التخطيط الاستراتيجي الفعال:
حول استراتيجيتك إلى "خطة حيَّة" من خلال استخدام إطار OKR (أهداف ونتائج رئيسية) ، وما عليك إلا أن تحدد ثلاثة أهداف سنوية، وقسم كل هدف إلى نتائج ربع سنوية، ثم راجع التقدم شهرياً مع فريقك. وتذكر أن الشركات التي تراجع خطتها بشكل ربع سنوي ترتفع أرباحها بنسبة 30% وفق دراسة أعدتها مجلة هارفارد بزنيس ريفيوHarvard Business Review.
استثمر في تحليل البيانات، لا تعتمد على تخمين سلوك عملائك، بل ادرس بيانات مبيعاتك وردود أفعال عملائك على وسائل التواصل الاجتماعي.
اجعل فريقك جزءاً من الخطة وتابع عقد ورش عمل شهرية معهم ولا تتردد بسؤالهم حول العوائق التي تحول دون تنفيذ الخطة الاستراتيجية.
خصِّص 5% من ميزانيتك للاستعداد للمخاطر، واحتفظ باحتياطي مالي للتكيف مع تغيرات البيئة الخارجية كأسعار المواد الخام.
ادرس منافسيك بطريقة ذكية وشكل فريقاً لتتبع استراتيجياتهم وتحليل سلوكهم في السوق، وخصص ميزانية للتخطيط الاستراتيجي، فهذا ليس ترفاً أكاديمياً بل هو ضرورة حتمية للنمو، وتذكر بعدم جدوى نسخ الاستراتيجيات غير المناسبة للسوق العماني.
قُمْ بقياس الأداء شهرياً (وليس سنوياً!) من أجل تتبع معدل رضا العملاء ونسب التنفيذ، وركز على أهمية ربط كل هدف استراتيجي بمؤشرات أداء تقيس مدى تقدم تنفيذه على الأرض، وتكشف عن الثغرات التي تُعيق النمو.
كيف تجعل التخطيط الاستراتيجي محركًا للأرباح؟
كيف فعلتها مجموعة بهوان؟
خلال سبعة عقود (1965-2025)، تحولت مجموعة بهوان العُمانية من شركة تجارية متواضعة إلى نموذجٍ عالميٍ بفضل مرونتها وقدرتها على اكتشاف الفرص والاستعداد الدائم لها، وذلك من خلال استثمارها بالتخطيط الاستراتيجي الديناميكي فهي لم تنجو أمام الأزمات التي واجهتها لأنها الأكبر أو الأقدم، بل لأنها الأكثر مرونة واستعداداً. لقد كان الشيخ سعود بهوان رئيس مجلس الإدارة المؤسس يقول دائماً: "إن التميز ليس مسألة تأتي بمحض الصدفة، إنه مسألة خيار، وهو شيء لا ننتظر وصوله بل يجب علينا تحقيقه".
لقد اكتشفنا معاً أن سرّ نجاح مجموعة بهوان لم يكن في حجم مواردها، بل في كيفية استخدامها لتخطيط ديناميكي، يعتمد على:
- المرونة الاستراتيجية والمراجعة المستمرة بدلاً من التخطيط الجامد، حيث تجري المجموعة التحليل الاستراتيجي سنوياً للتنبؤ بالتحديات واستثمار الفرص الناشئة مثل دخول قطاع تحلية المياه.
- تحليل البيانات بدلاً من التخمين لاتخاذ القرارات، فقد استثمرت في برامج ولاء العملاء بناءً على بيانات الشراء مما زاد المبيعات.
- خصصت نسبة من أرباحها للبحث والتطوير والتدريب لمواكبة اتجاهات السوق.
وأخيراً.. في سوقٍ يتغير بسرعة، لم يعد النجاح ضربة حظ، بل نتيجة تخطيط ذكي وتنفيذ مرن، والدرس الأهم هو: أن أغلى استثمار ستبذله ليس في المنتج أو التسويق، بل في التخطيط الاستراتيجي الفعّال، فهو البوصلة التي ستوجه كل قراراتك نحو الربحية والنمو.
*************
** سلسلة مقالات تحوّل المفاهيم النظرية إلى أدوات عملية، تنقلك من أساسيات التخطيط الذكي إلى فنون الصمود أمام العواصف الاقتصادية، وصولاً إلى استشراف المستقبل بجرأة، نقدم لك خلاصة الخبرة الاستراتيجية لتحول التحديات إلى فرص نمو واعدة.
نأمل أن تكون هذه المقالات دليلًا عمليًا لكل قائد يريد أن يصنع مستقبله بيده في السوق العُماني الواعد.
** أستاذ زائر في الكلية الحديثة للتجارة والعلوم
** وزيرة التنمية الإدارية سابقًا بسوريا

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

بوصلتك نحو قيادة الأعمال في السوق العُماني (1)
بوصلتك نحو قيادة الأعمال في السوق العُماني (1)

جريدة الرؤية

timeمنذ 6 أيام

  • جريدة الرؤية

بوصلتك نحو قيادة الأعمال في السوق العُماني (1)

د. سلام محمد سفاف "اكتشف كيف حوّلت شركات عُمانية ناشئة تخطيطها الاستراتيجي إلى ميزة تنافسية حتى في أصعب الأزمات!" كم من شركات عُمانية بدت واعدةً في انطلاقتها، ثم اختفت فجأةً من السوق؟ كم من خططٍ طموحةٍ وُضعت باهتمامٍ، لكنها تحولت إلى مجرد وثائقَ منسية في الأدراج؟ في ظلِّ تسارع التحولات الاقتصادية والتكنولوجية والتنافسية في السوق العُماني، تواجه الشركات - سواءً كانت كبرى أو ناشئة - تحديًا حاسمًا: كيف تُحول الخطط الاستراتيجية من مجرد نصوص نظرية إلى محركات فعلية للنمو والاستدامة؟ فمع أن معظم القادة يدركون أهمية التخطيط الاستراتيجي، إلا أن العديد منهم يقع في فخ "الفجوة التنفيذية" في هذه المقالة، سنكشف الأخطاء القاتلة التي تجعل 70% من الاستراتيجيات تفشل في التنفيذ حسب إحصاءات معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT للأبحاث، ولعل أهمها هو: التخطيط "الساكن" غير المرن: العديد من الشركات تضع خططًا استراتيجية لمدة 5 سنوات بدون مراجعة دورية، بينما السوق العُماني يتغير بسرعة مثل التحول الرقمي، وتقلبات أسعار النفط. فبعض شركات المقاولات العُمانية واجهت خسائر كبيرة بعد ارتفاع أسعار الحديد عالميًا عام 2021 لأنَّ خططها لم تتضمن سيناريوهات لإدارة مخاطر التوريد. الفصل بين التخطيط والتنفيذ: تضع الإدارة العليا الخطة بمعزل عن الفرق التنفيذية، مما يؤدي إلى مُقاومة التغيير من الموظفين، وعدم فهم الأهداف على أرض الواقع. الاعتماد على "الحدس" بدلًا من البيانات: بعض رواد الأعمال العُمانيين يعتمدون على التجربة الشخصية أو نماذج نجاح قديمة دون تحليل بيانات السوق الحالي. إهمال تحليل المنافسين والمحيط الخارجي: بعض الشركات لا تستخدم أدوات مثل PESTEL أوPorter's Five Forces لفهم التهديدات الخارجية. وفيما يلي إرشادات عملية لتطبيق التخطيط الاستراتيجي الفعال: حول استراتيجيتك إلى "خطة حيَّة" من خلال استخدام إطار OKR (أهداف ونتائج رئيسية) ، وما عليك إلا أن تحدد ثلاثة أهداف سنوية، وقسم كل هدف إلى نتائج ربع سنوية، ثم راجع التقدم شهرياً مع فريقك. وتذكر أن الشركات التي تراجع خطتها بشكل ربع سنوي ترتفع أرباحها بنسبة 30% وفق دراسة أعدتها مجلة هارفارد بزنيس ريفيوHarvard Business Review. استثمر في تحليل البيانات، لا تعتمد على تخمين سلوك عملائك، بل ادرس بيانات مبيعاتك وردود أفعال عملائك على وسائل التواصل الاجتماعي. اجعل فريقك جزءاً من الخطة وتابع عقد ورش عمل شهرية معهم ولا تتردد بسؤالهم حول العوائق التي تحول دون تنفيذ الخطة الاستراتيجية. خصِّص 5% من ميزانيتك للاستعداد للمخاطر، واحتفظ باحتياطي مالي للتكيف مع تغيرات البيئة الخارجية كأسعار المواد الخام. ادرس منافسيك بطريقة ذكية وشكل فريقاً لتتبع استراتيجياتهم وتحليل سلوكهم في السوق، وخصص ميزانية للتخطيط الاستراتيجي، فهذا ليس ترفاً أكاديمياً بل هو ضرورة حتمية للنمو، وتذكر بعدم جدوى نسخ الاستراتيجيات غير المناسبة للسوق العماني. قُمْ بقياس الأداء شهرياً (وليس سنوياً!) من أجل تتبع معدل رضا العملاء ونسب التنفيذ، وركز على أهمية ربط كل هدف استراتيجي بمؤشرات أداء تقيس مدى تقدم تنفيذه على الأرض، وتكشف عن الثغرات التي تُعيق النمو. كيف تجعل التخطيط الاستراتيجي محركًا للأرباح؟ كيف فعلتها مجموعة بهوان؟ خلال سبعة عقود (1965-2025)، تحولت مجموعة بهوان العُمانية من شركة تجارية متواضعة إلى نموذجٍ عالميٍ بفضل مرونتها وقدرتها على اكتشاف الفرص والاستعداد الدائم لها، وذلك من خلال استثمارها بالتخطيط الاستراتيجي الديناميكي فهي لم تنجو أمام الأزمات التي واجهتها لأنها الأكبر أو الأقدم، بل لأنها الأكثر مرونة واستعداداً. لقد كان الشيخ سعود بهوان رئيس مجلس الإدارة المؤسس يقول دائماً: "إن التميز ليس مسألة تأتي بمحض الصدفة، إنه مسألة خيار، وهو شيء لا ننتظر وصوله بل يجب علينا تحقيقه". لقد اكتشفنا معاً أن سرّ نجاح مجموعة بهوان لم يكن في حجم مواردها، بل في كيفية استخدامها لتخطيط ديناميكي، يعتمد على: - المرونة الاستراتيجية والمراجعة المستمرة بدلاً من التخطيط الجامد، حيث تجري المجموعة التحليل الاستراتيجي سنوياً للتنبؤ بالتحديات واستثمار الفرص الناشئة مثل دخول قطاع تحلية المياه. - تحليل البيانات بدلاً من التخمين لاتخاذ القرارات، فقد استثمرت في برامج ولاء العملاء بناءً على بيانات الشراء مما زاد المبيعات. - خصصت نسبة من أرباحها للبحث والتطوير والتدريب لمواكبة اتجاهات السوق. وأخيراً.. في سوقٍ يتغير بسرعة، لم يعد النجاح ضربة حظ، بل نتيجة تخطيط ذكي وتنفيذ مرن، والدرس الأهم هو: أن أغلى استثمار ستبذله ليس في المنتج أو التسويق، بل في التخطيط الاستراتيجي الفعّال، فهو البوصلة التي ستوجه كل قراراتك نحو الربحية والنمو. ************* ** سلسلة مقالات تحوّل المفاهيم النظرية إلى أدوات عملية، تنقلك من أساسيات التخطيط الذكي إلى فنون الصمود أمام العواصف الاقتصادية، وصولاً إلى استشراف المستقبل بجرأة، نقدم لك خلاصة الخبرة الاستراتيجية لتحول التحديات إلى فرص نمو واعدة. نأمل أن تكون هذه المقالات دليلًا عمليًا لكل قائد يريد أن يصنع مستقبله بيده في السوق العُماني الواعد. ** أستاذ زائر في الكلية الحديثة للتجارة والعلوم ** وزيرة التنمية الإدارية سابقًا بسوريا

بوصلتك نحو قيادة الأعمال في السوق العُماني (2)
بوصلتك نحو قيادة الأعمال في السوق العُماني (2)

جريدة الرؤية

timeمنذ 6 أيام

  • جريدة الرؤية

بوصلتك نحو قيادة الأعمال في السوق العُماني (2)

د. سلام محمد سفاف ** ماذا ستفعل لو انخفضت مبيعاتك 40% فجأةً؟ كيف ستواجه أزمة غير متوقعة كجائحة كورونا؟ في سوق عُمان الذي يشهد تحولات متسارعة - من تقلبات أسعار النفط إلى التغيرات الديموغرافية - لم يعد السؤال هل ستواجه أزمة؟ بل متى؟ وكيف ستكون استجابتك؟ في المقالة الأولى، ناقشنا كيف نبني تخطيطاً استراتيجياً فعالاً أما اليوم سنكتشف كيف نجعل هذه الخطة قادرة على النجاة حتى في أسوأ الظروف، ولابد من الاعتراف بأنَّ الشركات التي تزدهر في الأزمات لا تعتمد على الحظ فقط، بل تبني ما يُسمى بـ "الصمود الاستراتيجي" (Resilience)، فكيف تحول مؤسستك إلى منظمة لا تنجو من الأزمات فحسب، بل تخرج منها أقوى؟" وبداية دعنا نجيب عن الإشكالية التالية: لماذا تفشل معظم الاستراتيجيات أثناء الأزمات؟ باختصار لأنها تعتمد على التخطيط للاستقرار وتمتلك بنية تنظيمية جامدة بشكل يُعارض السمة الرئيسية للأسواق العالمية والمحلية المتغيرة باستمرار، لذلك تجدها تعتمد ثقافة "إطفاء الحرائق" في مواجهة المتغيرات أو الأزمات كبرت أم صغرت، والحقيقة الصادمة أن الأزمات لا تعرف سوى قانونين: 1- الاستعداد للأسوأ ليس تشاؤمًا، بل استراتيجية. 2- الشركات التي تنتظر الأزمة لتتغير.. تنقرض. ونحن نميز بين ثلاثة أنواع من المنظمات في إطار استجابتها للأزمات، وهي: المنظمة الهشة (Fragile)، وهي تتفكك عند مواجهة الصدمات، وتفشل في التكيف بسبب عدم وجود خطط طوارئ، وهيكل صلب غير مرن، واعتماد كلي على ظروف السوق المستقرة، ولنا مثال في ذلك بعض شركات السياحة في صلالة خلال جائحة كورونا، لم يكن لديها سيناريوهات لمُواجهة تراجع معدلات الحجوزات الفندقية بطريقة مفاجئة، وكانت النتيجة أن عددًا منها واجه خطر الإغلاق بحلول عام 2021. المنظمة المقاومة (Resilient)، وهي تنجو من الأزمات لكن دون تحسن أدائها عبر خطط طوارئ تفاعلية، وهيكل تنظيمي قابل للتعديل المؤقت، وقدرة على العودة للحالة الأصلية بعد انقضاء الأزمة، وتقع غالبية المصارف المحلية ضمن هذه المنطقة، خفضت تكاليف التشغيل بنسب محددة بشكل مؤقت وحافظت على الاستقرار خلال جائحة كورونا لكنها لم تطور خدمات رقمية جذرية. أما النوع الثالث فهو محط اهتمامنا اليوم وهي المنظمة المضادة للكسر (Antifragile)، وهو مصطلح يُستخدم لوصف المنظمات التي لا تصمد أمام الصدمات والتقلبات وعدم اليقين فحسب، بل تستفيد منها بالفعل وتتحسن نتيجةً لذلك، وتتمتع بالقدرة على التكيف والتعلم والنمو بقوة استجابةً للضغوط، فمثلًا تعرضت المطاعم لخسائر كبيرة خلال جائحة كورونا بسبب إغلاقها غير أن بعضها استجاب للأزمة بطريقة مغايرة حيث خصصت 20% من مساحتها لإنشاء مطابخ الظل (Cloud Kitchens)، وأطلقت تطبيق توصيل خاص بها، مما زاد مبيعاتها 25% عن فترة ما قبل الجائحة، ودخلت أسواقًا جديدة (التوصيل للمنازل)، وحافظت على هذه الخدمة حتى بعد انتهاء الجائحة. في عالم معقد وغير متوقع، لا يكفي أن تكون المنظمة متينةً ومرنةً، بل يجب أن تسعى جادةً لتكون منظمة مضادة للكسر من خلال تقبل حالة عدم اليقين وتطوير الأنظمة والأدوات للتعامل معها كفرصة للنمو والتطور. والآن، كيف تبني منظمة مضادة للكسر؟ أنشئ "فِرَق الأزمات" الدائمة بحيث تعقد اجتماعًا شهريًا لاختبار سيناريوهات الأزمات. استخدم مبدأ الحد الأدنى من التكيف القابل للتطبيق (Minimum Viable Adaptation) من خلال تخصيص 10% من ميزانيتك لمشاريع تجريبية خلال الأزمات. حوّل الموظفين إلى "كاشفي فرص" وقدم مكافأة للموظفين الذين يقدمون أفكارًا للاستفادة من الأزمات. نفذ اختبارات الضغط الاستراتيجي (Stress Testing) من خلال بناء ثلاثة سيناريوهات لأزمات محتملة، واختبر استجابة كل قسم لها، ثم عدل استراتيجيتك بناءً على النتائج. صمم نموذج "الهوية المرنة" (Flexible Core) من خلال الاحتفاظ بـ 80% من هويتك الأساسية مثل الجودة وتغيير 20% منها لتتلاءم مع الأزمات مثل قنوات التوزيع. مؤسسة الزبير: نموذج عُماني للريادة الاستراتيجية في الأزمات نمت من شركة عائلية عام 1967 لمؤسسة عالمية تضم اليوم أكثر من 30 شركة في قطاعات الصناعة والطاقة والخدمات، وتصنف ضمن أكبر 5 مجموعات أعمال في عُمان حسب تصنيف فوربس الشرق الأوسط. وخلال نموها المضطرد واجهت أزمات كبيرة استجابت لها بذكاء وصمود استراتيجي، فأمام أزمة انخفاض أسعار النفط (2014-2016) عملت على زيادة الاستثمار في الصناعة التحويلية ودخول مشاريع الطاقة المتجددة، وكانت النتيجة نمو إيرادات القطاع الصناعي بنسبة 18% رغم الأزمة. "الميزة التنافسية لمجموعة الزبير لم تكن في حجمها، بل في قدرتها على رؤية الفرص حيث يرى الآخرون مخاطر." أخيرًا.. في عالمٍ مزدحم؛ حيث الأزمات ليست استثناءً؛ بل قاعدةً، تظهر الشركات الحقيقية ليس عندما تكون الرياح مواتية؛ بل عندما تَعصفُ العواصف. مؤسسة الزبير وغيرها من النماذج العُمانية الناجحة علمتنا أن المرونة الاستراتيجية ليست خيارًا؛ بل ضرورة وجودية، وأنها لم تصل إلى القمة بمحض الصدفة فالأزمات تصنع الفرص لمن يستعد لها. "لا تنتظر العاصفة لتتعلم كيف تبني سفينة.. الأذكياء يبنونها أثناء الشمس". ************* ** سلسلة مقالات تحوّل المفاهيم النظرية إلى أدوات عملية، تنقلك من أساسيات التخطيط الذكي إلى فنون الصمود أمام العواصف الاقتصادية، وصولًا إلى استشراف المستقبل بجرأة، نقدم لك خلاصة الخبرة الاستراتيجية لتحول التحديات إلى فرص نمو واعدة . نأمل أن تكون هذه المقالات دليلًا عمليًا لكل قائد يُريد أن يصنع مستقبله بيده في السوق العُماني الواعد . ** أستاذ زائر في الكلية الحديثة للتجارة والعلوم ** وزيرة التنمية الإدارية سابقًا بسوريا

بوصلتك نحو قيادة الأعمال في السوق العُماني
بوصلتك نحو قيادة الأعمال في السوق العُماني

جريدة الرؤية

time٠٧-٠٥-٢٠٢٥

  • جريدة الرؤية

بوصلتك نحو قيادة الأعمال في السوق العُماني

د. سلام محمد سفاف "اكتشف كيف حوّلت شركات عُمانية ناشئة تخطيطها الاستراتيجي إلى ميزة تنافسية حتى في أصعب الأزمات!" كم من شركات عُمانية بدت واعدةً في انطلاقتها، ثم اختفت فجأةً من السوق؟ كم من خططٍ طموحةٍ وُضعت باهتمامٍ، لكنها تحولت إلى مجرد وثائقَ منسية في الأدراج؟ في ظلِّ تسارع التحولات الاقتصادية والتكنولوجية والتنافسية في السوق العُماني، تواجه الشركات - سواءً كانت كبرى أو ناشئة - تحديًا حاسمًا: كيف تُحول الخطط الاستراتيجية من مجرد نصوص نظرية إلى محركات فعلية للنمو والاستدامة؟ فمع أن معظم القادة يدركون أهمية التخطيط الاستراتيجي، إلا أن العديد منهم يقع في فخ "الفجوة التنفيذية" في هذه المقالة، سنكشف الأخطاء القاتلة التي تجعل 70% من الاستراتيجيات تفشل في التنفيذ حسب إحصاءات معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT للأبحاث، ولعل أهمها هو: التخطيط "الساكن" غير المرن: العديد من الشركات تضع خططًا استراتيجية لمدة 5 سنوات بدون مراجعة دورية، بينما السوق العُماني يتغير بسرعة مثل التحول الرقمي، وتقلبات أسعار النفط. فبعض شركات المقاولات العُمانية واجهت خسائر كبيرة بعد ارتفاع أسعار الحديد عالميًا عام 2021 لأنَّ خططها لم تتضمن سيناريوهات لإدارة مخاطر التوريد. الفصل بين التخطيط والتنفيذ: تضع الإدارة العليا الخطة بمعزل عن الفرق التنفيذية، مما يؤدي إلى مُقاومة التغيير من الموظفين، وعدم فهم الأهداف على أرض الواقع. الاعتماد على "الحدس" بدلًا من البيانات: بعض رواد الأعمال العُمانيين يعتمدون على التجربة الشخصية أو نماذج نجاح قديمة دون تحليل بيانات السوق الحالي. إهمال تحليل المنافسين والمحيط الخارجي: بعض الشركات لا تستخدم أدوات مثل PESTEL أوPorter's Five Forces لفهم التهديدات الخارجية. وفيما يلي إرشادات عملية لتطبيق التخطيط الاستراتيجي الفعال: حول استراتيجيتك إلى "خطة حيَّة" من خلال استخدام إطار OKR (أهداف ونتائج رئيسية) ، وما عليك إلا أن تحدد ثلاثة أهداف سنوية، وقسم كل هدف إلى نتائج ربع سنوية، ثم راجع التقدم شهرياً مع فريقك. وتذكر أن الشركات التي تراجع خطتها بشكل ربع سنوي ترتفع أرباحها بنسبة 30% وفق دراسة أعدتها مجلة هارفارد بزنيس ريفيوHarvard Business Review. استثمر في تحليل البيانات، لا تعتمد على تخمين سلوك عملائك، بل ادرس بيانات مبيعاتك وردود أفعال عملائك على وسائل التواصل الاجتماعي. اجعل فريقك جزءاً من الخطة وتابع عقد ورش عمل شهرية معهم ولا تتردد بسؤالهم حول العوائق التي تحول دون تنفيذ الخطة الاستراتيجية. خصِّص 5% من ميزانيتك للاستعداد للمخاطر، واحتفظ باحتياطي مالي للتكيف مع تغيرات البيئة الخارجية كأسعار المواد الخام. ادرس منافسيك بطريقة ذكية وشكل فريقاً لتتبع استراتيجياتهم وتحليل سلوكهم في السوق، وخصص ميزانية للتخطيط الاستراتيجي، فهذا ليس ترفاً أكاديمياً بل هو ضرورة حتمية للنمو، وتذكر بعدم جدوى نسخ الاستراتيجيات غير المناسبة للسوق العماني. قُمْ بقياس الأداء شهرياً (وليس سنوياً!) من أجل تتبع معدل رضا العملاء ونسب التنفيذ، وركز على أهمية ربط كل هدف استراتيجي بمؤشرات أداء تقيس مدى تقدم تنفيذه على الأرض، وتكشف عن الثغرات التي تُعيق النمو. كيف تجعل التخطيط الاستراتيجي محركًا للأرباح؟ كيف فعلتها مجموعة بهوان؟ خلال سبعة عقود (1965-2025)، تحولت مجموعة بهوان العُمانية من شركة تجارية متواضعة إلى نموذجٍ عالميٍ بفضل مرونتها وقدرتها على اكتشاف الفرص والاستعداد الدائم لها، وذلك من خلال استثمارها بالتخطيط الاستراتيجي الديناميكي فهي لم تنجو أمام الأزمات التي واجهتها لأنها الأكبر أو الأقدم، بل لأنها الأكثر مرونة واستعداداً. لقد كان الشيخ سعود بهوان رئيس مجلس الإدارة المؤسس يقول دائماً: "إن التميز ليس مسألة تأتي بمحض الصدفة، إنه مسألة خيار، وهو شيء لا ننتظر وصوله بل يجب علينا تحقيقه". لقد اكتشفنا معاً أن سرّ نجاح مجموعة بهوان لم يكن في حجم مواردها، بل في كيفية استخدامها لتخطيط ديناميكي، يعتمد على: - المرونة الاستراتيجية والمراجعة المستمرة بدلاً من التخطيط الجامد، حيث تجري المجموعة التحليل الاستراتيجي سنوياً للتنبؤ بالتحديات واستثمار الفرص الناشئة مثل دخول قطاع تحلية المياه. - تحليل البيانات بدلاً من التخمين لاتخاذ القرارات، فقد استثمرت في برامج ولاء العملاء بناءً على بيانات الشراء مما زاد المبيعات. - خصصت نسبة من أرباحها للبحث والتطوير والتدريب لمواكبة اتجاهات السوق. وأخيراً.. في سوقٍ يتغير بسرعة، لم يعد النجاح ضربة حظ، بل نتيجة تخطيط ذكي وتنفيذ مرن، والدرس الأهم هو: أن أغلى استثمار ستبذله ليس في المنتج أو التسويق، بل في التخطيط الاستراتيجي الفعّال، فهو البوصلة التي ستوجه كل قراراتك نحو الربحية والنمو. ************* ** سلسلة مقالات تحوّل المفاهيم النظرية إلى أدوات عملية، تنقلك من أساسيات التخطيط الذكي إلى فنون الصمود أمام العواصف الاقتصادية، وصولاً إلى استشراف المستقبل بجرأة، نقدم لك خلاصة الخبرة الاستراتيجية لتحول التحديات إلى فرص نمو واعدة. نأمل أن تكون هذه المقالات دليلًا عمليًا لكل قائد يريد أن يصنع مستقبله بيده في السوق العُماني الواعد. ** أستاذ زائر في الكلية الحديثة للتجارة والعلوم ** وزيرة التنمية الإدارية سابقًا بسوريا

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store