logo
الحكومة تُقرّ خطوات إصلاحية ونقاش حول الحياد وكلام قاسم

الحكومة تُقرّ خطوات إصلاحية ونقاش حول الحياد وكلام قاسم

المدنمنذ 5 ساعات

في بيانٍ صادرٍ عنه، استغرب رئيس الحكومة نواف سلام، الكلام المنسوب إلى أحد الوزراء بأنّه رفض أن تُصدر الحكومة موقفًا ضدّ توريط لبنان في الحرب الدائرة. بينما كان الرئيس سلام قد شدّد أكثر من مرة أنّ الموقف اللّبنانيّ ثابت في رفض زجّ لبنان او إقحامه بأي طريقة من الطرق في الحرب الإقليمية الدائرة، مذكّرًا بأن مواقفه تعبّر عن سياسة الحكومة وهو المخول دستوريًّا النطق باسمها. وطالب الجميع بالترفع عن المزايدات في هذه الظروف الدقيقة الّتي تمرّ بها البلاد.
وكان قد أُفيد بأن موقف أمين عام حزب الله نعيم قاسم، قد أُثير في جلسة مجلس الوزراء، عصر اليوم، إذ بادر وزير الخارجيّة يوسف رجّي إلى مطالبة الحكومة باتخاذ موقف من هذا الكلام الذي يهدّد بالتسبب بآثارٍ دوليّة سلبيّة على لبنان. وأثار مطلب رجّي نقاشًا حادًا وأجاب رئيس الحكومة نواف سلام بأنه سبق له أنّ أصدر بيانًا يؤكّد فيه رفض الانجرار إلى الحرب. ولكن رجّي اعتبر أنّ ذلك لا يكفي ويجب صدور موقف عن الحكومة، وفيما أيّد عدد من الوزراء مطلب رجّي لم يوافق مجلس الوزراء على تبني مطلبه.
جلسة حكوميّة
وخلال جلسته الّتي انعقدت في السّراي الحكوميّ، باشر مجلس الوزراء مناقشة مشروع تصميم وإنشاء وتأهيل وتشغيل مطار رينيه معوّض (القليعات) وفق آليّتَي BOT وDBOT، إلى جانب دراسة تعديل قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP). وأكّد وزير الإعلام بول مرقص، خلال تلاوته مقرّرات الجلسة، أنّ المجلس أنّ المشروع لم يُؤجَّل كما تردّد، بل أُدرِج على جدول أعمال الجلسة المقبلة لاستكمال البحث والتنسيق مع الجهات المعنية. كذلك وافق المجلس على تحديد الأصول المتعلّقة بإدارة ومراقبة إنشاءات الصرف الصحّي، وأقرّ إعداد دفاتر شروط لتقييم أصول وزارة الاتصالات، وهيئة "أوجيرو"، وشركتَي الخلوي المشغّلَتَين، على أن يُعاد طرح الملف أمام المجلس بعد استكماله.
وفي ملف التربية، صادق المجلس على تأمين استمرارية إشغال المدارس الرسمية المُستأجرة، وشكّل لجنة وزارية لدرس أوضاع المباني المستأجرة من الدولة واقتراح الحلول المناسبة. وعلى صعيد التعاون الخارجيّ، أقرّ المجلس اتفاقيتَين مع دولة قطر: الأولى في مجال الشباب والثانية في مجال الرياضة. كما عيّن المجلس ممثّلاً للدولة في مجلس إدارة مصرف الإسكان، وأقرّ ترحيل المواد الكيميائية المنتهية الصلاحية المخزَّنة في معملي الزوق والجية.
وفي ما يخصّ الموقف اللّبنانيّ من الصراعات الإقليميّة، أوضح مرقص أنّ المجلس ناقش الجوانب الأمنيّة والسّياسيّة بما يتوافق مع البيان الوزاري وخطاب القسم، مؤكّداً التزام الحكومة بسياسة الحياد وصون سيادة لبنان. وختم وزير الإعلام مجدًِّاً التأكيد أنّ البحث في مشروع مطار القليعات سيُستكمل في الجلسة المقبلة "حرصًا على التنسيق الكامل مع الجهات المعنية لضمان حسن التنفيذ ضمن الإطار القانونيّ".
ردّ رسميّ على كلام قاسم
وقبيل الجلسة، أكّد وزير الداخليّة والبلديّات أحمد الحجار، اليوم الخميس، تعليقًا على كلام الأمين العامّ لحزب الله نعيم قاسم، أن "الكلام في الإعلام يختلف عن الواقع، والجميع متّفقون على عدم إقحام لبنان في أيّ حربٍ، والاتّصالات مستمرّة بين رئيس الجمهوريّة جوزاف عون والأجهزة الأمنيّة، كما أنّ قرار الحرب والسّلم بيد الدولة اللبنانيّة".
وعن احتمال إطلاق صواريخ من داخل المخيّمات الفلسطينيّة، التي قد تستخدم ذريعةً لتصعيدٍ عسكريٍّ إسرائيليٍّ ضدّ لبنان، قال الحجار: "لن نسمح لأيّ جهةٍ بإطلاق صواريخ أو القيام بأيّة أعمالٍ عسكريّةٍ من الأراضي اللبنانيّة".
زيارة رسميّة
إلى ذلك، يزور رئيس الحكومة نواف سلام قطر، يوم الاثنين المقبل، للبحث مع كبار المسؤولين في تداعيات الحرب الإسرائيليّة ـ الإيرانيّة على المنطقة عمومًا ولبنان بشكلٍ خاصّ إضافةً إلى المساعدات الّتي تقدمها دولة قطر للبنان.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

"لادي" تطلق "مبادرة الإصلاح الانتخابي في لبنان 2026" بدعم من الاتحاد الأوروبي
"لادي" تطلق "مبادرة الإصلاح الانتخابي في لبنان 2026" بدعم من الاتحاد الأوروبي

النهار

timeمنذ ساعة واحدة

  • النهار

"لادي" تطلق "مبادرة الإصلاح الانتخابي في لبنان 2026" بدعم من الاتحاد الأوروبي

أطلقت الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات (لادي)، بتمويل من الاتحاد الأوروبي، "مبادرة الإصلاح الانتخابي في لبنان 2026"، بهدف فتح النقاش حول أولويات الإصلاح الانتخابي ودعم الجهود السيادية للحكومة اللبنانية ومجلس النواب. وتشمل هذه الأولويات: تعزيز هيئة الإشراف على الانتخابات، إنشاء الميغاسنتر، تعزيز المشاركة السياسية للنساء، وتحسين إجراءات يوم الاقتراع. جاء ذلك خلال مؤتمر وطني عُقد في فندق جفينور روتانا - بيروت، برعاية رئيس مجلس الوزراء الدكتور نواف سلام ممثلاً بنائب رئيس مجلس الوزراء الدكتور طارق متري، وبحضور عدد من النواب وممثلي الهيئات الرسمية والسفراء والمنظمات الدولية والمحلية. في كلمته، قال نائب رئيس مجلس الوزراء الدكتور طارق متري: "لقد جاء في البيان الوزاري التزامنا بالسير في إصلاحات تكرّس الشفافية والمحاسبة في مختلف المجالات، وهذا ينطبق، بطبيعة الحال، على النظام الانتخابي والإدارة الانتخابية، بما ينسجم مع أهداف هذا المؤتمر ومع الدروس المستخلصة من الانتخابات الماضية". وأكد أن "تنوّع المشاركة في هذ المؤتمر يعزّز فرصة تحوّل التوصيات إلى مشاريع إصلاحية تصاغ في مراسيم وقوانين بحسب الحاجة"، معربًا عن إيمان الحكومة بأن "الإصلاح الانتخابي هو مسؤولية جماعية تقتضي التقاء الإرادة السياسية بالخبرة المجتمعية". من جهتها، أكدت سفيرة الاتحاد الأوروبي في لبنان ساندرا دو وال أن الاتحاد الأوروبي قد خصص خلال الخمسة عشر عامًا الماضية نحو 22 مليون يورو لدعم الانتخابات في لبنان، بما في ذلك التوعية الانتخابية والإصلاح الانتخابي والمساعدة التقنية لوزارة الداخلية والبلديات. كما أشارت إلى أن الاتحاد الأوروبي سبق أن أرسل بعثات لمراقبة الانتخابات، وهو على استعداد لتكرار ذلك في العام 2026 عند تلقّي طلب رسمي. وأضافت السفيرة دو وال: "لقد ساهمت هذه البعثات في تقديم عدد من التوصيات لتعزيز نسبة المشاركة وضمان أن تكون الانتخابات نزيهة وشفافة وتُجرى بكفاءة"، مؤكدةً أن هذه التوصيات تشكّل محور النقاشات الجارية اليوم. بدوره، شرح أمين عام "لادي" عمار عبود أن هذه المبادرة "ليست خطوة عابرة، بل نتاج أكثر من 29 عامًا من العمل المستمر للمطالبة بقانون انتخابي يعبّر عن إرادة الشعب ويضمن مشاركة شاملة وفعّالة. كما تمثّل فرصة لمعالجة التحديات البنيوية في النظام الانتخابي عبر إصلاحات قانونية ومؤسساتية وبرسالة ثابتة مفادها أن الإصلاح الانتخابي عملية شمولية، وأن مساهمة كل جزء لا تكفي دون الآخر". وأضاف: "تمثّل هذه المبادرة فرصةً لإجراء إصلاحات انتخابية هيكلية استعدادًا لانتخابات العام 2026، ودفع عجلة التغيير الديمقراطي في لبنان". وتضمّن المؤتمر ثلاث جلسات نقاش متخصصة تناولت الركائز الأساسية للمبادرة الإصلاحية، تمهيدا للانتخابات النيابية في العام 2026. وشكّلت هذه الجلسات منصّة تفاعلية جمعت نوّابًا وخبراء وممثلين عن المجتمع المدني، وأسست لمسار تعاوني نحو إصلاح انتخابي شامل وجدي. الجلسة الأولى تمحورت حول دور هيئة الإشراف على الانتخابات، حيث ناقش المشاركون ضرورة ضمان استقلاليتها القانونية والمالية، وتمكينها من مراقبة الإعلام والإنفاق الانتخابي، وتطبيق القانون بشكل فعّال. أما الجلسة الثانية فناقشت إنشاء مراكز الاقتراع الكبرى (الميغاسنتر) كحل عملي لتسهيل الوصول إلى مراكز الاقتراع، لا سيما للمقيمين خارج دوائرهم الانتخابية. كما تناولت النقاشات البنية التحتية المطلوبة والتعديلات القانونية اللازمة، إضافةً إلى بحث مسألة التمثيل السياسي للنساء، والتأكيد على أهمية إقرار الكوتا النسائية لتعزيز هذا التمثيل. الجلسة الثالثة ركزت على سُبل تحسين إجراءات يوم الاقتراع، مع التأكيد على أهمية توحيد البروتوكولات، وتطوير تدريب الموظفين، وتسهيل وصول ذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن، وضمان الشفافية وسرعة إعلان النتائج.

مفاجأة في إيران بعد اغتيال نصرالله.. تقريرٌ إسرائيلي يعلنها!
مفاجأة في إيران بعد اغتيال نصرالله.. تقريرٌ إسرائيلي يعلنها!

بيروت نيوز

timeمنذ ساعة واحدة

  • بيروت نيوز

مفاجأة في إيران بعد اغتيال نصرالله.. تقريرٌ إسرائيلي يعلنها!

ذكرت صحيفة 'يديعوت أحرونوت' الإسرائيلية، اليوم الجمعة، أنَّ القرار الحاسم لدى إسرائيل في خوض حرب ضد إيران، كان نابعاً من معلومات إستخباراتية مُرعبة، مشيرة إلى أن إيران تسعى لاستعادة نظام صواريخ 'أرض – جو' (سام) التي تم تدميرها في طهران، وذلك باستخدام بطاريات يتم إرسالها من كل أنحاء إيران. وكشف التقرير الذي ترجمهُ 'لبنان24″ أن الموساد الإسرائيليّ عمل على الأراضي الإيرانية لتعطيل أنظمة الدفاع الجوي والصواريخ الباليستية باستخدام صواريخ أرض – أرض قصيرة المدى وطائرات هجومية مسيرة'. وأوضح التقرير أن قوات الأمن الإيرانية التي تُدرك أن 'الموساد الإسرائيليّ' يلعب دوراً حاسماً، تقوم الآن بإجراء عمليات بحث في كل أنحاء طهران في محاولة لتحديد مواقع عملاء الموساد ومقاتليه، وتعتقل الناس بشكل عشوائي في الشوارع. أيضاً، يذكر التقرير أنَّ إيران وجدت نفسها مكشوفة وضعيفة لاسيما بعد اغتيال أمين عام 'حزب الله' السابق السيد حسن نصرالله وأكثر من ذلك بعد انهيار نظام الأسد في سوريا في أواخر العام 2024، وأضاف: 'لقد توصل المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي وأتباعه إلى استنتاج مفاده أنهم مكشوفون، وأن وكلاءهم الرئيسيين، وخاصة حزب الله، غير قادرين على الدفاع عن إيران في حال تعرضها لهجوم من إسرائيل و/أو الولايات المتحدة. في ضوء ذلك، أذن خامنئي لعلمائه بتسريع أنشطة مجموعة الأسلحة النووية، المسؤولة عن تطوير الجهاز المتفجر النووي نفسه، ولاحقاً عن بناء القنبلة أو الرأس الحربي النووي الذي سيُحمل على صاروخ أرض-أرض'. وأكمل التقرير: 'تقول أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية إن نشاط مجموعة الأسلحة قد تسارع بشكل كبير منذ نهاية عام 2024. وقد أُجري هذا النشاط ضمن مجموعات فرعية من العلماء، كلٌّ منها يتعامل مع مكون أو مادة مختلفة مُدرجة في العبوة الناسفة النووية. كان الهدف هو الوصول إلى مرحلة تُنجز فيها كل المجموعات الفرعية مهامها، ومن ثم، في غضون أسابيع قليلة، يُمكن تخصيب اليورانيوم إلى مستوى المادة الانشطارية وتجميع عبوة ناسفة رئيسية منه. في هذه الحالة، ستتجاوز إيران العتبة النووية وتصبح قادرة على تهديد أعدائها بالأسلحة الذرية، خاصةً إذا أجرت تجربة نووية ناجحة'.

خطط ودراسات الجيش الإسرائيلي للحرب على إيران منذ 2021
خطط ودراسات الجيش الإسرائيلي للحرب على إيران منذ 2021

المدن

timeمنذ ساعة واحدة

  • المدن

خطط ودراسات الجيش الإسرائيلي للحرب على إيران منذ 2021

نشر موقع "العربي الجديد" تقريراً للصحفي والباحث الفلسطيني مالك سمارة، شرح فيه كل الخطط والأهداف الإسرائيلية للحرب على إيران المبنية على دراسات للجيش الإسرائيلي، ويقول التقرير:" ثمّة إجماع لدى جنرالات إسرائيل وباحثيها، وكذلك خبراء نوويين، على أن تدمير أصول المشروع النووي الإيراني من الجو غير ممكن. آخر شهادة في هذا الصدد هي من وزير الأمن الإسرائيلي الأسبق الذي كان في صلب المناقشات الداخلية حول ضرب إيران بين 2009 و2012، إيهود باراك، الذي أقرّ، في مقابلة مع "سي أن أن" قبل يومين، بأن الضربات الإسرائيلية "ربّما أخّرت القدرات النووية الإيرانية شهرًا على الأكثر". حتى دخول المقاتلات الأميركية الحرب، وأهمّها قاذفة بي 2، الوحيدة القادرة على حمل قنابل Bunker Buster، وإسقاطها على مفاعل "فوردو" المحصّن على عمق 90 مترًا تحت الأرض في أحد جبال قم، لن يجدي إلا في "شراء بعض الوقت الإضافي"، كما يقول إيريك برور، وهو محلل سابق في "سي آي إيه"، لوكالة "رويترز". السبب الرئيسي في ذلك هو أن المشروع النووي الإيراني يتجاوز المفاعلات إلى التقنيات، "والتي يمكن أن تخبأ في مصنع صغير، أو في أعماق أبعد من فوردو"، كما يقول جيمس أكتون، وهو عالم بريطاني يدير برنامج السياسة النووية في مبادرة كارنيغي للسلام. السؤال البديهي، إذن: لو كان حلّ المسألة النووية الإيرانية غير ممكن عسكريًّا -أقلّه من الجو- فما حسابات إسرائيل، ومعها الولايات المتحدة، من وراء الحرب، ولا سيّما أنها تحظى بتزكية أوروبية لافتة؟ يمكن أن نجد بعض الإجابات في الدراسات العسكرية المنشورة خلال السنوات القليلة الماضية، الصادرة تحديدًا عن معهد "دادو"، وهي مؤسسة بحثية تتبع لجيش الاحتلال، ويكتب فيها ضباط احتياط وآخرون في الخدمة. يعدّ عام 2021 مهمًّا بوصفه نقطة ارتكاز، لأنه العام الذي حظي فيه جيش الاحتلال بميزانية ضخمة لثلاث سنوات، مرصودة لإعداد خطة شاملة من أجل ضرب إيران؛ ويمكن القول إن كثيرًا مما رسم في الخطط والتصورات النظرية يحدث اليوم. قصّ أظافر القط: حزب الله أولويةً تعود استعارة "القط" هذه إلى تهديد مبطن، جرى على لسان وزير الاستخبارات الإيراني السابق، محمود علوي، مطلع عام 2021. خاطب علوي القوى الغربية حينها بالقول: "النووي محرّم في فتوى المرشد، لكن لا يمكن التنبؤ بسلوك قطّ حين يُحشر في الزاوية". لاحقًا في العام ذاته، نشر رئيس معهد "دادو"، العميد عيدان أورتال، دراسة بعنوان "إرهاق القط"؛ وفيها يفصّل استراتيجية شاملة لهزيمة إيران تقوم على ركيزتين: "قصّ أظافر القط، وإرهاقه حتى الانهيار". تذهب هذه الاستراتيجية عكس كثير مما نسمعه في تعليقات الساسة والمحللين عن "ضرب رأس الأخطبوط"، في إشارة إلى إيران، إذ تحدد التهديدات المحيطة، المتّصلة أساسًا بإيران، باعتبارها أولوية، وتحديدًا "حزب الله". ينبع تقدير أورتال هذا من عاملين رئيسيين، أوّلًا أن "الهجوم العسكري الإسرائيلي على إيران لن يلحق إلا ضرراً مؤقتاً ببرنامجها النووي (...) كما أن عمليات التخريب والمعلومات الاستخبارية وحدها لا تكفي لتقويض التهديد الإيراني"؛ وثانيًا أنه "على الرغم من التفوق الاقتصادي والتكنولوجي البيّن لإسرائيل، لكن قدرة إيران على تهديد إسرائيل بالقوة تفوق قدرة إسرائيل بما لا يقاس"، في إشارة إلى الحزام الناري "الأقل كلفة والمؤثر نسبياً" المحاطة به إسرائيل، عبر حركة حماس وحزب الله. إلى ذلك، يرى أورتال أن هزيمة حماس، وحزب الله على وجه الخصوص، من شأنه أن يحقق "ركيزتي" النصر المقترحتين على إيران: "قص أظافر القط وإرهاقه"، ذلك بأنه "حتى بعد صراع واسع النطاق في الشمال، ستبذل إيران جهوداً كبيرة لاستعادة قوتها في لبنان وسورية"، وأيضاً "استثماراً ضخماً في حماية منشآتها من هجوم إسرائيلي متوقع". ومن ثم، فإن "تدمير قاعدة إطلاق النار الإيرانية في لبنان سيجرّ إيران إلى جهود إعادة إعمار مكلفة وطويلة الأمد، وإن كانت ميؤوسًا منها، تحت أعين إسرائيل الساهرة، ومع استخلاص دروس الماضي". ما المطلوب لتحقيق هذه الغاية؟ اللافت أن الجنرال الإسرائيلي لا يتحدث عن "نصر مطلق" هنا، أو حتى هجوم برّي، بل تحديداً "بناء القدرات العسكرية التي تمكّن من هزيمة حزب الله وإزالة التهديد الصاروخي من لبنان"، ثمّ عدم تكرار سيناريو حرب تموز؛ أي إن الهزيمة وفق هذه الرؤية لا تعني تفكيك حزب الله بالكامل، وإنما تفكيك "معادلة الردع" التي حكمت العلاقة معه منذ الانسحاب من جنوب لبنان، والتي بموجبها حظي بأريحية مراكمةِ القوة. نرى هذه الرؤية قائمة اليوم على أرض الواقع، مع انفتاح الساحة اللبنانية أمام الغارات الإسرائيلية بشكل شبه يومي، عدا عن طيرانه الاستطلاعي. تذهب الدراسات الصادرة في الأعوام اللاحقة إلى الاستخلاص ذاته: أولويّة حزب الله لا تكمن فقط في حسابات التهديد الفعلي المباشر، بل في الصراع الأكبر مع إيران. على هذا النحو، يكتب العميد احتياط، مئير فينكل، في دراسة أخرى منشورة عام 2022، أنه في سيناريو حرب متعددة الجبهات "من الصواب أن يكون التركيز على العدو الأقرب والأكثر قدرة، وهو حزب الله"، معتقداً بأن "أي نصر حاسم سيكون أكثر تأثيراً على أعداء إسرائيل الآخرين من ضربة غير حاسمة على إيران". الجنرال احتياط عاموس غلعاد يذهب في الاتجاه ذاته، موصياً بأن يكون الهدف الرئيسي في أية حرب واسعة "هزيمة حزب الله عسكرياً بما يُمكّن من تشكيل حكومة جديدة تُمثل جميع عناصر القوة في لبنان، وتحظى بدعم الغرب ودول الخليج ومساعدتهم، وتُشكّل أيضاً ثقلاً موازناً للنفوذ الإيراني في لبنان". يضيف رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي الأسبق، اللواء يعقوب عميدرور، في دراسة منشورة عام 2022، أنه "على المدى البعيد، سيمنح تدمير هذه القدرات الإيرانية على (الحدود) إسرائيلَ حرية في اتخاذ القرار والتصرف عند الحاجة إلى تدمير القدرة النووية الإيرانية". يكفي هذا لفهم الانسجام الإسرائيلي الراهن، على امتداد العصبتين السياسية والأمنية حول الضربة، والمعبّر عنه، مثلًا، بمشاركة رئيس "الشاباك" المقال، رونين بار، في اجتماعات ما قبل ساعة الصفر. في الواقع، كلّ تلك السيناريوهات المطروحة آنفًا كانت مرصودة لحالات أسوأ، تكون فيها إسرائيل أمام حرب مفتوحة على امتداد الجبهات، وفرضيات تقتضي "سقوط مئات القتلى من الجنود والمدنيين، واحتلالًا مؤقتًا لأراضٍ في شمال البلاد، وأسرى حرب إسرائيليين"، كما يقول فينكل ذاته. كان سيناريو الحرب المتعددة الجبهات هذا أيضًا في صلب خطّة خمسية وضعها رئيس الأركان الأسبق، أفيف كوخافي، وأسماها "تنوفا"، وترمي إلى تجاوز حالة الردع نحو "إلحاق الهزيمة بالمنظمات الإرهابية"، وتوسيع دائرة العمل إلى "الدول المعادية غير المحاذية لإسرائيل". خاضت إسرائيل حربها هذه تواليًا، جبهة تلو جبهة، في سيناريو أكثر تفضيلًا؛ والخطط كانت مرسومة سلفًا. "الاحتواء العدواني" تبعًا لمقاربة "إرهاق القط" ذاتها، يرى أورتال أن هزيمة إيران في محيط إسرائيل القريب سيضعها أمام خيارين "إعادة النظر في سياستها الإقليمية العدوانية، أو الانهيار على نفسها". هنا، ومع مغادرة العقيدة العسكرية إزاء حركات المقاومة مفهوم "الاحتواء السلبي"، وفق خطة "تنوفا"، يقترح أورتال في مقابل ذلك مفهوم "الاحتواء العدواني" في التعامل مع إيران. يوازن هذا النوع من الاحتواء ما بين "حرب حاسمة على الحدود، وسياسة احتواء عدوانية طويلة الأمد في جميع أنحاء المنطقة"، تستتبع استنزاف قدرات إيران في ترميم بنيتها التحتية ودعم وكلائها، على طريقة "الإماتة عبر ألف طعنة صغيرة". لكن ذلك يتطلّب أيضًا "قدرة إسرائيلية على استعراض القوة داخل إيران، رغم الإقرار بمحدوديتها"، بالإضافة إلى "بناء قدرة دفاعية واسعة ونشطة". يذهب المقدّم إيتاي خيمينيز في المسلك ذاته، لكنه يقترح أيضًا "نقل الحرب إلى الأراضي الإيرانية عبر العمل السري"، وكذلك إنشاء "قواعد حصار أمامية، قريبة من الحدود البرية أو البحرية لإيران". بطبيعة الحال، فقد رأينا شيئًا من ذلك أيضًا في الحرب الراهنة؛ ولعلّ مبدأ "استعراض القوة" هذا هو ما يبرّر نشر "الموساد" مقطع فيديو، يفترض أن يبقى طيّ العمل السري، لعملاء له يطلقون طائرات مسيّرة من داخل إيران. في المحصّلة، فإن الاستنزاف المقترح هنا ذو طابع ديناميكي، يجمع ما بين "استعراض القوة" فحسب داخل إيران، وتدمير بنيتها التحتية العسكرية بشكل حيوي وفعلي خارج حدودها. الأصول الداعمة لذلك هو أن "إسرائيل، ليست كما السابق، دولة غنية الآن وتستطيع مواكبة حرب استنزاف كتلك، فيما يظلّ الاقتصاد الإيراني هشًّا"، وفق قراءة أورتال. المنطق الاستراتيجي وراء هذا الطرح، الذي تتفق معه معظم الدراسات اللاحقة أيضًا، هو عدم جدوى أي حرب مباشرة مع إيران بالنظر إلى أن الأخيرة، من جهة، "تمتلك قدرة كبيرة على الاستيعاب والصمود بسبب حجمها ومواردها الوافرة"، كما يكتب عقيدان في مكتب الاستراتيجية والدائرة الثالثة، التي تأسست بموجب خطة "تنوفا"، في دراسة نشرها معهد الجيش بالأحرف الأولى من اسميها؛ ومن جهة أخرى، لأن "إسرائيل لن تتمكن من الحفاظ على قوة عسكرية مؤثرة تشمل قدرة مناورة واسعة النطاق، وضربات (تدمج الاستخبارات والنيران)، ودفاعًا مضادًّا للصواريخ على نطاق كافٍ لتحقيق إنجاز استراتيجي كبير"، كما يكتب العميد فينكل؛ وهذا مع عدم احتساب الخسائر المادية المباشرة من أثر القصف المتبادل. رغم ذلك، تتفق الدراسات الأربع المذكورة عند مبدأ "إظهار القوة"، وإن بشكل مباشر، مع إيران. من هذا المنطلق، يوصي خيمينيز، استشرافًا لحرب ممكنة مع إيران، بالتركيز على "الأهداف ذات القيمة المعنوية"، كالمراكز الحكومية، والقادة، والمؤسسات، وهذا إدراكًا للأفضلية التي تتمتع بها إيران في تعويض الخسائر المادية، والتكلفة الثقيلة للحملات الجوية الإسرائيلة؛ وكذلك خدمة للهدفين الاستراتيجيين المذكورين: دفع النظام إلى نقطة "الانهيار الذاتي" في "أفضل الأحوال"، وفي "أسوئها"، دفعه إلى الإقرار بالمقدرة الإسرائيلية، وقبول توازنات جديدة مع فقدانه أوراق القوة. هذا منطلق من قناعة أن "إيران مصممة على عقيدة براغماتية استراتيجية تقوم على تفكير بعيد المدى"، كما يكتب العقيدان بالأحرف الأولى من اسميها. على هذا النحو، يرى البروفيسور مئير ليتفيك، في دراسة نشرها معهد الجيش، أنه وفق مبدأ الاستنزاف هذا، فإن "الفهم الصحيح لطبيعة التفكير في إيران يفضي إلى استنتاج أن الوقت يعمل ضد النظام هناك، وأن النظام سيضطر إلى تغيير سياسته الحالية إذا أراد البقاء". وهذا متطابق أيضًا مع طرح أورتال، الذي يدعو إلى "استراتيجية تنافسية قائمة على احتواء عسكري وسياسي عدواني لإيران وإجبارها على الاعتراف بفشل استراتيجيتها". ينطوي ذلك أيضًا على اعتراف مقابل "بمكانة إيران الإقليمية". يذهب خيمينز في هذا الاتجاه، ثم يخلص إلى القول: "هل ستكون إيران مستعدة للتنازل عن القضايا التي تُمثل "خطوطًا حمراء" لإسرائيل- البرنامج النووي والتدخل العسكري في بلاد الشام؟ في رأيي، الإجابة هي نعم. إن تحقيق المصالح الجوهرية لإيران -الحفاظ على النظام والاعتراف بمكانتها القوية في المنطقة– يدفع إيران إلى تقديم تنازلات صعبة وعملية، كما أثبتت استعدادها لذلك في الماضي". أيضًا، رأينا تجلّيات من ذلك على أرض الواقع؛ من قبيل ما كشفه قادة في جماعة الحوثيين باليمن عن عرض أميركي بالاعتراف بسلطتهم مقابل الانكفاء عن دعم غزة. كذلك أيضًا، يمكن أن نضع الاغتيال المتكرر للقادة، والتلويح باستهداف المرشد، وإفراغ طهران، وقصف مقرّ التلفزيون الإيراني، ضمن فكرة "الأهداف ذات القيمة المعنوية" التي يقترحها المقدّم خيمينيز، ومن ورائها استراتيجية دفع النظام إلى أحد مصيرين: الانهيار أو المساومة للحفاظ على ديمومته. نموذج الاتحاد السوفييتي فكرة "الاعتراف بمكانة إيران في المنطقة" التي يقترحها خيمينيز ليست بناشزة، بل مشتقة من دروس التاريخ، وقد تبنّتها أيضًا دراسات لاحقة. في واحدة منشورة في مجلة "بين القطبين"، التابعة لجيش الاحتلال، عشية "طوفان الأقصى"، يدعو العميد إيال بيخت إلى اعتماد منهجية مركّبة من نموذجي حرب أكتوبر (المصرية) والحرب الباردة لهزيمة إيران. يستدعي الضابط الإسرائيلي هنا مثال الرئيس المصري، أنور السادات، الذي لم يكسب الحرب بالمطلق في الميدان، لكنه أفلح في دفع عملية سياسية حصل من خلالها على تنازلات. لكن للفروقات الجوهرية في الحالة الإيرانية، الأكثر عقائدية بالطبع، فإنه يقترح نموذجًا هجينًا مع الحرب الباردة، التي يتخللها سباق تسلح استراتيجي وحروب غير مباشرة، ولكن أيضًا، تقدير متبادل من كلّ طرف لمقدرة الآخر. تعدّ هذه المقاربة الهجينة تكثيفًا للأفكار السابقة: تركيز القوة في مواضع ألم إيران من جهة، حتى في داخلها، وتقدير مكانها في الإقليم من جهة أخرى. لكن النهاية المتصوّرة هي ذاتها التي انتهى إليها الاتحاد السوفييتي: الاحتواء، ثم الاستنزاف حتى التفكك. يرى بيخت أن ثمة مشتركات جوهرية بين إيران والاتحاد السوفييتي: العقائدية، والقمعية، والانغلاق الثقافي الدافع إلى الغطرسة، والتوسع الزائد عن المقدرة الاقتصادية الهشة. من هنا، تذهب الدراسة إلى اقتباس نظرية "التوسع المفرط"، التي صاغها المؤرخ والباحث البريطاني، بول كينيدي، والتي ترى علاقة سببية بين تراجع القوى الكبرى عبر التاريخ وتوسعها في تدخلات عسكرية أكبر من سعتها الاقتصادية. لكن رغم ذلك، لم تكن الولايات المتحدة لترى نهاية خصمها الألد في عهد القطبين لولا مزيج من حروب الظل والاعتبار المتبادل. يشرح جون شيتل، في مقال منشور عام 1995 في مجلة "ذا ناشونال إنترست"، كيف أن عهد الانفتاح على الاتحاد السوفييتي، الذي دشّن في سنوات الضعف الظاهري للولايات المتحدة إبّان حرب فيتنام، كان بادئة سلسلة من التقلبات التي أفضت إلى تفكك النظام الشيوعي. دفع هذا الانفتاح السوفييت إلى الانكشاف على ثقافة الغرب، والارتباط الوثيق بأسواقها، حتى دخلوا في حالة من "الارتياح المفرط"، قبل أن يصطدموا بصلف الرئيس الأميركي السابق، رونالد ريغان الذي سدّ عليهم كل المنافذ؛ ثم لم يكن الانهيار بعيدًا. وقع شيء شبيه مع إيران، بعد انفراجة الاتفاق النووي التي حررت مدخراتها في الخارج، وفتحت الأسواق العالمية أمام ثرواتها النفطية والغازية الهائلة؛ قبل أن يسدّها الرئيس الأميركي دونالد ترامب. بين هذه التقلبات العنيفة، من العقوبات إلى الانفراجة إلى الضغط الأقصى فالحرب المباشرة، ربما ينتظر خصوم إيران أن تأتي لحظة الانهيار من تلقاء نفسها. حدود "الصبر الاستراتيجي" كلّ ما ذكر كان مجرد استقراء للرؤية الاستراتيجية الكبيرة تجاه إيران، وتحديدًا من منظورها العسكري -المهني، لا السياسي- وليس تبنّيًا لها. بطبيعة الحال، نرى كثيرًا مما رسم سلفًا يتنزّل على أرض الواقع اليوم، لكن هذا أيضًا لا يعني بالضرورة نجاحه. على المقلب الآخر، فإن لدى إيران، في صورة نظامه الحالي، تاريخ طويل من العناد والمرونة، يمتدّ من حرب السنوات الثماني مع العراق، والتي كانت هي من رفض قرار وقف إطلاق النار فيها بعد صدوره عن مجلس الأمن. لكن الأهم، في الوجه المقابل من الصورة، أن كل تلك المعطيات توثّق حقيقة أن خطط الحرب موضوعة سلفًا، لا على الورق فحسب، بل في العقيدة العسكرية، والموازنة، والرؤية الاستراتيجية الأوسع، وحتى المخيال؛ وأنها عند اللحظة المؤاتية لن تعوزها ذريعة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store