
لماذا حذر إيهود أولمرت من بناء الجيش الإسرائيلي لـ"المدينة الإنسانية" في غزة؟
وكان وزير الدفاع إسرائيل كاتس قال، الأسبوع الماضي، إنه كلف الجيش بالمضي قدما في خطط بشأن تلك المنطقة، التي ستضم جميع سكان غزة، وستُبنى على أنقاض مدينة رفح جنوب غزة، وبمجرد دخول الفلسطينيين إليها، لن يُسمح لهم بمغادرتها، كما تعهد بتنفيذ خطة لهجرة الفلسطينيين من غزة.
وقال أولمرت لصحيفة "غارديان" البريطانية، الأحد عن "المدينة الإنسانية": "ستكون معسكر اعتقال، أنا آسف، إذا تم ترحيل الفلسطينيين إليها، فيمكن القول إن هذا جزء من تطهير عرقي".
وتواصلت شبكة CNN مع مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للتعليق.
الأونروا: الفلسطينيون في غزة يواجهون "خيارات مستحيلة".. الموت جوعا أو التعرض للقتل من أجل الطعاموسبق لأولمرت أن انتقد بشدة سلوك الجيش الإسرائيلي في غزة والقيادة السياسية لبلاده.
وفي مايو/أيار، قال إنه لم يعد قادرًا على الدفاع عن إسرائيل ضد اتهامات بارتكاب جرائم الحرب، وتساءل في مقابلة مع شبكة CNN: " وماذا يعني ذلك إن لم يكن جريمة حرب؟"، وقال إن نتنياهو وأعضاء اليمين المتشدد في حكومته "يرتكبون أفعالًا لا يمكن تفسيرها بأي شكل آخر".
ووفقًا لوزارة الصحة الفلسطينية، قُتل أكثر من 58 ألف شخص في غزة منذ بدء الحرب.
ومع ذلك، فإن أحدث تصريحات أولمرت، الذي شغل منصب رئيس وزراء إسرائيل بين 2006 و2009، تذهب إلى أبعد من ذلك بكثير في انتقاد نوايا البلاد في غزة، خاصة وأن مقارنتها بمعسكرات الاعتقال النازية في إسرائيل تُعتبر أمرا غير وارد لكن أولمرت قال إن هذا هو "التفسير الحتمي" للخطط.
وذكر أولمرت لـ"غارديان": "عندما يبنون مخيمًا يخططون فيه لتطهير أكثر من نصف غزة، فإن الفهم الحتمي لاستراتيجية هذه الخطة هو أنها ليست لإنقاذ الفلسطينيين، بل لترحيلهم ودفعهم ورميهم بعيدا".ووفقًا لمصدر مطلع، نوقشت خطط كاتس لما أسماه "المدينة الإنسانية" في اجتماع مع نتنياهو، الأحد، ولكن بعد أن أفادت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن بناء المنطقة سيستغرق شهورًا ومليارات الدولارات، قال المصدر إن نتنياهو طلب جعل إنشائها أقصر وأقل تكلفة.
وانتقد زعيم المعارضة يائير لابيد، الخطط ووصفها بأنها محاولة من نتنياهو للسماح لشركائه في الحكومة اليمينية المتشددة "بالانطلاق بخيالات متشددة لمجرد الحفاظ على ائتلافه"، و دعا لابيد، في بيان على وسائل التواصل الاجتماعي إلى "إنهاء الحرب وإعادة الرهائن".
وقال المحامي الإسرائيلي في مجال حقوق الإنسان، مايكل سفارد، لـ CNN ،الأسبوع الماضي، إن خطة كاتس "تُعدّ بمثابة تهجير قسري لسكان غزة تمهيدًا لترحيلهم، وأضاف أن "كلا الفعلين يُعدّان جرائم حرب".
وتابع: "إذا نُفّذت على نطاق واسع ، أي على مجتمعات بأكملها، فقد تُعتبر جرائم ضد الإنسانية"، رافضًا فكرة اعتبار أي مغادرة من غزة "طوعية".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


CNN عربية
منذ 6 ساعات
- CNN عربية
البيت الأبيض: ترامب "فوجئ" بتصرفات إسرائيل في غزة وسوريا
(CNN)-- فوجئ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأسبوع الماضي بتصرفات إسرائيل في غزة وسوريا، وفي كلتا الحالتين اتصل برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو "لتصحيح" الأمر، بحسب البيت الأبيض. يؤكد هذا ما وصفته مصادر بأنه ديناميكية متوترة بشكل متزايد بين الزعيمين. وأثارت غارة على الكنيسة الكاثوليكية الوحيدة في غزة الخميس الماضي رد فعل سلبي فوري من ترامب، الذي اتصل هاتفيًا بنتنياهو للتعبير عن استيائه ولضمان إصدار الزعيم الإسرائيلي بيانًا يصف الغارة بالخطأ. فوجئ ترامب أيضًا بغارات جوية إسرائيلية استهدفت مبانٍ حكومية في العاصمة السورية دمشق الأسبوع الماضي في وقت تعمل فيه إدارته على إعادة إعمار الدولة التي مزقتها الحرب. وقالت كارولين ليفيت، المتحدثة باسم البيت الأبيض، للصحفيين، الاثنين: "يتمتع الرئيس بعلاقة عمل جيدة مع بيبي نتنياهو، ويتواصل معه باستمرار. لقد فوجئ بالقصف في سوريا، وكذلك بقصف كنيسة كاثوليكية في غزة". وأضافت: "في كلتا الحالتين، اتصل الرئيس سريعًا برئيس الوزراء لتصحيح الوضع". وأشارت ليفيت إلى جهود وزير الخارجية ماركو روبيو لتهدئة التوترات في سوريا، حيث خفف ترامب العقوبات وأعلن دعمه للرئيس الجديد، الزعيم السابق للمتمردين أحمد الشرع. بيان من دول غربية يُدين تقديم إسرائيل للمساعدات بـ"التنقيط" لسكان غزة و"القتل غير الإنساني"لطالما كانت علاقة ترامب، الذي استضاف نتنياهو في البيت الأبيض في وقت سابق من هذا الشهر، معقدة مع الزعيم الإسرائيلي. فعلى الرغم من كونهما حليفين قويين، إلا أن الرجلين ليسا مقربين شخصيًا، وفقًا لأشخاص مطلعين على العلاقة، وقد شاب العلاقة بينهما أحيانًا انعدام الثقة المتبادلة. ومع ذلك، بدا ترامب أقرب من أي وقت مضى إلى نتنياهو بعد قراره الانضمام إلى الحملة الجوية الإسرائيلية على إيران هذا الصيف. خلال عشاء في القاعة الزرقاء بالبيت الأبيض في وقت سابق من هذا الشهر، قدّم نتنياهو عرضًا مثيرًا برسالة كتبها إلى لجنة نوبل يُرشّح فيها ترامب لجائزة السلام. كان ترامب يأمل أن تُسفر زيارة نتنياهو التي استمرت أربعة أيام إلى واشنطن عن تقدّم في ملف وقف إطلاق النار في غزة، والذي يشمل إطلاق سراح الرهائن الذين لا تزال حماس تحتجزهم، وزيادة كبيرة في كمية المساعدات الإنسانية المسموح بدخولها إلى القطاع المحاصر. وصرّح الرئيس الأمريكي مرارًا قبل الزيارة بأنه يتوقع وقف إطلاق النار خلال هذا الأسبوع. لكن نتنياهو غادر الولايات المتحدة دون الإعلان عن أي اتفاق. والآن - بعد قرابة أسبوع من تقديم الوسطاء لآخر مقترح لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن إلى حماس - لا تزال جميع الأطراف تنتظر ردّ قادة حماس في غزة، وفقًا لمصدرين مطلعين على المفاوضات لشبكة CNN. وقالت حماس في بيان الاثنين إنها "تبذل كل جهودها وطاقاتها على مدار الساعة" للتوصل إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن. راقب ترامب بقلق متزايد حرب غزة التي أودت بحياة المزيد من الأشخاص - بمن فيهم ثلاثة قتلى في تفجير الكنيسة الأسبوع الماضي. غزة: مقتل أكثر من 1000 فلسطيني لدى محاولتهم الحصول على مساعدات منذ مايووقالت ليفيت: "لقد أصبحت رسالة الرئيس بشأن هذا الصراع الذي شهدناه في الشرق الأوسط لفترة طويلة جدًا، والتي أصبحت وحشية للغاية، وخاصة في الأيام الأخيرة، حيث وردت تقارير عن مقتل المزيد من الناس. أعتقد أن الرئيس لا يرغب في رؤية ذلك أبدًا. إنه يريد أن ينتهي القتل". وأشادت ليفيت بجهود الإدارة الأمريكية للسماح بدخول المساعدات إلى غزة، حتى في الوقت الذي أصدر فيه وزراء خارجية 25 دولة غربية إدانة لإسرائيل لقيامها "بتوزيع المساعدات بالتنقيط" على القطاع. وقالت وزارة الصحة في القطاع إن أكثر من 1000 شخص لقوا مصرعهم وهم يسعون للحصول على الإغاثة الإنسانية هناك منذ أواخر مايو/أيار. وجادلت ليفيت قائلة: "الرئيس هو السبب في توزيع المساعدات في غزة من الأساس. إنه يريد أن يتم ذلك بطريقة سلمية، حيث لا تُزهق المزيد من الأرواح". وقالت ليفيت: "إنه وضع صعب ومعقد للغاية ورثه الرئيس بسبب ضعف الإدارة السابقة. وأعتقد أنه يستحق الإشادة... يريد الرئيس أن يرى السلام، وقد كان واضحًا تمامًا في هذا الشأن".


CNN عربية
منذ 9 ساعات
- CNN عربية
دبابات إسرائيلية تتوغل في دير البلح لأول مرة منذ بدء حرب غزة
(CNN)-- توغلت دبابات إسرائيلية الاثنين في منطقة بوسط غزة لم تشهد عمليات برية من قبل خلال الحرب التي استمرت 21 شهرًا، وفقًا لوسائل إعلام إسرائيلية ووكالات إغاثة وشهود عيان. رفض الجيش الإسرائيلي التعليق على عملياته. ومع ذلك، أفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي ببدء العملية. وأضاف أن لواء غولاني "بدأ مناورة برية في منطقة جنوب دير البلح"، سبقتها غارات جوية ومدفعية الليلة الماضية. وأشارت إذاعة الجيش إلى أنه "في هذه المرحلة، تشمل المناورة لواءً واحدًا فقط، ومن المتوقع أن تستمر لعدة أسابيع". وأمر الجيش الإسرائيلي الفلسطينيين، الأحد، بإخلاء منطقة تبلغ مساحتها حوالي 6 كيلومترات مربعة (2.3 ميل مربع) وألقى آلاف المنشورات في دير البلح. وصرّح المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي باللغة العربية، أفيخاي أدرعي، أن الجيش "يواصل العمل بقوة هائلة لتدمير قدرات العدو وبنيته التحتية الإرهابية في المنطقة. وهو يوسع نطاق أنشطته في هذه المنطقة، ويعمل في مناطق لم يعمل فيها من قبل". وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية أن الجيش الإسرائيلي كان مترددًا في الماضي في تنفيذ عمليات برية في دير البلح خوفًا من تعريض حياة الرهائن الناجين للخطر، والذين قد يكونون محتجزين هناك. وقال منتدى عائلات الرهائن، الاثنين، إنه يشعر بالقلق إزاء التقارير التي تفيد ببدء الهجوم، وطالب الحكومة بتوضيح سبب "عدم تعريض الهجوم في منطقة دير البلح الرهائن لخطر جسيم". وأعلنت منظمة "المساعدة الطبية للفلسطينيين" غير الحكومية، التي لديها موظفون في منطقة دير البلح، أن القوات الإسرائيلية شنت "هجومًا بريًا وجويًا" الاثنين. بيان من دول غربية يُدين تقديم إسرائيل للمساعدات بـ"التنقيط" لسكان غزة و"القتل غير الإنساني"وقالت مسؤولة الاتصالات في المنظمة في غزة، مي العواودة، إن الوضع "حرج للغاية". وأضافت العواودة: "يدور القصف في محيط مكتبنا، والمركبات العسكرية على بُعد 400 متر فقط من زملائنا وعائلاتهم". تحدثت شبكة CNN مع أشخاص يغادرون المنطقة، الاثنين، على خلفية انفجارات وقصف مدفعي. وقال العديد منهم إنه كان هناك نيران كثيفة وقصف جوي خلال الليل. وقالت أم علي القايد، التي أضافت أنها غادرت خيمة دون أي متعلقات: "فوجئنا برؤية الدبابات تتجه نحونا مباشرة. لم يكن هناك إنذار مسبق". وأضافت: "أنا أم لأربعة شهداء، وقد نزحت ثلاث مرات". وقال محمد أبو عموس، الذي كان يغادر أيضًا، لشبكة CNN: "أمرونا بالمغادرة. طوال الليل، تنهمر المدفعية والقصف علينا". على خلفية الانفجارات المتواصلة، أشار عاطف أبو موسى إلى قطعة قماش مشمع كان يحملها. "لقد نصبتُ هذه الخيمة 13 مرة. كانت الليلة صعبة للغاية". وقال عبد الله أعور إن عائلته غادرت بلا شيء سوى ملابسهم. وأضاف: "الجوع، والمجاعة، والقتل، والتشريد، وأطفال يموتون أمام أعيننا، كفى". وتابع: "نطلب من العالم مساعدتنا، ونطلب من حماس وقف هذه المهزلة". غزة: مقتل أكثر من 1000 فلسطيني لدى محاولتهم الحصول على مساعدات منذ مايووقالت الأمم المتحدة إن أمر الإخلاء "وجّه ضربة قاصمة أخرى لشريان الحياة الهش أصلاً الذي يُبقي الناس على قيد الحياة في جميع أنحاء قطاع غزة". وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، الاثنين، إن ما يُقدر بـ 50 ألف إلى 80 ألف شخص كانوا في المنطقة في ذلك الوقت، وكثير منهم كانوا بالفعل في مواقع النزوح. وأعلن مكتب أوتشا أن المنطقة المُعلنة حديثًا للإخلاء تشمل العديد من مستودعات المساعدات الإنسانية والمرافق الطبية ومرافق المياه الحيوية، محذرًا من أن "أي ضرر يلحق بهذه البنية التحتية سيكون له عواقب وخيمة تهدد الحياة". وأضاف المكتب أنه مع هذا الأمر الأخير، "ارتفعت مساحة غزة الخاضعة لأوامر التهجير أو المناطق العسكرية الإسرائيلية إلى 87.8%، مما ترك 2.1 مليون مدني محصورين في مساحة مجزأة تبلغ 12% من القطاع، حيث انهارت الخدمات الأساسية". وتابع المكتب: "سيحد هذا من قدرة الأمم المتحدة وشركائنا على التحرك بأمان وفعالية داخل غزة، مما يخنق وصول المساعدات الإنسانية في وقت الحاجة إليها".


CNN عربية
منذ 10 ساعات
- CNN عربية
إردام أوزان يكتب: وهم "الشرق الأوسط الجديد"
هذا المقال بقلم الدبلوماسي التركي إردام أوزان *، سفير أنقرة السابق لدى الأردن، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتب ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN. بعد قرابة 30 عامًا في الدبلوماسية، كُرِّس الكثير منها للشرق الأوسط، أشعر بخيبة أمل عميقة. لقد تعلمنا أن الدبلوماسية ينبغي أن تكون أداة للسلام والعدالة وتمكين الشعوب. ومع ذلك، فقد حُوِّلت مرارًا وتكرارًا إلى نشاط نخبوي: الترويج لرؤى واتفاقيات وأطر عمل براقة دون إشراك أو احترام الشعوب التي تدعي تمثيلها. نادرًا ما يُشرك قادة المنطقة شعوبهم في القرارات التي تُشكل مستقبلهم. الآن، ومع بروز مبادرات جديدة تحت ستار التقدم، أرى تكرارًا مُفجعًا لنفس المنطق الاستعماري الذي قسم هذه المنطقة سابقًا بموجب اتفاقية سايكس بيكو: التقسيم، والهيمنة، والاستنزاف. ما نواجهه ليس خطة جديدة؛ إنه نفس التهميش القديم، مُقنّعًا في صورة فرصة. أولا: الإجماع المصطنع.. التطبيع والعسكرة ووهم الاستقرار في أعقاب دمار غزة والصراع الإسرائيلي-الإيراني، عادت قصة مألوفة للظهور: "الشرق الأوسط الجديد". تُسوّق هذه الرؤية، التي يروج لها استراتيجيون أمريكيون ومسؤولون إسرائيليون، وبشكل متزايد بعض العواصم العربية، على أنها إعادة ترتيب إقليمي قائم على اتفاقيات تطبيع وممرات اقتصادية وتحالفات أمنية جديدة. لكن وراء كواليس القمم ومؤتمرات الاستثمار، ثمة حقيقة متقلبة. ما يُعرض ليس نظامًا إقليميًا موحدًا؛ بل إعادة صياغة التقسيم كخطة. في صميم هذا الوهم تكمن فكرة مُشوهة عن التطبيع. كان يُنظر إليه في الأصل كوسيلة لتعزيز المصالحة، لكنه أصبح الآن وسيلة للتهدئة الاستراتيجية. لم تكن "اتفاقيات إبراهيم" يومًا هدفًا لإحلال السلام؛ بل كانت تهدف إلى تغيير المواقف. المغرب والسودان، والآن السعودية، يتم جرهم إلى إطار لا يقوم على إرادة الشعب، بل على مزايا مشروطة يتم التفاوض عليها خلف الأبواب المغلقة، كصفقات الأسلحة، وتخفيف أعباء الديون، والاعتراف الدولي. أما الأراضي الفلسطينية، التي كانت في السابق البوصلة الأخلاقية للمنطقة، أصبحت الآن ورقةً للمساومة تُستخدم لتحقيق مكاسب غير ذات صلة. لبنان وسوريا هما التاليان في هذا المسار. يُضغط على لبنان لتبني نهج أمني يهدف إلى تحييد المقاومة دون حل الأزمة السياسية. تُعتبر سوريا مجرد قطعة على رقعة شطرنج لإعادة التوازن بين الخليج وإسرائيل، وليست دولة بحاجة إلى السيادة أو إعادة الإعمار أو المصالحة. هذه ليست دبلوماسية، بل تلاعب مُتحكّم به عن بُعد. وهدفها ليس السلام، بل السيطرة. ثانيًا: السلام المُعسكر والتآكل الاستراتيجي تُستخدَم لغة السلام كسلاح. ويُصوَّر تدمير غزة على أنه "إعادة ضبط" ضرورية. تُقصف إيران باسم الردع، حتى مع تحمل قوتها. تُنتزع سيادة العراق من قِبَل ميليشيات مدعومة من الخارج وخطوط حمراء خفية. أصبحت الأدوات الاقتصادية للإمبراطورية، كالعقوبات والإعفاءات وشروط المساعدات، هي أساليب الإكراه المفضلة. وبينما تدّعي واشنطن وإسرائيل تحقيق "مكاسب استراتيجية"، فإن الواقع مختلف. فالردع ينهار، وعدم الاستقرار ينتشر، والنفوذ العربي يتلاشى. ويُطلب من شعوب المنطقة قبول هذه الرواية وإلا ستُوصف بأنها عقبات أمام التقدم. ثالثًا: تركيا.. الوسيط الاستراتيجي على الحافة في هذا الوهم المُدبّر بعناية، تجد تركيا نفسها عند مفترق طرق خطير. لفترة طويلة، عوملت كميسّر لا كصانع قرار. يُطلب منها بناء الطرق، وتصدير الطائرات المسيّرة، والتوسط في الأزمات، ولكن ليس تشكيل أجندة معينة. ومع ذلك، كانت تركيا من الأطراف القليلة في المنطقة التي وقفت إلى جانب شعبها. من غزة إلى ليبيا، ومن القوقاز إلى شمال سوريا، ضخّمت الدبلوماسية التركية أصواتًا سعى آخرون إلى إسكاتها. لكن ما لم تُثبت أنقرة وجودها بوضوح، فسوف تغرق في وهم لم تخلقه، مُتحملةً تكاليفه دون أن تُحدد مساره. وستُختزل جهود تركيا الإنسانية في غزة وسوريا، واستثماراتها الإقليمية، وإرثها التضامني إلى مجرد هوامش في خطة أخرى. والأسوأ من ذلك، أن أهميتها الجيوسياسية قد تُحيّد، وتُطغى عليها التحالفات الخليجية-الإسرائيلية، حيث تُصبح المنطقة ممرًا لرأس المال، لا مكانًا للكرامة. بمعنى آخر، إذا لم تتول تركيا مسؤولية تشكيل البنية التحتية، فإنها ستنتهي بوضع أثاث قصر شخص آخر وتغطية التكلفة. رابعًا: استعادة المنطقة.. من الوهم إلى الشمول علينا أن نحوّل نقدنا من وصف هذا الأمر بـ"إعادة تصميم" إلى اعتباره استيلاءً عدائيًا يُقصي ويستغل ويمحو. لكن الأوهام تفقد قوتها بمجرد انكشافها، وشعوب هذه المنطقة أصبحت الآن واعية ويقظة. لا تزال تركيا تتمتع بنفوذ، لكنها بحاجة إلى التطور. لا يمكنها الاكتفاء بالتسهيلات، بل يجب أن تُشكّل. عليها أن تعود إلى جذورها الدبلوماسية، ليس فقط كقوة مؤثرة، بل أيضًا كصوت للشعب. وهذا يعني: • استعادة القيادة المتعددة الأطراف ليس فقط خلف الأبواب المغلقة ولكن أيضًا في المنتديات العامة حيث تطالب تركيا بالمساءلة، وليس فقط بالتوافق. بناء منتديات إقليمية تُركّز على الشعوب، لا على النخب فحسب. يمكن لتركيا أن تجمع الفاعلين العرب والأكراد والفلسطينيين والإقليميين في إسطنبول أو أنقرة، بعيدًا عن الضغوط الخارجية، لتطوير رؤية سلام حقيقية. • الاستثمار في الدبلوماسية العامة والإعلام والتعليم لتعزيز خطابات الكرامة والعدالة والمستقبل المشترك في جميع أنحاء المنطقة، وليس فقط المشاريع وخطوط الأنابيب. إذا لم تتول تركيا مسؤولية هذا الجهد، فسوف يشكل آخرون مستقبل المنطقة دون محاسبة، وستجد أنقرة نفسها عالقة في إدارة عدم الاستقرار الذي لم تخلقه، وحل الأزمات التي لم تتمكن من إيقافها. الكلمة الأخيرة: الأوهام لا تبني المستقبل "الشرق الأوسط الجديد" ليس جديدًا؛ إنه ببساطة أكثر صقلًا، وأكثر انتهازية، وأكثر خطورة. يَعِدُ بالسلام دون عدالة، وبالنمو دون سيادة، وبالشراكة دون شعوب. لكن الأوهام لا تدوم. لا في غزة، ولا في بيروت، ولا في طرابلس، ولا في أنقرة. لقد حان الوقت للتوقف عن مطاردة السراب. لقد حان الوقت لخلق شيء حقيقي، مع الناس، وليس ضدهم. * نبذة عن الكاتب: إردام أوزان دبلوماسي تركي متمرس يتمتع بخبرة 27 عامًا في الخدمة الدبلوماسية. وقد شغل العديد من المناصب البارزة، بما في ذلك منصبه الأخير كسفير لدى الأردن، بالإضافة إلى مناصب في الإمارات العربية المتحدة والنمسا وفرنسا ونيجيريا. ولد في إزمير عام 1975، وتخرج بمرتبة الشرف من كلية العلوم السياسية بجامعة أنقرة. واكتسب معرفة واسعة بالمشهد السياسي والاجتماعي والاقتصادي في الشرق الأوسط، حيث قام بتحليل تعقيدات الصراعين السوري والفلسطيني، بما في ذلك جوانبهما الإنسانية وتداعياتهما الجيوسياسية. كما شارك في العمليات الدبلوماسية المتعددة الأطراف، وتخصص في مجال حقوق الإنسان والتطورات السياسية الإقليمية. وتشمل مساهماته توصيات لتعزيز السلام والاستقرار من خلال الحوار والتفاوض بالتعاون مع المنظمات غير الحكومية والمنظمات الدولية. ويواصل حاليا دراساته عن الشرق الأوسط بينما يعمل مستشارا.